في أمر الأمراء بالعدل في رعاياهم والأنصاف من انفسهم :
اشعر قلبك الرحمة لرعيتك ، والمحبة لهم ، والتعطف عليهم ، والاحسان اليهم ، ولا تكونن عليهم سبعاً ، تغتنم زللهم وعثراتهم ، فانهم اخوانك في النسبة ، ونظراؤك في الحق (٢٠) ، يفرط منهم الزلل ، وتعتريهم العلل ، ويتوى (٢١) على أيديهم في العمد والخطأ ، فاعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحبّ أن يعطيك من هو فوقك وفوقهم ، والله ابتلاك بهم ، وولاك امرهم ، واحتج عليك بما عرّفك من محبّة العدل والعفو والرحمة ، ولا تستخفن (٢٢) ترك محبته ، ولا تنصبن نفسك لحربه ، فانه لا يدان لك بنقمته ، ولا غنى بك عن عفوه ورحمته ، ولا تعجلن بعقوبته ، ولا تسرعن الى بادرة وجدت عنها مخرجا (٢٣) ، ولا تقولن : اني امير اصنع ما شئت ، فان ذلك يسرع في كسر العمل ، واذا اعجبك ما أنت فيه ، وحدثت لك عظمته ، ودخلتك ابّهة ابطرتك واستقدرتك على من تحتك ، فاذكر عظم قدرة الله عليك ، وفكّر في الموت وما بعده ، فان ذلك ينقص من زهوك ، ويكف من مرحك ، ويحقّر في عينيك ما استعظمته من نفسك ، واياك ان تباهي الله في عظمته ، ولا تضاهيه في جبروته ، وان تختال عليه في ملكه ، فان الله مذل كل جبار ، ومهين كل مختال ، انصف الناس من نفسك ومن اهلك ومن خاصتك ، فانك ان لا (٢٤) تفعل تَظلِم ، ومن يظلم عباد الله فالله خصمه دون عباده ، ومن يكن الله خصمه فهو له (٢٥) حرب حتى ينزع ، وليس شيء أدعى لتغير نعمة أو تعجيل نقمة من اقامة على ظلم ،
_________________________
(٢٠) في المصدر : الخلق .
(٢١) التوى : الهلاك ( لسان العرب ج ١٤ ص ١٠٧ ) وفي المصدر : يؤتى .
(٢٢) في المصدر : فلا تستحقنّ .
(٢٣) في المصدر : مزحلاً .
(٢٤) في المصدر : لم .
(٢٥) في المصدر : لله .