التّوحيد

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

التّوحيد

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: السيد هاشم الحسيني الطهراني
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧٠

المحسن (١) تلك مقالة عبدة الأوثان وخصماء الرحمن وقدرية هذه الأمة ومجوسها يا شيخ إن الله عزوجل كلف تخييرا ، ونهى تحذيرا ، وأعطى على القليل كثيرا ، ولم يعص مغلوبا ، ولم يطع مكرها ، ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار (٢).

قال : فنهض الشيخ وهو يقول :

« أنت الإمام الذي نرجو بطاعته

يوم النجاة من الرحمن غفرانا » (٣)

« أوضحت من ديننا ما كان ملتبسا

جزاك ربك عنا فيه إحسانا »

« فليس معذرة في فعل فاحشة (٤)

قد كنت راكبها فسقا وعصيانا »

« لا لا ولا قائلا ناهيه أوقعه

فيها عبدت إذا يا قوم شيطانا »

« ولا أحب ولا شاء الفسوق ولا

قتل الولي له ظلما وعدوانا »

« أني يحب وقد صحت عزيمته

ذو العرش أعلن ذاك الله إعلانا »

قال مصنف هذا الكتاب : لم يذكر محمد بن عمر الحافظ في آخر هذا الحديث إلا بيتين من هذا الشعر من أوله.

وحدثنا بهذا الحديث أبو الحسين محمد بن إبراهيم بن إسحاق الفارسي العزائمي ، قال : حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن رميح النسوي بجرجان ، قال : حدثنا عبد العزيز بن إسحاق بن جعفر ببغداد ، قال : حدثني عبد الوهاب بن عيسى المروزي ، قال : حدثنا الحسن بن علي بن محمد البلوي ، قال : حدثنا محمد

__________________

١ ـ لأنهما في أصل الفعل سيان ، إذ ليس بقدرتهما وإرادتهما مع أن المحسن يمدحه الناس وهو يرى ذلك حقا له وليس كذلك فليستحق اللائمة دون المذنب ، والمذنب يذمه الناس وهو يرى ذلك حقا عليه وليس كذلك فليستحق الاحسان كي ينجبر تحمله لأذى ذم الناس دون المحسن.

٢ ـ كما في سورة ص : ٢٧.

٣ ـ في حاشية نسخة ( هـ ) ( يوم المعاد من الرحمن غفرانا ).

٤ ـ في نسخة ( ط ) و ( و ) ( فليس معذرة في كل فاحشة ).

٣٨١

ابن عبد الله بن نجيح ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام.

وحدثنا بهذا الحديث أيضا أحمد بن الحسن القطان ، قال : حدثنا الحسن ابن علي السكري ، قال : حدثنا محمد بن زكريا الجوهري ، قال : حدثنا العباس ابن بكار الضبي ، قال : حدثنا أبو بكر الهذلي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : لما انصرف أمير المؤمنين عليه‌السلام من صفين قام إليه شيخ ممن شهد معه الواقعة فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن مسيرنا هذا أبقضاء من الله وقدر؟ وذكر الحديث مثله سواء ، إلا أنه زاد فيه : فقال الشيخ : يا أمير المؤمنين فما القضاء والقدر اللذان ساقانا وما هبطنا واديا ولا علونا تلعة إلا بهما؟ فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : الأمر من الله والحكم (١) ثم تلا هذه الآية : ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ) (٢) أي أمر ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا.

٢٩ ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، قال : حدثنا موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين ابن يزيد النوفلي ، عن علي بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن الرقي (٣) أتدفع من القدر شيئا؟ فقال : هي من القدر ، وقال عليه‌السلام : إن القدرية مجوس هذه الأمة وهم الذين أرادوا أن يصفوا الله بعدله فأخرجوه من سلطانه ، وفيهم نزلت هذه الآية : ( يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر * إنا كل شيء خلقناه بقدر ). (٤)

٣٠ ـ حدثنا أبو الحسين محمد بن إبراهيم بن إسحاق الفارسي العزائمي ، قال : حدثني أبو سعيد أحمد بن محمد بن رميح النسوي ، قال : حدثنا عبد العزيز بن يحيى التميمي بالبصرة ، وأحمد بن إبراهيم بن معلى بن أسد العمي ، قالا : حدثنا

__________________

١ ـ أي قضاء وقدرا تشريعيين.

٢ ـ الإسراء : ٢٣.

٣ ـ جمع رقية كغرفة ، هي ما يعوذ به الصبيان وأصحاب الآفات كالحمى والصرع وغيرهما.

٤ ـ القمر : ٤٩.

٣٨٢

محمد بن زكريا الغلابي (١) قال : حدثنا أحمد بن عيسى بن زيد (٢) قال : حدثنا عبد الله بن موسى بن عبد الله بن حسن ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن الحسن بن علي ابن أبي طالب عليهما‌السلام ، أنه سئل عن قول الله عزوجل : ( إنا كل شيء خلقناه بقدر ) ، فقال : يقول عزوجل : إنا كل شيء خلقناه لأهل النار بقدر أعمالهم (٣).

٣١ ـ حدثنا أبي رحمه‌الله قال : حدثنا علي بن الحسن الكوفي ، عن أبيه الحسن بن علي بن عبد الله الكوفي ، عن جده عبد الله بن المغيرة عن إسماعيل بن مسلم أنه سئل الصادق عليه‌السلام عن الصلاة خلف من يكذب بقدر الله عزوجل ، قال : فليعد كل صلاة صلاها خلفه.

٣٢ ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه‌الله ، قال : حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي ، قال : حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن زياد بن المنذر ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباته ، قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في القدر : ألا إن القدر سر من سر الله ، وستر من ستر الله ، وحرز من حرز الله ، مرفوع في حجاب الله ، مطوي عن خلق الله ، مختوم بخاتم الله ، سابق في علم الله ، وضع الله العباد عن علمه (٤) ورفعه فوق شهاداتهم ومبلغ عقولهم لأنهم لا ينالونه بحقيقة الربانية ولا بقدرة الصمدانية ولا بعظمة النورانية ولا بعزة الوحدانية ، لأنه بحر زاخر خالص لله تعالى ، عمقه ما بين السماء و

__________________

١ ـ أبو عبد الله محمد بن زكريا بن دينار الغلابي أحد الرواة للسير والأحداث والمغازي وغير ذلك وكان ثقة صادقة ، كذا قال ابن النديم ، والغلاب بالغين المعجمة واللام المخففة والباء الموحدة أبو قبيلة بالبصرة.

٢ ـ في نسخة ( ب ) و ( د ) ( أحمد بن عيسى بن يزيد ).

٣ ـ وأما أهل الجنة فإن لهم من الله فضلا كبيرا غير ما أعدلهم أجرا كريما.

٤ ـ هكذا في النسخ إلا نسخة ( ج ) ففيها : ( ومنع الله العباد عن علمه ) وفي البحار باب القضاء والقدر عن إعتقادات الصدوق : ( وضع الله عن العباد علمه ) مع أن ما في الاعتقادات موافق لما هنا.

٣٨٣

الأرض ، عرضه ما بين المشرق والمغرب ، أسود كالليل الدامس ، كثير الحيات والحيتان ، يعلو مرة ويسفل أخرى ، في قعره شمس تضيئ ، لا ينبغي أن يطلع إليها إلا الله الواحد الفرد ، فمن تطلع إليها فقد ضاد الله عزوجل في حكمه ونازعه في سلطانه ، وكشف عن ستره وسره ، وباء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير.

قال المصنف هذا الكتاب نقول : إن الله تبارك وتعالى قد قضى جميع أعمال العباد وقدرها وجميع ما يكون في العالم من خير وشر ، والقضاء قد يكون بمعنى الأعلام كما قال الله عزوجل : ( وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب ) (١) يريد أعلمناهم ، وكما قال الله عزوجل : ( وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين ) (٢) يريد أخبرناه وأعلمناه ، فلا ينكر أن يكون الله عزوجل يقضي أعمال العباد وسائر ما يكون من خير وشر على هذا المعنى لأن الله عزوجل عالم بها أجمع. ويصح أن يعلمها عباده ويخبرهم عنها ، وقد يكون القدر أيضا في معنى الكتاب والإخبار كما قال الله عزوجل : ( إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين ) (٣) يعني كتبنا وأخبرنا ، وقال العجاج :

واعلم بأن ذا الجلال قد قدر

في الصحف الأولى التي كان سطر

و ( قدر ) معناه كتب.

وقد يكون القضاء بمعنى الحكم والالزام ، قال الله عزوجل ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ) (٤) يريد حكم بذلك وألزمه خلقه ، فقد يجوز أن يقال : إن الله عزوجل قد قضى من أعمال العباد على هذا المعنى ما قد ألزمه عباده وحكم به عليهم وهي الفرائض دون غيرها ، وقد يجوز أيضا أن يقدر الله أعمال العباد بأن يبين مقاديرها وأحوالها من حسن وقبح وفرض ونافلة وغير ذلك ، ويفعل من الأدلة على ذلك ما يعرف به هذه الأحوال لهذه الأفعال فيكون عزوجل مقدرا لها في الحقيقة ، وليس يقدرها ليعرف مقدارها ،

__________________

١ ـ الإسراء : ٤.

٢ ـ الحجر : ٦٦.

٣ ـ الحجر : ٦٠.

٤ ـ الإسراء : ٢٣.

٣٨٤

ولكن ليبين لغيره ممن لا يعرف ذلك حال ما قدره بتقديره إياه ، وهذا أظهر من أن يخفى ، وأبين من أن يحتاج إلى الاستشهاد عليه ، ألا ترى أنا قد نرجع إلى أهل المعرفة بالصناعات في تقديرها لنا فلا يمنعهم علمهم بمقاديرها من أن يقدروها لنا ليبينوا لنا مقاديرها ، وإنما أنكرنا أن يكون الله عزوجل حكم بها على عباده ومنعهم من الانصراف عنها ، أو أن يكون فعلها وكونها ، فأما أن يكون الله عزوجل خلقها خلق تقدير فلا ننكره.

وسمعت بعض أهل العلم يقول : إن القضاء على عشرة أوجه : فأول وجه منها العلم وهو قول الله عزوجل : ( إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها ) (١) يعني علمها.

والثاني الإعلام وهو قوله عزوجل : ( وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب ) وقوله عزوجل : ( وقضينا إليه ذلك الأمر ) أي أعلمناه.

والثالث الحكم وهو قوله عزوجل. ( والله يقضي بالحق ) (٢) أي يحكم بالحق.

والرابع القول وهو قوله عزوجل : ( والله يقضي بالحق ) (٣) أي يقول الحق.

والخامس الحتم وهو قوله عزوجل : ( فلما قضينا عليه الموت ) (٤) يعني حتمنا ، فهو القضاء الحتم.

والسادس الأمر وهو قوله عزوجل : ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ) يعني أمر ربك.

والسابع الخلق وهو قوله عزوجل : ( فقضيهن سبع سماوات في يومين ) (٥)

__________________

١ ـ يوسف : ٦٨.

٢ ـ في البحار : ( ويقضي ربك بالحق ) وفي نسخة ( ن ) ( وهو يقضي بالحق ) وفي نسخة ( و ) و ( ج ) ( يقضي بالحق ) فما في النسخ كلها أما غير موجود في القرآن بعينه وأما عين ما ذكر في الوجه الرابع ، فالمناسب للوجه الثالث قوله تعالى في سورة النمل : ( إن ربك يقضي بينهم بحكمه وهو العزيز العليم ).

٣ ـ المؤمن : ٢٠.

٤ ـ سبأ : ١٤.

٥ ـ فصلت : ١٢.

٣٨٥

يعني خلقهن.

والثامن الفعل وهو قوله عزوجل : ( فاقض ما أنت قاض ) (١) أي افعل ما أنت فاعل.

والتاسع الاتمام وهو قوله عزوجل : ( فلما قضى موسى الأجل ) وقوله عزوجل حكاية عن موسى : ( أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل ) (٢) أي أتممت.

والعاشر الفراغ من الشيء وهو قوله عزوجل : ( قضي الأمر الذي فيه تستفتيان ) (٣) يعني فرغ لكما منه ، وقوله القائل : قد قضيت لك حاجتك ، يعني فرغت لك منها ، فيجوز أن يقال : إن الأشياء كلها بقضاء الله وقدره تبارك وتعال بمعنى أن الله عزوجل قد علمها وعلم مقاديرها ، وله عزوجل في جميعها حكم من خير أو شر ، فما كان من خير فقد قضاه بمعنى أنه أمر به وحتمه وجعله حقا وعلم مبلغة ومقداره ، وما كان من شر فلم يأمر به ولم يرضه ولكنه عزوجل قد قضاه وقدره بمعنى أنه علمه بمقداره ومبلغه وحكم فيه بحكمه.

والفتنة على عشرة أوجه فوجه منها الضلال.

والثاني الاختبار وهو قول الله عزوجل : ( وفتناك فتونا ) (٤) يعني اختبرناك اختبارا ، وقوله عزوجل : ( ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ) (٥) أي لا يختبرون.

والثالث الحجة وهو قوله عزوجل : ( ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين ) (٦).

والرابع الشرك وهو قوله عزوجل : ( والفتنة أشد من القتل ) (٧).

__________________

١ ـ طه : ٧٢.

٢ ـ القصص : ٢٨.

٣ ـ يوسف : ٤١.

٤ ـ طه : ٤٠.

٥ ـ العنكبوت : ٢.

٦ ـ الأنعام : ٢٣.

٧ ـ البقرة ١٩١.

٣٨٦

والخامس الكفر وهو قوله عزوجل : ( ألا في الفتنة سقطوا ) (١) يعني في الكفر.

والسادس الاحراق بالنار وهو قوله عزوجل : ( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ـ الآية ) (٢) يعني أحرقوا.

والسابع وهو قوله عزوجل : ( يوم هم على النار يفتنون ) (٣) يعني يعذبون ، وقوله عزوجل : ( ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تكذبون ) (٤) يعني عذابكم ، وقوله عزوجل : ( ومن يرد الله فتنته ) يعني عذابه ( فلن تملك له من الله شيئا ) (٥).

والثامن القتل وهو قوله عزوجل : ( إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ) (٦) يعني إن خفتم أن يقتلوكم ، وقوله عزوجل : ( فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملأهم أن يفتنهم ) (٧) يعني أن يقتلهم.

والتاسع الصد وهو قوله عزوجل : ( وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك ) (٨) يعني ليصدونك.

والعاشر شدة المحنة وهو قوله عزوجل : ( ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا ) (٩) وقوله عزوجل : ( ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ) (١٠) أي محنة فيفتنوا بذلك ويقولوا في أنفسهم : لم يقتلهم إلا دينهم الباطل وديننا الحق (١١) فيكون ذلك داعيا لهم إلى النار على ما هم عليه من الكفر والظلم (١٢).

قد زاد علي بن إبراهيم بن هاشم على هذه الوجوه العشرة وجها آخر فقال :

__________________

١ ـ التوبة : ٤٩.

٢ ـ البروج : ١٠.

٣ ـ الذاريات : ١٣.

٤ ـ الذاريات : ١٤. وفي المصحف ( به تستعجلون )

٥ ـ المائدة : ٤١.

٦ ـ النساء : ١٠١.

٧ ـ يونس : ٨٣.

٨ ـ الإسراء : ٧٣.

٩ ـ الممتحنة : ٥.

١٠ ـ يونس : ٨٥.

١١ ـ في نسخه ( و ) ( لم نقتلهم إلا ودينهم الباطل وديننا الحق ).

١٢ ـ في نسخة ( هـ ) ( داعيا لهم إلى الثبات على ـ الخ ).

٣٨٧

من وجوه الفتنة ما هو المحبة وهو قوله عزوجل : ( أنما أموالكم وأولادكم فتنة ) (١) أي محبة ، والذي عندي في ذلك أن وجوه الفتنة عشرة وأن الفتنة في هذا الموضع أيضا المحنة ـ بالنون ـ لا المحبة ـ بالباء ـ.

وتصديق ذلك قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( الولد مجهلة محنة مبخلة ) (٢) وقد أخرجت هذا الحديث مسندا في كتاب مقتل الحسين بن علي صلى الله عليهما.

٣٣ ـ حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد بن ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام ، قال : مر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمحتكرين فأمر بحكرتهم أن يخرج إلى بطون الأسواق وحيث تنظر الأبصار إليها ، فقيل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لو قومت عليهم ، فغضب عليه‌السلام حتى عرف الغضب في وجهه وقال : أنا أقوم عليهم؟! إنما السعر إلى الله عزوجل (٣) يرفعه إذا شاء ويخفضه إذا شاء. وقيل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لو أسعرت لنا سعرا فإن الأسعار تزيد وتنقص ، فقال عليه‌السلام : ما كنت لألقى الله عزوجل ببدعة لم يحدث لي فيها شيئا (٤) فدعوا عباد الله يأكل بعضهم من بعض.

٣٤ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بن

__________________

١ ـ الأنفال : ٢٨ ، والتغابن : ١٥.

٢ ـ أي يوجب الولد لأبيه الجهل والامتحان والبخل ، وفي البحار باب القضاء والقدر وفي نسخة ( و ) ( مجبنة ) من الجبن مكان محنة ، وقال المجلسي رحمه‌الله هناك ذيل كلام المصنف : أقول : هذه الوجوه من القضاء والفتنة المذكورة في تفسير النعماني فيما رواه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام وقد أثبتناه بإسناده في كتاب القرآن انتهى.

ثم اعلم أن هذا الخبر رواه أبو يعلى في مسنده بإسناده عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله هكذا ( الولد ثمرة القلب وأنه مجبنة مبخلة محزنة ).

٣ ـ في نسخة ( و ) ( إنما السعر على الله عزوجل ).

٤ ـ في نسخة ( و ) و ( ج ) و ( هـ ) ( لم يحدث إلى فيها شيئا ) ، والبدعة هنا بمعناها اللغوي.

٣٨٨

الحسن الصفار ، عن أيوب بن نوح ، عن محمد بن أبي عمير ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن علي بن الحسين عليهما‌السلام ، قال : إن الله تبارك وتعالى وكل بالسعر ملكا يدبره بأمره ، وقال أبو حمزة الثمالي : ذكر عند علي بن الحسين عليهما‌السلام ، غلاء السعر فقال : وما علي من غلائه ، إن غلا فهو عليه ، وإن رخص فهو عليه.

قال مصنف هذا الكتاب رضي‌الله‌عنه : الغلاء هو الزيادة في أسعار الأشياء حتى يباع الشيء بأكثر مما كان يباع في ذلك الموضع ، والرخص هو النقصان في ذلك ، فما كان من الرخص والغلاء عن سعة الأشياء وقلتها فإن ذلك من الله عزوجل ويجب الرضا بذلك والتسليم له ، وما كان من الغلاء والرخص بما يؤخذ الناس به لغير قلة الأشياء وكثرتها من غير رضى منهم به أو كان من جهة شراء واحد من الناس جميع طعام بلد فيغلو الطعام لذلك فذلك من المسعر والمتعدي بشرى طعام المصر كله (١) كما فعله حيكم بن حزام ، كان إذا دخل الطعام المدينة اشتراه كله فمر عليه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا حكيم بن حزام إياك أن تحتكر.

٣٥ ـ حدثنا بذلك أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد عن صفوان بن يحيى ، عن سلمة الحناط ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام متى كان في المصر طعام غير ما يشتريه الواحد من الناس فجائز له أن يلتمس بسلعته الفضل لأنه إذا كان في المصر طعام غيره يسع الناس لم يغل الطعام لأجله ، وإنما يغلو إذا اشترى الواحد من الناس جميع ما يدخل المدينة.

٣٦ ـ حدثنا أبي رحمه‌الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن عبد الله بن علي الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه سئل عن الحكرة فقال : إنما الحكرة أن تشتري طعاما

__________________

١ ـ هذا قول غير الأشاعرة ، وأما هم فعلى أن الرخص والغلاء ليسا إلا من الله بناء على أصلهم ، وقوله : ( لغير قلة الأشياء ـ الخ ) عطف بيان لقوله : ( بما يؤخذ الناس به ) أي وما كان من الغلاء والرخص بسبب عمل الناس الذي صح مؤاخذتهم عليه وهو غير قلة الأشياء وكثرتها من الله تعالى من دون وجوب الرضى على الناس به أو كان من جهة ـ الخ.

٣٨٩

وليس في المصر غيره فتحتكره ، فإن كان في المصر طعام أو متاع غيره (١) فلا بأس أن تلتمس لسلعتك الفضل. (٢) ولو كان الغلاء في هذا الموضع من الله عزوجل لما استحق المشتري لجميع طعام المدينة الذم لأنه الله عزوجل لا يذم العبد على ما يفعله (٣) ولذلك قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( الجالب مرزوق والمحتكر ملعون ) ولو كان منه عزوجل لوجب الرضى به والتسليم له ، كما يجب إذا كان عن قلة الأشياء أو قلة الريع لأنه من الله عزوجل ، وما كان من الله عزوجل أو من الناس فهو سابق في علم الله تعالى ذكره مثل خلق الخلق (٤) وهو بقضائه وقدره على ما بينته من معنى القضاء والقدر.

٦١ ـ باب الأطفال

وعدل الله عزوجل فيهم

١ ـ حدثنا الحسين بن يحيى بن ضريس البجلي (٥) قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن عمارة السكري السرياني ، قال : حدثنا إبراهيم بن عاصم بقزوين ، قال : حدثنا عبد الله بن هارون الكرخي ، قال : حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبد الله بن يزيد بن سلام بن عبيد الله قال : حدثني أبي عبد الله بن يزيد ، قال حدثني أبي يزيد بن سلام ، عن أبيه سلام بن عبيد الله ، عن عبد الله بن سلام مولى

__________________

١ ـ في حاشية نسخة ( هـ ) ( طعام أو بياع غيره ).

٢ ـ الظاهر أن قوله : ( ولو كان الغلاء في هذا الموضع ـ الخ ) من الصدوق رحمه‌الله كما يظهر من الفقيه.

٣ ـ أي ما يفعله الله ، وفي نسخة ( و ) ( على ما لا يفعله ) أي ما لا يفعله العبد.

٤ ـ في نسخة ( و ) و ( ن ) ( قبل خلق الخلق ).

٥ ـ في نسخة ( و ) و ( هـ ) و ( ب ) و ( د ) ( الحسن بن يحيى ـ الخ ) وفي نسخة ( و ) بزيادة رحمه‌الله.

٣٩٠

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) أنه قال : سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقلت : أخبرني أيعذب الله عزوجل خلقا بلا حجة؟ فقال : معاذ الله ، قلت : فأولاد المشركين في الجنة أم في النار؟ فقال : الله تبارك وتعالى أولى بهم ، إنه إذا كان يوم القيامة وجمع الله عزوجل الخلائق لفصل القضاء يأتي بأولاد المشركين فيقول لهم : عبيدي وإمائي من ربكم وما دينكم وما أعمالكم؟! قال : فيقولون : اللهم ربنا أنت خلقتنا ولم نخلق شيئا وأنت أمتنا ولم نمت شيئا ولم تجعل لنا ألسنة ننطق بها ، ولا أسماعا نسمع بها ولا كتابا نقرؤه ، ولا رسولا فنتبعه ، ولا علم لنا إلا ما علمتنا ، قال : فيقول لهم عزوجل : عبيدي وإمائي إن أمرتكم بأمر أتفعلوه؟! فيقولون : السمع والطاعة لك يا ربنا ، قال : فيأمر الله عزوجل نارا يقال لها : الفلق ، أشد شيء في جهنم عذابا فتخرج من مكانها سوداء مظلمة بالسلاسل والأغلال ، فيأمرها الله عزوجل أن تنفخ في وجوه الخلائق نفخة فتنفخ ، فمن شدة نفختها تنقطع السماء وتنطمس النجوم وتجمد البحار وتزول الجبال وتظلم الأبصار وتضع الحوامل حملها ويشيب الولدان من هولها يوم القيامة ، ثم يأمر الله تبارك وتعالى أطفال المشركين أن يلقوا أنفسهم في تلك النار ، فمن سبق له في علم الله عزوجل أن يكون سعيدا ألقى نفسه فيها فكانت عليه بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم عليه‌السلام ، ومن سبق له في علم الله عزوجل أن يكون شقيا امتنع فلم يلق نفسه في النار ، فيأمر الله تبارك وتعالى النار فتلقطه لتركه أمر الله وامتناعه من الدخول فيها فيكون تبعا لآبائه في جهنم ، وذلك قوله عزوجل ( فمنهم شقي وسعيد * فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق * خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك أن

__________________

١ ـ في البحار في الباب الثالث عشر من الجزء الخامس وفي تفسير البرهان ذيل الآية المذكورة وفي نسخة ( و ) و ( ج ) بعد قوله : ( حدثني أبي يزيد بن سلام ) هكذا : ( عن أبيه سلام بن عبيد الله أخي عبد الله بن سلام عن عبد الله بن سلام مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وفي نسخة ( ن ) و ( و ) و ( ج ) ( سلام بن عبد الله ) مكبرا ، وكون سلام بن عبيد الله أخا لعبد الله بن سلام مع اختلاف الأب يصححه كونهما أخوين للأم فقط.

٣٩١

ربك فعال لما يريد * وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ ) (١).

٢ ـ حدثنا أحمد بن زياد جعفر الهمداني رحمه‌الله ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن عبد السلام بن صالح الهروي ، عن الرضا عليه‌السلام قال : قلت له : لأي علة أغرق الله عزوجل الدنيا كلها في زمن نوح عليه‌السلام وفيهم الأطفال ومن لا ذنب له؟ فقال : ما كان فيهم الأطفال لأن الله عزوجل أعقم أصلاب قوم نوح وأرحام نسائهم أربعين عاما فانقطع نسلهم فغرقوا ولا طفل فيهم ، وما كان الله عزوجل ليهلك بعذابه من لا ذنب له ، وأما الباقون من قوم نوح عليه‌السلام فأغرقوا لتكذيبهم لنبي الله نوح عليه‌السلام وسائرهم أغرقوا برضاهم بتكذيب المكذبين ، ومن غاب عن أمر فرضي به كان كمن شهده وأتاه.

٣ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن العباس بن معروف ، عن محمد بن سنان ، عن طلحة بن زيد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما‌السلام ، قال : إن أولاد المسلمين هم موسومون عند الله عزوجل شافع ومشفع (٢) فإذا بلغوا اثنتي عشرة سنة كتبت لهم الحسنات ، وإذا بلغوا الحلم كتبت عليهم السيئات.

٤ ـ حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمهما الله ، قالا : حدثنا محمد بن يحيى العطار وأحمد بن إدريس جميعا ، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري ، عن علي بن إسماعيل ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : إذا كان يوم القيامة احتج الله عزوجل على سبعة : على الطفل ، والذي مات بين النبيين ، والشيخ الكبير الذي أدرك النبي وهو لا يعقل ،

__________________

١ ـ هود : ١٠٨.

٢ ـ أي معلومون عنده تعالى ، وفي حاشية نسخة ( ن ) ( مسوفون ) أي مرجون مؤخرون في أمرهم إلى يوم القيامة ، وقوله : ( شافع مشفع ) أي كل منهم ، ولا استبعاد فيه كما ورد في حديث المحبنطئ على باب الجنة.

٣٩٢

والأبله ، والمجنون الذي لا يعقل ، والأصم ، والأبكم ، فكل واحد منهم يحتج على الله عزوجل (١) قال : فيبعث الله عزوجل إليهم رسولا فيؤجج لهم نارا (٢) ويقول : إن ربكم يأمركم أن تثبوا فيها (٣) فمن وثب فيها كانت عليه بردا وسلاما ومن عصى سيق إلى النار.

٥ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن فضل بن عامر ، عن موسى بن القاسم البجلي ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة بن أعين ، قال : رأيت أبا جعفر عليه‌السلام صلى على ابن لجعفر عليه‌السلام صغير فكبر عليه ، ثم قال : يا زرارة إن هذا وشبهه لا يصلى عليه ، ولولا أن يقول الناس : إن بني هاشم لا يصلون على الصغار ما صليت عليه ، قال زرارة : فقلت : فهل سئل عنهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال : نعم قد سئل عنهم فقال : الله أعلم بما كانوا عاملين ، ثم قال : يا زرارة أتدري ما قوله : الله أعلم بما كانوا عاملين؟ قال : فقلت : لا والله ، فقال : لله عزوجل فيهم المشية ، أنه إذا كان يوم القيامة احتج الله تبارك وتعالى على سبعة : على الطفل ، وعلى الذي مات بين النبي والنبي ، وعلى الشيخ الكبير الذي يدرك النبي وهو لا يعقل ، والأبله ، والمجنون الذي لا يعقل ، والأصم ، والأبكم ، فكل هؤلاء يحتج الله عزوجل عليهم يوم القيامة ، فيبعث الله إليهم رسولا ويخرج إليهم نارا فيقول لهم : إن ربكم يأمركم أن تثبوا في هذه النار ، فمن وثب فيها كانت عليه براد وسلاما ، ومن عصاه سيق إلى النار.

٦ ـ حدثنا أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : إن الله تبارك وتعالى كفل إبراهيم عليه‌السلام وسارة أطفال المؤمنين

__________________

١ ـ كاحتجاج أولاد المشركين عليه تعالى المذكور في الحديث الأول.

٢ ـ في نسخة ( ط ) و ( ن ) ( فيؤجج إليهم نارا ).

٣ ـ في نسخة ( ب ) و ( د ) ( أن تقيموا فيها ).

٣٩٣

يغذونهم (١) من شجرة في الجنة لها أخلاف كأخلاف البقر ، في قصور من در (٢) فإذا كان يوم القيامة ألبسوا وطيبوا وأهدوا إلى آبائهم ، فهم مع آبائهم ملوك في الجنة.

٧ ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : ( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم ) (٣) قال : قصرت الأبناء عن عمل الآباء فألحق الله عزوجل الأبناء بالآباء ليقر بذلك أعينهم.

٨ ـ حدثنا أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن موسى بن سعدان ، عن عبد الله بن القاسم ، عن أبي زكريا ، عن أبي بصير ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إذا مات طفل من أطفال المؤمنين نادى مناد في ملكوت السماوات والأرض : ألا إن فلان بن فلان قد مات ، فإن كان قد مات والداه أو أحدهما أو بعض أهل بيته من المؤمنين دفع إليه يغذوه ، وإلا دفع إلى فاطمة صلوات الله عليها تغذوه حتى يقدم أبواه أو أحدهما أو بعض أهل بيته من المؤمنين فتدفعه إليه. (٤)

٩ ـ حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رحمه‌الله ، عن أبيه ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، قال : حدثنا محمد بن حسان ، عن الحسين بن محمد النوفلي من ولد نوفل بن

__________________

١ ـ هكذا في النسخ ، والقاعدة تقتضي يغذوانهم كما في البحار عن الفقيه.

٢ ـ في حاشية نسخة ( ط ) كلمة ( زريعة ) بدلا عن ( در ) ، وهي كل شيء ناعم.

٣ ـ الطور : ٢١.

٤ ـ لا تنافي بين هذا والحديث السادس ، إذ يمكن الجمع باختصاصها عليها‌السلام بأطفال المؤمنين من ذريتها ، أو التبعيض على نحو آخر أو يغذوانهم بأمرها ، أو التبعيض في التغذية ، مع أنه لا تزاحم في العمل في تلك الدار.

٣٩٤

عبد المطلب ، قال : أخبرني محمد بن جعفر ، عن محمد بن علي ، عن عيسى بن عبد الله العمري ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليه‌السلام في المرض يصيب الصبي؟ قال : كفارة لوالديه.

١٠ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن العباس بن معروف ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن عبد الأعلى مولى آل سام ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام. قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : تزوجوا الأبكار فإنهم أطيب شيء أفواها وأدر شيء أخلافا وأفتح شيء أرحاما ، أما علمتم أني أباهي بكم الأمم يوم القيامة حتى بالسقط يظل محبنطئا على باب الجنة فيقول الله عزوجل له : أدخل الجنة ، فيقول : لا حتى يدخل أبواي قبلي ، فيقول الله عزوجل لملك من الملائكة : ايتني بأبويه ، فيأمر بهما إلى الجنة ، فيقول : هذا بفضل رحمتي لك.

١١ ـ حدثنا أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ابن يحيى ، قال : حدثنا محمد بن الوليد ، عن حماد بن عثمان ، عن جميل بن دراج ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن أطفال الأنبياء عليهم‌السلام فقال : ليسوا كأطفال سائر الناس ، قال : وسألته عن إبراهيم ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لو بقي كان صديقا؟ قال : لو بقي كان على منهاج أبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٢ ـ وبهذا الإسناد ، عن حماد بن عثمان ، عن عامر بن عبد الله ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : كان على قبر إبراهيم ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عذق يظله عن الشمس ، فلما يبس العذق ذهب أثر القبر فلم يعلم مكانه ، وقال عليه‌السلام : مات إبراهيم ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان له ثمانية عشر شهرا فأتم الله عزوجل رضاعه في الجنة.

قال مصنف هذا الكتاب في الأطفال وأحوالهم : إن الوجه في معرفة العدل والجور والطريق إلى تميزهما ليس هو ميل الطباع إلى الشيء ونفورها عنه وأنه استحسان العقل له واستقباحه إياه ، فليس يجوز لذلك أن نقطع بقبح فعل من الأفعال لجهلنا بعلله. ولا أن نعمل في إخراجه عن حد العدل على ظاهر صورته ، بل الوجه

٣٩٥

إذا أردنا أن نعرف حقيقة نوع من أنواع الفعل قد خفي علينا وجه الحكمة فيه أن نرجع إلى الدليل الذي يدل على حكمة فاعله ونفرغ إلى البرهان الذي يعرفنا حال محدثه ، فإذا أوجبنا له في الجملة أنه لا يفعل إلا الحكمة والصواب وما فيه الصنع والرشاد لزمنا أن نعم بهذه القضية أفعاله كلها ، جهلنا عللها أم عرفناها ، إذ ليس في العقول قصرها على نوع من الفعل دون نوع ولا خصوصها في جنس دون جنس ألا ترى أنا لو رأينا أبا قد ثبتت بالدلائل عندنا حكمته وصح بالبرهان لدينا عدله (١) يقطع جارحة من جوارح ولده أو يكوي عضوا من أعضائه ولم نعرف السبب في ذلك ولا العلة التي لها يفعل ما يفعله به لم يجز لجهلنا بوجه المصلحة فيه أن ننقض ما قد أثبته البرهان الصادق في الجملة من حسن نظره له ولإرادته الخير به ، فكذلك أفعال الله العالم بالعواقب والابتداء تبارك وتعالى لما أوجب الدليل في الجملة أنها لا تكون إلا حكمة ولا تقع إلا صوابا لم يجز لجهلنا بعلل كل منها على التفصيل أن نقف فيما عرفناه من جملة أحكامها ، لا سيما وقد عرفنا عجز أنفسنا عن معرفة علل الأشياء وقصورها عن الإحاطة بمعاني الجزئيات ، هذا إذا أردنا أن نعرف الجملة التي لا يسع جهلها من أحكام أفعاله عزوجل ، فأما إذا أردنا أن نستقصي معانيها ونبحث عن عللها فلن نعدم في العقول بحمد الله ما يعرفنا من وجه الحكمة في تفصيلاتها ما يصدق الدلالة على جملتها ، والدليل على أن أفعال الله تبارك وتعالى حكمة بعدها من التناقض وسلامتها من التفاوت وتعلق بعضها ببعض وحاجة الشيء إلى مثله وائتلافه بشكله واتصال كل نوع بشبهه حتى لو توهمت على خلاف ما هي عليه من دوران أفلاكها وحركة شمسها وقمرها ومسير كواكبها لانتقضت وفسدت ، فلما استوفت أفعال الله عزوجل ما ذكرناه من شرائط العدل وسلمت مما قدمناه من علل الجور صح أنها حكمة ، والدليل على أنه لا يقع منه عزوجل الظلم ولا يفعله أنه قد ثبت أنه تبارك وتعالى قديم غني عالم لا يجهل والظلم لا يقع إلا من جاهل بقبحه أو محتاج إلى فعله منتفع به ، فلما كان أنه تبارك وتعالى قديما غنيا لا تجوز عليه المنافع و

__________________

١ ـ في نسخة ( ج ) وحاشية نسخة ( ط ) ( ووضح بالبرهان ـ الخ ).

٣٩٦

المضار عالما بما كان ويكون من قبيح وحسن صح أنه لا يفعل إلا الحكمة ولا يحدث إلا الصواب ، ألا ترى أن من صحت حكمته منا لا يتوقع منه مع غنائه عن فعل القبيح وقدرته على تركه وعلمه بقبحه وما يستحق من الذم على فعله ارتكاب العظائم فلا يخاف عليه مواقعة القبائح ، وهذا بين ، والحمد لله.

١٣ ـ حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رحمه‌الله ، قال : حدثنا علي ابن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان الخزاز ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، قال : قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما‌السلام : يا ابن رسول الله إنا نرى من الأطفال من يولد ميتا ، ومنهم من يسقط غير تام ، ومنهم من يولد أعمى أو أخرس أو أصم ، ومنهم من يموت من ساعته إذا سقط على الأرض ، ومنهم من يبقى إلى الاحتلام ، ومنهم من يعمر حتى يصير شيخا ، فكيف ذلك وما وجهه؟ فقال عليه‌السلام : إن الله تبارك وتعالى أولى بما يدبره من أمر خلقه منهم ، وهو الخالق والمالك لهم ، فمن منعه التعمير فإنما منعه ما ليس له ، ومن عمره فإنما أعطاه ما ليس له ، فهو المتفضل بما أعطاه وعادل فيما منع ، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون ، قال جابر : فقلت له : يا ابن رسول الله وكيف لا يسأل عما يفعل؟. قال : لأنه لا يفعل إلا ما كان حكمه وصوابا ، وهو المتكبر الجبار والواحد القهار فمن وجد في نفسه حرجا في شيء مما قضى الله فقد كفر ، ومن أنكر شيئا من أفعاله جحد. (١)

__________________

١ ـ في نسخة ( و ) و ( هـ ) بعد الحديث الثالث عشر في آخر الباب هذا الحديث :

( حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، قال : حدثني محمد بن أبي بشير ، قال : حدثني الحسين بن أبي الهيثم ، قال : حدثنا سليمان بن داود ، عن حفص بن غياث ، قال : حدثني خير الجعافر جعفر بن محمد ، قال : حدثني باقر علوم الأولين والآخرين محمد بن علي ، قال : حدثني سيد العابدين علي ابن الحسين ، قال : حدثني سيد الشهداء الحسين بن علي ، قال : حدثني سيد الأوصياء علي ابن أبي طالب عليهم‌السلام ، قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم جالسا في

٣٩٧

٦٢ ـ باب إن الله تعالى

لا يفعل بعباده إلا الأصلح لهم

١ ـ أخبرني أبو الحسين طاهر بن محمد بن يونس بن حياة (١) الفقيه ببلخ ، قال :

__________________

مسجده إذ دخل عليه رجل من اليهود فقال : يا محمد إلى ما تدعو؟ قال : إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، قال : يا محمد أخبرني عن هذا الرب الذي تدعو إلى وحدانيته وتزعم أنك رسوله كيف هو ، قال : يا يهودي إن ربي لا يوصف بالكيف لأن الكيف مخلوق وهو مكيفه ، قال : فأين هو؟ قال : إن ربي لا يوصف بالأين لأن الأين مخلوق وهو أينه ، قال : فهل رأيته يا محمد؟ قال : إنه لا يرى بالأبصار ولا يدرك بالأوهام ، قال : فبأي شيء نعلم أنه موجود؟ قال : بآياته وأعلامه ، قال : فهل يحمل العرش أم العرش يحمله؟ فقال : يا يهودي إن ربي ليس بحال ولا محل ، قال : فكيف خروج الأمر منه؟ قال : باحداث الخطاب في المحال ، قال : يا محمد أليس الخلق كله له؟! قال : بلى ، قال : فبأي شيء اصطفى منهم قوما لرسالته؟ قال : بسبقهم إلى الاقرار بربوبيته ، قال : فلم زعمت إنك أفضلهم؟ قال : لأني أسبقهم إلى الاقرار بربي عزوجل ، قال : فأخبرني عن ربك هل يفعل الظلم؟ قال : لا ، قال : ولم؟ قال : لعلمه بقبحه واستغنائه عنه ، قال : فهل أنزل عليك في ذلك قرآنا يتلى؟ قال : نعم ، أنه يقول عزوجل : ( وما ربك بظلام للعبيد ) ، ويقول : ( إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون ) ويقول : ( وما الله يريد ظلما للعالمين ) ويقول : ( وما الله يريد ظلما للعباد ) قال اليهودي : يا محمد فإن زعمت أن ربك لا يظلم فكيف أغرق قوم نوح عليه‌السلام وفيهم الأطفال؟ فقال : يا يهودي إن الله عزوجل أعقم أرحام نساء قوم نوح أربعين عاما فأغرقهم حين أغرقهم ولا طفل فيهم ، وما كان الله ليهلك الذرية بذنوب آبائهم ، تعالى عن الظلم والجور علوا كبيرا ، قال اليهودي : فإن كان ربك لا يظلم فكيف يخلد في النار أبد الآبدين من لم يعصه إلا أياما معدودة؟ قال : يخلده على نيته ، فمن علم الله نيته أنه لو بقي في الدنيا إلى انقضائها كان يعصي الله عزوجل خلده في ناره على نيته ، ونيته

__________________

١ ـ في نسخة ( و ) خيرة : وفي نسخة ( هـ ) خيوة.

٣٩٨

حدثنا محمد بن عثمان الهروي ، قال : حدثنا أبو محمد الحسن بن الحسين بن مهاجر (١) قال : حدثنا هشام بن خالد ، قال : حدثنا الحسن بن يحيى الحنيني (٢) قال حدثنا صدقة بن عبد الله ، عن هشام ، عن أنس (٣) عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، عن جبرئيل ، عن الله عزوجل ، قال : قال الله تبارك وتعالى : من أهان وليا لي فقد بارزني بالمحاربة وما ترددت في شيء أنا فاعله مثل ما ترددت في قبض نفس المؤمن (٤) يكره الموت

__________________

في ذلك شر من عمله ، وكذلك يخلد من يخلد في الجنة بأنه ينوي أنه لو بقي في الدنيا أيامها لأطاع الله أبدا ، ونيته خير من عمله ، فبالنيات يخلد أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار ، والله عزوجل يقول : ( قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا ) قال اليهودي : يا محمد إني أجد في التوراة أنه لم يكن لله عزوجل نبي إلا كان له وصي من أمته فمن وصيك؟ قال : يا يهودي وصيي علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، واسمه في التوراة أليا وفي الإنجيل حيدار ، وهو أفضل أمتي وأعلمهم بربي ، وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، وأنه لسيد الأوصياء كما أني سيد الأنبياء ، فقال اليهودي : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وأن علي بن أبي طالب وصيك حقا ، والله أني لأجد في التوراة كل ما ذكرت في جواب مسائلي ، وإني لأجد فيها صفتك وصفة وصيك ، وأنه المظلوم ومحتوم له بالشهادة ، وأنه أبو سبطيك وولديك شبرا وشبيرا سيدي شباب أهل الجنة ).

١ ـ في نسخة ( و ) و ( ب ) و ( د ) ( الحسن بن الحسن بن مهاجر ).

٢ ـ في نسخة ( ج ) ( الحسين بن يحيى الحنفي ) والظاهر أنه الحسن بن يحيى الخشني الدمشقي الذي مات بعد التسعين كما في التقريب وهو والراوي والمروي عند كلهم من رجال العامة.

٣ ـ في نسخة ( ج ) و ( ط ) و ( ن ) ( حدثنا صدقة بن عبد الله بن هشام عن أنس ـ الخ ).

٤ ـ في نسخة ( ج ) و ( هـ ) ( كما ترددت في قبض نفس المؤمن ) وفي نسخة ( و ) و ( ب ) و ( د ) ( وما ترددت عن شيء أنا فاعله ما ترددت في قبض نفس المؤمن ) وليس التردد في حقه تعالى كما فينا ، بل إطلاقه عليه تعالى باعتبار مبدئه فقط وهو تعارض المحبوبين أو تبادل

٣٩٩

وأكره مساءته ولا بد له منه ، وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه ، ولا يزال عبدي يتنفل لي حتى أحبه ، ومتى أحببته كنت له سمعا وبصرا ويدا ومؤيدا ، إن دعاني أجبته ، وإن سألني أعطيته ، وإن من عبادي المؤمنين لمن يريد الباب من العبادة فأكفه عنه لئلا يدخله عجب فيفسده ذلك ، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا بالفقر ولو أغنيته لأفسده ذلك ، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا بالغناء ولو أفقرته لأفسده ذلك ، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا بالسقم ولو صححت جسمه لأفسده ذلك (١) وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا بالصحة ولو أسقمته لأفسده ذلك ، إني أدبر عبادي لعلمي بقلوبهم ، فإني عليم خبير.

٢ ـ حدثنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الكريم ، قال : حدثنا محمد بن عبد الرحمن البرقي ، قال : حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، قال : قرأت على أبي عمر الصنعاني (٢) عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال وسلم : رب أشعث أغبر ذي طمرين مدفع بالأبواب (٣) لو أقسم على الله عزوجل لأبره.

٣ ـ حدثنا أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن محمد بن المنكدر ، قال : مرض عون ابن عبد الله بن مسعود فأتيته أعوده فقال : ألا أحدثك بحديث عن عبد الله بن مسعود قلت : بلى ، قال : قال عبد الله : بينما نحن عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ تبسم ، فقلت له

__________________

المكروهين اللازمين لفعل شيء وتركه كما هنا ، والمكروهان مساءة المؤمن وبقاؤه في الدنيا وإن كان هو يكره الانتقال إلى الدار الآخرة ولكنه تعالى لا يكره ذلك.

١ ـ في نسخة ( ب ) و ( ط ) و ( ن ) ( ولو صححت جسده ـ الخ ).

٢ ـ في نسخة ( ب ) ( حدثنا عمر بن أبي سلمة قال : قرأت على عمر الصنعاني ـ الخ ).

٣ ـ في نسخة ( و ) ( مرقع بالأثواب ) وفي نسخة ( ط ) ( يدفع بالأبواب ) وفي نسخة ( ج ) ( مدفع بالأبواب مرقع للأثواب ).

٤٠٠