دروس في مسائل علم الأصول - ج ٥

آية الله الميرزا جواد التبريزي

دروس في مسائل علم الأصول - ج ٥

المؤلف:

آية الله الميرزا جواد التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات دار الصديقة الشهيدة عليها السلام
المطبعة: نگين
الطبعة: ٢
ISBN: 978-964-8438-09-3
ISBN الدورة:
978-964-94850-1-0

الصفحات: ٤١٦

خاتمة

لا بأس ببيان النسبة بين الاستصحاب وسائر الأصول العملية ، وبيان التعارض بين الاستصحابين.

أما الأول ـ فالنسبة بينه وبينها هي بعينها النسبة بين الأمارة وبينه فيقدم عليها ولا مورد معه لها [١] للزوم محذور التخصيص إلّا بوجه دائر في العكس وعدم محذور فيه أصلا هذا في النقلية منها ...

______________________________________________________

تقدم الاستصحاب على البراءة الشرعية

[١] ذكر قدس‌سره في وجه تقديم الاستصحاب على الاصول الشرعية كالبراءة الشرعية أنه لا يلزم من تقديم الاستصحاب على البراءة الشرعية لانتفاء الموضوع للبراءة الشرعية في مورد يجري الاستصحاب فيه في ناحية بقاء التكليف أو بقاء الموضوع له بخلاف ما إذا قدم فيه خطاب البراءة الشرعية فإنه يوجب التخصيص في خطابات «لا تنقض» من غير وجه لذلك التخصيص إلّا بوجه دائر كما تقدم نظيره في وجه تقديم الأمارة المعتبرة في مورد على الاستصحاب فيه حيث لا يبقى مع شمول دليل اعتبار الأمارة لتلك الأمارة لا يبقى فيه موضوع للاستصحاب بخلاف العكس على ما مر.

وذكر قدس‌سره في تعليقته على الرسالة في توجيه ورود الاستصحاب على البراءة الشرعية بأن المرفوع في «ما لا يعلمون» التكليف المجهول من جميع الجهات وإذا كان للتكليف المفروض حالة سابقة فبشمول خطابات «لا تنقض» لذلك المورد يكون بقاء التكليف معلوما من جهة تنجزه فيرتفع الموضوع للبراءة الشرعية بمعلومية تنجز التكليف المجهول فلا يكون في البين محذور بخلاف ما إذا قدم حديث «رفع ما لا يعلمون» في الفرض فإنه يتوقف على تخصيص خطابات

٤٠١

وأما العقلية فلا يكاد يشتبه وجه تقديمه عليها ، بداهة عدم الموضوع معه لها ، ضرورة أنه إتمام حجة وبيان ومؤمّن من العقوبة وبه الأمان ، ولا شبهة في أن الترجيح به عقلا صحيح.

______________________________________________________

«لا تنقض» في ذلك المورد مع أن المفروض عدم المخصص لها غير شمول «ما لا يعلمون» المتوقف شموله على تخصيصها.

ولكن لا يخفى أن جعل الموضوع للبراءة هو التكليف المجهول ظاهره كون الوصف بلحاظ نفس التكليف وإرجاع الجهل إلى تنجزه من جعل الوصف بحال المتعلق وهو خلاف الظاهر وإن اريد أن الموضوع للبراءة هو التكليف المجهول من جميع جهات نفسه وأن لا يعلم حتى ثبوته سابقا فلازمه خروج موارد الاستصحاب عن موضوع البراءة تخصصا لا بالورود وأما توجيه الورود بدعوى أن المراد من العلم في أخبار الاستصحاب والبراءة مثل «كل شيء حلال حتى تعلم أنه حرام» (١) والمراد من الشك اللاحجة فيرد عليه أن معنى العلم الانكشاف ، والجهل خلافه وظاهر الشك الترديد والاحتمال سواء اريد بالحجة المنجز للتكليف خاصة أو الأعم من المنجز والمعذّر ، أضف إلى ذلك أنه يستلزم أن تكون أدلة البراءة الشرعية إرشادات إلى البراءة العقلية فإن العقاب على تكليف لم تقم عليه حجة عقاب بلا بيان وعلى ذلك فلا تكون خطابات للبراءة الشرعية ليقال : إنها تعارض الأخبار الواردة في الأمر بالاحتياط في الشبهات.

فالصحيح أنه لا مجال للبراءة الشرعية في الشبهات الموضوعية مع جريان الاستصحاب فيها ، وكذا في الشبهات الحكمية إذا قيل بجريان الاستصحاب فيها

__________________

(١) الوسائل ٢ : ٦٠ ، الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٤.

٤٠٢

.................................................................................................

______________________________________________________

حيث تكون خطابات «لا تنقض» في موارد جريان الاستصحاب حاكمة على خطابات البراءة الشرعية مثل : «رفع عن امتي ما لا يعلمون» و «كل شيء حلال حتى تعرف الحرام» فإن مدلول النهي عن نقض اليقين بالشك اعتبار العلم بالحالة السابقة علما ببقائها ما لم يعلم خلافها ، وإذا كان علم للمكلف ببقائها في موارد الاستصحاب ببقاء الموضوع للتكليف كما في الشبهات الموضوعية أو بنفس بقاء التكليف كما في موارد الاستصحاب في ناحية بقاء التكليف لا يكون في جهل وشك في التكليف لتجري البراءة في التكليف المشكوك على ما تقدم في تقرير الحكومة هذا مع تقديم الاستصحاب في بعض أخبار النهي عن نقض اليقين بالشك على البراءة الشرعية كالأخبار الواردة في بقاء الشهر.

وقد ذكرنا أن ما ذكر الماتن قدس‌سره من أن الوجه في تقديم الاستصحاب على البراءة الشرعية بعينه الوجه الذي ذكر في تقديم دليل اعتبار الأمارة على خطابات النهي عن نقض اليقين بالشك من أن تقديم خطابات النهي عن نقض اليقين بالشك على خطابات البراءة الشرعية لا يستلزم محذورا ولكن تقديم خطابات البراءة على خطاب النهي عن نقض اليقين بالشك يستلزم المحذور وهو الالتزام بالتخصيص في خطاب النهي بوجه دائر لا يمكن المساعدة عليه فانه بناء على أن المنهي عنه جعل الشك ناقضا لليقين السابق يكون رفع اليد عن اليقين بالعلم برفع التكليف المحتمل بقاء لا بنفس الشك هذا كلّه بالإضافة إلى البراءة الشرعية.

في تقدم الاستصحاب على البراءة العقلية وأصالة التخيير

وأما بالإضافة إلى البراءة العقلية فلا ينبغي التأمل في أنّه مع جريان الاستصحاب في ناحية بقاء التكليف لا يبقى موضوع للبراءة العقلية حقيقة حيث

٤٠٣

وأما الثاني ـ فالتعارض بين الاستصحابين إن كان لعدم إمكان العمل بهما [١] بدون علم بانتقاض الحالة السابقة في أحدهما كاستصحاب وجوب أمرين حدث بينهما التضاد في زمان الاستصحاب ، فهو من باب تزاحم الواجبين.

______________________________________________________

لا يكون مع جريانه العقاب على مخالفة التكليف المحتمل بقاؤه عقابا بلا بيان سواء قيل بأن مقتضى أخبار النهي عن نقض اليقين بالشك هو اعتبار اليقين السابق يقينا بالبقاء أو إيجاب العمل على طبقه بأن يجعل على مقتضاه حكما ظاهريا طريقيا على ما تقدم سابقا أو جعل اليقين السابق مع الجهل بالبقاء منجزا بالإضافة إلى بقاء التكليف حيث إن الاستصحاب الجاري فيه على كل تقدير يكون بيانا ومصححا للعقاب على مخالفة التكليف على تقدير بقائه واقعا.

وأما أصالة التخيير فقد ذكرنا أن مرجعها إلى أصالة البراءة في ناحية كل من احتمال الحرمة والوجوب ومع جريان الاستصحاب في ناحية أحدهما بعينه لا يبقى في ذلك المعين شك ثبوتا أو نفيا ولا يكون العقاب فيه عقابا بلا بيان.

في تعارض الاستصحابين

[١] تعرض قدس‌سره لحكم تعارض الاستصحابين وذكر له صورا :

الصورة الاولى ـ أنه قد لا يكون بين الاستصحاب في مورد والاستصحاب في مورد آخر علم بانتقاض الحالة السابقة في أحدهما بأن احتمل بقاء الحالة السابقة في كلا الموردين ، ولكن لا يتمكن المكلف من الجمع بين الاستصحابين في العمل نظير عدم تمكنه من الجمع من امتثال التكليفين في سائر موارد التزام كما إذا علم المكلف بنجاسة كل من المسجدين واحتمل بقاءهما على نجاسته مع عدم تمكنه إلّا من تطهير أحدهما وكما إذا علم بنجاسة المسجد واحتمل بقاءه على النجاسة وعلم أيضا بوجوب الصلاة عليه واحتمل قبل خروج الوقت بقاء الاشتغال بها مع عدم

٤٠٤

وإن كان مع العلم بانتقاض الحالة السابقة في أحدهما ، فتارة يكون المستصحب في أحدهما من الآثار الشرعية لمستصحب الآخر ، فيكون الشك فيه مسببا عن الشك فيه ، كالشك في نجاسة الثوب المغسول بماء مشكوك الطهارة وقد كان طاهرا ، وأخرى لا يكون كذلك.

______________________________________________________

تمكنه من الجمع بين الصلاة وتطهيره قبل خروج الوقت وفي هذه الصورة يجري أحكام التزاحم حيث إنه لا تختلف أحكامه بين ثبوت كل من التكليفين وجدانا أو بالتعبد ولو كان أحد التكليفين أهم أو محتمل الأهمية فيقدم في الامتثال ، وما يظهر من بعض المعلقين على الكفاية بأنه لا عبرة بالأهمية أو احتمالها بعد كون المجعول في كل من الواقعتين النهي عن نقض اليقين بالشك كما ترى فإن النهي عن نقض اليقين ليس تكليفا نفسيا ليقال لا ترجيح لأحدهما على الآخر بل هو طريقي أو إرشادي إلى اعتبار اليقين السابق في ظرف الشك في البقاء ؛ ولذا يتنجز الواقع على تقدير البقاء فالعبرة بالواقع المحتمل الذي تنجز على تقديره نظير ما إذا ورد الأمر بالاحتياط في كل من واقعتين مشتبهتين ووقع في رعاية الاحتياط في كل منهما التزاحم وعلى الجملة العبرة بالتكليف المتنجز على تقديره.

الصورة الثانية ـ ما إذا علم بانتقاض الحالة السابقة في أحدهما ولكن يكون الشك في أحد الموردين سببيا ، وفي الآخر منهما مسببا والمراد بالشك السببي والمسببي أن يكون المشكوك في أحد الموردين حكما ونفس ذلك المشكوك ، وفي الآخر منهما موضوعا لحكم آخر فإنه مع جريان الاستصحاب في ناحية المشكوك الآخر وإحرازه نفيا أو إثباتا يحرز الموضوع للحكم الآخر نفيا أو إثباتا ولا يبقى شك في الحكم الآخر ليجري فيه الاستصحاب كما إذا توضأ المحدث بالأصغر بالماء الذي يشك في طريان النجاسة على ذلك الماء فإنه بجريان الاستصحاب في ناحية

٤٠٥

فإن كان أحدهما أثرا للآخر ، فلا مورد إلّا للاستصحاب في طرف السبب ، فإن الاستصحاب في طرف المسبب موجب لتخصيص الخطاب ، وجواز نقض اليقين بالشك في طرف السبب بعدم ترتيب أثره الشرعي ، فإن من آثار طهارة الماء طهارة الثوب المغسول به ورفع نجاسته ، فاستصحاب نجاسة الثوب نقض لليقين بطهارته ، بخلاف استصحاب طهارته ، إذ لا يلزم منه نقض يقين بنجاسة الثوب

______________________________________________________

طهارة الماء يحرز الوضوء بماء طاهر فلا يبقى شك في ارتفاع حدثه لكون الوضوء بماء طاهر رافعا له هذا بناء على أن مقتضى خطابات النهي عن نقض اليقين بالشك هو اعتبار اليقين بالحالة السابقة يقينا ببقائها ظاهر واضح ، وكذا بناء على أن مفادها اعتبار اليقين السابق حجة لبقاء الحالة السابقة ؛ لأن جريان الاستصحاب في ناحية الأصل السببي بلا محذور بخلاف جريانه في ناحية الأصل المسببي حيث إن جريانه فيه موقوف على تخصيص خطابات الاستصحاب في ناحية الأصل السببي وعدم جريانه فيه موقوف على جريان الأصل المسببي وبعبارة اخرى التعبد بالموضوع مقتضاه التعبد بحكمه ومع التعبد بالحكم يثبت ذلك الحكم فلا يبقى مجال للأصل في ناحية نفس الحكم.

ويجري هذا الكلام في كل أصل عملي كان مفاده التعبد بموضوع الحكم الآخر نفيا وإثباتا فإنه معه لا يجري الاستصحاب ولا غيره من الأصل في ناحية نفس ذلك الحكم الآخر فيحكم بطهارة الثوب المتنجس المغسول بماء جرى فيه استصحاب عدم ملاقاته للنجاسة أو أصالة الطهارة ولا مجال في ناحيته لاستصحاب النجاسة.

وقد يقال : من هذا القبيل ما إذا شك في حيوان مذبوح أنه غنم أو ذئب مثلا وأنه مع جريان أصالة الحلية في ذلك المذبوح يترتب عليه جواز الصلاة في أجزائه وتوابعه ؛ لأن جواز الصلاة في أجزاء الحيوان وتوابعه مترتب على حلية أكل لحم

٤٠٦

بالشك ، بل باليقين بما هو رافع لنجاسته ، وهو غسله بالماء المحكوم شرعا بطهارته.

وبالجملة فكل من السبب والمسبب وإن كان موردا للاستصحاب ، إلّا أنّ الاستصحاب في الأوّل بلا محذور ، بخلافه في الثاني ففيه محذور التخصيص بلا وجه إلّا بنحو محال ، فاللازم الأخذ بالاستصحاب السببي ، نعم لو لم يجر هذا الاستصحاب بوجه لكان الاستصحاب المسببي جاريا ، فإنه لا محذور فيه حينئذ

______________________________________________________

الحيوان وأنها في المفروض محرزة بأصالة الحلية ، ولكن يمكن المناقشة فيه بما ذكرنا في بحث لباس المشكوك أن جواز الصلاة مترتب على حلية أكل لحم الحيوان بعنوانه لا بالعنوان الطاري عليه كالاضطرار إلى أكله أو كونه مشكوكا ولا يثبت الموضوع للجواز بأصالة الحلية. نعم ، لو جرى في المذبوح المفروض الاستصحاب في عدم جعل الحرمة لأكل لحمه لا يبعد الحكم بجواز الصلاة في توابعه ؛ لأن الموضوع للمانعية عن الصلاة أجزاء وتوابع ما نهى عن أكله والاستصحاب المفروض يمنع الموضوع للمانعية ، وأيضا لا تجري الأصالة في مشكوك يحتمل وجوده لا يكون مفاد خطاب اعتبار ذلك الأصل العلم بذلك المشكوك وكان مفاد الأصل الآخر العلم به كما تقدم ذلك في وجه تقديم الاستصحاب على أصالتي البراءة والحلية حيث إنه إذا جرى الاستصحاب في ناحية حرمة الشيء أو حليته لا يبقى مجال لهما. نعم ، لو لم يجري الأصل الحاكم في مورد للمانع كالابتلاء بالمعارض جرى الأصل المسببي كما إذا توضأ المحدث بأحد ماءين يعلم بتنجس أحدهما أو غسل ثوبه المتنجس بأحدهما فإنه إذا لم يجر الاستصحاب في ناحية طهارة الماء المغسول ولا أصالة الطهارة يجري الاستصحاب في ناحية بقاء حدثه أو نجاسة ثوبه ومن هذا القبيل ما لو علم إجمالا بنجاسة ثوبه أو مائه فلا يحكم بطهارة شيء منهما فلا يجوز الوضوء وغسل ثوبه المتنجس بذلك الماء كما لا يجوز لبس ذلك الثوب في

٤٠٧

مع وجود أركانه وعموم خطابه.

وإن لم يكن المستصحب في أحدهما من الآثار للآخر ، فالأظهر جريانهما فيما لم يلزم منه محذور المخالفة القطعية للتكليف الفعلي المعلوم إجمالا ، لوجود المقتضي إثباتا وفقد المانع عقلا.

أما وجود المقتضي ، فلإطلاق الخطاب وشموله للاستصحاب في أطراف المعلوم بالإجمال ، فإن قوله عليه‌السلام في ذيل بعض أخبار الباب : (ولكن تنقض اليقين باليقين) لو سلم أنه يمنع عن شمول قوله عليه‌السلام في صدره : (لا تنقض اليقين بالشك)

______________________________________________________

صلاته ، ولكن يجوز شرب ذلك الماء لأصالة الحلية فإن أصالة الحلية أصل مسببي يختص جريانه بالماء ولا مورد لها في ناحية الثوب لأن ظاهر «كل شيء حلال» الحلية التكليفية التي لا مجال لها في ناحية الثوب ؛ لأنه لا يحرم لبس اللباس النجس وإنما يكون مانعا عن الصلاة وبعد تعارض كل من استصحاب الطهارة وأصالتها في ناحية الماء واللباس وكذا أصالة البراءة عن حرمة شرب الماء وعدم مانعية الثوب عن الصلاة تجري أصالة الحلية في شرب الماء بلا معارض على ما تقدم في بحث قاعدة الاشتغال.

الصورة الثالثة ـ ما إذا علم انتقاض الحالة السابقة في أحد الموردين ولكن لم يكن الاستصحاب في أحدهما أصلا سببيا وفي الآخر مسببيا بأن لم يترتب أحد المشكوكين على الآخر ثبوتا أو نفيا بترتب شرعي كما إذا كان كل من الإناءين نجسا وعلم بوقوع المطهر لأحدهما فإنه يجري الاستصحاب في ناحية بقاء كل منهما على تنجسه حيث إن الموجب للتعارض بين الأصلين التنافي في مدلولهما أو لزوم الترخيص القطعي في مخالفة التكليف المحرز في أحدهما وهذا المحذور غير لازم في جريان الاستصحاب في ناحية نجاسة كل منهما ويترتب على إحراز النجاسة في

٤٠٨

لليقين والشك في أطرافه ، للزوم المناقضة في مدلوله ، ضرورة المناقضة بين السلب الكلي والإيجاب الجزئي ، إلّا أنه لا يمنع عن عموم النهي في سائر الأخبار مما ليس فيه الذيل ، وشموله لما في أطرافه ، فإنّ إجمال ذاك الخطاب لذلك لا يكاد يسري إلى غيره مما ليس فيه ذلك.

______________________________________________________

كل منهما الحكم بنجاسة الملاقي لكل منهما بخلاف ما إذا لزم من جريان الاستصحاب أو غيره من الأصل النافي الترخيص القطعي في مخالفة التكليف المعلوم بالإجمال كما إذا علم بنجاسة أحد إناءين كان كل منهما طاهرا فإنه يسقط في جميع الأطراف الاصول النافية ولزوم المخالفة الالتزامية في الفرض السابق لا محذور فيه وإنما المحذور في الترخيص القطعي في المخالفة القطعية للتكليف الواقعي الواصل بالعلم الإجمالي ، ولكن ذكر الشيخ قدس‌سره عدم جريان الاستصحاب في أطراف العلم الإجمالي سواء كان الأصل الجاري فيها مثبتا للتكليف أو نافيا بدعوى أن شمول أخبار لا تنقض لكل من أطراف العلم يوجب التناقض بين صدرها وذيلها فإن النهي عن نقض اليقين بالشك في كل واحد من الأطراف يناقضه ما في ذيلها من لزوم نقض اليقين السابق في البعض الذي انتقض فيه اليقين السابق ومعلوم ذلك للمكلف يقينا لزوم مناقضة الموجبة الجزئية مع السالبة الكلية.

والجواب عن ذلك بوجهين :

الأوّل ـ أن ما ورد في ذيل بعض الأخبار من الأمر بنقض اليقين باليقين ليس حكما تعبديا بل لانتهاء الموضوع للاستصحاب حيث إن الاستصحاب حكم ظاهري فلا يكون له موضوع مع العلم بالواقع والمفروض أن الموضوع للاستصحاب في كل من الأطراف في نفسه موجود ولا علم بالخلاف في كل منها في نفسه.

والثاني ـ لو فرض حصول الإجمال للأخبار التي ورد فيها هذا الذيل ولم يعلم

٤٠٩

وأما فقد المانع ، فلأجل أن جريان الاستصحاب في الأطراف لا يوجب إلّا المخالفة الالتزامية ، وهو ليس بمحذور لا شرعا ولا عقلا.

ومنه قد انقدح عدم جريانه في أطراف العلم بالتكليف فعلا أصلا ولو في بعضها ، لوجوب الموافقة القطعية له عقلا ، ففي جريانه لا محالة يكون محذور المخالفة القطعية أو الاحتمالية ، كما لا يخفى.

______________________________________________________

أن موارد العلم الإجمالي فيها داخل في الصدر وخارج عن الذيل أو بالعكس فتسقط تلك الأخبار عن الاعتبار في أطراف العلم الإجمالي لإجمالها بالإضافة إلى أطرافه ، وأما الأخبار التي لم يرد فيها ذلك الذيل فيؤخذ بها في أطراف العلم الإجمالي.

وقد تحصل أن المانع عن جريان الاصول النافية في أطراف العلم الإجمالي هو لزوم الترخيص القطعي في المخالفة القطعية للتكليف الواصل بالعلم الإجمالي وأما الترخيص في البعض فأمر ممكن ولكن يحتاج البعض إلى التعيين ومع كون مفاد الأصل بالإضافة إلى كون الأطراف على السواء لا يجري في شيء منهما ، وظهر أيضا أن ملاك التعارض في الأمارات مثل الخبر غير ملاك التعارض في الاصول العملية حيث إن قيام خبر الثقة على حكم لموضوع ينفي مدلول الخبر الآخر مع العلم الإجمالي بعدم ثبوت مدلولهما معا في الواقع فلا يمكن اعتباره علما بالواقع مع نفي الآخر مدلوله بخلاف الأصل فإنه لا يثبت إلّا مدلوله ومفاده ولا ينفي مفاد الآخر ، وعلى ذلك فلا بأس بالأخذ بهما معا إذا لم يستلزم المخالفة العملية.

٤١٠

الفهرس

دوران الأمر بين المشروط بشيء ومطلقه............................................. ٥

في دوران الواجب بين كونه تعيينيا أو تخييريا.......................................... ٨

في دوران امر الفعل بين كونه مسقطا للواجب أو عدلا له.............................. ٩

حكم الايتمام ممن لا يتمكن من القراءة الصحيحة.................................. ١٣

الأصل فيما إذا شك في جزئية شيء أو شرطيته..................................... ١٦

في أن مقتضى أصالة البراءة عدم إطلاق جزئية الشيء أو شرطيته..................... ٢٣

في الشك في مانعية الزيادة في الجزء والشرط......................................... ٢٤

في مبطلية الزيادة في الصلاة ونحوها................................................ ٢٧

التمسك باستصحاب الصحة عند الشك في مانعية الزيادة........................... ٣٠

التمسك باستصحاب الصحة في موارد الشك في القاطعية............................ ٣٢

لو علم بجزئية شيء أو شرطيته في الجملة........................................... ٣٣

في قاعدة الميسور............................................................... ٣٩

٤١١

الاستدلال لقاعدة الميسور بحديث الميسور لا يسقط بالمعسور......................... ٤١

في دوران الأمر بين جزئية الشيء أو شرطيته وبين مانعيته أو قاطعيته................... ٤٦

خاتمة في شرائط الاصول العملية.................................................. ٤٨

الاستدلال على اعتبار الفحص في الشبهات الحكمية بالعلم الإجمالي بالتكاليف فيها.... ٥٣

اعتبار الفحص في الرجوع إلى الاصول في الشبهات الحكمية.......................... ٥٥

في عدم اعتبار الفحص في الشبهات الموضوعية..................................... ٧٣

شرطان آخران للبراءة............................................................ ٧٤

في قاعدة نفي الضرر............................................................ ٧٩

كون المنفي هو الفعل الضرري أو الحكم والتكليف الضرريين......................... ٨٥

فيما قيل بأن المراد من نفي الضرر والضرار تحريمهما.................................. ٩١

في كون المستفاد من نفي الضرر والضرار حكم شرعي............................... ٩٤

في توجيه الحكم الوارد في قضية سمرة............................................... ٩٦

كثرة التخصيص في قاعدة لا ضرر.............................................. ١٠٣

موارد حكومة قاعدة نفي الضرر ، وإن المراد بالضرر الضرر الواقعي.................. ١٠٦

الاستصحاب................................................................. ١٢١

في الفرق بين المسألة الاصولية والمسألة الفقهية.................................... ١٢٦

في جريان الاستصحاب في الشبهة الحكمية وعدمه................................ ١٢٩

٤١٢

في اختصاص اعتبار الاستصحاب بمورد الشك في الرافع وعدمه..................... ١٤٣

المراد من النهي عن نقض اليقين بالشك في أخبار لا تنقض......................... ١٤٤

المراد من النهي عن نقض اليقين بالشك في الصحيحة وغيرها....................... ١٤٧

التفصيل بين موارد الشك في الرافع والمقتضي وبيان المراد منهما...................... ١٤٨

الاستدلال على الاستصحاب بصحيحة زرارة الثانية............................... ١٥٢

تعليل عدم لزوم الإعادة بالاستصحاب في طهارة الثوب حال الصلاة................. ١٥٦

عدم الفرق في المقام بين الالتزام بشرطية طهارة الثوب والبدن أو مانعية نجاستهما....... ١٥٩

عدم دلالة الصحيحة الثالثة على اعتبار الاستصحاب............................. ١٦٢

الاستدلال على اعتبار الاستصحاب بحديث الأربعمائة............................ ١٦٨

في إمكان شمول الروايات لقاعدة الطهارة والحلية وبيان الحكم الواقعي للأشياء.......... ١٧٥

في السببية والشرطية والمانعية لنفس التكليف...................................... ١٩٣

في القسم الثالث من الأحكام الوضعية........................................... ١٩٦

القسم الثالث من الحكم الوضعي................................................ ١٩٩

جريان الاستصحاب في الأحكام الوضعية وعدمه.................................. ٢٠١

في عدم جريان الاستصحاب في القسم الأول من الأحكام الوضعية.................. ٢٠٢

تنبيهات الاستصحاب......................................................... ٢٠٨

جريان الاستصحاب في مورد ثبوت الحالة السابقة بالأمارة.......................... ٢١٧

٤١٣

جريان الاستصحاب في مورد ثبوت الحالة السابقة بالأصل العملي................... ٢١٩

في جريان الاستصحاب في أقسام الكلي......................................... ٢٢٣

جريان الاستصحاب في القسم الثاني من الكلي................................... ٢٢٥

الإشكال في جريان الاستصحاب في القسم الثاني من الكلي........................ ٢٢٧

كلام العراقي قدس‌سره في الفرق بين الاستصحاب في القسم الثاني من الكلي وبين الاستصحاب في الفرد المردد         ٢٣٦

عدم الفرق بين جريان الاستصحاب في القسم الثاني من الكلي وبين ما سمّاه بالفرد المردد ٢٣٨

موارد جريان الاستصحاب في الفرد الذي سمّوه بالفرد المردد.......................... ٢٤٠

عدم جريان الاستصحاب في القسم الثالث من الكلي.............................. ٢٤٤

عدم جريان الاستصحاب في القسم الثالث من الكلي ولو احتمل حدوث فرد آخر مع حدوث الفرد المقطوع زواله      ٢٤٩

هل مقتضى الاستصحاب في عدم تذكية الحيوان بعد زهوق روحه كونه ميتة أم لا؟..... ٢٥٠

جريان الاستصحاب في القسم الرابع............................................. ٢٥٤

عدم جريان الاستصحاب في القسم الثالث من الكلي مع تخلل العدم بين الفردين...... ٢٥٨

جريان الاستصحاب في التدريجيات.............................................. ٢٦٠

عدم جريان الاستصحاب في الشبهات المفهومية بلا فرق بين عناوين الأزمنة

٤١٤

وغيرها...................................................................... ٢٦٨

جريان الاستصحاب في الزمان فيما إذا شك في الفعل المقيد........................ ٢٦٩

إحراز بقاء التكليف المتعلق بالفعل المقيد بالزمان بالاستصحاب في ناحية الزمان المشروط به التكليف ٢٧١

كفاية الاستصحاب في الزمان بمفاد كان التامة في إحراز تحقق الفعل المقيد بالزمان..... ٢٧٢

الشك في التكليف بعد انقضاء الزمان الذي كان قيدا للواجب...................... ٢٧٤

في عدم جريان الاستصحاب في وجوب الفعل المقيد بزمان بعد انقضاء ذلك الزمان..... ٢٧٧

عدم جريان الاستصحاب في بقاء التكليف مع عدم الدليل على إطلاقه.............. ٢٧٨

الاستصحاب في الحكم التعليقي................................................ ٢٨٤

ما قيل في تقرير جريان الاستصحاب في الأحكام التعليقية.......................... ٢٨٨

في الجواب عما قيل في جريان الاستصحاب في الأحكام التعليقية.................... ٢٩٠

في عدم اعتبار الاستصحاب بالإضافة إلى اللازم العقلي والعادي والمعارضة بين الاستصحابين على تقدير القول به      ٣٠٩

الفرق بين الأمارة والأصل...................................................... ٣١٤

الموارد التي وقع الخلاف فيها في الاصول الجارية فيها................................ ٣١٩

في تعاقب الحالتين والشك في المتقدم منهما....................................... ٣٥٢

في ما ورد في إهراق الإناءين مع انحصار الماء فيهما................................. ٣٥٦

٤١٥

الاستصحاب في صحة العمل عند الشك في مانعية شيء فيه....................... ٣٦٠

في التمسك بالعام بعد ورود التخصيص فيه في زمان............................... ٣٦٩

جريان الاستصحاب في موارد الظن غير المعتبر..................................... ٣٨١

اعتبار بقاء الموضوع في جريان الاستصحاب وبيان المراد من بقائه.................... ٣٨٣

عدم جريان الاستصحاب في موارد الأمارات المعتبرة................................ ٣٩٤

في حكومة دليل اعتبار الأمارة على خطابات الاستصحاب......................... ٣٩٧

تقدم الاستصحاب على البراءة الشرعية.......................................... ٤٠١

في تقدم الاستصحاب على البراءة العقلية وأصالة التخيير........................... ٤٠٣

في تعارض الاستصحابين....................................................... ٤٠٤

٤١٦