رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز - ج ١

عزّ الدين عبدالرزاق بن رزق الله الرسعني الحنبلي

رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز - ج ١

المؤلف:

عزّ الدين عبدالرزاق بن رزق الله الرسعني الحنبلي


المحقق: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة الأسدي للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٨٥

١١. الرسغي (بضع وثلاثين وستمائة ـ ٧١٨ ه‍) (١) :

عبد الغني بن عروة بن عبد الصمد بن عثمان الرسغي. ولد سنة بضع وثلاثين وسمع من عبد الرزاق الرسعني وغيره ، وكان لطيف المزاج كثير المزاح خفيف الروح ، يتردد إلى أعيان دمشق من نائبها الأفرم إلى من دونه. ومات في جمادى الآخرة سنة ٧١٨.

١٢. البندنيجي (؟ ـ ٧٣٦ ه‍) (٢) :

علي بن محمد بن ممدود بن جامع بن عيسى البندنيجي الصوفي ، أبو الحسن ، الشيخ المسند الرحلة ، سمع صحيح مسلم ، وجامع الترمذي ، وأجاز له جماعات ، توفي سنة ست وثلاثين وسبعمائة. وقد أجاز له المؤلف ، كما قال ابن رجب (٣).

١٣. بنت الكمال (؟ ـ ٧٤٠ ه‍) (٤) :

زينب بنت الكمال أحمد بن عبد الرحيم المقدسية ، المعروفة ببنت الكمال ، المرأة الصالحة العذراء ، أم عبد الله. تفردت بقدر وقر بعير من الإجزاء بالإجازة ، وكانت دينة وخيّرة ، روت الكثير ، وتزاحم عليها الطلبة ، وقرؤوا عليها الكتب الكبار. توفيت في تاسع عشر جمادى الأولى عن أربع وتسعين سنة ، سنة أربعين وسبعمائة.

__________________

(١) الدرر الكامنة (١ / ١٢٩).

(٢) الدرر الكامنة (٤ / ١٤).

(٣) ذيل طبقات الحنابلة (٢ / ٢٧٥).

(٤) شذرات الذهب (٣ / ١٢) ، والعبر (٦ / ٢١).

٤١

أجازها المصنف ، قاله ابن رجب (١).

١٤. أخو ابن دقيق العيد (؟ ـ؟) (٢) :

موسى بن علي بن وهب ، سراج الدين ، أخو ابن دقيق العيد. عده ابن رجب (٣) ممن أخذ عن المصنف ، هو وأبوه وأخوه.

هذا آخر ما وقفت عليه من تلامذة المؤلف ، علما أن المؤلف أجاز إجازة عامة ، كما ذكر ذلك ابن الفوطي (٤).

٩. مؤلفاته :

قال صفي الدين عبد المؤمن (٥) : للمؤلف تصانيف غير تفسيره المشهور ، في التفسير والفقه ، والعروض. اه.

وفيما يلي معلومات مفصّلة عن كتب المؤلف ، سواء أكان مطبوعا أم مخطوطا أم مفقودا :

١. مختصر الفرق بين الفرق.

اختصر به كتاب «الفرق بين الفرق» للبغدادي.

__________________

(١) ذيل طبقات الحنابلة (٢ / ٢٧٥).

(٢) الطالع السعيد (ص ٦٦٥).

(٣) ذيل طبقات الحنابلة (٢ / ٢٧٥).

(٤) تلخيص مجمع الآداب (١ / ١٩٤).

(٥) ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب (٢ / ٢٧٥).

٤٢

ذكره الزركلي في الأعلام ، وكحالة في معجم المؤلفين (١).

قال في مقدمته : أما بعد حمد الله تعالى ، والصلاة على رسوله محمد وآله ، فهذا مختصر من كتاب «الفرق بين الفرق» ، تأليف أبي منصور ، عبد القاهر بن طاهر البغدادي ـ رحمه‌الله تعالى ـ نظمت فيه مضمونه ، وجمعت فيه نكته وعيونه ، وأتيت به على ترتيبه وتبويبه ، وبالغت في اختصاره وتهذيبه ، والله المسؤول أن يعصمنا من الزلل ، وأن يوفقنا لما يرضيه في القول والعمل. اه.

ولم يتم المؤلف اختصاره ، بل أغفل الباب الخامس ، في أوصاف الفرقة الناجية.

وله نسخة مخطوطة في المكتبة الظاهرية بدمشق (الأسد الآن) ضمن مجموع رقم (٢٠٩٤٦) ويقع في (٥٦) ورقة ، ومسطرتها ستة عشر سطرا ، بخط المؤلف.

وقد نشره فيليب حتّي ، وطبعته مطبعة الهلال بالقاهرة ، سنة : (١٩٢٤ م) الطبعة الأولى ، ثم طبعته مطبعة التقوى بالقاهرة سنة (١٩٤٠ م) ويقع في إحدى ومائتي صفحة.

٢. درّة القارئ ، في الفرق بين الضاد والظاء.

ذكرها ابن الجزري في غاية النهاية في طبقات القراء (٢) ، وسماها «الظائية النونية» وذكره حاجي خليفة في كشف الظنون (٣) ، والزركلي في الأعلام (٤) ، ورضا

__________________

(١) الأعلام للزركلي (٣ / ٢٩٢) ، ومعجم المؤلفين (٥ / ٢١٨).

(٢) طبقات القراء (١ / ٣٨٤).

(٣) كشف الظنون (١ / ٧٤٣).

(٤) الأعلام (٣ / ٢٩٢).

٤٣

كحالة في معجم المؤلفين (١).

وقد أشار إليها المؤلف في كتابه «رموز الكنوز» في مواضع عديدة ، ونقل أبياتا عدة منها ، مستشهدا بها على مواطن من كتابه.

ولها نسخ كثيرة منها :

* نسخة في الظاهرية ضمن مجموع رقم (٣٨٤٧).

* ولها نسخة أخرى في الظاهرية أيضا برقم (٦٣٩٣) مجموع.

* ولها نسخة في دار الكتب المصرية ضمن مجموع.

* ولها نسخة في مكتبة الأوقاف بالموصل برقم (١٢).

* ولها نسخة في الخزانة الحسينية بالقصر الملكي بالرباط ، برقم (٧٢٤٢ / ١) مجموع ، وتقع في ٢٦ ق ، ٢٣ س.

* ولها نسخ في مكتبات الحرمين ، ولا يخلو فهرس منها.

وهي قصيدة جيدة تقع في اثنين وثلاثين بيتا ، من البسيط.

قال في كشف الظنون (٢) : وهي أنفع ما صنف في الفرق بين الضاد والظاء ، وأولها :

حفظت لفظا عظيم الوعظ يوقظ من

ظمأ لظى وشواظ الحظ والوسن

من يكظم الغيظ يظفر بالظلال ومن

يظعن على الظلم يظلل راكد السفن

وآخرها :

__________________

(١) معجم المؤلفين (٥ / ٢١٨).

(٢) كشف الظنون (١ / ٧٤٣).

٤٤

سميتها درة القاري ، ونسبتها

بحر البسيط ، فزنها واختبر تبن

ثم الصلاة على المختار من مضر

ما غردت صادحات الطير في الغصن

قال حاجي خليفة (١) : وشرحها بعضهم ، وسماه : «كاشف محاسن الغرة لطالب منافع الدرة».

أوله : الحمد لله الذي لا نحصي ثناء عليه .. الخ.

ولعل النسخة التي في الخزانة بالرباط نسخة الشرح ، فإنها كبيرة تبلغ ستا وعشرين ورقة ، كما تقدم ، ونسخ القصيدة لا تتجاوز ورقتين ، والله أعلم.

٣. مطالع أنوار التنزيل ، ومفتاح أسرار التأويل.

ذكره حاجي خليفة (٢) ، وقال عنه : تفسير كبير حسن انتقاه السيوطي (٣) ، وكتب في آخره إجازة سماع في مجالس آخرها ثاني القعدة سنة ٦٥٩ ه‍ بدار الحديث المهاجرية بالموصل. وذكره كحالة في معجم المؤلفين (٤).

قال ابن رجب (٥) : وكان لما قدم بغداد أنعم عليه المستنصر ، وصنف هذا التفسير ببلده ، وأرسله إليه ، وهو في ثمان مجلدات ، وقف المدرسة البشيرية ببغداد.

والظاهر أن هذا الوصف لمطالع أنوار التنزيل ، لا لرموز الكنوز ، فإنه لا يبلغ هذا القدر.

__________________

(١) كشف الظنون (١ / ٧٤٣).

(٢) كشف الظنون (٢ / ١٧١٥).

(٣) انظر : دليل مخطوطات السيوطي (ص : ٤٣).

(٤) معجم المؤلفين (٥ / ٢١٨).

(٥) ذيل طبقات الحنابلة (٢ / ٢٧٥).

٤٥

وقد جاء ذكره في فهرس الدولة ببرلين (٣ / ٣٢٣).

٤. القمر المنير في علم التفسير.

ذكره ابن الشعار في عقود الجمان (١) ، والدمياطي في معجمه (٢). ويظهر من عنوانه أنه في علوم القرآن.

٥. المنزع الصافي من المين في مصرع الإمام الشهيد أبي عبد الله الحسين.

ذكره ابن الشعار ذكره بهذا الاسم (٣) ، وذكره الذهبي (٤) ، وابن رجب (٥) ، والداودي (٦) ، وابن العماد (٧) ، والزركلي (٨) ، وعمر كحالة (٩). باسم «مصرع الحسين».

وقد ألزمه بتصنيفه صاحب الموصل ، فذكر فيه ما صح دون غيره.

٦. المنتصر في شرح المختصر.

وهو كتاب في الفقه ، شرح به مختصر الخرقي ، انفرد بذكره ابن الشعار في

__________________

(١) عقود الجمان (٤ / ق ١٣٢ / أ).

(٢) تلخيص مجمع الآداب (١ / ١٩٣).

(٣) عقود الجمان (٤ / ق ١٣٢ / أ).

(٤) تذكرة الحفاظ (٤ / ١٤٥٢).

(٥) ذيل طبقات الحنابلة (٢ / ٢٧٥).

(٦) طبقات المفسرين (١ / ٣٠٠).

(٧) شذرات الذهب (٥ / ٣٠٥).

(٨) الأعلام (٣ / ٢٩٢).

(٩) معجم المؤلفين (٥ / ٢١٨).

٤٦

العقود (١).

٧. أسنى المواهب في أحاديث المذاهب.

انفرد أيضا بذكره ابن الشعار (٢).

٨. عقود العروض.

انفرد بذكره ابن الشعار (٣).

وهذا الكتاب يحتمل أن يكون في العروض ، الذي هو موازين الشعر ، ويحتمل أن يكون في الفقه ، وأنه في الكلام على عقود عروض التجارة ، ويشهد للأول ما ذكره صفي الدين عبد المؤمن.

وزعم محقق كتاب المقصد الأرشد أنه وقف على قصيدة في ذم الدنيا ، ومدح السّنّة وأهلها ، وذم البدعة وأربابها ، مشروحة شرحا مفيدا ، وأنها هي وشرحها للمؤلف ، ولم يذكر ذلك غيره.

٩. رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز.

وهو الكتاب الذي نحن بصدد التعريف به وتحقيقه. وسيأتي فصل خاص في الكلام عليه.

__________________

(١) عقود الجمان (٤ / ق ١٣٢ / أ).

(٢) مثل السابق.

(٣) مثل السابق.

٤٧

١٠. ثناء العلماء على المؤلف :

حظي المؤلف بثناء عاطر من معاصريه ، ومن أتى بعدهم ، ووصفوه بالحفظ والإمامة :

فقال عنه ابن الشعار (١) ـ وهو صديقه ، وأقدم من ترجم له ـ : «فقيه ، محدث ، شاعر ، فاضل ، ذو قريحة في المنظوم والمأثور».

وقال اليونيني (٢) : «كان فاضلا عالما أديبا شاعرا ، جميل الأوصاف ، رئيسا من صدور تلك البلاد ، وأعيان أهلها».

وقال الذهبي (٣) : «كان إماما محدثا فقهيا ، أديبا شاعرا ، ديّنا صالحا وافر الحرمة».

ومثله قال السيوطي (٤).

وترجمه الذهبي في تذكرة الحفاظ ، فقال (٥) : «الإمام المحدث الرحّال ، الحافظ المفسر عالم الجزيرة ، وكان إماما متقنا ذا فنون وأدب».

ونحوه قال السيوطي في الطبقات (٦).

وقال في العبر (٧) : «وكان شيخ الجزيرة في زمانه ، علما وفضلا وجلالة».

__________________

(١) عقود الجمان (٤ / ق ١٣٢ / أ).

(٢) ذيل مرآة الزمان (١ / ٢١٩).

(٣) تاريخ الإسلام (٥ / ق ١٤٣).

(٤) طبقات المفسرين (ص ٥٦).

(٥) تذكرة الحفاظ للذهبي (٣ / ١٤٥٢).

(٦) طبقات الحفاظ للسيوطي (١ / ٥٠٩).

(٧) العبر (٣ / ٣٠٢).

٤٨

وقال ابن كثير (١) : «المحدث المفسر ، سمع الكثير وحدث ، وكان من الفضلاء والأدباء».

وقال ابن رجب (٢) : «الفقيه المحدث المفسر .. وكان فاضلا في فنون من العلم والأدب ، ذا فصاحة وحسن عبارة».

ونقل الداودي في طبقات المفسرين (٣) نص الترجمة من ابن رجب.

وقال ابن الجزري (٤) : «الإمام العلامة ، المحدث المفسر ، المقرئ ، شيخ ديار بكر والجزيرة».

وقال ابن تغرى بردى (٥) : «كان إماما فاضلا شاعرا محدثا».

وقال ابن العماد بعد أن نقل كلام الذهبي في العبر (٦) : «وتفنن في العلوم العقلية والنقلية».

وكما رأينا فقد اتفقت أقوال من ترجم للمؤلف على أنه : إمام فقيه محدث مفسر شاعر ، وانفرد ابن الجزري في وصفه بأنه مقرئ :

أما كونه فقيها ، فهذا لا مرية فيه ، فقد حاز فيه قصب السبق ، ويشهد له ما جاء في هذا التفسير من المسائل الفقهية التي تكلم عليها عند آيات الأحكام.

__________________

(١) البداية والنهاية (١٣ / ٢٤١).

(٢) ذيل طبقات الحنابلة (٢ / ٢٧٤ ، ٢٧٥).

(٣) طبقات المفسرين (١ / ٣٠٠).

(٤) طبقات القراء (١ / ٣٨٤).

(٥) النجوم الزاهرة (٧ / ٢١١).

(٦) شذرات الذهب (٥ / ٣٠٥).

٤٩

كما أنه قد صنف شرحا على مختصر الخرقي ، وقد لزم الموفق ابن قدامة فقرأ عليه كتبه الفقهية ، وحفظ كتابه المقنع كما تقدم.

وأما وصفه بالمحدث ، فهذا قد كان سمة له عند العام والخاص ، حتى كان ابنه إبراهيم الحنفي يعرف بابن المحدث ، كما تقدم.

وبرع في الحديث سماعا ورواية ، حتى أودع الكثير من مروياته بأسانيده في هذا التفسير ، حيث بلغ عدد الأسانيد في كتابه «رموز الكنوز» : ٥٣٦ إسنادا ، وهذا سوى ما هو موجود في الجزء المفقود من الكتاب.

ثم إنه قد صنف كتابا في الحديث اسمه : أسنى المواهب في أحاديث المذاهب ، كما تقدم ، ويظهر أنه تتبع الأحاديث التي يستدل بها في المسائل الفقهية وتكلم عليها ، نظير التحقيق لابن الجوزي ، والله أعلم.

وقد ترجمه الحافظ الذهبي في كتابه تذكرة الحفاظ ، كما لقبه الحافظ ابن حجر في كتابه تبصير المنتبه : بالحافظ (١).

وأما ما ذكره ابن الجزري من أنه مقرئ ، فهذا حق ، وقد ذكر جملة كبيرة من القراءات المتواترة والشاذة ، وصرّح بالأخذ عن بعض أئمة القراءات كالعكبري ، كما أنه قد نظم القصيدة النونية في الفرق بين الضاد والظاء ، كما تقدم في ذكر مؤلفاته.

وأما كونه شاعرا ، فقد ترجمه صديقه ابن الشعار في كتابه" عقود الجمان في شعراء الزمان" ، وذكر أنه صنف كتابا في العروض ، الذي هو من موازين الشعر ،

__________________

(١) تبصير المنتبه (٢ / ٧٥٩).

٥٠

كما ذكر هو وغيره جملة من أشعاره ، وقد تقدم في ترجمة شيخه الموفق ابن قدامة نقل مقتطفات من مرثيته فيه.

فمن جملة هذه الأشعار عدة أبيات ، قالها عند فراقه ابنه محمدا وإخوانه ، قوله :

قف بالديار إذا مررت مسلّما

وابك الأحبة حسرة وتندما

واستخبر الأطلال أين ترحّلوا

فعسى تخبّر عنهم ولعلما

إلى أن قال :

أمحمد لا حمد للدنيا متى لم

ألتزمك مقبّلا منك الفما

وقال أيضا :

وما الدهر إلا ما الممات ألذه

وما خير هذا الدهر إلا عقاربه

وما هو إلا حيّة لان مسها

وسمّت بأنواع العذاب مضاربه (١)

ومن ذلك قوله :

يا من يرينا كل وقت وجهه

بشرا ، ويبدي كفّه معروفا

أصبحت في الدنيا سريّا بعدما

أمسيت فيها بالتقى معروفا (٢)

ومن ذلك قوله :

إنما هذه الحياة متاع

فليجزها بالزهد من فيه عقل

__________________

(١) عقود الجمان (٤ / ق ١٣٣ / ب ، ق ١٣٥ / ب).

(٢) معجم الدمياطي (ق ١٣ / ب) ، وذيل مرآة الجنان (٢ / ٢١٩).

٥١

نظر العارف اللبيب

من الفكر فيها فلم يزنه عقل (١)

وأخطأ اليونيني فنسب البيتين الآتيين له ، وإنما هما لابنه شمس الدين محمد ، كما سبق ، وتبعه ابن تغرى بردى ، وهما قوله :

ولو أن إنسانا يبلغ لوعتي

ووجدي وأشجاني إلى ذلك الرشا

لأسكنته عيني ولم أرضها له

ولولا لهيب القلب أسكنته الحشا

١١. شعره :

سبق بيان شاعرية الرسعني في الفقرة السابقة ، وفيما يلي نذكر بعض الأشعار التي نسبت له ، فمنها ما نقله ابن العماد في الشذرات (٢) :

وكنت أظن في مصر بحارا

إذا أنا جئتها أجد الورودا

فما ألفيتها إلا سرابا

فحينئذ تيممت الصعيدا

وأورد له ابن كثير في البداية والنهاية هذين البيتين (٣) :

نعب الغراب فدلنا بنعيبه

أن الحبيب دنا أوان مغيبه

يا سائلي عن طيب عيشي بعدهم

جدلي بعيش ثم سل عن طيبه

ومن شعره ما نقله صاحب النجوم الزاهرة (٤) :

__________________

(١) عقود الجمان (٤ / ق ١٣٣ / ب).

(٢) شذرات الذهب (٣ / ٣٠٥).

(٣) البداية والنهاية (١٣ / ٢٤١).

(٤) النجوم الزاهرة (٧ / ٢١). وقد نسب البيتين الصفدي في الوافي بالوفيات إلى ابن المؤلف محمد بن عبد الرازق (الوافي بالوفيات ٣ / ٢٥٢).

٥٢

ولو أن إنسانا يبلغ لوعتي

وشوقي وأشجاني إلى ذلك الرشا

لأسكنته عيني ولم أرضها له

فلولا لهيب القلب أسكنته الحشا

١٢. وفاته :

مات رحمه‌الله سنة إحدى وستين وستمائة (١). وهذا قول عامة من ترجمه ، لا سيما تلميذه الدمياطي ، وكذلك الذهبي ، وابن رجب واليونيني ، وابن كثير ، وابن مفلح ، والسيوطي ، وغيرهم.

وقال ابن الفوطي في معجمه : توفي سنة ستين وستمائة ، وتبعه ابن مفلح في المقصد.

وقال الإربلي في كشف الغمة ـ وهو صديقه ـ : قتل سنة أخذ التتار الموصل ، وهي سنة ستين وستمائة. وهذا قول غريب لم يتابعه عليه أحد.

ثم اختلفوا ، في أي شهر توفي ، فقال ابن الفوطي : في ذي الحجة ، وتبعه كما قلت ابن مفلح في المقصد.

وقال اليونيني في ذيل المرآة ، وابن كثير ، والذهبي ، وابن العماد : توفي ثاني عشر ربيع الآخر ، ليلة الجمعة.

وقال الدمياطي : توفي في ثامن عشر ربيع الآخر ليلة الجمعة ، عند العشاء الآخر.

__________________

(١) تذكرة الحفاظ (٤ / ١٤٥) ، والمقصد الأرشد (٢ / ١٣) ، والنجوم الزاهرة (٧ / ٢١) ، وطبقات الحفاظ للسيوطي (١ / ٥٠) ، وطبقات المفسرين (ص : ٦) ، وكشف الظنون (١ / ٩١) ، وشذرات الذهب لابن العماد (٣ / ٣٠).

٥٣

وحكى ابن رجب الأقوال الثلاثة ؛ أعني قول ابن الفوطي واليونيني والدمياطي.

ونقل الداودي عن الذهبي أنه توفي ثاني عشر ربيع الأول ، وهو خلاف ما ذكره الذهبي في تاريخ الإسلام ، فالظاهر أنه سهو ، وأن الصواب ربيع الآخر.

مما سبق يتبين أنه توفي سنة إحدى وستين وستمائة في ثامن عشر ربيع الآخر ، ليلة الجمعة بعد العشاء الآخر ، كما ترجمه بهذا تلميذه الدمياطي ، وإن كان أكثر المترجمين على أنه في ثاني عشر ربيع الآخر. والله أعلم.

وكانت وفاته بسنجار (١) ، ودفن في ظاهرها ، شرقي البلد ، في مقبرة المشايخ.

__________________

(١) سنجار : مدينة مشهورة من نواحي الجزيرة بينها وبين الموصل ثلاثة أيام ، وهي في لحف جبل عال ، ويقولون : إن سفينة نوح عليه‌السلام لما مرت به نطحته فقال نوح : هذا سن جبل جار علينا فسميت سنجار (معجم البلدان ٣ / ٢٦٢).

٥٤

المبحث الثاني

التعريف بكتاب «رموز الكنوز»

وفيه :

١ ـ اسم الكتاب ٥٧

٢ ـ نسبة الكتاب للمؤلف ٥٨

٣ ـ تاريخ تأليف الكتاب ٥٨

٤ ـ قيمة الكتاب العلمية ٥٩

٥ ـ عناية العلماء بكتاب «رموز الكنوز» ٦١

٦ ـ منهج المؤلف في كتابه «رموز الكنوز» ٦٢

٥٥
٥٦

المبحث الثاني : التعريف بكتاب رموز الكنوز

١٣. اسم الكتاب :

هو : «رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز».

هذا الاسم انفرد به صاحب كشف الظنون (١) ، وأما بقية من ترجم للمؤلف فقد ذكر الكتاب باسم : «رموز الكنوز» ، وكذا جاء الاسم مكتوبا على طرة بعض أجزاء الكتاب.

كما أنه جاء على غلاف بعض الأجزاء تسميته بتفسير القرآن العظيم.

وقد قال المؤلف في ثنايا الكتاب (٢) : «لما انتهيت مرة في تدريس الكتاب العزيز إلى هذه الآية أورد عليّ رجل فاضل إشكالا» ، فدل ذلك على أن المؤلف ذكر الجزء الثاني من العنوان في طيات تفسيره ، وهذا شاهد لما ذهب إليه صاحب كشف الظنون.

ولعل من ذكره باسم «رموز الكنوز» من غير إضافة هو من باب الاختصار في سرد الأسماء ، وهذا ما نراه في المؤلفات التي تعرف بالأشخاص ، والمؤلفات التي تعرف بالكتب. والله أعلم.

وقد اقتصر بعض مترجميه على قولهم : ألف كتابا في التفسير ، دون التعرض لاسمه.

ونقل الأدنروي في طبقات المفسرين عن كتاب «أسامي الكتب» أن اسم كتاب الرسعني «الرمز الكنيز في تفسير الكتاب العزيز» (٣). وهذا مما انفرد به

__________________

(١) كشف الظنون (١ / ٩١٤).

(٢) (١ / ٣٣٦).

(٣) طبقات المفسرين (ص : ٢٤٣).

٥٧

الأدنروي ، ولعله وهم في اسم الكتاب. والله أعلم.

وقد ضمّن المصنف اسم كتابه في ثنايا تفسيره ، أثناء دعاء دعاه ، فقال (١) : فجاء الكلام على أبدع نظم وأحسن تقسيم وأصح معنى ، اللهم! فلك الحمد على ما هديتنا إليه من إبراز رموز خطابك ، ودللتنا عليه من إحراز كنوز كتابك.

١٤. نسبة الكتاب للمؤلف :

١. جاء اسم الكتاب مقرونا بنسبته إلى الإمام الرسعني ـ رحمه‌الله ـ على غلاف الكتاب.

٢. جاء في السماع المثبت بآخر المجلد الثاني ما نصه : سمع جميع هذا المجلد وهو الثاني من كتاب «رموز الكنوز» ، تأليف الشيخ الإمام العالم الفاضل الكامل عز الدين عبد الرازق الرسعني.

٣. ذكر أكثر الذين ترجموا للمؤلف هذا الكتاب من جملة مصنفاته.

٤. نقل عنه العلامة عبد الرحمن بن عمر الحنبلي ، المتوفى سنة أربع وثمانين وستمائة ، في موضعين من تفسيره «منتهى العلوم» (ق ٧٢ / أ) ، و (ق ١٦٤ / ب).

كل هذا يجعلك تتأكد بلا ريب من صحة نسبة كتاب «تفسير رموز الكنوز» للمؤلف.

١٥. تاريخ تأليف الكتاب :

حدد المصنف رحمه‌الله تعالى تاريخ بداية تأليف الكتاب ، فقال في مقدمة

__________________

(١) (٧ / ٢٤٦).

٥٨

الكتاب : شرعت فيه مظهرا نعم الله عليّ ومنحه في أول المحرم مفتتح سنة ثلاث عشر وثمانمائة ، ولي من العمر أربعة وعشرون سنة ، وهو أول تصانيفي.

١٦. قيمة الكتاب العلمية :

أثنى المصنف على كتابه" رموز الكنوز" في أثناء تفسيره ، وذكر بعض مزايا كتابه ؛

فقال عند تفسير قوله تعالى : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) [آل عمران : ١٤٤] ، بعد أن ذكر اعتراضا وجوابا عليه : وقلّ أن يذكر مثل هذا التحرير في تفسير ، ولكن هذا من السرّ المكنون الذي لا يظهر إلا بالبحث والتقرير.

وقال عند تفسير قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ) [محمد : ١٦] ، بعد أن ذكر دخلان وجوابهما : وهذان الدخلان والجواب عنهما والتقرير التالي لهما ما علمت أن أحدا من المفسرين ذكره.

وقال عند تفسير قوله تعالى : (فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) [القمر : ٢٤] ، بعد أن ذكر دخلا وجوابه : وقلّ أن ترى مثل هذا التدقيق والتحقيق في تفسير ، فإذا قرأته فادع بالرحمة والمغفرة لمن أسهر فيه ناظره ، وأتعب في استثماره خاطره.

واعلم أنني بعد ذلك رأيت بعض نحارير العلماء قد ألمّ بهذا المعنى ، فحمدت الله على مماثلته في التوفيق ، لإصابة جهة التحقيق. انتهى.

وقد أثنى العلماء على كتاب «تفسير رموز الكنوز» ، ووصفوه بأوصاف تدل

٥٩

على قيمة الكتاب العلمية :

فقد قال الذهبي في تاريخ الإسلام (١) : صنف تفسيرا حسنا ، يروي فيه بإسناده.

وقال في العبر (٢) : وصنف تفسيرا جيدا.

وقال ابن رجب (٣) : وصنف تفسيرا حسنا في أربع مجلدات ضخمة ، سماه : «رموز الكنوز» ، وفيه فوائد حسنة ، ويروي فيه الأحاديث بإسناده.

ونصه في طبقات المفسرين للداوودي (٤) ، ونحوه في المقصد الأرشد (٥).

وقال ابن بدران (٦) : رموز الكنوز تفسير جليل ، يذكر فيه المؤلف أحاديث يرويها بالسند ، ويناقش الزمخشري في كشافه ، ويذكر فروع الفقه على الخلاف بدون دليل .. وبالجملة هو تفسير مفيد جدّا لمن طالعه.

وقال في موضع آخر عند حديثه عن تفاسير الحنابلة (٧) : وأجلّ هذه التفاسير كلها وأنفعها تفسير الإمام عبد الرازق بن رزق الله بن أبي بكر بن خلف بن أبي الهيجاء الرسعني ، الفقيه المحدث الحنبلي .. إلى أن قال : وتفسيره «رموز الكنوز» وهو في أربع مجلدات ، وفيه فوائد حسنة ، ويروي فيه أحاديث بإسناده ، ويذكر

__________________

(١) تاريخ الإسلام (٥ / ق ١٤٣).

(٢) العبر (٣ / ٣٠٢).

(٣) ذيل طبقات الحنابلة (٢ / ٢٧٥).

(٤) طبقات المفسرين (١ / ٣٠٠).

(٥) المقصد الأرشد (٢ / ١٣٥).

(٦) المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل (ص : ٤١٥).

(٧) المرجع السابق (ص : ٤٧٧).

٦٠