الوقت لعدم بلوغ الأمر فيه الى حدّ الضرورة ، فإنّ المسائل قد تختلف وضوحا
وخفاء باختلاف الأزمنة والأوقات.
فكم من أمر جلي
ظاهر عند القدماء قد اعتراه الخفاء في زماننا لبعد العمد وضياع الأدلّة.
وكم من شيء
خفيّ في ذلك الزمان قد اكتسى ثوب الوضوح والجلاء باجتماع الأدلّة المنتشرة في
الصدر الأوّل أو تجدّد الإجماع عليه في الزمان المتأخّر.
ولعلّ أمر
القياس من هذا القبيل ، فقد ذكر السيّد المرتضى في مسألة له في أخبار الآحاد وانّه
قد كان في رواتنا ونقلة أحاديثنا من يقول بالقياس ، كالفضل بن شاذان ويونس بن عبد
الرحمن وجماعة معروفين.
وفي كلام
الصدوق قدسسره في « الفقيه » ما يشير الى ذلك حيث قال في باب ميراث
الأبوين مع ولد الوالد : وقال الفضل بن شاذان بخلاف قولنا ، وهذا ممّا زلّت به
قدمه عن الطريقة المستقيمة وهذا سبيل من يقيس .
ومن هذا يعلم
أنّ القول بالقياس ممّا لم ينفرد به ابن الجنيد من علمائنا وانّ له فيه سلفا من
الفضلاء الأعيان كيونس بن عبد الرحمن والفضل بن شاذان وغيرهم فلا يمكن عدّ بطلانه
من ضروريات المذهب في ذلك الزمان.
وأمّا إسناد
القول بالرأي إلى الأئمّة : فلا يمتنع أن يكون كذلك في العصر المتقدّم ، وقد حكى
جدّي العلّامة قدسسره في كتاب الايمان والكفر عن الشهيد الثاني ـ طاب ثراه ـ انه
احتمل الاكتفاء في الايمان بالتصديق بإمامة الأئمّة : والاعتقاد بفرض طاعتهم وإن
خلا عن التصديق بالعصمة عن الخطأ ( الى أن قال ) :
__________________