في ذكر معرفة طبقات الناس :
اعلم ان الناس خمس طبقات ، لا يصلح بعضها الّا لبعض : فمنهم : الجنود ، ومنهم اعوان الوالي من القضاة والعمّال والكتاب ونحوهم ، ومنهم اهل الخراج من أهل الارض وغيرهم ، ومنهم التجار وذوو الصناعات ، ومنهم الطبقة السفلى ، وهم أهل الحاجة والمسكنة ، فالجنود تحصين الرعية باذن الله تعالى عزّ وجلّ ، وزين الملك ، وعزّ الاسلام ، وسبب الامن والخفض (٣٢) ، ولا قوام للجند الّا بما يخرج الله لهم من الخراج والفيء ، الذي يقومون (٣٣) به على جهاد عدوّهم ، وعليه يعتمدون فيما يصلحهم ، ومن يلزمهم مؤونته من أهليهم ، ولا قوام للجند وأهل الخراج الّا بالقضاة والعمال والكتاب ، لما يقومون به من امرهم ويجمعون من منافعهم ، ويأمنون عليه من خواصّهم وعوامهم ، ولا قوام لهم جميعاً الّا بالتجار وذوي الصناعات ، فيما ينتفعون به من صناعاتهم ، ويقومون به من اسواقهم ، ويكفونهم في مباشرة الاعمال بأيديهم ، في الصناعات التي لا يبلغها رفقهم ، والطبقة السفلى من أهل الحاجة والمسكنة ، يبتلون بالحاجة الى جميع الناس ، وفي الله لكلّ سعة ، ولكل على الامير (٣٤) حق بقدر ما يحق له ، وليس يخرجه من حقّه ما ألزمه الله من ذلك ، الّا بالاهتمام [ به ] (٣٥) والاستعانة بالله عليه ، وان يوطن نفسه على لزوم الحق فيما وافق هواه أو خالفه .
ذكر ما ينبغي للوالي ان ينظر فيه من أمر جنوده (٣٦) :
ولّ امر جنودك افضلهم في نفسك حلماً ، واجمعهم للعلم وحسن السياسة وصالح الاخلاق ، ممّن يبطىء عن الغضب ، ويسرع الى العذر ، ( ويراقب
_________________________
(٣٢) في المصدر : والحفظ .
(٣٣) في المصدر : يقوون .
(٣٤) في نسخة : الامة .
(٣٥) أثبتناه من المصدر .
(٣٦) في الطبعة الحجرية : « عماله » ، وما أثبتناه من المصدر .