التّوحيد

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

التّوحيد

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: السيد هاشم الحسيني الطهراني
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧٠

إذا لا يقبل مني (١) وما أراد الرجل إلا امتحانه ليعلم هل عنده شيء من علوم آبائه عليهم‌السلام فقال لي : قل له : إن عمك قد كره هذا الباب وأحب أن تمسك عن هذه الأشياء لخصال شتى ، فلما انقلبت إلى منزل الرضا عليه‌السلام أخبرته بما كان من عمه محمد بن جعفر فتبسم ، ثم قال : حفظ الله عمي ما أعرفني به لم كره ذلك ، يا غلام صر إلى عمران الصابئ فأتني به. فقلت : جعلت فداك أنا أعرف موضعه هو عند بعض إخواننا من الشيعة ، قال عليه‌السلام : فلا بأس قربوا إليه دابة ، فصرت إلى عمران فأتيته به فرحب به ودعا بكسوة فخلعها عليه وحمله (٢) ودعا بعشرة آلاف درهم فوصله بها ، فقلت : جعلت فداك حكيت فعل جدك أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فقال : هكذا نحب (٣) ثم دعا عليه‌السلام بالعشاء فأجلسني عن يمينه وأجلس عمران عن يساره حتى إذا فرغنا قال لعمران : انصرف مصاحبا وبكر علينا نطعمك طعام المدينة ، فكان عمران بعد ذلك يجتمع عليه المتكلمون من أصحاب المقالات فيبطل أمرهم حتى اجتنبوه ، ووصله المأمون بعشرة آلاف درهم ، وأعطاه الفضل مالا وحمله ، وولاه الرضا عليه‌السلام صدقات بلخ فأصاب الرغائب.

٦٦ ـ باب ذكر مجلس الرضا عليه‌السلام

مع سليمان المروزي متكلم خراسان عند المأمون في التوحيد

١ ـ حدثنا أبو محمد جعفر بن علي بن أحمد الفقيه رضي‌الله‌عنه ، قال : أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن علي بن صدقة القمي ، قال : حدثني أبو عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الأنصاري الكجي ، قال : حدثني من سمع الحسن بن محمد النوفلي يقول : قدم سليمان المروزي متكلم خراسان على المأمون فأكرمه ووصله

__________________

١ ـ في نسخة ( د ) و ( هـ ) ( إذ لا يقبل مني ) أي إذ لا يقبل مني فما أصنع؟ أو المعنى : لا أشير عليه بذلك إذ لا يقبل مني ، وعدم التصريح بالمعلول للتأدب.

٢ ـ في نسخة ( ب ) و ( د ) و ( ج ) و ( ن ) ( فجعلها عليه ـ الخ ).

٣ ـ في البحار وفي نسخة ( و ) و ( ج ) ( هكذا يجب ).

٤٤١

ثم قال له : إن ابن عمي علي بن موسى قدم علي من الحجاز (١) وهو يحب الكلام وأصحابه ، فلا عليك أن تصير إلينا يوم التروية لمناظرته ، فقال سليمان : يا أمير المؤمنين إني أكره أن أسأل مثله في مجلسك في جماعة من بني هاشم فينتقص عند القوم إذا كلمني (٢) ولا يجوز الاستقصاء عليه ، قال المأمون : إنما وجهت إليك لمعرفتي بقوتك وليس مرادي إلا أن تقطعه عن حجة واحدة فقط : فقال سليمان : حسبك يا أمير المؤمنين. اجمع بيني وبينه وخلني وإياه وألزم (٣) فوجه المأمون إلى الرضا عليه‌السلام فقال : إنه قدم علينا رجل من أهل مرو وهو واحد خراسان من أصحاب الكلام ، فإن خف عليك أن تتجشم المصير إلينا فعلت ، فنهض عليه‌السلام للوضوء وقال لنا : تقدموني وعمران الصابئ معنا فصرنا إلى الباب فأخذ ياسر وخالد بيدي فأدخلاني على المأمون ، فلما سلمت قال : أين أخي أبو الحسن أبقاه الله ، قلت : خلفته يلبس ثيابه وأمرنا أن نتقدم ، ثم قلت : يا أمير المؤمنين إن عمران مولاك. معي وهو بالباب ، فقال : من عمران؟ قلت : الصابئ الذي أسلم على يديك (٤) قال : فليدخل فدخل فرحب به المأمون ، ثم قال له : يا عمران لم تمت حتى صرت من بني هاشم ، قال : الحمد لله الذي شرفني بكم يا أمير المؤمنين ، فقال له المأمون : يا عمران هذا سليمان المروزي متكلم خراسان ، قال عمران : يا أمير المؤمنين إنه يزعم أنه واحد خراسان في النظر وينكر البداء ، قال : فلم لا تناظره؟ قال عمران : ذلك إليه ، فدخل الرضا عليه‌السلام فقال : في أي شيء كنتم؟ قال عمران : يا ابن رسول الله هذا سليمان المروزي ، فقال سليمان : أترضى بأبي الحسن وبقوله فيه؟ قال عمران : قد رضيت بقول أبي الحسن في البداء على أن يأتيني فيه بحجة أحتج بها

__________________

١ ـ في نسخة ( هـ ) و ( ج ) ( قدم من الحجاز ).

٢ ـ في نسخة ( ج ) ( فينقص ) ـ الخ ) وفي نسخة ( د ) ( فينتقض ) بالمعجمة.

٣ ـ في البحار وفي نسخة ( ج ) ( وخلني والذم ) ، وفي نسخه ( د ) و ( ب ) ( وخلني وإياه ).

٤ ـ في نسخة ( ط ) و ( ن ) ( الذي كان أسلم ـ الخ ).

٤٤٢

على نظرائي من أهل النظر.

قال المأمون : يا أبا الحسن ما تقول فيما تشاجرا فيه؟ قال : وما أنكرت من البداء يا سليمان ، والله عزوجل يقول : ( أو لا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا ) (١) ويقول عزوجل : ( وهو الذي يبدؤا الخلق ثم يعيده ) (٢) ويقول : ( بديع السماوات والأرض ) (٣) ويقول عزوجل : ( يزيد في الخلق ما يشاء ) (٤) ويقول : ( وبدأ خلق الإنسان من طين ) (٥) ويقول عزوجل : ( وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم ) (٦) ويقول عزوجل : ( وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب ) (٧) قال سليمان : هل رويت فيه شيئا عن آبائك؟ قال : نعم ، رويت عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : ( إن الله عزوجل علمين : علما مخزونا مكنونا لا يعلمه إلا هو ، من ذلك يكون البداء ، وعلما علمه ملائكته ورسله ، فالعلماء من أهل بيت نبيه يعلمونه ) (٨) قال سليمان : أحب أن تنزعه لي من كناب الله عزوجل ، قال عليه‌السلام : قول الله عزوجل لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( فتول عنهم فما أنت بملوم ) (٩) أراد هلاكهم ثم بدا لله فقال : ( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ) (١٠) قال سليمان : زدني جعلت فداك ، قال الرضا عليه‌السلام : لقد أخبرني أبي عن آبائه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إن الله عزوجل أوحى إلى نبي من أنبيائه : أن أخبر فلان الملك أني متوفيه إلى كذا وكذا ، فأتاه ذلك النبي فأخبره ، فدعا الله الملك وهو على سريره حتى سقط من السرير ، فقال : يا

__________________

١ ـ مريم : ٦٧.

٢ ـ الروم : ٢٧.

٣ ـ البقرة : ١١٧ ، والأنعام : ١٠١.

٤ ـ فاطر : ١.

٥ ـ السجدة : ٧.

٦ ـ التوبة : ١٠٦.

٧ ـ فاطر : ١١.

٨ ـ في البحار وفي نسخه ( ب ) و ( د ) و ( و ) ( فالعلماء من أهل بيت نبيك يعلمونه ).

وفي حاشية نسخه ( ب ) ( والعلماء من أهل ـ الخ ).

٩ ـ الذاريات : ٥٤.

١٠ ـ الذاريات : ٥٥.

٤٤٣

رب أجلني حتى يشب طفلي وأقضي أمري ، فأوحى الله عزوجل إلى ذلك النبي أن ائت فلان الملك (١) فأعلمه أني قد أنسيت في أجله وزدت في عمره خمس عشرة سنة ، فقال ذلك النبي : يا رب إنك لتعلم أني لم أكذب قط ، فأوحى الله عزوجل إليه : إنما أنت عبد مأمور فأبلغه ذلك ، والله لا يسأل عما يفعل (٢).

ثم التفت إلى سليمان فقال : أحسبك ضاهيت اليهود في هذا الباب ، قال : أعوذ بالله من ذلك ، وما قالت اليهود؟ قال : قالت : ( يد الله مغلولة ) يعنون أن الله قد فرغ من الأمر فليس يحدث شيئا ، فقال الله عزوجل : ( غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا ) (٣) ولقد سمعت قوما سألوا أبي موسى بن جعفر عليهما‌السلام ، عن البداء فقال : وما ينكر الناس من البداء وأن يقف الله قوما يرجيهم لأمره (٤)؟ قال سليمان : ألا تخبرني عن ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) في أي شيء أنزلت؟ قال الرضا : يا سليمان ليلة القدر يقدر الله عزوجل فيها ما يكون من السنة إلى السنة من حياة أو موت أو خير أو شر أو رزق ، فما قدره من تلك الليلة فهو من المحتوم ، قال سليمان : ألآن قد فهمت جعلت فداك فزدني ، قال عليه‌السلام : يا سليمان إن من الأمور أمورا موقوفة عند الله تبارك وتعالى يقدم منها ما يشاء ويؤخر ما يشاء ، يا سليمان إن عليا عليه‌السلام كان يقول : العلم علمان : فعلم علمه الله وملائكته ورسله ، فما علمه ملائكته ورسله فإنه يكون ولا يكذب نفسه ولا ملائكته ولا رسله ، وعلم عنده مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه (٥) يقدم منه ما يشاء ويؤخر منه ما يشاء ، ويمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء ، قال سليمان للمأمون : يا أمير المؤمنين لا أنكر بعد يومي هذا

__________________

١ ـ هكذا في النسخ في الموضعين ، ولا يبعد أن يكون بإضافة فلان إلى الملك.

٢ ـ في نسخة ( ب ) و ( د ) ( وأنه لا يسأل عما يفعل ).

٣ ـ المائدة : ٦٤.

٤ ـ في نسخة ( ط ) و ( ن ) و ( ج ) ( وأن الله ليقف قوما ـ الخ ) وفي نسخة ( و ) ( وأن الله يصف ـ الخ ).

٥ ـ في نسخة ( ط ) و ( ن ) و ( ج ) و ( و ) ( لم يطلع عليه أحد من خلقه ).

٤٤٤

البداء ولا كذب به إن شاء الله (١).

فقال المأمون : يا سليمان سل أبا الحسن عما بدا لك وعليك بحسن الاستماع والإنصاف ، قال سليمان : يا سيدي أسألك؟ قال الرضا عليه‌السلام : سل عما بدا لك قال : ما تقول فيمن جعل الإرادة اسما وصفة مثل حي وسميع وبصير وقدير؟ قال الرضا عليه‌السلام : إنما قلتم حدثت الأشياء واختلفت لأنه شاء وأراد ، ولم تقولوا حدثت واختلفت لأنه سميع بصير ، فهذا دليل على أنها ليست بمثل سميع بصير ولا قدير ، قال سليمان : فإنه لم يزل مريدا ، قال : يا سليمان فإرادته غيره؟ قال : نعم ، قال : فقد أثبت معه شيئا غيره لم يزل ، قال سليمان : ما أثبت ، قال الرضا عليه‌السلام : أهي محدثة؟ قال سليمان : لا ما هي محدثة ، فصاح به المأمون وقال : يا سليمان مثله يعايا أو يكابر ، عليك بالإنصاف أما ترى من حولك من أهل النظر ، ثم قال : كلمه يا أبا الحسن فإنه متكلم خراسان ، فأعاد عليه المسألة فقال : هي محدثة يا سليمان فإن الشيء إذا لم يكن أزليا كان محدثا وإذا لم يكن محدثا كان أزليا ، قال سليمان : إرادته منه كما أن سمعه منه وبصره منه وعلمه منه ، قال الرضا عليه‌السلام : فإرادته نفسه؟! قال : لا ، قال عليه‌السلام : فليس المريد مثل السميع والبصير ، قال سليمان : إنما أراد نفسه كما سمع نفسه وأبصر نفسه وعلم نفسه ، قال الرضا عليه‌السلام : ما معنى أراد نفسه أراد أن يكون شيئا أو أراد أن يكون حيا أو سميعا أو بصيرا أو قديرا؟! قال : نعم ، قال الرضا عليه‌السلام : أفبإرادته كان ذلك؟! قال سليمان : لا ، قال الرضا عليه‌السلام : فليس لقولك : أراد أن يكون حيا سميعا بصيرا معنى إذا لم يكن ذلك بإرادته ، قال سليمان : بلى قد كان ذلك بإرادته ، فضحك المأمون ومن حوله وضحك الرضا عليه‌السلام ، ثم قال لهم : ارفقوا بمتكلم خراسان يا سليمان فقد حال عندكم عن حالة وتغير عنها (٢) وهذا مما لا يوصف الله عزوجل

__________________

١ ـ قد مر بعض الكلام في البداء في الباب الرابع والخمسين.

٢ ـ أي لو كان ذلك أي كونه سميعا بصيرا قديرا بإرادته لتحول وتغير في هذه الصفات لأن إرادته يمكن أن تتعلق بها كسائر الأمور ، وفي البحار وفي نسخة ( و ) و ( ن ) و ( د ) ( عن حاله وتغير عنها ).

٤٤٥

به ، فانقطع.

ثم قال الرضا عليه‌السلام : يا سليمان أسألك مسألة ، قال : سل جعلت فداك قال : أخبرني عنك وعن أصحابك تكلمون الناس بما يفقهون ويعرفون أو بما لا يفقهون ولا يعرفون؟! قال : بل بما يفقهون ويعرفون (١) قال الرضا عليه‌السلام : فالذي يعلم الناس أن المريد غير الإرادة وأن المريد قبل الإرادة وأن الفاعل قبل المفعول وهذا يبطل قولكم : إن الإرادة والمريد شيء واحد ، قال : جعلت فداك ليس ذاك منه على ما يعرف الناس ولا على ما يفقهون ، قال عليه‌السلام : فأراكم ادعيتم علم ذلك بلا معرفة ، وقلتم : الإرادة كالسمع والبصر (٢) إذا كان ذلك عندكم على ما لا يعرف ولا يعقل ، فلم يحر جوابا.

ثم قال الرضا عليه‌السلام : يا سليمان هل يعلم الله عزوجل جميع ما في الجنة والنار؟! قال سليمان : نعم ، قال : أفيكون ما علم الله عزوجل أنه يكون من ذلك؟! (٣) قال : نعم ، قال : فإذا كان حتى لا يبقى منه شيء إلا كان أيزيدهم أو يطويه عنهم؟! قال سليمان : بل يزيدهم ، قال : فأراه في قولك : قد زادهم ما لم يكن في علمه أنه يكون (٤) قال : جعلت فداك والمزيد لا غاية

__________________

١ ـ في البحار وفي نسخة ( ج ) ( تكلمون الناس بما تفقهون وتعرفون أو بما لا تفقهون ولا تعرفون ، قال : بل بما نفقه ونعلم ). وفي نسخة ( هـ ) ( تكلمون الناس بما يفقهون ويعرفون أو بما لا يفقهون ولا يعرفون ، قال : بل يفقهون ونفقه وما يعلمون ونعلم ).

وفي نسخة ( ب ) و ( د ) و ( ط ) و ( ن ) وحاشية نسخة ( هـ ) بصيغة الغائب في السؤال وبصيغة المتكلم مع الغير فقط في الجواب.

٢ ـ في نسخة ( و ) و ( هـ ) ( وقلتم : الإرادة كالسميع والبصير ، أكان ذلك عندكم ـ الخ ) وفي نسخه ( ج ) ( وقلتم : الإرادة كالسمع والبصر ، كان ذلك عندكم ـ الخ ).

٣ ـ في البحار وفي نسخه ( ج ) ( قال : فيكون ما علم الله عزوجل ـ الخ ).

٤ ـ قوله عليه‌السلام : ( أنه يكون ) مبتدء مؤخر ، والضمير يرجع إلى ما لم يكن ، و ( في علمه ) خبر له مقدم ، والجملة مفعول ثان لقوله : ( فأراه ) أي فأراه أن ما لم يكن يكون

٤٤٦

له (١) قال عليه‌السلام : فليس يحيط علمه عندكم بما يكون فيهما إذا لم يعرف غاية ذلك ، وإذا لم يحط علمه بما يكون فيهما لم يعلم ما يكون فيهما قبل أن يكون ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، قال سليمان : إنما قلت : لا يعلمه لأنه لا غاية لهذا لأن الله عزوجل وصفهما بالخلود وكرهنا أن نجعل لهما انقطاعا ، قال الرضا عليه‌السلام : ليس علمه بذلك بموجب لانقطاعه عنهم لأنه قد يعلم ذلك ثم يزيدهم ثم لا يقطعه عنهم ، وكذلك قال الله عزوجل في كتابه : ( كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب ) (٢) وقال عزوجل لأهل الجنة : ( عطاء غير مجذوذ ) (٣) وقال عزوجل : ( وفاكهة كثيرة * لا مقطوعة ولا ممنوعة ) (٤) فهو عزوجل يعلم ذلك ولا يقطع عنهم الزيادة ، أرأيت ما أكل أهل الجنة وما شربوا أليس يخلف مكانه؟! قال بلى ، قال : أفيكون يقطع ذلك عنهم وقد أخلف مكانه؟! قال سليمان : لا ، قال : فكذلك كل ما يكون فيها (٥) إذا أخلف مكانه فليس بمقطوع عنهم ، قال سليمان بل يقطعه عنهم فلا يزيدهم (٦) قال الرضا عليه‌السلام : إذا يبيد ما فيهما ، وهذا يا سليمان إبطال الخلود وخلاف الكتاب لأن الله عزوجل يقول : ( لهم ما

__________________

في علمه على قولك : أنه يزيدهم ما لم يكن ، فعلمه المتعلق الآن بما لم يكن غير الإرادة لأنها لم تتعلق به بعد.

١ ـ في البحار وفي نسخة ( د ) و ( ب ) ( فالمزيد لا غاية له ) وهذا أنسب لإفادة التفريغ والتعليل ، كأنه على زعمه قال : كما أن إرادته لا تتعلق الآن بالمزيد في الدار الآخرة لا يتعلق علمه به لأن المزيد لا غاية له وغير المتناهي لا يكون معلوما ، فرد عليه بتنزيهه تعالى عن عدم العلم به وإن كان غير متناه.

٢ ـ النساء : ٥٦.

٣ ـ هود : ١٠٨.

٤ ـ الواقعة. ٣٣.

٥ ـ أي فكالجنة كل ما في النار.

٦ ـ في البحار وفي نسخة ( ب ) و ( ج ) ( ولا يزيدهم ) وفي نسخة ( و ) ( بلى يقطعه عنهم فلا يزيدهم ).

٤٤٧

يشاؤون فيها ولدينا مزيد ) (١) ويقول عزوجل : ( عطاء غير مجذوذ ) ويقول عزوجل : ( وما هم منها بمخرجين ) (٢) ويقول عزوجل : ( خالدين فيها ح أبدا ) (٣) ويقول عزوجل : ( وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة ) فلم يحر جوابا.

ثم قال الرضا عليه‌السلام : يا سليمان ألا تخبرني عن الإرادة فعل هي أم غير فعل؟ قال : بل هي فعل ، قال : فهي محدثة لأن الفعل كله محدث ، قال : ليست بفعل ، قال : فمعه غيره لم يزل ، قال سليمان : الإرادة هي الانشاء ، قال : يا سليمان هذا الذي ادعيتموه (٤) على ضرار وأصحابه (٥) من قولهم : إن كل ما خلق الله عزوجل في سماء أو أرض أو بحر أو بر من كلب أو خنزير أو قرد أو إنسان أو دابة إرادة الله عزوجل وإن إرادة الله عزوجل تحيي وتموت وتذهب وتأكل وتشرب وتنكح وتلد (٦) وتظلم وتفعل الفواحش وتكفر ، وتشرك ، فتبراء منها وتعاديها وهذا حدها (٧).

قال سليمان : إنها كالسمع والبصر والعلم ، قال الرضا عليه‌السلام : قد رجعت إلى هذا ثانية ، فأخبرني عن السمع والبصر والعلم أمصنوع؟ قال سليمان : لا ، قال الرضا عليه‌السلام : فكيف نفيتموه (٨) فمرة قلتم لم يرد ومرة قلتم أراد ، وليست

__________________

١ ـ ق : ٣٥.

٢ ـ الحجر : ٤٨.

٣ ـ في أحد عشر موضعا من القرآن.

٤ ـ في نسخة ( هـ ) ( عيبتموه ) وفي البحار : ( عبتموه ).

٥ ـ هو ضرار بن عمرو ، وهم من الجبرية ، لكن وافقوا المعتزلة في أشياء ، واختصموا بأشياء منكرة.

٦ ـ في نسخة ( و ) و ( ط ) و ( ن ) ( تلذ ) بالذال المعجمة المشددة.

٧ ـ أي فتبرء من الإرادة بالمعنى الذي ذهب إليه ضرار وتعاديها مع أن هذا الذي ذهبت إليه من أن الإرادة هي الانشاء حد الإرادة بالمعنى الذي ذهب إليه ضرار ، وفي البحار بصيغة المتكلم مع الغير في الفعلين ، وفي نسخة ( و ) و ( ط ) و ( ج ) ( تفارقها ) مكان ( تعاديها ).

٨ ـ في هامش نسخة ( و ) ( فكيف نعتموه ) والضمير المنصوب يرجع حينئذ إليه تعالى ، وهذا أصح ، وعلى سائر النسخ فالضمير يرجع إلى الإرادة وتذكيره باعتبار المعنى.

٤٤٨

بمفعول له؟! قال سليمان : إنما ذلك كقولنا مرة علم ومرة لم يعلم (١) قال الرضا عليه‌السلام : ليس ذلك سواء لأن نفي المعلوم ليس بنفي العلم ، ونفي المراد نفي الإرادة أن تكون ، لأن الشيء إذا لم يكن إرادة (٢) وقد يكون العلم ثابتا وإن لم يكن المعلوم ، بمنزلة البصر فقد يكون الإنسان بصيرا وإن لم يكن المبصر ، ويكون العلم ثابتا وإن لم يكن المعلوم (٣). قال سليمان : إنها مصنوعة ، قال عليه‌السلام : فهي محدثة ليست كالسمع والبصر لأن السمع والبصر ليسا بمصنوعين وهذه مصنوعة ، قال سليمان : إنها صفة من صفاته لم تزل ، قال : فينبغي أن يكون الإنسان لم يزل لأن صفته لم تزل ، قال سليمان : لا لأنه لم يفعلها ، قال الرضا عليه‌السلام : يا خراساني ما أكثر غلطك ، أفليس بإرادته وقوله تكون الأشياء؟! (٤) قال سليمان : لا ، قال : فإذا لم يكن بإرادته ولا مشيته ولا أمره ولا المباشرة فكيف يكون ذلك؟! تعالى الله عن ذلك ، فلم يحر جوابا (٥).

ثم قال الرضا عليه‌السلام : ألا تخبرني عن قول الله عزوجل : ( وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها ) (٦) يعني بذلك أنه يحدث إرادة؟! قال له :

__________________

١ ـ أي مرة وقع علمه على المعلوم الموجود ، ومرة لم يقع علمه على المعلوم لكونه غير موجود ، ومر نظير هذا في الحديث الأول من الباب الحادي عشر.

٢ ـ في نسخة ( و ) و ( ب ) و ( د ) ( لم تكن الإرادة ).

٣ ـ ( لم يكن ) في المواضع الأربعة تامة ، وقوله : ( بمنزلة البصر ) خبر لمبتدأ محذوف ، أي العلم بمنزلة البصر.

٤ ـ في نسخة ( هـ ) ( أليس بإرادته وقوله تكوين الأشياء ).

٥ ـ إيضاح الكلام أنه عليه‌السلام ألزمه على كونه الإرادة أزلية كون الإنسان مثلا أزليا لأن صفته أي إرادته التي بها خلق الإنسان أزلية ، فأجاب سليمان بأنه لا يلزم ذلك لأنه فعل الإنسان فهو حادث ولم يفعل الإرادة فهي أزلية ، فرده عليه‌السلام بأن هذا غلط كسائر أغلاطك لأن تكون الأشياء إنما هو بإرادته ولا تتخلف عن المراد بشهادة العقل والآية ، فكابر سليمان فقال : لا يكون بإرادته ، فأفحمه بما قال عليه‌السلام. فلم يحر جوابا.

٦ ـ الإسراء : ١٦.

٤٤٩

نعم ، قال : فإذا أحدث إرادة كان قولك إن الإرادة هي هو أم شيء منه باطلا لأنه لا يكون أن يحدث نفسه ولا يتغير عن حاله ، تعالى الله عن ذلك ، قال سليمان : إنه لم يكن عني بذلك أنه يحدث إرادة ، قال : فما عني به؟ قال : عني فعل الشيء قال الرضا عليه‌السلام : ويلك كم تردد هذه المسألة ، وقد أخبرتك أن الإرادة محدثة لأن فعل الشيء محدث ، قال : فليس لها معنى ، قال : الرضا عليه‌السلام : قد وصف نفسه عندكم حتى وصفها بالإرادة بما لا معنى له ، فإذا لم يكن لها معنى قديم ولا حديث بطل قولكم : إن الله لم يزل مريدا. قال سليمان : إنما عنيت أنها فعل من الله لم يزل ، قال : ألا تعلم أن ما لم يزل لا يكون مفعولا وحديثا وقديما في حالة واحدة؟ فلم يحر جوابا.

قال الرضا عليه‌السلام : لا بأس ، أتمم مسألتك ، قال سليمان : قلت : إن الإرادة صفة من صفاته ، قال الرضا عليه‌السلام : كم تردد علي أنها صفه من صفاته ، وصفته محدثة أو لم تزل؟! قال سليمان : محدثة ، قال الرضا عليه‌السلام : الله أكبر فالإرادة محدثة وأن كانت صفة من صفاته لم تزل ، فلم يرد شيئا. (٢) قال الرضا عليه‌السلام : إن ما لم يزل لا يكون مفعولا ، قال سليمان : ليس الأشياء إرادة ولم يرد شيئا. (٣) قال الرضا عليه‌السلام : وسوست يا سليمان فقد فعل وخلق ما لم يرد خلقه ولا فعله ، وهذه صفة من لا يدري ما فعل ، تعالى الله عن ذلك.

قال سليمان : يا سيدي قد أخبرتك أنها كالسمع والبصر والعلم ، قال المأمون : ويلك يا سليمان كم هذا الغلط والتردد اقطع هذا وخذ في غيره إذ ليست تقوى على هذا الرد ، قال الرضا عليه‌السلام : دعه يا أمير المؤمنين ، لا تقطع عليه مسألته

__________________

١ ـ في البحار وفي نسخة ( هـ ) ( فصفته ـ الخ ).

٢ ـ لأن العالم حادث والإرادة أزلية والتخلف ممتنع ، وقوله : ( إن ما لم يزل ـ الخ ) تعليل له باللازم.

٣ ـ أي لا أقول بقول ضرار ولا بقولكم ، بل إرادة غير متعلقة بشيء أو ليست له إرادة رأسا.

٤٥٠

فيجعلها حجة ، تكلم يا سليمان ، قال : قد أخبرتك أنها كالسمع والبصر والعلم ، قال الرضا عليه‌السلام : لا بأس ، أخبرني عن معنى هذه أمعنى واحد أم معان مختلفة؟! قال سليمان : بل معنى واحد ، الرضا عليه‌السلام : فمعنى الإرادات كلها معنى واحد؟ قال سليمان : نعم ، قال الرضا عليه‌السلام : فإن كان معناها معنى واحدا كانت إرادة القيام وإرادة العقود وإرادة الحياة وإرادة الموت إذا كانت إرادته واحدة (١) لم يتقدم بعضها بعضا ولم يخالف بعضها بعضا ، وكان شيئا واحدا (٢) قال سليمان : إن معناها مختلف ، قال عليه‌السلام : فأخبرني عن المريد أهو الإرادة أو غيرها؟! قال سليمان : بل هو الإرادة ، قال الرضا عليه‌السلام فالمريد عندكم يختلف إن كان هو الإرادة (٣)؟ قال : يا سيدي ليس الإرادة المريد ، قال عليه‌السلام : فالإرادة محدثة ، وإلا فمعه غيره. افهم وزد في مسألتك.

قال سليمان : فإنها اسم من أسمائه ، قال الرضا عليه‌السلام : هل سمى نفسه بذلك؟ قال سليمان : لا ، لم يسم نفسه بذلك ، قال الرضا عليه‌السلام : فليس لك أن تسميه بما لم يسم به نفسه ، قال : قد وصف نفسه بأنه مريد ، قال الرضا عليه‌السلام : ليس صفته نفسه أنه مريد إخبار عن أنه إرادة ولا إخبارا عن أن الإرادة اسم من أسمائه ، قال : سليمان : لأن إرادته علمه ، قال الرضا عليه‌السلام : يا جاهل فإذا علم الشيء فقد أراده؟ قال سليمان : أجل ، قال عليه‌السلام : فإذا لم يرده لم يعلمه ، قال سليمان : أجل ، قال عليه‌السلام : من أين قلت ذاك ، وما الدليل على أن إرادته علمه. وقد يعلم ما لا يريده

__________________

١ ـ هذه الجملة تأكيد للشرط بلفظ آخر وقعت بين اسم كانت وخبرها : وفي نسخة ( ط ) و ( ن ) ( إذا كانت إرادة واحدة ) وفي نسخة ( و ) ( إذ كانت إرادته واحدة ) وفي البحار : ( فإن كان معناها معنى واحدا كانت إرادة القيام إرادة العقود ، وإرادة الحياة إرادة الموت ، إذ كانت إرادته واحدة لم يتقدم بعضها بعضا ـ الخ ) وهذا أحسن.

٢ ـ أي كان المراد شيئا واحدا ، وفي نسخة ( و ) و ( ط ) و ( ن ) ( وكانت شيئا واحدا ).

٣ ـ في البحار : ( مختلف إذ كان ـ الخ ) وفي نسخة ( د ) و ( ج ) ( يختلف إذا كان ـ الخ ) وفي نسخة ( ب ) ( يختلف إذ كان ـ الخ ).

٤٥١

أبدا ، وذلك قوله عزوجل : ( ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ) (١) فهو يعلم كيف يذهب به وهو لا يذهب به أبدا ، قال سليمان : لأنه قد فرغ من الأمر فليس يزيد فيه شيئا (٢) قال الرضا عليه‌السلام : هذا قول اليهود ، فكيف قال عزوجل : ( ادعوني أستجب لكم ) (٣) قال سليمان : إنما عني بذلك أنه قادر عليه ، قال عليه‌السلام : أفيعد ما لا يفي به؟! فكيف قال عزوجل : ( يزيد في الخلق ما يشاء ) (٤) وقال عزوجل : ( يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ) (٥) وقد فرغ من الأمر ، فلم يحر جوابا.

قال الرضا عليه‌السلام : يا سليمان هل يعلم أن إنسانا يكون ولا يريد أن يخلق إنسانا أبدا ، وأن إنسانا يموت اليوم ولا يريد أن يموت اليوم؟ قال سليمان : نعم قال الرضا عليه‌السلام : فيعلم أنه يكون ما يريد أن يكون أو يعلم أنه يكون ما لا يريد أن يكون؟! قال : يعلم أنهما يكونان جميعا ، قال الرضا عليه‌السلام : إذن يعلم أن إنسانا حي ميت ، قائم قاعد ، أعمى بصير في حال واحدة ، وهذا هو المحال ، قال : جعلت فداك فإنه يعلم أنه يكون أحدهما دون الآخر ، قال عليه‌السلام : لا بأس ، فأيهما يكون ، الذي أراد أن يكون أو الذي لم يرد أن يكون ، قال سليمان : الذي أراد أن يكون ، فضحك الرضا عليه‌السلام والمأمون وأصحاب المقالات. قال الرضا عليه‌السلام : غلطت وتركت قولك : إنه يعلم أن إنسانا يموت اليوم وهو لا يريد أن يموت اليوم وأنه يخلق خلقا وهو لا يريد أن يخلقهم ، فإذا لم يجز العلم عندكم بما لم يرد أن يكون فإنما يعلم أن يكون ما أراد أن يكون (٦).

__________________

١ ـ الإسراء : ٨٦.

٢ ـ في نسخة ( د ) و ( ب ) ( فليس يريد فيه شيئا ) وفي نسخة ( ط ) ( فليس يريد منه شيئا ).

٣ ـ المؤمن : ٦٠.

٤ ـ فاطر : ١.

٥ ـ الرعد : ٣٩.

٦ ـ حاصل الكلام من قوله عليه‌السلام : يا سليمان هل يعلم أن انسانا يكون إلى هنا أنه هل يتعلق علمه تعالى بنسبة قضية ولا يتعلق إرادته بها ، فأقر سليمان بذلك ، فثبت مطلوبه

٤٥٢

قال سليمان : فإنما قولي : إن الإرادة ليست هو ولا غيره ، قال الرضا عليه‌السلام : يا جاهل إذا قلت : ليست هو فقد جعلتها غيره ، وإذا قلت : ليست هي غيره فقد جعلتها هو ، قال سليمان : فهو يعلم كيف يصنع الشيء؟ قال عليه‌السلام : نعم ، قال سليمان : فإن ذلك إثبات للشئ (١) قال الرضا عليه‌السلام : أحلت لأن الرجل قد يحسن البناء وإن لم يبن ويحسن الخياطة وإن لم يخط ويحسن صنعة الشيء وإن لم يصنعه أبدا ثم قال له : يا سليمان هل يعلم أنه واحد لا شيء معه؟! قال : نعم ، قال : أفيكون ذلك إثباتا للشيء؟! قال سليمان : ليس يعلم أنه واحد لا شيء معه. قال الرضا عليه‌السلام : أفتعلم أنت ذلك؟! (٢) قال : نعم ، قال : فأنت يا سليمان أعلم منه إذا ، قال سليمان : المسألة محال ، قال : محال عندك أنه واحد لا شيء معه وأنه سميع بصير حكيم عليم

__________________

عليه‌السلام الذي هو عدم اتحادهما ، لكنه أقر بالحق في غير موضعه من حيث لا يشعر ( كأنه اختبط واختلط من كثرة الحجاج في المجلس ) لأن المثالين مجمعهما ، إذ علمه تعالى بموت إنسان يستلزم إرادته ، وبكون إنسان يستلزم إرادة خلقه ، ومورد التخلف الأمثلة التي ذكرها عليه‌السلام من قبل ، ثم أراد عليه‌السلام أن ينبهه على غلطه فقال : فيعلم أنه يكون ما يريد ـ الخ ، والقسمة لعلمه بكون ما يريد وما لا يريد تقتضي صورا أربعا : يعلم أنه يكون ما يريد أن يكون فقط ، يعلم أنه يكون ما لا يريد أن يكون فقط ، يعلمهما جميعا ، لا يعلمهما ، والصورة الثانية هي ما ينطبق عليه المثالان ، والأخيرة محال ، والثالثة محال أيضا لما قال عليه‌السلام : إذن يعلم أن انسانا حي ميت ـ الخ ، ومنطبقة المثالين أيضا محال لما قلنا ، وسليمان بصرافة فطرته تركها واختار الصورة الأولى حيث قال : ( الذي أراد أن يكون ) بعد أن قال عليه‌السلام : ( لا بأس فيهما يكون ـ الخ ).

١ ـ المعنى : فإن ذلك إثبات للشئ معه في الأزل ، وذلك ظنا منه أن العلم بالمصنوع يستلزم وجوده ، فأجاب عليه‌السلام بالفرق بين العلم والإرادة بالأمثلة ، فإن العلم لا يستلزم المعلوم بخلاف الإرادة فإنها تستلزم المراد ، وقوله : ( يحسن ) في المواضع الثلاثة من الاحسان بمعنى العلم.

٢ ـ في نسخة ( هـ ) و ( و ) ( أفأنت تعلم بذلك ).

٤٥٣

قادر؟! قال : نعم ، قال عليه‌السلام : فكيف أخبر الله عزوجل أنه واحد حي سميع بصير عليم خبير وهو لا يعلم ذلك؟! وهذا رد ما قال وتكذيبه ، تعالى الله عن ذلك ، ثم قال الرضا عليه‌السلام : فكيف يريد صنع ما لا يدري صنعه ولا ما هو؟! وإذا كان الصانع لا يدري كيف يصنع الشيء قبل أن يصنعه فإنما هو متحير ، تعالى الله عن ذلك.

قال سليمان : فإن الإرادة القدرة ، قال الرضا عليه‌السلام : وهو عزوجل يقدر على ما لا يريده أبدا ، ولا بد من ذلك لأنه قال تبارك وتعالى : ( ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ) (١) فلو كانت الإرادة هي القدرة كان قد أراد أن يذهب به لقدرته ، فانقطع سليمان ، قال المأمون عند ذلك : يا سليمان هذا أعلم هاشمي. ثم تفرق القوم.

قال مصنف هذا الكتاب : كان المأمون يجلب على الرضا عليه‌السلام من متكلمي الفرق والأهواء المضلة كل من سمع به حرصا على انقطاع الرضا عليه‌السلام عن الحجة مع واحد منهم ، وذلك حسدا منه له ولمنزلة من العلم ، فكان عليه‌السلام لا يكلم أحدا إلا أقر له بالفضل والتزم الحجة له عليه لأن الله تعالى ذكره أبى إلا أن يعلي كلمته ويتم نوره وينصر حجته ، وهكذا وعد تبارك وتعالى في كتابه فقال : ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ) (٢) يعني بالذين آمنوا : ( الأئمة الهداة عليهم‌السلام وأتباعهم والعارفين بهم والآخذين عنهم ، ينصرهم بالحجة على مخالفيهم ما داموا في الدنيا ، وكذلك يفعل بهم في الآخرة ، وإن الله لا يخلف وعده.

٦٧ ـ باب النهي عن الكلام

والجدال والمراء في الله عزوجل

١ ـ أبي رحمه‌الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي بصير ، قال : قال أبو ـ جعفر عليه‌السلام : تكلموا في خلق الله ولا تكلموا في الله فإن الكلام في الله لا يزيد إلا تحيرا.

__________________

١ ـ الإسراء : ٨٦.

٢ ـ المؤمن : ٥١.

٤٥٤

٢ ـ وبهذا الإسناد ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن أبي عبيدة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : تكلموا في كل شيء ولا تكلموا في الله. (١)

٣ ـ وبهذا الإسناد ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن ضريس الكناسي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : اذكروا من عظمة الله ما شئتم ولا تذكروا ذاته فإنكم لا تذكرون منه شيئا إلا وهو أعظم منه.

٤ ـ وبهذا الإسناد ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن بريد العجلي ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على أصحابه فقال : ما جمعكم؟ قالوا : اجتمعنا نذكر ربنا ونتفكر في عظمته ، فقال : لن تدركوا التفكر في عظمته.

٥ ـ وبهذا الإسناد ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن فضيل ابن يسار ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : يا ابن آدم لو أكل قلبك طائر لم يشبعه ، وبصرك لو وضع عليه خرق إبرة لغطاه ، تريد أن تعرف بهما ملكوت السماوات والأرض ، إن كنت صادقا فهذه الشمس خلق من خلق الله فإن قدرت أن تملأ عينيك منها فهو كما تقول.

٦ ـ وبهذا الإسناد ، عن الحسن بن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : ( ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا ) (٢) قال : من لم يدله خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار ودوران الفلك والشمس والقمر والآيات العجيبات على أن وراء ذلك أمرا أعظم منه فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا ، قال : فهو عما لم يعاين أعمى وأضل.

٧ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضال عن ثعلبة بن ميمون ، عن الحسن الصيقل ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : تكلموا في ما دون العرش ولا تكلموا في ما فوق العرش فإن قوما تكلموا في الله

__________________

١ ـ أي في ذاته تعالى أنه ما هو؟ وكيف هو؟.

٢ ـ الإسراء : ٧٢.

٤٥٥

عزوجل فتاهو حتى كان الرجل ينادي من بين يديه فيجيب من خلفه وينادي من خلفه فيجيب من بين يديه.

٨ ـ أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن يحيى الخثعمي ، عن عبد الرحيم القصير ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن شيء من التوحيد ، فرفع يديه إلى السماء وقال : تعالى الله الجبار (١) إن من تعاطى ما ثم هلك.

٩ ـ وبهذا الإسناد ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : ( وأن إلى ربك المنتهى ) (٢) قال : إذا انتهى الكلام إلى الله عزوجل فأمسكوا.

١٠ ـ وبهذا الإسناد ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن محمد بن مسلم ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يا محمد إن الناس لا يزال بهم المنطق حتى يتكلموا في الله ، فإذا سمعتم ذلك فقولوا : لا إله إلا الله الواحد الذي ليس كمثله شيء.

١١ ـ وبهذا الإسناد ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن حمران ، عن أبي عبيدة الحذاء ، قال : قال لي أبو جعفر عليه‌السلام : يا زياد إياك والخصومات فإنها تورث الشك وتحبط العمل وتردي صاحبها ، وعسى أن تكلم بالشيء فلا يغفر له ، إنه كان فيما مضى قوم وتركوا علم ما وكلوا به وطلبوا علم ما كفوه حتى انتهى كلامهم إلى الله عزوجل فتحيروا ، فإن كان الرجل ليدعى من بين يديه فيجيب من خلفه ويدعى من خلفه فيجيب من بين يديه.

١٢ ـ أبي رحمه‌الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا أحمد بن محمد ابن عيسى ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن أبي اليسع ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أنه قد كان فيمن كان قبلكم قوم تركوا علم ما وكلوا بعلمه وطلبوا علم ما لم يوكلوا بعلمه ، فلم يبرحوا حتى سألوا عما فوق السماء فتاهت

__________________

١ ـ في النسخ الخطية : ( تعالى الجبار ).

٢ ـ النجم : ٤٢.

٤٥٦

قلوبهم ، فكان أحدهم يدعى من بين يديه فيجيب من خلفه ويدعى من خلفه فيجيب من بين يديه.

١٣ ـ وبهذا الإسناد ، عن أبي اليسع ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : دعوا التفكر في الله فإن التفكر في الله لا يزيد إلا تيها لأن الله تبارك وتعالى لا تدركه الأبصار ولا تبلغه الأخبار.

١٤ ـ وبهذا الإسناد ، عن أبي اليسع ، عن سليمان بن خالد ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إياكم والتفكر في الله فإن التفكر في الله لا يزيد إلا تيها لأن الله عزوجل لا تدركه الأبصار ولا يوصف بمقدار.

١٥ ـ أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، قال : حدثنا محمد بن خالد ، عن علي بن النعمان وصفوان بن يحيى عن فضيل بن عثمان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : دخل عليه قوم من هؤلاء الذين يتكلمون في الربوبية ، فقال : اتقوا الله وعظموا الله ولا تقولوا ما لا نقول فإنكم إن قلتم وقلنا متم ومتنا ثم بعثكم الله وبعثنا فكنتم حيث شاء الله وكنا.

١٦ ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي‌الله‌عنه قال : حدثنا عبد الله بن جعفر ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، قال : حدثنا الحسن بن محبوب ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن سالم بن أبي حفصة ، عن منذر الثوري ، عن محمد بن الحنفية ، قال : إن هذه الأمة لن تهلك حتى تتكلم في ربها.

١٧ ـ وبهذا الإسناد ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن ضريس ، الكناسي ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إياكم والكلام في الله ، تكلموا في عظمته ولا تكلموا فيه فإن الكلام في الله لا يزداد إلا تيها (١).

١٨ ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا أبو الحسين محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، قال : حدثنا محمد بن سليمان بن الحسن الكوفي ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن خالد ، عن علي بن حسان الواسطي ، عن

__________________

١ ـ في نسخة ( ج ) ( فإن الكلام فيه لا يزداد صاحبه إلا تيها ).

٤٥٧

بعض أصحابنا ، عن زرارة ، قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : إن الناس قبلنا قد أكثروا في الصفة فما تقول؟ فقال : مكروه ، أما تسمع الله عزوجل يقول : ( وأن إلى ربك المنتهى ) (١) تكلموا فيما دون ذلك.

١٩ ـ أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا في بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الله بن بكير ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن ملكا عظيم الشأن كان في مجلس له فتكلم في الرب تبارك وتعالى ففقد فما يدري أين هو.

٢٠ ـ أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن عبد الحميد ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إياكم والتفكر في الله ، ولكن إذا أردتم أن تنظروا إلى عظمة الله فانظروا إلى عظم خلقه.

٢١ ـ أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن علي بن السندي ، عن حماد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار ، عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : سمعته يقول : الخصومة تمحق الدين وتحبط العمل وتورث الشك.

٢٢ ـ وبهذا الإسناد ، عن أبي بصير ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يهلك أصحاب الكلام ، وينجو المسلمون إن المسلمين هم النجباء.

٢٣ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، قال : حدثنا العباس بن معروف ، عن سعدان بن مسلم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سمعته يقول : لا يخاصم إلا رجل ليس له ورع أو رجل شاك.

٢٤ ـ أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، قال : حدثنا أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن فضيل ، عن أبي عبيدة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام

__________________

١ ـ النجم : ٤٢.

٤٥٨

قال : قال لي : يا أبا عبيدة إياك وأصحاب الخصومات والكذابين علينا فإنهم تركوا ما أمروا بعلمه وتكلفوا علم السماء ، يا أبا عبيدة خالقوا الناس بأخلاقهم وزايلوهم بأعمالهم ، إنا لا نعد الرجل فينا عاقلا (١) حتى يعرف لحن القول ثم قرأ هذه الآية ( ولتعرفنهم في لحن القول ) (٢).

٢٥ ـ أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله قال : حدثنا يعقوب بن يزيد عن الغفاري ، عن جعفر بن إبراهيم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إياكم وجدال كل مفتون فإن كل مفتون ملقن حجته إلى انقضاء مدته (٣) فإذا انقضت مدته أحرقته فتنته بالنار. وروي شغلته خطيئته فأحرقته.

٢٦ ـ أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن عيسى قال : قرأت في كتاب علي بن بلال أنه سأل الرجل يعني أبا الحسن عليه‌السلام : أنه روي عن آبائك عليهم‌السلام أنهم نهوا عن الكلام في الدين. فتأول مواليك المتكلمون بأنه إنما نهى من لا يحسن أن يتكلم فيه فأما من يحسن أن يتكلم فيه فلم ينه ، فهل ذلك كما تأولوا أولا؟ فكتب عليه‌السلام : المحسن وغير المحسن لا يتكلم فيه فإن إثمه أكثر من نفعه.

٢٧ ـ أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا أحمد بن إدريس ، قال : حدثنا محمد بن أحمد علي بن إسماعيل ، عن المعلى بن محمد البصري ، عن علي بن أسباط ، عن جعفر بن سماعة ، عن غير واحد ، عن زرارة ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام : ما حجة الله على العباد؟ قال : أن يقولوا ما يعلمون ويقفوا عندما لا يعلمون.

٢٨ ـ أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن الحسين ، ابن أبي الخطاب ، عن ابن فضال ، عن علي بن شجرة ، عن إبراهيم بن أبي رجاء

__________________

١ ـ في نسخة ( ن ) و ( ط ) ( لا نعد الرجل فقيها حتى ـ الخ ).

٢ ـ محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله : ٣٠.

٣ ـ في نسخة ( و ) ( ملقف حجته ـ الخ ) ، وفي نسخة ( هـ ) ( إياكم وجدال كل مفتون ملقن حجته ـ الخ ).

٤٥٩

عن أخي طربال (١) قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : كف الأذى وقلة الصخب يزيدان في الرزق.

٢٩ ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، قال : حدثنا محمد بن الحسين ، عن الحسن بن محبوب ، عن نجية القواس ، عن علي بن يقطين ، قال : قال أبو الحسن عليه‌السلام : مر أصحابك أن يكفوا من ألسنتهم ويدعوا الخصومة في الدين ويجتهدوا في عبادة الله عزوجل.

٣٠ ـ حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رضي‌الله‌عنه ، عن أبيه ، عن محمد بن أحمد ، عن موسى بن عمر ، عن العباس بن عامر ، عن مثنى ، عن أبي بصير ، عن أبي ـ عبد الله ، قال : قال : لا يخاصم إلا شاك أو من لا ورع له.

٣١ ـ وبهذا الإسناد ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن ، عن أبي حفص عمر بن عبد العزيز (٢) عن رجل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قال : متكلموا هذه العصابة من شر من هم منه من كل صنف (٣).

٣٢ ـ أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل ، عن الحضرمي ، عن المفضل بن عمر ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يا مفضل من فكر في الله كيف كان هلك ، ومن طلب الرئاسة هلك.

٣٣ ـ أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما‌السلام ، أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

١ ـ في نسخة ( ب ) ( عن إبراهيم بن أبي رجاء أخي طربال ) واسم أخي طربال إبراهيم.

٢ ـ في نسخة ( ط ) و ( ن ) ( عن أبي حفص بن عمر بن عبد العزيز ).

٣ ـ الظاهر أن المراد بالعصابة علماء العامة ، أي المتكلمون من علماء العامة من شر الذين هذه العصابة منهم ، ومفاد الموصول جماعة العامة ، وإفراد الضمير باعتبار لفظ الموصول ، وقوله : ( من كل صنف ) تصريح بالتعميم وبيان لقوله : ( منه ) ، وفي نسخة ( د ) ( منهم ) مكان ( منه ).

٤٦٠