وعجاج الطريق.
لذلك أسرع الحاج أصغر في السير في طريق الرجوع حتى يتقدم على السيارات ، ثم يستريح برهةً من الزمان الى أن تلتحق به سيارات القافلة ، ثم يقطع الطريق بهذا الترتيب.
وبما اني كنت قد سافرت الى الحج كثيراً ، وكنت أعرف أن صحاري الحجاز واسعة ورملية ولا يمكن السير فيها بدون دليل ، أصررت على الحاج أصغر بأن لا يسبق القافلة بل يبقى معها ولا يفارقها ، حتى لا يصيبنا الضياع.
لكن للأسف لم يستجب لكلامي ، بل قال أن لنا من الماء والبنزين ما نسير كثيراً ثم نلتحق بالقافلة ، والحجاج الذين كانوا معنا أيضاً لم يآزروني على مطلبي.
فتجرّأ الحاج أصغر على السير السريع حتى جنَّ علينا الليل وقد ضيّعنا الطريق.
فصحنا به أنا والحجاج حتى يتوقف عن السير الى الصباح ولا يتوغّل في الضياع علّنا نرجع صباحاً في نور الشمس الى الطريق الأصيل.
فبقينا الى الصباح ، وعزمنا على الرجوع من الطريق الذي أتينا فيه ، لكن العواصف الرملية كانت قد غطّت ذلك الطريق فلم نستطع الرجوع منه.
وسرنا يميناً وشمالاً فراسخ دون جدوى ، وبدون ان نصل الى قافلتنا ، حتى صار الليل ونفد عندنا الماء والبنزين ، فأصبحنا ولم يبق لدينا منهما قطرة واحدة.
وما أوحشها من حالة مؤلمة ويأس من الحياة حين ارتفع النهار وعلت الشمس واحترّ الجوّ واصابنا العطش ، ونحن في تيه الصحراء. فلم أر بُدّاً إلا أن أجمع أصحابي وأقول لهم :