التّوحيد

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

التّوحيد

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: السيد هاشم الحسيني الطهراني
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧٠

أيكم أحسن عملا ) فإنه عزوجل خلق خلقه ليبلوهم بتكليف طاعته وعبادته لا على سبيل الامتحان والتجربة لأنه لم يزل عليما بكل شيء ، فقال المأمون : فرجت عني يا أبا الحسن فرج الله عنك.

٥٠ ـ باب العرش وصفاته

١ ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه‌الله قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي ، قال : حدثنا الحسين بن الحسن ، قال : حدثني أبي ، عن حنان بن سدير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن العرش والكرسي ، فقال : إن للعرش صفات كثيرة مختلفة ، له في كل سبب وضع في القرآن صفة على حدة (١) فقوله : ( رب العرش العظيم ) يقول : الملك العظيم ، وقوله : ( الرحمن على العرش استوى ) يقول : على الملك احتوى ، وهذا ملك الكيفوفية الأشياء (٢) ثم العرش في الوصل متفرد من الكرسي (٣) لأنهما بابان من أكبر أبواب الغيوب ، وهما جميعا غيبان ، وهما

__________________

١ ـ ( سبب ) مضاف إلى ( وضع ) بصيغة المصدر ، أي للعرش في كل مورد في القرآن اقتضى سبب وضعه وذكره في ذلك المورد صفة على حدة ، وفي نسخة ( هـ ) ( له في كل سبب وضع في القرآن وصفة على حدة ) وفي نسخة ( ط ) والبحار ( له في كل سبب وصنع في القرآن صفة على حدة ). وبعض الأفاضل قرأ الجملة ( في كل سبب وضع ) على صيغة المجهول.

٢ ـ الكيفوفية بمعنى الكيفية مأخوذة من الكيف ، وهو سؤال عن حال الشيء يقال : كيف أصبحت أي على أي حال أصبحت ، فملك الكيفوفية ملك الأحوال الواقعة في الأشياء والأمور الحاصلة فيها بعد إيجادها ، فإنه تعالى مالك الايجاد ومالك ما يقع في الموجودات بعد الايجاد ( ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين ).

٣ ـ أي ثم العرش في حال كونه متصلا بالكرسي مرتبطا به متفرد منه متميز عنه ، أو المعنى : ثم العرش متفرد من الكرسي ومتميز عنه في وصله بالأمور الواقعة في الكون فإنه متصل بها مؤثر فيها بلا واسطة ، وأما العرش فمقدم على الكرسي ومؤثر فيها بواسطته ،

٣٢١

في الغيب مقرونان لأن الكرسي هو الباب الظاهر (١) من الغيب الذي منه مطلع البدع ومنه الأشياء كلها ، والعرش هو الباب الباطن الذي يوجد فيه علم الكيف والكون والقدر والحد والأين والمشية وصفة الإرادة ، وعلم الألفاظ والحركات والترك ، وعلم العود والبدء (٢) فهما في العلم بابان مقرونان لأن ملك العرش سوى ملك الكرسي وعلمه أغيب من علم الكرسي ، فمن ذلك قال : ( رب العرش العظيم ) أي صفته أعظم من صفة الكرسي وهما في ذلك مقرونان ، قلت : جعلت فداك فلم صار في الفضل جار الكرسي؟ قال : إنه صار جاره لأن علم الكيفوفية فيه ، وفيه الظاهر من أبواب البداء وأينيتها (٣) وحد رتقها وفتقها ،

__________________

وحاصل كلامه عليه‌السلام أن العرش والكرسي موجودان من الموجودات الملكوتية غائبان عن إدراكنا ، في كل منهما علم الأشياء ومن كل منهما تدبيرها من حيث سلسلة عللها وخصوصياتها ، إلا أن العرش مقدم في ذلك على الكرسي ، ومن العرش يجري إلى الكرسي ما يجري في الأشياء ، كما أن عرش السلطان يجري منه تدبير الأمور إلى الأمير صاحب الكرسي ثم منه إلى المقامات العاملة المباشرة لأمور المملكة.

١ ـ في نسخة ( ب ) ( لأن الكرسي هو التأويل الظاهر ـ الخ ) وفي نسخة ( ج ) ( إلا أن الكرسي ـ الخ ).

٢ ـ في نسخة ( ب ) و ( ج ) و ( د ) ( وعلم العود والبداء ).

٣ ـ من الأين أي أمكنه أبواب البداء ومواضعها ، وفي نسخة ( ب ) و ( د ) ( أنيتها ) أي ثبوتها ، وفي نسخة ( و ) و ( ن ) ( أبنيتها ) جمع البناء وهذا يرجع إلى المعنى الأول ، وبيانه أن الكرسي صار جار العرش وقرينا له لأن علم الكيفوفية فيه كما هو في العرش أيضا ، ولكنه يمتاز عن العرش بأن فيه البداء دونه ، وإنما هو مكان البداء وفيه يرتق ويفتق لأن في العرش علم كل شيء مع إرساله وتعليقه ، وأما الكرسي فيصل إليه علم كل شيء من العرش بالارسال سواء كان مرسلا في الواقع أو معلقا ، والبداء يأتي بيانه في بابه إن شاء الله تعالى ، وفي نسخة ( هـ ) ( وفيه الظاهر من أبواب البدء ) وفي نسخة ( ب ) ( وفيه الظاهر من علم أبواب البداء ).

٣٢٢

فهذان جاران أحدهما حمل صاحبه في الصرف (١) وبمثل صرف العلماء (٢) ويستدلوا على صدق دعواهما (٣) لأنه يختص برحمته من يشاء وهو القوي العزيز.

فمن اختلاف صفات العرش (٤) أنه قال تبارك وتعالى : ( رب العرش عما يصفون ) (٥) وهو وصف عرش الوحدانية لأن قوما أشركوا كما قلت لك (٦) قال تبارك وتعالى : ( رب العرش ) رب الوحدانية عما يصفون ، وقوما وصفوه بيدين فقالوا : ( يد الله مغلولة ) وقوما وصفوه بالرجلين فقالوا : وضع رجله على صخرة بيت المقدس فمنها ارتقى إلى السماء (٧) وقوما وصفوه بالأنامل فقالوا : إن محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إني وجدت برد أنامله على قلبي ، فلمثل هذه الصفات قال : ( رب

__________________

١ ـ أي تعبير الحمل باعتبار صرف الكلام من غير المحسوس إلى المحسوس وبيان غير المحسوس بالمحسوس ، فإنهما جاران إلا أن الكرسي قائم بالعرش كما أن المحمول من الأجسام قائم بالحامل ، وفي نسخة ( ب ) و ( و ) و ( ج ) وحاشية نسخة ( ط ) والبحار ( في الظرف ) أي في الوعاء أي حمل صاحبه في وعاء علمه وسعة تأثيره.

٢ ـ ( مثل ) بفتحتين مفرد أو بضمتين جمع المثال ، و ( صرف ) فعل ماض من التصريف وفاعله العلماء ، أي بالأمثال يصرف العلماء في الكلام حتى يقرب من الذهن ما غاب عن الحس ، ويستدلون بها على صدق دعواهم.

٣ ـ هكذا في النسخ بصيغة المثنى ، ويمكن أن يكون من خطأ النساخ ، ويحتمل إضافة ( دعوى ) إلى العرش والكرسي بالحذف والإيصال أي دعواهم فيهما ، وكذا لا وجه لحذف النون من قوله : ويستدلوا ، ولكن في حاشية نسخة ( ط ) والبحار ( ليستدلوا ) وعلى هذا فتقدير الكلام : وذكرت هذا البيان في العرش والكرسي ليستدل العلماء على صدق دعواهم فيهما به.

٤ ـ أي فمن صفاته المختلفة المشار إليها في صدر الحديث.

٥ ـ الأنبياء : ٢٢ ، الزخرف : ٨٢.

٦ ـ في نسخة ( و ) ( وهو عرش وصف الوحدانية لا قوام أشركوا ـ الخ ) ، ولفظ ( قوم ) في المواضع الثلاثة بعد غير مكتوب بالألف فهو مجرور أو مرفوع.

٧ ـ مضى ذكر هذه الفرية في الحديث الثالث عشر من الباب الثامن والعشرين.

٣٢٣

العرش عما يصفون ) يقول رب المثل الأعلى عما به مثلوه (١) ولله المثل الأعلى الذي لا يشبهه شيء ولا يوصف ولا يتوهم ، فذلك المثل الأعلى ، ووصف الذين لم يؤتوا من الله فوائد العلم فوصفوا ربهم بأدنى الأمثال وشبهوه بالمتشابه منهم فيما جهلوا به (٢) فلذلك قال : ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) فليس له شبه ولا مثل ولا عدل ، وله الأسماء الحسنى التي لا يسمى بها غيره ، وهي التي وصفها في الكتاب فقال : ( فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه ) (٣) جهلا بغير علم ، فالذي يلحد في أسمائه بغير علم يشرك وهو لا يعلم ويكفر به وهو يظن أنه يحسن ، فلذلك قال : ( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) (٤) فهم الذين يلحدون في أسمائه بغير علم فيضعونها غير مواضعها ، يا حنان إن الله تبارك وتعالى أمر أن يتخذ قوم أولياء ، فهم الذين أعطاهم الله الفضل وخصهم بما لم يخص به غيرهم ، فأرسل محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكان الدليل على الله بأذن الله عزوجل حتى مضى دليلا هاديا فقام من بعده وصيه عليه‌السلام دليلا هاديا على ما كان هو دل عليه من أمر ربه من ظاهر علمه ، ثم الأئمة الراشدون عليهم‌السلام.

٥١ ـ باب أن العرش خلق أرباعا (٥)

١ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بن

__________________

١ ـ كلمة ( عن ) في كلامه عليه‌السلام متعلقة بسبحان في الآية ، أو بالأعلى في كلامه.

٢ ـ ( ما ) هذه مصدرية ، أي وشبهوه بالمتشابه منهم في حال جهلهم به.

٣ ـ الأعراف : ١٨٠.

٤ ـ يوسف : ١٠٦.

٥ ـ إعلم أن العرش في اللغة يأتي بمعنى سرير السلطنة ، ومنه قوله تعالى : ( أيكم يأتيني بعرشها ) وبمعنى السقف وأعالي البناء ، ومنه قوله تعالى : ( وهي خاوية على عروشها ) ويأتي مصدرا بمعان ، ويستعمل مجازا واستعارة لمعان ، كل ذلك مذكور في مظانه ، وأما تفسيراته في العلوم فعند أهل الحكمة والهيئة يطلق على الفلك التاسع فكونه أرباعا على هذا إنما هو لفرض دائرتين متقاطعتين على ما فصل في كتب الهيئة ، أو لكونه مركبا من

٣٢٤

الحسن الصفار ، عن علي بن إسماعيل ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن أبي الطفيل ، عن أبي جعفر ، عن علي بن الحسين عليهم‌السلام قال : إن الله عزوجل خلق العرش أرباعا ، لم يخلق قبله إلا ثلاثة أشياء : الهواء والقلم و

__________________

العقل والنفس والمادة والصورة على ما ذكر في بعض الكتب ، وفسر في بعض الأخبار كالحديث الأول من الباب التاسع والأربعين بعلمه تعالى ، لا علمه الذاتي الذي هو عين ذاته ، بل العلم الذي أعطى أول من خلق وحمل عليه ، وعلى هذا فكونه أرباعا باعتبار أصول العلم كله وأركانه التي هي أربع كلمات من كلمات التوحيد ، كما أشير إلى هذا في حديث رواه العلامة المجلسي رحمه‌الله في الرابع عشر من البحار عن الفقيه والعلل والمجالس عن الصادق عليه‌السلام ( أنه سئل لم سمي الكعبة كعبة؟ قال لأنها مربعة ، فقيل له : لم صارت مربعة؟ قال لأنها بحذاء البيت المعمور وهو مربع ، فقيل له : ولم صار البيت المعمور مربعا؟ قال : لأنه بحذاء العرش وهو مربع ، فقيل له : ولم صار العرش مربعا؟ قال : لأن الكلمات التي بني عليها الإسلام أربع : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. وحقيقة هذا العلم نور ينور به ما دون العرش من الموجودات كما أشير في حديث الباب وفيما رواه الكليني رحمه‌الله في باب العرش والكرسي من الكافي في حديث الجاثليق عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : ( إن العرش خلقه الله من أنوار أربعة : نور أحمر منه احمرت الحمرة ونور أخضر منه اخضرت الخضرة ونور أصفر منه اصفرت الصفرة ونور أبيض البياض ، وهو العلم الذي حمله الله الحملة ، وذلك نور من عظمته ، فبعظمته ونوره أبصر قلوب المؤمنين ، وبعظمته ونوره عاداه الجاهلون ، وبعظمته ونوره ابتغى من في السماوات والأرض من جميع خلائقه إليه الوسيلة بالأعمال المختلفة والأديان المشتبهة ، فكل محمول ، يحمله بنوره وعظمته وقدرته ، لا يستطيع لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا ، فكل شيء محمول ، والله تبارك وتعالى الممسك لهما أن تزولا والمحيط بهما من شيء ، وهو حياة كل شيء ونور كل شيء ، ( سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبير ).

وأما العرش بمعنى الملك وجميع الخلق والقدرة والدين وبعض الصفات كعرش الوحدانية على ما ورد كل ذلك في الأخبار فتصور تربعه بعيد ، والعلم عند الله وعند صفوته.

٣٢٥

النور ، ثم خلقه من أنوار مختلفة : فمن ذلك النور نور أخضر اخضرت منه الخضرة ونور أصفر اصفرت منه الصفرة ، ونور أحمر احمرت منه الحمرة ، ونور أبيض وهو نور الأنوار ومنه ضوء النهار (١) ثم جعله سبعين ألف طبق ، غلظ كل طبق كأول العرش إلى أسفل السافلين (٢) ليس من ذلك طبق إلا يسبح بحمد ربه ويقدسه بأصوات مختلفة وألسنة غير مشتبهة ، ولو أذن للسان منها فأسمع شيئا مما تحته لهدم الجبال والمدائن والحصون ولخسف البحار ولأهلك ما دونه ، له ثمانية أركان على كل ركن منها من الملائكة ما لا يحصي عددهم إلا الله عزوجل ، يسبحون الليل والنهار لا يفترون ، ولو حس شيء مما فوقه ما قام لذلك طرفة عين (٣) بينه وبين الاحساس الجبروت والكبرياء والعظمة والقدس والرحمة ثم العلم (٤) وليس وراء هذا مقال (٥).

__________________

١ ـ قيل في تلون هذه الأنوار بهذه الألوان : وجوه مر أحدها في ذيل الحديث الثالث عشر في الباب الثامن.

٢ ـ بالجعل المركب فهو أصل لهذه الأطباق فتدبر.

٣ ـ أي لو حس شيء من تلك الأطباق شيئا مما فوقه ـ الخ ، كما لو أذن للسان من السنة تلك الأطباق فاسمع شيئا مما تحته لهدم ـ الخ ، ونقل المجلسي رحمه‌الله هذا الحديث في الرابع عشر من البحار عن تفسير القمي والكشي وكتاب الاختصاص والتوحيد ، وقال : لو أحس شيء مما فوقه لعل قوله مما فوقه مفعول أحس أي شيئا مما فوقه ، وفي الاختصاص ( ولو أحس شيئا مما فوقه ) أي حاس أو كل من الملائكة الحاملين ، وفي بعض النسخ ( ولو أحس حس شيء منها ) ، وفي بعضها ( ولو أحس حس شيئا ) ، وهو أظهر ، انتهى.

٤ ـ ( بين ) مع معادله خبر مقدم والجبروت مبتدء مؤخر ، والضمير المجرور يرجع إلى ما يرجع إليه ضمير حس ، وفي نسخة ( ج ) و ( و ) و ( هـ ) ( والعلم ).

٥ ـ أي لا يوصف ما فوق هذه الأمور بالقول ، وفي نسخة ( ب ) و ( د ) ( وليس بعد هذا مقال ).

٣٢٦

٥٢ ـ باب معنى قول الله عزوجل :

( وسع كرسيه السماوات والأرض ) (١)

١ ـ حدثنا أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : ( وسع كرسيه السماوات والأرض ) قال : علمه.

٢ ـ حدثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : ( وسع كرسيه السماوات والأرض ) فقال : السماوات والأرض وما بينهما في الكرسي ، والعرش هو العلم الذي لا يقدر أحد قدره.

٣ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، قال : حدثنا يعقوب بن يزيد ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي عن فضيل بن يسار ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : ( وسع كرسيه السماوات والأرض ) فقال : يا فضيل السماوات والأرض وكل شيء في الكرسي.

٤ ـ حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رحمه‌الله ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحجال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن زرارة ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : ( وسع كرسيه السماوات والأرض ) السماوات والأرض وسعن الكرسي ، أم الكرسي وسع السماوات والأرض؟ فقال : بل الكرسي وسع السماوات والأرض والعرش (٢) وكل شيء في الكرسي.

__________________

١ ـ البقرة : ٢٥٥.

٢ ـ العرش إما بالنصب عطف على السماوات أو بالرفع معطوف عليه كل شيء ، وعلى كلا التقديرين يدل الكلام على أن الكرسي أعظم من العرش ، وفي كثير من الأخبار التي ذكر بعضها في هذا الكتاب ( أن العرش أعظم من الكرسي ) ويمكن الجمع بإرادة معنى للعرش في هذا الحديث وإرادة معنى آخر في تلك الأخبار ، وقيل : العرش معطوف على الكرسي أي والعرش أيضا كالكرسي وسع السماوات والأرض.

٣٢٧

٥ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله قال : حدثنا الحسين ابن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن عبد الله بن بكير ، عن زرارة ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : ( وسع كرسيه السماوات والأرض ) السماوات والأرض وسعن الكرسي ، أم الكرسي وسع السماوات والأرض؟ فقال : إن كل شيء في الكرسي (١).

٥٣ ـ باب فطرة الله عزوجل الخلق على التوحيد

١ ـ أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن العلاء بن فضيل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن قول الله عزوجل : ( فطرة الله التي فطر الناس عليها ) (٢) قال : التوحيد.

٢ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ،

__________________

١ ـ قال العلامة المجلسي رحمه‌الله في الرابع عشر من البحار : لعل سؤال زرارة لاستعلام أن في قرآن أهل البيت كرسيه مرفوع أو منصوب وإلا فعلى تقدير العلم بالرفع لا يحسن هذا السؤال لا سيما من مثل زرارة ، ويروى عن الشيخ البهائي رحمه‌الله أنه قال : سألت عن ذلك والدي فأجاب رحمه‌الله بأن بناء السؤال على قراءة ( وسع ) بضم الواو وسكون السين مصدرا مضافا وعلى هذا يتجه السؤال ، وإني تصفحت كتب التجويد فما ظفرت على هذه القراءة إلا هذه الأيام رأيت كتابا في هذا العلم مكتوبا بالخط الكوفي وكانت هذه القراءة فيه وكانت النسخة بخط مصنفه ، إنتهى ، أقول : على هذه القراءة ( فوسع كرسيه ) مبتدء والسماوات والأرض خبره ، أي سعة كرسيه وظرفية تأثيره السماوات والأرض ، لا أن يكون أحدهما فاعل وسع والآخر مفعوله حتى يحتاج إلى تقدير الخبر ، فعدم اتجاه السؤال باق على هذا التقدير ، فتأمل.

٢ ـ الروم : ٣٠.

٣٢٨

عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قلت : ( فطرة الله التي فطر الناس عليها )؟ قال : التوحيد.

٣ ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه‌الله ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم قال : حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : ( فطرة الله التي فطر الناس عليها ) ما تلك الفطرة؟ قال : هي الإسلام ، فطرهم الله حين أخذ ميثاقهم على التوحيد فقال : ( ألست بربكم ) وفيه المؤمن والكافر (١).

٤ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، ويعقوب بن يزيد ، عن ابن فضال ، عن بكير عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله عزوجل : ( فطرة الله التي فطر الناس عليها ) قال : فطرهم على التوحيد.

٥ ـ أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن ابن فضال ، عن أبي جميلة ، عن محمد الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل ( فطرة الله التي فطر الناس عليها ) قال : فطرهم على التوحيد.

٦ ـ أبي رحمه‌الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : ( فطرة الله التي فطر الناس عليها ) قال : فطرهم جميعا على التوحيد.

٧ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن علي بن حسان الواسطي ، عن الحسن بن يونس ، عن عبد الرحمن بن كثير مولى أبي جعفر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : ( فطرة الله التي فطر الناس عليها ) قال : التوحيد ومحمد رسول الله وعلي

__________________

١ ـ الضمير يرجع إلى الميثاق ، وفي البحار : ( وفيهم المؤمن والكافر ) أي بحسب علمه تعالى أن بعضهم يؤمن في دار التكليف وبعضهم يكفر ، لا أنهم في الميثاق كانوا كذلك بالفعل لأن الآية والأخبار تدل على أن كلهم أقروا هناك بالتوحيد وشرائطه بفطرتهم.

٣٢٩

أمير المؤمنين (١).

٨ ـ أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن ابن مسكان ، عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : أصلحك الله ، قول الله عزوجل في كتابه : ( فطرة الله التي فطر الناس عليها )؟ قال : فطرهم على التوحيد عند الميثاق على معرفته أنه ربهم ، قلت : وخاطبوه؟ قال : فطأطأ رأسه ، ثم قال : لولا ذلك لم يعلموا من ربهم ولا من رازقهم (٢).

٩ ـ أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن إبراهيم بن هاشم ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ويعقوب بن يزيد جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : ( حنفاء لله غير مشركين به ) (٣) وعن الحنيفية ، فقال : هي الفطرة التي فطر الله الناس عليها لا تبديل لخلق الله ، وقال : فطرهم الله على المعرفة ، قال زرارة : وسألته عن قول الله عزوجل : ( وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ـ الآية ) قال : أخرج من ظهر آدم ذريته إلى يوم القيامة فخرجوا كالذر ، فعرفهم وأراهم صنعه ، ولولا ذلك لم يعرف أحد

__________________

١ ـ الاقرار بالرسالة والولاية من شروط التوحيد للحديث الثالث والعشرين من الباب الأول ولأن الفطرة تطلب أن تدور الاعتقادات والحركات على مدار التوحيد وذلك لا يتم إلا بهما ، وفي نسخة ( ط ) ( وعلى ولي الله أمير المؤمنين ).

٢ ـ إشارة إلى أن الفطرة أصل العلم فالاستدلال لا ينفع ما لم تكن الفطرة باقية بحالها فالكافر إنما يكفر لكدورة فطرته بتقليد الآباء والتعصب لما عند جمعه من الرسوم والعقائد والعادات والاشتغال بالماديات والتغافل ثم الغفلة عن فحص الحق وطريقه ، ولهذا ورد في الحديث ( كل مولود يولد على الفطرة وإنما أبواه يهودانه وينصرانه ) ومع ذلك أصل الفطرة باقية لا تزول لأنها عجين الذات ، وتظهر نوريته بعض الأحيان على القلب وتدعو إلى الحق ببعض التنبيهات الفطرية ، ( إن لله في أيام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها ) ولذلك لا يقبل عذرهم بأن آباءهم كانوا كافرين أو أنهم كانوا غافلين ، قال تعالى : ( وإذ أخذ ربك ـ إلى قوله ـ المبطلون ).

٣ ـ الحج : ٣١.

٣٣٠

ربه ، وقال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كل مولود يولد على الفطرة. يعني على المعرفة بأن الله عزوجل خالقه ، فذلك قوله : ( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله ) (١).

١٠ ـ حدثنا أبو أحمد القاسم بن محمد بن أحمد السراج الهمداني ، قال : حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن إبراهيم السرنديبي ، قال : حدثنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن هارون الرشيد بحلب ، قال : حدثنا محمد بن آدم بن أبي إياس (٢) قال : حدثنا ابن أبي ذئب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( لا تضربوا أطفالكم على بكائهم فإن بكاءهم أربعة أشهر شهادة أن لا إله إلا الله ، وأربعة أشهر الصلاة على النبي وآله ، وأربعة أشهر الدعاء لوالديه. (٣)

٥٤ ـ باب البداء (٤)

١ ـ أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ،

__________________

١ ـ لقمان : ٢٥ ، والزمر : ٣٨.

٢ ـ في نسخة ( و ) وحاشية نسخة ( هـ ) محمد بن آدم بن أبي اتاس ، وفي نسخة ( د ) و ( ب ) ( محمد بن أكرم بن أبي أياس ).

٣ ـ الحديث الرابع من الباب الرابع المتحد مع الحديث السابع من الباب العاشر يناسب هذا الباب ويبينه بعض البيان.

٤ ـ البداء في أصل اللغة بمعنى الظهور ، وقد اكتسب في الاستعمال اختصاصا في ظهور رأى جديد في أمر ، ولذلك لم يذكر في اللفظ فاعل الفعل ، يقال : بدا لي في كذا أي بدا لي فيه رأي جديد خلاف ما كان من قبل ، ولازم ذلك عدم الاستمرار على ما كان عليه سابقا من فعل أو تكليف للغير أو قصد لشيء ، ولا يستلزم هذا الظهور وعدم الاستمرار الجهل بشيء أو الندامة عما كان عليه أولا ، بل هو أعم لأن ظهور الرأي الجديد قد يكون عن العلم الحادث بعد الجهل بخصوصيات ما كان عليه أو ما انتقل إليه وقد يكون لتغير المصالح والمفاسد والشروط والقيود والموانع فيهما ، نعم إن الغالب فينا هو الأول فيتبادر عند الاستعمال الجهل والندامة ،

٣٣١

عن الحجال ، عن أبي إسحاق ثعلبة ، عن زرارة ، عن أحدهما يعني أبا جعفر وأبا عبد الله عليهما‌السلام قال : ما عبد الله عزوجل بشيء مثل البداء.

__________________

وإما بحسب مفهوم اللفظ فلا ، فإسناد البداء إلى الله تعالى صحيح من دون احتياج إلى التوجيه ، ومعناه في حقه تعالى عدم الاستمرار والابقاء لشيء في التكوين أو التشريع بإثبات ما لم يكن ومحو ما كان ، ولا ريب أن محو شيء أو إثباته يدور مدار علته التامة ومباديه في الملكوت بأن يثبت بعض أسبابه وشرائطه أو يمحي أو يثبت بعض موانعه أو يمحي ، وذلك إلى مشيته وإرادته التابعة لعلمه فإنه تعالى كل يوم في شأن من إحداث بديع لم يكن ويمحو ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ، ولكل أجل كتاب ، وهذا مما لا ارتياب فيه ولا إشكال ، ومن استشكل فيه من الإسلاميين أو غيرهم فإنما هو لسوء الفهم وفقد الدرك.

وإنما الكلام فيما أخبر الله تعالى أو أحد الأنبياء والأوصياء عن وقوعه محدودا بحدود وموقوتا بأوقات ولم يقع بعد كذلك ثم أخبر عنه مخالفا لما حد ووقت أو يظهر مخالفا له من دون إخبار كمواعدة موسى على نبينا وآله وعليه السلام وذبح إسماعيل على نبينا وآله وعليه السلام وقوله تعالى : ( فتول عنهم فما أنت بملوم ). وإخبار عيسى على نبينا وآله وعليه السلام بموت عروس ليلة عرسها ولم تمت وإخبار نبي من أنبياء بني إسرائيل بموت ملك ولم يمت وغير ذلك مما هو مذكور في مواضعه.

وأحق ما قيل في الجواب ما ذكر في كلمات أئمتنا صلوات الله عليهم أن من الأمور أمورا موقوفة عند الله تعالى يقدم منها ما يشاء ويؤخر ما يشاء وعلم ذلك كله عنده تعالى ويقع علم تلك الأمور عند مدبرات الأمور من الملائكة وغيرهم فيخبرون عنها مع جهلهم بالتوقف أو سكوتهم عنه مع العلم كما سكت عنه الله تعالى كما هو الشأن في أئمتنا صلوات الله عليهم بعقيدتي لأن علمهم فوق البداء لأنهم معادن علمه وإن كان ظاهر بعض الأخبار على خلاف ذلك ، فيقال عند ذلك : بد الله تعالى في ذلك الأمر لأن الله تعالى غير الأمر عما أخبر به أولا بالارسال ، وإن شئت فقل إنه تعالى أو غيره أخبر عن الأمر بحسب علته الناقصة مع العلم بعلته التامة ووقوعها أو عدم وقوعها.

ثم إن اختصاص العلم الكامل بالأمور بنفسه وبصفوة خلقه ووقوع العلم الناقص عند العاملين في ملكوته وبعض خلقة من لوازم كبريائه وسلطانه كما هو الشأن عند

٣٣٢

٢ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن أيوب بن نوح ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : ما عظم الله عزوجل بمثل البداء.

٣ ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : ما بعث الله عزوجل نبيا حتى يأخذ عليه ثلاث خصال : الاقرار بالعبودية ، وخلع الأنداد ، وأن الله يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء.

٤ ـ وبهذا الإسناد ، عن هشام بن سالم وحفص بن البختري وغيرهما ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في هذه الآية ( يمحوا الله ما يشاء ويثبت ) (١) قال : فقال : وهل يمحو الله إلا ما كان وهل يثبت إلا ما لم يكن؟!.

٥ ـ حدثنا حمزة بن محمد العلوي رحمه‌الله قال : أخبرنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن مرازم بن حكيم ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ما تنبأ نبي قط حتى يقر لله عزوجل بخمس : بالبداء والمشية والسجود والعبودية والطاعة.

٦ ـ حدثنا حمزة بن محمد العلوي رحمه‌الله ، عن علي بن إبراهيم بن هاشم ،

__________________

السلطان مع عمال حكومته ، ولذلك ما عبد الله وما عظم بمثل البداء لأن المعتقد بالبداء معتقد كمال كبريائه وعظمته ، وإلى هذا أشار الإمام عليه‌السلام على ما روي في تفسير القمي في قوله تعالى : ( وقالت اليهود يد الله ـ الخ ) قال : قالوا : قد فرغ الله من الأمر لا يحدث الله غير ما قدره في التقدير الأول فرد الله عليهم فقال : ( بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ) أي يقدم ويؤخر ويزيد وينقص وله البداء والمشيئة ، انتهى. نفي عليه‌السلام بيانه هذا اتحاد ما في التقدير مع ما يقع ، وإليه أشير أيضا في قولهم عليهم‌السلام : ( إن لله عزوجل علمين علما مخزونا مكنونا لا يعلمه إلا هو من ذلك يكون البداء وعلما علمه ملائكته ورسله ).

١ ـ الرعد : ٣٩ : أي يمحو الله ما يشاء مما ثبت في كتاب التقدير عند عمال الملكوت ويثبت مكانه أمرا آخر ( وعنده أم الكتاب ) التي إليها يرجع أمر الكتاب في المحو والاثبات.

٣٣٣

عن الريان بن الصلت ، قال : سمعت الرضا عليه‌السلام يقول : ما بعث الله نبيا قط إلا بتحريم الخمر ، وأن يقر له بالبداء.

٧ ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بن يعقوب ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن مالك الجهني قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لو يعلم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا عن الكلام فيه.

٨ ـ وبهذا الإسناد ، عن يونس ، عن منصور بن حازم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام هل يكون اليوم شيء لم يكن في علم الله تعالى بالأمس؟ قال : لا ، من قال هذا فأخزاه الله ، قلت : أرأيت ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة أليس في علم الله؟! قال : بلى قبل أن يخلق الخلق.

٩ ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بن يعقوب ، عن الحسين بن محمد بن عامر ، عن معلى بن محمد ، قال : سئل العالم عليه‌السلام كيف علم الله؟ قال : علم ، وشاء ، وأراد ، وقدر ، وقضى ، وأبدى (١) فأمضى ما قضى ، وقضى ما قدر ، وقدر ما أراد ، فبعلمه كانت المشية ، وبمشيته كانت الإرادة ، وبإرادته كان التقدير ، وبتقديره كان القضاء ، وبفضائه كان الامضاء ، فالعلم متقدم المشية (٢) والمشية ثانية ، والإرادة ثالثة ، والتقدير واقع على القضاء بالامضاء ، فلله تبارك وتعالى البداء فيما علم متى شاء وفيما أراد لتقدير الأشياء ، فإذا وقع القضاء بالامضاء فلا بداء ، فالعلم بالمعلوم قبل كونه ، والمشية في المنشأ قبل عينه ، والإرادة في المراد قبل قيامه ، والتقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها وتوصيلها عيانا وقياما (٣) ، والقضاء بالامضاء هو المبرم من المفعولات ذوات الأجسام (٤) المدركات بالحواس من ذي لون وريح ووزن وكيل وما دب ودرج من إنس وجن وطير وسباع وغير ذلك

__________________

١ ـ في الكافي والبحار : ( أمضى ) مكان ( أبدى ) وهو الأصح ، وإن كان المآل واحدا.

٢ ـ في الكافي ( على المشيئة ).

٣ ـ في الكافي ( عيانا ووقتا ).

٤ ـ في نسخة ( د ) و ( ن ) ( من المعقولات ذوات الأجسام ).

٣٣٤

مما يدرك بالحواس ، فلله تبارك وتعالى فيه البداء مما لا عين له ، فإذا وقع العين المفهوم المدرك فلا بداء ، والله يفعل ما يشاء ، وبالعلم علم الأشياء قبل كونها ، وبالمشية عرف صفاتها وحدودها وأنشأها قبل إظهارها (١) وبالإرادة ميز أنفسها في ألوانها وصفاتها وحدودها ، وبالتقدير قدر أوقاتها (٢) وعرف أولها وآخرها ، وبالقضاء أبان للناس أماكنها ودلهم عليها ، وبالإمضاء شرح عللها (٣) وأبان أمرها ، وذلك التقدير العزيز العليم.

قال محمد بن علي مؤلف هذا الكتاب أعانه الله على طاعته : ليس البداء كما يظنه جهال الناس بأنه بداء ندامة تعالى الله عن ذلك ، ولكن يجب علينا أن نقر لله عزوجل بأن له البداء ، معناه أن له أن يبدأ (٤) بشيء من خلقه فيخلقه قبل شيء (٥) ثم يعدم ذلك الشيء ويبدأ بخلق غيره ، أو يأمر بأمر ثم ينهى عن مثله أو ينهى عن شيء ثم يأمر بمثل ما نهى عنه ، وذلك مثل نسخ الشرايع وتحويل القبلة وعدة المتوفى عنها زوجها ، ولا يأمر الله عباده بأمر في وقت ما إلا وهو يعلم أن الصلاح لهم في ذلك الوقت في أن يأمرهم بذلك ، ويعلم أن في وقت آخر الصلاح لهم في أن ينهاهم عن مثل ما أمرهم به ، فإذا كان ذلك الوقت أمرهم بما يصلحهم ، فمن أقر لله عزوجل بأن له أن يفعل ما يشاء ويعدم ما يشاء ويخلق مكانه ما يشاء ، ويقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء ، ويأمر بما شاء كيف شاء فقد أقر بالبداء ، وما عظم الله عزوجل بشيء أفضل من الاقرار بأن له الخلق والأمر ، والتقديم ، والتأخير ، وإثبات ما لم يكن ومحو ما قد كان ، والبداء هو رد على اليهود لأنهم قالوا : إن الله قد فرغ من الأمر فقلنا :

__________________

١ ـ قوله : ( أنشأها ) على بناء الماضي عطف على عرف ، وفي أكثر النسخ على بناء المصدر فمع ما بعده مبتدء وخبر.

٢ ـ في نسخة ( ب ) و ( ج ) و ( و ) و ( هـ ) ( قدر أقواتها ).

٣ ـ في نسخة ( و ) ( شرع عللها ).

٤ ـ لا يتوهم من هذا أنه أخذ البداء مهموزا فليتأمل في ذيل كلامه.

٥ ـ في نسخة ( ب ) و ( د ) ( أن يبدأ بشيء فيجعله قبل شيء ).

٣٣٥

إن الله كل يوم في شأن ، يحيى ويميت ويرزق ويفعل ما يشاء ، والبداء ليس من ندامة ، وهو ظهور أمر ، يقول العرب : بدا لي شخص في طريقي أي ظهر ، قال الله عزوجل : ( وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون ) (١) أي ظهر لهم ، ومتى ظهر لله تعالى ذكره من عبد صلة لرحمه زاد في عمره ، ومتى ظهر له منه قطيعة لرحمه نقص من عمره ، ومتى ظهر له من عبد إتيان الزنا نقص من رزقه وعمره ، ومتى ظهر له منه التعفف عن الزنا زاد في رزقه وعمره.

١٠ ـ ومن ذلك قول الصادق عليه‌السلام : ما بدا لله بداء كما بدا له في إسماعيل ابني ، يقول : ما ظهر لله أمر كما ظهر له في إسماعيل ابني إذ اخترمه قبلي ليعلم بذلك أنه ليس بإمام بعدي.

١١ ـ وقد روي لي من طريق أبي الحسين الأسدي رضي‌الله‌عنه في ذلك شيء غريب ، وهو أنه روى أن الصادق عليه‌السلام قال : ما بدا لله بداء كما بدا له في إسماعيل أبي إذا أمر أباه إبراهيم بذبحه ثم فداه بذبح عظيم ، وفي الحديث على الوجهين جميعا عندي نظر ، إلا أني أوردته لمعنى لفظ البداء والله الموفق للصواب (٢)

٥٥ ـ باب المشيئة والإرادة

١ ـ أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه عن محمد بن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : المشية محدثة (٣).

__________________

١ ـ الزمر : ٤٧.

٢ ـ لا إشكال في الروايتين ، وهو من القسم الثالث من البداء على ما ذكرنا فراجع.

٣ ـ تقدم هذا الحديث بعينه في الباب الحادي عشر من الكتاب ، ومشيئة الله تعالى تارة تؤخذ باعتبار تعلقها بأفعاله تعالى فهي عند الحكماء وأكثر المتكلمين قديمة من صفات الذات وعند أئمتنا صلوات الله عليهم وبعض المتكلمين كالمفيد (ره) حادثة من صفات الفعل على ما يظهر من أحاديث جمة في هذا الكتاب في هذا الباب والباب الحادي عشر والباب السادس

٣٣٦

٢ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن جعفر بن محمد بن عبد الله ، عن عبد الله بن ميمون القداح ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما‌السلام ، قال : قيل لعلي عليه‌السلام : إن رجلا يتكلم في المشية فقال : ادعه لي ، قال : فدعي له ، فقال : يا عبد الله خلقك الله لما شاء أو لما شئت؟! قال : لما شاء ، قال : فيمرضك إذا شاء أو إذا شئت؟! قال : إذا شاء : قال : فيشفيك إذا شاء أو إذا شئت؟! قال : إذا شاء ، قال : فيدخلك حيث شاء أو حيث شئت؟! قال : حيث شاء ، قال : فقال علي عليه‌السلام له : لو قلت غير هذا لضربت الذي فيه عيناك (١).

٣ ـ وبهذا الإسناد قال : دخل على أبي عبد الله عليه‌السلام أو أبي جعفر عليه‌السلام رجل من أتباع بني أمية فخفنا عليه ، فقلنا له : لو تواريت وقلنا ليس هو ههنا ، قال : بل ائذنوا له فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إن الله عزوجل عند لسان كل قائل ويد كل باسط ، فهذا القائل لا يستطيع أن يقول إلا ما شاء الله ، وهذا الباسط لا يستطيع أن يبسط يده إلا بما شاء الله ، فدخل عليه فسأله عن أشياء وآمن بها وذهب.

٤ ـ حدثنا أحمد بن الحسن القطان ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ، قال : حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبيه ، عن مروان ابن مسلم ، عن ثابت بن أبي صفية ، عن سعد الخفاف ، عن الأصبغ بن نباته ، قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أوحى الله عزوجل إلى داود عليه‌السلام : يا داود تريد وأريد ولا يكون إلا ما أريد ، فإن أسلمت لما أريد أعطيتك ما تريد ، وإن لم تسلم لما أريد أتعبتك فيما تريد ، ثم لا يكون إلا ما أريد.

٥ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا محمد

__________________

والستين وغير هذا الكتاب ، وقد أوردت البحث فيها مستوفيا في تعليقتي على شرح التجريد. وأخرى تؤخذ باعتبار تعلقها بأفعال العباد فهي من مباحث الجبر والتفويض والقدر والقضاء ، ويأتي الكلام فيها في خلال الأحاديث.

١ ـ كأن الرجل كان على اعتقاد المعتزلة فنبهه عليه‌السلام بأن الأمور ليست مفوضة إليك ، أو على اعتقاد اليهود القائلين بأن الله قد فرغ من الأمر.

٣٣٧

ابن الحسن الصفار ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن سليمان بن جعفر الجعفري قال : قال الرضا عليه‌السلام : المشية والإرادة من صفات الأفعال ، فمن زعم أن الله تعالى لم يزل مريدا شائيا فليس بموحد.

٦ ـ حدثنا أبي ، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنهما ، قالا : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : قلت له : إن أصحابنا بعضهم يقولون بالجبر وبعضهم بالاستطاعة ، فقال لي : أكتب قال الله تبارك وتعالى : يا ابن آدم بمشيتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء ، وبقوتي أديت إلي فرائضي وبنعمتي قويت على معصيتي ، جعلتك سميعا بصيرا قويا ، ما أصابك من حسنة فمن الله ، وما أصابك من سيئة فمن نفسك ، وذلك أنا أولى بحسناتك منك وأنت أولى بسيئاتك مني ، وذلك أني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون ، قد نظمت لك كل شيء تريد (١).

٧ ـ حدثنا أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن جعفر بن بشير ، عن العرزمي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان لعلي عليه‌السلام غلام اسمه قنبر وكان يحب عليا عليه‌السلام حبا شديدا. فإذا خرج علي عليه‌السلام خرج على أثره بالسيف ، فرآه ذات ليلة فقال : يا قنبر ما لك؟ قال : جئت لأمشي خلفك ، فإن الناس كما تراهم يا أمير المؤمنين فخفت عليك ، قال : ويحك أمن أهل السماء تحرسني أم من أهل الأرض؟! قال : لا ، بل من

__________________

١ ـ مفاد الحديث : إني قد نظمت وأعددت لك كل شيء يقتضيه بقاؤك وتحتاج إليه في التكوين والتشريع وشئت أن تكون تعمل بمشيتك التي أعطيتها ما في اختيارك من الأمور حتى تستحق مني الكرامة والزلفى ودوام الخلود في جنة الخلد فإني لم أصنع بك إلا جميلا منا مني عليك ورحمة ، فما أصابك من حسنة فمني لأنها بالجميل الذي صنعته بك فأنا أولى بها وغير مسؤول عنها إذ لا سؤال عن الجميل ، فإن ارتكبت معصيتي فإنما ارتكبت بالجميل الذي صنعته بك من المشيئة والنعمة والقوة وغيرها فالسيئة منك فأنت أولى بها فأنت مسؤول عنها.

٣٣٨

أهل الأرض ، قال : إن أهل الأرض لا يستطيعون لي شيئا إلا بإذن الله عزوجل من السماء ، فارجع ، فرجع.

٨ ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار قال : حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري ، عن موسى بن عمر (١) عن ابن سنان ، عن أبي سعيد القماط ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : خلق الله المشية قبل الأشياء ، ثم خلق الأشياء بالمشية (٢).

٩ ـ أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن علي بن معبد ، عن درست بن أبي منصور ، عن فضيل بن يسار ، قال : سمعت أبا ـ عبد الله عليه‌السلام يقول : شاء وأراد ولم يحب ولم يرض ، شاء أن لا يكون شيء إلا بعلمه وأراد مثل ذلك ، ولم يحب أن يقال له : ( ثالث ثلاثة ) ولم يرض لعباده الكفر (٣).

__________________

١ ـ في نسخة ( د ) و ( هـ ) ( عن موسى بن عمران ).

٢ ـ ذكر هذا الحديث في آخر الباب الحادي عشر بسند آخر مع تغاير في المتن.

٣ ـ الباء في قوله : ( بعلمه ) ليست للسببية بل لمطلق التعلق والالصاق ، ومفاد الكلام أنه تعالى شاء كل كائن تعلق به علمه فكما لا يعزب عن علمه شيء لا يعزب عن مشيته شيء ، ومع ذلك لم يحب بعض ما شاء ولم يرض به فنهى عنه كالشرك والظلم وغيرهما من قبائح العقائد والأعمال كما رضى أمورا فأمر بها ، والحديث نظير ما رواه المجلسي رحمه‌الله في البحار في باب القضاء والقدر والمشيئة عن محاسن البرقي عن النضر عن هشام وعبيد بن زرارة عن حمران قال : ( كنت أنا والطيار جالسين فجاء أبو بصير فأفرجنا له فجلس بيني وبين الطيار فقال : في أي شيء أنتم؟ فقلنا : كنا في الإرادة والمشيئة والمحبة ، فقال أبو بصير : قلت لأبي عبد ـ الله عليه‌السلام : شاء لهم الكفر وأراده؟ فقال : نعم ، قلت : فأحب ذلك ورضيه؟ فقال : لا ، قلت : شاء وأراد ما لم يحب ولم يرض؟! قال : هكذا خرج إلينا ).

أقول : هذا الحديث مروي في باب المشيئة والإرادة من الكافي بتغاير في السند والمتن وهو نظير ما في الحديث الثامن عشر من باب الثاني من قول أبي الحسن عليه‌السلام : ( إن لله مشيتين وإرادتين ـ الخ ) ثم إن كلامه عليه‌السلام لا يستلزم الجبر كما توهم لأن تعلق مشيئة وإرادته

٣٣٩

١٠ ـ حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن أحمد الإصبهاني الأسواري ، قال : حدثنا مكي بن أحمد بن سعدويه البرذعي ، قال : أخبرنا أبو منصور محمد بن القاسم بن عبد الرحمن العتكي ، قال : حدثنا محمد أشرس ، قال : حدثنا بشر بن الحكيم ، وإبراهيم بن نصر السورياني (١) قالا : حدثنا عبد الملك بن هارون بن عنترة ، قال : حدثنا غياث بن المجيب (٢) عن الحسن البصري ، عن عبد الله بن عمر ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : سبق العلم ، وجف القلم (٣) وتم القضاء بتحقيق الكتاب وتصديق الرسالة والسعادة من الله والشقاوة من الله عزوجل (٤) قال عبد الله بن عمر : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يروي حديثه عن الله عزوجل قال : قال عزوجل : يا ابن آدم بمشيتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء ، وبإرادتي كنت أنت الذي تريد لنفسك ما تريد وبفضل نعمتي عليك قويت على معصيتي وبعصمتي وعفوي وعافيتي أديت إلي فرائضي ، فأنا أولى بإحسانك منك (٥) وأنت أولى بذنبك مني ، فالخير مني إليك بما أوليت بداء (٦) والشر مني إليك بما جنيت جزاء ، وبسوء ظنك

__________________

تعالى بأفعال غيره لا ينافي اختيارهم كما يتبين من هذا الباب وبعض الأبواب الآتية ، وأمثال هذا الحديث عنهم عليهم‌السلام لنفي التفويض لا لإثبات الجبر.

١ ـ في نسخة ( ج ) وفي البحار باب نفي الظلم والجور : ( وإبراهيم بن أبي نصر ) وفي نسخة ( هـ ) و ( و ) ( السورياني ) وفي ( ب ) و ( د ) و ( ج ) ( السرياني ) والأخير تصحيف.

٢ ـ في نسخة ( و ) وحاشية نسخة ( ن ) ( عتاب بن المجيب ).

٣ ـ جفاف القلم كناية عن إتمام الكتابة فإن الله تعالى كتب في كتاب التقدير الأول ما يجري على الخلق كلا ، لا يزيد عليه ولا ينقص منه شيء ، ونفس البداء مما كتب فيه بخلاف التقدير المتأخر الذي يجري بأيدي عمال الملكوت فإن البداء يقع عليه.

٤ ـ أي وبالسعادة من الله عطفا على تحقيق الكتاب ، وبيان القضاء بالسعادة والشقاوة يأتي في الحديث الثالث عشر وفي الباب الثامن والخمسين.

٥ ـ كذا.

٦ ـ بالرفع خبر للخير ، وكذا الجملة التالية ، أي الخير الواصل مني إليك مبتدء من دون استحقاقك لأن مبادي الخير الذي تستحقه بعملك أيضا مني ، والشر الواصل جزاء

٣٤٠