رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز - ج ١

عزّ الدين عبدالرزاق بن رزق الله الرسعني الحنبلي

رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز - ج ١

المؤلف:

عزّ الدين عبدالرزاق بن رزق الله الرسعني الحنبلي


المحقق: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة الأسدي للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٨٥

وهذا كلام مدخول فيه على الواحدي ، فإن «مهما» ليست من أسماء الزمان.

ـ وقال عند قوله تعالى : (جَسَداً لَهُ خُوارٌ) [الأعراف : ١٤٨] : قال ابن الأنباري : ذكر الجسد دلالة على عدم الروح.

قال : وفي هذا بعد ؛ لوجوه. ثم ذكر هذه الوجوه.

ـ وقال عند قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَ) [الممتحنة : ١٠] : ذهب بعض أهل العلم إلى أن قوله تعالى : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) ناسخ لقوله : (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ) وهذا تخصيص لا نسخ. وغيره كثير.

١٩. الإحالات في كتاب «رموز الكنوز» :

أكثر الرسعني في كتابه «رموز الكنوز» من الإحالات على مواضيع ضمن الكتاب ، وذلك روما للاختصار ، ولربط الموضوع الواحد مع بعضه البعض أحيانا أخرى ، وفيما يلي أمثلة لذلك :

ـ قال عند قوله تعالى : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ) [محمد : ٢٢] : وقد سبق في أثناء كتابنا جملة من الأحاديث والآثار الحاضة على صلة الأرحام في البقرة عند قوله : (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى) ، وفي سورة الرعد وغيرهما من المواضع ، فتطلب ذلك وأمثاله في مظانه.

ـ وقال عند قوله تعالى : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) [القمر : ٤٩] : وقد ذكرت في أثناء كتابي هذا أنواعا من الأدلة الدالة على بطلان مذهبهم ، ولولا خشية الإطالة لذكرت في إقامة حجج الله عليهم من الكتاب والسنة وإجماع الأمة ما يملأ

٨١

أوراقا كثيرة ، لكن في هذا القدر كفاية لمن أراد الله هدايته.

ـ وقال عند قوله تعالى : (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ) [المجادلة : ١١] : وهذه الآية من جملة دلائل فضل العلم وأهله ، وفي ذلك من الآثار والأخبار والدلائل العقلية ما لو ذكرت شطره لطال الكتاب ، فتطلّب ذلك في أماكنه ومظانّه تجده.

ـ وقال عند قوله تعالى : (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ) [الحشر : ١٠] : وقد ذكرت في أثناء كتابي هذا من فضائحهم ـ أي الرافضة ـ ، وقبائحهم ، ودلائل ضلالهم وكفرهم ، ما أرجوا به القربى إلى الله ، والزلفى لديه يوم ألقاه. وغيره كثير.

٨٢

المبحث الثالث

موارد الرسعني في كتابه : «رموز الكنوز»

٨٣
٨٤

موارد الرسعني في كتابه : «رموز الكنوز»

تمثّل النقول المختلفة المادة الرئيسية لهذا الكتاب ، حيث إن المؤلف وجد تراثا ضخما من كتب التفسير التي ألفت قبله ، لذا تبدو أهمية الكتاب في الجمع والتنسيق ، ومناقشة بعض الآراء ومعاضدتها أو تفنيدها ، عليه فإننا سنقسم موارد كتاب الرسعني إلى موارد رئيسية وموارد ثانوية.

الموارد الرئيسية :

يأتي كتاب «زاد المسير» لابن الجوزي (ت ٥٩٧ ه‍) في الدرجة الأولى من مصادر الكتاب ، فقد اقتبس الرسعني من تفسير ابن الجوزي كثيرا من الشروح اللغوية للمفردات القرآنية ، وكثيرا من آراء العلماء ، وقد يرد الرسعني على رأي ضعيف بالرد الذي رآه ابن الجوزي ، ولا يشير إلى ذلك إلا نادرا.

ويعد «الكشاف» من المصادر الرئيسية التي كان الرسعني يستقي منها ، ويحاورها ، وقد ورد اسم الزمخشري كثيرا في المناقشات التي خاض فيها الرسعني ، ورد عليه آراءه الاعتزالية.

ويأتي كتاب العكبري «إعراب القرآن» في المرتبة التالية ، والتي استفاد منها الرسعني.

الموارد الثانوية :

وسوف نحاول حصرها ، والتعريف بها قدر المستطاع :

أولا : المؤلفات :

١. الإبانة الكبرى لابن بطة ، عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان العكبري ، المعروف بابن بطة (؟ ـ ٣٨٧ ه‍).

٨٥

٢. الاستيعاب لابن عبد البر ، يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر أبو عمر (٣٦٨ ـ ٤٦٣ ه‍).

٣. الإكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف من الأسماء والكنى والأنساب لابن ماكولا ، علي بن هبة الله بن علي بن جعفر ابن ماكولا الأمير (٤٢١ ـ ٤٧٥ ه‍).

٤. تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ، أحمد بن علي أبو بكر الخطيب البغدادي (٣٩٣ ـ ٤٦٣ ه‍).

٥. تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ، عبد الله بن مسلم بن قتيبة الكوفي (٢١٣ ـ ٢٧٦ ه‍).

٦. تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ، عبد الله بن مسلم بن قتيبة الكوفي (٢١٣ ـ ٢٧٦).

تفسير الماوردي ـ النكت والعيون.

٧. تفسير علي بن فضال بن علي المجاشعي القيرواني (؟ ـ ٤٧٩).

٨. تفسير غريب القرآن لابن قتيبة ، عبد الله بن مسلم بن قتيبة الكوفي (٢١٣ ـ ٢٧٦).

٩. تفسير مقاتل بن حيان ، أبو بسطام البلخي (؟ ـ؟).

١٠. تفسير مقاتل بن سليمان ، لمقاتل بن سليمان بن بشير الأزدي البلخي (؟ ـ ١٥٠ ه‍).

١١. تهذيب اللغة للأزهري ، محمد بن أحمد بن طلحة الأزهري الهروي (؟ ـ ٣٧٠ ه‍).

٨٦

١٢. التوابين لابن قدامة ، عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي (٥٤١ ـ ٦٢٠ ه‍).

١٣. جامع البيان في تأويل القرآن (تفسير الطبري) ، محمد بن جرير بن يزيد الطبري (٢٢٤ ـ ٣١٠ ه‍).

١٤. الجامع للترمذي ، محمد بن عيسى بن سورة (٢٠٩ ـ ٢٧٩ ه‍).

١٥. جمهرة اللغة لابن دريد ، محمد بن حسين بن دريد الأزدي ، (٢٢٣ ـ ٣٢١ ه‍).

١٦. الحجة لابن البنا (؟ ـ؟).

١٧. الحجة للقراء السبعة للفارسي ، الحسن بن أحمد بن عبد الغفار (؟ ـ ٣٧٧ ه‍).

١٨. الزهد لابن المبارك ، عبد الله بن المبارك بن واضح المرزوي (١١٨ ـ ١٨١ ه‍).

١٩. الزهد للإمام أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الشيباني (١٦٤ ـ ٢٤١ ه‍).

٢٠. سنن أبي داود ، سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمران الأزدي السجستاني (٢٠٢ ـ ٢٧٥ ه‍).

٢١. سنن النسائي ، أحمد بن شعيب بن علي بن بحر بن سنان بن دينار ، أبو عبد الرحمن النسائي (٢١٤ أو ٢١٥ ـ ٣٠٣ ه‍).

٢٢. شأن الدعاء للخطابي ، حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي أبو سليمان البستي ، الشافعي (؟ ـ ٣٨٨ ه‍).

٨٧

٢٣. الصحاح للجوهري ، إسماعيل بن حماد الجوهري (؟ ـ ٣٩٣ ه‍).

٢٤. صحيح البخاري ، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري (١٩٤ ـ ٢٥٦ ه‍).

٢٥. صحيح مسلم ، مسلم بن الحجاج بن مسلم أبو الحسن القشيري النيسابوري (٢٠٦ ـ ٢٦١ ه‍).

٢٦. الفنون لابن عقيل ، علي بن عقيل بن محمد البغدادي (٤٣١ ـ ٥١٣ ه‍).

٢٧. الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي ، عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمد الجرجاني (٢٧٧ ـ ٣٦٥ ه‍).

٢٨. الكتاب لسيبويه ، عمرو بن عثمان بن قنبر ، الملقب سيبويه (١٤٨ ـ ١٨٠ ه‍).

٢٩. كشف المشكلات وإيضاح المعضلات للباقولي ، نور الدين علي بن الحسين الباقولي (؟ ـ ٥٤٣ ه‍).

٣٠. الكشف عن وجوه القراءات وعللها لمكي بن أبي طالب حموش المقري القيرواني (؟ ـ ٤٣٧ ه‍).

٣١. الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي (تفسير الثعلبي) ، أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري (؟ ـ ٤٢٧ ه‍).

٣٢. مثير الغرام الساكن إلى أشرف الأماكن لابن الجوزي ، عبد الرحمن بن علي بن الجوزي البغدادي (؟ ـ ٥٩٧).

٣٣. مجاز القرآن لأبي عبيدة ، معمر بن المثنى التيمي (١١٠ ـ ٢٠٩ ه‍).

٣٤. المجروحين لأبي حاتم ، محمد بن حبان البستي (؟ ـ ٣٥٤ ه‍).

٨٨

٣٥. المحتسب في إعراب الشواذ لابن جني ، عثمان بن جني أبو الفتح (؟ ـ ٣٩٢ ه‍).

٣٦. المختصر للخرقي (؟ ـ ٣٣٤ ه‍).

٣٧. المستدرك على الصحيحين للحاكم ، محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري (٣٢١ ـ ٤٠٥ ه‍).

٣٨. مسند الإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (١٦٤ ـ ٢٤١ ه‍).

٣٩. مسند الشافعي ، للإمام محمد بن إدريس الشافعي (١٥٠ ـ ٢٠٤ ه‍).

٤٠. معاني القرآن للأخفش ، سعيد بن مسعدة المجاشعي البلخي البصري ، المعروف بالأخفش الأوسط (؟ ـ ٢١٥ ه‍).

٤١. معاني القرآن للفراء ، يحيى بن زياد بن عبد الله (١٤٤ ـ ٢٠٧ ه‍).

٤٢. معاني القرآن وإعرابه للزجاج ، إبراهيم بن السري (؟ ـ ٣١١ ه‍).

٤٣. معجم مقاييس اللغة لابن فارس ، أحمد بن فارس بن زكريا الرازي اللغوي (٣٢٩ ـ ٣٩٥ ه‍).

٤٤. المقتضب للمبرد ، محمد بن يزيد بن عبد الأكبر المبرد (٢١٠ ـ ٢٨٥).

٤٥. الموطأ للإمام مالك بن أنس الأصبحي ، أبو عبد الله (٩٣ ـ ١٧٩ ه‍).

٤٦. الناسخ والمنسوخ لابن سلامة ، هبة الله بن سلامة بن نصر المقري (؟ ـ ٤١٠ ه‍).

٤٧. النكت والعيون للماوردي ، علي بن محمد بن حبيب (٣٦٤ ـ ٤٥٠ ه‍).

٤٨. الوسيط في تفسير القرآن المجيد للواحدي ، علي بن أحمد النيسابوري (؟ ـ ٤٦٨ ه‍).

٨٩

ثانيا : الإسناد :

اعتنى المؤلف ـ رحمه‌الله ـ بسوق الأحاديث النبوية بأسانيده المتصلة إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، حيث بلغ عدد الأسانيد في كتابه «رموز الكنوز» : (٥٣٦) إسنادا ، وهذا سوى ما هو موجود في الجزء المفقود من الكتاب.

وقد نوّه أهل العلم بهذا الأمر ، وعدّوه ضمن مزايا الكتاب ، فقد قال الذهبي في تاريخ الإسلام (١) : صنف تفسيرا حسنا ، يروي فيه بإسناده.

وقال ابن رجب (٢) : وصنف تفسيرا حسنا في أربع مجلدات ضخمة ، سماه : «رموز الكنوز» ، وفيه فوائد حسنة ، ويروي فيه الأحاديث بإسناده.

وقال ابن بدران (٣) : وهو في أربع مجلدات ، وفيه فوائد حسنة ، ويروي فيه أحاديث بإسناده.

ثالثا : الشواهد الشعرية :

ضمّن الرسعني كتابه كثيرا من الشواهد الشعرية ، استقى بعضها من دواوينهم ، واقتبس بعضها من مؤلفات سابقيه ومعاصريه ، من هؤلاء :

ابن أبي عروبة المدني (؟ ـ ١٥٦ ه‍).

ابن مقبل (؟ ـ بعد ٣٧ ه‍)

أبو الطيب المتنبي (٣٠٣ ـ ٣٥٤ ه‍).

__________________

(١) تاريخ الإسلام (٥ / ق ١٤٣).

(٢) ذيل طبقات الحنابلة (٢ / ٢٧٥).

(٣) المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل (ص : ٤٧٧).

٩٠

أبو ذؤيب الهذلي (؟ ـ نحو ٢٧ ه‍).

أبو زبيد الطائي (؟ ـ نحو ٦٢ ه‍).

أبو كبير الهذلي ، عامر بن الحليس (؟ ـ؟).

الأعشى ، ميمون بن قيس (؟ ـ ٧ ه‍).

امرؤ القيس (؟ ـ ٨٠ ق ه).

أمية بن أبي الصلت (؟ ـ ٥ ه‍).

أوس بن حجر (٩٨ ـ ٢ ق ه).

البحتري ، الوليد بن عبيد (٢٠٦ ـ ٢٨٤ ه‍).

جرير بن عبد المسيح المتلمس (؟ ـ نحو ٥٠ ق ه).

حاتم الطائي (؟ ـ ٤٦ ق ه).

حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه (؟ ـ ٥٤ ه‍).

حميد بن ثور الهلالي (؟ ـ نحو ٣٠ ه‍).

خفاف بن ندبة (؟ ـ نحو ٢٠ ه‍).

الخنساء تماضر بنت عمرو (؟ ـ ٢٤ ه‍).

ذو الرمة غيلان بن عقبة (٧٧ ـ ١١٧ ه‍).

رؤبة بن العجاج (؟ ـ ١٤٥ ه‍).

سحيم بن وثيل اليربوعي (؟ ـ ٦٠ ه‍).

طرفة بن العبد (نحو ٨٦ ـ ٦٠ ق ه).

عبد الله بن رواحة رضي الله عنه (؟ ـ ٨ ه‍).

عديّ بن زيد (؟ ـ نحو ٣٥ ق ه).

٩١

عمران بن حطان (؟ ـ ٨٤ ه‍).

عنترة بن شداد العبسي (؟ ـ نحو ٢٢ ق ه).

قردة بن نفاثة السلولي (؟ ـ؟).

كثيّر بن عبد الرحمن (كثيّر عزة) (؟ ـ ١٠٥ ه‍).

لبيد بن ربيعة العامري (؟ ـ ٤١ ه‍).

محمد المعروف بالمقنع الكندي (؟ ـ نحو ٧٠ ه‍).

المنخل بن سبيع بن معاوية (؟ ـ؟).

النابغة الذبياني (؟ ـ نحو ١٨ ق ه).

همام بن غالب الفرزدق (؟ ـ ١١٠ ه‍).

رابعا : معاصروه :

نقل المؤلف ـ رحمه‌الله ـ بعض مادته العلمية عن شيوخه ، فمن ذلك :

ـ قال عند قوله تعالى : (قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً) [الأعراف : ٧٣] : قلت لشيخنا أبي البقاء إمام عصره في العلوم الشرعية والأدبية : قول الشاعر :

أؤمّل أن أعيش وإنّ يومي

لأوّل أو لأهون أو جبار

أو التالي دبار فإن أفته

فمؤنس أو عروبة أو شيار

ولا يبقى على الحدثان شخص

ستطوينا الليالي والنهار

هل هذه الأبيات من شعر العرب؟ وما معناها؟

فقال لي : قال ابن دريد ... الخ

٩٢

ـ وقال عند قوله تعالى : (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ) [الزخرف : ١٣] : قال لي الشيخ أبو البقاء اللغوي ، سمعت أبا حكيم النهرواني يقول : وقفت على السفر الرابع بعد الثلاثمائة من كتاب الفنون ... الخ.

ـ وقال عند قوله تعالى : (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ) [الممتحنة : ١٠] : قال شيخنا الإمام أبو محمد بن قدامة المقدسي رضي الله عنه فيما قرأته عليه : يجوز في الصلح ردّ من جاءه من أهل الحرب من الرجال ...

ـ وقال عند قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) [الطلاق : ٢] : وحدثني جماعة من أشياخي عن الوزير عون الدين أبي المظفر يحيى بن هبيرة رحمه‌الله قال : أنشدني المستنجد بالله أمير المؤمنين رحمه‌الله :

بتقوى الإله نجا من نجا

وفاز وأدرك ما قد رجا

ومن يتق الله يجعل له

كما قال من أمره مخرجا

 ـ وقال عند قوله تعالى : (الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) [العلق : ٤] : ومن بديع ما سمعت فيه ـ أي القلم ـ ما أنشدنيه صاحبنا أبو نصر بن عثمان بن خليفة الموصلي الحنبلي لنفسه :

أيها الصاحب الكريم ومن

أصبح زين الكتّاب والأصحاب

بيراع ريعت له نوب الدهر

وهانت به جميع الصعاب

وإذا ما يشاء أمرا فلا يحفل

يوما بالصارم القرضاب

فهو يجزي للأولياء بأرى

ولأعدائه بشري وصاب

٩٣

أقسم الله باسمه (١) وكفاه

مفخرا إذ أتى بنصّ الكتاب

خامسا : مصادر مجهولة :

نقل المؤلف أحيانا عن مصادر لم يحددها بالاسم ، أو أنه غاب عن ذهنه المصدر الذي حفظ منه هذه المعلومة ، مثاله :

ـ قال عند قوله تعالى : (وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) [النساء : ١١٣] : ومن نتائج هذا : أن الواو في قوله : «وأنزل الله» واو الحال ، على معنى : وما يضرونك من شيء وقد أنزل الله عليك الكتاب والحكمة.

وكنت أعجب كيف لم أتنبه لمثل هذا الموضع ، حتى أخبرني بعض العلماء أن الواحدي ذكره في البسيط.

ـ وقال عند قوله تعالى : (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها) [الفتح : ٢٦] : قال ابن عقيل في هذا الحرف كلاما حسنا لا يحضرني الآن ، حاصله راجع : إلى أن العرب لموضع أنفتهم وحميتهم وغيرة نفوسهم ، حتى أنك ترى الواحد منهم يخاطب الأمير كما يخاطب الحقير أحق بتوحيد الله وتخصيصه بالخضوع والعبادة دون الأصنام من الأعاجم الذين لم يقاربوهم في العزة والأنفة.

ـ وقال عند قوله تعالى : (آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ) [الذاريات : ١٦] : قال سعيد بن جبير : آخذين بما أمرهم ربهم ، عاملين بالفرائض التي أوجبها عليهم. وروي نحوه عن ابن عباس.

__________________

(١) في قوله تعالى : (ن وَالْقَلَمِ) [القلم : ١].

٩٤

قال المؤلف : وفي نظم الكلام على هذا اضطراب ، ولقد راجعت فيه بعض العلماء فقال : هو على حذف المضاف ، تقديره : ثواب عملهم بالفرائض.

٩٥
٩٦

المبحث الرابع

منهج العمل في التحقيق

١ ـ نظرا لأننا لم نقف على نسخة تامة من الكتاب فلذلك اضطررنا إلى التلفيق بين النسخ لاستخراج نسخة من الكتاب.

٢ ـ مقابلة النسخة الخطية التي اعتمدناها أصلا مع الموجود من النسخة الأخرى إن وجد.

٣ ـ اعتمدنا الطريقة الإملائية الحديثة في الكتابة.

٤ ـ ضبطت ما وجدت ضرورة لضبطه.

٥ ـ إذا وقع سقط في الأصل ووجدت ضرورة لإقامته ، وضعت الزيادة بين المعقوفتين [] مع الإشارة إلى أن ما بينها هو ما أثبتناه من النسخة الأخرى غير الأصل ، أو من غيرها من المصادر والمراجع. وفي حالة الخطأ أو التحريف أو التصحيف ، فقد صححنا الكلمة في الأصل مع الإشارة في الهامش مع وضع الكلمة على هيئتها من الخطأ أو التحريف أو التصحيف.

٦ ـ أثبتنا علامات الترقيم في مواضعها على ما هو معروف عند أهل هذا الفن.

٧ ـ ضبطنا الآيات القرآنية بالشكل على رواية حفص رحمه‌الله.

٨ ـ ضبطنا الأسماء والاصطلاحات التي تحتاج إلى ضبط ، وذلك ليسهل النطق بها وفهمها.

٩٧
٩٨

المبحث الخامس

منهج العمل في التعليق

ظهر في علم تحقيق المخطوطات العربية رأيان :

رأي يرى الاقتصار على إخراج النص مجردا من كل تعليق.

والرأي الثاني : يرى أنه من الأفضل توضيح النص بوضع الهوامش والتعليقات ، وإثبات الاختلافات بين النسخ ، والتعريف بالأعلام والأماكن والمصطلحات ، وشرح ما يحتاج إلى شرح أو توضيح.

وقد أخذنا بالرأي الثاني لأسباب عديدة منها :

ندرة النسخ الخطية الخالية من التصحيف والتحريف.

معظم المخطوطات العربية لم تصل إلينا بخط مؤلفيها ، وإنما هي بخط النساخ المختلفين في مستوى الثقافة والمعرفة.

إن جمهرة المؤرخين والنساخ لم يعنوا بالإعجام ووضع الحركات الموضحة للنص.

افتقار المؤلفين والنساخ إلى وحدة كتابية واحدة مما يؤدي إلى التباين في رسم الكلمات (١).

لذا كان لا بد من الهوامش والتعليق.

وقد سرنا في التهميش والتعليق على هذه النقاط :

١ ـ عزو الآيات القرآنية الكريمة إلى مواضعها في القران الكريم مع ملاحظة اسم السورة ، ورقم الآية ، وضبطها على رواية حفص عن عاصم.

__________________

(١) انظر : ضبط النص والتعليق عليه لبشار عواد (ص : ٧).

٩٩

٢ ـ تخريج الأحاديث النبوية الشريفة من مظانها ، والأقوال والأمثال الواردة في النص.

٣ ـ ضبطت الشعر ، وأكملته في التعليقات إن أورده ناقصا ، فإذا لم ينسبه إلى قائله اجتهدت في ذلك مستندا إلى المظان المختلفة ، وإن كان البيت لشاعر له ديوان مطبوع ، ذكرت وروده فيه ، وإلا خرجته من كتب النحو واللغة تخريجا لا أستقصي فيه ، وأذكر الروايات الأخرى للبيت إن كان مما يخدم الغرض ، وشرحت الألفاظ الصعبة أو أوردت المعنى العام للبيت ، وقد أذكر الشاهد في البيت إن كان ثمّ ضرورة ، وقد أنبه على تعليق مهم حوله.

٤ ـ تفسير الغريب من الكلام ، والذي يشكل على القارئ فهمه ، وذلك بالرجوع إلى كتب غريب الحديث ، وكتب المعاجم اللغوية المختصة بذلك.

٥ ـ تخريج النصوص المقتبسة من مصادرها ومراجعها ، وذلك بالرجوع إلى الكتب التي أخذ عنها المؤلف ، وعند وجود إشكال بين المنقول والمنقول عنه نثبت الصحيح مع الإشارة إلى ذلك في الحاشية.

٦ ـ التعريف بالأعلام والأماكن والبلدان ، وذلك بالرجوع إلى كتب التراجم ، والكتب الخاصة بالبلدان ، وغير ذلك.

٧ ـ تفسير بعض المصطلحات المختلفة الواردة بالنص.

٨ ـ تفقير النص ، وذلك بفصل الفقرات بعضها عن بعض ، مع جعل بداية مميزة لكل فقرة ، مما يعين على تنظيم النص.

١٠٠