وما يمكن قوله في مجال الطائفة المنصورة هو أن الروايات الخاصة بها لم تحدد طائفة بعينها كما هو حال روايات الفرقة الناجية ، لكن أهل السنة فصّلوا هذه الروايات على أنفسهم كما هو حالهم دائماً في التحصن بالرواية واحتكارها واستغلالها ضد خصومهم.
ولما كان الشيعة هم الخصم الأكبر لأهل السنة على مر الزمان وحتى اليوم الذي اختفت فيه الفرق الأخرى المناوئة لهم تقريباً ، فقد حصّن أهل السنة أنفسهم برواية في مواجهتهم ، رووها على لسان الإمام علي حتى تكون الحجة قوية ورادعة في منظورهم أو على الأقل تكون مطمئنة للاتباع.
روى أبو موسى الأشعري : اجتمع عند علي رأس النصارى ورأس اليهود.
فقال الرأس : تجادلون على كم افترقت اليهود؟
وقال الآخر : على إحدى وسبعين فرقة.
فقال علي : لتفترقن هذه الأمة على مثل ذلك ، وأضلها فرقة وشرها الداعية إلينا ـ أهل البيت ـ آية ذلك أنهم يشتمون أبا بكر وعمر (١).
وهذه الرواية المختلقة لم تحظ باحترام القوم ، إذ لم تروها كتبهم المعتمدة وإن كانت قد اشتهرت وسلطت عليها الأضواء في زمان ظهورها واختراعها حيث كانت القوى الحاكمة وأهل السنة في حاجة ماسة لدعم
__________________
١ ـ رواه ابن بطة في كتاب الإبانة الكبرى ج ١ / ١٢٢٩ ، وفي رواية اخرى : شرها فرقة تنتحل حبنا وتخالف أمرنا.