احتمل الخرق منهم والعي ، ونح عنك (١٠٧) الضيق والانف ، يبسط الله عليك بذلك اكناف رحمته ، ويوجب لك ثواب طاعته ، واعط ما اعطيت هنيئاً ، وامنح في اجمال واعذار ، ثم امور من امورك لا بدّ لك من مباشرتها ، منها اجابة عمالك بما يعيى عنه كتابك ، ومنها اصدار حاجات الناس عند ورودها عليك ، بما تَحرَجُ به صدور اعوانك ، وامض لكل يوم عمله ، فان لكل يوم ما فيه ، واجعل لنفسك فيما بينك وبين الله افضل تلك المواقيت ، واجزل تلك الاقسام ، وان كانت كلها لله ، اذا صلحت فيها النية ، وسلمت فيها الرعية ، وليكن في خاصة ما تخلص به لله دينك ، اقامة فرائضه التي هي له خاصة ، فاعط الله من بدنك في ليلك ونهارك ، ووف ما تقربت به الى الله من ذلك كاملاً غير مثلوم ولا منقوص ، بالغا من بدنك ما بلغ ، فاذا قمت في صلاتك للناس ، فلا تكونن منفراً ولا مضيعاً ، فان في الناس من به العلّة وله الحاجة ، وقد سألت رسول الله صلّى الله عليه وآله ، حين وجهني الى اليمن ، كيف أصلي بهم ؟ فقال : صل بهم صلاة اضعفهم ، وكن بالمؤمنين رحيماً ، واما بعد هذا فلا تطوّلن احتجابك عن رعيتك ، فان احتجاب الولاة عن الرعية شعبة من الضيق ، وقلة علم بالامور ، والاحتجاب منهم يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه ، فيصغر عندهم الكبير ، ويعظم الصغير ، ويقبح الحسن ، ويحسن القبيح ، ويشاب الحق بالباطل ، وانما الوالي بشر لا يعرف ما توارى عنه الناس به من الامور ، وليست على الحق سمات تعرف بها ضروب الصدق من الكذب ، وانما انت احد رجلين : اما امرؤ سخط نفسه بالبذل في الحق ، ففيم احتجابك من واجب حق تعطيه أو فعل كريم تسديه ؟ أو مبتلى بالمنع ، فما اسرع كف الناس عن مسألتك اذا أيسوا من بذلك ، مع ان اكثر حاجات الناس اليك ما لا مؤونة فيه عليك ، من شكاة مظلمة ، أو طلب انصاف في معاملة .
ثم إن للوالي خاصة وبطانة ، فيهم استئثار وتطاول وقلة انصاف (١٠٨) ،
_________________________
(١٠٧) في المصدر : عنهم .
(١٠٨) في المصدر زيادة : في معاملة .