حمّاد بن عمرو النصيبي عن أبي عبد الله عليهالسلام : إنّ الله تبارك وتعالى فرض الإيمان على جوارح بني آدم وفرّقه عليها ، فمنها : قلبه الّذي به يعقل ويفقه ويفهم وهو أمير بدنه الّذي لا تورد الجوارح ولا تصدر إلّا عن رأيه وأمره (١). والحديثان الشريفان طويلان نقلنا منهما موضع الحاجة (٢).
أقول : معنى خلق المعرفة والجحود في القلوب خلق أنّ هذا حقّ وخلافه باطل مع الأدلّة على ذلك ، كما قال الله تعالى : ( وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ ) (٣) يعني نجد الخير ونجد الشرّ ، وكما قال الله تعالى : ( وَأَمّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى ) (٤) وهم يعرفون كما وقع التصريح به في الأحاديث وسيجيء في الفصل الثاني عشر تفسير هذا الحديث الشريف.
وقول الصادق عليهالسلام : ما من أحد إلّا وقد يرد عليه الحقّ حتّى يصدع قلبه قبله أم تركه وذلك انّ الله تعالى يقول في كتابه : ( بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمّا تَصِفُونَ ) (٥).
وقوله عليهالسلام : ليس من باطل يقوم بإزاء الحقّ إلّا غلب الحقّ الباطل ، وذلك قوله : ( بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ ) (٦) (٧) انتهى.
[ وقوله تعالى : ( وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ * فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمّا ذُكِّرُوا بِهِ ) (٨) ] (٩).
وفي الكافي للإمام ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب الكليني قدّس الله سرّه ـ في
__________________
(١) الكافي ٢ : ٣٩ ، ح ٧.
(٢) من قوله : « أقول : هذا الحديث الشريف ... » في ص ٤٢١ إلى هنا لم يرد في خ.
(٣) البلد : ١٠.
(٤) فصّلت : ١٧.
(٥) المحاسن ١ : ٤٣١ ، باب البيان والتعريف ولزوم الحجّة ، ح ٩٩٥.
(٦) الأنبياء : ١٨.
(٧) المحاسن ١ : ٤٣٢ ، باب البيان والتعريف ولزوم الحجّة ح ٩٩٩.
(٨) المائدة : ١٢ ـ ١٣.
(٩) ما بين المعقوفتين لم يرد في خ.