التّوحيد

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

التّوحيد

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: السيد هاشم الحسيني الطهراني
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧٠

سماوات : قالا : هل غير هذا؟ قال : لا ، قالا : دلنا على من هو أعلم منك ، فأرشدهما إلى علي صلوات الله عليه فلما جاءاه فنظرا إليه قال أحدهما لصاحبه : إنه الرجل الذي نجد صفته في التوراة أنه وصي هذا النبي وخليفته وزوج ابنته وأبو السبطين والقائم بالحق من بعده ، ثم قالا لعلي عليه‌السلام : أيها الرجل ما قرابتك من رسول الله؟ قال : هو أخي ، وأنا وارثه ووصيه وأول من آمن به ، وأنا زوج ابنته فاطمة ، قالا له : هذه القرابة الفاخرة والمنزلة القريبة ، وهذه الصفة التي نجدها في التوراة.

ثم قالا له : فأين ربك عزوجل؟ قال لهما علي عليه الصلاة والسلام : إن شئتما أنبأتكما بالذي كان على عهد نبيكما موسى عليه‌السلام ، وإن شئتما أنبأتكما بالذي كان على عهد نبينا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قالا : أنبئنا بالذي كان على عهد نبينا موسى عليه‌السلام ، قال علي عليه‌السلام : أقبل أربعة أملاك : ملك من المشرق ، وملك من المغرب ، وملك من السماء ، وملك من الأرض ، فقال صاحب المشرق لصاحب المغرب : من أين أقبلت؟ قال : أقبلت من عند ربي ، وقال : صاحب المغرب لصاحب المشرق : من أين أقبلت؟ قال : أقبلت من عند ربي ، وقال النازل من السماء للخارج من الأرض : من أين أقبلت؟ قال : أقبلت من عند ربي ، وقال الخارج من الأرض للنازل من السماء : من أين أقبلت؟ قال : أقبلت من عند ربي ، فهذا ما كان على عهد نبيكما موسى عليه‌السلام ، وأما ما كان على عهد نبينا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فذلك قوله في محكم كتابه : ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ـ الآية (١) ) قال اليهوديان : فما منع صاحبيك أن يكونا جعلاك في موضعك الذي أنت أهله؟! فوالذي أنزل التوراة على موسى إنك لأنت الخليفة حقا ، نجد صفتك في كتبنا ونقرؤه في كنائسنا ، وإنك لأحق بهذا الأمر وأولى به ممن قد غلبك عليه ، فقال علي عليه‌السلام : قدما وأخرا (٢) وحسابهما

__________________

١ ـ المجادلة : ٧.

٢ ـ الظاهر أنهما على صيغة المعلوم ، أي قدما أنفسهما في هذا الأمر ولم يكن من شأنهما وأخراني عنه وهو من شأني ، ويحتمل كونهما على صيغة المجهول ، أي قدما في هذا الأمر الذي ليس من شأنهما وأخرا عن فوائد الإسلام والإيمان في الآخرة وحرما عنها.

١٨١

على الله عزوجل ، يوقفان ويسألان.

١٦ ـ حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الفارسي أبو الحسين ، قال : حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد النسوي ، قال : حدثنا أبو نصر أحمد بن محمد بن عبد الله الصغدي بمرو ، قال : حدثنا محمد بن يعقوب بن الحكم العسكري وأخوه معاذ بن يعقوب قالا : حدثنا محمد بن سنان الحنظلي ، قال : حدثنا عبد الله بن عاصم ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن قيس ، عن أبي هاشم الرماني ، عن زاذان ، عن سلمان الفارسي رحمه‌الله في حديث طويل يذكر فيه قدوم الجاثليق المدينة مع مائة من النصارى بعد وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وسؤاله أبا بكر عن مسائل لم يجبه عنها ، ثم أرشد إلى أمير ـ المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام فسأله عنها فأجابه ، فكان فيما سأله أن قال له : أخبرني عن وجه الرب تبارك وتعالى ، فدعا علي ، عليه‌السلام بنار وحطب فأضرمه ، فلما اشتعلت قال علي عليه‌السلام : أين وجه هذه النار؟! قال النصراني : هي وجه من جميع حدودها : قال علي عليه‌السلام : هذه النار مدبرة مصنوعة لا يعرف وجهها ، وخالقها لا يشبهها ، ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله ، لا يخفى على ربنا خافية. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٧ ـ حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد الأشناني الرازي العدل ببلخ ، قال : حدثنا علي بن مهرويه القزويني ، عن داود بن سليمان الفراء ( كذا ) ، عن علي ابن موسى الرضا ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن موسى بن عمران لما ناجى ربه قال : يا رب أبعيد أنت مني فأناديك أم قريب فأناجيك؟ (١) فأوحى الله جل جلاله إليه : أنا جليس من ذكرني ، فقال موسى : يا رب إني أكون في حال أجلك أن أذكرك فيها ، فقال : يا موسى اذكرني على كل حال.

__________________

١ ـ هذا بعيد عن النبي المرسل إلا أن يأول.

١٨٢

١٨ ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بأبي عبد الله الكوفي ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي ، عن علي بن العباس ، عن الحسن بن راشد ، عن يعقوب بن جعفر الجعفري ، عن أبي إبراهيم موسى بن جعفر عليهما‌السلام ، قال : ذكر عنده قوم يزعمون أن الله تبارك وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا ، فقال : إن الله تبارك وتعالى لا ينزل ، ولا يحتاج إلى أن ينزل ، إنما منظره في القرب والبعد سواء ، لم يبعد منه قريب ، ولم يقرب منه بعيد (١) ولم يحتج بل يحتاج إليه ، وهو ذو الطول ، لا إله إلا هو العزيز الحكيم أما قول الواصفين : إنه تبارك وتعالى ينزل فإنما يقول ذلك من ينسبه إلى نقص أو زيادة ـ وكل متحرك محتاج إلى من يحركه أو يتحرك به (٢) فظن بالله الظنون فهلك ، فاحذروا في صفاته من أن تقفوا له على حد تحدوه بنقص أو زيادة أو تحرك أو زوال أو نهوض أو قعود ، فإن الله جل عن صفة الواصفين ، ونعت الناعتين ، وتوهم المتوهمين ، وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين.

١٩ ـ وبهذا الإسناد عن الحسن بن راشد ، عن يعقوب بن جعفر ، عن أبي إبراهيم عليه‌السلام أنه قال : لا أقول : إنه قائم فأزيله عن مكانه ، ولا أحده بمكان يكون فيه ، ولا أحده أن يتحرك في شيء من الأركان والجوارح ، ولا أحده بلفظ شق فم ، ولكن كما قال تبارك وتعالى : ( كن فيكون ) بمشيته من غير تردد في نفس ، فرد ، صمد لم يحتج إلى شريك يكون له في ملكه ، ولا يفتح له أبواب علمه (٣).

٢٠ ـ حدثنا محمد بن أحمد السناني رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله

__________________

١ ـ لم يبعد ولم يقرب على صيغة المجهول من باب التفعيل ، أو التقدير لم يبعد منه قريب من غير ولم يقرب منه بعيد من غيره.

٢ ـ من يحركه بالقسر أو ما يتحرك به من النفس أو الطبع.

٣ ـ عطف على ( يكون ) أي ولم يحتج إلى شريك يفتح له أبواب علمه.

١٨٣

الأسدي الكوفي ، عن موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن علي بن سالم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام ، قال : إن الله تبارك وتعالى لا يوصف بزمان ولا مكان ولا حركة ولا انتقال ولا سكون ، بل هو خالق الزمان والمكان والحركة والسكون ، تعالى الله عما يقولون علوا كبيراً.

٢١ ـ حدثنا أبو الحسين محمد بن إبراهيم بن إسحاق العزائمي ، قال : حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن رميح النسوي ، قال : أخبرنا عبد العزيز بن إسحاق ، قال : حدثني جعفر بن محمد الحسني ، قال : حدثنا محمد بن علي بن خلف العطار ، قال : حدثنا بشر بن الحسن المرادي ، عن عبد القدوس وهو ابن حبيب ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن الحارث الأعور ، عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام أنه دخل السوق ، فإذا هو برجل موليه ظهره يقول : لا والذي احتجب بالسبع ، فضرب علي عليه‌السلام ظهره ، ثم قال : من الذي احتجب بالسبع؟ قال : الله يا أمير المؤمنين ، قال : أخطأت ثكلتك أمك ، إن الله عزوجل ليس بينه وبين خلقه حجاب لأنه معهم أينما كانوا ، قال : ما كفارة ما قلت يا أمير المؤمنين؟ قال : أن تعلم أن الله معك حيث كنت ، قال : أطعم المساكين؟ قال : لا إنما حلفت بغير ربك.

٢٢ ـ حدثنا أبو الحسين محمد بن إبراهيم بن إسحاق الفارسي ، قال : حدثني أبو سعيد الرميحي ، قال : أخبرنا عبد العزيز بن إسحاق ، قال : حدثني محمد بن عيسى بن هارون الواسطي ، قال : حدثنا محمد بن زكريا المكي ، قال : أخبرني منيف (١) مولى جعفر بن محمد ، قال : حدثني سيدي جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام قال : كان الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما‌السلام ، يصلي ، فمر بين يديه رجل فنهاه بعض جلسائه ، فلما انصرف من صلاته قال له : لم نهيت الرجل؟ قال : يا ابن رسول الله حظر فيما بينك وبين المحراب ، فقال : ويحك إن الله عزوجل أقرب إلي من أن يخطر فيما بيني وبينه أحد.

__________________

١ ـ كذا ، ولم أجده وفي نسخة ( ط ) و ( ن ) ( سيف ).

١٨٤

٢٩ ـ باب أسماء الله تعالى

والفرق بين معانيها وبين معاني أسماء المخلوقين

١ ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه‌الله ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم ابن هاشم ، عن المختار بن محمد بن المختار الهمداني ، عن الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : سمعته يقول : هو اللطيف الخبير السميع البصير ، الواحد الأحد الصمد إلي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، منشئ الأشياء ومجسم الأجسام ومصور الصور ، لو كان كما يقولون لم يعرف الخالق من المخلوق ، ولا المنشئ من المنشأ ، لكنه المنشئ ، فرق بين من جسمه وصوره وأنشأه وبينه إذ كا محمد بن علي ماجيلويه رحمه‌الله ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم ابن هاشم ، عن المختار بن محمد بن المختار الهمداني ، عن الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : سمعته يقول : هو اللطيف الخبير السميع البصير ، الواحد الأحد الصمد إلي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، منشئ الأشياء ومجسم الأجسام ومصور الصور ، لو كان كما يقولون لم يعرف الخالق من المخلوق ، ولا المنشئ من المنشأ ، لكنه المنشئ ، فرق بين من جسمه وصوره وأنشأه وبينه إذ كان لا يشبهه شيء ولا يشبه هو شيئا ، قلت : أجل ، جعلني الله فداك ، لكنك قلت : الأحد الصمد ، وقلت : لا يشبه هو شيئا ، والله واحد والإنسان واحد ، ليس قد تشابهت الوحدانية؟! قال : يا فتح أحلت ثبتك الله ، إنما التشبيه في المعاني ، فأما في الأسماء فهي واحدة ، وهي دلالة على المسمى ، وذلك أن الإنسان وإن قيل واحد فإنما يخبر أنه جثة واحدة وليس باثنين ، فالإنسان نفسه ليس بواحد ، لأن أعضاءه مختلفة وألوانه مختلفة غير واحدة ، وهو أجزاء مجزأة ليس بسواء ، دمه غير لحمه ولحمه غير دمه ، وعصبه غير عروقه ، وشعره غير بشره ، وسواده غير بياضه وكذلك سائر الخلق ، فالإنسان واحد في الاسم لا واحد في المعنى ، والله جل جلاله هو واحد في المعنى ، لا واحد غيره ، لا اختلاف فيه ولا تفاوت ولا زيادة ولا نقصان فأما الإنسان المخلوق المصنوع المؤلف من أجزاء مختلفة وجواهر شتى (١) غير أنه بالاجتماع شيء واحد ، قلت : جعلت فداك فرجت عني فرج الله عنك ،

__________________

١ ـ هنا خبر محذوف بقرينة ما قبله هو ( ففيه اختلاف وتفاوت وزيادة ونقصان ) ، وفي الباب الثاني في الحديث الثامن عشر ( فأما الإنسان المخلوق المصنوع المؤلف فمن أجزاء مختلفة ـ الخ ) و ... يح ، وكون المؤلف خبرا والجار متعلقا به بعيد ، إذ لا وجه لتعريف المسند مع عدم فاء الجواب.

١٨٥

فقولك : ( اللطيف الخبير ) فسره لي كما فسرت الواحد ، فإني أعلم أن لطفه على خلاف لطف خلقه للفصل ، غير أني أحب أن تشرح ذلك لي ، فقال : يا فتح إنما قلنا : اللطيف ، للخلق اللطيف ، ولعلمه بالشيء اللطيف ، أولا ترى وفقك الله وثبتك إلى أثر صنعه في النبات اللطيف وغير اللطيف وفي الخلق اللطيف من الحيوان الصغار من البعوض والجرجس وما هو أصغر منهما مما لا يكاد تستبينه العيون ، بل لا يكاد يستبان لصغره الذكر من الأنثى والحدث المولود من القديم ، فلما رأينا صغر ذلك في لطفه ، واهتدائه للسفاد ، والهرب من الموت ، والجمع لما يصلحه مما في لجج البحار وما في لحاء الأشجار والمفاوز والقفار ، وفهم بعضها عن بعض منطقها ، وما يفهم به أولادها عنها ، ونقلها الغذاء إليها ، ثم تأليف ألوانها حمرة مع صفرة ، وبياض مع حمرة ، وما لا تكاد عيوننا تستبينه بتمام خلقها ولا تراه عيوننا ولا تلمسه أيدينا. علمنا أن خالق هذا الخلق لطيف ، لطف في خلق ما سميناه بلا علاج ولا أداة ولا آله ، وإن صانع كل شيء فمن شيء صنع (١) والله الخالق اللطيف الجليل خلق وصنع لا من شيء (٢).

٢ ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه‌الله قال : حدثنا محمد بن يعقوب الكليني ، قال : حدثنا علي بن محمد ، عن محمد بن عيسى ، عن الحسين ابن خالد ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام أنه قال : إعلم ـ علمك الله الخير ـ أن الله تبارك وتعالى قديم ، والقدم صفة دلت العاقل على أنه لا شيء قبله ولا شيء معه في ديموميته ، فقد بان لنا بإقرار العامة مع معجزة الصفة لا شيء قبل الله ولا شيء مع الله في بقائه (٣) وبطل قول من زعم أنه كان قبله أو كان معه شيء وذلك أنه لو كان معه

__________________

١ ـ قوله : ( وأن صانع ـ الخ ) يقرء بكسر الهمزة على الاستيناف ، أو بفتحها عطفا على أن خالق ـ الخ.

٢ ـ هذا بعض الحديث المذكور في الباب الثاني بسند آخر عن الفتح وهناك تعليقات.

٣ ـ أي فقد بان لنا بإقرار عامة العقلاء أنه لا شيء قبل الله ولا شيء مع الله في بقائه لأنه قديم والقدم يستلزم ذلك ، أما أنه لا شيء قبله فظاهر ، وأما أنه لا شيء معه في بقائه فلان غيره

١٨٦

شئ فبقائه لم يجز أن يكون خالقا له لأنه لم يزل معه : فكيف يكون خالقا لمن لم يزل معه ، ولو كان قبله شيء كان الأول ذلك الشيء لا هذا ، وكان الأول أولى بأن يكون خالقا للأول الثاني (١).

ثم وصف نفسه تبارك وتعالى بأسماء دعا الخلق إذ خلقهم وتعبدهم وابتلاهم إلى أن يدعوه بها ، فسمى نفسه سميعا بصيرا قادرا قائما ظاهرا باطنا لطيفا خبيرا قويا عزيزا حكيما عليما وما أشبه هذه الأسماء ، فلما رأى ذلك من أسمائه الغالون المكذبون وقد سمعونا نحدث عن الله أنه لا شيء مثله ولا شيء من الخلق في حاله قالوا : أخبرونا إذ زعمتم أنه لا مثل لله ولا شبه له كيف شاركتموه في أسمائه الحسنى فتسميتم بجميعها؟! فإن في ذلك دليلا على أنكم مثله في حالاته كلها أو في بعضها دون بعض ، إذ جمعتكم الأسماء الطيبة ، قيل لهم : إن الله تبارك وتعالى ألزم العباد أسماء من أسمائه على اختلاف المعاني (٢) وذلك كما يجمع الاسم الواحد معنيين مختلفين ، والدليل على ذلك قول الناس الجائز عندهم الشائع ، وهو الذي خاطب الله به الخلق وكلمهم بما يعقلون ليكون عليهم حجة في تضييع ما ضيعوا ، وقد يقال للرجل : كلب وحمار وثور وسكرة وعلقمة وأسد ، وكل ذلك على خلافه

__________________

حادث لأدلة التوحيد كما يأتي الإشارة إليه في كلامه عليه‌السلام عن قريب ، والحادث متأخر عن القديم لا معه ، وقوله : ( مع معجزة الصفة ) أي مع أن صفة القدم أعجزت العقلاء عن درك حقيقتها وحقيقة موصوفها ، بل هم إنما يحكمون بعقولهم على ما ذكر ، وقوله : ( أنه لا شيء الخ ) ينازع فيه ( بان ) بالفاعلية ، والإقرار بالمفعولية ، وفي نسخة ( و ) و ( ب ) و ( د ) ليس لفظة ( مع ) وعلى هذا فمعجزة الصفة مفعول للاقرار وأنه لا شيء فاعل لبان بلا تنازع ، والباء في ( بإقرار العامة ) على كلا الحالين للالصاق.

١ ـ أي هذا الذي ظهر أنه الأول لا القديم الذي كلامنا فيه أولى بأن يكون خالقا للأول الذي صار ثانيا متأخرا على فرض أن يكون قبله شيء.

٢ ـ أي ألزم عباده أسماء من أسمائه ليدعوه بها على اختلاف الحقائق التي أطلق تلك الأسماء عليها كما يظهر من الأمثلة وإن كانت من حيث اللفظ والمفهوم واحدة.

١٨٧

وحالاته (١) لم تقع الأسامي على معانيها التي كانت بنيت عليها ، لأن الإنسان ليس بأسد ولا كلب ، فافهم ذلك رحمك الله.

وإنما نسمي الله بالعلم بغير علم حادث علم به الأشياء ، واستعان به على حفظ ما يستقبل من أمره والروية فيما يخلق من خلقه ، وبعينه ما مضى مما أفنى من خلقه مما لو لم يحضره ذلك العلم ويعنه كان جاهلا ضعيفا (٢) كما أنا رأينا علماء الخلق أنما سموا بالعلم لعلم حادث إذ كانوا قبله جهلة ، وربما فارقهم العلم بالأشياء فصاروا إلى الجهل (٣) وإنما سمي الله عالما لأنه لا يجهل شيئا ، فقد جمع الخالق والمخلوق اسم العلم (٤) واختلف المعنى على ما رأيت ، وسمى ربنا سميعا لا بجزء فيه يسمع به الصوت ولا يبصر به ، كما أن جزءنا الذي نسمع به لا نقوى على النظر به ، ولكنه أخبر أنه لا يخفى عليه الأصوات ، ليس على حد ما سمينا نحن ، فقد جمعنا الاسم بالسميع واختلف المعنى ، وهكذا البصر لا بجزء به أبصر ، كما أنا نبصر بجزء منا لا ننتفع به في غيره ، ولكن الله بصير لا يجهل شخصا منظورا إليه ، فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى ، وهو قائم ليس على معنى انتصاب وقيام على ساق في

__________________

١ ـ أي كل مسمى بواحد من هذه الأسماء على خلاف المسمى الأصلي بحسب الحقيقة وبحسب حالاته وأوصافه ، وفي البحار باب معاني الأسماء : ( وكل ذلك على خلافه لأنه لم تقع ـ الخ ).

٢ ـ قوله : ( والروية ) عطف على حفظ ، وقوله : وبعينه أي كيف يكون تعالى عالما بالعلم الحادث الذي يحدث بحدوث المعلوم ويزول بزواله والحال أنه يكون بعينه أي بحضرته العلمية ما مضى ـ الخ وقوله : ( مما لو لم يحضره ذلك العلم ـ الخ ) بيان للعلم الحادث بأنه يحضر ويغيب وعند غيبته يصير العالم جاهلا تعالى الله عن ذلك ، وقوله ، ( ويعنه ) بالجزم عطف على مدخول لم ، والنسخ من قوله : ( والرؤية ) إلى هنا مختلفة كثيرا لم نتعرض لها لطول الكلام فيها.

٣ ـ في الكافي باب معاني الأسماء وفي نسخة ( و ) ( فعادوا إلى الجهل ).

٤ ـ في الكافي وفي نسخة ( ب ) ( اسم العالم ).

١٨٨

كبد كما قامت الأشياء (١) ولكن أخبر أنه قائم ، يخبر أنه حافظ ، كقولك : الرجل القائم بأمرنا فلان ، وهو قائم على كل نفس بما كسبت ، والقائم أيضا في كلام الناس الباقي ، والقائم أيضا يخبر عن الكفاية ، كقولك للرجل قم بأمر فلان أي اكفه ، والقائم منا قائم على ساق ، فقد جمعنا الاسم ولم يجمعنا المعنى ، وأما اللطيف فليس على قلة وقضافة وصغر ، ولكن ذلك على النفاذ في الأشياء (٢) والامتناع من أن يدرك ، كقولك لطف عني هذا الأمر ، ولطف فلان في مذهبه وقوله يخبرك أنه غمض فبهر العقل وفات الطلب وعاد متعمقا متلطفا لا يدركه الوهم ، فهكذا لطف الله ، تبارك وتعالى عن أن يدرك بحد أو يحد بوصف ، واللطافة منا الصغر والقلة ، فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى ، وأما الخبير فالذي لا يعزب عنه شيء ولا يفوته شيء ، ليس للتجربة ولا للاعتبار بالأشياء فيفيده التجربة والاعتبار علما لولاهما ما علم ، لأن من كان كذلك كان جاهلا ، والله لم يزل خبيرا بما يخلق والخبير من الناس المستخبر عن جهل المتعلم ، وقد جمعنا الاسم واختلف المعنى ، وأما الظاهر فليس من أجل أنه علا الأشياء بركوب فوقها ، وقعود عليها ، وتسنم لذراها ، ولكن ذلك لقهره ولغلبته الأشياء ولقدرته عليها كقوله الرجل : ظهرت على أعدائي وأظهرني الله على خصمي ، يخبر عن الفلج والغلبة ، فهكذا ظهور الله على الأعداء (٣).

ووجه آخر أنه الظاهر لمن أراده ، لا يخفى عليه شيء (٤) وأنه مدبر لكل ما برأ ، فأي ظاهر أظهره وأوضح من الله تعالى ، وإنك لا تعدم صنعه حيثما توجهت ، وفيك من آثاره ما يغنيك ، والظاهر منا البارز بنفسه والمعلوم بحده ،

__________________

١ ـ أي في مشقة فإن القيام على الساق شاق على الحيوان بالنسبة إلى القعود الاضطجاع ، ويأتي الكبد بمعنى الهواء.

٢ ـ وهذا المعنى أريد في الآية : ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ).

٣ ـ في الكافي وفي البحار وفي نسخة ( ب ) و ( د ) ( فهكذا ظهور الله على الأشياء ).

٤ ـ أي لا يخفى على الله تعالى شيء لظهوره على كل شيء فهو الظاهر على الأشياء لمن أراده.

١٨٩

فقد جمعنا الاسم ولم يجمعنا المعنى ، وأما الباطن فليس على معنى الاستبطان للأشياء بأن يغور فيها ولكن ذلك منه على استبطانه للأشياء علما وحفظا وتدبيرا ، كقول القائل أبطنته ، يعني خبرته وعلمت مكتوم سره ، والباطن منا بمعنى الغائر في الشيء والمستتر به فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى ، وأما القاهر فإنه ليس على معنى علاج ونصب واحتيال ومداراة ومكر ، كما يقهر العباد بعضهم بعضا ، فالمقهور منهم يعود قاهرا ، والقاهر يعود مقهورا ، ولكن ذلك من الله تبارك وتعالى على أن جميع ما خلق ملتبس به الذل لفاعله وقلة الامتناع لما أراد به ، لم يخرج منه طرفة عين غير أنه يقول له : كن فيكون ، والقاهر منا على ما ذكرته ووصفت ، فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى ، وهكذا جميع الأسماء وإن كنا لم نسمها كلها ، فقد يكتفي للاعتبار بما ألقينا إليك ، والله عوننا وعونك في إرشادنا وتوفيقنا.

٣ ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بن يعقوب ، قال : حدثنا علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حماد ، عن الحسين بن يزيد ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن إبراهيم بن عمر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن الله تبارك وتعالى خلق اسما بالحروف وهو عزوجل بالحروف غير منعوت (١) وباللفظ غير منطق ، وبالشخص غير مجسد ، وبالتشبيه غير موصوف ،

__________________

١ ـ في بعض النسخ ( خلق أسماء ) بصيغة الجمع وهو من خطأ الناسخ لمنافاته مع الذيل حيث قال : ( فجعله كلمة تامة ـ الخ ) وليس هذه الفقرة ( وهو عزوجل بالحروف ) في الكافي والبحار ، وموجودة في نسخ التوحيد التي عندي ، وقال المجلسي رحمه‌الله. إنها موجودة في أكثر النسخ ، والظاهر أنها من مختلقات بعض الناسخين لتوهمه أن هذه الأوصاف تمتنع على الاسم الملفوظ ، وغفل أن الأوصاف المذكورة بعد قوله : فجعله كلمة تامة أيضا تمتنع عليه مع أنها للاسم قطعا ، فالمراد بهذا الاسم ليس ما هو اللفظ ولا المفهوم ، بل هو حقيقة بإبداع الحق تعالى منشأ لظهور أسمائه وآثار صفاته في الأشياء ، ومن أراد الشرح لهذا الحديث فعليه بالبحار وشروح الكافي وتفسير الميزان ذيل الآية المائة والثمانين في سورة الأعراف ، وفي الكافي باب حدوث الأسماء وفي نسخة ( ج ) وحاشية نسخة ( ب ) و ( د ) ( بالحروف غير متصوت ).

١٩٠

وباللون غير مصبوغ ، منفي عنه الأقطار ، مبعد عنه الحدود ، محجوب عنه حس كل متوهم ، مستتر غير مستور ، فجعله كلمة تامة على أربعة أجزاء معا ، ليس منها واحد قبل الآخر ، فأظهر منها ثلاثة أسماء لفاقة الخلق إليها (١) وحجب واحدا منها ، وهو الاسم المكنون المخزون بهذه الأسماء الثلاثة التي أظهرت ، فالظاهر هو الله تبارك وتعالى ، وسخر سبحانه لكل اسم من هذه أربعة أركان (٢) فذلك اثنا عشر ركنا ، ثم خلق لكل ركن منها ثلاثين اسما ، فعلا منسوبا إليها (٣) فهو الرحمن الرحيم ، الملك ، القدوس ، الخالق البارئ ، المصور ، الحي القيوم ، لا تأخذه سنة ولا نوم ، العليم ، الخبير ، السميع ، البصير ، الحكيم ، العزيز ، الجبار ، المتكبر ، العلي ، العظيم ، المقتدر ، القادر ، السلام ، المؤمن المهيمن ، البارئ (٤) المنشئ ، البديع ، الرفيع ، الجليل ، الكريم ، الرزاق ، المحيي ، المميت ، الباعث الوارث ، فهذه الأسماء وما كان من الأسماء الحسنى حتى تتم ثلاثمائة وستين اسما فهي نسبة لهذه الأسماء الثلاثة ، وهذه الأسماء الثلاثة أركان وحجب للاسم الواحد المكنون المخزون بهذه الأسماء الثلاثة ، وذلك قوله عزوجل : ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) (٥).

٤ ـ أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا أحمد بن إدريس ، عن الحسين بن عبيد الله ، عن محمد بن عبد الله ، وموسى بن عمرو ، والحسن بن علي بن أبي عثمان ، عن ابن سنان قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام هل كان الله عارفا بنفسه قبل أن يخلق الخلق؟ (٦)

__________________

١ ـ في نسخة ( ب ) و ( ج ) و ( د ) و ( و ) ( فأظهر منها ثلاثة أشياء ـ الخ ).

٢ ـ في البحار باب المغايرة بين الاسم والمعنى وفي نسخة ( ب ) و ( و ) ( فالظاهر هو الله ، وتبارك ، وسبحان ، لكل اسم من هذه ـ الخ ).

٣ ـ أي فتصاعد ذلك الاسم في العدد إلى ثلاثمائة وستين اسما منسوبا إليها نسبة الأصل إلى الفروع كما هي منسوبة إليه نسبة الفروع إلى الأصل على ما ذكر في آخر الحديث.

٤ ـ كذا.

٥ ـ الإسراء : ١١٠.

٦ ـ هذا نظير ما في الحديث الحادي عشر من الباب الحادي عشر ، ثم كأن السائل توهم

١٩١

قال : نعم ، قلت : يراها ويسمعها ، قال : ما كان الله محتاجا إلى ذلك ، لأنه لم يكن يسألها ولا يطلب منها ، هو نفسه ونفسه هو ، قدرته نافذة ، وليس يحتاج أن يسمي نفسه ، ولكن اختار لنفسه أسماء لغيره يدعوه بها ، لأنه إذا لم يدع باسمه لم يعرف فأول ما اختار لنفسه العلي العظيم لأنه أعلى الأشياء كلها ، فمعناه الله ، واسمه العلي العظيم ، هو أول أسمائه لأنه علي ، علا كل شيء.

٥ ـ وبهذا الإسناد ، عن محمد بن سنان قال : سألته عن الاسم ما هو؟ قال : صفة لموصوف.

٦ ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله ، عن محمد بن إسماعيل ، عن بعض أصحابه ، عن بكر بن صالح ، عن علي بن الحسن بن محمد ، عن خالد بن يزيد ، عن عبد الأعلى ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : اسم الله غير الله ، وكل شيء وقع عليه اسم شيء فهو مخلوق ما خلا الله فأما ما عبرته الألسن أو ما عملته الأيدي فهو مخلوق ، والله غاية من غاياه ، والمغيى غير الغاية ، والغاية موصوفة ، وكل موصوف مصنوع ، وصانع الأشياء غير موصوف بحد مسمى ، لم يتكون فتعرف كينونته بصنع غيره ، ولم يتناه إلى غاية إلا كانت غيره ، لا يذل (١) من فهم هذا الحكم أبدا ، وهو التوحيد الخالص ، فارعوه وصدقوه وتفهموه بإذن الله ، من زعم أنه يعرف الله بحجاب أو بصورة أو بمثال فهو مشرك ، لأن الحجاب والمثال والصورة غيره ، وإنما هو واحد موحد فكيف يوحد من زعم أنه عرفه بغيره ، وإنما عرف الله من عرفه بالله ، ومن لم يعرفه به فليس يعرفه ، إنما يعرف غيره ، ليس بين الخالق والمخلوق شيء ، فالله خالق الأشياء لا من شيء كان ، والله يسمى بأسمائه وهو غير أسمائه والأسماء غيره (٢).

__________________

إن الله تعالى نفسا كما للإنسان ، فأزال عليه‌السلام وهمه بأنه تعالى ليس كذلك بل هو نفسه ونفسه هو لا تجزئة ولا اختلاف جهات فيه ، فلا يراها ولا يسمعها رؤية وسمعا يوجبان صحة السؤال والطلب كما هو شأن الرؤية والسمع بين شيئين.

١ ـ في الكافي ( لا يزل ).

٢ ـ مضى هذا الحديث مع زيادة في الباب الحادي عشر بتفاوت في السند.

١٩٢

٧ ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، قال : حدثني محمد بن بشر ، عن أبي هاشم الجعفري ، قال : كنت عند أبي جعفر الثاني عليه‌السلام فسأله رجل فقال : أخبرني عن الرب تبارك وتعالى له أسماء وصفات في كتابه ، فأسماؤه وصفاته هي هو؟ فقال أبو جعفر عليه‌السلام إن لهذا الكلام وجهين : إن كنت تقول : هي هو أي إنه ذو عدد وكثرة فتعالى الله عن ذلك ، وإن كنت تقول : لم تزل هذه الصفات والأسماء ، فإن ( لم تزل ) يحتمل معنيين : فإن قلت : لم تزل عنده في علمه وهو مستحقها فنعم ، وإن كنت تقول : لم يزل تصويرها وهجاؤها وتقطيع حروفها فمعاذ الله أن يكون معه شيء غيره ، بل كان الله ولا خلق ، ثم خلقها وسيلة بينه وبين خلقه يتضرعون بها إليه ويعبدونه ، وهي ذكره (١) وكان الله ولا ذكر ، والمذكور بالذكر هو الله القديم الذي لم يزل ، والأسماء والصفات مخلوقات المعاني ، والمعني بها هو الله الذي لا يليق به الاختلاف والائتلاف (٢) وإنما يختلف ويأتلف المتجزئ ، فلا يقال : الله مؤتلف ، ولا الله كثير ولا قليل ، ولكنه القديم في ذاته ، لأن ما سوى الواحد متجزئ والله واحد ، لا متجزئ ، ولا متوهم بالقلة والكثرة ، وكل متجزئ ومتوهم بالقلة والكثرة فهو مخلوق دال على خالق له ، فقولك : إن الله قدير خبرت أنه لا يعجزه شيء فنفيت بالكلمة العجز ، وجعلت العجز سواه ، وكذلك قولك : عالم إنما نفيت بالكلمة الجهل ، وجعلت الجهل سواه ، فإذا أفنى الله الأشياء أفنى الصور والهجاء ، ولا ينقطع (٣) ولا يزال من لم يزل عالماً.

__________________

١ ـ أي هي ما به يذكر تعالى.

٢ ـ أي مدلولات هذه الأسماء والصفات ومفاهيمها كأنفسها مخلوقات ، والذي يقصد بها ويتوجه إليه بها هو الله تعالى الذي لا يليق به ـ الخ ، وفي الكافي باب معاني الأسماء : ( والأسماء والصفات مخلوقات والمعاني ، والمعنى بها ـ الخ.

٣ ـ في الكافي والبحار : ( والتقطيع ) مكان ( لا ينقطع ) أي تقطيع الحروف كما في صدر الرواية.

١٩٣

قال الرجل : كيف سمي ربنا سميعا؟ قال : لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالأسماع ، ولم نصفه بالسمع المعقول في الرأس ، وكذلك سميناه بصيرا لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالأبصار من لون وشخص وغير ذلك ، ولم نصفه بنظر لحظ العين ، وكذلك سميناه لطيفا لعلمه بالشيء اللطيف مثل البعوضة وأحقر من ذلك ، وموضع الشق منها والعقل (١) والشهوة والسفاد والحدب على نسلها ، وإفهام بعضها عن بعض ، ونقلها الطعام والشراب إلى أولادها في الجبال والمفاوز والأدوية والقفار ، فعلمنا أن خالقها لطيف بلا كيف ، وإنما الكيفية للمخلوق المكيف ، وكذلك سمي ربنا قويا لا بقوة البطش المعروف من المخلوق ولو كان قوته قوة البطش المعروف من الخلق لوقع التشبيه ولا احتمل الزيادة ، وما احتمل الزيادة احتمل النقصان ، وما كان ناقصا كان غير قديم ، وما كان غير قديم كان عاجزا ، فربنا تبارك وتعالى لا شبه له ، ولا ضد ولا ند ولا كيف ولا نهاية ولا أقطار ، محرم على القلوب أن تمثله ، وعلى الأوهام أن تحده ، وعلى الضمائر أن تكيفه ، جل عن أداة خلقه وسماته بريته ، وتعالى عن ذلك علوا كبيراً.

٨ ـ حدثنا أحمد بن الحسن القطان ، قال : حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان ، قال : حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب ، قال : حدثنا تميم بن بهلول ، عن أبيه ، عن أبي الحسن العبدي ، عن سليمان بن مهران ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن لله تبارك وتعالى تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا ، من أحصاها دخل الجنة ، وهي : الله ، الإله ، الواحد ، الأحد ، الصمد ، الأول ، الآخر ، السميع ، البصير ، القدير ، القاهر ، العلي ، الأعلى ، الباقي ، البديع ، البارئ ، الأكرم ، الطاهر ، الباطن ، الحي ، الحكيم ، العليم ، الحليم ، الحفيظ ، الحق ، الحسيب ، الحميد

__________________

١ ـ في الكافي : ( موضع النشوء منها ). وفي البحار : ( موضع المشي منها ). وليس المراد بالعقل ما في الإنسان بل مطلق الشعور في أمورها للقطع بأن الحيوان فاقد له.

١٩٤

الحفي ، الرب ، الرحمن ، الرحيم ، الذارئ ، الرزاق ، الرقيب ، الرؤوف الرائي ، السلام ، المؤمن ، المهين ، العزيز ، الجبار ، المتكبر ، السيد ، السبوح الشهيد ، الصادق ، الصانع ، الطاهر ، العدل ، العفو ، الغفور ، الغني ، الغياث ، الفاطر ، الفرد ، الفتاح ، الفالق ، القديم ، الملك ، القدوس ، القوي ، القريب ، القيوم ، القابض ، الباسط ، قاضي الحاجات ، المجيد ، المولى ، المنان ، المحيط المبين ، المقيت ، المصور ، الكريم ، الكبير ، الكافي ، كاشف الضر ، الوتر ، النور ، الوهاب ، الناصر ، الواسع ، الودود ، الهادي ، الوفي ، الوكيل ، الوارث البر ، الباعث ، التواب ، الجليل ، الجواد ، الخبير ، الخالق ، خير الناصرين ، الديان ، الشكور ، العظيم ، اللطيف ، الشافي (١).

٩ ـ حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا علي ابن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي ، عن علي بن موسى الرضا ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لله عزوجل تسعة وتسعون اسما ، من دعا الله بها استجاب له ، ومن أحصاها دخل الجنة.

قال محمد بن علي بن الحسين مؤلف هذا الكتاب : معنى قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إن لله تبارك وتعالى تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة ، إحصاؤها هو الإحاطة بها والوقوف على معانيها ، وليس ، وليس معنى الاحصاء عدها ، وبالله التوفيق.

( الله ، الإله ) الله والإله هو المستحق للعبادة ، ولا يحق العبادة إلا له ، وتقول : لم يزل إلها بمعنى أنه يحق له العبادة ، ولهذا لما ضل المشركون فقد روى أن العبادة تجب للأصنام سموها آلهة (٢) وأصله الإلاهة وهي العبادة ، ويقال : أصله

__________________

١ ـ المذكور في البحار ونسخ التوحيد ( مائة كاملة ) والظاهر أن الرائي زائد كما أتى في نسخة بدلا عن الرؤوف ، أو أن لفظ الجلالة خارج عن العدد أتى بعنوان المسمى الجاري عليه الأسماء.

٢ ـ في نسخة ( د ) و ( و ) ( فقد رأوا أن العبادة ـ الخ ).

١٩٥

الإله ، يقال : أله الرجل يأله إليه ، أي فزع إليه من أمر نزل به ، وألهه أي أجاره ، ومثاله من الكلام ( الإمام ) فاجتمعت همزتان في كلمه كثر استعمالهم لها (١) واستثقلوها فحذفوا الأصلية ، لأنهم وجدوا فيما بقي دلالة عليها ، فاجتمعت لأمان أولاهما ساكنة فأدغموها في الأخرى ، فصارت لاما مثقلة في قولك : الله.

( الواحد ، الأحد ) الأحد معناه أنه واحد في ذاته ليس بذي أبعاض ولا أجزاء ولا أعضاء ، ولا يجوز عليه الأعداد والاختلاف ، لأن اختلاف الأشياء من آيات وحدانيته مما دل به على نفسه ، ويقال : لم يزل الله واحدا ، ومعنى ثان أنه واحد لا نظير له فلا يشاركه في معنى الوحدانية غيره ، لأن كل من كان له نظراء وأشباه لم يكن واحدا في الحقيقة ، ويقال : فلان واحد الناس أي لا نظير له فيما يوصف به ، والله واحد لا من عدد ، لأنه عزوجل لا يعد في الأجناس ، ولكنه واحد ليس له نظير.

وقال بعض الحكماء في الواحد والأحد : إنما قيل : الواحد لأنه متوحد والأول لا ثاني معه ، ثم ابتدع الخلق كلهم محتاجا بعضهم إلى بعض ، والواحد من العدد في الحساب ليس قبله شيء ، بل هو قبل كل عدد ، والواحد كيف ما أدرته أو جزأته لم يزد عليه شيء ولم ينقص منه شيء ، تقول : واحد في واحد واحد ، فلم يزد عليه شيء ولم يتغير اللفظ عن الواحد ، فدل على أنه لا شيء قبله ، وإذا دل على أنه لا شيء قبله دل على أنه محدث الشيء ، وإذا كان هو محدث الشيء دل أنه مفني الشيء ، وإذا كان هو مفني الشيء دل أنه لا شيء بعده ، فإذا لم يكن قبله شيء ولا بعد شيء فهو المتوحد بالأزل ، فلذلك قيل : واحد ، أحد ، وفي الأحد خصوصية ليست في الواحد ، تقول ليس في الدار واحد ، يجوز أن واحدا من الدواب أو الطير أو الوحش أو الإنس لا يكون في الدار ، وكان الواحد بعض الناس وغير الناس ، وإذا قلت ليس في الدار أحد فهو مخصوص بالآدميين دون سائرهم ، والأحد ممتنع من الدخول في الضرب والعدد والقسمة وفي شيء من الحساب ، وهو متفرد بالأحدية ، والواحد

__________________

١ ـ أي فاجتمعت همزتان بعد أن أدخلوا الألف واللام على لفظ إله.

١٩٦

منقاد للعدد والقسمة وغيرهما داخل في الحساب ، تقول : واحد واثنان وثلاثة فهذا العدد ، والواحد علة العدد وهو خارج من العدد وليس بعدد ، وتقول : واحد في اثنين أو ثلاثة فما فوقها فهذا الضرب ، وتقول : واحد بين اثنين أو ثلاثة لكل واحد من الاثنين نصف ومن الثلاثة ثلث فهذه القسمة. والأحد ممتنع في هذه كلها لا يقال : أحد واثنان ، ولا أحد في أحد ، ولا واحد في أحد ، ولا يقال : أحد بين اثنين ، والأحد والواحد وغيرهما من هذه الألفاظ كلها مشتقة من الوحدة. (١)

( الصمد ) الصمد معناه السيد ومن ذهب إلى هذا المعنى جاز له أن يقول لم يزل صمدا ، ويقال للسيد المطاع في قومه الذي لا يقضون أمرا دونه : صمد ، وقد قال الشاعر :

علوته بحسام ثم قلت له

خذها حذيف فأنت السيد الصمد

وللصمد معنى ثان وهو أنه المصمود إليه في الحوائج ، يقال : صمدت صمد هذا الأمر أي قصدت قصده ، ومن ذهب إلى هذا المعنى لم يجز له أن يقول : لم يزل صمدا ، لأنه قد وصفه عزوجل بصفة من صفات فعله ، وهو مصيب أيضا ، والصمد الذي ليس بجسم ولا جوف له. وقد أخرجت في معنى ( الصمد ) في تفسير قل هو الله أحد في هذا الكتاب معاني أخرى لم أحب إعادتها في هذا الباب.

( الأول والآخر ) الأول والآخر معناهما أنه الأول بغير ابتداء والآخر بغير انتهاء.

( السميع ) السميع معناه أنه إذا وجد المسموع كان له سامعا ، ومعنى ثان أنه سميع الدعاء أي مجيب الدعاء ، وأما السامع فإنه يتعدى إلى مسموع ويوجب وجوده ، ولا يجوز فيه بهذا المعنى لم يزل ، والبارئ عز اسمه سميع لذاته.

( البصير ) البصير معناه إذا كانت المبصرات كان لها مبصرا ، ولذلك جاز أن يقال : لم يزل بصيرا ، ولم يجز أن يقال : لم يزل مبصرا لأنه يتعدى إلى مبصر ويوجب وجوده ، والبصارة في اللغة مصدر البصير وبصر بصارة ، والله عزوجل بصير

__________________

١ ـ كانت النسخ ههنا مختلطة مغلوطة فصححناها على الصحة.

١٩٧

لذاته ، وليس وصفنا له تبارك وتعالى بأنه سميع بصير وصفا بأنه عالم ، بل معناه ما قدمناه من كونه مدركا (١) وهذه الصفة صفة كل حي لا آفة به.

( القدير ، القاهر ) القدير والقاهر معناهما أن الأشياء لا تطيق الامتناع منه ومما يريد الانفاذ فيها ، وقد قيل : إن القادر من يصح منه الفعل إذا لم يكن في حكم الممنوع (٢) ، والقهر الغلبة ، والقدرة مصدر قولك : قدر قدرة أي ملك ، فهو قدير قادر مقتدر ، وقدرته على ما لم يوجد واقتداره على إيجاده هو قهره وملكه له : وقد قال : عز ذكره : ( مالك يوم الدين ) (٣) ويوم الدين لم يوجد بعد ، ويقال : أنه عزوجل قاهر لم يزل ، ومعناه أن الأشياء لا تطيق الامتناع منه ومما يريد إنفاذه فيها ، ولم يزل مقتدرا عليها ولم تكن موجودة كما يقال : مالك يوم الدين ، ويوم الدين لم يوجد بعد.

( العلي الأعلى ) العلي معناه القاهر فالله العلي ذو العلى والعلاء والتعالي أي ذو القدرة والقهر والاقتدار ، يقال : علا الملك علوا ، ويقال لكل شيء قد علا : علا يعلو علوا وعلي يعلى علاء ، والمعلاة مكتسب الشرف وهي من المعالي ، وعلو كل شيء أعلاه ـ برفع العين وخفضها ـ وفلان من علية الناس وهو اسم ، ومعنى الارتفاع والصعود والهبوط عن الله تبارك وتعالى منفي ، ومعنى ثان أنه علا تعالى عن الأشباه والأنداد وعما خاضت فيه وساوس الجهال وترامت إليه فكر الضلال ، فهو علي متعال عما يقول الظالمون علوا كبيرا ، وأما الأعلى فمعناه العلي والقاهر ، ويؤيد ذلك قوله عزوجل لموسى عليه‌السلام : ( لا تخف إنك أنت الأعلى ) (٤) أي القاهر ، وقوله عزوجل في تحريض المؤمنين على القتال : ( ولا

__________________

١ ـ كأنه رحمه‌الله أراد الإشارة إلى كونه تعالى عالما بالجزئيات.

٢ ـ أي لم يكن الفعل ممتنعا أو لم يكن القادر ممنوعا ، وهذا القيد على كلا التقديرين زائد مستدرك لأن منع القادر عن فعله إنما هو في مقام الوقوع لا الصحة والامكان والفعل الممتنع لا يتصف بالصحة والامكان.

٣ ـ الفاتحة : ٤.

٤ ـ طه : ٦٨.

١٩٨

تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ) (١) وقوله عزوجل ( أن فرعون علا في الأرض ) (٢) أي غلبهم واستولى عليهم ، وقال الشاعر في هذا المعنى :

فلما علونا واستوينا عليهم

تركناهم صرعى لنسر وكاسر

ومعنى ثان أنه متعال عن الأشباه والأنداد أي متنزه كما قال : ( تعالى عما يشركون ) (٣).

( الباقي ) الباقي معناه الكائن بغير حدث ولا فناء ، والبقاء ضد الفناء ، بقي الشيء بقاء ، ويقال : ما بقيت منهم باقية ولا وقتهم من الله واقية ، والدائم في صفاته هو الباقي أيضا الذي لا يبيد ولا يفنى.

( البديع ) البديع معناه مبدع البدائع ومحدث الأشياء على غير مثال واحتذاء ، وهو فعيل بمعنى مفعل كقوله عزوجل : ( عذاب أليم ) (٤) والمعنى مؤلم ويقول العرب : ضرب وجيع والمعنى موجع ، وقال الشاعر في هذا المعنى :

أمن ريحانه الداعي السميع

يؤرقني وأصحابي هجوع

فالمعنى الداعي المسمع ، والبدع الشيء الذي يكون أولا في كل أمر ، ومنه قوله عزوجل ، ( قل ما كنت بدعا من الرسل ) (٥) أي لست بأول مرسل ، والبدعة اسم ما ابتدع من الدين وغيره ، وقد قال الشاعر في هذا المعنى :

وكفاك لم تخلقا للندى

ولم يك بخلهما بدعة

فكف عن الخير مقبوضة

كما حط عن مائة سبعة

وأخرى ثلاثة آلافها

وتسع مائيها لها شرعة (٦)

__________________

١ ـ آل عمران : ١٣٩.

٢ ـ القصص : ٤.

٣ ـ يونس : ١٨ ، والنحل. ١ و ٣ ، والمؤمنون. ٩٢ ، والقصص. ٦٨ ، والروم : ٤٠ والزمر : ٦٧.

٤ ـ في سبعين موضعا من الكتاب.

٥ ـ الأحقاف : ٩.

٦ ـ هذه الأبيات شرحها المجلسي رحمه‌الله في البحار باب عدد أسماء الله تعالى.

١٩٩

ويقال : لقد جئت بأمر بديع أي مبتع عجيب.

( البارئ ) البارئ معناه أنه بارئ البرايا ، أي خالق الخلائق ، برأهم يبرأهم أي خلقهم يخلقهم ، والبرية الخليقة ، وأكثر العرب على ترك همزها ، وهي فعيلة بمعنى مفعولة ، وقال بعضهم : بل هي مأخوذة من بريت العود ، ومنهم من يزعم أنه من البرى وهو التراب أي خلقهم من التراب ، وقالوا : لذلك لا يهمز.

( الأكرم ) الأكرم معناه الكريم ، وقد يجئ أفعل في معنى الفعيل ، مثل قوله عزوجل : ( وهو أهون عليه ) (١) أي هين عليه ، ومثل قوله عزوجل : ( لا يصليها إلا الأشقى ) وقوله : ( وسيجنبها الأتقى ) (٢) يعني بالأشقى والأتقى الشقي والتقي ، وقد قال الشاعر في هذا المعنى :

إن الذي سمك السماء بنى لنا

بيتا دعائمه أعز وأطول

( الظاهر ) الظاهر معناه أنه الظاهر بآياته التي أظهرها من شواهد قدرته وآثار حكمته وبينات حجته التي عجز الخلق جميعا عن إبداع أصغرها وإنشاء أيسرها وأحقرها عندهم كما قال الله عزوجل : ( إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له ) (٣) فليس شيء من خلقه إلا وهو شاهد له على وحدانيته من جميع جهاته ، وأعرض تبارك وتعالى عن وصف ذاته (٤) فهو ظاهر بآياته وشواهد قدرته ، محتجب بذاته ، ومعنى ثان أنه ظاهر غالب قادر على ما يشاء ، ومنه قوله عزوجل : ( فأصبحوا ظاهرين ) (٥) أي غالبين لهم.

__________________

١ ـ الروم : ٢٧.

٢ ـ الليل : ١٥ و ١٧.

٣ ـ الحج : ٧٣.

٤ ـ أي ليس الظاهر وصفا لذاته تعالى ، بل هو وصف لفعله ، فتأمل في قوله تعالى : ( هو الأول والآخر والظاهر والباطن ).

٥ ـ الصف : ١٤.

٢٠٠