وكثرته ، لكن ليس حقيقة في أحدهما فيكون حقيقة في القدر المشترك ، وهو الجنسيّة المحضة.
لا يقال : هذا اللفظ وإن لم يكن حقيقة في العموم فهو دالّ على الماهيّة المسمّاة جنسا ، فإذا علّق الحكم بها ثبت حيث ثبتت.
قلنا : هذا حقّ لكن يدلّ على ثبوت ذلك الحكم باعتبار تلك الماهيّة من حيث هي ، ولا يدلّ على ثبوته مع العوارض المشخّصة ، إذ من الجائز أن تكون تلك المشخّصات منافية ، كما أنّك تقول : الفرس خير من الحمار ، فهو حكم على الماهيّة الفرسيّة بأنّها خير من الحمار ، ولا يلزم من ذلك أن تكون تلك الخيريّة ثابتة في كلّ شخص ، حتّى لو وجد فرس ضاوي (١٧) لكان خيرا من حمار تامّ سويّ. إلّا أن يقال : الأصل عدم كون العوارض مانعة من التحاق ذلك الحكم بالجنس ، وحينئذ نقول : هذا تمسّك بالأصل ، لا تمسّك باللفظ ، فإذا وجد المنافي كان مصادما للأصل ، لا مصادما للفظ.
الوجه الثاني من الاعتراض على الاستدلال بالآية : أن نقول : متى تكون الألف واللام دالّة على الاستغراق؟ إذا كان هناك معهود أو إذا لم يكن ، وهاهنا معهود.
وبيانه من وجهين :
أحدهما أن المشركين قالوا ( إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا ) ثم قال ( وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا ) فحينئذ يكون البيع الثاني إشارة إلى الأوّل المعهود لأنّ الثاني وقع جوابا عن الاعتراض.
الثاني جاء في التفسير أنّهم مثّلوا البيع بثمن زائد مؤجّل بالزيادة على الدين الحالّ طلبا للتأخير ، وهو بيع خاصّ فيكون اللام تعريفا له ، وقد
__________________
(١٧) الضاوي : النحيف. القليل الجسم خلقة أو هزالا.