سماعة بن مهران وعليّ بن أبي حمزة وعثمان بن عيسى ، ومن بعد هؤلاء بما رواه بنو فضّال وبنو سماعة والطاطريّون وغيرهم فيما لم يكن عندهم فيه خلافه.
وأمّا ما ترويه الغلاة والمتّهمون والمضعّفون وغير هؤلاء فيما تختصّ الغلاة بروايته ، فإن كانوا ممّن عرف لهم حال استقامة وحال غلوّ عمل بما رووه في حال الاستقامة وترك ما رووه في حال خطائهم (١) ولأجل ذلك عملت الطائفة بما رواه أبو الخطّاب محمّد بن أبي زينب في حال استقامته وتركوا ما رواه في حال تخليطه ، وكذلك القول في أحمد بن هلال العبرتائي وابن أبي العزاقر وغير هؤلاء. فأمّا ما يرويه في حال تخليطهم فلا يجوز العمل به على كلّ حال.
وكذلك القول فيما ترويه المتّهمون والمضعّفون ، إن كان هناك ما يعضد روايتهم ويدلّ على صحّتها وجب العمل به ، وإن لم يكن هناك ما يشهد لروايتهم بالصحّة وجب التوقّف في أخبارهم ، فلأجل ذلك توقّف المشايخ عن أخبار كثيرة هذه صورتها ولم يرووها واستثنوها في فهارسهم من جملة ما يروونه من التصنيفات.
فأمّا من كان مخطئا في بعض الأفعال أو فاسقا بأفعال الجوارح وكان ثقة في روايته متحرّزا فيها ، فإنّ ذلك لا يوجب ردّ خبره ويجوز العمل به ، لأنّ العدالة المطلوبة في الرواية حاصلة فيه وإنّما الفسق بأفعال الجوارح يمنع من قبول شهادته وليس بمانع من قبول خبره ، ولأجل ذلك قبلت الطائفة أخبار جماعة هذه صفتهم.
فأمّا ترجيح أحد الخبرين على الآخر من حيث إنّ أحدهما يقتضي الحظر والآخر الإباحة والأخذ بما يقتضيه الحظر أولى أو الإباحة ، فلا يمكن الاعتماد عليه على ما نذهب إليه في الوقف ، لأنّ الحظر والإباحة جميعا عندنا مستفادان من الشرع فلا ترجيح بذلك ، وينبغي لنا التوقّف فيهما جميعا أو يكون الإنسان فيهما مخيّرا في العمل بأيّهما شاء.
وإذا كان أحد الراويين يروي الخبر بلفظه والآخر بمعناه ، ينظر في حال الّذي يرويه بالمعنى ، فإن كان ضابطا عارفا بذلك فلا ترجيح لأحدهما على الآخر ، لأنّه
__________________
(١) في نسخة من العدّة : تخليطهم.