شرح الحلقة الثّالثة

الشيخ حسن محمّد فيّاض حسين العاملي

شرح الحلقة الثّالثة

المؤلف:

الشيخ حسن محمّد فيّاض حسين العاملي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
الطبعة: ١
الصفحات: ٤١٣

وإثبات بقاء الجامع ضمن أحد الفردين على الترديد محال أيضا ؛ لأنّه لا وجود لأحد الفردين بهذا العنوان ، كما تقدّم سابقا من أنّ الفرد المردّد بمفهومه وبواقعه لا وجود له.

وهذا الاعتراض يتوقّف على قبول المبنى المشار إليه ، أمّا إذا أنكرناه وفرضنا أنّ مفاد دليل الاستصحاب إبقاء اليقين بمعنى من المعاني فيمكن افتراض إبقائه بقدر الجامع ، فيكون بمثابة العلم الإجمالي المتعلّق بالجامع.

والجواب : أنّ هذا الإشكال وارد على مسلك جعل الحكم المماثل ، وأمّا إذا أنكرنا هذا المسلك كما هو الصحيح ، وبنينا على أنّ المجعول هو إبقاء اليقين بأحد المعاني الثلاثة المتقدّمة فلا يتمّ هذا الإشكال.

فلو قلنا : إنّ المجعول في الاستصحاب هو إبقاء اليقين بمعنى تنزيل المشكوك منزلة المتيقّن ، أو قلنا : إنّ المجعول هو إبقاء اليقين بمعنى أنّ الشاكّ كالمتيقّن ، أو قلنا : إنّ المجعول هو إبقاء اليقين بلحاظ الجري العملي ، فهذا الإشكال لا يرد ؛ لأنّه يمكن للشارع إبقاء اليقين بلحاظ الجامع من جهة العلميّة والطريقيّة كما هي مقالة الميرزا ، حيث يكون مفاد الاستصحاب التعبّد ببقاء اليقين فالشاكّ عنده كالمتيقّن ، وكذا يمكن إبقاؤه بلحاظ الجامع من جهة المعذّريّة والمنجّزيّة والأثر العملي ، لو كان المفاد هو إبقاء اليقين بلحاظ الأثر العملي.

ويحتمل أن يراد من عبارة ( بمعنى من المعاني ) الإشارة إلى المسالك في حقيقة الحكم الظاهري عموما لا إلى خصوص دليل الاستصحاب ، فيكون المقصود حينئذ أنّه تارة نقول إنّ المجعول في الحكم الظاهري هو العلميّة والطريقيّة ، وأخرى نقول : إنّ المجعول هو المنجّزيّة والمعذّريّة ، وثالثة نقول : إنّ المجعول فيه هو إبراز شدّة الاهتمام المولوي.

فإنّه على هذه المسالك كلّها يمكن التعبّد الاستصحابي بلحاظ الجامع ؛ إذ يعقل التعبّد بالعلم بلحاظ الجامع أو التعبّد بالمنجّزيّة والمعذّريّة بلحاظ الجامع أو إبراز شدّة الاهتمام بلحاظ الجامع.

فيكون التعبّد الاستصحابي بلحاظ الجامع على هذه المسالك كالعلم الإجمالي المتعلّق بالجامع ، فإنّه يكون منجّزا لمقدار الجامع فقط دون الأفراد. وكذلك الحال هنا

٣٤١

يكون الاستصحاب منجّزا لمقدار الجامع فقط دون الأفراد بلا فرق بينهما ، فإذا صحّ هناك يصحّ هنا أيضا.

وأمّا في باب الموضوعات : فالاعتراض ينشأ من أنّ الأثر الشرعي مترتّب على أفراد الجامع لا على الجامع بعنوانه ، فلا يترتّب على استصحابه أثر.

المقام الثاني : في بيان الإشكال الوارد على استصحاب الجامع بين الموضوعين ، فإذا علم مثلا بوجود زيد أو عمرو في المسجد فيعلم بوجود كلّي الإنسان ، فإذا شكّ في بقائه جرى استصحابه ، إلا أنّ هذا الاستصحاب للكلّي ما ذا يراد به؟

فإن أريد به إثبات الكلّي بعنوانه الخاصّ من دون النظر إلى الأفراد ، فهذا وإن كان يجري فيه الاستصحاب ، إلا أنّ المفروض أنّ الأحكام الشرعيّة إنّما تنصبّ على الموضوعات والطبائع والماهيّات بما هي حاكية عن الخارج لا بما هي موجودة في الذهن.

وهذا يعني أنّ الأثر الشرعي المفروض ترتّبه على هذا الاستصحاب إنّما هو للإنسان الموجود في الخارج لا للإنسان الموجود في الذهن ، وعليه فاستصحاب كلّي الإنسان بما هو كذلك يعني النظر إلى الإنسان بما هو موجود في الذهن لا الخارج ، وهو بهذا اللحاظ ليس موضوعا للأثر الشرعي فلا يجري استصحابه.

وإن أريد به إثبات الكلّي بما هو موجود في الخارج ، فمن الواضح أنّ الكلّي في الخارج لا يوجد مستقلاّ عن الفرد ؛ إذ لا وجود للإنسان في الخارج إلا في أفراده ، فإذا نظر إلى الخارج فلا يرى إلا الفرد لا الإنسان ، فيكون الاستصحاب من استصحاب الفرد وهو لا يقين بحدوثه فلا يجري.

وحاصل الإشكال : أنّ الاستصحاب إنّما يجري لو كان هناك أثر شرعي على المستصحب.

وفي مقامنا المستصحب هو الكلّي والطبيعي والماهيّة ، وهي ليست موضوعا للأثر الشرعي بما هي موجودة في الذهن ، بل بما هي موجودة في الخارج ، وما هو موجود في الخارج إنّما هو الفرد لا الطبيعي ، فاستصحاب الكلّي لا يجري لا بنفسه وعنوانه ؛ لأنّه لا أثر شرعي له. ولا بوجوده الخارجي ؛ لأنّ الكلّي في الخارج موجود ضمن الفرد وهو لا يقين بحدوثه.

٣٤٢

والجواب : أنّه إن أريد أنّ الحكم الشرعي في لسان دليله مترتّب على العنوانين التفصيليّين للفردين فيرد عليه : أنّا نفرض الحكم فيما إذا رتّب في لسان الدليل على عنوان الجامع بين الفردين ، كحرمة المسّ المرتّبة على جامع الحدث.

والجواب عن هذا الإشكال أن يقال أوّلا : ما ذا يراد من عدم ترتّب الأثر الشرعي على الجامع؟

فإن كان المراد أنّ الجامع لم يرد في الأدلّة الشرعيّة أثر يترتّب عليه أصلا ، وإنّما الآثار الشرعيّة كلّها مترتّبة على الأفراد بعنوانها التفصيلي ، ولذلك لا يجري الاستصحاب بلحاظه. فهذا واضح البطلان ؛ لأنّ بعض الأحكام الشرعيّة مترتّبة على نفس عنوان الكلّي والجامع دون الأفراد ، كما هو الحال في حرمة مسّ المصحف وكلماته المترتّبة على نفس عنوان الحدث الكلّي ، لا على الحدث الأصغر بعنوانه ولا على الحدث الأكبر كذلك.

وإن سلّم ترتّب الحكم في دليله على الجامع وادّعي أنّ الجامع إنّما يؤخذ موضوعا بما هو معبّر عن الخارج لا بما هو مفهوم ذهني ، فلا بدّ من إجراء الاستصحاب فيما أخذ الجامع معبّرا عنه ومرآة له وهو الخارج ، وليس في الخارج إلا الفرد.

وإن كان المراد أنّ الجامع يمكن أن يؤخذ في لسان الدليل موضوعا للأثر ، ولكنّه إنّما يؤخذ كذلك بما هو مرآة وحاك عن الخارج لا بما هو مفهوم في الذهن ؛ لأنّ الأحكام الشرعيّة تترتّب على ما في الذهن بقصد التوصّل إلى الخارج ، إذ لو كانت مترتّبة على ما في الذهن بقيد الوجود الذهني لم يكن هناك باعثيّة ومحرّكيّة في الخارج.

وعليه فالمقصود من إجراء الاستصحاب للجامع كونه معبّرا وكاشفا وحاكيا عن الخارج ، والحال أنّ الموجود في الخارج ليس إلا الفرد لا الجامع ؛ لأنّه لا وجود للكلّي في الخارج مستقلاّ عن الفرد ، وإنّما وجوده بوجود الأفراد ، والفرد لا يقين بحدوثه فلا يجري الاستصحاب.

فيرد عليه : أنّ موضوع الحكم وإن كان هو الجامع والمفهوم بما هو مرآة للخارج لا باعتباره أمرا ذهنيّا ، إلا أنّ الاستصحاب يجري في الجامع بما هو مرآة للخارج أيضا ، ولا معنى لجريانه في الخارج ابتداء بلا توسّط عنوان من العناوين ؛ لأنّ

٣٤٣

الاستصحاب حكم شرعي ولا بدّ أن ينصبّ التعبّد فيه على عنوان ، وكما أنّ العنوان التفصيلي يجري فيه الاستصحاب بما هو مرآة للخارج كذلك العنوان الإجمالي الكلّي.

فجوابه : سلّمنا أنّ الكلّي والجامع إنّما يترتّب عليه الحكم بما هو مرآة للخارج لا بما هو مفهوم ذهني ، إلا أنّه مع ذلك يجري فيه الاستصحاب ؛ وذلك لأنّ الاستصحاب حكم شرعي كغيره من الأحكام الشرعيّة التي تنصبّ على العناوين والمفاهيم الذهنيّة بما هي حاكية عن الخارج لا بما هي أمر ومفهوم ذهني.

وعليه فكما أنّ الاستصحاب يجري بلحاظ العناوين الجزئيّة التفصيليّة بقصد حكايتها عن الخارج ، فكذلك يجري بلحاظ العناوين الكلّيّة الإجماليّة بقصد حكايتها عن الخارج أيضا ، ولا فرق بين العنوان التفصيلي وبين العنوان الكلّي الإجمالي من هذه الناحية.

وتوضيح ذلك : أنّنا إذا علمنا بعدالة زيد ثمّ شككنا في بقائه جرى استصحاب بقاء العدالة ، ولكنّ استصحاب العدالة هذا يجري بلحاظ الصورة الذهنيّة للعدالة الحاكية عن الخارج ، لا بلحاظ العدالة الموجودة في الخارج ؛ إذ لا يمكن أن ينصبّ الاستصحاب مباشرة وابتداء على الخارج من دون توسّط عنوان ومفهوم ؛ لأنّ الاستصحاب حكم شرعي والأحكام الشرعيّة تنصبّ على الصور الذهنيّة الحاكية عن الخارج ، لا على الصور الذهنيّة بما هي أمر ذهني ولا على الخارج مباشرة.

وهكذا الحال لو علمنا بدخول زيد أو عمرو إلى المسجد فعلمنا بجامع الإنسان ، فإنّ استصحاب بقاء كلّي الإنسان في المسجد يجري بلحاظ الإنسان الكلّي بما هو حاك عن الخارج ، لا بما هو أمر ذهني ، ولا بالخارج مباشرة الذي يحكي عنه هذا الكلّي ليشكل بأنّه ليس متيقّنا.

وبهذا يظهر أنّه لا بدّ في جريان الاستصحاب من جريانه بلحاظ العنوان والمفهوم ، سواء كان هذا العنوان تفصيليّا أم كان عنوانا إجماليّا ، ما دام كلا العنوانين يحكيان عن الخارج ، ويراد بإجراء الاستصحاب فيهما التوصّل إلى الخارج ؛ لأنّه يمتنع جريان الاستصحاب بلحاظ الخارج ابتداء ؛ لأنّ الاحكام لا تتعلّق بالخارج مباشرة ، بل بالصور الذهنيّة الحاكية والكاشفة والتي تكون مرآة عن الخارج.

٣٤٤

وبما ذكرناه ظهر الفارق الحقيقي بين استصحاب الفرد واستصحاب الكلّي ، مع أنّ التوجّه في كلّ منهما إلى إثبات واقع خارجي واحد حيث إنّ الكلّي موجود بعين وجود الفرد.

وهذا الفارق هو أنّ الاستصحاب باعتباره حكما منجّزا وموصّلا للواقع فهو إنّما يتعلّق به بتوسّط عنوان من عناوينه وصورة من صوره ، فإن كان مصبّ التعبّد هو الواقع المرئي بعنوان تفصيلي مشير إليه فهذا استصحاب الفرد ، وإن كان مصبّه الواقع المرئي بعنوان جامع مشير إليه فهذا هو استصحاب الكلّي ، على الرغم من وحدة الواقع المشار إليه بكلا العنوانين.

والذي يحدّد إجراء الاستصحاب بهذا النحو أو بذاك كيفيّة أخذ الأثر الشرعي في لسان دليله.

وأمّا الفارق بين استصحاب الفرد واستصحاب الكلّي فقد ظهر ممّا تقدّم ، وحاصله : أنّ الاستصحاب بما أنّه حكم شرعي فلا بدّ أن يتعلّق بالعنوان الحاكي عن الخارج ، غير أنّ العنوان الذي كان مصبّ الاستصحاب تارة تكون حكايته عن الخارج حكاية تفصيليّة وأخرى تكون حكاية إجماليّة.

فإن كانت حكايته تفصيليّة ، فهذا معناه أنّ العنوان الذي كان مصبّا للاستصحاب يشير إلى الواقع المرئي به إشارة تامّة تفصيليّة بكلّ خصوصيّاته ومشخّصاته التي يتميّز بها عن غيره.

وإن كانت حكايته إجماليّة ، فهذا يعني أنّ العنوان الذي كان مصبّا للاستصحاب يشير إلى الواقع المرئي به إشارة إجماليّة عنوانيّة لا نظر فيها إلى المشخّصات والخصوصيّات.

وهذا يعني أنّ الفارق بينهما هو في كيفيّة الإشارة إلى الواقع المرئي بهما.

ولكنّهما مع ذلك يشتركان في حكايتهما عن الواقع الخارجي ، فالواقع الخارجي واحد فيهما بمعنى أنّهما يحكيان عنه ، ولكنّهما يختلفان في كيفيّة هذه الحكاية من حيث التفصيل والإجمال أو الوضوح في الرؤية والغموض فيها.

وأمّا أنّه متى يجري استصحاب الفرد أو استصحاب الكلّي؟

فهذا يرتبط بالأثر الشرعي وكيفيّة أخذه في لسان الدليل ، فإنّه إن كان منصبّا على

٣٤٥

الواقع الخارجي بمشخّصاته جرى استصحاب الفرد دون الكلّي ، وإن كان منصبّا عليه على إجماله جرى استصحاب الكلّي دون الفرد.

وعلى هذا الضوء يتّضح أنّ التفرقة بين استصحاب الفرد واستصحاب الكلّي لا تتوقّف على دعوى التعدّد في الواقع الخارجي ، وأنّ للكلّي واقعا وسيعا منحازا عن واقعيّات الأفراد ـ على طريقة الرجل الهمداني في تصوّر الكلّي الطبيعي ـ وهي دعوى باطلة ؛ لما ثبت في محلّه من أنّ الكلّي موجود بعين وجود الأفراد.

وبما ذكرناه من تفسير لحقيقة الكلّي يتّضح بطلان التفسيرات الأخرى المدّعاة وهي :

التفسير الأوّل الكلّي الهمداني : والمقصود به أنّ الكلّي الطبيعي له وجود مستقلّ عن وجود أفراده لا في عالم الخارج ، بل في عالم آخر ، وله وجود مع أفراده في الخارج أيضا ، ويقال : إنّ هذا الرجل الهمداني قد ادّعى رؤية الإنسان الكلّي يمشي في جبال همدان.

فعلى هذا المسلك تكون نسبة الكلّي إلى أفراده كنسبة الأب الواحد إلى أبنائه المتعدّدين ، أي أنّه موجود مستقلّ عن الأفراد بوجود منحاز في واقعه وعالمه.

وبالتالي يتمّ تخريج استصحاب الكلّي من دون إشكال ؛ وذلك لأنّ الكلّي موجود في نفسه لا في أفراده لكي يشكل بأنّه لا يقين بالحدوث.

إلا أنّ أصل هذا المبنى باطل وفاسد لما تقدّم في مباحث الكلّي من الحكمة من أنّ الكلّي لا وجود له إلا ضمن أفراده ، فنسبته إليها نسبة الآباء إلى الأبناء فكلّ أب مختصّ بابن موجود بوجوده.

كما أنّه لا موجب لإرجاع الكلّي في مقام التفرقة المذكورة إلى الحصّة ، ودعوى أنّ كلّ فرد يشتمل على حصّة من الكلّي ومشخّصات عرضيّة ، واستصحاب الكلّي عبارة عن استصحاب ذات الحصّة ، واستصحاب الفرد عبارة عن استصحاب الحصّة مع المشخّصات ، بل الصحيح في التفرقة ما ذكرناه.

التفسير الثاني الكلّي برأي المحقّق العراقي : والمقصود به الحصّة الموجودة مع الفرد ، فإنّ كلّ فرد موجود في الخارج يشتمل على الحصّة من الجامع ، ويشتمل على الخصوصيّات والمشخّصات التي تميّزه عن غيره من الأفراد.

٣٤٦

وعليه ، فإذا لوحظ الفرد بتمام مشخّصاته فهو من استصحاب الفرد ، وإذا جرّد عن هذه الخصوصيّات فلا يوجد إلا الحصّة من الجامع فيكون من استصحاب الكلّي ، ولذلك فاستصحاب الكلّي مغاير لاستصحاب الفرد من جهة ملاحظة المشخّصات وعدمها ، ولا يتوقّف استصحاب الكلّي على ملاحظة المشخّصات ، بل على ملاحظة الحصّة فقط.

وفيه ، أنّ الحصّة أيضا مغايرة للكلّي ؛ لأنّ الكلّي عبارة عن صرف الوجود للجامع ، والحصّة عبارة عن وجود الجامع في الخارج ولكن مجرّدا عن المشخّصات ، وهذا يعني أنّه يوجد في الحصّة شيء زائد وهو التعيّن للجامع في الخارج وإن كان مجرّدا عن المشخّصات.

الجهة الثانية : في أقسام استصحاب الكلّي :

يمكن تقسيم الشكّ في بقاء الكلّي إلى قسمين :

أحدهما : الشكّ في بقاء الكلّي غير الناشئ من الشكّ في حدوث الفرد.

والآخر : الشكّ في بقائه الناشئ من الشكّ في حدوث الفرد.

ومثال الأوّل : أن يعلم بدخول الإنسان ضمن زيد في المسجد ويشكّ في خروجه.

ومثال الثاني : أن يعلم بحدث مردّد بين الأصغر والأكبر ، ويشكّ في ارتفاعه بعد الوضوء ، فإنّ الشكّ مسبّب عن الشكّ في حدوث الأكبر.

الجهة الثانية في بيان أقسام استصحاب الكلّي :

يمكن تقسيم الشكّ في بقاء الكلّي إلى قسمين رئيسين بحسب التقسيم المنطقي ، هما :

الأوّل : أن يكون الشكّ في بقاء الكلّي غير ناشئ من الشكّ في حدوث الفرد ، بل يكون الفرد معلوم الحدوث ولكنّه مشكوك البقاء ، ولذلك يشكّ في بقاء الكلّي.

مثاله : أن يعلم بدخول زيد إلى المسجد فيعلم بدخول الإنسان أيضا ؛ لأنّ الكلّي كما تقدّم يوجد في الخارج ضمن أفراده ولا وجود له مستقلّ عن وجود الأفراد ، ثمّ يشكّ في خروج زيد من المسجد ، وهذا الشكّ يسبّب الشكّ في بقاء الكلّي ؛ لأنّه لو

٣٤٧

كان خارجا فلا وجود للكلّي في المسجد ، وإن كان لا يزال في المسجد فالكلّي موجود أيضا.

الثاني : أن يكون الشكّ في بقاء الكلّي ناشئا من الشكّ في حدوث الفرد ، بمعنى أنّه يعلم بوجود الكلّي ضمن أحد الفردين أو الأفراد ، ثمّ يعلم بارتفاع أحد الفردين ويشكّ في بقاء الكلّي ضمن الفرد الآخر على تقدير كونه هو الحادث ، فهنا الشكّ في البقاء كان لأجل الشكّ في الفرد الحادث ، فإنّه إذا كان الفرد الحادث هو الفرد الذي علم بارتفاعه فلا بقاء للكلّي ، وإذا كان الفرد الحادث هو الفرد الآخر فالكلّي موجود.

مثاله : أن يعلم بالحدث ضمن أحد فرديه أي الحدث الأصغر أو الحدث الأكبر ، ثمّ بعد الوضوء يشكّ في بقاء كلّي الحدث من جهة أنّ الحادث لو كان هو الحدث الأصغر فقد ارتفع بالوضوء فيرتفع الكلّي ، ولو كان هو الحدث الأكبر فالكلّي لا يزال موجودا ؛ لأنّه لا يرتفع بالوضوء.

وسوف نتكلّم عن كلا هذين القسمين بالتفصيل فنقول :

أمّا القسم الأوّل فله حالتان :

الأولى : أن يكون الكلّي معلوما تفصيلا ويشكّ في بقائه ، كما في المثال المذكور حيث يعلم بوجود زيد تفصيلا. وهنا إذا كان الأثر الشرعي مترتّبا على الجامع جرى استصحاب الكلّي.

أمّا القسم الأوّل من الشكّ في بقاء الكلّي ـ وهو الشكّ غير الناشئ من حدوث الفرد ـ فهو على نحوين ، أو له حالتان :

الحالة الأولى : أن يكون الكلّي معلوما تفصيلا ويشكّ في بقائه ، كما إذا علم بدخول زيد إلى المسجد ثمّ يشكّ في خروجه ، فإنّه يعلم بدخول كلّي الإنسان على وجه تفصيلي من دون ترديد بين أفراده حيث يعلم بوجوده ضمن زيد ، ثمّ يشكّ في بقائه من أجل الشكّ في خروج زيد من المسجد.

وهنا إذا كان الأثر الشرعي مترتّبا على عنوان الفرد جرى استصحاب الفرد ؛ لأنّه يعلم بدخول زيد ويشكّ في خروجه فيستصحب.

وإذا كان الأثر الشرعي مترتّبا على عنوان الكلّي كأن قيل مثلا : ( إذا كان في

٣٤٨

المسجد إنسان فيجب التصدّق ) ، فهنا يجري استصحاب الكلّي أيضا ؛ لأنّه كان معلوم الحدوث تفصيلا ويشكّ في ارتفاعه فيستصحب.

واستصحاب الكلّي في هذه الحالة جار على كلّ حال ، سواء فسّرنا استصحاب الكلّي وفرّقنا بينه وبين استصحاب الفرد على أساس كون المستصحب الوجود السعي للكلّي على طريقة الرجل الهمداني ، أو الحصّة ، أو الخارج بمقدار مرآتيّة العنوان الكلّي ، على ما تقدّم في الجهة السابقة ، إذ على كلّ هذه الوجوه تعتبر أركان الاستصحاب تامّة.

وهذا الاستصحاب للكلّي يجري على جميع المسالك في تفسير الكلّي لتماميّة أركانه.

أمّا على مسلك الرجل الهمداني لتفسير الكلّي من كونه الوجود السعي والمنحاز فواضح ؛ لأنّ الكلّي له وجود سعي مستقلّ عن وجود الأفراد ، والمفروض أنّ الكلّي يعلم بحدوثه ويشكّ في بقائه فيستصحب.

وأمّا على مسلك المحقّق العراقي لتفسير الكلّي وكونه عبارة عن الحصّة ، فحيث يعلم بدخول زيد يعلم بدخول حصّة من الإنسان أيضا ، فإذا شكّ في الخروج يشكّ في ارتفاع هذه الحصّة فتستصحب.

وأمّا على المسلك المختار من كون الكلّي عبارة عن المفهوم والعنوان الذي يكون مرآة وحاكيا عن الخارج ، فحيث إنّ هذا العنوان معلوم الحدوث عند دخول زيد ومشكوك البقاء للشكّ في خروجه ، فيجري الاستصحاب بلحاظ هذا العنوان الذي يحكي عن الخارج.

ولذلك فهذا النحو ممّا لا إشكال فيه على جميع المباني المتصوّرة في حقيقة الحكم الظاهري وفي ما هو المجعول في الاستصحاب.

الثانية : أن يكون الكلّي معلوما إجمالا ويشكّ في بقائه على كلا تقديريه ، كما إذا علم بوجود زيد أو خالد في المسجد ، ويشكّ في بقائه ـ سواء كان زيدا أو خالدا ـ فيجري استصحاب الجامع إذا كان الأثر الشرعي مترتّبا عليه.

الحالة الثانية : أن يكون الكلّي معلوما إجمالا ضمن أحد فردين ، ثمّ يشكّ في بقائه لا من أجل الشكّ في حدوث الفرد ، بل من أجل الشكّ في بقاء الفرد ، كما إذا

٣٤٩

علم بدخول زيد أو عمرو إلى المسجد ، فهنا يعلم بدخول كلّي الإنسان ثمّ يشكّ في بقائه لأجل الشكّ في بقاء الفرد حيث لا يعلم بخروجه ، بل هو مشكوك البقاء والخروج ، فالشكّ في بقاء الكلّي مسبّب عن الشكّ في بقاء الفرد على كلا التقديرين ، أي أنّه سواء كان زيد هو الداخل فهو مشكوك الخروج أم كان الداخل هو عمرو فهو مشكوك الخروج أيضا.

وهنا يجري استصحاب الكلّي إذا كان الأثر الشرعي مترتّبا عليه لتماميّة أركانه فيه.

ولا إشكال في ذلك بناء على إرجاع استصحاب الكلّي إلى استصحاب الوجود السعي له على طريقة الرجل الهمداني ، وبناء على المختار من إرجاعه إلى استصحاب الواقع بمقدار مرآتيّة العنوان الإجمالي.

وأمّا بناء على إرجاعه إلى استصحاب الحصّة فقد يستشكل بأنّه لا يقين بحدوث أيّ واحدة من الحصّتين ، فكيف يجري استصحابها؟

اللهم إلا أن تلغى ركنيّة اليقين وتستبدل بركنيّة الحدوث.

واستصحاب الكلّي في هذه الحالة يجري بلا إشكال على مبنى الرجل الهمداني وعلى المبنى المختار.

أمّا على مبنى الرجل الهمداني فيجري استصحاب الكلّي ؛ لأنّه موجود بوجود منحاز عن الأفراد ، فهو موجود مستقلّ عن الأفراد.

وأمّا على المبنى المختار فلأنّ الكلّي عبارة عن العنوان الإجمالي للواقع ، فيمكن أن يشار إلى الواقع الإجمالي بهذا العنوان ، وحيث إنّه معلوم حدوثا على إجماله ويشكّ في بقائه كذلك ، فيجري استصحابه ؛ لأنّه لا يشترط العلم بالخصوصيّات والمشخّصات الفرديّة.

وأمّا على مبنى المحقّق العراقي فقد يستشكل في جريان استصحاب الكلّي بمعنى الحصّة ؛ وذلك لأنّ هذه الحصّة لا يعلم بحدوثها ضمن زيد ولا يعلم بحدوثها ضمن عمرو ، والمفروض أنّ الحصّة من الكلّي الموجودة في زيد مغايرة للحصّة من الكلّي الموجودة ضمن عمرو ، فلا يقين بحدوث الحصّة فكيف يجري استصحابها؟

٣٥٠

ولكن يجاب عن ذلك : أنّه إذا أنكرنا ركنيّة اليقين بالحدوث وقلنا بكفاية الحدوث ، فهنا الحصّة موجودة وحادثة على كلّ حال ، أي سواء كانت ضمن زيد أم ضمن عمرو ، ويشكّ في بقائها فتستصحب.

وكذا لو قلنا بأنّ العلم الإجمالي متعلّق بالواقع لا بالجامع ، فإنّه يعلم بدخول واقع الفرد والحصّة في المسجد ويشكّ في بقائها فتستصحب.

ويسمّى هذا القسم في كلماتهم بكلتا حالتيه بالقسم الأوّل من استصحاب الكلّي.

وهذا القسم بكلا نحويه يسمّى عندهم بالقسم الأوّل من استصحاب الكلّي.

والوجه في ذلك : أنّ استصحاب الكلّي يجري على كلّ المسالك والمباني المتصوّرة في حقيقة الحكم الظاهري وفي حقيقة المجعول في الاستصحاب.

وكذا يجري استصحاب الفرد أمّا في النحو الأوّل فواضح ؛ لأنّه معلوم تفصيلا حدوثا ومشكوك بقاء.

وأمّا في النحو الثاني فيجري استصحاب الفرد الواقعي بأن يشار إلى الفرد الحادث واقعا فيقال : يعلم بحدوث الفرد الواقعي ويشكّ في بقائه فيستصحب ، هذا إذا كان العلم الإجمالي متعلّقا بالواقع.

وإذا قلنا : إنّ العلم الإجمالي متعلّق بالجامع فيجري استصحاب الفرد بناء على إلغاء ركنيّة اليقين بالحدوث والاكتفاء بالحدوث ، فإنّه حينئذ يعلم بحدوث الفرد ويشكّ في بقائه فيستصحب ، وأمّا إذا احتفظنا بركنيّة اليقين فيشكل جريان استصحاب الفرد بمعنى المشخّصات كما هو مبنى المحقّق العراقي ، ولكنّه يجري بناء على أنّ الفرد هو الحصّة على مبنى المشهور كما هو الصحيح في معنى الفرد.

وأمّا القسم الثاني فله حالتان أيضا :

الأولى : أن يكون الشكّ في حدوث الفرد المسبّب للشكّ في بقاء الكلّي مقرونا بالعلم الإجمالي ، كما في المثال المتقدّم لهذا القسم ، فإنّ الشكّ في الحدث الأكبر مقرون بالعلم الإجمالي بأحد الحدثين.

والصحيح : جريان الاستصحاب في هذه الحالة إذا كان للجامع أثر شرعي ، ويسمّى في كلماتهم بالقسم الثاني من استصحاب الكلّي.

٣٥١

أمّا القسم الثاني من الشكّ في بقاء الكلّي ـ وهو الشكّ الناشئ من حدوث الفرد ـ فهذا له حالتان :

الحالة الأولى : أن يعلم إجمالا بحدوث أحد الفردين ، وأحدهما طويل من حيث البقاء والآخر قصير ، فلو كان الكلّي حادثا بحدوث الفرد القصير فهو مرتفع للعلم بارتفاع الفرد القصير ، وإن كان حادثا ضمن الفرد الطويل فهو لا يزال باقيا ، فيشكّ في بقاء الكلّي نتيجة الشكّ في حدوث الفرد إجمالا.

مثاله : ما إذا علم بالحدث المردّد بين الحدث الأصغر والحدث الأكبر ، ثمّ يتوضّأ ، فإنّه إذا كان كلّي الحدث متحقّقا ضمن الحدث الأصغر فقد ارتفع بسبب الوضوء الرافع للحدث الأصغر ، وإذا كان كلّي الحدث متحقّقا ضمن الحدث الأكبر فهو لا يزال باقيا ؛ لأنّه لا يرتفع بالوضوء.

ومثّلوا له بالعلم بدخول حيوان إلى الغرفة ذي خرطوم المردّد بين البقّ والفيل ، وبعد ثلاثة أيّام يشكّ في بقاء كلّي الحيوان في الغرفة ؛ لأنّه لو كان حادثا في البقّ فهو لا يعيش أكثر من ثلاثة أيّام ، وأمّا لو كان حادثا في الفيل فهو لا يزال باقيا ، فيشكّ في بقاء الكلّي وهذا الشكّ مسبّب عن حدوث الفرد إذ لا يعلم أي الفردين هو الحادث.

وهذا القسم اصطلحوا عليه في كلماتهم بالقسم الثاني من استصحاب الكلّي.

والكلام هنا في جريان استصحاب الكلّي حيث إنّ استصحاب الفرد لا يجري لعدم اليقين بالحدوث.

والصحيح هو جريان استصحاب الكلّي وفاقا للمشهور ، حيث يعلم بحدوث الكلّي ويشكّ في بقائه فيستصحب.

وقد يعترض على جريان هذا الاستصحاب بوجوه :

منها : أنّه لا يقين بالحدوث ، وهو اعتراض مبنيّ على إرجاع استصحاب الكلّي إلى استصحاب الحصّة ، وحيث لا علم بالحصّة حدوثا فلا يجري الاستصحاب لعدم اليقين بالحدوث ، بل لعدم الشكّ في البقاء إذ لا شكّ في الحصّة بقاء ، بل إحدى الحصّتين معلومة الانتفاء ، والأخرى معلومة البقاء.

الاعتراض الأوّل : أنّ الاستصحاب لا يجري لاختلال ركنه الأوّل وهو اليقين بالحدوث ؛ وذلك لأنّ الكلّي إن كان بمعنى الحصّة فهذا معناه أنّ الكلّي في هذه

٣٥٢

الحصّة غير الكلّي في تلك الحصّة ، وعليه فالحصّة ضمن الفرد القصير غير معلومة الحدوث ، والحصّة ضمن الفرد الطويل غير معلومة الحدوث أيضا ، فلا يجري استصحاب الحصّة في أيّ منهما ؛ لعدم اليقين بحدوثها ؛ لأنّ الحدوث مردّد بين هذه أو تلك.

بل يمكن أن يقال : إنّ الركن الثاني مختلّ أيضا ؛ لأنّ الحصة لا شكّ في بقائها ، بل هي إمّا معلومة الارتفاع أو معلومة البقاء ، وحيث لا شكّ فلا يجري الاستصحاب.

والوجه في ذلك : هو أنّ الحصّة ضمن الفرد القصير معلومة الارتفاع ؛ لأنّ المفروض أنّه توضّأ فارتفع الحدث الأصغر ، والحصّة ضمن الفرد الطويل لا تزال باقية ؛ لأنّ الحدث الأكبر لا يرتفع بالوضوء.

وقد تقدّم أنّ استصحاب الكلّي ليس بمعنى استصحاب الحصّة ، بل هو استصحاب للواقع بمقدار ما يرى بالعنوان الإجمالي للجامع ، وهذا معلوم بالعلم الإجمالي حدوثا.

والجواب : أنّ هذا الاعتراض إنّما يرد على تفسير الكلّي بالحصّة كما هي مقالة المحقّق العراقي.

وأمّا على التفسير الصحيح للكلّي من كونه العنوان الإجمالي الذي يحكي عن الواقع ، فلا يرد هذا الاعتراض ؛ وذلك لأنّ الواقع الذي يريه هذا العنوان ويحكي عنه معلوم حدوثا ؛ لأنّه يحكي عن الفرد الخارجي حكاية إجماليّة مطابقة للجامع دون الخصوصيّات والمشخّصات ، وهذا الواقع الخارجي بهذا المقدار ـ أي بمقدار الجامع ـ معلوم حدوثا ومشكوك بقاء فيستصحب.

وبتعبير آخر : أنّ ما نراه كصورة ذهنيّة حاكية عن الخارج ليس هو إلا العنوان الإجمالي ، ككون ما في الخارج حيوانا ذا خرطوم ، أو لكون ما في الخارج حدثا ، وهذا المقدار هو الجامع والكلّي وهو معلوم حدوثا ومشكوك بقاء فيستصحب.

وأمّا الفرد بمشخّصاته أو الحصّة ضمن أحد الفردين ، فهذا لا علم بحدوثه تفصيلا فلا يجري استصحابه.

ومنها : أنّه لا شكّ في البقاء ؛ لأنّ الشكّ ينبغي أن يتعلّق بنفس ما تعلّق به اليقين ، ولمّا كان اليقين هنا علما إجماليّا ، والعلم الإجمالي يتعلّق بالمردّد ، فلا بدّ أن

٣٥٣

يتعلّق الشكّ بالواقع على ترديده أيضا ، وهذا إنّما يتواجد فيما إذا كان الواقع مشكوك البقاء على كلّ تقدير ، مع أنّه ليس كذلك ؛ لأنّ الفرد القصير من الجامع لا شكّ في بقائه.

الاعتراض الثاني : أنّ الاستصحاب لا يجري لاختلال الركن الثاني ، وهو الشكّ في البقاء ؛ وذلك لأنّه يشترط في الاستصحاب أن يكون الشكّ متعلّقا بنفس ما تعلّق به اليقين ، واليقين هنا متعلّق بالفرد المردّد حيث يعلم إجمالا بحدوث أحد الفردين ، والعلم الإجمالي معناه العلم بالواقع على ترديده ، فاللازم أيضا أن يكون الشكّ في البقاء متعلّقا بالواقع المردّد أيضا ، والشكّ في الواقع المردّد معناه الشكّ في البقاء على كلا التقديرين ، أي سواء كان الحادث هذا الفرد فيشكّ في بقائه أم كان ذاك فيشكّ في بقائه ، إلا أنّه في مقامنا لا يكون الشكّ مردّدا ؛ لأنّه على تقدير حدوث الفرد القصير فيعلم بالارتفاع ، وعلى تقدير حدوث الفرد الطويل فيعلم بالبقاء ، فيكون الشكّ في البقاء مسبّبا عن الشكّ في حدوث أحد الفردين فقط وهو الفرد الطويل دون الفرد القصير.

وبذلك لا يكون الشكّ في البقاء متعلّقا بنفس ما تعلّق به اليقين بالحدوث.

والجواب : أنّ العلم الإجمالي لا يتعلّق بالواقع المردّد ، بل بالجامع وهو مشكوك ، إذ يكفي في الشكّ في بقاء الجامع التردّد في كيفيّة حدوثه.

والجواب : أنّ هذا الاعتراض مبني على كون العلم الإجمالي متعلّقا بالواقع كما هي مقالة المحقّق العراقي.

والصحيح : أنّ العلم الإجمالي متعلّق بالجامع ، وعليه فالجامع معلوم الحدوث إجمالا ضمن أحد فرديه ، ويشكّ في بقائه لأجل الشكّ في أيّ الفردين هو الحادث فيستصحب ؛ لأنّه يكفي لتحقّق الركن الثاني كون الشكّ في البقاء متعلّقا بنفس ما تعلّق به اليقين بالحدوث ، وهذا المقدار من الحدوث أي حدوث الجامع معلوم ، ويشكّ في بقائه فيستصحب.

ولا يشترط في الشكّ في البقاء أكثر من ذلك.

وبتعبير آخر : أنّ الشكّ في البقاء يشترط فيه أن يكون شكّا في بقاء ما تعلّق به اليقين ، واليقين هنا متعلّق بحدوث الجامع فقط من دون تعيين لحدوثه ضمن هذا الفرد

٣٥٤

أو ذاك ، ولذلك يكفي أن يشكّ في بقاء الجامع بسبب الشكّ في كيفيّة حدوث الجامع ، وأنّه هل هو حادث ضمن هذا أو ذاك؟ ولا يشترط أن يشكّ في البقاء ضمن أحد الفردين بخصوصه ؛ لأنّ هذا المقدار ممّا لا يقين بحدوثه.

ومنها : أنّ الوجود القصير للكلّي لا يحتمل بقاؤه ، والوجود الطويل له لا يحتمل ارتفاعه ، وليس هناك في مقابلهما إلا المفهوم الذهني الذي لا معنى لاستصحابه.

الاعتراض الثالث : أنّ الاستصحاب للكلّي لا يجري ؛ وذلك لأنه إن أريد استصحاب الكلّي ضمن الفرد القصير ، فهذا الاستصحاب لا يجري ؛ لأنّه يقطع بارتفاع الفرد القصير وبالتالي يقطع بارتفاع الكلّي ، فلا شكّ في البقاء.

وإن أريد استصحاب الكلّي ضمن الفرد الطويل ، فهذا الفرد يعلم ببقائه فلا يجري الاستصحاب فيه ؛ إذ لا شكّ في البقاء أيضا.

وإن أريد استصحاب الكلّي ضمن أحد الفردين ، فهذا العنوان بواقعه لا وجود له ، إذ لا وجود في الخارج لأحد الفردين كما هو مردّد ، وإنّما الموجود في الخارج هذا الفرد أو ذاك ، ومفهوم هذا العنوان وهو الصورة الذهنيّة لأحد الفردين ليس مصبّا للاستصحاب ؛ لما تقدّم من أنّ الاستصحاب لا يجري في المفهوم الذهني بما هو أمر ذهني من دون أن يكون حاكيا ومرآة عن الخارج.

والحاصل : أنّ استصحاب الكلّي هنا ليس له معنى محصّل ؛ لأنّ استصحابه ضمن هذه الحصّة القصيرة لا يجري للعلم بارتفاعه فيها ، واستصحابه ضمن الحصّة الطويلة لا يجري للعلم ببقائه فيها على تقدير حدوثها ، واستصحابه ضمن الصورة الذهنيّة لا يجري ؛ لأنّها بواقعها لا تحكي عن شيء وبمفهومها ليست محطّا للاستصحاب.

والجواب : أنّ الشكّ واليقين إنّما يعرضان [ على ] الواقع الخارجي بتوسّط العناوين الحاكية عنه ، فلا محذور في أن يكون الواقع بتوسّط العنوان التفصيلي مقطوع البقاء أو الانتفاء ، وبتوسّط العنوان الإجمالي مشكوك البقاء ، ومصبّ التعبّد الاستصحابي دائما العنوان بما هو حاك عن الواقع تبعا لأخذه موضوعا للأثر الشرعي بما هو كذلك.

نعم إذا أرجعنا استصحاب الكلّي إلى استصحاب الحصّة أمكن المنع عن

٣٥٥

جريانه في المقام ؛ لأنّه يكون من استصحاب الفرد المردّد نظرا إلى أنّ إحدى الحصّتين مقطوعة الانتفاء فعلا.

والجواب : أنّ هذا الاعتراض إنّما يتمّ لو كان المراد من الكلّي الحصّة كما هي مقالة المحقّق العراقي ، فإنّه على هذا المبنى حيث لا يوجد لنا علم بحدوث الفرد القصير بخصوصه ولا بحدوث الفرد الطويل كذلك ، فلا يعلم بحدوث الحصّة لا ضمن هذا بخصوصه ولا ضمن ذاك كذلك ، فلا يجري استصحاب الكلّي عندئذ.

وأمّا جريان الاستصحاب بلحاظ الحصّة المعلومة إجمالا ضمن أحد الفردين فهو من استصحاب الفرد المردّد ؛ لأنّ إحدى الحصّتين يعلم بارتفاعها على تقدير حدوثها ، والأخرى يعلم ببقائها على تقدير حدوثها ، فإن كان المقصود من استصحاب الحصّة واقع الحصّة المردّدة فهذه لا وجود لها في الخارج ؛ لأنّ الحصّة في الخارج معيّنة ، وإن كان المقصود منها مفهوم الحصّة المردّدة فقد تقدّم أنّ الاستصحاب لا يجري في المفاهيم الذهنيّة بما هي كذلك ، بل بما هي حاكية عن الخارج.

إلا أنّ الصحيح كما تقدّم أنّ الكلّي معناه العنوان الإجمالي الذي يحكي عن الواقع بهذا المقدار ، وعليه فاليقين والشكّ إنّما يتعلّقان ويعرضان على الواقع الخارجي بتوسّط عنوان ومفهوم ذهنيّ حاك عن الخارج ، ولا يعرضان على الخارج مباشرة وابتداء ؛ لأنّ ما في الذهن لا يعرض على الخارج.

وحينئذ نقول : إنّ الشكّ واليقين اذا لوحظ فيهما العنوان التفصيلي فلا مجال لإجراء الاستصحاب ؛ وذلك لأنّ اليقين على تقدير تعلّقه بالعنوان التفصيلي الحاكي عن الحصّة القصيرة فهو معلوم الارتفاع فلا شكّ في البقاء ، وإن لوحظ تعلّقه بالعنوان التفصيلي الحاكي عن الحصّة الطويلة فهو معلوم البقاء فلا شكّ أيضا.

إلا أنّه لا مانع من أن يتعلّقا بالعنوان الإجمالي الذي هو الكلّي والجامع كما تقدّم سابقا ، وهنا اليقين بلحاظ العنوان الإجمالي معلوم الحدوث ، إذ يعلم بالحدث على إجماله أو بالحيوان ذي الخرطوم على إجماله ، والشكّ في البقاء متعلّق بهذا العنوان الإجمالي أيضا ؛ لأنّه على تقدير كون الحادث هو الفرد القصير فهو مرتفع وعلى

٣٥٦

تقدير كون الحادث هو الفرد الطويل فهو باق ، وبذلك يصدق عنوان الشكّ في البقاء بلحاظ الجامع ، فيجري الاستصحاب فيما إذا كان الأثر الشرعي مترتّبا على عنوان الجامع لا الفرد.

وبهذا يظهر أنّ العنوان الإجمالي الذي هو مجرى الاستصحاب معلوم الحدوث على إجماله ومشكوك البقاء كذلك فيجري استصحابه.

ومنها : أنّ استصحاب الكلّي يحكم عليه استصحاب عدم حدوث الفرد الطويل الأمد ؛ لأنّ الشكّ في بقاء الكلّي مسبّب عن الشكّ في حدوث هذا الفرد.

الاعتراض الرابع : أنّ استصحاب الكلّي لو سلّم جريانه ، فمع ذلك لا يمكن الأخذ به لكونه معارضا بما هو حاكم عليه.

وتوضيحه : أنّ استصحاب الكلّي مسبّب عن الشكّ في كون الفرد الحادث هو الفرد الطويل ، إذ لو كان الفرد الحادث هو الفرد القصير فهو مقطوع الارتفاع فلا يجري الاستصحاب من ناحيته ، فالشكّ في بقاء الكلّي إذن مسبّب عن الشكّ في الفرد الحادث وكونه الطويل لا القصير.

إلا أنّ هذا الاستصحاب معارض ومحكوم لاستصحاب عدم حدوث الفرد الطويل ؛ لأنّه مشكوك الحدوث فيستصحب عدم حدوثه الثابت ولو في الأزل ، وهذا الاستصحاب ينقّح لنا موضوع استصحاب الكلّي ؛ لأنّ الفرد القصير مرتفع وجدانا للعلم بانتهاء أمده ، والفرد الطويل مرتفع تعبّدا بهذا الاستصحاب ، وعليه فلا يجري استصحاب الكلّي إذ لا موضوع له ـ وهو الشكّ في البقاء ـ حيث يعلم بانتفاء الفردين معا ، والكلّي لا يوجد في الخارج مستقلاّ عن الأفراد.

وبتعبير آخر : أنّ استصحاب عدم حدوث الفرد الطويل ينقّح موضوع استصحاب الكلّي وينفيه ؛ لأنّ الشكّ الذي هو مورد استصحاب الكلّي مسبّب عن الشكّ في حدوث الفرد الطويل فهو أصل مسبّبي ، بينما الشكّ في استصحاب عدم الفرد الطويل ليس مسبّبا عن ذاك الشكّ ، بل هو يعالج ذاك الشكّ فهو أصل سببي ، والأصل السببي مقدّم على الأصل المسبّبي ، إمّا للحكومة كما هي مقالة الميرزا أو للقرينيّة كما سيأتي في محلّه.

٣٥٧

والجواب : أنّ التلازم بين حدوث الفرد الطويل الأمد وبقاء الكلّي عقلي وليس شرعيّا ، فلا يثبت باستصحاب عدم الأوّل نفي بقاء الثاني.

والجواب : أنّ الأصل السببي إنّما يكون مقدّما على الأصل المسبّبي فيما إذا كانت السببيّة والملازمة بينهما شرعيّة لا عقليّة ، وإلا فيكون من الأصل المثبت ، وهو ليس حجّة في نفسه فضلا عن تقدّمه على غيره.

ففي مثال الثوب المتنجّس المغسول بالماء المستصحب الطهارة يكون استصحاب طهارة الماء أصلا سببيّا مقدّما على استصحاب بقاء نجاسة الثوب ؛ لأنّ طهارة الماء سبب ولازم شرعي لطهارة المغسول به.

وأمّا هنا فبقاء الكلّي أو انتفاؤه ليس مسبّبا شرعيّا عن حدوث الفرد الطويل أو عدم حدوثه ، وإنّما الملازمة بينهما إثباتا أو انتفاء عقليّة ؛ لأنّ إثبات الكلّي بقاء فرع إثبات كون الفرد الطويل هو الحادث لا القصير ، وإثبات انتفائه فرع إثبات كون الفرد الطويل ليس هو الحادث بل القصير ، وهذا الإثبات إن كان وجدانيّا فالملازمة تثبت للعلم الوجداني بها ، وأمّا إن كان تعبّديّا كما في مقامنا فلا تثبت ؛ لأنّها تكون من اللوازم العقليّة للمستصحب ، والذي هو من الأصل المثبت.

وعليه فاستصحاب عدم حدوث الفرد الطويل لا يمكنه إثبات انتفاء الجامع ؛ لأنّ هذا الانتفاء مستند إلى الملازمة العقليّة لا الشرعيّة ، ومع كون الملازمة عقليّة فلا يكون الأصل السببي مقدّما على الأصل المسبّبي ؛ لأنّ سببيّته لا تثبت في نفسها. ولذلك لا يكون استصحاب عدم الفرد الطويل معارضا لاستصحاب بقاء الكلّي.

ومنها : أنّ استصحاب الكلّي معارض باستصحاب عدم الفرد الطويل إلى ظرف الشكّ في بقاء الكلّي ؛ لأنّ عدم الكلّي عبارة عن عدم كلا فرديه ، والفرد القصير الأمد معلوم الانتفاء فعلا بالوجدان والفرد الطويل الأمد محرز الانتفاء فعلا باستصحاب عدمه ، فهذا الاستصحاب بضمّه إلى الوجدان المذكور حجّة على عدم الكلّي فعلا ، فيعارض الحجّة على بقائه المتمثّلة في استصحاب الكلّي.

الاعتراض الخامس : أنّ استصحاب بقاء الكلّي معارض باستصحاب عدم الفرد الطويل من جهة الأثر الشرعي المفروض ترتّبه على الكلّي ؛ وذلك لأنّ استصحاب الكلّي نريد به إثبات بقاء الكلّي في ظرف ارتفاع الفرد القصير من أجل إثبات الأثر

٣٥٨

الشرعي المترتّب على الكلّي ، والمفروض أنّ الكلّي إنّما يثبت بقاؤه بإثبات بقاء أحد فرديه ؛ لأنّ الكلّي لا يوجد ولا يبقى إلا ضمن الفرد ، ولكن انتفاء الكلّي لا يكون إلا بانتفاء كلا فرديه في الخارج.

وعليه فإثبات بقاء الكلّي غير ممكن لعدم العلم بحدوث الفرد الطويل ، وأمّا إثبات انتفائه فهو ممكن ؛ لأنّ كلا فرديه منتفيان.

أمّا الفرد القصير فهو منتف وجدانا لانتهاء أمده.

وأمّا الفرد الطويل فهو منتف تعبّدا بالاستصحاب أي باستصحاب عدم الفرد الطويل ، فإذا ضممنا الوجدان إلى التعبّد كانت النتيجة أنّه لا وجود للأفراد في الخارج ، ومع عدم وجودها لا يمكن بقاء الكلّي ؛ لأنّ وجوده في نفسه مستقلاّ عن الأفراد مستحيل.

وبذلك يكون استصحاب عدم الفرد الطويل محقّقا لموضوع عدم الكلّي بعد ضمّه إلى الوجدان ، فيكون معارضا لاستصحاب بقاء الكلّي ؛ لأنّ الأوّل ينفي وجود الكلّي وبالتالي ينفي موضوع الأثر الشرعي ، بينما الثاني يثبت موضوع الأثر الشرعي ، ومع التعارض يحكم بالتساقط.

وبتعبير آخر : إنّ انتفاء الكلّي يتحقّق بانتفاء كلا فرديه ، وهنا الفرد القصير منتف بالوجدان والفرد الطويل منتف بالتعبّد الاستصحابي ، فإذا ضممنا الوجدان إلى التعبّد تنقّح عدم الكلّي ، وبذلك يرتفع موضوع الأثر الشرعي المترتّب على الكلّي ، وبالتالي يكون استصحاب الكلّي معارضا بهذا الاستصحاب ؛ لأنّ هذا يثبت موضوع الأثر وذاك ينفيه ومع التعارض يحكم بالتساقط.

والتحقيق : أنّه تارة يكون وجود الكلّي بما هو وجود له كافيا في ترتّب الأثر على نحو لو فرض ـ ولو محالا ـ وجود الكلّي لا في ضمن حصّة خاصّة لترتّب عليه الأثر.

وأخرى لا يكون الأثر مترتّبا على وجود الكلّي إلا بما هو وجود لهذه الحصّة ولتلك الحصّة على نحو تكون كلّ حصّة موضوعا للأثر الشرعي بعنوانها.

والتحقيق في الجواب : أنّ استصحاب الكلّي واستصحاب عدم الفرد الطويل لا معارضة بينهما ؛ وذلك لعدم وحدة الموضوع فيهما ، فإنّ مورد جريان أحدهما

٣٥٩

يختلف عن مورد جريان الآخر ، فإذا جرى استصحاب الكلّي لم يجر استصحاب عدم الفرد الطويل من جهة عدم تحقّق موضوعه ، وكذا العكس ، ولا حكومة بينهما أصلا.

وتوضيح ذلك : أنّ الأثر الشرعي المترتّب على الكلّي يمكن تصوّره بأحد نحوين :

الأوّل : أن يكون الأثر الشرعي مترتّبا على عنوان الكلّي بما هو في نفسه ، أي على نحو صرف الوجود ، سواء كان موجودا في الفرد والحصّة أم لم يكن موجودا فيهما ، وإن كان وجوده لا في ضمن الفرد أو الحصّة محالا ، إلا أنّ الغرض هو بيان أنّ الأثر تابع للكلّي بصرف وجوده وليس مترتّبا على الكلّي الموجود في الفرد أو الحصّة بهذا القيد.

الثاني : أن يكون الأثر الشرعي مترتّبا على عنوان الكلّي بما هو في الحصّة والفرد أي على نحو مطلق الوجود ، فكلّ فرد أو حصّة من الكلّي تكون موضوعا للأثر الشرعي تبعا لوجود الكلّي فيها أي تبعا لمطلق وجوده فيها.

والفرق بين النحوين أنّ الأثر الشرعي على الأوّل واحد ؛ لأنّه مترتّب على الكلّي بنحو صرف وجوده ، وصرف الوجود لا يتعدّد ولا يتكثّر ، وبالتالي لا يتعدّد الحكم والأثر ؛ لعدم تعدّد معروضه ، بينما على الثاني يكون الأثر الشرعي متعدّدا ومتكثّرا ؛ لأنّه تابع لمطلق وجود الكلّي فكلّ وجود للكلّي له أثر ، وهذا يعني أنّ كلّ فرد وحصّة له أثر شرعي لوجود الكلّي فيه ، فيتعدّد الحكم والأثر لتعدّد المعروض.

وعلى هذا نقول :

فعلى الأوّل يجري استصحاب الكلّي لإثبات موضوع الأثر ، ولا يمكن نفي صرف الوجود للكلّي باستصحاب عدم الفرد الطويل مع ضمّه إلى الوجدان ؛ لأنّ انتفاء صرف الوجود للكلّي بانتفاء هذه الحصّة وتلك عقلي وليس شرعيّا.

وعلى الثاني لا يجري استصحاب الكلّي في نفسه ؛ لأنّه لا ينقّح موضوع الأثر ، بل بالإمكان نفي هذا الموضوع باستصحاب عدم الفرد الطويل الأمد مع ضمّه إلى الوجدان القاضي بعدم الفرد الآخر ؛ لأنّ الأثر أثر للحصص فينفى بإحراز عدمها ولو بالتلفيق من التعبّد والوجدان.

أمّا النحو الأوّل : وهو ما إذا كان الأثر مترتّبا على الكلّي بنحو صرف الوجود ،

٣٦٠