التّوحيد

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

التّوحيد

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: السيد هاشم الحسيني الطهراني
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧٠

٢٤ ـ وتصديق ما ذكرته ما حدثنا به تميم بن عبد الله بن تميم القرشي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثني أبي ، عن حمدان بن سليمان النيسابوري ، عن علي بن محمد بن الجهم ، قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا علي بن موسى عليهما‌السلام ، فقال له المأمون : يا ابن رسول الله أليس من قولك أن الأنبياء معصومون؟ قال : بلى ، فسأله عن آيات من القرآن ، فكان فيما سأله إن قال له : فما معنى قول الله عزوجل : ( ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ـ الآية ) كيف يجوز أن يكون كليم الله موسى بن عمران عليه‌السلام لا يعلم أن الله تعالى ذكره لا يجوز عليه الرؤية حتى يسأله هذا السؤال؟ فقال الرضا عليه‌السلام : إن كليم الله موسى بن عمران عليه‌السلام علم أن الله ، تعالى عن أن يرى بالأبصار ، ولكنه لما كلمه الله عزوجل وقربه نجيا رجع إلى قومه فأخبرهم أن الله عزوجل كلمه وقربه وناجاه ، فقالوا : لن نؤمن لك حتى نسمع كلامه كما سمعت ، وكان القوم سبعمائة ألف رجل ، فاختار منهم سبعين ألفا ، ثم اختار منهم سبعة آلاف ثم اختار منهم سبعمائة ، ثم اختار منهم سبعين رجلا لميقات ربه ، فخرج بهم إلى طور سيناء ، فأقامهم في سفح الجبل ، وصعد موسى عليه‌السلام إلى الطور وسأل الله تبارك وتعالى أن يكلمه ويسمعهم كلامه ، فكلمه الله تعالى ذكره وسمعوا كلامه من فوق وأسفل ويمين وشمال ووراء وأمام ، لأن الله عزوجل أحدثه في الشجرة ، ثم جعله منبعثا منها حتى سمعوه من جميع الوجوه ، فقالوا : لن نؤمن لك بأن هذا الذي سمعناه كلام الله حتى نرى الله جهرة ، فلما قالوا هذا القول العظيم واستكبروا وعتوا ، بعث الله عزوجل عليهم صاعقة فأخذتهم بظلمهم فماتوا ، فقال موسى : يا رب ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم وقالوا : إنك ذهبت بهم فقتلتهم لأنك لم تكن

__________________

في غاية البطء ، ولا ظاهر من العبارة أنه يهوى في البحر خاصة دون أعماق الأرض بعد الوصول إلى قعر البحر ، وحكمه الهوى خافية علينا ، وحفص بن غياث عامي المذهب ، كان قاضيا من قبل هارون ، وهذا الحديث معترض بين ما ذكره وبين تصديق ما ذكره.

١٢١

صادقا فيما ادعيت من مناجاة الله إياك ، فأحياهم الله وبعثهم معه ، فقالوا : إنك لو سألت الله إن يريك أن تنظر إليه لأجابك وكنت تخبرنا كيف هو فنعرفه حق معرفته ، فقال موسى عليه‌السلام : يا قوم إن الله لا يرى بالأبصار ولا كيفية له ، وإنما يعرف بآياته ويعلم بأعلامه ، فقالوا : لن نؤمن لك حتى تسأله ، فقال موسى عليه‌السلام يا رب إنك قد سمعت مقالة بني إسرائيل وأنت أعلم بصلاحهم ، فأوحى الله جل جلاله إليه : يا موسى اسألني ما سألوك فلن أؤاخذك بجهلهم ، فعند ذلك قال موسى عليه‌السلام : ( رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه ( وهو يهوي ) فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل ( بآية من آياته ) جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك ( يقول : رجعت إلى معرفتي بك عن جهل قومي ) وأنا أول المؤمنين ) منهم بأنك لا ترى ، فقال المأمون : لله درك يا أبا الحسن. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة ، وقد أخرجته بتمامه في كتاب عيون أخبار الرضا عليه‌السلام.

ولو أوردت الأخبار التي رويت في معنى الرؤية لطال الكتاب بذكرها وشرحها وإثبات صحتها ، ومن وفقه الله تعالى ذكره للرشاد آمن بجميع ما يرد عن الأئمة عليهم‌السلام بالأسانيد الصحيحة ، وسلم لهم ، ورد الأمر فيما اشتبه عليه إليهم إذ كان قولهم قول الله وأمرهم أمره ، وهم أقرب الخلق إلى الله عزوجل وأعلمهم به صلوات الله عليهم أجمعين.

٩ ـ باب القدرة

١ ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن أبي إسحاق الخفاف ، قال : حدثني عدة من أصحابنا أن عبد الله الديصاني أتى هشام بن الحكم فقال له : ألك رب؟ فقال : بلى ، قال : قادر؟ قال : نعم قادر ، قاهر ، قال : يقدر أن يدخل الدنيا كلها في البيضة لا يكبر البيضة ولا يصغر الدنيا؟ فقال هشام : النظرة ، فقال له : قد أنظرتك حولا ، ثم

١٢٢

خرج عنه ، فركب هشام إلى أبي عبد الله عليه‌السلام فاستأذن عليه فأذن له فقال : يا ابن رسول الله أتاني عبد الله الديصاني بمسألة ليس المعول فيها إلا على الله وعليك ، فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام : عماذا سألك؟ فقال : قال لي كيت وكيت ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : يا هشام كم حواسك؟ قال : خمس ، فقال : أيها أصغر؟ فقال الناظر ، فقال : وكم قدر الناظر؟ قال : مثل العدسة أو أقل منها ، فقال : يا هشام فانظر أمامك وفوقك وأخبرني بما ترى ، فقال : أرى سماء وأرضا ودورا وقصورا وترابا وجبالا وأنهارا ، فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام : إن الذي قدر أن يدخل الذي تراه العدسة أو أقل منها قادر أن يدخل الدنيا كلها البيضة لا يصغر الدنيا ولا يكبر البيضة (١) فانكب هشام عليه وقبل يديه ورأسه ورجليه ، وقال : حسبي يا ابن رسول الله فانصرف إلى منزله ، وغدا إليه الديصاني (٢) فقال : يا هشام إني جئتك مسلما ولم أجئك متقاضيا للجواب ، فقال له هشام : إن كنت جئت متقاضيا فهاك الجواب ، فخرج عنه الديصاني ، فأخبر أن هشاما دخل على أبي عبد الله عليه‌السلام فعلمه الجواب فمضى عبد الله الديصاني حتى أتى باب أبي عبد الله عليه‌السلام فاستأذن عليه فأذن له ، فلما قعد قال له : يا جعفر بن محمد دلني على معبودي ، فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام : ما اسمك؟ فخرج عنه ولم يخبره باسمه ، فقال له أصحابه : كيف لم تخبره باسمك؟! قال : لو كنت قلت له : ( عبد الله ) كان يقول : من هذا الذي أنت له عبد؟ فقالوا له :

__________________

١ ـ على نحو ما أدخل في حدقة العين ، ولم يرجع السائل بالاعتراض وقنع بالجواب وقنع هشام أيضا لأنه يدل على ما أنكره السائل من قدرة الله ، ونظير ذلك الجواب الذي في الحديث الخامس والعاشر ، والجواب الحكمي هو ما في الحديث التاسع من أن ذلك محال لا يتعلق به القدرة ، ولا يلزم من ذلك قصور فيها بل هو قاصر غير قابل لها كسائر الممتنعات.

٢ ـ في البحار باب القدرة والإرادة وفي نسخة ( د ) و ( و ) وحاشية نسخة ( ب ) ( وغدا عليه الديصاني ) ، وعلى ما قال بعض الأساتيذ ديصان اسم رجل صاحب مذهب قريب من مذهب ماني وكانا يقولان بأصلين النور والظلمة ، وبينهما فرق في بعض الفروع.

١٢٣

عد إليه فقل له يدلك على معبودك ولا يسألك عن اسمك ، فرجع إليه فقال له : يا جعفر دلني على معبودي ولا تسألني عن اسمي ، فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام : اجلس ، وإذا غلام له صغير في كفه بيضة يلعب بها ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : ناولني يا غلام البيضة فناوله إياها فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : يا ديصاني هذا حصن مكنون (١) له جلد غليظ وتحت الجلد الغليظ جلد رقيق ، وتحت الجلد الرقيق ذهبة مايعة وفضة ذائبة ، فلا الذهبة المايعة تختلط بالفضة الذائبة ولا الفضة الذائبة تختلط بالذهبة المايعة ، هي على حالها لم يخرج منها مصلح فيخبر عن إصلاحها ولا دخل فيها مفسد فيخبر عن فسادها ، لا يدري للذكر خلقت أم للأنثى ، تنفلق عن مثل ألوان الطواويس ، أترى لها مدبرا؟ (٢) قال : فأطرق مليا؟ ثم قال : أشهد أن لا إله ألا الله وحده لا شريك له ، وأن محمد عبده ورسوله ، وأنك إمام وحجة من الله على خلقه ، وأنا تائب مما كنت فيه.

٢ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن خالد ، عن بعض أصحابنا ، قال : مر أبو الحسن الرضا عليه‌السلام بقبر من قبور أهل بيته فوضع يده عليه ، ثم قال : إلهي بدت قدرتك ولم تبد هيئة فجهلوك (٣) وقدروك والتقدير على غير ما به

__________________

١ ـ في نسخة ( ب ) ( هذا حص مكنون ) والحص بالحاء المهملة المضمومة والصاد المشددة بمعنى اللؤلؤة ، وهو أنسب بالاستعارات المذكورة.

٢ ـ حاصل الكلام أنه لا يكون تحت تدبير أحد منا ولا لنا علم بحاله وما له ويمتنع أن لا يكون له مدبر حكيم عالم ببدئه وخاتمه فله مدبر غيرنا وهو الله تعالى.

٣ ـ ( هيئة ) منصوب على التميز وفاعل ( لم تبد ) ضمير يرجع إلى القدرة ، وفي البحار عن الأمالي باب نفي الجسم والصورة وفي نسخة ( ن ) ( ولم تبد هيئته ) مضافا إلى ضمير يرجع إلى القدرة ولا بأس بعدم تطابق الضمير والمرجع ، والهيئة بمعنى الكيفية ، ومعنى الكلام إلهي بدت قدرتك في الأشياء وما بدت كيفيتها ، ويحتمل أن يكون لم تبد مخاطبا والهيئة حينئذ بمعنى الصورة ، والمعنى أنك لم تظهر بالصورة لأنها عليك ممتنعة فجهلوك ، وهذا أنسب بالتفريع ولكنه لا يلائم نسخة الأمالي لكون الضمير المجرور غائبا ، وفي نسخة ( ب ) و ( د ) و حاشية نسخة ( ط ) ( ولم تبد واهية ) أي قدرتك وهذا أقرب.

١٢٤

وصفوك (١) وإني برئ يا إلهي من الذين بالتشبيه طلبوك ، ليس كمثلك شيء ، إلهي ولن يدركوك ، وظاهر ما بهم منعمتك دليلهم عليك لو عرفوك ، وفي خلقك يا إلهي مندوحة أن يتناولوك (٢) بل سووك بخلقك ، فمن ثم لم يعرفوك ، واتخدوا بعض آياتك ربا فبذلك وصفوك ، تعاليت ربي عما به المشبهون نعتوك.

٣ ـ حدثنا أبي رحمه‌الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن أحمد بن أبي نصر ، قال : جاء قوم من وراء النهر إلى أبي الحسن عليه‌السلام ، فقالوا له : جئناك نسألك عن ثلاث مسائل ، فإن أجبتنا فيها علمنا أنك عالم ، فقال : سلوا ، فقالوا : أخبرنا عن الله أين كان ، وكيف كان ، وعلى أي شيء كان اعتماده؟ فقال : إن الله عزوجل كيف الكيف فهو بلا كيف ، وأين الأين فهو بلا أين ، وكان اعتماده على قدرته ، فقالوا : نشهد أنك عالم.

قال مصنف هذا الكتاب : يعني بقوله : ( وكان اعتماده على قدرته ) أي على ذاته لأن القدرة من صفات ذات الله عزوجل (٣).

٤ ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه‌الله عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن

__________________

١ ـ أي وتقديرهم إياك بأقدار الخلق من التجسم والتمكن والتزمن والرؤية وغيرها يكون على غير ما وصفوك به من صفة الربوبية أي ينافي ذلك ويناقضه.

٢ ـ المندوحة : السعة أي وفي خلقك سعة لهم إن أرادوا معرفتك بأن يتفكروا فيه فيعرفوك بأفعالك وآياتك من أن يتناولوا ذاتك ويتفكروا في حقيقتك وكنهك ، بل بسبب تفكرهم في ذاتك سووك بخلقك ـ الخ.

٣ ـ كأن المصنف رحمه‌الله فهم أن اعتماده في ذاته على أي شيء؟ وظاهر الكلام اعتماده في فعله.

١٢٥

أحمد بن محمد بن خالد ، عن محمد بن علي الكوفي ، عن عبد الرحمن بن محمد بن أبي هاشم عن أحمد بن محسن الميثمي ، قال : كنت عند أبي منصور المتطبب ، فقال : أخبرني رجل من أصحابي قال : كنت أنا وابن أبي العوجاء وعبد الله بن المقفع في المسجد الحرام ، فقال ابن المقفع : ترون هذا الخلق؟ وأومأ بيده إلى موضع الطواف ـ ما منهم أحد أوجب له اسم الإنسانية إلا ذلك الشيخ الجالس ـ يعني جعفر بن محمد عليهما‌السلام ـ فأما الباقون فرعاع وبهائم ، فقال له ابن أبي العوجاء : وكيف أوجبت هذا الاسم لهذا الشيخ دون هؤلاء؟ قال : لأني رأيت عنده ما لم أر عندهم ، فقال ابن أبي ـ العوجاء : ما بد من اختبار ما قلت فيه منه ، فقال له ابن المقفع : لا تفعل ، فإني أخاف أن يفسد عليك ما في يدك ، فقال : ليس ذا رأيك ، ولكنك تخاف أن يضعف رأيك عندي في إحلالك إياه المحل الذي وصفت ، فقال ابن المقفع : أما إذا توهمت على هذا فقم إليه ، وتحفظ ما استطعت من الزلل ، ولا تثن عنانك إلى استرسال يسلمك إلى عقال ، وسمه ما لك أو عليك (١) قال : فقام ابن أبي العوجاء ، وبقيت أنا وابن المقفع ، فرجع إلينا ، فقال : يا ابن المقفع ما هذا ببشر ، وإن كان في الدنيا روحاني يتجسد إذا شاء ظاهرا ويتروح إذا شاء باطنا فهو هذا ، فقال له : وكيف ذاك؟ فقال : جلست إليه ، فلما لم يبق عنده غيري ابتدأني فقال : إن يكن الأمر على ما يقول هؤلاء وهو على ما يقولون يعني أهل الطواف فقد سلموا وعطبتم

__________________

١ ـ ( لا تثن ) فعل نهي من الثنى بمعنى العطف ، والاسترسال بمعنى التنازل والانقياد للخصم ، ويسلمك مجزوما من باب التفعيل جواب النهي ، أي لا تعطف ولا ترخ عنانك إلى قبول ما يلقى إليك فإنك إن فعلت ذلك يعقلك في مقام الجدال بما قبلت منه. وسمه عطف على لا تثن ، وهو فعل أمر من وسم يسم سمة بمعنى جعل العلامة ، والضمير راجع إلى الكلام وهو غير مذكور لفظا ، وقوله : ( ما لك أو عليك ) بدل عن الضمير ، أي أعلم كلامك علامة وميز ما فيه نفعك أو ضررك في مقام المجادلة والمحاجة حق التمييز حتى تتكلم ما فيه نفعك وتسكت عما فيه ضررك.

١٢٦

وإن يكن الأمر على ما تقولون وليس كما تقولون فقد استويتم أنتم وهو ، فقلت له : يرحمك الله وأي شيء نقول وأي شيء يقولون؟ ما قولي وقولهم إلا واحدا ، قال : فكيف يكون قولك وقولهم واحدا وهم يقولون : إن لهم معادا وثوابا وعقابا ويدينون بأن للسماء إلها وأنها عمران وأنتم تزعمون أن السماء خراب ليس فيها أحد.

قال : فاغتنمتها منه فقلت له : ما منعه إن كان الأمر كما تقول أن يظهر لخلقه ويدعوهم إلى عبادته حتى لا يختلف منهم اثنان ولم احتجب عنهم وأرسل إليهم الرسل؟!

ولو باشرهم بنفسه كان أقرب إلى الإيمان به ، فقال لي : ويلك وكيف احتجب عنك من أراك قدرته في نفسك نشوءك ولم تكن (١) وكبرك بعد صغرك ، وقوتك بعد ضغفك وضعفك بعد قوتك ، وسقمك بعد صحتك ، وصحتك بعد سقمك ، ورضاك بعد غضبك وغضبك بعد رضاك ، وحزنك بعد فرحك ، وفرحك بعد حزنك ، وحبك بعد بغضك وبغضك بعد حبك ، وعزمك بعد إبائك ، وإبائك بعد عزمك وشهوتك بعد كراهتك وكراهتك بعد شهوتك ، ورغبتك بعد رهبتك ، ورهبتك بعد رغبتك ، ورجاءك بعد يأسك ، ويأسك بعد رجائك ، وخاطرك بما لم يكن في وهمك ، وعزوب ما أنت معتقده عن ذهنك ، وما زال يعد علي قدرته التي هي في نفسي التي لا أدفعها حتى ظننت أنه سيظهر فيما بيني وبينه.

٥ ـ حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رحمه‌الله ، قال : حدثني سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عمن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن إبليس قال : لعيسى بن مريم عليه‌السلام : أيقدر ربك على أن يدخل الأرض بيضة لا يصغر الأرض ولا يكبر البيضة؟ فقال عيسى عليه‌السلام ويلك على أن الله لا يوصف بعجز ، ومن أقدر ممن يلطف الأرض ويعظم البيضة.

٦ ـ حدثنا أبي رحمه‌الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا يعقوب ابن يزيد ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي بن عبد الله ، عن الفضيل بن يسار قال :

__________________

١ ـ نشوءك والمعطوفات عليه إلى آخر الكلام بدل اشتمال من قدرته.

١٢٧

سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إن الله عزوجل لا يوصف. قال : وقال زرارة : قال أبو جعفر عليه‌السلام : إن الله عزوجل لا يوصف (١) وكيف يوصف وقد قال في كتابه : ( وما قدروا الله حق قدره ) (٢) فلا يوصف بقدرة إلا كان أعظم من ذلك.

٧ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن جعفر بن بشير ، عن الحسين ابن أبي حمزة ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : قال أبي عليه‌السلام : إن محمد بن علي ابن الحنفية كان رجلا رابط الجاش ـ وأشار بيده ـ وكان يطوف بالبيت فاستقبله الحجاج ، فقال : قد هممت أن أضرب الذي فيه عيناك ، قال له محمد : كلا ، إن الله تبارك اسمه في خلقه كل يوم ثلاثمائة لحظة أو لمحة ، فلعل إحداهن تكفك عني (٣).

٨ ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه‌الله ، عن محمد بن أبي القاسم ، عن محمد ابن علي الصيرفي ، عن علي بن حماد ، عن المفضل بن عمر الجعفي ، عن أبي ـ عبد الله عليه‌السلام ، قال : إن الله تبارك وتعالى لا تقدر قدرته ، ولا يقدر العباد على صفته ولا يبلغون كنه علمه ولا مبلغ عظمته ، وليس شيء غيره ، هو نور ليس فيه ظلمة وصدق ليس فيه كذب ، وعدل ليس فيه جور ، وحق ليس فيه باطل ، كذلك لم

__________________

١ ـ في البحار باب القدرة والإرادة : ( لا يوصف بعجز ) والظاهر أنه الصحيح.

٢ ـ الأنعام : ٩١ ، والحج : ٧٤ ، والزمر : ٦٧.

٣ ـ ابن الحنفية بالنصب وصف لمحمد لا لعلي عليه‌السلام ، والجأش بمعنى القلب أي مطمئن القلب ساكنة عند الواردات لشجاعته فكأنه ربط قلبه بركن شديد ، وقوله : ( أشار بيده ) جملة معترضة ، وضمير أشار يرجع إلى أبي أي وقال أبو عبد الله عليه‌السلام وأشار أبي بيده إلى موضع الطواف حين نقل هذه الحكاية لأنها وقعت هناك ، هذا إذا حكى عليه‌السلام هذه الواقعة في المسجد الحرام ، أو أشار بيده إلى قلبه فإن الإنسان إذا أراد يصف عضوا من غيره يشير إلى ذلك العضو من نفسه.

١٢٨

يزل ولا يزال أبد الآبدين ، وكذلك كان إذ لم يكن أرض ولا سماء ولا ليل ولا نهار ولا شمس ولا قمر ولا نجوم ولا سحاب ولا مطر ولا رياح ، ثم إن الله تبارك وتعالى أحب أن يخلق خلقا يعظمون عظمته ويكبرون كبرياءه ويجلون جلاله ، فقال : كونا ظلين ، فكانا كما قال الله تبارك وتعالى (١).

قال مصنف هذا الكتاب : معنى قوله : هو نور ، أي هو منير وهاد (٢) ومعنى قوله : كونا ظلين ، الروح المقدس والملك المقرب ، والمراد به أن الله كان ولا شيء معه ، فأراد أن يخلق أنبيائه وحججه وشهداءه ، فخلق قبلهم الروح المقدس وهو الذي يؤيد الله عزوجل به أنبياءه وحججه وشهداءه صلوات الله عليهم ، وهو الذي يحرسهم به من كيد الشيطان ووسواسه ويسددهم ويوفقهم ويمدهم بالخواطر الصادقة ثم خلق الروح الأمين الذي نزل على أنبيائه بالوحي منه عزوجل ، وقال لهما : كونا ظلين ظليلين لأنبيائي ورسلي وحججي وشهدائي ، فكانا كما قال الله عزوجل ظلين ظليلين لأنبيائه ورسلي وحججه وشهدائه ، يعينهم بهما وينصرهم على أيديهم ويحرسهم بهما ، وعلى هذا المعنى قيل للسلطان العادل : إنه ظل الله في أرضه لعباده ، يأوي إليه المظلوم ، ويأمن به الخائف الوجل ، ويأمن به السبل ، وينتصف به الضعيف من القوي ، وهذا هو سلطان الله وحجته التي لا تخلو الأرض منه إلى أن تقوم الساعة.

__________________

١ ـ قد مر تفسير الظل في ذيل الحديث الخامس عشر من الباب الثاني والمراد بهما ههنا بشهادة أخبار أخر حقيقة محمد وعلي صلوات الله عليهما وعلى آلهما لأن خلقها قبل خلق الكل ، وتفسير المصنف قدس‌سره لا شاهد له ، بل الشاهد على خلافه ، على أن الأمر في ( كونا ظلين ) تكويني لا تشريعي كما زعمه.

٢ ـ تفسير النور بالهادي قد ورد في أخبارنا في تفسير آية النور ، لكنه لا يناسب ههنا لأنه لا يقبل الذوق العلمي أن يقال : هو هاد ليس فيه ظلمة ، بل المراد نور الحقيقة الوجودية الذي ليس فيه شائبة العدم والامكان الذي به تنور وتحقق كل موجود ، والشاهد عليه أخبار مضت وأخبار تأتي في هذا الكتاب لا سيما في الباب الحادي عشر.

١٢٩

٩ ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه‌الله ، عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبي أيوب المدني (١) عن محمد بن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قيل لأمير المؤمنين عليه‌السلام : هل يقدر ربك أن يدخل الدنيا في بيضة من غير أن يصغر الدنيا أو يكبر البيضة؟ قال : إن الله تبارك وتعالى لا ينسب إلى العجز ، والذي سألتني لا يكون.

١٠ ـ حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رحمه‌الله قال : حدثنا الحسين بن محمد بن عامر ، عن عمه عبد الله بن عامر ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي ـ عبد الله عليه‌السلام قال : جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : أيقدر أن يدخل الأرض في بيضة ولا يصغر الأرض ولا يكبر البيضة؟ فقال : ويلك ، إن الله لا يوصف بالعجز ومن أقدر ممن يلطف الأرض ويعظم البيضة.

١١ ـ حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله البرقي رحمه‌الله ، قال : حدثنا أبي ، عن جده أحمد بن أبي عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، قال : جاء رجل إلى الرضا عليه‌السلام فقال : هل يقدر ربك أن يجعل السماوات والأرض وما بينهما في بيضة؟ قال : نعم ، وفي أصغر من البيضة ، قد جعلها في عينك وهي أقل من البيضة ، لأنك إذا فتحتها عاينت السماء والأرض وما بينهما ، ولو شاء لأعماك عنها.

١٢ ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه‌الله ، قال : حدثنا أبو القاسم العلوي ، عن محمد بن إسماعيل البرمكي ، قال : حدثنا الحسين بن الحسن قال : حدثنا محمد بن عيسى ، عن محمد بن عرفة ، قال : قلت للرضا عليه‌السلام خلق الله الأشياء بالقدرة أم بغير القدرة؟ فقال : لا يجوز أن يكون خلق الأشياء بالقدرة لأنك إذا قلت : خلق الأشياء بالقدرة فكأنك قد جعلت القدرة شيئا غيره ، وجعلتها آلة له بها خلق الأشياء ، وهذا شرك ، وإذا قلت : خلق الأشياء بقدرة فإنما تصفه أنه جعلها باقتدار عليها وقدرة ، ولكن ليس هو بضعيف ولا عاجز ولا محتاج

__________________

١ ـ النسخ ههنا مختلفة والصحيح ما أثبتناه.

١٣٠

إلى غيره (١).

قال محمد بن علي مؤلف هذا الكتاب : إذا قلنا : إن الله لم يزل قادرا فإنما نريد بذلك نفي العجز عنه ، ولا نريد إثبات شيء معه لأنه عزوجل لم يزل واحدا لا شيء معه ، وسأبين الفرق بين صفات الذات وصفات الأفعال في بابه إن شاء الله.

١٣ ـ حدثنا حمزة بن محمد العلوي رحمه‌الله ، قال : أخبرنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله عزوجل ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ) (٢) فقال : هو واحد ، أحدي الذات ، بائن من خلقه ، وبذاك وصف نفسه ، وهو بكل شيء محيط بالإشراف والإحاطة والقدرة لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر بالإحاطة والعلم لا بالذات (٣) لأن الأماكن محدودة تحويها حدود أربعة (٤) فإذا

__________________

١ ـ في البحار باب القدرة والإرادة عن عيون الأخبار بعد قوله : ( ولا محتاج إلى غيره ) هذه الزيادة : ( بل هو سبحانه قادر بذاته لا بالقدرة ) وحاصل مراده عليه‌السلام أنه تعالى قادر بقدرة هي ذاته لا بقدرة زائدة عليها ، وبين ذلك بالفرق بين قول القائل : خلق الأشياء بالقدرة وبين قوله : خلق الأشياء بقدرة فإن الألف واللام تشير إلى حقيقة مدخولها في الخارج منحازة ممتازة عن سائر الحقائق مستقلة في قبالها ، وألفاظ القدرة في النسخ من حيث كونها مع الألف واللام أو بدونهما مختلفة وصححناها على البحار لأن ما فيه موافق للمراد.

٢ ـ المجادلة : ٧.

٣ ـ أي لا يكون معيته للأشياء بذاته في أماكن الأشياء ، وهذا لا ينافي الآيات والأخبار التي تدل على أنه تعالى بذاته مع كل شيء وفي كل شيء بلا كيفية وممازجة لأن المنفى هنا كونه مع الأشياء محاطا بالمكان ، فلا يتوهم أنه تعالى منعزل بذاته عن الأشياء محيط بها علما وقدرة ، وكذا الكلام في الحديث الخامس عشر.

٤ ـ الفوق والتحت حدان ، والإمام والوراء واليمين واليسار لكونهما اعتبارية أيضا حدان. أو جعل الحدود أربعة على ما في أذهان العامة من حدود مساكنهم فإنهم لا يعدون الفوق والتحت من الحدود.

١٣١

كان بالذات لزمه الحواية.

١٤ ـ حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي رحمه‌الله ، قال : حدثني أبي ، عن حمدان بن سليمان النيسابوري ، عن علي بن محمد بن الجهم ، قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا علي بن موسى عليهما‌السلام ، فقال له المأمون : يا ابن رسول الله أليس من قولك أن الأنبياء معصومون؟ قال : بلى ، فسأله عن آيات من القرآن ، فكان فيما سأله أن قال له : فأخبرني عن قول إبراهيم : ( رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلي ولكن ليطمئن قلبي )؟ (١) قال الرضا عليه‌السلام : إن الله تبارك وتعالى كان أوحى إلى إبراهيم عليه‌السلام أني متخذ من عبادي خليلا إن سألني إحياء الموتى أجبته ، فوقع في نفس إبراهيم عليه‌السلام أنه ذلك الخليل ، فقال : رب أرني كيف تحيي الموتى قال : أو لم تؤمن؟ قال : بلى ولكن ليطمئن قلبي على الخلة (٢) قال : ( فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم أدعهن يأتينك سيعا واعلم أن الله عزيز حكيم ) ، فأخذ إبراهيم عليه‌السلام نسرا وبطا وطاووسا وديكا فقطعهن قطعا صغارا ، ثم جعل على كل جبل من الجبال التي كانت حوله ـ وكانت عشرة ـ منهن جزءا ، وجعل مناقيرهن بين أصابعه ، ثم دعاهن بأسمائهن ، ووضع عنده حبا وماء ، فتطايرت تلك الأجزاء بعضها إلى بعض حتى استوت الأبدان ، وجاء كل بدن حتى انضم إلى رقبته ورأسه ، فخلى إبراهيم عن مناقيرهن فطرن ، ثم وقفن فشربن من ذلك الماء والتقطن من ذلك الحب ، وقلن : يا نبي الله أحييتنا أحياك الله ، فقال إبراهيم عليه‌السلام : بل الله يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ، قال المأمون : بارك الله فيك يا أبا الحسن ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٥ ـ حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا سعد ابن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن الحسن بن علي الخزاز ، عن مثنى الحناط

__________________

١ ـ البقرة : ٢٦٠.

٢ ـ أي على أن ذلك الخليل الذي تريد أن تتخذه أنا.

١٣٢

عن أبي جعفر ـ أظنه محمد بن نعمان ـ قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل ( وهو الله في السماوات وفي الأرض ) (١) قال : كذلك هو في كل مكان ، قلت : بذاته؟ قال : ويحك إن الأماكن أقدار ، فإذا قلت : في مكان بذاته لزمك أن تقول في إقدار وغير ذلك (٢) ولكن هو بائن من خلقه ، محيط بما خلق علما وقدرة وإحاطة وسلطانا وملكا ، وليس علمه بما في الأرض بأقل مما في السماء ، لا يبعد منه شيء والأشياء له سواء علما وقدرة وسلطانا وملكا وإحاطة.

١٦ ـ حدثنا أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، قال : قال أبو شاكر الديصاني : إن في القرآن آية هي قوة لنا ، قلت : وما هي؟ فقال : ( وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله ) (٣) فلم أدر بما أجيبه ، فحججت فخبرت أبا عبد الله عليه‌السلام فقال : هذا كلام زنديق خبيث ، إذا رجعت إليه فقل له : ما اسمك بالكوفة ، فإنه يقول فلان فقل : ما اسمك بالبصرة ، فإنه يقول فلان ، فقل : كذلك الله ربنا في السماء إله وفي الأرض إله وفي البحار إله وفي كل مكان إله ، قال : فقدمت فأتيت أبا شاكر فأخبرته فقال : هذه نقلت من الحجاز.

١٧ ـ حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رحمه‌الله قال : حدثنا الحسين بن محمد بن عامر ، عن عمه عبد الله بن عامر ، عن الحسن بن محبوب ، عن مقاتل بن سليمان ، قال : قال أبو عبد الله الصادق عليه‌السلام : لما صعد موسى عليه‌السلام إلى الطور فنادى ربه عزوجل (٤) قال : يا رب أرني خزائنك ، فقال : يا موسى إنما خزائني إذا أردت شيئا أن أقول له : كن فيكون.

__________________

١ ـ الأنعام : ٣.

٢ ـ من صفات المحدود بالحدود المقدر بالأقدار.

٣ ـ الزخرف : ٨٤.

٤ ـ في البحار وفي نسخة ( و ) ( فناجى ربه عزوجل ). وفي نسخة ( د ) ( يناجي ربه عزوجل ).

١٣٣

قال مصنف هذا الكتاب : من الدليل على أن الله عزوجل قادر : أن العالم لما ثبت أنه صنع الصانع ولم نجد أن يصنع الشيء من ليس بقادر عليه بدلالة أن المقعد لا يقع منه المشي والعاجز لا يتأتى له الفعل صح أن الذي صنعه قادر ، ولو جاز غير ذلك لجاز منا الطيران مع فقد ما يكون به من الآلة ، ولصح لنا الادراك وإن عدمنا الحاسة. فلما كان إجازة هذا خروجا عن المعقول كان الأول مثله.

١٠ ـ باب العلم

١ ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه‌الله : قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، قال : حدثنا موسى بن عمران ، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن سليمان بن سفيان ، قال : حدثني أبو علي القصاب ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام : فقلت : الحمد لله منتهى علمه ، فقال : لا تقل ذلك ، فإنه ليس لعلمه منتهى.

٢ ـ أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمهما الله ، قالا : حدثنا محمد بن يحيى العطار ، وأحمد بن إدريس جميعا ، عن محمد بن أحمد ، عن علي بن إسماعيل ، عن صفوان بن يحيى ، عن الكاهلي ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه‌السلام في دعاء : ( الحمد لله منتهى علمه ) فكتب إلي : لا تقولن منتهى علمه ، ولكن قل : منتهى رضاه.

٣ ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه‌الله قال : حدثنا محمد بن جعفر الأسدي ، قال : حدثني موسى بن عمران ، عن الحسين بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : العلم هو من كماله (١).

٤ ـ أبي رحمه‌الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي الحسن الصيرفي ، عن بكار الواسطي ، عن أبي حمزة الثمالي

__________________

١ ـ زاد في نسخة ( ط ) و ( ن ) ( كيدك منك ) وهي زائدة قطعا ، بل الكلام فيما في الخبر الرابع.

١٣٤

عن حمران بن أعين ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في العلم ، قال : هو كيدك منك (١).

قال محمد بن علي مؤلف هذا الكتاب : يعني أن العلم ليس هو غيره وأنه من صفات ذاته لأن الله عزوجل ذات علامة سميعة بصيرة ، وإنما نريد بوصفنا إياه بالعلم نفي الجهل عنه ، ولا نقول : إن العلم غيره لأنا متى قلنا ، ذلك ثم قلنا : إن الله لم يزل عالما أثبتنا معه شيئا قديما لم يزل ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا :

٥ ـ أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قلت له : أرأيت ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة أليس كان في علم الله؟ قال : فقال : بلى قبل أن يخلق السماوات والأرض.

٦ ـ حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رحمه‌الله ، عن أبيه ، عن محمد بن أحمد ابن يحيى بن عمران الأشعري ، عن علي بن إسماعيل ، وإبراهيم بن هاشم جميعا ، عن صفوان بن يحيى ، عن منصور بن حازم ، قال : سألته ـ يعني أبا عبد الله عليه‌السلام ـ هل يكون اليوم شيء لم يكن في علم الله عزوجل؟ قال : لا ، بل كان في علمه قبل أن

__________________

١ ـ قال العلامة المجلسي رحمه‌الله في البحار باب العلم : قال بعض المشايخ : هذا غلط من الراوي والصحيح الخبر الأول والإمام أجل من أن يبعض الله سبحانه بعلمه منه ككون يد الإنسان منه : انتهى ، وهذا الكلام مذكور في حواشي بعض النسخ ، وأقول : يحتمل أن يكون المراد بالعلم علم المخلوق ، بل ظاهر فيه لقرينة تشبيهه بيد المخاطب والمصنف حسب ذلك فأدرجه في هذا الباب ، وعلى هذا فكون العلم كاليد لاستعانة الإنسان به في أفعال الجوانح كما يستعين باليد في أفعال الجوارح ، وعلى أن يكون المراد به علم الله تعالى فالتوجيه ما ذكره المصنف ، ويمكن أن يكون المراد به العلم الفعلي الذي هو المشيئة المخلوق بها الأشياء كما نطق به الخبر التاسع عشر من الباب الحادي عشر ، فلا بأس بتشبيهها باليد فإن بها فعله كما أن الإنسان بيده فعله مع رعاية تنزيهه تعالى ، كما أسند إليه تعالى اليد في الكتاب حيث قال : ( يد الله فوق أيديهم ) بهذا الاعتبار إلا أنها فسرت بالقدرة.

١٣٥

ينشئ السماوات والأرض.

٧ ـ حدثنا الحسن بن أحمد بن إدريس رضي‌الله‌عنه ، قال حدثني أبي ، قال : حدثنا إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن يونس ، عن أبي الحسن (١) عن جابر ، قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : إن الله تباركت أسماؤه وتعالى في علو كنهه أحد ، توحد بالتوحيد في توحيده ، ثم أجراه على خلقه ، فهو أحد ، صمد ، ملك قدوس ، يعبده كل شيء ويصمد إليه ، فوق الذي عسينا أن نبلغ ربنا ، وسع ربنا كل شيء علما.

٨ ـ حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب ، قال : حدثنا أحمد بن الفضل ابن المغيرة ، قال : حدثنا أبو نصر منصور بن عبد الله بن إبراهيم الإصفهاني ، قال : حدثنا علي بن عبد الله ، قال : حدثنا الحسين بن بشار ، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما‌السلام ، قال : سألته أيعلم الله الشيء الذي لم يكن أن لو كان كيف كان يكون (٢) أو لا يعلم إلا ما يكون؟ فقال : إن الله تعالى هو العالم بالأشياء قبل كون الأشياء ، قال الله عزوجل : ( إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ) (٣) وقال لأهل النار : ( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون ) (٤) فقد علم الله عزوجل أنه لو ردهم لعادوا لما نهوا عنه ، وقال للملائكة لما قالوا : ( أتجعل فيها من يفسد فيها وسيفك

__________________

١ ـ هكذا في النسخ التي عندي ، وأظن أن الصحيح : الحسن بن السري كما بينا في الحديث التاسع من الباب الرابع ، وقوله عليه‌السلام : ( توحد بالتوحيد في توحيده ) الباء للسببية وفي للظرفية كما يقال : فلان واحد بالشجاعة في شجاعته ، أو الباء للظرفية وفي للسببية على العكس ، والثاني أقرب من حيث المعنى فاستبصر.

٢ ـ مر نظير هذا الكلام في الحديث الثامن عشر من الباب الثاني ، وفي نسخة ( ط ) و ( ن ) ( أيعلم الله الشيء الذي لم يكن قبل أن لو كان كيف ـ الخ ) فكلمة ( قبل ) متعلق بيعلم و ( كيف ) مع مدخولها بدل اشتمال من الشئ.

٣ ـ الجاثية : ٢٩.

٤ ـ الأنعام : ٢٨.

١٣٦

الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون ) (١) فلم يزل الله عزوجل علمه سابقا للأشياء قديما قبل أن يخلقها ، فتبارك ربنا تعالى علوا كبيرا خلق الأشياء وعلمه بها سابق لها كما شاء ، كذلك لم يزل ربنا عليما سميعا بصيراً.

٩ ـ وبهذا الإسناد عن علي بن عبد الله ، قال : حدثنا صفوان بن يحيى ، عن عبد الله ابن مسكان ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الله تبارك وتعالى أكان يعلم المكان قبل أن يخلق المكان. أم علمه عندما خلقه وبعد ما خلقه؟ فقال : تعالى الله ، بل لم يزل عالما بالمكان قبل تكوينه كعلمه به بعد ما كونه ، وكذلك علمه بجميع الأشياء كعلمه بالمكان.

قال مصنف هذا الكتاب رضي‌الله‌عنه : من الدليل على أن الله تبارك وتعالى عالم أن الأفعال المختلفة التقدير ، المتضادة التدبير ، المتفاوتة الصنعة لا تقع على ما ينبغي أن يكون عليه من الحكمة ممن لا يعلمها ، ولا يستمر على منهاج منتظم ممن يجهلها ، ألا ترى أنه لا يصوغ قرطا يحكم صنعته ويضع كلا من دقيقه وجليله موضعه من لا يعرف الصياغة ، ولا أن ينتظم كتابة يتبع كل حرف منها ما قبله من لا يعلم الكتابة ، والعالم ألطف صنعة وأبدع تقريرا مما وصفناه ، فوقوعه من غير عالم بكيفيته قبل وجوده أبعد وأشد استحالة. وتصديق ذلك :

١٠ ـ ما حدثنا به عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار رحمه‌الله ، قال : حدثنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري ، عن الفضل بن شاذان ، قال : سمعت الرضا علي بن موسى عليهما‌السلام ، يقول في دعائه : سبحان من خلق الخلق بقدرته ، وأتقن ما خلق بحكمته ، ووضع كل شيء منه موضعه بعلمه ، سبحان من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، وليس كمثله شيء وهو السمع البصير.

١١ ـ أبي رحمه‌الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن منصور الصيقل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن الله علم لا جهل فيه ، حياة لا موت فيه ، نور لا ظلمة فيه.

__________________

١ ـ البقرة : ٣٠.

١٣٧

١٢ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس بن عبد الرحمن ، قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليه‌السلام : روينا أن الله علم لا جهل فيه ، حياة لا موت فيه ، نور لا ظلمة فيه ، قال : كذلك هو.

١٣ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله. قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن عيسى ابن أبي منصور ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : إن الله نور لا ظلمة فيه ، وعلم لا جهل فيه ، وحياة لا موت فيه.

١٤ ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه‌الله ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري : عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن ابن سنان ، عن جعفر ابن محمد ، عن أبيه عليهما‌السلام ، قال : إن الله تعالى علما خاصا ، وعلما عاما ، فأما العلم الخاص فالعلم الذي لم يطلع عليه ملائكته المقربين وأنبياءه المرسلين ، وأما علمه العام فإنه علمه الذي أطلع عليه ملائكته المقربين وأنبياءه المرسلين ، وقد وقع إلينا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٥ ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بن جعفر الأسدي ، عن موسى بن عمران ، عن الحسين بن يزيد ، عن زيد بن المعدل النميري وعبد الله بن سنان ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن الله لعلما لا يعلمه غيره ، وعلما يعلمه ملائكته المقربون وأنبياؤه المرسلون ، ونحن نعلمه.

١٦ ـ وبهذا الإسناد عن الحسين بن يزيد ، عن يحيى بن أبي يحيى ، عن عبد الله ابن الصامت ، عن عبد الأعلى ، عن العبد الصالح موسى بن جعفر عليهما‌السلام ، قال : علم الله لا يوصف منه بأين ، ولا يوصف العلم من الله بكيف ، ولا يفرد العلم من الله ، ولا يبان الله منه ، وليس بين الله وبين علمه حد (١).

__________________

١ ـ هذا كله بيان لكون علمه تعالى عين ذاته.

١٣٨

١١ ـ باب صفات الذات وصفات الأفعال

١ ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه‌الله ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن خالد الطيالسي الخزاز الكوفي ، عن صفوان بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لم يزل الله عزوجل ربنا والعلم ذاته ولا معلوم ، والسمع ذاته ولا مسموع ، والبصر ذاته ولا مبصر ، والقدرة ذاته ولا مقدور ، فلما أحدث الأشياء وكان المعلوم وقع العلم منه على المعلوم (١) والسمع على المسموع ، والبصر على المبصر ، والقدرة على المقدور ، قال : قلت : فلم يزل الله متكلما؟ قال : إن الكلام صفة محدثة ليست بأزلية ، كان الله عزوجل ولا متكلم (٢).

٢ ـ حدثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن عيسى ، عن إسماعيل بن سهل ، عن حماد بن عيسى ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام فقلت : لم يزل الله يعلم؟ قال : أنى يكون يعلم ولا معلوم ، قال : قلت : فلم يزل الله يسمع؟ قال : أنى يكون ذلك ولا مسموع ، قال : قلت : فلم يزل يبصر؟ قال : أنى يكون ذلك ولا مبصر ، قال : ثم قال : لم يزل الله عليما سميعا بصيرا ، ذات علامة سميعة بصيرة.

٣ ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه‌الله ، قال : حدثنا

__________________

١ ـ أي فلما وجد الذي كان معلوما له تعالى في الأزل انطبق علمه على معلومه في ظرف الوجود الخارجي لكون علمه حقا لا جهل فيه ، وليس معنى الوقوع التعلق لأنه قبل وجوده فكان قبل وجوده في الخارج معلوما ، ويعبر عن هذا الانطباق بالعلم الفعلي في قبال الذاتي ، ومن هذا يظهر أن العلم المنفي قبل وجود المعلوم في الحديث الثاني هو الفعلي أي أنى يقع علمه على المعلوم ولا معلوم في الخارج ، وكذا غير العلم ، وبعبارة أخرى لا يصح أن يقال : الله يعلم بالشيء في الأزل ، بل يصح أن يقال : إنه عالم بالشيء في الأزل لأن صيغة المضارع تدل على النسبة التلبسية وهذه النسبة تقتضي وجود الطرفين في ظرف واحد.

٢ ـ كذا.

١٣٩

محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، عن محمد بن إسماعيل البرمكي ، قال : حدثنا الفضل بن سليمان الكوفي ، عن الحسين بن الخالد ، قال : سمعت الرضا علي بن موسى عليهما‌السلام ، يقول : لم يزل الله تبارك وتعالى عليما قادرا حيا قديما سميعا بصيرا ، فقلت له : يا ابن رسول الله إن قوما يقولون : إنه عزوجل لم يزل عالما بعلم ، وقادرا بقدرة ، وحيا بحياة ، وقديما بقدم ، وسميعا بسمع ، وبصيرا ببصر (١) فقال عليه‌السلام : من قال ذلك ودان به فقد اتخذ مع الله آلهة أخرى ، وليس من ولايتنا على شيء ، ثم قال عليه‌السلام : لم يزل الله عزوجل عليما قادر حيا قديما سميعا بصيرا لذاته ، تعالى عما يقول المشركون والمشبهون علوا كبيراً.

٤ ـ حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هارون بن عبد الملك ، قال : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن التوحيد ، فقال : هو عزوجل مثبت موجود ، لا مبطل ولا معدود ، ولا في شيء من صفة المخلوقين ، وله عزوجل نعوت وصفات ، فالصفات له ، وأسماؤها جارية على المخلوقين (٢) مثل السميع والبصير والرؤوف والرحيم وأشباه ذلك ، والنعوت نعوت الذات لا تليق إلا بالله تبارك وتعالى ، والله نور لا ظلام فيه ، وحي لا موت له ، وعالم لا جهل فيه ، وصمد لا مدخل فيه ، ربنا نوري الذات حي الذات ، عالم الذات ، صمدي الذات.

٥ ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه‌الله ، قال : حدثني عمي محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه ، عن أحمد بن النضر الخزاز ، عن عمرو بن شمر ،

__________________

١ ـ هذه مقالة الأشاعرة في صفاته ، تعالى عن ذلك علوا كبيراً.

٢ ـ أي فحقيقة صفاته ثابتة له تعالى من دون اشتراك لأحد فيها ، وأسماؤها أي مفاهيم تلك الصفات جارية على المخلوقين يشتركون فيها معه تعالى كما صرح به في الحديث الرابع عشر من هذا الباب ، أو المراد إجراء حقيقتها على الخلق على سبيل الظلية كإجراء التوحيد عليه على ما ذكر في الحديث السابع من الباب العاشر والحديث التاسع من الباب الرابع.

١٤٠