وتحرير موضع النزاع أن نقول : صلاة كلّ يوم مرتّبة بعضها على بعض حاضرا كان أو فائتا ، فلا تقدّم صلاة الظهر من يوم على صبحه ، ولا عصره على ظهره ، ولا مغربه على عصره ، ولا عشاؤه على مغربه إلّا مع تضيّق الحاضرة ، وأمّا إذا فاته صلوات من يوم ثمّ ذكرها في وقت حاضرة من آخر هل يجب البدأة بالفوائت ما لم يتضيّق الحاضرة؟ قال أكثر الأصحاب : نعم. وقال آخرون : لا يجب. وقال آخرون : ترتّب الفوائت في الوقت الاختياري ثمّ يقدّم الحاضرة.
والذي يظهر وجوب تقديم الصلاة الواحدة واستحباب تقديم الفوائت ، ولو أتى بالحاضرة قبل تضيّق وقتها والحال هذه جاز ، ويدلّ على الأخير النصّ والأثر والمعقول.
أمّا النصّ ، فقوله تعالى ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ ) (١) وقوله تعالى ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ ) (٢).
والاستدلال بذلك يستدعي بيان مقدّمتين :
الأولى : في أنّ هذا الحكم متناول للأمّة كما هو متناول للنبيّ صلىاللهعليهوآله ، وتدلّ عليه وجوه ثلاثة : الأوّل : اتّفاق المفسرين أنّ الخطاب المذكور يراد به النبيّ صلىاللهعليهوآله وأمّته. الوجه الثاني : أنّه عليهالسلام فعل ذلك على وجه الوجوب ، وإذا عرف الوجه الذي فعل صلىاللهعليهوآله فعله عليه وجبت المتابعة ، بما عرف في أصول الفقه. الثالث : أنّه يجب متابعته هنا بقوله صلىاللهعليهوآله « صلّوا كما رأيتموني
__________________
(١) سورة الإسراء : ٧٨.
(٢) سورة هود : ١١٤.