النبيّ صلىاللهعليهوآله مثل القرآن ناسخ ومنسوخ وخاصّ وعامّ ومحكم ومتشابه قد كان يكون من رسول الله صلىاللهعليهوآله الكلام له وجهان : كلام عامّ وكلام خاصّ مثل القرآن وقال الله عزوجل في كتابه : ( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) (١) فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنى الله به ورسوله عليهالسلام وليس كلّ أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يسأله عن الشيء فيفهم ، وكان منهم من يسأله ولا يستفهمه حتّى أن كانوا ليحبّون أن يجيء الأعرابي والطارئ فيسأل رسول الله صلىاللهعليهوآله حتّى يسمعوا. وقد كنت أدخل على رسول الله صلىاللهعليهوآله كلّ يوم دخلة وكلّ ليلة دخلة فيخليني فيها أدور معه حيث دار ، وقد علم أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري ، فربّما كان في بيتي يأتيني رسول الله صلىاللهعليهوآله أكثر ذلك في بيتي وكنت إذا دخلت عليه ببعض منازله أخلاني وأقام عنّي نساءه فلا يبقى عنده غيري ، وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عنّي فاطمة ولا أحد من بنيّ. وكنت إذا سألته أجابني وإذا سكتّ عنه وفنيت مسائلي ابتدأني ، فما نزلت على رسول الله صلىاللهعليهوآله آية من القرآن إلّا أقرأنيها وأملاها عليّ فكتبتها بخطّي ، وعلّمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها ومحكمها ومتشابهها وخاصّها وعامّها ، ودعا الله عزوجل أن يعطيني فهمها وحفظها ، فما نسيت آية من كتاب الله ولا علما أملاه عليّ وكتبته منذ دعا الله لي بما دعا ، وما ترك شيئا علّمه الله من حلال ولا حرام ولا أمر ولا نهي كان أو يكون ولا كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية إلّا علّمنيه وحفظته ، فلم أنس حرفا واحدا ، ثمّ وضع يده على صدري ودعا الله لي أن يملأ قلبي علما وفهما وحكما ونورا ، فقلت : يا نبيّ الله بأبي أنت وأمّي! منذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئا ولم يفتني شيء لم أكتبه ، أفتتخوّف عليّ النسيان والجهل فيما بعد؟ فقال : لا لست أتخوّف عليك النسيان والجهل (٢) *.
______________________________________________________
* في هذا الحديث دلالة واضحة لمن له عين بصيرة على عدم الوثوق بالأحاديث إلّا ما
__________________
(١) الحشر : ٧.
(٢) الكافي ١ : ٦٢ ، ح ١.