البيان كان محتملا.
وأمّا كون اللام موضوعة للاستغراق فممنوع أيضا من وجهين :
أحدهما : أنّه قد ثبت أنّها موضوعة للتعريف ، إمّا لمعهود أو لحاضر أو لتعريف الجنس ، وقد يكون بمعنى الذي وللتفخيم وزائدة ، فيجب نفي الاستغراق صونا للّفظ عن كثرة الاشتراك ، لأنّ الأصل عدمه.
الثاني : أن وضع الحروف للدلالة على شيء مستفاد من الوضع المستفاد من النقل ، وحيث لا نقل فلا وضع ، إمّا في نفس الأمر أو بالنسبة إلى المباحث.
وربما توهّم غالط أنّ المراد بتعريف الجنس هو المراد بالاستغراق وهو خطأ ، لأنّا قد بيّنا أنّ الجنس هو المشترك المقوّم لكثيرين مختلفين بالحقائق وأنّ اسم ذلك ليس عامّا مستغرقا ، فالتعريف إذا تعريف لذلك القدر المسمّى جنسا.
لا يقال : فما الفائدة بدخول الألف واللام بتقدير عدم إرادة الاستغراق. لأنّا نقول : ما المانع أن يكون المنكّر من أسماء الجنس يحتمل الواحد ويحتمل النوع ويحتمل الجنس ، بل إرادة الشخص منه أقرب في قولك : أباح الله ضربا ، فإذا أدخلت اللام ولم يكن معهودا أفادت الجنس من حيث هو ، أي دلّت على إرادة الجنسيّة المحضة لا غير.
وأمّا كون العموم للصيغة المحلّاة بالألف واللام فباطل أيضا ، لأنّه ما لم يثبت كون أحدهما موضوعا للعموم ، فمجموعهما كذلك لعين ما ذكرناه من التمسّك بالأصل السالم عن المعارض.
لا يقال : المعارض موجود ، وهو جواز الاستثناء من الجنس المعرّف ، فإنّه يصحّ أن يقول : أحلّ الله البيع إلّا البيع الفلاني ، والاستثناء يخرج من الكلام ما لولاه لوجب دخوله تحت المستثنى منه. أمّا أوّلا ، فلأنّه مشتقّ من الثني ، وهو المنع والصرف ، وأمّا ثانيا ، فلأنّ الاستثناء من الأعداد يخرج ما لولاه لوجب دخوله ، فيكون حقيقة موضوعة لذلك دفعا للاشتراك.