التّوحيد

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

التّوحيد

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: السيد هاشم الحسيني الطهراني
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧٠

الله في سلطانه فهو كافر ، ورجل يزعم أن الله كلف العباد ما يطيقون ولم يكلفهم ما لا يطيقون وإذا أحسن حمد الله ، وإذا أساء استغفر الله ، فهذا مسلم بالغ.

٦ ـ حدثنا علي بن عبد الله الوراق رحمه‌الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن إسماعيل بن سهل ، عن عثمان بن عيسى ، عن محمد بن عجلان ، قال : قلت لأبي ـ عبد الله عليه‌السلام : فوض الله الأمر إلى العباد؟ فقال : الله أكرم من أن يفوض إليهم ، قلت : فأجبر الله العباد على أفعالهم؟ فقال : الله أعدل من أن يجبر عبدا على فعل ثم يعذبه عليه.

٧ ـ أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا : سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن سليمان بن جعفر الجعفري ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ، قال : ذكر عنده الجبر والتفويض ، فقال : ألا أعطيكم في هذا أصلا لا تختلفون فيه ولا تخاصمون عليه أحدا إلا كسرتموه ، قلنا : إن رأيت ذلك ، فقال : إن الله عزوجل لم يطع بإكراه ، ولم يعص بغلبة (١) ولم يهمل العباد في ملكه ، هو المالك لما ملكهم ، والقادر على ما أقدرهم عليه ، فإن ائتمر العباد بطاعته لم يكن الله عنها صادا ولا منها مانعا وإن ائتمروا بمعصيته فشاء أن يحول بينهم وبين ذلك فعل وإن لم يحل وفعلوه فليس هو الذي أدخلهم فيه ، ثم قال عليه‌السلام : من يضبط حدود هذا الكلام فقد خصم من خالفه (٢).

__________________

١ ـ قوله : ( لم يطع بإكراه ) رد على الجبرية ، وقوله : ( لم يعص بغلبه ) رد على القدرية وفي نسخة و ( و ) و ( ط ) و ( ن ) ( لم يطع بالاكراه ).

٢ ـ حاصل كلامه عليه‌السلام : أنه تعالى قادر على كل شيء ومالك كل شيء حتى إرادات ذويها فإنها بيده يمنع ويعطي فلا معنى لقول القدرية المفوضة ، لكنه تعالى يخلي بين العبد وبين إرادته في مقام الطاعة فيفعل فيستحق ، ويخلي بينه وبينها في مقام المعصية تارة ويحول أخرى بسلب مقدمة من المقدمات الخارجية أو الداخلية ، فإن حال فهو لطف من الله لعبده ، وإن لم يحل وفعل العبد فإنما فعل بإرادته التي جعلها الله تعالى من حيث الفعل والترك بيده ، لا أنه تعالى أكرهه على ذلك ، فليس على الله شيء ، إذ ليس من حق العبد على الله عزوجل أن يحول بينه وبين معصيته ، فلا معنى لقول الجبرية.

٣٦١

٨ ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، عن خنيس بن محمد ، عن محمد بن يحيى الخزاز ، عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين ، قال : قلت : وما أمر بين أمرين؟ قال : مثل ذلك مثل رجل رأيته على معصية فنهيته فلم ينته فتركته ففعل تلك المعصية ، فليس حيث لم يقبل منك فتركته أنت الذي أمرته بالمعصية. (١)

٩ ـ حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق المؤدب رحمه‌الله ، قال : حدثنا أحمد ابن علي الأنصاري ، عن عبد السلام بن صالح الهروي ، قال : سمعت أبا الحسن علي بن موسى بن جعفر عليهم‌السلام يقول : من قال بالجبر فلا تعطوه من الزكاة ولا تقبلوا له شهادة ، إن الله تبارك وتعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها ، ولا يحملها فوق طاقتها (٢) ولا تكسب كل نفس إلا عليها ، ولا تزر وازرة وزر أخرى. (٣)

١٠ ـ حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رحمه‌الله قال : حدثنا الحسين بن محمد ابن عامر ، عن معلى بن محمد البصري ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ، قال : سألته فقلت له : الله فوض الأمر إلى العباد؟ قال : الله أعز

__________________

١ ـ بيانه أنك حيث نهيته فلم ينته فتركته على عمله لست أنت الذي أمرته بالمعصية ، كذلك الله تعالى حيث نهى العبد عن المعصية فلم ينته فتركه وخلى بينه وبين عمله ليس هو الذي أدخله فيها وأجبره عليها ، فالله خلاه فلا جبر ، وقادر على منعه إن شاء فلا تفويض.

٢ ـ إشارة إلى قوله تعالى : ( ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ) ، والفقرات الثلاث الأخر مذكورة في الكتاب.

٣ ـ في نسخه ( و ) و ( ن ) و ( هـ ) بعد الحديث التاسع هذا الحديث : ( حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : جاء رجل إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : يا رسول الله أرسل ناقتي وأتوكل أو أعقلها وأتوكل؟ فقال : ( لا ، بل اعقلها وتوكل ).

٣٦٢

من ذلك ، قلت : فأجبرهم على المعاصي؟ قال : الله أعدل وأحكم من ذلك ، ثم قال : قال الله عزوجل : يا ابن آدم أنا أولى بحسناتك منك ، وأنت أولى بسيئاتك مني ، عملت المعاصي بقوتي التي جعلتها فيك.

١١ ـ أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، قال : حدثنا أبو عبد الله الرازي ، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي ، عن ابن سنان ، عن مهزم ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : أخبرني عما اختلف فيه من خلفت من موالينا ، قال : قلت : في الجبر والتفويض ، قال : فسلني ، قلت : أجبر الله العباد على المعاصي؟ قال : الله أقهر لهم من ذلك (١) قال : قلت : ففوض إليهم؟ قال : الله أقدر عليهم من ذلك ، قال : قلت : فأي شيء هذا أصلحك الله؟ قال : فقلب يده مرتين أو ثلاثا ، ثم قال : لو أجبتك فيه لكفرت.

١٢ ـ حدثنا أحمد بن هارون الفامي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله ابن جعفر الحميري ، عن أبيه ، قال : حدثنا إبراهيم بن هاشم ، عن علي بن معبد ، عن الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما‌السلام ، قال : قلت له : يا ابن رسول الله إن الناس ينسبوننا إلى القول بالتشبيه والجبر لما روي من الأخبار في ذلك عن آبائك الأئمة عليهم‌السلام ، فقال : يا ابن خالد أخبرني عن الأخبار التي رويت عن آبائي الأئمة عليهم‌السلام في التشبيه والجبر أكثر أم الأخبار التي رويت عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ذلك؟! فقلت : بل ما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ذلك أكثر ، قال : فليقولوا : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقول بالتشبيه والجبر إذا ، فقلت له : إنهم يقولون : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يقل من ذلك شيئا وإنما روي عليه ، قال :

__________________

١ ـ كأن القائل بالجبر يقول : إن الله تعالى لو جعل عباده مختارين لفات عنه انفاذ مشيئته فيهم كما ذهب إليه المفوضة ، فقال عليه‌السلام : أنه تعالى أقهر لهم من ذلك ، وليست الملازمة ثابتة ، بل هو قاهر عليهم مع اختيارهم ، وفي نسخة ( و ) ( الله أرحم لهم من ذلك ) والعجب أن كلا من الفريقين على حسب سلوكهم لو جازوا عن مقامهم وقعوا في مهوى الآخرين ، وذلك لأنهم لم يطلبوا العلم عن باب مدينته حتى يستقيموا على الطريقة الوسطى.

٣٦٣

فليقولوا في آبائي عليهم‌السلام : إنهم لم يقولوا من ذلك شيئا وإنما روي عليهم ، ثم قال عليه‌السلام : من قال بالتشبيه والجبر فهو كافر مشرك ونحن منه براء في الدنيا والآخرة يا ابن خالد إنما وضع الأخبار عنا في التشبيه والجبر الغلاة الذين صغروا عظمة الله ، فمن أحبهم فقد أبغضنا ، ومن أبغضهم فقد أحبنا ، ومن والاهم فقد عادانا ، ومن عاداهم فقد والانا ، ومن وصلهم فقد قطعنا ، ومن قطعهم فقد وصلنا ، ومن جفاهم فقد برنا ، ومن برهم فقد جفانا ، ومن أكرمهم فقد أهاننا ، ومن أهانهم فقد أكرمنا ، ومن قبلهم فقد ردنا ، ومن ردهم فقد قبلنا ، ومن أحسن إليهم فقد أساء إلينا ، ومن أساء إليهم فقد أحسن إلينا ، ومن صدقهم فقد كذبنا ، ومن كذبهم فقد صدقنا ، ومن أعطاهم فقد حرمنا ، ومن حرمهم فقد أعطانا ، يا ابن خالد من كان من شيعتنا فلا يتخذن منهم وليا ولا نصيرا.

٦٠ ـ باب القضاء

والقدر والفتنة والأرزاق والأسعار والآجال

١ ـ أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن زرارة ، عن عبد الله بن سليمان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سمعته يقول : إن القضاء والقدر خلقان من خلق الله ، والله يزيد في الخلق ما يشاء. (١)

__________________

١ ـ قال المجلسي رحمه‌الله ذيل هذا الحديث في البحار القضاء والقدر : ( خلقان من خلق الله ) بضم الخاء أي صفتان من صفات الله ، أو بفتحهما أي هما نوعان من خلق الأشياء وتقديرها في الألواح السماوية ، وله البداء فيها قبل الايجاد ، فذلك قوله : ( يزيد في الخلق ما يشاء ) أو المعنى مرتبتان من مراتب خلق الأشياء فإنها تتدرج في الخلق إلى أن تظهر في الوجود العيني.

أقول : ولا يبعد أن يكون المراد بهما موجودين من الملائكة أو غيرهم يجري على أيديهم قضاؤه تعالى وقدره كالنازلين ليلة القدر ، مع أن إطلاق الخلق على نفس القضاء والقدر صحيح باعتبار جريانهما في الممكنات كالمشيئة على ما في الحديث الثامن في الباب الخامس والخمسين.

٣٦٤

٢ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن علي بن معبد ، عن درست ، عن ابن أذينة (١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قلت له جعلت فداك ما تقول في القضاء والقدر؟ قال : أقول : إن الله تبارك وتعالى إذا جمع العباد يوم القيامة سألهم عما عهد إليهم ولم يسألهم عما قضى عليهم (٣).

٣ ـ أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد البرقي ، عن عبد الملك بن عنترة الشيباني ، عن أبيه ، عن جده ، قال : جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر ، قال عليه‌السلام : بحر عميق فلا تلجه ، قال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر ، قال عليه‌السلام : طريق مظلم فلا تسلكه ، قال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر ، قال عليه‌السلام : سر الله فلا تكلفه (٣) قال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أما إذا أبيت فإني سائلك ، أخبرني أكانت رحمة الله للعباد قبل أعمال العباد أم كانت أعمال العباد قبل رحمة الله؟! قال : فقال له الرجل : بل كانت رحمة الله للعباد قبل أعمال العباد ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : قوموا فسلموا على أخيكم فقد أسلم وقد كان كافرا ، قال : وانطلق الرجل غير بعيد ، ثم انصرف إليه فقال له : يا أمير المؤمنين أبا لمشية الأولى نقوم ونقعد ونقبض ونبسط؟ فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : وإنك لبعد في المشية (٤) أما إني سائلك عن

__________________

١ ـ في نسخة ( و ) و ( ج ) و ( هـ ) ( عن ابن أذينة ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ).

٢ ـ بيانه أنه تعالى لا يسأل العباد يوم القيامة عما قضى عليهم قضاء تكوينيا حتى نفس أفعالهم الصادرة عنهم لأنها من حيث هي هي أشياء تقع في الوجود تبعا لعللها فليست خارجة عن حيطة قدره تعالى وقضائه. بل مورد السؤال يوم القيامة هو أفعالهم من حيث الموافقة والمخالفة لقضائه التشريعي الذي هو التحليل والتحريم ، وهذا هو العهد.

٣ ـ في البحار باب القضاء والقدر : ( فلا تتكلفه ).

٤ ـ في نسخة ( ط ) و ( ن ) ( وإنك لبعيد في المشيئة ).

٣٦٥

ثلاث لا يجعل الله لك في شيء منها مخرجا : أخبرني أخلق الله العباد كما شاء أو كما شاؤوا؟! فقال : كما شاء ، قال عليه‌السلام : فخلق الله العباد لما شاء أو لما شاؤوا؟! فقال : لما شاء ، قال عليه‌السلام : يأتونه يوم القيامة كما شاء أو كما شاؤوا؟ قال : يأتونه كما شاء ، قال عليه‌السلام : قم فليس إليك من المشية شيء. (١)

٤ ـ أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن القاسم بن محمد الإصبهاني عن سليمان بن داود المنقري ، عن سفيان بن عيينة (٢) عن الزهري ، قال : قال رجل لعلي بن الحسين عليهما‌السلام : جعلني الله فداك أبقدر يصيب الناس ما أصابهم أم بعمل؟ فقال عليه‌السلام : إن القدر والعمل بمنزلة الروح والجسد ، فالروح بغير جسد لا تحس والجسد بغير روح صورة لا حراك بها (٣) فإذا اجتمعا قويا وصلحا ، وكذلك العمل والقدر ، فلو لم يكن القدر واقعا على العمل لم يعرف الخالق من المخلوق وكان

__________________

١ ـ إن السائل توهم أن أعمال العباد لو كانت واقعة بقدر الله تعالى لزم الظلم إذا عذبوا عليها إذ لا محيص لهم عن القدر ، كما أن هذا التوهم ألجأ المفوضة إلى التفويض ونفي القدر فأجاب عليه‌السلام أن أعمال العباد مسبوقة برحمته ، مرتبطة بها ، مقدرة بها كسائر الأشياء ، فإن رحمته وسعت كل شيء ، فإن كانت مقدرة بها فلا معنى لأن يكون في التقدير ظلم ، فالجواب يرجع إلى نفي الملازمة بإثبات ضد الظلم في القدر ، وحيث إنه عليه‌السلام نفي التفويض وأثبت القدر توهم الجبر فرجع وقال : ( أبا لمشيئة الأولى ـ الخ ) إذ إثبات القدر في الأعمال يستلزم كونها بمشيئته ، وهذا من عجيب أمر هذا المبحث إذ نفي أحد الطرفين يجر إلى الطرف الآخر والقرار في الوسط يحتاج إلى قريحة لطيفة وفكرة دقيقة ، فأثبت عليه‌السلام للعبد مشيئة ولله تعالى المشيئة إلا أنها متقدمة حاكمة عليها مؤثرة فيها. وقوله : ( فليس إليك من المشيئة شيء ) أي ليس شيء من مشيئتك مفوض إليك من دون تأثير مشيئته ، وهذا هو الأمر بين أمرين ، وفي نسخة ( ب ) و ( د ) ( فليس إليك في المشيئة شيء ) وفي نسخة ( ن ) ( فليس لك من المشيئة شيء ) وفي نسخة ( ج ) ( ليس لك في المشيئة شيء ).

٢ ـ في نخسة ( ب ) و ( د ) وحاشية نسخة ( ن ) و ( ط ) ( عن سيف بن عيينة ).

٣ ـ في نسخة ( ب ) و ( ط ) و ( ن ) ( لا حراك لها ).

٣٦٦

القدر شيئا لا يحس ، ولو لم يكن العمل بموافقة من القدر لم يمض ولم يتم ، ولكنهما باجتماعهما قويا ، ولله فيه العون لعباده الصالحين (١) ثم قال عليه‌السلام : ألا إن من أجور الناس من رأى جوره عدلا وعدل المهتدي جورا ، إلا إن للعبد أربعة أعين : عينان يبصر بهما أمر آخرته ، وعينان يبصر بهما أمر دنياه ، فإذا أراد الله عزوجل بعبد خيرا فتح له العينين اللتين في قلبه فأبصر بهما العيب (٢) وإذا أراد غير ذلك ترك القلب بما فيه ، ثم التفت إلى السائل عن القدر فقال : هذا منه ، هذا منه (٣).

٥ ـ حدثنا أحمد بن الحسن القطان ، قال : حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان ، قال : حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب ، قال : حدثنا علي بن زياد ، قال : حدثنا مروان بن معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي حيان التيمي (٤) ، عن أبيه ـ و

__________________

١ ـ بيان كلامه عليه‌السلام : إن القدر يضاف إلى الله تعالى وهو هندسة الشيء ووضع حدوده وجودا وعدما ، ويضاف إلى الأمر المقدر وهو تعينه وتقدره بتلك الهندسة والحدود ، فما لم يكن القدر من الله تعالى لشيء لعدم تحقق بعض ما له دخل فيه لم يتعين ذلك الشيء ولم يوجد ( وهذا معنى قوله عليه‌السلام : ( لم يمض ولم يتم ) ولم يعرف الخالق منه ولم يكن قدر الله فيه محسوسا ، ثم إن العمل حيث إن له دخلا فيما يصيب الإنسان في دنياه وآخرته وإنه جزء لقدر ما يصيبه قال عليه‌السلام : ( ولكنهما باجتماعهما قويا ) وصارا منشأ لتحقق ما يصيب الإنسان ( وصلحا ) لحصوله. والحاصل إنا كل شيء خلقناه بقدر ، فلولا القدر لم يكن مخلوقا ولا القدر فيه محسوسا ولا المقدر منه معروفا ، وعمل الإنسان له دخل فيما له وما عليه ، فلذلك لم يتم قدر الله لما يصيب الإنسان إلا بالعمل ، إلا أن القدر هو الأصل في ذلك لمكان التمثيل ولأن العمل أيضا موقع للقدر ، ثم إن قوله : ( لا نحس ـ ولا يحس ) في الموضعين على بناء المجهول ، والضمير المجرور في قوله : ( ولله فيه العون ) يرجع إلى العمل.

٢ ـ في نسخة ( ج ) ( فأبصر بهما الغيب ).

٣ ـ أي فتح عيني القلب وتركه من القدر ، وفي هذا الكلام إشارة إلى أن المعرفة بسر القدر والرضا به لمن فتحت عين قلبه.

٤ ـ هو أبو حيان يحيى بن سعيد بن حيان التيمي الكوفي ، ثقة مات سنة خمس وأربعين. كما قال ابن حجر والذهبي. وفي نسخة ( ب ) ( عن أبي حنان التيمي ).

٣٦٧

كان مع علي عليه‌السلام يوم صفين وفيما بعد ذلك ـ قال : بينا علي بن أبي طالب عليه‌السلام يعبي الكتائب يوم صفين ومعاوية مستقبله على فرس له يتأكل تحته تأكلا وعلي عليه‌السلام على فرس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المرتجز ، وبيده حربة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو متقلد سيفه ذو الفقار (١) فقال رجل من أصحابه : احترس يا أمير المؤمنين فإنا نخشى أن يغتالك هذا الملعون ، فقال عليه‌السلام : لئن قلت ذاك إنه غير مأمون على دينه وإنه لأشقى القاسطين وألعن الخارجين على الأئمة المهتدين ، ولكن كفى بالأجل حارسا ، ليس أحد من الناس إلا ومعه ملائكة حفظة يحفظونه من أن يتردى في بئر أو يقع عليه حائطا أو يصيبه سوء ، فإذا حان أجله خلوا بينه وبين ما يصيبه ، وكذلك أنا إذا حان أجلي انبعث أشقاها (٢) فخضب هذه من هذا ـ وأشار إلى لحيته ورأسه ـ عهدا معهودا ووعدا غير مكذوب ، والحديث طويل ، أخذنا منه موضع الحاجة ، وقد أخرجته بتمامه في كتاب الدلائل والمعجزات.

٦ ـ حدثنا أبي ، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمهما الله قالا : حدثنا محمد بن يحيى العطار ، وأحمد بن إدريس جميعا ، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن علي بن معبد ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : كما أن بادي النعم من الله عزوجل وقد نحلكموه ، فلذلك الشر من أنفسكم وإن جرى به قدره (٣).

٧ ـ أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا أحمد بن إدريس ، قال : حدثنا محمد بن أحمد ، عن يوسف بن الحارث ، عن محمد بن عبد الرحمن العرزمي ، عن أبيه عبد الرحمن بإسناده رفعه إلى من قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : قدر الله المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة.

__________________

١ ـ بالرفع على أن يكون علما للسيف ، وفي نسخة ( و ) و ( ب ) ( ذا الفقار ) بالنصب فهو وصف له.

٢ ـ أي أشقى الأمة أو أشقى الفرقة المارقة أو أشقى الثلاثة المتعاهدين.

٣ ـ في نسخه ( ج ) ( وإن جرى به القدر ) وفي نسخة ( هـ ) ( وإن جرى بيده قدره ).

٣٦٨

٨ ـ حدثنا علي بن عبد الله الوراق ، وعلي بن محمد بن الحسن المعروف بابن مقبرة القزويني (١) قالا : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا الهيثم بن أبي مسروق النهدي ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن ثابت (٢) عن سعد بن طريف عن الإصبع بن نباته ، قال : إن أمير المؤمنين عليه‌السلام عدل من عند حائط مائل إلى حائط آخر ، فقيل له ، يا أمير المؤمنين أتفر من قضاء الله؟ فقال : أفر من قضاء الله إلى قدر الله عزوجل (٣).

٩ ـ حدثنا أبو الحسن محمد بن عمرو بن علي البصري (٤) قال : حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن المثنى (٥) قال : حدثنا أبو الحسن (٦) علي بن مهرويه القزويني ، قال : حدثنا أبو أحمد الغازي ، قال : حدثنا علي بن موسى الرضا

__________________

١ ـ في نسخة ( ب ) ( ابن مقيرة القزويني ) بالقاف والياء المثناة من تحت ، وفي نسخة ( د ) و ( هـ ) وحاشية نسخة ( ن ) كما في المتن والبقية ( ابن مغيرة القزويني ) بالغين والياء.

٢ ـ في نخسة ( ب ) ( عن عمر بن ثابت ).

٣ ـ أي سقوط الحائط المائل على من عنده من قضاء الله تعالى ، إلا أنه لم يقدر لي فلا يقضي فلا يقع على بل المقدر لي الفرار من عنده ، وهذا لا ينافي ما روي في باب فضل اليقين من الكافي عن الصادق عليه‌السلام : ( إن أمير المؤمنين صلوات الله عليه جلس إلى حائط مائل يقضي بين الناس ، فقال بعضهم : لا تقعد تحت هذا الحائط فإنه معود ، فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : حرس امرء أجله ، فلما قام سقط الحائط ، قال : وكان أمير المؤمنين عليه‌السلام يفعل هذا وأشباهه ، وهذا اليقين ـ انتهى الحديث ) لأنه عليه‌السلام كان عالما بأن المقدر سقوط الحائط بعد قيامه عنه والإمام عليه‌السلام يعمل بعض الأحيان بعلمه وإن كان الوظيفة بحسب الظاهر المعلوم الفرار عن الحائط.

٤ ـ في نسخة ( ن ) و ( ط ) ( أبو الحسين محمد بن عمر بن علي البصري ).

٥ ـ في نسخة ( هـ ) ( أبو الحسين علي بن الحسن الميثمي ) وفي نسخة ( و ) ( أبو الحسن علي بن الحسن بن المثنى ، وفي نسخة ( ب ) أبو الحسين علي بن الحسن بن المثنى ) وفي نسخة ( د ) ( أبو الحسين علي بن الحسين بن المثنى ).

٦ ـ في نسخة ( د ) وحاشية نسخة ( ب ) ( أبو الحسين ).

٣٦٩

قال : حدثنا أبي موسى بن جعفر ، قال : حدثنا أبي جعفر بن محمد ، قال : حدثنا أبي محمد بن علي ، قال : حدثنا أبي علي بن الحسين ، قال : حدثنا أبي الحسين ابن علي عليهم‌السلام ، قال : سمعت أبي علي بن أبي طالب عليه‌السلام يقول : الأعمال على ثلاثة أحوال : فرائض وفضائل ومعاصي (١) وأما الفرائض فبأمر الله عزوجل ، وبرضى الله وقضاء الله وتقديره ومشيته وعلمه ، وأما الفضائل فليست بأمر الله ولكن برضى الله وبقضاء الله وبقدر الله وبمشيته وبعلمه ، وأما المعاصي فليست بأمر الله (٢) ولكن بقضاء الله وبقدر الله وبمشيته وبعلمه ، ثم يعاقب عليها.

قال مصنف هذا الكتاب : قضاء الله عزوجل في المعاصي حكمه فيها ، ومشيته في المعاصي نهيه عنها ، وقدره فيها علمه بمقاديرها ومبالغها (٣).

__________________

١ ـ كأنه عليه‌السلام أراد بالمعاصي أعم من المكروهات ، ولم يدخل المباحات في القسمة.

٢ ـ ولا برضى الله تعالى أيضا.

٣ ـ أقول : قد ورد في الأحاديث أنه لا يكون شيء في السماوات والأرض إلا بسبع : مشيئة ، إرادة ، قدر ، قضاء ، كتاب ، أجل ، إذن ، وكذا ورد فيها كالحديث التاسع من الباب الرابع والخمسين أن الله تعالى علم وشاء وأراد وقدر وقضى وأمضى ، وكذا أحاديث أخر دالة على أن كل شيء واقع بقضائه وقدره حتى أفعال العباد ومعاصيهم ، وبالنظر في أخبار هذا الباب والأبواب السبعة قبله وغيرها ينحل ما يخطر بالبال من الشبهات في هذا المبحث ، ومجمل القول : أن كل شيء حتى كل فعل صدر من العبد من حيث هو شيء إنما يقع في الخارج بعلله المنتهية إليه تعالى ، وإنكار ذلك إخراج لبعض ما في ملكه عن سلطانه تعالى عن ذلك ، لكنه تعالى جعل فعل العبد بيده أي بقدرته وإرادته ، وإنكار قدرة العبد وإرادته سفه وإنكار لأمر وجداني ، يوجب ذلك الشبهات التي تراكمت في أذهان أصحابها لانحرافهم عن الحق وأهله ، مع أن قدرته وإرادته وكل شيء له محكومة بتلك الأمور ، فإذا فعل فإنما فعل بقدرته وإرادته بعد مشيئة الله له وإرادته وقدره وقضائه وإذنه بأجل في كتاب ، وأما أمره تعالى ونهيه فإنهما لا يتعلقان بفعل العبد من حيث ذاته وإنه شيء إذ لو لم يكن أمر ولا نهي لكان الفعل واقعا أو غير واقع من غير دخل لهما فيه ، بل يتعلقان به من حيث الموافقة بمعنى أن الأمر وكذا النهي يبعث العبد مع شرائط البعث فيه على أن يجعل فعله وتركه وفقا لما أمر به

٣٧٠

١٠ ـ وبهذا الإسناد قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : الدنيا كلها جهل إلا مواضع العلم ، والعلم كله حجة إلا ما عمل به ، والعمل كله رياء إلا ما كان مخلصا ، والاخلاص على خطر حتى ينظر العبد بما يختم له.

١١ ـ حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد المؤدب رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن علي بن معبد ، عن الحسين بن خالد ، عن علي بن موسى الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي ابن أبي طالب عليهم‌السلام ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : قال الله جل جلاله : من لم يرض بقضائي ولم يؤمن بقدري فليلتمس إلها غيري ، وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : في كل قضاء الله خيرة للمؤمن. (١)

١٢ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن محمد بن عذافر ، عن أبيه ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات يوم في بعض أسفاره إذا لقيه ركب فقالوا : السلام عليك يا رسول الله ، فالتفت إليهم فقال : ما أنتم؟ فقالوا : مؤمنون ، فقال : ما حقيقة إيمانكم. قالوا : الرضا بقضاء الله والتسليم لأمر الله والتفويض إلى الله ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علماء حكماء كادوا أن يكونوا من الحكمة أنبياء ، فإن كنتم صادقين فلا تبنوا ما لا تسكنون ، ولا تجمعوا ما لا تأكلون ، واتقوا الله الذي إليه ترجعون.

١٣ ـ حدثنا أحمد بن الحسن القطان ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ، قال : حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبيه ، عن هارون

__________________

ونهى عنه ، والحاصل أن الفعل المأمور به أو المنهى عنه من حيث هو كذلك الذي يتحقق الطاعة بموافقته والمعصية بمخالفته ليس موردا لإرادته وقضائه وغيرهما من أسباب الخلق ، نعم مورد للتشريعية منها.

١ ـ في نسخة ( د ) ( في كل قضاء الله عزوجل خيرة للمؤمنين ).

٣٧١

ابن مسلم (١) عن ثابت بن أبي صفية ، عن سعد الخفاف ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام لرجل : إن كنت لا تطيع خالقك فلا تأكل رزقه (٢) وإن كنت واليت عدوه فاخرج عن ملكه ، وإن كنت غير قانع بقضائه وقدره فاطلب ربا سواه.

١٤ ـ وبهذا الإسناد ، قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : قال الله تبارك وتعالى لموسى عليه‌السلام : يا موسى احفظ وصيتي لك بأربعة أشياء : أولهن ما دمت لا ترى ذنوبك تغفر فلا تشغل بعيوب غيرك (٣) والثانية ما دمت لا ترى كنوزي قد نفدت فلا تغتم بسبب رزقك ، والثالثة ما دمت لا ترى زوال ملكي فلا ترج أحدا غيري ، والرابعة ما دمت لا ترى الشيطان ميتا فلا تأمن مكره.

١٥ ـ وبهذا الإسناد عن الإصبع بن نباتة ، قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أما بعد فإن الاهتمام بالدنيا غير زائد في الموظوف وفيه تضييع الزاد ، والاقبال على الآخرة غير ناقص من المقدور (٤) وفيه إحراز المعاد ، وأنشد :

« لو كان في صخرة في البحر راسية

صماء ملمومة ملس نواحيها »

« رزق لنفس يراها الله لا نفلقت

عنه فأدت إليه كل ما فيها »

« أو كان بين طباق السبع مجمعه

لسهل الله في المرقى مراقيها »

« حتى يوافي الذي في اللوح خط له

إن هي أتته وإلا فهو يأتيها » (٥)

__________________

١ ـ في نسخة ( و ) و ( ط ) و ( ن ) ( عن مروان بن مسلم ).

٢ ـ في نسخة ( ط ) و ( ن ) ( فلا تأكل من رزقه ).

٣ ـ في النسخ المخطوطة عندنا : ( فلا تشتغل ـ الخ ) ، وما هنا أبلغ.

٤ ـ في نسخه ( و ) و ( هـ ) و ( ج ) ( غير ناقص في المقدور ).

٥ ـ قوله : ( فأدت إليه ) هكذا في النسخ ، والقاعدة تقتضي إليها ، أي فأدت تلك الصخرة إلى تلك النفس ، وكذا الكلام في الضمير المستتر في يوافي والضمير المجرور باللام بعده لأن مرجعهما النفس ، والتذكير يمكن أن يكون باعتبار صاحب النفس ، وقوله : ( مجمعه ) اسم مكان والضمير يرجع إلى رزق ، وفي نسخه ( و ) و ( ب ) وحاشية نسخة ( ن ) ( مجمعة ) بالتاء

٣٧٢

قال مصنف هذا الكتاب : كل ما مكننا الله عزوجل من الانتفاع به ولم يجعل لأحد منعنا منه فقد رزقناه وجعله رزقا لنا ، وكل ما لم يمكننا الله عزوجل من الانتفاع به وجعل لغيرنا منعنا منه فلم يرزقناه ولا جعله رزقا لنا. (١)

١٦ ـ حدثنا أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن أحمد بن سليمان ، قال : سأل رجل أبا الحسن عليه‌السلام وهو في الطواف فقاله له : أخبرني عن الجواد ، فقال له : إن لكلامك وجهين : فإن كنت تسأل عن المخلوق فإن الجواد الذي يؤدي ما افترض الله عزوجل عليه ، والبخيل من بخل بما افترض الله عليه ، وإن كنت تعني الخالق فهو الجواد إن أعطى وهو الجواد إن منع لأنه إن أعطى عبدا أعطاه ما ليس له وإن منع ما ليس له.

١٧ ـ حدثنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله ابن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، قال : حدثني جدي

__________________

مكان الضمير ، وهو اسم مكان أيضا ، أي مجمعة له ، وقوله : ( وفي المرقى مراقيها ) أي لسهل الله في السماء صعود مدارج السماوات السبع لمن رزقه فيها ، والمصراع الأخير نظير قوله عليه‌السلام في النهج : ( الرزق رزقان : رزق تطلبه ورزق يطلبك ، فإن لم تأته أتاك ) والضمائر المؤنثة في المصراع الأخير راجعة إلى النفس والمذكرة إلى الرزق.

١ ـ أقوله : الله تعالى خالق الخلق ورازقهم ، والخلق هو الايجاد ، والرزق هو إيصال ما ينتفع به الموجود إليه ، وكما يطلق الخلق على المخلوق يطلق الرزق على المرزوق أي ما ينتفع به الموجود ، وهذا أمر تكويني داخل تحت القدر والقضاء ، يستوي فيه الإنسان وغيره والمكلف وغيره وكاسب الحلال وغيره ، فإن على الله رزق كل موجود إن أراد بقاءه ، ثم إن من الرزق ما يكتسب بأسباب في أيدي المكلفين من المعاملات وغيرها ، وبعض تلك الأسباب ممضى من الشارع وبعضها غير ممضى ، وما يكتسب بالأول فهو الحلال وما يكتسب بالثاني فهو الحرام ، فاختلف المسلمون فالمعتزلة وفاقا للإمامية إلى أن الحلال رزق والحرام لا يسمى رزقا ، والأشاعرة إلى أن كليهما رزق ، ولكل من الفريقين متمسكات من الكتاب والسنة ، وقول المصنف هنا : ( ولم يجعل لأحد منعنا منه ) لإخراج الحرام. وتفصيل الكلام في محله.

٣٧٣

يحيى بن الحسن ، قال : حدثنا يعقوب بن يزيد ، قال : حدثني ابن أبي عمير وعبد الله بن المغيرة ، عن أبي حفص الأعشى ، عن أبي حمزة ، عن علي بن الحسين عليهما‌السلام ، قال : خرجت حتى انتهيت إلى هذا الحائط فاتكيت عليه ، فإذا رجل عليه ثوبان أبيضان ينظر في وجهي ، ثم قال لي : يا علي بن الحسين ما لي أراك كئيبا حزينا ، أعلى الدنيا حزنك؟ فرزق الله حاضر للبر والفاجر ، فقلت : ما على هذا أحزن وإنه لكما تقول ، قال : أفعلى الآخرة حزنك؟ فهو وعد صادق يحكم فيه ملك قاهر ، قلت : ما على هذا أحزن وإنه لكما تقول : قال : فعلى ما حزنك؟ فقلت : أنا أتخوف من فتنة ابن الزبير (١) فضحك ، ثم قال : يا علي بن الحسين هل رأيت أحدا خاف الله تعالى فلم ينجه. قلت : لا ، قال : يا علي بن الحسين هل رأيت أحدا سأل الله عزوجل فلم يعطه؟ قلت : لا ، قال عليه‌السلام : ثم نظرت فإذا ليس قدامي أحد.

١٨ ـ حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رحمه‌الله ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن المفضل بن صالح ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما‌السلام ، قال : إن موسى بن عمران عليه‌السلام قال : يا رب رضيت بما قضيت ، تميت الكبير وتبقي الصغير ، فقال الله جل جلاله : يا موسى أما ترضاني لهم رازقا وكفيلا؟ قال : بلى يا رب ، فنعم الوكيل أنت ونعم الكفيل.

١٩ ـ حدثنا حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، وأحمد بن الحسن القطان ، ومحمد بن إبراهيم بن أحمد المعاذي ، قالوا : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني مولى بني هاشم ، قال : حدثنا يحيى بن إسماعيل الجريري (٢) قراءة ، قال : حدثنا الحسين بن إسماعيل قال : حدثنا عمرو بن جميع ، عن جعفر بن محمد ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن

__________________

١ ـ في نسخة ( ط ) ( فقلت : لما أتخوف من فتنة ابن الزبير ) فمن بيانية ، وفي نسخه ( ج ) ( إنا نتخوف ـ الخ ).

٢ ـ في نسخة ( د ) و ( ب ) ( الحريزي ) بالزاي المعجمة قبل الياء الأخيرة.

٣٧٤

جده عليهم‌السلام قال : دخل الحسين بن علي عليهما‌السلام ، على معاوية (١) فقال له : ما حمل أباك على أن قتل أهل البصرة ثم دار عشيا في طرقهم في ثوبين؟! فقال عليه‌السلام : حمله على ذلك علمه أن ما أصابه لم يكن ليخطئه (٢) وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه ، قال : صدقت ، قال : وقيل لأمير المؤمنين عليه‌السلام لما أراد قتال الخوارج : لو احترزت يا أمير المؤمنين فقال عليه‌السلام :

أي يومي من الموت أفر

أيوم لم يقدر أم يوم قدر

يوم ما قدر لا أخشى الردى

وإذا قدر لم يغن الحذر (٣)

٢٠ ـ حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن أحمد الإصبهاني ، قال : حدثنا مكي بن أحمد بن سعدويه البرذعي ، قال : أخبرنا أبو منصور محمد بن القاسم بن عبد الرحمن العتكي ، قال : حدثنا محمد بن أشرس ، قال : حدثنا إبراهيم بن نصر قال : حدثنا وهب بن وهب بن هشام أبو البختري ، قال : حدثنا جعفر بن محمد (٤) عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : يا علي إن اليقين أن لا ترضي أحدا على سخط الله ، ولا تحمدن أحدا على ما آتاك الله ، ولا تذمن أحدا على ما لم يؤتك الله ، فإن الرزق لا يجره حرص حريص ولا يصرفه كره كاره ، فإن الله عزوجل بحكمته وفضله (٥) جعل الروح والفرج (٦) في

__________________

١ ـ النسخ متفقة في هذه العبارة مع أنه لا يستقيم ارجاع ضمير جده إلى جعفر بن محمد وهذا ظاهر ، ولا إلى ( أبي ) لأن الجد حينئذ هو الحسين بن علي ، ولا إلى أبيه وهذا أيضا ظاهر ، فعن جده إما زيادة أو صاحب القصة الحسن دون الحسين عليهما‌السلام مع ارجاع الضمير إلى أبي ، والله العالم.

٢ ـ قوله : ( أن ـ الخ ) بالفتح معمول لعلمه ، ويحتمل الكسر ، وفي نسخة ( د ) ( على أن ما أصابه ـ الخ ) فيكون جوابا آخر.

٣ ـ في نسخة ( و ) ( لا أخشى الورى ).

٤ ـ في نسخة ( ب ) و ( ج ) و ( د ) و ( هـ ) ( حدثني جعفر بن محمد ).

٥ ـ في نسخة ( و ) و ( هـ ) ( بحكمه وفضله ).

٦ ـ في نسخة ( ج ) و ( د ) و ( ط ) و ( ن ) ( جعل الروح والفرج ) بالجيم.

٣٧٥

اليقين والرضا ، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط ، إنه لا فقر أشد من الجهل (١) ولا مال أعود من العقل ، ولا وحدة أوحش من العجب ، ولا مظاهرة أوثق من المشاورة ، ولا عقل كالتدبير ، ولا ورع كالكف عن المحارم ، ولا حسب كسن الخلق ، ولا عبادة كالتفكر ، وآفة الحديث الكذب ، وآفة العلم النسيان وآفة العبادة الفترة ، وآفة الظرف الصلف ، وآفة الشجاعة البغي ، وآفة السماحة المن ، وآفة الجمال الخيلاء ، وآفة الحسب والفجر.

٢١ ـ حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رحمه‌الله ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا محمد بن أبي الصهبان ، قال : حدثنا أبو أحمد محمد بن زياد الأزدي ، قال : حدثني أبان الأحمر ، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام ، أنه جاء إليه رجل فقال له : بأبي أنت وأمي عظني موعظة ، فقال عليه‌السلام ، إن كان الله تبارك وتعالى قد تكفل بالرزق فاهتمامك لماذا ، وإن كان الرزق مقسوما فالحرص لماذا ، وإن كان الحساب حقا فالجمع لماذا ، وإن كان الخلف من الله عزوجل حقا فالبخل لماذا (٢) وإن كانت العقوبة من الله عزوجل النار فالمعصية لماذا ، وإن كان الموت حقا فالفرح لماذا وإن كان العرض على الله عزوجل حقا فالمكر لماذا ، وإن كان الشيطان عدوا فالغفلة لماذا ، وإن كان الممر على الصراط حقا فالعجب لماذا ، وإن كان كل شيء بقضاء وقدر فالحزن لماذا ، وإن كانت الدنيا فانية فالطمأنينة إليها لماذا؟!.

٢٢ ـ حدثنا أبو منصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الخوري بنيسابور ، قال : حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن هارون الخوري ، قال : حدثنا جعفر بن محمد بن زياد الفقيه الخوري ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الله الجويباري الشيباني ، عن علي بن موسى الرضا ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله عزوجل قدر المقادير ودبر التدابير قبل أن يخلق آدم بألفي

__________________

١ ـ في نسخة ( ج ) و ( ط ) و ( ن ) ( فإنه لا فقر ـ الخ ).

٢ ـ المعنى أنه تعالى إن كان يخلف على العبد ما أنفقه ويعوضه أضعاف ما صرفه في سبيله فالبخل لماذا؟.

٣٧٦

عام (١).

٢٣ ـ حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد الأشناني الرازي العدل ببلخ ، قال : حدثنا علي بن مهرويه القزويني (٢) قال : حدثنا علي بن موسى الرضا ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، قال : إن يهوديا سأل علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقال : أخبرني عما ليس لله وعما ليس عند الله وعما لا يعلمه الله ، فقال عليه‌السلام : أما ما لا يعلمه الله عزوجل فذلك قولكم يا معشر اليهود : إن عزيرا ابن الله والله لا يعلم له ولدا ، وأما قولك ما ليس لله فليس لله شريك ، وقولك : ما ليس عند الله فليس عند الله ظلم للعباد ، فقال اليهودي : أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.

٢٤ ـ حدثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس الليثي ، قال : حدثنا أحمد ابن محمد بن سعيد الهمداني مولى بني هاشم ، قال : أخبرني الحارث بن أبي أسامة قراءة ، عن المدائني ، عن عوانة بن الحكم ، وعبد الله بن العباس بن سهل الساعدي ،

__________________

١ ـ قد مضى في الحديث السابع تقدير المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ، والاختلاف يدل على تعدد التقدير للكل ، أو أن التقدير لبعض الأشياء قبل بعضها ، وفي حاشية نسخة ( ط ) و ( ن ) ( قبل أن يخلق العالم ـ الخ ).

٢ ـ في نسخة ( و ) و ( هـ ) ( حدثنا علي بن مهرويه القزويني قال : حدثنا داود بن سليمان الغزاء ( بالغين المعجمة والزاي المعجمة مبالغة الغازي ) قال : حدثنا علي بن موسى الرضا ـ الخ ) وهذا هو الصحيح ، وهذا الرجل هو أبو أحمد الغازي المذكور في الحديث التاسع ، ولا يبعد أن يكون ملقبا بالغزاء والغازي معا ، ولا يخفى أن الرجل مذكور في الحديث الرابع والعشرين من الباب الثاني ، والحديث السابع عشر من الباب الثامن والعشرين بلقب الفراء بالفاء والراء المهملة ، ولا شبهة أنه تصحيف الغزاء ، ونحن أبقيناه عليه لاتفاق النسخ عليه ، وقال في قاموس الرجال : داود بن سليمان بن وهب الغازي روى عن الرضا عليه‌السلام حديث الإيمان كما يظهر من لئالي السيوطي وروى الخصال عنه حديث رواية أربعين حديثا إلا أن النساخ صحفوا الغازي فيه بالفراء ، أقول : الأقرب أن صحفوا الغزاء به كما قلنا.

٣٧٧

وأبي بكر الخراساني مولى بني هاشم ، عن الحارث بن حصيرة ، عن عبد الرحمن بن جندب ، عن أبيه وغيره أن الناس أتوا الحسن بن علي بعد وفاة علي عليهما‌السلام ، ليبايعوه فقال : الحمد لله على ما قضى من أمر ، وخص من فضل ، وعم من أمر ، وجلل من عافية (١) حمدا يتمم به علينا نعمه ونستوجب به رضوانه ، إن الدنيا دار بلاء وفتنة وكل ما فيها إلى زوال ، وقد نبأنا الله عنها كيما نعتبر ، فقدم إلينا بالوعيد كي لا يكون لنا حجة بعد الانذار ، فازهدوا فيما يفنى ، وارغبوا فيما يبقى ، وخافوا الله في السر والعلانية ، إن عليا عليه‌السلام في المحيا والممات والمبعث عاش بقدر ومات بأجل ، وإني أبايعكم على أن تسالموا من سالمت وتحاربوا من حاربت ، فبايعوه على ذلك.

قال محمد بن علي بن الحسين مصنف هذا الكتاب : أجل موت الإنسان هو وقت موته ، وأجل حياته هو وقت حياته وذلك معنى قول الله عزوجل : ( فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ) (٢) وإن مات الإنسان حتف أنفه على فراشه أو قتل فإن أجل موته هو وقت موته ، وقد يجوز أن يكون المقتول لو لم يقتل لمات من ساعته ، وقد يجوز أن يكون لو لم يقتل لبقي (٣) وعلم ذلك مغيب عنا

__________________

١ ـ في نسخة ( و ) ( الحمد لله على ما قضى من أمره ـ الخ ) وفي نسخة ( د ) ( الحمد لله على ما قضى من أمر ورخص من فضل وعم من أمر وحلل من غاية ).

٢ ـ الأعراف : ٣٤ ، والنحل : ٦١.

٣ ـ يقال الأجل لنفس المدة كقوله تعالى ( أيما الأجلين قضيت ) ولمنتهى المدة كقوله تعالى : ( إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى ) فأجل الإنسان منتهى مدة حياته الذي يقع فيه موته بالقتل أو بحتف الأنف ، وأجل أمة وقت فنائهم ، وقال قوم من المعتزلة : إن أجل المقتول ليس الوقت الذي يقتل فيه بل الوقت الذي لو لم يقتل لبقي إليه هو أجله ، وقد ورد في آيات وأخبار أن الأجل أجلان : المقضى والمسمى ، وتفصيل الكلام في محله ، وقال العلامة رحمه‌الله في شرح التجريد : اختلف الناس في المقتول لو لم يقتل فقالت المجبرة : إنه كان يموت قطعا وهو قول أبي الهذيل العلاف ، وقال بعض البغداديين : إنه كان يعيش قطعا ، وقال أكثر المحققين : إنه كان يجوز أن يعيش ويجوز له أن يموت.

٣٧٨

وقد قال الله عزوجل : ( قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم ) (١) وقال عزوجل : ( قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل ) (٢) ولو قتل جماعة في وقت لجاز أن يقال : إن جميعهم ماتوا بآجالهم وإنهم لو لم يقتلوا لماتوا من ساعتهم ، كما كان يجوز أن يقع الوبا في جميعهم فيميتهم ، في ساعة واحدة ، وكان لا يجوز أن يقال : إنهم ماتوا بغير آجالهم ، وفي الجملة أن أجل الإنسان هو الوقت الذي علم الله عزوجل أنه يموت فيه أو يقتل ، وقول الحسن عليه‌السلام في أبيه عليه‌السلام ( إنه عاش بقدر ومات بأجل ) تصديق لما قلناه في هذا الباب والله الموفق للصواب بمنه.

٢٥ ـ حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب السجزي بنيسابور ، قال : أخبرنا أبو نصر منصور بن عبد الله بن إبراهيم الإصبهاني ، قال : حدثنا علي بن عبد الله ، قال : حدثنا الحسن بن أحمد الحراني ، قال : حدثنا يحيى بن عبد الله بن الضحاك ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، قال : قيل لأمير المؤمنين عليه‌السلام : ألا نحرسك ، قال : حرس كل امرء أجله.

٢٦ ـ حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب قال : حدثنا منصور بن عبد الله ، قال : حدثنا علي بن عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، قال : حدثنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن وهب ، قال : كنا مع سعيد بن قيس بصفين ليلا والصفان ينظر كل واحد منهما إلى صاحبه حتى جاء أمير المؤمنين عليه‌السلام فنزلنا على فنائه فقال له سعيد بن قيس : أفي هذه الساعة يا أمير المؤمنين؟! أما خفت شيئا ، قال : وأي شيء أخاف؟! إنه ليس من أحد إلا ومعه ملكان موكلان به أن يقع في بئر أو تضربه دابة أو يتردى من جبل حتى يأتيه القدر ، فإذا أتى القدر خلوا بينه وبينه.

٢٧ ـ حدثنا أبو نصر محمد بن أحمد بن إبراهيم بن تميم السرخسي بسرخس قال : حدثنا أبو لبيد محمد بن إدريس الشامي ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعيد

__________________

١ ـ آل عمران : ١٥٤.

٢ ـ الأحزاب : ١٦.

٣٧٩

الجوهري ، قال : حدثنا أبو ضمرة أنس بن عياض ، عن أبي حازم ، عن عمر وبن شعيب (١) عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يؤمن أحدكم حتى يؤمن بالقدر خيره وشره وحلوه ومره.

٢٨ ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الطائي ، قال : حدثنا أبو سعيد سهل بن زياد الآدمي ، الرازي عن علي بن جعفر الكوفي ، قال : سمعت سيدي علي بن محمد يقول : حدثني أبي محمد بن علي ، عن أبيه الرضا علي بن موسى ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين ابن علي عليهم‌السلام ، وحدثنا محمد بن عمر الحافظ البغدادي ، قال : حدثني أبو القاسم إسحاق بن جعفر العلوي ، قال : حدثني أبي جعفر بن محمد بن علي ، عن سليمان ابن محمد القرشي ، عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليهم‌السلام ـ واللفظ لعلي بن أحمد بن محمد ابن عمران الدقاق ـ قال : دخل رجل من أهل العراق على أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : أخبرنا عن خروجنا إلى أهل الشام أبقضاء من الله وقدر؟ فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : أجل يا شيخ ، فوالله ما علوتم تلعة ولا هبطتم بطن واد إلا بقضاء من الله وقدر فقال الشيخ : عند الله أحتسب عنائي (٢) يا أمير المؤمنين ، فقال : مهلا يا شيخ ، لعلك تظن قضاء حتما وقدرا لازما (٣) لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب والأمر والنهي والزجر ، ولسقط معنى الوعيد والوعد ، ولم يكن على مسيئ لائمة ولا لمحسن محمدة ، ولكان المحسن أولى باللائمة من المذنب والمذنب أولى بالاحسان من

__________________

١ ـ في نسخة ( ج ) ( عن أبي دجانة عن عمر بن شعيب ) ، وفي نسخة ( ط ) ( عن أبي دجانة عن عمرو بن سعيد ).

٢ ـ أي إن كان خروجنا وجهادنا بقضائه تعالى وقدره لم نستحق أجرا فرجائي أن يكون عنائي عند الله محسوبا في عداد أعمال من يتفضل عليهم بفضله يوم القيامة.

٣ ـ بالمعنى الذي زعمته الجبرية.

٣٨٠