التّوحيد

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

التّوحيد

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: السيد هاشم الحسيني الطهراني
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧٠

ما لك يا رسول الله؟ قال : عجبت من المؤمن وجزعه من السقم ، ولو يعلم ما له في السقم من الثواب لأحب أن لا يزال سقيما حتى يلقى ربه عزوجل.

٤ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إن قوما أتوا نبيا فقالوا : ادع لنا ربك يرفع عنا الموت ، فدعا لهم ، فرفع الله تبارك وتعالى عنهم الموت ، وكثروا حتى ضاقت بهم المنازل وكثر النسل ، وكان الرجل يصبح فيحتاج أن يطعم أباه وأمه وجده وجد جده ويرضيهم (١) ويتعاهدهم ، فشغلوا عن طلب المعاش ، فأفتوه فقالوا : سل ربك أن يردنا إلى آجالنا التي كنا عليها ، فسأل ربه عزوجل فردهم إلى آجالهم.

٥ ـ حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي (ره) قال حدثنا أبي ، عن جده أحمد بن أبي عبد الله ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن أبيه ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله الصادق ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام قال : ضحك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم حتى بدت نواجذه ، ثم قال : ألا تسألوني مم ضحكت ، قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : عجبت للمرء المسلم أنه ليس من قضاء يقضيه الله عزوجل إلا كان خيرا له في عاقبة أمره.

٦ ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن أبي قتادة القمي قال : حدثنا عبد الله بن يحيى ، عن أبان الأحمر ، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : والذي بعث جدي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالحق نبيا إن الله تبارك وتعالى ليرزق العبد على قدر المروة ، وإن المعونة لتنزل من السماء على قدر المؤونة ، وإن الصبر لينزل على قدر شدة البلاء.

٧ ـ حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رحمه‌الله ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن المفضل بن

__________________

١ ـ في نسخة ( ج ) ( ويربيهم ) ، وفي نسخة ( و ) و ( د ) و ( هـ ) ( يوضيهم ).

٤٠١

صالح ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما‌السلام ، قال : إن موسى بن عمران عليه‌السلام قال : يا رب رضيت بما قضيت تميت الكبير وتبقي الصغير ، فقال الله عزوجل : يا موسى أما ترضاني لهم رازقا وكفيلا؟ قال : بلى يا رب فنعم الوكيل أنت ونعم الكفيل (١).

٨ ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى ، عن محمد بن أبي الهزهاز ، عن علي بن الحسين (٢) قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إن الله عزوجل جعل أرزاق المؤمنين من حيث لا يحتسبون ، وذلك أن العبد إذا لم يعرف وجه رزقه كثر دعاؤه.

٩ ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي ، قال : حدثنا جعفر بن سليمان بن أيوب الخزاز (٣) قال : حدثنا عبد الله بن الفضل الهاشمي ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : لأي علة جعل الله تبارك وتعالى الأرواح في الأبدان بعد كونها في ملكوته الأعلى في أرفع محل؟ فقال عليه‌السلام : إن الله تبارك وتعالى علم أن الأرواح في شرفها وعلوها متى تركت على حالها نزع أكثرها إلى دعوى الربوبية دونه عزوجل ، فجعلها بقدرته في الأبدان التي قدرها لها في ابتداء التقدير نظرا لها ورحمة بها ، وأحوج بعضها إلى بعض ، وعلق

__________________

١ ـ مر هذا الحديث في الباب الستين بعين السند والمتن.

٢ ـ في نسخة ( ب ) و ( د ) ( عن علي بن الحسين ) وفي حاشية نسخة ( و ) و ( ن ) ( عن علي بن السري ).

٣ ـ في نسخة ( ط ) ( جعفر بن سليمان بن أبي أيوب الخزاز ) وفي نسخة ( ب ) ( جعفر ابن سليمان عن أيوب الخزاز ) واحتمل أن يكون جعفر بن سليمان عن أبي أيوب الخزاز ، وهو إما إبراهيم بن زياد أو إبراهيم بن عثمان. وأما رواية البرمكي عن جعفر بن سليمان فبعيدة. ورواية جعفر بن سليمان عن عبد الله بن الفضل من غير واسطة كثيرة.

٤٠٢

بعضها على بعض ، ورفع بعضها فوق بعض درجات ، وكفى بعضها ببعض ، وبعث إليهم رسله واتخذ عليهم حججه مبشرين منذرين يأمرونهم بتعاطي العبودية والتواضع لمعبودهم بالأنواع التي تعبدهم بها ونصب لهم عقوبات في العالج وعقوبات في الآجل ومثوبات في العاجل ومثوبات في الآجل ليرغبهم بذلك في الخير ويزهدهم في الشر وليذلهم (١) بطلب المعاش والمكاسب فيعلموا بذلك أنهم مربوبون وعباد مخلوقون ويقبلوا على عبادته فيستحقوا بذلك نعيم الأبد وجنة الخلد ويأمنوا من النزوع إلى ما ليس لهم بحق ، ثم قال عليه‌السلام : يا ابن الفضل إن الله تبارك وتعالى أحسن نظرا لعباده منهم لأنفسهم ، ألا ترى أنك لا ترى فيهم إلا محبا للعلو (٢) على غيره حتى أن منهم لمن قد نزع إلى دعوى الربوبية ، ومنهم من قد نزع إلى دعوى النبوة بغير حقها ، ومنهم من قد نزع إلى دعوى الإمامة بغير حقها ، مع ما يرون في أنفسهم من النقص والعجز والضعف والمهانة والحاجة والفقر والآلام المتناوبة عليهم والموت الغالب لهم والقاهر لجميعهم ، يا ابن الفضل إن الله تبارك وتعالى لا يفعل لعباده إلا الأصلح لهم ، ولا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون.

١٠ ـ حدثنا محمد بن أحمد الشيباني رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا محمد بن أبي ـ عبد الله الكوفي ، قال : حدثنا موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن علي بن سالم ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله جعفر الصادق عليه‌السلام ، قال : سألته عن قول الله عزوجل : ( ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ) (٣) قال : خلقهم ليفعلوا ما يستوجبوا به رحمته فيرحمهم.

١١ ـ حدثنا محمد بن القاسم الأسترآبادي ، قال : حدثنا يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيار عن أبويهما ، عن الحسن بن علي ، عن أبيه ، علي بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن موسى الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر

__________________

١ ـ في نسخة ( ب ) و ( د ) و ( هـ ) ( ليدلهم ) بالدال المهملة.

٢ ـ في نسخة ( هـ ) ( لا ترى منهم إلا محبا ـ الخ ).

٣ ـ هود : ١١٨.

٤٠٣

عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين عليهم‌السلام في قول الله عزوجل : ( الذي جعل لكم الأرض فراشا ) (١) قال : جعلها ملائمة لطبائعكم موافقة لأجسادكم ، لم يجعلها شديدة الحمى والحرارة فتحرقكم ، ولا شديدة البرد فتجمدكم ، ولا شديدة طيب الريح فتصدع هاماتكم ، ولا شديدة النتن فتعطبكم ، ولا شديدة اللين كالماء فتغرقكم ، ولا شديدة الصلابة فتمتنع عليكم في دوركم وأبنيتكم وقبور موتاكم ، ولكنه عزوجل جعل فيها من المتانة ما تنتفعون به وتتماسكون وتتماسك عليها أبدانكم وبنيانكم ، وجعل فيها ما تنقاد به لدوركم وقبوركم وكثير من منافعكم (٢) فلذلك جعل الأرض فراشا لكم ، ثم قال عزوجل ( والسماء بناء ) أي سقفا من فوقكم محفوظا ، يدير فيها شمسها وقمرها ونجومها لمنافعكم ، ثم قال عزوجل : ( وأنزل من السماء ماء ) يعني المطر نزله من العلي ليبلغ قلل جبالكم وتلالكم وهضابكم وأوهادكم ، ثم فرقة رذاذا ووابلا وهطلا وطلا لتنشفه أرضوكم ، ولم يجعل ذلك المطر نازلا عليكم قطعة واحدة فيفسد أرضيكم وأشجاركم وزروعكم وثماركم ، ثم قال عزوجل : ( فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا ) أي أشباها وأمثالا من الأصنام التي لا تعقل ولا تسمع ولا تبصر ولا تقدر على شيء ( وأنتم تعلمون ) أنها لا تقدر على شيء من هذه النعم الجليلة التي أنعمها عليكم ربكم تبارك وتعالى.

١٢ ـ حدثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن داود بن كثير الرقي ، عن أبي عبيدة الحذاء ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : قال الله جل جلاله : إن من عبادي المؤمنين لمن يجتهد في عبادتي فيقوم من رقاده ولذيذ وساده فيتهجد في الليالي ويتعب نفسه في عبادتي فأضربه بالنعاس الليلة والليلتين نظرا مني له و

__________________

١ ـ البقرة : ٢٢.

٢ ـ قوله : ( وكثير ) بالجر عطف على دوركم ، وفي نسخة ( ط ) و ( ن ) ( بالنصب فعطف على ما تنقاد ).

٤٠٤

إبقاء عليه فينام حتى يصبح ويقوم وهو ماقت لنفسه زار عليها ، ولو أخلي بينه وبين ما يريد من عبادتي لدخله من ذلك العجب فيصيره العجب إلى الفتنة بأعماله (١) ورضاه عن نفسه حتى يظن أنه قد فاق العابدين ، وجاز في عبادته حد التقصير (٢) فيتباعد مني عند ذلك وهو يظن أنه يتقرب إلي.

١٣ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن داود بن فرقد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان فيما أوحى الله عزوجل إلى موسى عليه‌السلام : أن يا موسى ما خلقت خلقا أحب إلي من عبدي المؤمن ، وإنما أبتليه لما هو خير له وأعافيه لما هو خير له ، وأنا أعلم بما يصلح عليه أمر عبدي ، فليصبر على بلائي وليشكر نعمائي وليرض بقضائي أكتبه في الصديقين عندي إذا عمل برضائي فأطاع أمري (٣).

٦٣ ـ باب الأمر والنهي والوعد والوعيد

١ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى ، عن منصور بن حازم ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : الناس مأمورون منهيون ، و

__________________

١ ـ في نسخة ( ط ) و ( ن ) ( ليدخله من ذلك العجب إلى الفتنة بأعماله ).

٢ ـ في الكافي ج ٢ ص ٧٢ عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام أنه قال لبعض ولده : ( يا بني عليك بالجد ، لا تخرجن نفسك من حد التقصير في عبادة الله عزوجل وطاعته فإن الله لا يعبد حق عبادته ) أي يجب على العبد دائما في أي منزلة كان أن يعترف أنه مقصر في ذلك ، وفي الدعاء : ( اللهم لا تجعلني من المعارين ولا تخرجني عن التقصير ) وفي نسخة ( ج ) ( حاز في عبادته حق المتقين ).

٣ ـ في نسخة ( و ) ( أطاع أمري ).

٤٠٥

من كان له عذر عذره الله عزوجل. (١)

٢ ـ حدثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن هشام بن سالم ، عن حبيب السجستاني ، عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام قال : إن في التوراة مكتوبا يا موسى إني خلقتك واصطفيتك وقويتك وأمرتك بطاعتي ونهيتك عن معصيتي ، فإن أطعتني أعنتك على طاعتي وإن عصيتني لم أعنك على معصيتي ، يا موسى ولي المنة عليك في طاعتك لي ، ولي الحجة عليك في معصيتك لي.

٣ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب وأحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن علي بن محمد القاساني ، عمن ذكره ، عن عبد الله بن القاسم الجعفري ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من وعده الله على عمل ثوابا فهو منجزه له ، ومن أوعده على عمل عقابا فهو فيه بالخيار.

٤ ـ حدثنا أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي بنيسابور سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة ، قال : أخبرنا محمد بن يحيى الصولي ، قال : حدثنا ابن ذكوان (٢) قال : سمعت إبراهيم بن العباس يقول : كنا في مجلس الرضا عليه‌السلام فتذاكروا الكبائر وقول المعتزلة فيها : إنها لا تغفر ، فقال الرضا عليه‌السلام : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : قد نزل القرآن بخلاف قول المعتزلة ، قال الله عزوجل : ( وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم ) (٣) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥ ـ حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي ، وأحمد بن الحسن القطان ، ومحمد بن أحمد السناني ، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب ، وعبد الله بن محمد الصائغ ، وعلي بن عبد الله الوراق رضي الله عنهم ، قالوا : حدثنا أبو العباس أحمد

__________________

١ ـ في نسخة ( ب ) و ( د ) ( من كان له عذر ـ الخ ) وفي نسخة ( هـ ) و ( ج ) ( فمن كان له عذر ـ الخ ).

٢ ـ هو عبد الله بن أحمد بن ذكوان كما هو الظاهر.

٣ ـ الرعد : ٦.

٤٠٦

ابن يحيى بن زكريا القطان ، قال : حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب ، قال : حدثنا تميم بن بهلول ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال فيما وصف له من شرائع الدين : إن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها ولا يكلفها فوق طاقتها ، وأفعال العباد مخلوقة خلق تقدير لا خلق تكوين (١) ، والله خالق كل شيء ، ولا نقول بالجبر ، ولا بالتفويض ، ولا يأخذ الله عزوجل البرئ بالسقيم ولا يعذب الله عزوجل الأطفال بذنوب الآباء ، فإنه قال في محكم كتابه : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) (٢) وقال عزوجل : ( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ) (٣) ولله عزوجل أن يعفو ويتفضل ، وليس له عزوجل أن يظلم ، ولا يفرض الله عزوجل على عباده طاعة من يعلم أنه يغويهم ويضلهم ، ولا يختار لرسالته ولا يصطفي من عباده من يعلم أنه يكفر به ويعبد الشيطان دونه ، ولا يتخذ على خلقه حجة إلا معصوما. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة ، وقد أخرجته بتمامه في كتاب الخصال.

٦ ـ حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، قال : سمعت موسى بن جعفر عليهما‌السلام يقول : لا يخلد الله في النار إلا أهل الكفر والجحود وأهل الضلال والشرك. ومن اجتنب الكبائر من المؤمنين لم يسأل عن الصغائر ، قال الله تبارك وتعالى : ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما ) (٤) قال : فقلت له : يا ابن رسول الله فالشفاعة لمن تجب من المذنبين؟ قال : حدثني أبي ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : ( إنما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ، فأما المحسنون منهم فما عليهم من سبيل ) قال ابن أبي ـ

__________________

١ ـ أي مقدرة بأن تقع بإرادتهم ، لا مكونة كسائر المكونات من دون دخل إرادة العبد فيها.

٢ ـ الأنعام : ١٦٤ ، والإسراء : ١٥ وفاطر : ١٨ ، والزمر : ٧.

٣ ـ النجم : ٣٩.

٤ ـ النساء : ٣١.

٤٠٧

عمير : فقلت له : يا ابن رسول الله فكيف تكون الشفاعة لأهل الكبائر والله تعالى ذكره يقول : ( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون ) (١) ومن يرتكب الكبائر لا يكون مرتضى ، فقال : يا أبا أحمد ما من مؤمن يرتكب ذنبا إلا ساءه ذلك وندم عليه ، وقد قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( كفى بالندم توبة ) وقال عليه‌السلام : ( من سرته حسنته وساءته سيئة فهو مؤمن ) (٢) فمن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن ولم تجب له الشفاعة وكان ظالما ، والله تعالى ذكره يقول : ( ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع ) (٣) فقلت له : يا ابن رسول الله وكيف لا يكون مؤمنا من لم يندم على ذنب يرتكبه؟ فقال : يا أبا أحمد ما من أحد يرتكب كبيرة من المعاصي وهو يعلم أنه سيعاقب عليها إلا ندم على ما ارتكب ومتى ندم كان تائبا مستحقا للشفاعة ، ومتى لم يندم عليها كان مصرا والمصر لا يغفر له لأنه غير مؤمن بعقوبة ما ارتكب ولو كان مؤمنا بالعقوبة لندم ، وقد قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الاصرار ) وأما قول الله عزوجل : ( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ) فإنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى الله دينه ، والدين الاقرار بالجزاء على الحسنات والسيئات ، فمن ارتضى الله دينه ندم على ما ارتكبه من الذنوب لمعرفته بعاقبته في القيامة. (٤)

٧ ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حمزة بن حمران ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ، فإن عملها كتبت له عشر أمثالها ، ويضاعف الله لمن يشاء إلى سبعمائة ، ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه حتى يعملها ، فإن لم يعملها كتبت له حسنة

__________________

١ ـ الأنبياء : ٢٨.

٢ ـ في نسخة ( ب ) و ( ط ) ( من سرته حسنة وساءته سيئة ـ الخ ).

٣ ـ المؤمن : ١٨.

٤ ـ الشفاعة مما اختلفت الأمة في أنواعها بعد اتفاقهم في أصلها ، والتفصيل في محله.

٤٠٨

بتركه لفعلها ، وإن عملها أجل تسع ساعات فإن تاب وندم عليها لم تكتب عليه وإن لم يتب ولم يندم عليها كتبت عليه سيئة.

٨ ـ حدثنا محمد بن محمد بن الغالب الشافعي ، قال : أخبرنا أبو محمد مجاهد بن أعين بن داود ، قال : أخبرنا عيسى بن أحمد العسقلاني ، قال : أخبرنا النضر بن شميل ، قال : أخبرنا إسرافيل (١) قال : أخبرنا ثوير ، عن أبيه أن عليا عليه‌السلام قال : ما في القرآن آية أحب إلي من قوله عزوجل : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ). (٢)

٩ ـ حدثنا أبو نصر محمد بن أحمد بن تميم السرخسي بسرخس ، قال : حدثنا أبو لبيد محمد بن إدريس الشامي ، قال : حدثني إسحاق بن إسرائيل ، قال : حدثنا حريز ، عن عبد العزيز (٣) عن زيد بن وهب ، عن أبي ذر رحمه‌الله ، قال : خرجت ليلة من الليالي فإذا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يمشي وحده وليس معه إنسان ، فظننت أنه يكره أن يمشي معه أحد ، قال : فجعلت أمشي في ظل القمر ، فالتفت فرآني فقال : من هذا؟ فقلت : أبو ذر جعلني الله فداك ، قال : يا أبا ذر تعال ، قال : فمشيت معه ساعة ، فقال : إن المكثرين هم الأقلون يوم القيامة إلا من أعطاه الله خيرا فنفح منه بيمينه وشماله وبين يديه ووراءه وعمل فيه خيرا ، قال : فمشيت معه ساعة ، فقال لي : اجلس ههنا ، وأجلسني في قاع حوله حجارة ، فقال لي : اجلس حتى أرجع إليك ، قال : فانطلق في الحرة حتى لم أره وتوارى عني ، فأطال اللبث ، ثم إني سمعته عليه‌السلام وهو مقبل وهو يقول : وإن زنى وإن سرق ، قال :

__________________

١ ـ في نسخة ( و ) و ( ط ) و ( ن ) ( أخبرنا إسرائيل ).

٢ ـ النساء : ٤٨ و ١١٦.

٣ ـ قد مر هذا الحديث في الباب الأول بعين السند والمتن ، وفي بعض النسخ هنا أو هناك : ( جرير أو حريز عن عبد العزيز ـ الخ ) ، وفي بعضها : ( جرير أو حريز بن عبد العزيز ) وفي صحيح البخاري ( عن حريز عن زيد ـ الخ ) والظاهر تصحيف ( بن ) بعن لكن لم أجد حريز بن عبد العزيز أو جرير بن عبد العزيز في كتب الرجال.

٤٠٩

فلما جاء لم أصبر حتى قلت : يا نبي الله جعلني الله فداك من تكلمه في جانب الحرة؟ فإني ما سمعت أحدا يرد عليك من الجواب شيئا ، قال : ذاك جبرئيل عرض لي في جانب الحرة فقال : بشر أمتك أنه مات لا يشرك بالله عزوجل شيئا دخل الجنة ، قال : قلت : يا جبرئيل وإن زنى وإن سرق؟ قال : نعم ، وإن شرب الخمر.

قال مصنف هذا الكتاب رحمه‌الله : يعني بذلك أنه يوفق للتوبة حتى يدخل الجنة.

١٠ ـ حدثنا أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن معاذ الجوهري ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن آبائه صلوات الله عليهم ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، عن جبرئيل عليه‌السلام ، قال : قال الله جل جلاله : من أذنب ذنبا صغيرا أو كبيرا وهو لا يعلم أن لي أن أعذبه به أو أعفو عنه لا غفرت له ذلك الذنب أبدا ، ومن أذنب ذنبا صغيرا كان أو كبيرا وهو يعلم أن لي أن أعذبه وأن أعفو عنه عفوت عنه.

٦٤ ـ باب التعريف والبيان والحجة والهداية

١ ـ حدثنا أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن أبي عمير ، عن محمد بن حكيم ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : المعرفة صنع من هي؟ قال : من صنع الله عزوجل : ليس للعباد فيها صنع.

٢ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن ابن الطيار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن الله عزوجل احتج على الناس بما آتاهم وما عرفهم.

٣ ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه‌الله ، عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن

٤١٠

أحمد بن أبي عبد الله ، عن ابن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن حمزة بن الطيار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن الله عزوجل احتج على الناس بما آتاهم وما عرفهم (١).

٤ ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه‌الله ، عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن ابن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن حمزة بن الطيار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله الله عزوجل : ( وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هديهم حتى يبين لهم ما يتقون ) (٢) قال : حتى يعرفهم ما يرضيه وما يسخطه ، وقال : ( فألهمها فجورها وتقويها ) (٣) قال : بين لها ما تأتي وما تترك ، وقال : ( إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا ) (٤) قال : عرفناه إما آخذا وإما تاركا وفي قوله عزوجل : ( وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى ) (٥) قال : عرفناهم فاستحبوا العمى على الهدى وهم يعرفون.

٥ ـ حدثنا أحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم رحمه‌الله ، عن أبيه ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن ابن بكير ، عن حمزة بن محمد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : ( وهديناه النجدين ) (٦) قال : نجد الخير والشر.

٦ ـ حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رحمه‌الله ، عن أبيه ، عن محمد بن أحمد ابن يحيى ، عن موسى بن جعفر البغدادي ، عن عبيد الله الدهقان ، عن درست ، عمن حدثه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ستة أشياء ليس للعباد فيها صنع : المعرفة

__________________

١ ـ هذا الحديث المتحد مع ما قبله في المتن ومع ما بعده في السند ليس إلا في نسخة ( ط ).

٢ ـ التوبة : ١١٥.

٣ ـ الشمس : ٨.

٤ ـ الإنسان : ٣.

٥ ـ فصلت : ١٧.

٦ ـ البلد : ١٠.

٤١١

والجهل والرضا والغضب والنوم واليقظة (١).

٧ ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن الحسين ، عن أبي شعيب المحاملي ، عن درست بن أبي منصور عن بريد بن معاوية العجلي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ليس لله على خلقه أن يعرفوا قبل أن يعرفهم ، وللخلق على الله أن يعرفهم ، ولله على الخلق إذا عرفهم أن يقبلوه (٢).

٨ ـ حدثنا أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أحمد ابن محمد بن عيسى ، عن الحجال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن عبد الأعلى بن أعين قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عمن لم يعرف شيئا هل عليه شيء؟ قال : لا (٣).

__________________

١ ـ إن للإنسان أحوالا قلبية كالمعرفة والجهل والشك والظن والإيمان وغيرها ، وصفات نفسية كالسخاء والشجاعة والحسد والاهتداء والضلال وغيرها ، وأمورا ترد عليه كالغضب والدهشة والرضا والنوم واليقظة والمرض والصحة وغيرها ، وحركات فكرية أو جارحية ، وليس له صنع إلا في الأخيرة ، أي ليست باختياره إلا هي ، نعم قد يتعلق بها حبه ، ويكون بعض هذه الأخيرة جزء سبب لها كالعكس ، والعمدة في السببية للأحوال القلبية التفكر والتعقل وعدمهما.

٢ ـ إن على الإنسان في هذا الباب أمرين : التفكر في البينات التي تأتيه من عند الله تعالى حتى يحصل له الاستيقان والقبول القلبي لما هو الحق المتيقن بحيث يحصل له حالة الخضوع والتسليم ، والثاني هو الإيمان حقيقة ، وآفة الأول والمانع منه الإتراف والانهماك في اللذات المادية والتوغل في الأمور الدنيوية ، وآفة الثاني والمانع منه العلو والاستكبار وحب الرئاسة والجاه والحمية والعصبية ، فعلى الله نصب الآيات والبينات ، وعلى العبد رفع المانعين ، فعندئذ يقذف الله النور في قلبه فيزهر كما يزهر المصباح فيكون عارفا مؤمنا حقا ، وبهذا يجمع بين الصنفين من الأخبار الناطق بأن المعرفة من صنع الله والأمر بتحصيل المعرفة.

٣ ـ هذا لا يدل على معذورية الجاهل مطلقا ، بل من لم يعرف شيئا لعدم قدرته على الرجوع إلى ما يوجب المعرفة.

٤١٢

٩ ـ حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي‌الله‌عنه ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن فضال ، عن داود بن فرقد ، عن أبي الحسن زكريا بن يحيى ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم.

١٠ ـ حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي (ره) عن أبيه عن جده أحمد بن أبي عبد الله ، عن علي بن الحكم ، عن أبان الأحمر ، عن حمزة بن الطيار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال لي : أكتب فأملى علي : أن من قولنا إن الله عزوجل يحتج على العباد بما آتاهم وما عرفهم ، ثم أرسل إليهم رسولا ، وأنزل عليه الكتاب ، فأمر فيه ونهى ، أمر فيه الصلاة والصوم ، فأنام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الصلاة (١) فقال : أنا أنيمك وأنا أوقظك ، فاذهب فصل ليعلموا إذا أصابهم ذلك كيف يصنعون ، ليس كما يقولون : إذا نام عنها هلك ، وكذلك الصيام ، أنا أمرضك وأنا أصححك فإذا شفيتك فاقضه ، ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام : وكذلك إذا نظرت إلى جميع الأشياء لم تجد أحدا في ضيق ، ولم تجد أحدا إلا ولله عليه الحجة وله فيه المشية ولا أقول : إنهم ما شاؤوا صنعوا ، ثم قال : إن الله يهدي ويضل ، وقال : وما أمروا إلا بدون سعتهم ، وكل شيء أمر الناس به فهم يسعون له ، وكل شيء لا يسعون له فهو موضوع عنهم ، ولكن أكثر الناس لا خير فيهم ، ثم قال : ( ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ( فوضع عنهم ) ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم * ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم ـ الآية ) (٢) فوضع عنهم لأنهم لا يجدون.

قال مصنف هذا الكتاب رضي‌الله‌عنه : قوله عليه‌السلام : إن الله يهدي ويضل معناه أنه عزوجل يهدي المؤمنين في القيامة إلى الجنة ويضل الظالمين في القيامة عن الجنة (٣)

__________________

١ ـ كذا في نسخة ( ط ) و ( ن ) وفي غيرهما ( فنام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ الخ ).

٢ ـ التوبة : ٦٢.

٣ ـ إن للهداية ست مراحل ، ولكل مرحة ضلالة بحسبها ، وكل مرحلة من الهداية متوقفة على ما قبلها ، وكلها من الله ، وضلالة العبد في كل مرحلة من عدم هداية الله إياه في

٤١٣

إنما قال عزوجل : (١) ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم ) (٢) وقال عزوجل : ( ويضل الله الظالمين ) (٣).

١١ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ابن عبد الرحمن ، عن حماد ، عن عبد الأعلى (٤) قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أصلحك الله هل جعل في الناس أداة ينالون بها المعرفة؟ قال : فقال : لا ، قلت : فهل كلفوا المعرفة؟ قال : لا ، على الله البيان ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها. ولا يكلف الله نفسا إلا ما آتيها ) قال : وسألته عن قول الله عزوجل : ( وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هديهم حتى يبين لهم ما يتقون ) (٥) قال : حتى يعرفهم ما يرضيه وما يسخطه.

١٢ ـ وبهذا الإسناد ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن سعدان يرفعه إلى أبي ـ عبد الله عليه‌السلام قال : إن الله عزوجل لم ينعم على عبد بنعمة إلا وقد ألزمه فيها الحجة من الله عزوجل ، فمن من الله عليه فجعله قويا فحجته عليه القيام بما كلفه واحتمال من هو دونه ممن هو أضعف منه ، ومن من الله عليه فجعله موسعا عليه فحجته ماله ، يجب عليه فيه تعاهد الفقراء بنوافله ، ومن من الله عليه فجعله شريفا في نسبه (٦) جميلا في صورته ، فحجته عليه أن يحمد الله على ذلك وألا يتطاول على غيره فيمنع حقوق الضعفاء لحال شرفه وجماله.

١٣ ـ أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن أبيه ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول :

__________________

تلك المرحلة ، وعدم الهداية لفسوق العبد عما عليه في تلك المرحلة ، وما ذكره المصنف هو المرحلة الأخيرة ، وتفصيل الكلام يقتضي رسالة مفردة.

١ ـ في نسخة ( و ) و ( هـ ) ( كما قال عزوجل ـ الخ ).

٢ ـ يونس : ٩.

٣ ـ إبراهيم : ٢٧.

٤ ـ في أكثر النسخ : ( عن حماد بن عبد الأعلى ). وهو تصحيف.

٥ ـ التوبة : ١١٥.

٦ ـ في نسخة ( و ) و ( هـ ) ( شريفا في بيته ).

٤١٤

اجعلوا أمركم لله ولا تجعلوه للناس فإنه ما كان لله فهو لله ، وما كان للناس فلا يصعد إلى الله ، ولا تخاصموا الناس لدينكم فإن المخاصمة ممرضة للقلب ، إن الله عزوجل قال لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ) (١) وقال : ( أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) (٢) ذروا الناس فإن الناس أخذوا عن الناس وإنكم أخذتم عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إني سمعت أبي عليه‌السلام يقول : إن الله عزوجل إذا كتب على عبد أن يدخل في هذا الأمر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره (٣).

١٤ ـ حدثنا أبي رضي‌الله‌عنه قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن حمران ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال : إن الله تبارك وتعالى إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة من نور وفتح مسامع قلبه ووكل به ملكا يسدده ، وإذا أراد بعبد سوءا نكت في قلبه نكتة سوداء وسد مسامع قلبه ووكل به شيطانا يضله ، ثم تلا هذه الآية ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء ) (٤).

قال مصنف هذا الكتاب : إن الله عزوجل إنما يريد بعبد سوءا لذنب يرتكبه فيستوجب به أن يطبع على قلبه ويوكل به شيطانا يضله ، ولا يفعل ذلك به إلا باستحقاق وقد يوكل عزوجل بعبده ملكا يسدده باستحقاق أو تفضل ويختص برحمته من

__________________

١ ـ القصص : ٥٦.

٢ ـ يونس : ٩٩.

٣ ـ المراد منع الأصحاب عن المراء والجدال الباطل وضيق الذرع وظهور الغضب عند إنكار الخصم للحق ، لا المنع عن إتيان الحكمة والبرهان والموعظة والبيان والجدال بالتي هي أحسن ، وفي ذيل الرواية إشارة إلى أن من كان قلبه مقبلا إلى الحق خاضعا له وهو الذي كتب الله في قلبه الإيمان وأيده بروح منه يأتي لا محالة إلى الحق ، فاجعلوا اهتمامكم في الارشاد لهؤلاء ، لا للذين قلوبهم منكرة للحق ونفوسهم مستكبرة له. فإن سعيكم في الارشاد ضايع فيهم.

٤ ـ الأنعام ١٢٥.

٤١٥

يشاء ، وقال الله عزوجل : ( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين ) (١).

١٥ ـ حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب ، قال : أخبرنا أحمد بن الفضل بن المغيرة (٢) قال : حدثنا منصور بن عبد الله بن إبراهيم الإصبهاني ، قال : حدثنا علي ابن عبد الله (٣) ، قال : حدثنا أبو شعيب المحاملي (٤) عن عبد الله بن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه سئل عن المعرفة أهي مكتسبة؟ فقال : لا ، فقيل له : فمن صنع الله عزوجل ومن عطائه هي؟ قال : نعم ، وليس للعباد فيها صنع ، ولهم اكتساب الأعمال ، وقال عليه‌السلام : إن أفعال العباد مخلوقة خلق تقدير لا خلق تكوين (٥). ومعنى ذلك أن الله تبارك وتعالى لم يزل عالما بمقاديرها قبل كونها.

١٦ ـ حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري ، عن حمدان بن سليمان ، قال : كتبت إلى الرضا عليه‌السلام أسأله عن أفعال العباد أمخلوقة هي أم غير مخلوقة؟ فكتب عليه‌السلام : أفعال العباد مقدرة في علم الله عزوجل قبل خلق العباد بألفي عام.

١٧ ـ حدثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن القاسم بن محمد الإصبهاني ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث النخعي القاضي قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : من عمل بما علم كفي ما لم يعلم.

__________________

١ ـ الزخرف : ٣٦.

٢ ـ في نسخة ( د ) و ( ب ) و ( ط ) ( أحمد بن المفضل بن المغيرة ).

٣ ـ في نسخة ( ج ) و ( ط ) ( علي بن إبراهيم ).

٤ ـ في نسخه ( ط ) ( حدثنا شعيب المحاملي ) وهو ابن أبي شعيب المحاملي المعروف ، واسمه صالح بن خالد.

٥ ـ قد مر بيان لهذا الكلام ذيل الحديث الخامس من الباب السابق.

٤١٦

٦٥ ـ باب ذكر مجلس الرضا علي بن موسى عليهما‌السلام

مع أهل الأديان وأصحاب المقالات مثل الجاثليق

ورأس الجالوت ورؤساء الصابئين والهربذ الأكبر

وما كلم به عمران الصابئ في التوحيد عند المأمون

١ ـ حدثنا أبو محمد جعفر بن علي بن أحمد الفقيه القمي ثم الإيلاقي رضي‌الله‌عنه ، قال : أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن علي بن صدقة القمي ، قال : حدثني أبو عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الأنصاري الكجي ، قال : حدثني من سمع الحسن بن محمد النوفلي ثم الهاشمي ، يقول : لما قدم علي بن موسى الرضا عليهما‌السلام ، إلى المأمون أمر الفضل بن سهل أن يجمع له أصحاب المقالات مثل الجاثليق ورأس الجالوت ورؤساء الصابئين والهربذ الأكبر وأصحاب زردهشت وقسطاس الرومي (١) والمتكلمين ليسمع كلامه وكلامهم ، فجمعهم الفضل بن سهل ، ثم أعلم

__________________

١ ـ قد مضى تفسير الجاثليق في أول الباب السابع والثلاثين ص ٢٧٠. ورأس الجالوت كأنه اسم لصاحب الرئاسة الدينية اليهودية ، وكونه علما للشخص محتمل. والأقوال في تفسير الصابئين كثيرة ، قال في مجمع البحرين : وفي حديث الصادق عليه‌السلام : سمى الصابئون لأنهم صبوا إلى تعطيل الأنبياء والرسل والشرائع وقالوا : كل ما جاؤوا به باطل ، فجحدوا توحيد الله ونبوة الأنبياء ورسالة المرسلين ووصية الأوصياء ، فهم بلا شريعة ولا كتاب ولا رسول. ويظهر من مقالات عمران الصابي الآتي احتجاجه مع الرضا عليه‌السلام هذا التفسير. والهربذ كالزبرج صاحب الرئاسة الدينية المجوسية ، قال في أقرب الموارد : الهربذة قومة بيت النار للهند وهم البراهمة ، وقيل : عظماء الهند ، وقيل : علماؤهم ، وقيل : خدم نار المجوس ، الواحد ( هربذ ) فارسية. وأصحاب زردهشت فرقه من المجوس ، وهو زردهشت بن يورشب ظهر في زمان كشتاسب بن لهراسب ، وأبوه كان من آذربيجان ، وأمه من الري ، واسمها دغدويه ، كذا في الملل والنحل للشهرستاني ، وأكثر المجوس اليوم بل كلهم ينتسبون إليه ، وفي بعض النسخ : ( زرهشت ) بحذف الدال ، وفي الملل والنحل وبعض المؤلفات : زردشت بحذف الهاء كما يتلفظ اليوم. وقسطاس بالقاف كما في الكتاب ، وفي البحار وحاشية نسخة

٤١٧

المأمون باجتماعهم ، فقال : أدخلهم علي ، ففعل ، فرحب بهم المأمون ، ثم قال لهم : إني إنما جمعتكم لخير ، وأحببت أن تناظروا ابن عمي هذا المدني القادم علي ، فإذا كان بكره فاغدوا علي ولا يتخلف منكم أحد ، فقالوا : السمع والطاعة يا أمير المؤمنين نحن مبكرون إن شاء الله.

قال الحسن بن محمد النوفلي : فبينا نحن في حديث لنا عند أبي الحسن الرضا عليه‌السلام إذ دخل علينا ياسر الخادم وكان يتولى أمر أبي الحسن عليه‌السلام فقال : يا سيدي إن أمير المؤمنين يقرئك السلام فيقول : فداك أخوك إنه اجتمع إلي أصحاب المقالات وأهل الأديان والمتكلمون من جميع الملل فرأيك في البكور علينا إن أحببت كلامهم (١) وإن كرهت كلامهم فلا تتجشم (٢) وإن أحببت أن نصير إليك خف ذلك علينا ، فقال أبو الحسن عليه‌السلام : أبلغه السلام وقل له : قد علمت ما أردت ، وأنا صائر إليك بكرة إن شاء الله.

قال الحسن بن محمد النوفلي : فلما مضى ياسر التفت إلينا ، ثم قال لي : يا نوفلي أنت عراقي ورقة العراقي غير غليظة (٣) فما عندك في جمع ابن عمك علينا

__________________

( ب ) ( نسطاس ) بالنون ، ونقل المجلسي رحمه‌الله عن الفيروزآبادي : نسطاس بكسر النون علم ، وبالرومية : العالم بالطب.

١ ـ ( فرأيك ) مبتدء و ( في البكور علينا ) خبره ، أي أفرأيك يكون في البكور علينا ، أو خبره محذوف أي فما رأيك ـ الخ.

٢ ـ في نسخة ( ج ) ( وإن كرهت فلا تحتشم ) ، وفي نسخة ( و ) و ( ن ) ( وإن كرهت ذلك فلا تتجشم ).

٣ ـ الرقة في كل موضع يراد بها معنى ، فيقال مثلا : رقة القلب ويراد بها الرحمة ، ورقة الوجه ويراد بها الحياء ، ورقة الكلام ويراد عدم الفدفدة فيه ، والظاهر أن مراده عليه‌السلام حيث أضاف الرقة إلى الإنسان هو رقة الجهة الإنسانية ، وهي سرعة الفهم وجودته وإصابة الحدس وصفاء الذهن وعمق الفكر وحسن التفكر وكمال العقل ، وغير غليظة خبر في اللفظ ، وفي المعنى صفة مفيدة للكمال ، أي للعراقي رقه رقيقه ، كما يقال : ليل لائل

٤١٨

أهل الشرك وأصحاب المقالات؟ فقلت : جعلت فداك يريد الامتحان ويحب أن يعرف ما عندك ، ولقد بنى على أساس غير وثيق البنيان وبئس والله ما بني ، فقال لي : وما بناؤه في هذا الباب؟ قلت : إن أصحاب البدع والكلام خلاف العلماء ، وذلك أن العالم لا ينكر غير المنكر ، وأصحاب المقالات والمتكلمون وأهل الشرك أصحاب إنكار ومباهتة ، وإن احتججت عليهم أن الله واحد قالوا : صحح وحدانيته ، وإن قلت : إن محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رسول الله قالوا : أثبت رسالته ، ثم يباهتون الرجل وهو يبطل عليهم بحجته ، ويغالطونه حتى يترك قوله ، فاحذرهم جعلت فداك ، قال : فتبسم عليه‌السلام ثم قال : يا نوفلي أتخاف أن يقطعوا علي حجتي؟ (١) قلت : لا والله ما خفت عليك قط وإني لأرجو أن يظفرك الله بهم إن شاء الله ، فقال لي : يا نوفلي أتحب أن تعلم متى يندم المأمون ، قلت : نعم ، قال : إذا سمع احتجاجي على أهل التوراة بتوراتهم وعلى أهل الإنجيل بإنجيلهم وعلى أهل الزبور بزبورهم وعلى الصابئين بعبرانيتهم وعلى الهرابذة بفارسيتهم وعلى أهل الروم بروميتهم وعلى أصحاب المقالات بلغاتهم ، فإذا قطعت كل صنف ودحضت حجته وترك مقالته ورجع إلى قولي علم المأمون أن الموضع الذي هو بسبيله ليس هو بمستحق له ، فعند ذلك تكون الندامة منه ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

فلما أصبحنا أتانا الفضل بن سهل فقال له : جعلت فداك ابن عمك ينتظرك ، وقد اجتمع القوم فما رأيك في إتيانه ، فقال له الرضا عليه‌السلام : تقدمني فإني صائر إلى ناحيتكم إن شاء الله ، ثم توضأ عليه‌السلام وضوء الصلاة وشرب شربة سويق وسقانا منه ، ثم خرج وخرجنا معه حتى دخلنا على المأمون ، فإذا المجلس غاص بأهله

__________________

أي كامل الاظلام ، ونور نير أي كامل في النورية ، وجمال جميل أي كامل في الجمالية ، ولا يبعد أن يراد بها الروح ، فإن للإنسان لطافة هي روحه وكثافة هي بدنه ، أي روح العراقي غير غليظة لا تقف دون ما يرد عليه من المسائل بل تلج فيه وتخرج منه بسهولة وتكشف حق الأمر وحقيقة الحال.

١ ـ في العيون ( أفتخاف أن يقطعوا علي حجتي ).

٤١٩

ومحمد بن جعفر في جماعة الطالبيين والهاشميين ، والقواد حضور ، فلما دخل الرضا عليه‌السلام قام المأمون وقام محمد بن جعفر وقام جميع بني هاشم ، فما زالوا وقوفا والرضا عليه‌السلام جالس مع المأمون حتى أمرهم بالجلوس ، فلم يزل المأمون مقبلا عليه يحدثه ساعة.

ثم التفت إلى جاثليق ، فقال : يا جاثليق هذا ابن عمي علي بن موسى ـ ابن جعفر وهو من ولد فاطمة بنت نبينا ، وابن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام فأحب أن تكلمه وتحاجه وتنصفه ، فقال الجاثليق ، يا أمير المؤمنين كيف أحاج رجلا يحتج علي بكتاب أنا منكره ونبي لا أو من به. فقال له الرضا عليه‌السلام : يا نصراني فإن احتججت عليك بإنجيلك أتقر به؟! قال الجاثليق : وهل أقدر على دفع ما نطق به الإنجيل؟ نعم والله أقر به على رغم أنفي ، فقال له الرضا عليه‌السلام : سل عما بدا لك وافهم الجواب ، قال الجاثليق : ما تقول في نبوة عيسى عليه‌السلام وكتابه هل تنكر منهما شيئا؟ قال الرضا عليه‌السلام : أنا مقر بنبوة عيسى وكتابه وما بشر به أمته وأقر به الحواريون ، وكافر بنبوة كل عيسى لم يقر بنبوة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبكتابه ولم يبشر به أمته ، قال الجاثليق : أليس إنما تقطع الأحكام بشاهدي عدل؟ قال : بلى ، قال : فأقم شاهدين من غير أهل ملتك على نبوة محمد ممن لا تنكره النصرانية وسلنا مثل ذلك من غير أهل ملتنا ، قال الرضا عليه‌السلام : الآن جئت بالنصفة يا نصراني ، ألا تقبل مني العدل المقدم عند المسيح عيسى بن مريم ، قال الجاثليق : ومن هذا العدل؟ سمه لي ، قال : ما تقول في يوحنا الديلمي؟ قال : بخ بخ ذكرت أحب الناس إلى المسيح ، قال : فأقسمت عليك هل نطق الإنجيل أن يوحنا قال : إن المسيح أخبرني بدين محمد العربي وبشرني به أنه يكون من بعده فبشرت به الحواريين فآمنوا به؟! قال الجاثليق : قد ذكر ذلك يوحنا عن المسيح وبشر بنبوة رجل وبأهل بيته ووصيه ، ولم يلخص متى يكون ذلك ولم يسم لنا القوم فنعرفهم ، قال الرضا عليه‌السلام : فأن جئناك بمن يقرء الإنجيل فتلا عليك ذكر محمد وأهل بيته وأمته أتؤمن به؟! قال : سديدا ، قال الرضا عليه‌السلام لقسطاس الرومي :

٤٢٠