تفسير الإمام الحسين عليه السلام

تفسير الإمام الحسين عليه السلام

المؤلف:


المحقق: السيد محمد علي الحلو
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: قسم الشؤون الفكريّة والثقافيّة في العتبة الحسينيّة المقدّسة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣١٩

ولعمري لقد ضربت أنت لأبيك وفاروقه عند إذن رسول الله المعاول وقد قال الله عزوجل (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى)(١).

ولعمري لقد أدخل أبوك وفاروقه على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقربهما منه الأذى ، وما رعيا من حقه ما أمرهما به على لسان رسول الله أن الله حرم على المؤمنين أمواتا ما حرم منهم أحياء ، وبالله يا عائشة لو كان هذا الذي كرهته من دفن الحسن عند أبيه جائزا فيما بيننا وبين الله ، لعلمت أنه سيدفن وان رغم معطسك (٢).

وفي أصول الكافي عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول لما احتضر الحسن بن علي عليهما‌السلام قال للحسين عليه‌السلام : يا أخي إني أوصيك بوصية فاحفظها فإذا أنا مت فهيئني ثم وجهني إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأحدث به عهدا ، ثم اصرفني إلى أمي فاطمة عليها‌السلام ثم ردني فادفني في البقيع ، واعلم أنه سيصيبني من الحميراء ما يعلم الناس من صنيعها وعداوتها لله ولرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعداوتها لنا أهل البيت فلما قبض الحسن عليه‌السلام وضع على سريره وانطلق به إلى مصلى رسول الله صلى الله عليه

__________________

(١) الحجرات : ٣.

(٢) البحار ٤٤ : ١٤٣. الكافي ٢ : ٣٠٢ عنه أدب الحسين وحماسة : ٦٩.

٢٤١

وآله وسلم الذي كان يصلى فيه على الجنائز فصلى على الحسن عليه‌السلام فلما أن صلى عليه حمل فأدخل المسجد فلما أوقف على قبر رسول الله بلغ عائشة الخبر ، وقيل لها : انهم قد أقبلوا بالحسن بن علي عليهما‌السلام ليدفنوه مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فخرجت مبادرة على بغل بسرج ـ فكانت أول امرأة ركبت في الإسلام سرجا ـ فوقفت وقالت : نحّوا ابنكم عن بيتي فانه لا يدفن فيه شيء ولا يهتك على رسول الله حجابه ، فقال لها الحسين بن علي عليهما‌السلام :

قديما هتكت أنت وأبوك حجاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأدخلت بيته من لا يجب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قربه ، وان الله سائلك عن ذلك يا عائشة.

ان أخي أمرني أن أقربه من أبيه رسول الله ليحدث به عهدا ، واعلمي أن أخي أعلم الناس بالله ورسوله ، وأعلم بتأويل كتابه من أن يهتك على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ستره ، لأن الله تبارك وتعالى يقول (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ) وقد أدخلت بيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الرجال بغير إذنه وقد قال الله عزوجل (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ) ولعمري لقد أدخل أبوك وفاروقه على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقربهما منه الأذى ، وما رعيا من حقه ما أمرهما الله به على لسان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان الله حرم من المؤمنين أمواتا ما حرم منهم

٢٤٢

أحياء ، والله يا عائشة لو كان هذا الذي كرهته من دفن الحسن عند أبيه عليه‌السلام جائزا فيما بيننا وبين الله لعلمت أنه سيدفن وان رغم معطسك ... إلى آخر الحديث (١).

قوله تعالى :

(إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً (٥٧) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً.)

الأحزاب الآية : ٥٧ ، ٥٨.

روى الحاكم النيسابوري بسنده عن عبد بن ذكوان قال : حدثني أبو خالد الواسطي وهو آخذ بشعره قال : حدثني زيد بن علي وهو آخذ بشعره قال : حدثني علي بن الحسين وهو آخذ بشعره قال : حدثني الحسين بن علي وهو آخذ بشعره قال : حدثني علي بن أبي طالب وهو آخذ بشعره قال : حدثني رسول الله وهو آخذ بشعره فقال :

من آذى شعرة منك فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى الله فعليه لعنة الله.

__________________

(١) أصول الكافي ١ : ٣٠٢ ح ٣. تفسير نور الثقلين ٦ : ٧١.

٢٤٣

وفي رواية لها نفس ما ورد من اللفظ إلا أنه فيها :

ومن آذى الله عزوجل لعنه ملأ السماوات والأرض وتلا (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً)(١).

قوله تعالى :

(إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (٦٧) رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً.)

الأحزاب الآية : ٦٧ ، ٦٨.

عن الحسين بن علي عليه‌السلام في خطبة له طويلة إلى أن قال في تفسير هذه الآية. فراقبوا الله واتقوه ، واسمعوا له وأطيعوه ، واحذروا المكر ، ولا تخادعوه ، وفتشوا ضمائرك ولا تواربوه ، وتقربوا إلى الله بتوحيده ، وطاعة من أمركم ان تطيعوه لا تمسكوا بعصم الكوافر ، ولا يجنح بكم الغي فتضلوا عن سبيل الله باتباع أولئك الذين ضلوا وأضلوا قال الله عزوجل من قائل في طائفة ذكرهم بالذم في كتابه (إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (٦٧) رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً)(٢).

__________________

(١) شواهد التنزيل ٢ : ١٤٧.

(٢) بحار الأنوار ٩٧ : ١١٢ ـ ١١٨. عنه كلمة الإمام الحسين عليه‌السلام : ٧٦.

٢٤٤

تفسير سورة سبإ

قوله تعالى :

(وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ) الآية.

سبأ الآية : ١٢.

عن الأصبغ بن نباته قال : سألت الحسين عليه‌السلام فقلت يا سيدي أسألك عن شيء أنا به موقن وأنه من سر الله وأنت المسرور إليه ذلك السر فقال : يا أصبغ أتريد أن ترى مخاطبة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأبي دون يوم مسجد قبا؟

قال : هو الذي أردت قال : قم فإذا أنا وهو بالكوفة فنظرت فإذا المسجد من قبل أن يرتد إلى بصري فتبسم في وجهي ثم قال : يا أصبغ إن سليمان بن داود أعطي الريح غدوها شهر ورواحها شهر ، وأنا قد أعطيت أكثر مما أعطي سليمان ، فقلت : صدقت والله يا ابن رسول الله فقال : نحن الذين عندنا علم الكتاب وبيان ما فيه ، وليس عند أحد من خلقه ما عندنا ، لأنا أهل سر الله ، ثم تبسم في وجهي ثم قال : نحن آل الله وورثة رسول الله فقلت : الحمد لله على ذلك ، ثم قال لي : أدخل فدخلت فإذا أنا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم محتب في المحراب بردائه فنظرت فإذا أنا بأمير المؤمنين عليه‌السلام قابض على تلابيب الأعسر فرأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعض على الأنامل وهو يقول : بئس الخلف خلفتني أنت وأصحابك عليكم لعنة الله ولعنتي (١).

__________________

(١) المناقب لابن شهرآشوب ٣ : ٢١١ ، تفسير نور الثقلين ٦ : ٩٨.

٢٤٥

قوله تعالى :

(يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ.)

سبأ الآية : ١٣.

عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم‌السلام أن يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه‌السلام فإن هذا سليمان سخرت له الشياطين يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل ، قال له علي عليه‌السلام لقد كان كذلك ولقد أعطي محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أفضل من هذا إنّ الشياطين سخرت لسليمان وهي مقيمة على كفرها ، قد سخرت لنبوة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الشياطين بالإيمان ، فأقبل إليه الجن التسعة من أشرافهم من جن نصيبين واليمن من بني عمر بن عامر من الأحجة منهم شضاة ومضاة والهملكان والمرزبان والمازمات ونفات وهاضب وهاصب وعمر وهم الذين يقول الله تبارك وتعالى اسمه فيهم : (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِ) [الأحقاف : ١٨] وهم التسعة يستمعون القرآن ، فأقبل إليه الجن والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ببطن النخلة ؛ فاعتذروا بأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا ، ولقد أقبل إليه أحد وسبعون ألفا منهم يبايعونه على الصوم والصلاة والزكاة والحج والجهاد ونصح المسلمين واعتذروا بأنهم قالوا على الله شططا وهذا أفضل مما أعطي سليمان سبحان من سخرها لنبوة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد أن كانت تتمرد وتزعم أن لله ولدا فلقد شمل مبعثه من الجن والأنس ما لا يحصى (١).

__________________

(١) تفسير نور الثقلين : ١٠١ : ٦.

٢٤٦

تفسير سورة يس

قوله تعالى :

(وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ.)

يس الآية : ٩.

عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم‌السلام قال : ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه‌السلام فإن إبراهيم عليه‌السلام حجب عن نمرود بحجب ثلاث.

قال علي : لقد كان كذلك ، ومحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حجب عمن أراد قتله بحجب خمس ، ثلاث بثلاث واثنان فضل.

فان الله عزوجل وهو يصف محمّدا قال : (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا) فهذا الحجاب الأوّل (وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا) فهذا الحجاب الثاني (فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) فهذا الحجاب الثالث ثم قال : (وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً) فهذا الحجاب الرابع ثم قال (فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ)(١) فهذه الخمس حجب (٢).

__________________

(١) يس : ٨.

(٢) الاحتجاج : ١ : ٣١٧. تفسير نور الثقلين ٦ : ١٦٥.

٢٤٧

قوله تعالى :

(وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ.)

يس الآية : ١٢.

في أمالي الصدوق : حدثنا محمّد بن الحسين بن أحمد بن الوليد قال : حدثنا الحسن بن متيل الدقاق : قال : حدثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب قال : حدثنا محمّد بن سنان عن جعفر بن سليمان النهدي قال : حدثنا ثابت بن دينار الثمالي عن سيد العابدين علي بن الحسين عن أبيه [الحسين بن علي عليهما‌السلام] قال : لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) قام أبو بكر وعمر من مجلسهما فقالا : يا رسول الله هو التوراة؟

قال : لا.

قالا : فهو الإنجيل؟

قال : لا.

قالا : فهو القرآن؟

قال : لا.

قال : فأقبل أمير المؤمنين علي عليه‌السلام فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو هذا ، انه الإمام المبين الذين أحصى الله تبارك وتعالى فيه علم كل شيء (١).

__________________

(١) أمالي الصدوق ٥٢٤ المجلس ٩٤ ح ١١ ، كلمة الإمام الحسين عليه‌السلام : ٩٤.

٢٤٨

قوله تعالى :

(وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ.)

يس الآية : ٧٨ ، ٧٩.

عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم‌السلام قال :

إن يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين : فإن إبراهيم عليه‌السلام قد بهت الذي كفر ببرهان على نبوته.

قال علي عليه‌السلام :

لقد كان كذلك ومحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتاه مكذب بالبعث بعد الموت وهو أبي بن خلق الجمعي معه عظم نخر ففركه ثم قال :

يا محمّد (مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) فانطق الله محمّدا بمحكم آياته وبهته ببرهان نبوته فقال :

(يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ.)

فانصرف مبهوتا (١).

__________________

(١) الاحتجاج ٢ : ٢٤٥ ، تفسير نور الثقلين ٦ : ١٨٧.

٢٤٩

تفسير سورة الصّافات

قوله تعالى :

(وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ.)

الصافات : ٨٣.

في معنى الشيعة وحقيقتها قال الإمام الحسين عليه‌السلام لرجل حينما قال له : أنا من شيعتكم ، قال :

اتق الله ولا تدّع شيئا يقول لك الله كذبت وفجرت في دعواك إن شيعتنا من سلمت قلوبهم من كل غش ودغل ، ولكن قل إني من مواليكم ومحبيكم.

وقد فسر أهل البيت عليهم‌السلام ان من شيعته أي شيعة علي ، إبراهيم عليه‌السلام والروايات كثيرة في ذلك.

قوله تعالى :

(فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ.)

الصافات الآية : ١٠٣ ـ ١٠٥.

٢٥٠

عن موسى بن جعفر عن أبيه ، عن آبائه ، عن الحسين بن علي عليهم‌السلام قال :

إن يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه‌السلام :

فإن هذا إبراهيم عليه‌السلام قد أضجع ولده وتلّه للجبين؟.

فقال له علي عليه‌السلام :

لقد كان كذلك ولقد أعطي إبراهيم بعد الإضجاع الفداء ، ومحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصيب بأفجع منه فجيعة ، أنه وقف عليه‌السلام على حمزة عمه أسد الله وأسد رسوله وناصر دينه وقد فرق بين روحه وجسده فلم يبن عليه حرقه ولم يفض عليه عبرة ولم ينظر إلى موضعه من قلبه وقلوب أهل بيته ، ليرضي الله عزوجل بصبره ويستسلم لأمره في جميع الفعال ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

لو لا أن تحزن صفية لتركته حتى يحشر من بطون السباع وحواصل الطيور ولو لا أن يكون سنّة بعدي لفعلت ذلك (١).

__________________

(١) تفسير نور الثقلين : ٢٢٦ : ٦.

٢٥١

تفسير سورة ص

قوله تعالى :

(يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ.)

ص الآية : ٢٦.

ما رواه الحسين بن علي عليه‌السلام : ان المقصود بالآية هو داود وذلك ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعلي عليه‌السلام أنت رابع الخلفاء كما سماه الخضر عليه‌السلام. والرواية مفصّلة في تفسيرقوله تعالى : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) فراجع.

قوله تعالى :

(وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ.)

سورة ص : ٢٧.

ابن بابويه قال حدثنا علي بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقاق رضي الله عنه قال حدثنا محمّد بن الحسن الطائي قال حدثنا أبو سعيد سهل بن زياد الآدمي الراوي عن علي بن جعفر الكوفي قال سمعت سيدي علي بن محمّد عليه‌السلام يقول حدثني أبي محمّد بن علي عن أبيه الرضا علي بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمّد عن أبيه محمّد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين عن أبيه عليه‌السلام

٢٥٢

وحدثنا محمّد بن عمر الحافظ البغدادي قال حدثني أبو القاسم إسحاق بن جعفر العلوي قال حدثني أبي جعفر بن محمّد بن سليمان بن محمّد القرشي عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه محمّد بن علي عن أبيه عن جده الحسين بن علي عن علي عليه‌السلام ، وحدثنا محمد بن عمر الحافظ البغدادي قال حدثني أبو القاسم إسحاق بن جعفر العلوي قال : حدثني أبي جعفر بن محمد بن سليمان بن محمد القرشي عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه عن جده عن علي عليهم‌السلام واللفظ لعلي بن محمد بن عمران الدقاق قال : دخل رجل من أهل العراق علي أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : أخبرنا عن خروجنا إلى أهل الشام أبقضاء من الله وقدر؟ فقال له أمير المؤمنين أجل يا شيخ فو الله ما علوتم تلعة ولا هبطتم بطن واد إلا بقضاء من الله وقدر. فقال الشيخ عند الله أحتسب عنائي يا أمير المؤمنين. قال : مهلا يا شيخ لعلك تظن قضاء حتما وقدرا لازما لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب والأمر والنهي والزجر ، ولسقط معنى الوعد والوعيد ولم يكن على مسيئ لائمة ولا لمحسن محمدة ، ولكان المحسن أولى للائمة من المذنب ، والمذنب أولى بالإحسان من المحسن تلك مقالة عبدة الأوثان وخصماء الرحمان ، وقدرية الأمة ومجوسها ، يا شيخ ان الله عزوجل كلّف تخييرا ، ونهى تحذيرا ، وأعطى على القليل كثيرا ولم يعص مغلوبا ولم يطع مكرها ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار ... (١).

__________________

(١) البرهان في تفسير القرآن : ج ٤ ، ص ٤٥.

٢٥٣

تفسير سورة غافر

قوله تعالى :

(وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ.)

غافر الآية : ٤٧.

عن الإمام الحسين بن علي عليهما‌السلام في خطبة طويلة في قوله تعالى : (وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ) إلى قوله تعالى ... (مِنَ النَّارِ.)

قال : أفتدرون الاستكبار ما هو؟ هو ترك الطاعة ان أمروا بطاعته ، والترفع على من ندبوا إلى متابعته ، والقرآن ينطق من هذا عن كثير ، ان تدبّره متدبّر وزجره ووعظه (١).

قوله تعالى :

(إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ.)

غافر الآية : ٢٧.

__________________

(١) بحار الأنوار ٩٧ : ١١٢ ـ ١١٨. عنه كلمة الإمام الحسين عليه‌السلام : ٧٧.

٢٥٤

في أحدى خطب الإمام الحسين عليه‌السلام قال :

راجعوا أنفسكم وحاسبوها هل يصلح لكم قتال مثلي وأنا ابن بنت نبيكم وليس على وجه الأرض ابن بنت نبي غيري؟ وعلي أبي وجعفر ذو الجناحين عمي ، وحمزة سيد الشهداء عم أبي؟ وقال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولأخي : «هذان سيدا شباب أهل الجنة» ، فإن صدقتموني بما أقول وهو الحق فو الله ما تعمدت كذبا منذ علمت أن الله يمقت عليه أهله وإلا فأسالوا أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن ذلك جابر بن عبد الله وأبا سعيد وسهل بن سعد ، وزيد بن أرقم ، وأنس بن مالك ، يخبرونكم بذلك ، ويحكم أما تتقون الله أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي؟.

فقال عند ذلك شمر بن ذي الجوشن :

هو يعبد الله على حرف إن كنت أدري ما يقول؟.

فقال له حبيب بن مظهر : والله يا شمر إنك لتعبد الله على سبعين حرفا وأما نحن فو الله إنا لندري ما يقول وإنه قد طبع على قلبك ثم قال : أيها الناس ذروني أرجع إلى مأمني من الأرض فقالوا وما يمنعك أن تنزل على حكم بني عمك؟

فقال : معاذ الله (إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ)(١) إلى آخر خطبته عليه‌السلام.

__________________

(١) غافر : ٢٧ ، موسوعة مقتل الإمام الحسين عليه‌السلام صفحة ٩١٠.

٢٥٥

تفسير سورة فصّلت

قوله تعالى :

(سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٥٣) أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ.)

فصلت الآية : ٥٣ ، ٥٤.

عن موسى بن جعفر عن آبيه عن آبائه عن الحسن بن علي عليهم‌السلام قال : إن يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لعلي عليه‌السلام فإن هذا موسى بن عمران قد أرسله الله ـ عزوجل ـ إلى فرعون وأراه الآية الكبرى ، قال له علي عليه‌السلام لقد كان كذلك ومحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أرسله الله إلى فراعنة شتى مثل أبي جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة ، وشيبة وأبي البختري والنضر بن الحرث وأبي بن خلف ، ومنبه ونبيه ابني الحجاج ، وإلى الخمسة المستهزئين : الوليد بن المغيرة المخزومي ، والعامر بن وائل السهمي ، والأسود بن عبد يغوث الزهري والأسود بن المطلب والحارث بن الطلاطلة ، فأراهم الآيات في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق (١).

__________________

(١) تفسير نور الثقلين : ٣٧٧ ـ ٣٧٨ : ٦.

٢٥٦

تفسير سورة الشورى

قوله تعالى :

(فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ.)

الشورى : ٧.

قال الإمام الحسين عليه‌السلام عند تفسيره لقوله تعالى (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) فقال : إمام دعا إلى هدى فأجابوه إليه ، وإمام دعا إلى ضلالة فأجابوه إليها ، هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار وهو قوله عزوجل : (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ)(١).

قوله تعالى :

(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ.)

الشورى الآية : ١١.

في حديث للإمام الحسين عليه‌السلام قال فيه : إن أفضل الفرائض وأوجبها على الإنسان معرفة الرب والإقرار له بالعبودية ، وحد المعرفة أن يعرف أنه لا إله غيره ، ولا شبيه له ولا نظير له ، وأن يعرف أنه قديم مثبت ،

__________________

(١) التفسير المنسوب للإمام الحسن العسكري عليه‌السلام : ٢٩٣.

٢٥٧

موجود غير فقيد ، موصوف من غير شبيه ولا مثيل (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(١).

قوله تعالى :

(قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى.)

الشورى الآية : ٢٣.

محمّد بن العباس عن عبد العزيز بن يحيى عن محمّد بن زكريا عن محمّد بن عبد الله الجشمي عن الهيثم بن عدي عن سعيد بن صفوان عبد الملك بن عمير عن الحسين بن علي صلوات الله عليهما في قول الله عزوجل (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قال : ان القرابة التي أمر الله بصلتها وعظّم حقّها وجعل الخير فيها قرابتنا أهل البيت الذين أوجب حقنا على كل مسلم (٢).

وعن عطاء بن أبي رياح قال : قلت لفاطمة بنت الحسين : أخبريني جعلت فداك بحديث أحدث واحتج به على الناس.

قالت : نعم أخبرني أبي [الحسين بن علي عليهما‌السلام] ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان نازلا بالمدينة وان من آتاه من المهاجرين مرسوا أن يفرضوا لرسول

__________________

(١) التوحيد للصدوق : ٧٩ حديث ٣٥.

(٢) تفسير البرهان ٤ : ١٢٤. بحار الأنوار ٢٣ : ٢٥١.

٢٥٨

الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فريضة يستعين بها على من آتاه فأتوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقالوا : قد رأينا ما ينوبك من النوائب وإنا أتيناك لتفرض من أموالنا فريضة تستعين بها على من آتاك.

قال : فأطرق النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طويلا ثم رفع رأسه فقال :

إني لم أؤمر أن آخذ منك على ما جئتم به شيئا ، انطلقوا إني لم أؤمر بشيء وان أمرت به أعلمتكم.

قال : فنزل جبرائيل عليه‌السلام فقال :

يا محمّد ان ربك قد سمع مقالة قومك وما عرضوا عليك وقد أنزل الله عليهم فريضة (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى.)

قال : فخرجوا وهم يقولون : ما أراد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلا أن تذل له الأشياء وتخضع له الرقاب ما دامت السماوات والأرض لنبي عبد المطلب.

قال : فبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى علي بن أبي طالب عليه‌السلام : أن أصعد المنبر وادع الناس إليك ثم قل : أيها الناس من انتقص أجيرا أجره فليتبوأ مقعده من النار.

ومن ادعى إلى غير مواليه فليتبوأ مقعده من النار.

ومن انتفى من والديه فليتبوأ مقعده من النار.

قال : فقام رجل وقال : يا أبا الحسن ما لهن من تأويل؟

٢٥٩

فقال : الله ورسوله أعلم.

ثم أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخبره فقال النبي : ويل لقريش من تأويلهن ، ـ ثلاث مرات ـ ثم قال : يا علي انطلق فأخبرهم : إني أنا الأجير الذي أثبت الله مودته من السماء ، ثم أنا وأنت مولى المؤمنين وأنا وأنت أبو المؤمنين.

ثم خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال :

يا معشر قريش والمهاجرين والأنصار ، فلما اجتمعوا قال : يا أيها الناس ان عليا أولكم إيمانا بالله ، وأقومكم بأمر الله ، وأوفاكم بعهد الله ، وأعلمكم بالقضية وأقسمكم بالسوية ، وأرحمكم بالرعية ، أفضلكم عند الله مزية.

ثم قال : إن الله مثل أمتي في الطين وعلمني أسماءهم كما (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) ثم عرضهم فمر بي أصحاب الرايات فاستغفرت لعلي وشيعته وسألت ربي أن تستقيم أمتي على علي من بعدي فأبى إلا ان يضل من يشاء ويهدي من يشاء ، ثم ابتدأني ربي في علي بسبع خصال :

أما أولاهن : فانه أول من ينشق عنه الأرض معي ولا فخر.

وأما الثانية : فانه يذود أعداءه عن حوضي كما يذود الرعاة غريبة الإبل.

وأما الثالثة : فان من فقراء شيعة علي ليشفع مثل ربيعة ومضر.

وأما الرابعة : فانه أول من يقرع باب الجنة معي ولا فخر.

وأما الخامسة : فانه أول من يزوج من الحور العين معي ولا فخر.

٢٦٠