مجمع على نقلهما وليس هناك قرينة تدلّ على صحّة أحدهما ولا ما يرجّح أحدهما به على الآخر ، فينبغي أن يعمل بهما إذا أمكن ولا يعمل بالخبر الّذي إذا عمل به وجب اطراح العمل بالآخر ، وإن لم يمكن العمل بهما جميعا لتضادّهما وتنافيهما وأمكن حمل كلّ واحد منهما على ما يوافق الخبر على وجه كان الإنسان مخيّرا في العمل بأيّهما شاء.
وأمّا العدالة المراعاة في ترجيح أحد الخبرين على الآخر : فهو أن يكون الراوي معتقدا للحقّ مستبصرا ثقة في دينه متحرّجا من الكذب غير متّهم فيما يرويه.
فأمّا إذا كان مخالفا في الاعتقاد لأصل المذهب وروى مع ذلك عن الأئمّة عليهمالسلام نظر فيما يرويه ، فإن كان هناك من طرق الموثوق بهم ما يخالفه وجب اطراح خبره ، وإن لم يكن هناك ما يوجب اطراح خبره ويكون هناك ما يوافقه وجب العمل به ، وإن لم يكن هناك من الفرقة المحقّة خبر يوافق ذلك ولا يخالفه ولا يعرف لهم قول فيه وجب أيضا العمل به ، لما روي عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : « إذا نزلت بكم حادثة لا تجدون حكمها فيما روي عنّا فانظروا إلى ما رووه عن عليّ عليهالسلام فاعملوا به » (١) ولأجل ما قلناه عملت الطائفة بما رواه حفص بن غياث وغياث بن كلّوب ونوح بن درّاج والسكوني وغيرهم من العامّة عن أئمّتنا عليهمالسلام فيما لم ينكروه ولم يكن عندهم خلافه.
وأمّا إذا كان الراوي من فرق الشيعة ـ مثل الفطحية والواقفية (٢) والناووسية ، وغيرهم ـ نظر فيما يرويه ، فإن كان هناك قرينة تعضده أو خبر آخر من جهة الموثوقين بهم وجب العمل به ، وإن كان هناك خبر يخالفه من طريق الموثوقين وجب اطراح ما اختصّوا بروايته والعمل بما رواه الثقة ، وإن كان ما رووه ليس هناك ما يخالفه ولا يعرف من الطائفة العمل بخلافه وجب أيضا العمل به إذا كان متحرّجا في روايته موثوقا به في أمانته وإن كان مخطئا في أصل الاعتقاد ، فلأجل ما قلناه : عملت الطائفة بأخبار الفطحية مثل عبد الله بن بكير وغيره ، وأخبار الواقفية مثل
__________________
(١) لم نقف على مأخذه ، ونقله الحرّ العاملي قدسسره أيضا عن العدّة ، راجع الوسائل ١٨ : ٦٤ ح ٤٧.
(٢) في العدّة : الواقفة.