لأنّا نقول : لا نسلّم أنّ الاستثناء إخراج ما لولاه لدخل تحته وجوبا ، بل لم لا تكفي الصلاحية؟ قوله : إنّ الاستثناء مشتقّ من الثني وهو المنع والصرف. قلنا : سلّمنا ذلك ، لكن كما يتحقّق المنع والصرف مع الوجوب يتحقّق مع إخراجه من الصلاحية.
قوله : الاستثناء في الأعداد يخرج ما لولاه لوجب دخوله. قلنا : نسلّم ، لكن لم لا يجوز أن يكون الاستثناء هناك لعموم الصلاحيّة لا (١٤) لخصوص الوجوب ، إذ الوجوب لا ينفكّ عن الصحة.
لا يقال : لو كفت الصلاحية لجاز الاستثناء من الجمع المنكّر ، بل من النكرة الواحدة ، فإنّها تعمّ بدلا.
لأنّا نقول : أمّا الجمع المنكّر فيجوز الاستثناء منه إذا كان المستثنى معرفة كقولك : رأيت رجالا إلّا زيدا على ما حكاه ابن السّراج في الأصول (١٥) فأمّا المنكّر ، فإنّه لا يجوز لا لعدم وجوب التناول ، بل لعدم الفائدة. وكذا الاستثناء من النكرة الواحدة ، فإنّه لا فائدة فيه ، أو لأنّ الاستثناء إخراج بعض من كلّ ، ولا يتحقّق في الاستثناء من النكرة الواحدة.
ثمّ نقول : لو كان وجوب التناول معتبرا في المستثنى منه لما جاز أن يقال : لقيت جماعة من العلماء إلّا زيدا لأنّه استثناء من نكرة لا تعمّ.
لا يقال : نصّ النحاة على أنّ اللام إذا دخلت على اسم الجنس أفادت الاستغراق.
__________________
(١٤) كلمة لا ليست في بعض النسخ.
(١٥) ابن البرّاج ، كذا في أقدم نسختا ، والظاهر صحّة ما في المتن. قال في كشف الظنون ١ ـ ١١١ :
أصول ابن السرّاج في النحو وهو الشيخ أبو بكر محمد بن السري النحوي المتوفّى سنة ٣٦١ وهو كتاب مرجوع إليه عند اضطراب النقل واختلاف الأقوال وله شروح ..