تفسير الإمام الحسين عليه السلام

تفسير الإمام الحسين عليه السلام

المؤلف:


المحقق: السيد محمد علي الحلو
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: قسم الشؤون الفكريّة والثقافيّة في العتبة الحسينيّة المقدّسة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣١٩

عليهم فسلم عليهم فقال له الفقيه ، ما اسمك؟ قال موسى قال : ابن من قال ابن عمران قال ابن من؟ قال ابن قاهب بن لاوي بن يعقوب ، قال : بما ذا جئت؟ قال جئت بالرسالة من عند الله عزوجل فقام إليه فقبل يده ثم جلس بينهم فطيب نفوسهم وأمرهم أمره ثم فرقهم فكان بين ذلك الوقت وبين فرجهم بغرق فرعون أربعين سنة (١).

قوله تعالى :

(وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ.)

البقرة الآية : ٥٧.

عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام ، عن الحسين بن علي عليه‌السلام في سؤال اليهودي لأمير المؤمنين عليه‌السلام بقوله : فان موسى بن عمران قد أعطي المن والسلوى فهل فعل بمحمد نظير هذا؟.

قال له علي عليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعطي ما هو أفضل من هذا ، ان الله عزوجل أحل له الغنائم ولأمته ، ولم تحل لأحد غيره قبله ، فهذا أفضل من المن والسلوى.

__________________

(١) تفسير نور الثقلين : ص ٩٩ ـ ١٠٠.

١٠١

قال له اليهودي : فان عليه‌السلام قد ظلل عليه الغمام؟.

قال له علي عليه‌السلام : لقد كان كذلك وقد فعل ذلك لموسى في التيه ، وأعطي محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أفضل من هذا ، أن الغمامة كانت لمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تظله من يوم ولد إلى يوم قبض في حضره وأسفاره ، فهذا أفضل مما أعطي موسى عليه‌السلام (١).

قوله تعالى :

(وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ.)

البقرة الآية : ٦٠.

وفي كتاب الاحتجاج ، للطبرسي (رحمه‌الله) روى موسى بن جعفر عن أبيه ، عن آبائه عن الحسين بن علي ـ عليهم‌السلام قال :

إن يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه‌السلام في إثناء كلام : فإن موسى عليه‌السلام قد أعطي الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عينا.

__________________

(١) الاحتجاج : ٢١٩ ، تفسير نور الثقلين ١ : ١٠٤.

١٠٢

قال له علي عليه‌السلام : لقد كان كذلك ، ومحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما نزل الحديبية وحاصره أهل مكة ، قد أعطي ما هو أفضل من ذلك. وذلك أن أصحابه شكوا إليه الظمأ وأصابهم ذلك حتى التفت حوافر الخيل فذكروا ذلك له عليه‌السلام فدعا بركوة يمانية ثم نصب يده المباركة فيها فتفجرت من بين أصابعه عيون الماء فصدرنا وصدرت الخيل رواء وملأنا كل مزادة وسقاء ولقد كنا معه بالحديبية وإذا ثمّ قليب جافة فأخرج صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سهما من كنانته فناوله البراء بن عازب فقال له : اذهب بهذا السهم إلى تلك القليب الجافة ، فاغرسه فيها ففعل ذلك. فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا من تحت السهم ، ولقد كان يوم الميضاة عبرة وعلامة للمنكرين لنبوته ، كحجر موسى حيث دعا بالميضاة فنصب يده فيها ففاضت بالماء وارتفعت حتى توضأ منه ثمانية آلاف رجل وشربوا حاجتهم وسقوا دوابهم وحملوا ما أرادوا (١).

قوله تعالى :

(وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.)

البقرة الآية : ٦٣.

__________________

(١) تفسير كنز الدقائق وبحر الغرائب : ج ٢ ص ٢٣.

١٠٣

في قوله عزوجل (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ) الآية قال الإمام العسكري عليه‌السلام قال الله لهم : (وَإِذْ أَخَذْنا) أي واذكروا إذ أخذنا (مِيثاقَكُمْ) وعهودكم أن تعملوا بما في التوراة وما في الفرقان الذي أعطيته موسى مع من الكتاب المخصوص بذكر محمّد وعليّ والطيبين من آلهما بأنهم سادة الخلق والقوامون بالحق ، وإذ أخذنا ميثاقكم أن تقروا به وأن تؤدوه إلى أخلائكم فأمروهم أن يؤدوه إلى أخلائكم إلى آخر مقدّراتي في الدنيا ليؤمنن بمحمّد نبي الله وليسلمنّ له ما يأمرهم في عليّ وليّ الله عن الله وما يخبرهم به من أحوال خلفائه بعده القوامين بحق الله ، فأبيتم قبول ذلك واستكبرتموه.

(وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ) الجبل ، أمرنا جبرائيل أن يقطع من جبل فلسطين قطعة على قدر معسكر أسلافكم فرسخا في فرسخ ، فقطعها وجاء بها فرفعها فوق رؤوسهم ، فقال موسى : إما أن تأخذوا بما أمرتم به فيه ، وإما أن القي عليكم هذا الجبل ، فالجئوا إلى قبوله كارهين إلا من عصمة الله من العناد فإنّه قبله طائعا مختارا.

ثم لما قبلوا سجدوا وعفروا ، كثير منهم عفر خديه لا لإرادة الخضوع لله ولكن إلى الجبل هل يقع أم لا وآخرون سجدوا مختارين طائعين فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحمد الله معاشر شيعتنا على توفيقه إياكم فإنكم تعفرون في سجودكم لا كما عفره بنو إسرائيل ولكن كما عفره خيارهم. قال الله عزوجل (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ) من هذه الأوامر والنواهي عن هذا الأمر الجليل من ذكر محمّد وعليّ وآلهما الطيبين (وَاذْكُرُوا ما فِيهِ) فيما آتيناكم ، اذكروا جزيل ثوابنا على

١٠٤

قيامكم به وشديد عقابنا على آبائكم له (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) لتتقوا المخالفة الموجبة للعذاب فتستحقوا بذلك جزيل الثواب.

قال الله عزوجل (ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ) يعني تولى إملاقكم (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) عن القيام به والوفاء بما عوهدوا عليه (فَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) يعني على أسلافكم لو لا فضل الله عليهم ما مهالة إياهم للتوبة وأنظارهم لمحو الخطيئة بالإنابة (لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ)(١) المغبونين قد خسرتم الآخرة والدنيا لأن الآخرة فسدت عليكم بكفركم ، والدنيا كان لا يحصل لكم نعيمها لاخترامنا [لاخترامها] لكم ، وتبقى عليكم حسرات نفوسكم وأمانيكم التي قد اقتطعتم دونها.

ولكنا أمهلناكم للتوبة وأنظرناكم للإنابة ، أي فعلنا ذلك بأسلافكم فتاب من تاب منهم فسعد وخرج من صلبه من قدر أن يخرج منه الذرية الطيبة التي تطيب في الدنيا بالله تعالى معيشتها وتشرف في الآخرة بطاعة الله مرتبتها.

وقال الحسين بن علي عليهما‌السلام : «أما إنّهم لو كانوا دعوا الله بمحمّد وآله الطيبين بصدق من نياتهم وصمّة اعتقادهم من قلوبهم أن يعصمهم حتى لا يعاندوه بعد مشاهدة تلك المعجزات الباهرات ، لفعل ذلك بجوده وكرمه ولكنهم قصروا فآثروا الهوينا ومضوا مع الهوى في طلب لذاتهم (٢).

__________________

(١) البقرة الآية : ٦٣ ، ٦٤.

(٢) موسوعة كلمات الإمام الحسين عليه‌السلام : ٥٥٥.

١٠٥

قوله تعالى :

(إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما.)

البقرة : ١٥٨.

عن زيد بن علي عن أبيه عن جده [الحسين بن علي] عن علي عليهم‌السلام في قوله تعالى : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما.)

قال عليه‌السلام : كان عليها أصنام فتحرج المسلمون من الطواف بينهما لأجل الأصنام ، فأنزل الله عزوجل لئلا يكون عليهم حرج في الطواف من أجل الأصنام (١).

قوله تعالى :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.)

البقرة : ١٨٣.

عن الحسين بن علي عليهما‌السلام في أجوبة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأسئلة اليهودي ، قال اليهودي : فأخبرني عن الثامن لأي شيء افترض الله صوما

__________________

(١) مسند زيد بن علي : ٢٢٦.

١٠٦

على أمتك ثلاثين يوما وافترض على سائر الأمم أكثر من ذلك؟ ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ان آدم صلوات الله عليه لما أن أكل من الشجرة بقي في جوفه مقدار ثلاثين يوما ، فافترض على ذريته ثلاثين يوما الجوع والعطش وما يأكلونه بالليل فهو تفضل من الله على خلقه ، وكذلك كان لآدم صلوات الله عليه ثلاثين يوما كما على أمتي ثم تلا هذه الآية (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.)

قال : صدقت يا محمّد ، فما جزاء من صامها؟

فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما من مؤمن يصوم يوما من شهر رمضان حاسبا محتسبا إلا أوجب الله تعالى له سبع خصال :

أول خصلة يذوب الحرام من جسده.

والثاني : يتقرب إلى رحمة الله.

والثالث : يكفر خطيئته ، ألا تعلم أن الكفارات في الصوم يكفّر؟

والرابع : يهوّن عليه سكرات الموت.

الخامس : آمنه الله من الجوع والعطش يوم القيامة.

السادس : البراءة من النار.

السابع : أطعمه الإله من طيبات الجنة (١).

__________________

(١) الاختصاص للشيخ المفيد : ٣٨.

١٠٧

قوله تعالى :

(الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ.)

البقرة : ١٩٧.

عن زيد بن علي عن أبيه عن جده [الحسين بن علي] عن علي عليهم‌السلام : قال : أيام النحر ثلاثة أيام ، يوم العاشر من ذي الحجة ويومان بعده في أيها ذبحت أجزاك ، وأشهر الحج وهي قول الله عزوجل (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) شوال ، وذو القعدة ، وعشر من ذي الحجة ، والأيام المعلومات أيام العشر ، والمعدودات هي أيام التشريف فمن تعجل في يومين فنحر بعد يوم النحر بيومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثمّ عليه (١).

قوله تعالى :

(ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ.)

البقرة الآية : ١٩٩.

روي الكليني بإسناده عن سهل وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا عن ابن محبوب عن عبد الله بن غالب عن أبيه عن سعيد بن المسيب قال : سمعت عليّ بن الحسين عليهما‌السلام يقول (٢) : «إن رجلا جاء أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال أخبرني إن كنت عالما عن الناس ، وعن أشباه الناس وعن السناس ، فقال أمير المؤمنين عليه

__________________

(١) مسند زيد بن علي : ٢٤٣.

(٢) موسوعة كلمات الإمام الحسين عليه‌السلام : ٥٥٧.

١٠٨

السلام يا حسين أجب الرجل ، فقال الحسين عليه‌السلام «أما قولك أخبرني عن الناس فنحن الناس ولذلك قال الله تبارك وتعالى ذكره في كتابه (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ) فرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي أفاض بالناس وأما قولك أشباه الناس منهم شيعتنا وهم موالينا وهم مناد لذلك قاب إبراهيم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي)(١) وأما قولك السناس ، فهم السواد إلا عظم وأشار بيده إلى جماعة الناس ثم قال (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً)(٢)(٣).

قوله تعالى :

(وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى.)

البقرة الآية : ٨٣.

قال الحسين بن علي عليهما‌السلام من كفل لنا يتيما قطعته عنا محنتنا باستتارنا فواساه من علومنا التي سقطت إليه حتى أرشده وهداه قال الله عزوجل : «يا أيها العبد الكريم المواسي إني أولى بالكرم اجعلوا له يا ملائكتي من الجنان بعدد كل حرف علمه ألف ألف قصر وضمّوا إليها ما يليق بها من سائر النعم (٤).

__________________

(١) إبراهيم الآية : ٣٦.

(٢) الفرقان الآية : ٤٤.

(٣) الكافي ٨ : ٢٤٤ ، تفسير البرهان ١ : ٢٠١.

(٤) تفسير العسكري : ٣١٠.

١٠٩

تفسيرقوله تعالى :

(مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ.)

البقرة الآية : ٩٨.

روى المجلسي عن التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري قال الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما‌السلام : إن الله تعالى ذم اليهود في بغضهم لجبرائيل الذي كان ينفذ قضاء الله فيهم بما يكرهون ، وذمهم أيضا وذم النواصب في بغضهم لجبرائيل وميكائيل وملائكة الله النازلين لتأييد علي بن أبي طالب عليه‌السلام على الكافرين حتى أذلهم بسيفه الصارم فقال «من كان عدوا لجبرائيل» من اليهود لرقعه من تحت نصّر أن يقتله دانيال من غير ذنب كان جناه بخت نصر حتى بلغ كتاب الله في اليهود أجله ، وحل بهم ما جرى في سابق علمه الناصبين لأن الله تعالى بعث جبرائيل لعلي عليه‌السلام مؤيدا وله على أعدائه ناصرا ، ومن كان عدوا لجبرائيل لعلي عليه‌السلام مؤيدا وله على أعدائه ناصرا ، ومن كان عدوا لجبرائيل لمظاهرته محمّدا وعليا عليهما الصلاة والسلام ومعاونته لهما وانفاذه لقضاء ربه عزوجل في إهلاك أعدائه على يد من يشاء من عباده (فَإِنَّهُ) يعني جبرائيل (نَزَّلَهُ) يعني نزّل هذا القرآن «على قلبك» يا محمّد (بِإِذْنِ اللهِ) بأمر الله وهو كقوله : (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ)(١)(مُصَدِّقاً

__________________

(١) الشعراء الآية : ١٩٣ ـ ١٩٥.

١١٠

لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) نزّل هذا القرآن جبرائيل على قلبك يا محمّد مصدقا موافقا لما بين يديه من التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وكتب شيث وغيرهم من الأنبياء.

ثم قال (مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ) لإنعامه على محمد وعلي وآلهما الطيبين ، وهؤلاء الذين بلغ من جهلهم أن قالوا : «نحن نبغض الله الذي أكرم محمّدا وعليا بما يدعيان وجبرائيل ، ومن كان عدوا لجبرائيل لأنه جعله ظهيرا لمحمد وعلي عليهما‌السلام على أعداء الله وظهيرا لسائر الأنبياء والمرسلين كذلك (وَمَلائِكَتِهِ) يعني ومن كان عدوا لملائكة الله المبعوثين لنصرة دين الله وتأييد أولياء الله ، وذلك قول بعض النصاب والمعاندين : برئت من جبرائيل الناصر لعلي عليه‌السلام وهو قوله (وَرُسُلِهِ) ومن كان عدوا لرسل الله موسى وعيسى وسائر الأنبياء الذين دعوا إلى نبوة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإمامة علي عليهما‌السلام ثم قال «وجبرائيل وميكال» ومن كان عدوا لجبرائيل وميكائيل وذلك كقول من قال من النواصب كما قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في علي عليه‌السلام جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن يساره وإسرافيل من خلفه ، وملك الموت أمامه ، والله تعالى من فوق عرشه ناظرا بالرضوان إليه ناصره قال بعض النواصب : فأنا ابرأ من الله ومن جبرائيل وميكائيل والملائكة الذين حالهم مع علي عليه‌السلام ما قاله محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : من كان عدوا لهؤلاء تعصبا على علي بن أبي طالب عليه

١١١

السلام (فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ) فاعل بهم ما يفعل العدو بالعدو من إحلال النقمات وتشديد العقوبات. وكان سبب نزول هاتين الآيتين ما كان من اليهود أعداء الله من قول سيء في جبرائيل وميكائيل ، وما كان من أعداء الله النصّاب من قول أسوأ منه في الله وفي جبرائيل وميكائيل وسائر ملائكة الله.

وأما ما كان من النصّاب فهو أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما كان لا يزال يقول في علي عليه‌السلام الفضائل التي خصه الله عزوجل بها والشرف الذي أهّله الله تعالى له ، وكان في كل ذلك يقول : أخبرني به جبرائيل عن الله ، ويقول في بعض ذلك : جبرائيل عن يمينه ، وميكائيل عن يساره ، ويفتخر جبرائيل على ميكائيل في أنه عن يمين علي عليه‌السلام الذي هو أفضل من اليسار كما يفتخر نديم ملك عظيم في الدنيا يجلسه الملك عن يمينه على النديم الآخر الذي يجلسه على يساره ، ويفتخران على إسرافيل الذي خلفه في الخدمة ، وملك الموت الذي أمامه بالخدمة وأن اليمين والشمال أشرف من ذلك ، كافتخار حاشية الملك على زيادة قرب محلهم من ملكهم.

وكان يقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بعض أحاديثه : «إنّ الملائكة أشرفها عند الله أشدها لعلي بن أبي طالب حبا ، وأن قسم الملائكة فيما بينها : والذي شرّف عليا على جميع الورى بعد محمّد المصطفى» إلى آخر الرواية (١).

__________________

(١) بحار الأنوار : ٣٩ : ١٠٣ ـ ١٠٨ حديث ١٢.

١١٢

قوله تعالى :

(وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ.)

البقرة : ٢٣٣.

عن زيد بن علي عن أبيه عن جده [الحسين بن علي] عن علي عليهم‌السلام : في قول الله جل اسمه (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ.)

قال : الرضاع سنتان فما كان من رضاع في الحولين حرم ، وما كان بعد الحولين فلا يحرم ، قال الله تعالى : (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) فالحمل ستة أشهر ، والرضاع حولان كاملان (١).

قوله تعالى :

(وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ.)

البقرة الآية : ٢٣٧.

عن الحسين بن علي عليهما‌السلام انه قال :

خطبنا أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال سيأتي على الناس زمان عضوض يعضّ المؤمن على ما في يده ولم يؤمن بذلك ، قال الله تعالى (وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ.) وسيأتي زمان يقدم فيه الأشرار وينسى فيه الأخيار ويبايع

__________________

(١) مسند زيد بن علي : ٣١٦.

١١٣

المضطر ، وقد نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن بيع المضطر وعن بيع الغرر ، فاتقوا الله يا أيها الناس وأصلحوا ذات بينكم واحفظوني في أهلي (١).

قوله تعالى :

(لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.)

البقرة الآية : ٢٨٤.

عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي ـ عليهم‌السلام ـ قال إن يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه‌السلام ـ فإن سليمان قد سخرت له الرياح فسادت في بلاده غدوها شهر ورواحها شهر؟ فقال له علي ـ عليه‌السلام ـ لقد كان كذلك ومحمّد ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ أعطي ما هو أفضل من هذا ، إنه أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرة شهر وعرج به في ملكوت السماوات مسيرة خمسين ألف عام في أقل من ثلث ليلة حتى انتهى إلى ساق العرش ، فدنا بالعلم فتدلى ، فدلي له من الجنة رفرف أخضر ، وغشي النور بصره فرأى عظمة ربّه عزوجل بفؤاده ولم يرها بعينه ، فكان قاب

__________________

(١) تفسير كنز الدقائق ٢ : ٣٦٥.

١١٤

قوسين بينها وبينه أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى ، فكان فيما أوحى إليه الآية التي في سورة البقرة قوله تعالى (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [سورة البقرة : الآية ٢٨٤] وكانت الآية قد عرضت على الأنبياء من لدن آدم ـ عليه‌السلام ـ إلى أن بعث الله تبارك اسمه محمّدا وعرضت على الأمم فأبوا أن يقبلوها من ثقلها ، وقبلها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعرضها على أمته فقبلوها. وهذا الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة (١) ...

قوله تعالى :

(لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ.)

البقرة الآية : ٢٨٦.

في الاحتجاج روي عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين عليه‌السلام ابن علي عليه‌السلام [ما رواه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام] في حديث طويل

__________________

(١) تفسير نور الثقلين ٧ : ١٦٨ ـ ١٦٩.

١١٥

يقول فيه وقد ذكر مناقب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدنا بالعلم ، فتدلى له من الجنة رفرف أخضر. وغشي النور بصره فرأى عظمة ربّه ـ عزوجل ـ ولم يرها بعينه ، فكان كقاب قوسين بينها وبينه أو أدنى. فأوحى [الله] إلى عبده ما أوحى. وكان في ما أوصى إليه الآية التي في سورة البقرة ، قوله تعالى : (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(١) وكانت الآية قد عرضت على الأنبياء من لدن آدم عليه‌السلام إلى أن بعث الله ـ تبارك وتعالى ـ محمّدا وعرضت على الأمم. فأبوا أن يقبلوا من ثقلها وقبلها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعرضها على أمته فقبلوها فلما رأى الله ـ تبارك وتعالى ـ منهم القبول. علم أنهم لا يطيقونها فلما سار إلى ساق العرش كرر عليه الكلام. ليفهمه. فقال (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ)(٢) فأجاب صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مجيبا عنه : وعن أمته فقال (وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ)(٣) فقال جل ذكره لهم الجنة والمغفرة على أن فعلوا ذلك. فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم [أما] إذا فعلت ذلك ربنا. فغفرانك ربنا وإليك المصير ، يعني : المرجع في الآخرة. قال فأجابه الله جل ثناؤه وقد فعلت ذلك بك وبأمتك؟. ثم قال ـ عز

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية : ٢٨٤.

(٢) سورة البقرة ، الآية : ٢٨٥.

(٣) سورة البقرة ، الآية : ٢٨٥.

١١٦

وجل ـ أما إذا قبلت الآية بتشديدها وعظم ما فيها وقد عرضتها على الأمم فأبوا أن يقبلوها وقبلتها أمتك فحقّ عليّ أن أرفعها. عن أمتك وقال (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ) من خير (وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) من شر.

فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما سمع ذلك : أما إذا فعلت ذلك بي وبأمتي ، فزدني ، فقال سل. قال (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا) قال الله ـ عزوجل ـ لست إذ آخذ أمتك بالنسيان إذا الخطأ لكرامتك عليّ وكانت الأمم السالفة إذا نسوا ما ذكروا به فتحت عليهم أبواب العذاب. وقد رفعت ذلك عن أمتك. وكانت الأمة السالفة إذا أخطئوا أخذوا بالخطأ وعوقبوا عليه وقد رفعت ذلك عن أمتك لكرامتك عليّ. فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم [اللهم] إذا أعطيتني ذلك. فزدني. فقال الله تعالى له : سل. قال (رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا) يعني بالإصر ، الشدائد التي كانت على من كان قبلنا. فأجابه الله إلى ذلك فقال تبارك اسمه ـ قد رفعت عن أمتك الآصار التي كانت على الأمم السالفة : كنت لا أقبل صلاتهم إلا في بقاع من الأرض معلومة اخترتها لهم. وإن بعدت وقد جعلت الأرض لأمتك كلها مسجدا وطهورا. فهذه الآصار التي كانت على الأمم قبلك فرفعتها عن أمتك وكانت الأمم السالفة إذا أصابهم أذى من نجاسة قرضوه من أجسادهم. وقد جعلت الماء لأمتك طهورا ، فهذه من الآصار التي كانت عليهم فرفعتها عن أمتك. وكانت الأمم السالفة

١١٧

تحمل قرابينها على أعناقها إلى بيت المقدس فمن قبلت ذلك منه أرسلت إليه نارا ، فأكلته. فرجع مسرورا. ومن لم أقبل ذلك ، رجع مثبورا وقد جعلت قربان أمتك في بطون فقرائها ومساكينها. فمن قبلت ذلك منه. أضعفت له أضعافا مضاعفة ومن لم أقبل منه ، رفعت عنه عقوبات الدنيا. وقد رفعت ذلك عن أمتك وهي من الآصار التي كانت على الأمم قبلك وكانت الأمم السالفة صلاتها مفروضة عليها في ظلم الليل وأنصاف النهار وهي من الشدائد التي كانت عليهم فرفعتها عن أمتك. وفرضت عليهم صلاتهم في أطراف الليل والنهار في أوقات نشاطهم وكانت الأمم السالفة قد فرضت عليهم خمسين صلاة في أوقات. وهي إحدى وخمسون ركعة وجعلت لهم أجر خمسين صلاة. وكانت الأمم السالفة حسنتهم بحسنة وسيئتهم بسيئة وهي من الآصار التي كانت عليهم فرفعتها من أمتك. وجعلت الحسنة بعشر. والسيئة بواحدة وكانت الأمم السالفة إذا نوى أحدهم بحسنة ثم لم يعملها. لم تكتب له وإن عملها كتبت له حسنة وإن أمتك إذا همّ أحدهم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة وإن عملها كتبت له عشرا وهي من الآصار التي كانت عليهم فرفعتها عن أمتك وكانت الأمم السالفة إذا همّ أحدهم بسيئة فلم يعلمها لم تكتب عليه وأن عملها كتبت عليه سيئة وإن أمتك إذا هم أحدهم بسيئة ثم لم يعملها كتبت له حسنة وهذه من الآصار التي كانت عليهم فرفعت ذلك عن أمتك وكانت الأمم السالفة إذا أذنبوا كتبت ذنوبهم على أبوابهم

١١٨

وجعلت توبتهم من الذنوب أن حرمت عليهم بعد التوبة أحب الطعام إليهم ، وقد رفعت ذلك عن أمتك وجعلت ذنوبهم فيما بيني وبينهم. وجعلت عليهم ستورا كثيفة وقبلت توبتهم بلا عقوبة ولا أعاقبهم بأن أحرم عليهم أحب الطعام إليهم. وكانت الأمم السالفة يتوب أحدهم من الذنب الواحد ، مائة سنة وثمانين سنة أو خمسين سنة. ثم لا أقبل توبته دون أن أعاقبهم في الدنيا بعقوبة وهي من الآصار التي كانت عليهم فرفعتها عن أمتك وإن الرجل من أمتك ليذنب عشرين سنة أو ثلاثين أو أربعين سنة ، أو مائة سنة ثم يتوب ويندم طرفة عين ، فأغفر ذلك كله. فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا أعطيتني ذلك كله فزدني. قال سل قال (رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ) قال ـ تبارك اسمه ـ قد فعلت ذلك بأمتك.

وقد رفعت عنهم عظم بلايا الأمم وذلك حكمي في جميع الأمم : ألا أكلف خلقا فوق طاقتهم. قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا) قال الله عزوجل قد فعلت بتائبي أمتك ثم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) قال الله ـ جل اسمه ـ إن أمتك في الأرض كالشامة البيضاء في الثور الأسود هم القادرون هم القاهرون. يستخدمون. ولا يستخدمون لكرامتك عليّ. وحق عليّ أن أظهر دينك على الأديان ، حتى لا يبقى في شرق الأرض وغربها دين إلا دينك أو يؤدّون إلى أهل دينك الجزية (١).

__________________

(١) تفسير كنز الدقائق وبحر الغرائب : ٤٧٨.

١١٩

تفسير سورة آل عمران

قوله تعالى :

(إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ.)

آل عمران : ١٩.

عن أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده [الحسين بن علي عليهم‌السلام] قال :

لما قضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مناسكه من حجة الوداع ركب راحلته وأنشأ يقول : لا يدخل الجنة إلا من كان مسلما ، فقام إليه أبو ذر الغفاري رحمه‌الله فقال :

يا رسول الله : وما الإسلام؟.

فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الإسلام عريان ولباسه التقوى ، وزينته الحياء ، وملاكه الورع ، وكماله الدين ، وثمرته العمل ، ولكل شيء أساس وأساس الإسلام حبنا أهل البيت (١).

__________________

(١) تحف العقول : ٥٢ ، تفسير جابر بن يزيد الجعفي : ١٣٠.

١٢٠