في المجسمة ولا في سائر أهل الأهواء الضالة قط إمام في الفقه ، ولا إمام في الحديث ، ولا إمام في اللغة والنحو ، ولا موثوق به في نقل المغازي والسير والتواريخ ، ولا إمام في الوعظ والتذكير ، ولا إمام في التأويل ، وإنما أئمة هذه العلوم على الخصوص والعموم من أهل السنة والجماعة.
وهذا الكلام يضع البغدادي بين أمرين :
إما أن يكون جاهلا ولا علم له بتراث الفرق الأخرى ورموزها.
وإما أن يكون متحاملا.
إن الفرق الأخرى وعلى رأسها الإمامية لها تراثها الذي شمل علوم الدين من فقه وتفاسير وتاريخ وسير وعقيدة وحتى الرواية والحديث ، بل أن فرقة الإمامية تتبنّى طريقة في الحديث والرواية أدق وأكثر انضباطاً بالشرع من أهل السنة ، وذلك بالإضافة إلى تراثهم وتراث الفرق الأخرى في مجال الفلسفة والمنطق والعلوم المختلفة التي ليس لأهل السنة باع فيها (١).
وما دام هناك تراث لهذه الفرق فلابد أن يكون هناك أئمة ورموز يبلغون ويبينون هذا التراث لأتباعهم ، غير أن الأضواء كانت مركّزة على الدوام في دائرة أهل السنة والتعتيم والحصار والبطش والتنكيل كان من نصيب أئمة الفرق الأخرى.
__________________
١ ـ انظر نموذج لتراث الشيعة الإمامية : كتب الشيخ المفيد ، وكتب العلامة الحلي ، والطوسي وغيرهم ، وانظر التوحيد والعدل للقاضي عبدالجبار المعتزلي ، وانظر اطروحات فرقة الاباضية في عمان ، وانظر الفهرست لابن النديم.