من الصحابة ومن التابعين ، فبرزت طبقة الفقهاء بجوار الحكام التي تكونت منها فيما بعد فرقة أهل السنة والتي عملت منذ بروزها على التعتيم والتموية على عصر الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وعصر الصحابة وإضفاء الملائكية على العصرين لستر دور المنافقين.
ولقد تبنّى أهل السنة هذا الموقف من أجل الحفاظ على وجودهم ومستقبلهم ، فهم إن تخلوا عن عقيدة التعتيم تحت ستار عدالة جميع الصحابة لكشفوا حقيقة المنافقين ، وبالتالي تسقط مشروعية الحكام الذين اغتصبوا الإمامة من مستحقيها وانحرفوا عن نهج الرسول ( صلى الله عليه وآله ) بعد وفاته.
وتسقط أيضاً مشروعية الحكام الذين جاءوا من بعدهم من بني أمية وبني العباس وغيرهم ممن استمدوا شرعيتهم من حكام المرحلة الأولى ـ الخلفاء الثلاثة ـ وإذا ما سقطت مشروعية الحكام فسوف تسقط من ورائها مشروعية أهل السنة ويفقدون الأمن والحماية التي كانوا يحظون بها في ظل هؤلاء الحكام ، وبالتالي يفقدون القدرة على البقاء والاستمرار.
وهذه هي أزمة أهل السنة التى تسبّبت فى تعدد فرقها وبروز تيارات مخالفة لها ، أي بروز الفرق في واقع المسلمين.
إنّ أهل السنة تبنّوا أطروحة عاجزة عن مواكبة الواقع ، والتغيرات تعتمد على التأويل والتبرير ، فمن ثم لم تستطع هذه الأطروحة أن تحقق الاستقرار الفكري والعقائدي للمسلمين فى مواجهة الخلافات والصدامات التي وقعت بعد الرسول بين الصحابة وبعضهم وبين الحكام والمسلمين على وجه العموم.