المقوّمة لها ، واسم الجنس هو اللفظ الدالّ على ذلك المشترك. والاستغراق اللفظي عبارة عن استغراق أجزاء كلّ ما يصلح له ، والاستغراق الجنسي عبارة عن حصول ذلك الجنس لكلّ نوع منه وشخص من أنواعه. فقد بان غلط من توهّم على النحاة أنّ اسم الجنس المنكّر عامّ بالعموم الاصطلاحي.
ثمّ يدلّك على استحالة أن يكون اسم الجنس المنكّر عامّا بالعموم المستغرق وجوه ثلاثة :
أحدها : أنّ أقعد المصادر في الجنسيّة المصدر الذي يذكر مع فعله مؤكّدا ، فإنّ ما يذكر لا مع فعله أو مشابهة يكون بحكم بقيّة الأسماء في أنّه قد لا يقصد به بيان الجنسيّة ، وكذا ما يذكر مع فعله لبيان نوعه أو عدد مرّاته ، ولا يذكر لبيان الجنسيّة المحضة إلّا المؤكّد ، ومع ذلك لا يدلّ لفظه على العموم فإنّك إذا قلت : ضرب ضربا احتمل أن يكون قليلا أو كثيرا ضرورة أنّه يجوز أن يقرن بالكثرة أو القلّة ، ولا يكون ذلك نقضا ولا تكريرا.
الوجه الثاني : أنّك تقول : ضرب زيد ضربا ، ومن المعلوم أنّ الحدث الذي دلّ عليه ضرب خاص ، والضرب الذي أكّد به لا يزيد عن المؤكّد ، وإنّما يزيده تحقيقا ، وإذ لم يكن لفظ المؤكّد مستغرقا فاللفظ المؤكّد به كذلك.
الثالث : أجمع النحاة أنّ النكرة كلّ اسم يصلح لكلّ واحد من جنسه على البدل ، كرجل وامرأة وفرس وشجرة وأكل وشرب ونوم ويقظة وحياة وموت ، فلو كان المصدر مستوعبا لأنواعه وأشخاصه بمعنى أنّه إذا نطلق به دلّ على الكلّ لكونه جنسا لزم أن تكون أسماء الأجناس كلّها كذلك ، لمشاركتها في الجنسيّة ، فكان يلزم إذ قال : خلق الله موتا أو حياة أن يكون إخبارا أنّه فعل كلّ ما يقع عليه ذلك الاسم ، حتّى يكون كقوله : خلق الله كلّ موت وكلّ حياة ، لكن ذلك باطل. وقد نصّ النحاة على أنّ المصدر إذا كان مختلف الأنواع فعند إطلاقه لا يعلم المراد من أنواعه حتّى يبيّن ، والبيع مختلف الأنواع فإذا ذكر مجرّدا عن