يجري (١٨) في المعهود بالقرينة لفظيّة كانت أو حاليّة أو عقليّة.
ولو قيل : ما المانع أن يكونوا شبّهوا جنس البيع بجنس الربا وإن لم يكن حقا ، فيكون التحليل لجنس البيع لا لبيع خاصّ ، قلنا : الذي يظهر أنّ العاقل لا يشبّه البياض بالسواد وإنّما يشبّهه بما يمكن اشتباهه به.
لا يقال : هذا محتمل فلا يصار إليه ، لأنّا نقول : بل هذا مقطوع به أو مظنون. ثمّ نقول : لو لم يكن مشبّها لما كان الجواب كذلك ، ولكان الجواب ببيان عدم التماثل.
ولو قال : كما يجوز الجواب ببيان عدم التماثل يجوز بمثل الجواب الذي في الآية. قلنا : كان يكون ذلك الجواب أتمّ ، والحكيم لا يعدل عن الأتمّ إلى غيره وهو يصلح جوابا.
هذا كلّه على الأغلب ، فلو قال : العامّ لا يخصّ بالاحتمال (١٩) ، قلنا : هذا ليس من ذاك ، لأنّ العموم لا يتحقّق هنا إلّا بشرط عدم المعهود ، ومع الأمارة الدالّة على المعهود لا يكون عامّا وليس كذلك ما تقرّر عمومه إذا ورد على السبب الخاصّ.
الاعتراض الثالث : أن نمنع تناول الآية لموضع النزاع ، لأنّها دالّة على تحليل البيع الذي هو المصدر ، فلا يلزم تحليل المبيع ، كما أنّ النهي عن البيع لا يلزم منه النهي عن المبيع ، أو نقول : إمّا أن يريد تحليل صيغة البيع أو المبيع ، وأيّهما كان لا يدلّ على موضع النزاع. أمّا إن كان المراد المصدر فحينئذ لا يدلّ
__________________
(١٨) في بعض النسخ : يجترئ. في مجمع البيان ذيل الآية الكريمة : قال ابن عباس : كان الرجل منهم إذا حلّ دينه على غريمه فطالبه به قال المطلوب منه له : زدني في الأجل وأزيدك في المال فيتراضيان عليه ويعملان به فإذا قيل لهم : هذا ربا قالوا : هما سواء يعنون بذلك أن الزيادة في الثمن حال البيع والزيادة فيه بسبب الأجل عند محل الدين سواء.
(١٩) في بعض النسخ : بالإجمال.