عدل ، واسعار لا تجحف بالفريقين ، من البائع والمبتاع ، فمن قارف حكرة (١٠٢) بعد نهيك اياه فنكل به ، وعاقبه في غير اسراف .
ثم الله الله في الطبقة السفلى ، من الذين لا حيلة لهم ، من المساكين والمحتاجين وأهل البؤس والزمني ، فان في هذه الطبقة قانعاً ومعتراً ، فاحفظ الله (١٠٣) ما استحفظك من حقه فيهم ، واجعل لهم قسماً من بيت مالك ، وقسماً من غلات صوافي الاسلام في كل بلدة ، فان للاقصى منهم مثل الذي للادنى ، وكل قد استرعيت حقه ، فلا يشغلنك عنهم بطر ، فانك لا تعذر بتضييع التافه لاحكامك الكثير المهم ، فلا تشخص همك عنهم ، ولا تصعر خدك لهم ، وتفقّد امور من لا يصل إليك منهم ، ممن تقتحمه العيون ، وتحقره الرجال ، ففرّغ لاولئك ثقتك من أهل الخشية والتواضع ، فليرفع اليك امورهم .
ثم اعمل فيهم بالاعذار الى الله سبحانه يوم تلقاه ، فان هؤلاء من بين الرعية احوج الى الانصاف من غيرهم ، وكل فاعذر الى الله في تأدية حقه اليه ، وتعهد اهل اليتم ، وذوي الرقة في السن ، ممن لا حيلة له ، ولا ينصب للمسألة نفسه ، وذلك على الولاة ثقيل ، والحق كله ثقيل ، وقد يخففه الله على اقوام طلبوا العافية ، فصبروا انفسهم ووثقوا بصدق موعود الله لهم ، واجعل لذوي الحاجات منك قسماً ، تفرغ لهم فيه شخصك ، وتجلس لهم مجلساً عاماً ، فتواضع فيه لله الذي خلقك ، وتقعد عنهم جندك واعوانك من احراسك (١٠٤) وشرطك ، حتى يكلمك مكلمهم (١٠٥) غير متعتع ، فاني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول في غير موطن : لن تُقدَّس امة لا يؤخذ للضعيف فيها حقه من القوي (١٠٦) ، ثم
_________________________
(١٠٢) الحكرة : الإِحتكار وهو جمع الطعام ، ونحوه ، وحبسه انتظار وقت الغلاء ( لسان العرب ( حكر ج ٤ ص ٢٠٨ ) .
(١٠٣) في المصدر : لله .
(١٠٤) في نسخة : حراسك .
(١٠٥) في نسخة والمصدر : متكلمهم .
(١٠٦) في المصدر زيادة : غير متتعتع .