ولو أبدى شخصه للأعداء لم يألوا جهداً في إيقاع الضرر به ، واستئصال شيعته ، وإراقة دمائهم على الاستحلال. فيكون في ذلك اعظم الفساد في الدين والدنيا ....
ولما ثبت عصمته ، وجب إستتاره حتى يعلم يقيناً ـ لا شك فيه ـ حضور الأعوان له ، واجتماع الأنصار ، وتكون المصلحة العامة في ظهوره بالسيف ، ويعلم تمكنه من إقامة الحدود ، وتنفيذ الأحكام ...» (١).
هذا ، وليس حفظ النفس لهذا الخوف بأمرٍ جديد ، أو عملٍ غير سديد ، بل هو السبب الذي دعى الأنبياء والرسل من ذي قبل الى الاعتزال والاستتار ..
كما تلاحظه في إختفاء رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم في الغار خوفاً من المشركين ، واعتزاله في شِعب أبي طالب طيلة ثلاث سنوات وشهور ....
وقبل ذلك فرار النبي موسى عليهالسلام من مصر خوفاً ، ووروده على النبي شعيب عليهالسلام في مَديَن ، فيما حكاه اللّه العظيم في كتابه الكريم بقوله عزّ من قائل :
(وجاءَ رجلٌ من أقصى المدينةِ يَسعى قال يا مُوسى إنَّ الملأَ يأتمرونَ بِكَ ليقتلوكَ فاخرُج إنّي لكَ من الناصحين * فخَرَجَ منها خائفاً يترقّبُ قالَ ربِّ نجّني من القومِ الظالمين * ولمّا توجّه تِلقاءَ مَديَنَ قالَ عسى ربّي أن يهدِيَني سَواءَ السّبيل) (٢).
وقوله تعالى حكاية عنه : (فَفَررتُ منكم لمّا خفتُكم فوَهَبَ لي ربّي حُكماً وجعلني من المرسَلين) (٣).
__________________
(١) رسالة الغيبة : رقم ٤ ص ١٢.
(٢) سورة القصص : الآية ٢٠ ـ ٢٢.
(٣) سورة الشعراء : الآية ٢١.