التّوحيد

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

التّوحيد

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: السيد هاشم الحسيني الطهراني
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧٠

١

بسم الله الرحمن الرحيم

كلمتنا :

الحمد لله محيي قلوب العارفين بحياة التوحيد ، ومخلص خواطر المحققين من مضائق الأوهام إلى فسح التجريد ، والصلاة والسلام على رسوله المؤيد بالآيات والأملاك وغيرها من صنوف التأييد ، وعلى آله المعصومين الذين بولائهم نجاة ـ الناجي وسعادة السعيد.

أما بعد : فهذا السفر الكريم من أحسن ما ألف في المعارف العالية الآلهية ، يتراءى لمن طالعة أصول علمية مبنية على أساس وثيق ، من البراهين المأثورة العقلية المؤيدة بالآيات ، والأخبار الإرشادية المروية عن الأئمة الأطهار عليهم صلوات الله الملك الجبار ، فيه أبحاث ضافية ترشد إلى مهيع الحق ، وحجج بالغة تدل على منهج الصواب في الأصول الاعتقادية ومعرفة الله سبحانه ببيان متين ، وقول سديد وطريق لاحب ، ومسلك جدد ، ومن سلك الجدد أمن العثار ، ومن مال عنه إلى غيره تحير في واد السدر ، وبنى أمره على شفا جرف هار ، أو تطلب في الماء جذوة نار.

ومصنفه أبو جعفر الصدوق ـ رضوان الله عليه ـ محدث فقيه ، عالم رباني بتمام معنى الكلمة ، والذي يستفاد من آرائه ومعتقداته المبثوثة في تضاعيف كتبه ، ويظهر من رحلاته إلى الأرجاء ، وتحمله المشاق فيها لأخذ العلم وترويج المذهب ، ومناظراته مع المخالفين ، ومرجعيته العامة أنه رجل زكي الوجدان ، ثابت الجنان ، قوي الإرادة ، عالي الهمة ، نقي الذمة ، ذكي الفؤاد ، رفيع العماد ، واضح الأخلاق ، طاهر الأعراق ، متكلم كثير الحفظ ، صريح اللسان فصيحه ، سديد الرأي حصيفه ، عصامي النفس مع كونه معروف النسب سني الحسب ، عارف بالدين أصولا وفروعا ، عالم بما تحتاج إليه الأمة ، ساع إلى نشر العلم في ربوعها ، غير متقاعس عما يفيدها ويعلي شأنها. وقد مثل الحق في هذا الكتاب عيانا ، وبين غوامض العلم بيانا ، فسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا.

٢

وإني لما رأيت ـ بعد انتشار الطبعة الأولى ـ إقبال الفضلاء لاقتناء نسخه ، واعجابهم بتصحيحه وتحقيقه وتعاليقه العلمية التي عني بها الشريف الحجة السيد هاشم الحسيني الطهراني ـ مد ظلة العالي ـ أحد أماجد المحققين في عصرنا هذا ، حداني ذلك إلى نشره مرة ثانية مشكولا بإعجام كامل دقيق ، حرصا على تنقيب ـ الكتاب وتخليده ، وتسهيلا للقراء الناشئين الكرام ، ووفاء لحق التأليف والمؤلف ، وإن كان كثير من أهل العلم يكرهون الإعجام والأعراب ، ولا يسوغونه إلا في الملتبس أو الذي يخشى أن يلتبس ، وقالوا : ( إنما يشكل ما يشكل ). ولكني رأيت الصواب في إعجامه لأن الاعجام يمنع الاستعجام ، والشكل يمنع الإشكال لا سيما في أسماء الناس لأنها شيء لا يدخله القياس ، ففعلت ذلك وبليت بحمل أعبائه حينما كان الليل دامسا ، وبحر الظلام طامسا ، قد ضربت الفتنة سرادقها ، وقامت على سنابكها ، خيل المصائب نازلة ، وكوارث النوائب متواصلة ، دهم الكفر ساحتنا ، ورام استباحتنا ، فكم من دماء لأبنائنا سفكت ، وأحاريم هتكت ، يسمع من كل ناحية عويل وزفرة ، ويرى في كل جانب غليل وعبرة ، لا تراب منهم درجوا ، وشبان في دمائهم ولجوا ، وجرحى لا يرجى لهم الالتيام. وإنما الشكوى ترفع إلى رب الأنام ، أليس الله بعزيز ذي انتقام؟ والحديث ذو شجون ، ولعل القائل غير مصون ، والعدو غشوم ظلوم ، ولا أمل له إلا في التمرس بالمسلمين ، وإعمال الحيلة على المؤمنين ، يظهر أنه ساع لهم في العاقبة الحسنى ، وداع لهم إلى المقصد الأسنى والحضارة العليا ، مع أنه يسر حسوا في ارتغائه ، وأياديه يلتمسون له الحيل ابتغاء مرضاته ، وليس هنا مجال الكلام ، ولكل مقال مقام ، وذكر تفصيل الواقعة يطول ، فلنضرب عنه صفحا ونقول : ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

والواجب علي في هذه العجالة ، وختام هذه المقالة أن أنوه بذكر الشابين الفاضلين الألمعيين : ( حسين آقا أستاذ ولي ) و ( محسن آقا الأحمدي ) وفقهما الله لمرضاته حيث وازراني في عمل هذا المشروع فلله درهما وعلى الله برهما.

غرة ذي الحجة ١٣٩٨ ـ ق

تطابق ١١ / ٨ / ١٣٥٧ ـ ش

علي أكبر الغفاري

إيران ـ طهران

٣

كلمات حول الكتاب :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لمن نطق الكائنات بوجوده ، ومد على الممكنات ظل رحمته وجوده. الذي فات لعلوه على أعلى الأشياء مواقع رجم المتوهمين. وارتفع عن أن تحوي كنه عظمته فهاهة رويات المتفكرين ، وتجلى بنور الفطرة عند العقول ، ورأته بحقيقة الإيمان القلوب. وأبدع الأشياء عن حكمته ، وخلق الخلائق لرحمته. وعاملهم بعد عدله بفضله ، وأعطى كلا حسب تقديره من نواله. وسلامه وصلواته على أقرب الخلق إليه ، المبدع من نور عظمته. المخلوق من أشرف طينته رحمته للعالمين ، وسراجه للمهتدين ، وعلى عترته أهل بيته بيت النبوة الذين هم هو إلا النبوة.

وقولي بعد ذاك إن التوحيد قطب عليه تدور كل فضيلة. وبه يتزكى الإنسان عن كل رذيلة ، وبه نيل العز والشرف ، ويسعد الموجود في كل ناحية وطرف. إذ عليه فطرته. وعلى الفطرة حركته ، وبالحركة وصوله إلى كماله وبكماله سعادته وبحرمانه عنه شقاوته

ثم إن الباب الذي لا ينبغي الدخول لهذا المغزى في غيره هو الباب الذي فتحه الله عزوجل بعد رسوله المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على العباد ، وحثهم على الاتيان إليه لكل أمر في المبدء والمعاد. فإنك إن أمعنت النظر ودققته ، وأعطيت فكرك حقه وتأملت بالغور في كلماتهم عليهم‌السلام ، وائتجعت في رياضها ، ورويت من حياضها ، وجدت ما طلبت فوق ما تمنيت خالصا عن كدورات أوهام المتصوفة ، وزلالا عن شبهات المتفلسفة ، كافيا بل فوقه في هذا السبيل ، مرويا لكل غليل ، شافيا من داء الجهل كل

٤

عليل ، مغنيا عنك كل برهان ودليل ، بل أعلى من ذلك وفوقه ، وكل ما صدر عن غيرهم لا يصل إلى ما دونه ، بل النسبة نسبة الظلمة والضحى ، لأن كل حكمة وعلم من الحق صدرت فمن طريقهم إلى الخلق وصلت ، وكل رحمة من الله انتشرت فبهم انتشرت ، وكل عناية منه على الخلائق وقعت فبسببهم تحققت ، لأنهم عيبة علمه ، ومعدن حكمته ، وسبب خيره ، ووسائط فيضه ، ويده الباسطة ، وعينه الناظرة ، وأذنه السامعة ، ولسانه الناطق ، والمخلوقون من نوره ، والمؤيدون بروحه وبهم يقضي في الخلق قضيته ، وإليهم تهبط في مقادير أموره إرادته.

بلى ، بلى ، أيها السالك سبيل الحكمة والطالب بالعرفان طريق السعادة ، إليهم ، إليهم فإن عندهم الحكمة ، وباتباعهم تحصل السعادة ، وبهم عرف الله وبهم عبد الله ، ولولاهم لا.

فانظر ماذا ترى فإنك ترى بين يديك سفرا كريما من غرر حكمتهم ، وبحرا عظيما من لئالي كلماتهم ، ألفته يمين فريد من جهابذة العلم ، كبير من أعلام الدين ـ قلما أتى الدهر بمثله ـ فخر الشيعة ، أحد حفاظ الشريعة ، الشيخ الأجل الأسعد أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ـ قدس الله نفسه ، ونور رمسه ـ فإنه كتاب يحتوي على أحاديث قيمة ثمينة عن رسول الله وأهل بيته صلوات الله عليه وعليهم في مطالب التوحيد ومعرفة صفات الله عزوجل وأسمائه وأفعاله وكثير من المباحث الحكمية والكلامية التي دارت عليها الأبحاث بين أهل العلم وفي مؤلفاتهم منذ القرن الأول إلى الآن كما ترى ذلك في تفصيل المطالب بلحاق الكتاب ، ولعمري إنه جدير بأن يوضع هذا المزبور في المجامع العلمية للتدريس ويحث المشتغلون ورواد العلم على تحقيق مطالبه وتخريج مغازي كلماته مستمدين من تحقيقات أعلام السلف في زبرهم حول تلك المطالب العلمية العالية فإن الحكمة حقا ما أخذ من عين صافية ، نبعت عن ينابيع الوحي ، والعلم حقيقة ما يؤخذ من نواميس الدين ، الذين هم وسائط بين الحق والخلق.

ثم إن مؤلف الكتاب ( رضوان الله تعالى عليه ) من الاشتهار والمعرفة

٥

بين أهل العلم والفضيلة بمكان يفوق على التعريف بما نزبر في هذا المزبور كما هو المعمول في بداية ما يخرج إلى أيدي رواد العلم بالطبع في دهرنا ومن قبل هذا ، والطالب لذلك يراجع مقدمة كتاب معاني الأخبار للمؤلف المطبوع ( بطهران سنة ١٣٧٩ هـ ) ، ولكن دون القارئ الكريم تعريفا ببعض شؤون الكتاب مما ظفرنا عليه.

( كتاب التوحيد )

واشتهر بتوحيد الصدوق وتوحيد ابن بابويه ، يجمع من مطالب التوحيد ما يكتفي به الطالب ، ويرشد به المسترشد ، وينتجع في رياضها العارف ، ويرتوي من حياضه عطشان المعارف ، فإنه لم يوجد في مؤلفات أهل العلم والحديث كتاب جامع لأحاديث التوحيد ومطالبه وما يرتبط به من صفات الله وأسمائه وأفعاله مثل هذا الكتاب ، وأحاديثه وإن كان بعض منها ليس على حد الصحة المصطلحة ، ولكن شامة المتضلع من معارف كلمات أهل البيت عليهم‌السلام تستشم الصحة من متونها ، وبنور الولاية يستخرج المعارف الحقة من بطونها ، مع أن أكثر أحاديثه مذكورة متفرقة في غيره من الكتب المعتبرة المعتمد عليها كنهج البلاغة والكافي والمحاسن وبعض كتب المؤلف كالعيون ومعاني الأخبار وغيرهما بأسانيد متعددة.

فالكتاب كغيره من كتب المؤلف من الأصول المعتبرة كان مورد الاستناد لمن تأخر عنه من العلماء.

وإني كنت كثيرا مشتغلا بمطالعته. ملتذا بمعاينته ، مستنيرا من أنوار حقائقه ، مستفيدا من غرر فوائده ، ولعلو قدره وغلاء قيمته أتعبت نفسي كثير إتعاب في تصحيحه ، وصححته سندا ومتنا على عدة نسخ مطبوعة ومخطوطة تطلع بمنظر القارئ قريبا ، ولتكثير الفائدة جعلت على مواضع من أحاديثه بيانات وتوضيحات موجزة وتعليقات مفيدة حسب ما اقتضى الكتاب من التطفل وإلا فشرحه كملا يستدعي أوراقا كثيرة ، ومجلدات ضخمة إلى أن من الله تعالى بتسبيب طبعه

٦

فخرج منه بهذه الصورة المزدانة الممتازة بعناية الأخ الكريم ، اللوذعي المفضال ، الناشر لآثار مدارس الآيات وبيوت العلم والإيحاء : مؤسس مكتبة الصدوق ( علي أكبر الغفاري ) المحترم ، أبقاه الله للإسلام ، وشكر الله مساعيه الجميلة ، وإني أشكر عنايته وأسأل المولى توفيقه وتسديده. إنه ولي الأجر والفضل وله المنة والحمد.

كلمة المجلسي رحمه‌الله حول كتب المؤلف

بعد أن عد في الفصل الأول من مقدمته على بحار الأنوار قبل سائر الأصول والكتب كتبه التي منها كتاب التوحيد قال في أول الفصل الثاني : ( إعلم أن أكثر الكتب التي اعتمدنا عليها في النقل مشهورة معلومة الانتساب إلى مؤلفيها ككتب الصدوق رحمه‌الله فإنها سوى الهداية وصفات الشيعة وفضائل الشيعة ومصادقة الإخوان وفضائل الأشهر ـ لا تقصر في الاشتهار عن الكتب الأربعة التي عليها المدار في هذه الأعصار وهي داخلة في إجازاتنا ، ونقل منها من تأخر عن الصدوق من الأفاضل الأخيار ، ولقد يسر الله لنا منها كتبا عتيقة مصححة ـ الخ ).

( شروح الكتاب )

١ ـ شرح للمولى الحكيم العارف القاضي محمد سعيد بن محمد مفيد القمي تلميذ المحدث الفيض الكاشاني ، وهو شرح كبير جيد لطيف أورد فيه المطالب الحكمية والعرفانية والكلامية بوجه حسن وبيان مستحسن ، فرغ منه سنة ١٠٩٩ هـ.

٢ ـ شرح للمحدث الجزائري السيد نعمة الله ابن عبد الله التستري المتوفى سنة ١١١٢ هـ ، اسمه ( أنس الوحيد في شرح التوحيد ).

٣ ـ شرح للأمير محمد علي نائب الصدارة بقم المشرفة.

٤ ـ شرح فارسي للمولى المحقق محمد باقر بن محمد مؤمن السبزواري المدفون

٧

بمشهد الرضا عليه‌السلام سنة ، ١٠٩٠ هـ.

كذا في الذريعة ملخصا مع زيادة.

أقول : هذه الشروح غير مطبوعة ، وعلى الكتاب ترجمة في خلالها شروح يسيرة لمحمد علي بن محمد حسن الأردكاني ، ( اسمه أسرار توحيد ) طبع قبل سنوات والظاهر أن المترجم كان من علماء القرن الثالث عشر. ولي عليه ترجمة ستطبع إن شاء الله تعالى.

( طبعاته )

١ ـ بطهران ، سنة ١٢٨٥ هـ طبعا حجريا ، بلحاقه حديث الشبلي عن الإمام سيد الساجدين في أسرار الحج وآدابه ، رمزها في التعليقة ( ط ).

٢ ـ بهند ، سنة ١٣٢١ بالطبع الحجري ، بلحاقه رسالة في السير والسلوك للعلامة المجلسي ـ رحمه الله تعالى ـ ، رمزها ( ن ).

٣ ـ بطهران ، سنة ١٣٧٥ بالحروف ، لم نرمزها لتقاربها مع الأولى ٤ ـ هذه الطبعة ، ونكتفي عن ذكر امتيازاتها بما يرى القارئ فيها.

عدد الأبواب والأحاديث

إن أبواب الكتاب سبعة وستون ، والظاهر من كثير من النسخ أنها ستة وستون بجعل الباب الثالث والأربعين في بعض النسخ وجعل التاسع والأربعين في بعض آخر مع قبله واحدا ، ولكن كل منهما في الموضعين باب على حدته لاختلاف موضوعه مع ما قبله ، والمؤلف رحمه‌الله لم يعنون حديثي ذعلب وحديثي سبخت بالباب ، ولكن جعلنا لفظ ( باب ) في الموضعين لحصول الاطراد ، ثم إن عناوين الأبواب في بعض النسخ مصدرة بلفظة ( في ) لكن تركناها طبقا لأكثر النسخ وسائر كتب الصدوق رحمه الله تعالى.

وأما عدد الأحاديث فخمسمائة وثلاثة وثمانون ( ٥٨٣ ).

٨

مراجع التصحيح ورموزها

١ ـ نسخة مصححة مخطوطة في القرن الحادي عشر ( ١١ ) هـ ق ، عليها في مواضع كثيرة مختلفات النسخ وحواش يسيرة مفيدة من الحكيم النوري بقلمه رحمه‌الله وفي آخره ( تم كتاب التوحيد بعون الملك المجيد ) رمزها ( ب ) انظر ص ٩ و ١٠.

٢ ـ نسخة مخطوطة في آخرها هذه العبارة : ( تم الكتاب المبارك بحمد الله وحسن توفيقه ـ والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين الطيبين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ـ بقلم الحقير الفقير تراب أقدام المؤمنين إسماعيل بن الشيخ إبراهيم في اليوم السابع والعشرين من شهر ربيع الأول من سنة ثلاث وسبعين بعد الألف ( ١٠٧٣ ) رمزها ( ج ) ـ انظر ص ١١.

٣ ـ نسخة مخطوطة في آخرها هذه العبارة : ( تم الكتاب بعون الله الملك الوهاب على يد العبد الضعيف أعظم في شهر ذي العقدة سنة ١٠٧٤ ) رمزها ( د ) انظر ص ١٢. تفضل بهذه النسخ الثلاث المفضال الألمعي ، العالم البارع الحاج الشيخ حسن المصطفوي التبريزي دام عزه.

٤ ـ نسخة مخطوطة في آخرها هذه العبارة : ( عارضت الكتاب من أوله إلى أول الباب الأخير وهو باب النهي عن الكلام والجدال والمراء في الله تعالى بنسخ متعددة تزيد على اثنتي عشرة وبالغت في التصحيح قدر الوسع والطاقة إلا مواضع يسيرة بقي لي اشتباه فيها وقد كتبت عليها علامة تنظر ، منها في باب العرش وصفاته منها في بحث عمران الصابئ ، ومنها في غيرها ، وكان ذلك في مشهد مولانا ثامن الأئمة الأطهار في شهور سنة ١٠٨٣ ، كتب ذلك بيمناه الداثرة أحوج المفتاقين إلى رحمة ربه الغفور المنعم موسى الحسيني المدرس الخادم بلغه الله تعالى أقصى ما يتمناه والحمد لله أولا وآخرا ) رمزها ( هـ ) انظر ص ١٣ و ١٤.

وهذه النسخة الآن في مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام العامة بالنجف الأشرف.

٩

٥ ـ نسخة مخطوطة في آخرها : ( تم كتاب التوحيد بعون الله الملك المجيد من تصنيف الشيخ الجليل أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي نزيل الري رضي‌الله‌عنه بيد أقل خلق الله نور الله عفي عنه سنة ١٠٩٨ رابع عشر جمادى الثانية ) رمزها ( و ) انظر ص ١٥.

وهذه النسخة عندي في مكتبتي.

٦ ـ النسخ المطبوعة الثلاث التي مر ذكرها ، ولم أكتف بذلك ، بل قابلت أحاديث الكتاب بما في الكافي والعيون والبحار وغيرها من الكتب التي ذكرت أحاديث الكتاب فيها ، والحمد لله على توفيقه.

السيد هاشم الحسيني الطهراني

يوم الاثنين ـ ٢٠ / ٦ / ١٣٨٧ ط ٣ / ٦ / ١٣٤٦

يوم ميلاد أم الأئمة الطاهرين صلوات الله عليهم

١٠

١١

١٢

١٣

١٤

١٥

١٦

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الواحد الأحد الذي لا شريك له ، الفرد الصمد الذي لا شبيه له ، الأول القديم الذي لا غاية له ، الآخر الباقي الذي لا نهاية له ، الموجود الثابت الذي لا عدم له ، الملك الدائم الذي لا زوال له ، القادر الذي لا يعجزه شيء ، العليم الذي لا يخفى عليه شيء ، الحي لا بحياة ، الكائن لا في مكان ، السميع البصير الذي لا آلة له ولا أداة ، الذي أمر بالعدل ، وأخذ بالفضل ، وحكم بالفصل ، لا معقب لحكمه ، ولا راد لقضائه ، ولا غالب لإرادته ، ولا قاهر لمشيته ، وإنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ، فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء ، وإليه المرجع والمصير.

وأشهد أن لا إله إلا الله رب العالمين ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله سيد النبيين وخير خلقه أجمعين ، وأشهد أن علي بن أبي طالب سيد الوصيين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين ، وأن الأئمة من ولده بعده حجج الله إلى يوم الدين ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

قال الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي الفقيه نزيل الري مصنف هذا الكتاب ـ أعانه الله تعالى على طاعته ، ووفقه لمرضاته ـ إن الذي دعاني إلى تأليف كتابي هذا أني وجدت قوما من المخالفين لنا ينسون عصابتنا إلى القول بالتشبيه والجبر لما وجدوا في كتبهم من الأخبار التي جهلوا تفسيرها ولم يعرفوا معانيها ووضعوها في غير موضعها (١) ولم يقابلوا بألفاظها ألفاظ القرآن فقبحوا بذلك عند الجهال صورة مذهبنا ، ولبسوا عليهم طريقتنا ، وصدوا ـ

__________________

١ ـ في ( ب ) و ( د ) و ( و ) ( ووضعوها غير مواضعها ) في ( ج ) ( ووضعوها غير موضعها ).

١٧

الناس عن دين الله ، وحملوهم على جحود حجج الله فتقربت إلى الله تعالى ذكره بتصنيف هذا الكتاب في التوحيد (١) ونقي التشبيه ، والجبر ، مستعينا به ومتوكلا عليه ، وهو حسبي ونعم الوكيل.

١ ـ باب ثواب الموحدين والعارفين

١ ـ قال أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي رضي‌الله‌عنه : حدثنا أبي رضي‌الله‌عنه قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد ابن أبي عبد الله البرقي ، قال : حدثني أبو عمران العجلي ، قال : حدثنا محمد بن سنان قال : حدثنا أبو العلاء الخفاف ، قال : حدثنا عطية العوفي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما قلت ولا قال القائلون قبلي مثل لا إله إلا الله.

٢ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا محمد ابن الحسن الصفار ، قال : حدثنا إبراهيم بن هاشم ، عن الحسين بن يزيد النوفلي عن إسماعيل بن مسلم السكوني ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خير العبادة قول لا إله إلا الله.

__________________

١ ـ التوحيد في اصطلاح المتكلمين اسم للعلم الذي يبحث فيه عن الله تعالى وصفاته وأفعاله ، فكتابه هذا كله في التوحيد بهذا المعنى ، وأما نفي التشبيه فهو من باب ذكر الخاص بعد العام لأهميته ، وكذا الجبر فإنه داخل في مبحث أفعاله تعالى.

إعلم أن الناس في كل من المباحث الثلاثة ثلاثة : ففي مبحث إثبات الصانع ذهبت فرقة إلى الإبطال ، وفرقة إلى التشبيه والتجسيم ، وفرقة ـ هي النمط الأوسط ـ على أنه تعالى ثابت موجود بلا تشبيه ، وفي مبحث صفاته فرقة إلى زيادة الصفات على الذات في الحقيقة كالأشاعرة وفرقة إلى سلبها عنها ونيابة الذات عن الصفات كالمعتزلة ، وآخرون إلى أن ذاته تعالى مطابق كل من صفاته فإنه بوجوده الخاص به مصداق للعلم والقدرة والحياة وغيرها. وفي مبحث الأفعال فرقة إلى الجبر ، وأخرى إلى التفويض ، وآخرون إلى أمر بين أمرين ، والتفصيل موكول إلى محله.

١٨

٣ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن هلال ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : سمعته يقول : ما من شيء أعظم ثوابا من شهادة أن لا إله إلا الله لأن الله عزوجل لا يعدله شيء ولا يشركه في الأمر أحد (١).

٤ ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا محمد بن جعفر الأسدي ، قال : حدثني موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إن الله تبارك وتعالى ضمن للمؤمن ضمانا ، قال : قلت : وما هو؟ قال : ضمن له ـ إن هو أقر له بالربوبية ولمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالنبوة ولعلي عليه‌السلام بالإمامة وأدى ما افترض عليه ـ أن يسكنه في جواره ، قال : قلت : فهذه والله الكرامة التي لا يشبهها كرامة الآدميين (٢) قال : ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام : اعملوا قليلا تتنعموا كثيرا.

٥ ـ حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي‌الله‌عنه ، قال حدثنا علي ابن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن إبراهيم بن زياد الكرخي عن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من مات ولا يشرك بالله شيئا أحسن أو أساء دخل الجنة.

٦ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا محمد ابن الحسن الصفار ، قال : حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن علي بن ـ

__________________

١ ـ قد تبين في محله أن شرف كل معرفة بحسب شرف المعروف لأن مطلوب العارف بالذات هو لاهي وإن ضلت أقوام إذ أخذوا ما بالعرض مكان ما بالذات ، فلأن الله تعالى لا يعدله شيء فمعرفته لا يعدلها شيء مما يحصل للإنسان من المعارف والأعمال ، فهي أعظم ثوابا من كل ما يثاب به الإنسان ، بل لا ثواب لغيرها من دونها لأن أول الديانة معرفته.

٢ ـ هذا الحديث مقيد لسائر الأحاديث المطلقة في هذا الباب وشارح لها ، ومن هذا وغيره بل من بعض الآيات القرآنية يظهر أن السيئات ما لم تصل إلى حد ينافي إحدى هذه الأربع لا تمنع من دخول الجنة ، إلا أن السيئة كائنة ما كانت لا بد أن تمحى بأمر من الأمور في الدنيا أو في البرزخ أو في القيامة ، ثم يدخل صاحبها الجنة.

١٩

أسباط ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصيرة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قول الله عزوجل : ( هو أهل التقوى وأهل المغفرة ) قال : قال الله تبارك وتعالى : أنا أهل أن اتقى ولا يشرك بي عبدي شيئا ، وأنا أهل أن لم يشرك بي عبدي شيئا أن أدخله الجنة ، وقال عليه‌السلام : إن الله تبارك وتعالى أقسم بعزته وجلاله أن لا يعذب أهل توحيده بالنار أبداً.

٧ ـ حدثنا محمد بن أحمد الشيباني (١) رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا محمد بن أبي ـ عبد الله الكوفي ، قال : حدثنا موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن علي بن سالم ، عن أبي بصير ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إن الله تبارك وتعالى حرم أجساد الموحدين على النار.

٨ ـ حدثنا أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سيف ، عن أخيه علي ، عن أبيه سيف بن عميرة ، قال : حدثني الحجاج بن أرطاة ، قال : حدثني أبو الزبير ، عن جابر بن عبد الله ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : الموجبتان (٢) من مات يشهد أن لا إله إلا الله ( وحده لا شريك له ) (٣) دخل الجنة ، ومن مات يشرك بالله دخل النار.

ـ حدثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد

__________________

١ ـ هذا الرجل يلقب بالسناني أيضا كما في بعض أحاديث الكتاب. ولعل الشيباني مصحف السناني وهو أبو عيسى محمد بن أحمد بن محمد بن سنان الزاهري نزيل الري المترجم في رجال الشيخ في باب من لم يرو عنهم. والسناني نسبة إلى جده الأعلى.

٢ ـ الموجبتان مبتدء وما بعده خبره ، وهي على صيغة الفاعل عبارة أخرى عن القضية الشرطية التي توجب حقيقة مقدمها حقيقة تاليها ، أي الموت على التوحيد يوجب دخول الجنة وهو على الاشراك يوجب دخول النار ، وروى الصدوق في معاني الأخبار ص ١٨٣ والكليني في الكافي ج ٣ ص ٣٤٣ عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : ( لا تنسوا الموجبتين أو قال عليكم بالموجبتين في دبر كل صلاة ، قلت : وما الموجبتان؟ قال : تسأل الله الجنة وتتعوذ به من النار ).

٣ ـ ما بين القوسين زيادة في نسخة ( ج ) و ( و ).

٢٠