هل هذا يعني أن الصحابة جميعهم كانوا على مستوى القدوة؟
وإذا كان أهل السنة يعرفون الصحابي هو من لقي النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مؤمناً به ومات على الإسلام فيدخل فيمن لقيه من طالت مجالسته له أو قصرت ، ومن روى عنه أو لم يرو ، ومن غزا معه أو لم يغز ، ومن رآه رؤية ولو لم يجالسه ومن لم يره لعرض كالعمى ومنهم الجن (١).
وعلى ضوء هذا التعريف الذي هو محل إجماعهم يستوي الصحابي الذي أسلم قبل الفتح وقاتل مع الذي أسلم بعد الفتح ولم يقاتل.
والذي هاجر وبذل وأعطى مع الذي رأى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولو لساعة مجرد رؤية دون أن ينجز شيئاً لهذا الدين.
والذي تابع النبي من بداية بعثته وحتى مماته مع الذي سلم على الرسول مرة إن هذا التعميم هو قمة التضليل والتعتيم في آن واحد.
التضليل عن المفهوم الحقيقي للصحبة والصحابي.
والتعتيم على النماذج النقية الراقية من الصحابة ، أصحاب الدور الجهادي والعلمي الذين قصدهم الرسول وجعلهم القدوة لأمته من بعده.
وهل يعني هذا التعريف للصحابي الذي يعتقده أهل السنة أن ما كان عليه الرسول وأصحابه يشمل الذين رأوه وسلموا عليه وولدا في حياته؟
لقد فات أهل السنة أن يدركوا أن مجتمع الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لم يكن مجتمعاً ملائكياً ، ولم يكن هدف الرسالات السماوية تحويل الناس إلى ملائكة ، وهذا أمر لم يتحقق في حياة الرسل ومحمد خاصة فكيف يتحقق بعد وفاته؟
__________________
١ ـ انظر مقدمة الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني.