تفسير الإمام الحسين عليه السلام

تفسير الإمام الحسين عليه السلام

المؤلف:


المحقق: السيد محمد علي الحلو
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: قسم الشؤون الفكريّة والثقافيّة في العتبة الحسينيّة المقدّسة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣١٩

تفسير سورة المائدة

قوله تعالى :

(وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً.)

المائدة الآية : ٣٢.

قال الحسين بن علي عليهما‌السلام لرجل : أيهما أحب إليك؟ رجل يروم قتل مسكين قد ضعف تنقذه ، من يده؟ أو ناصب يريد إضلال مسكين [مؤمن] من ضعفاء شيعتنا تفتح عليه ما يمتنع [المسكين] به منه ويفحمه ويكسره بحجج الله تعالى؟ قال بل إنقاذ هذا المسكين المؤمن من يد هذا الناصب إن الله تعالى يقول (وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) [أي] ومن أحياها وأرشدها من كفر إلى إيمان. فكأنما أحيا الناس جميعا من قبل أن يقتلهم بسيوف الحديد (١).

قوله تعالى :

(لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (٧٨) كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ.)

المائدة : ٧٨ ـ ٧٩.

__________________

(١) تفسير العسكري : ٣١٧.

١٤١

من خطبة للإمام الحسين عليه‌السلام في منى قال :

اعتبروا أيها الناس بما وعظ الله به أولياءه من سوء ثنائه على الأحبار إذ يقول (لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ) وقال : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (٧٨) كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ) وإنما عاب ذلك عليهم لأنهم كانوا يرون من الظلمة بين أظهرهم المنكر والفساد فلا ينهونهم عن ذلك رغبة فيما كانوا ينالون منهم ورهبة مما يحذرون ، والله يقول (فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ)(١).

قوله تعالى :

(يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ.)

المائدة الآية : ٦٧.

روى ابن بابوية : قال : حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال : حدثنا أبي عن جده أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه محمّد بن خالد البرقي قال : حدثنا سهل بن المرزبان الفارسي قال : حدثنا محمّد بن منصور عن

__________________

(١) موسوعة كلمات الإمام الحسين عليه‌السلام : ٢٧٤.

١٤٢

عبد الله بن جعفر عن محمّد بن الفيض بن المختار عن أبيه عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر عليه‌السلام ، عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عليهما‌السلام قال : خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات يوم من الأيام وهو راكب وخرج علي عليه‌السلام وهو يمشي فقال له :

يا أبا الحسن إما أن تركب وإما أن تنصرف فان الله عزوجل أمرني أن تركب إذا ركبت وتمشي إذا مشيت ، وتجلس إذا جلست ، إلا أن يكون حد من حدود الله لا بدّ لك من القيام والقعود فيه ، وما أكرمني الله بكرامة إلا وأكرمك بمثلها ، وخصني الله بالنبوة والرسالة وجعلك وليي في ذلك تقوم في حدوده وفي أصعب أموره. والذي بعث محمدا بالحق نبيا ما آمن بي من أنكرك ، ولا أقرّ بي من جحدك ، ولا آمن بي من كفر بك ، وان فضلك من فضلي ، وان فضلي لفضل الله ، وهو قول الله عزوجل (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)(١) يعني فضل الله بنبوة نبيكم ورحمته ولاية علي بن أبي طالب عليه‌السلام (فَبِذلِكَ) قال : النبوة والولاية فليفرحوا يعني الشيعة (هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) يعني من لغيهم من الأهل والمال والولد في دار الدنيا.

والله يا علي ، ما خلقت إلا لتعبد ربك وليعرف بك معالم الدين ، ويصلح بك داري السبيل ، ولقد ضل من ضل عنك ، لن يهتدي إلى الله عزوجل من لم

__________________

(١) يونس الآية : ٥٨.

١٤٣

يهتد إليك وإلى ولايتك ، وهو قول ربي عزوجل (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى)(١) يعني إلى ولايتك.

ولقد أمرني الله تبارك وتعالى أن افترض من حقك ما افترضه من حقي وان حقك لمفروض على من آمن بي ، ولولاك لم يعرف حزب الله ، وبك يعرف عدو الله ، ومن لم يلقه بولايتك لم يلقه بشيء ولقد أنزل الله عزوجل إليّ (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ)(٢) يعني في ولايتك يا علي (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) ولو لم أبلغ ما أمرت به من ولايتك لحبط عملي ، ومن لقي الله عزوجل بغير ولايتك فقد حبط عمله وعدا ينجز لي ، وما أقول إلا قول ربي تبارك وتعالى وان الذي أقول لمن الله عزوجل ، أنزل فيك (٣).

قوله تعالى :

(لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ.) المائدة : ٨٩.

__________________

(١) طه : ٨٢.

(٢) المائدة : ٦٧.

(٣) الهداية القرآنية إلى الولاية الإمامية للسيد هاشم البحراني ١ : ١٨٩.

١٤٤

عن زيد بن علي عن أبيه عن جده [الحسين بن علي] عن علي عليهم‌السلام قال : يغديهم ويعشيهم نصف صاع من بر أو سويق أو دقيق أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير يغديهم ويعشيهم ، قوله (مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ) قال : أوسطه الخبز والسمن ، والخبز والزيت ، وأفضله الخبز واللحم وأدناه الخبز والملح ، وقوله تعالى : (أَوْ كِسْوَتُهُمْ) قال : يكسوهم ثوبا يجزيهم أن يصلوا فيه (١).

تفسير سورة الأنعام

قوله تعالى :

(رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ.)

الأنعام الآية : ٦٢.

عن داود بن فرقد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال (٢) :

دخل مروان بن الحكم المدينة قال : فاستلقى على السرير ، وثمّ مولى للحسين عليه‌السلام فقال (٣) : (رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ)

__________________

(١) مسند زيد بن علي : ٢١٤.

(٢) كلمة الإمام الحسين عليه‌السلام : ٢٢٢.

(٣) تفسير العياشي ١ : ٣٦٢ ح ٣.

١٤٥

قال : فقال الحسين لمولاه :

ما ذا قال هذا حين دخل؟.

قال :

استلقى على السرير فقرأ (رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ.)

قال :

فقال الحسين عليه‌السلام : نعم والله رددت أنا وأصحابي إلى الجنة ورد هو وأصحابه إلى النار (١).

قوله تعالى :

(قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.)

الأنعام الآية : ١٦١.

عن عمر بن أبي الميثم ، قال سمعت الحسين بن علي عليهما‌السلام يقول : ما أحد على ملة إبراهيم إلّا نحن وشيعتنا وسائر الناس منها براء (٢).

__________________

(١) تفسير العياشي ١ : ٣٨٧ ، البرهان ٨ : ٥٦٧ ، كلمة الإمام الحسين عليه‌السلام : ٢٢٢.

(٢) تفسير العياشي ١ : ٣٨٧. البرهان ٨ : ٥٦٧.

١٤٦

تفسير سورة الأعراف

قوله تعالى :

(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ.)

الأعراف الآية : ٣٢.

في خبر عمر بن علي عن أبيه عن الحسين عليه‌السلام أنه كان يشتري الكساء الخز بخمسين دينارا فإذا صاف تصدق به ، لا يرى بذلك بأسا ويقرأ (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ)(١).

قوله تعالى :

(قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ.)

الأعراف الآية : ٣٣.

__________________

(١) البرهان ٨ : ١٣.

١٤٧

الشيخ بإسناده عن البرقي عن النضر بن سويد عن الحلبي عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه عن الحسين بن علي قال : الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ما ظهر : نكاح امرأة الأب ، وما بطن : الزنى (١).

قوله تعالى :

(لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ.)

الأعراف : ٤٩.

عن الحسين بن علي عن أبيه عليهما‌السلام قال :

إذا كان يوم القيامة نادى مناد من السماء : أين علي بن أبي طالب؟

قال : فأقوم.

فيقال لي : أنت علي؟

فأقول : أنا ابن عم النبي ووصيه ووارثه.

فيقال لي : صدقت أدخل الجنة فقد غفر الله لك ولشيعتك وقد آمنك الله وآمنهم معك من الفزع الأكبر (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ)(٢).

__________________

(١) البرهان ٨ : ١٣.

(٢) تفسير فرات الكوفي : ٤٠٨.

١٤٨

قوله تعالى :

(وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً.)

الأعراف الآية : ٥٨.

قال عمرو بن العاص للحسين عليه‌السلام يا ابن عليّ ما بال أولادنا أكثر من أولادكم؟

فقال عليه‌السلام :

بغاث الطير أكثرها فراخا

وأمّ الصقر مقلاة نزور

فقال ما بال الشيب إلى شواربنا أسرع منه في شواربكم فقال عليه‌السلام «إن نساءكم نساء بخرة فإذا دنا أحدكم من امرأته نكهت في وجهه فيشاب منه شاربه فقال ما بال لحائكم أوفر من لحائنا؟

فقال عليه‌السلام (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً.)

فقال معاوية : بحقي عليك إلا سكت فإنه ابن علي بن أبي طالب.

فقال عليه‌السلام :

إن عادت العقرب عدنا لها

وكانت النعل لها حاضرة

قد علم العقرب واستيقنت

ان لا لها دنيا ولا آخرة (١)

__________________

(١) موسوعة كلمات الإمام الحسين عليه‌السلام : ٥٥٧.

١٤٩

قوله تعالى :

(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ.)

الأعراف الآية : ٩٦.

قال الإمام الحسين عليه‌السلام واصفا لعصر ظهور الإمام المهدي عليه‌السلام في خطبة طويلة إلى أن يقول فيها :

ولتنزلن البركة من السماء إلى الأرض حتى أن الشجرة لتقصف بما يريد الله فيها من الثمر وليأكلنّ ثمرة الشتاء في الصيف ، وثمرة الصيف في الشتاء وذلك قوله عزوجل (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ.)(١)

قوله تعالى :

(قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (٧٥) قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ

__________________

(١) الخرائج والجرائح : ٢ / ٨٤٨ ـ ٨٥٠ ، ح ٦٣.

١٥٠

بِهِ كافِرُونَ (٧٦) فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ.)

الأعراف الآية : ٧٥ ـ ٧٧.

عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم‌السلام قال : ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه‌السلام فان هذا صالحا أخرج الله ناقة جعلها لقومه عبرة ، قال علي عليه‌السلام :

لقد كان كذلك ومحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعطي ما هو أفضل من ذلك ، ان ناقة صالح لم تكلم صالحا ولم تناطقه ولم تشهد له بالنبوة.

ومحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بينما نحن معه في بعض غزواته إذ هو ببعير قد دنا ثم رقا فأنطقه الله عزوجل ، ثم قال : يا رسول أن فلانا استعملني حتى كبرت ويريد نحري فأنا أستعيذ بك منه.

فأرسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى صاحبه فاستوهبه منه فوهبه له وخلاه ، ولقد كنا معه فإذا نحن بأعرابي معه ناقة يسوقها وقد استلم للقطع لما زور عليه من الشهود فنطقت الناقة فقالت :

يا رسول الله ان فلانا مني بريء وان الشهود يشهدون عليه بالزور وان سارقي فلان اليهودي (١).

__________________

(١) الاحتجاج ٢ : ٤٩٨ ، تفسير نور الثقلين ١ : ٤٧٦.

١٥١

قوله تعالى :

(اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ.)

الأعراف الآية : ١٤٢.

ما رواه الحسين بن علي عليه‌السلام ان موسى استخلف هارون في قومه فهو ثالث الخلفاء ، وعلي عليه‌السلام هو رابع الخلفاء كما في سلام الخضر عليه ، وتفسير معنى أن عليا رابع الخلفاء عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في رواية طويلة ، أثبتناها في قوله تعالى : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) فراجع.

قوله تعالى :

(يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ.)

الأعراف : ١٥٧.

عن الحسين بن علي عليهما‌السلام : في أسئلة اليهودي للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

قال اليهودي : يا محمّد أخبرني عن السادس عن ثمانية أشياء في التوراة مكتوبة أمر الله بني إسرائيل أن يعبدوه بعد موسى.

فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنشدك الله إن أخبرتك أن تقرّ به؟

١٥٢

فقال اليهودي : بلى يا محمّد.

فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن أول ما في التوراة مكتوب محمّد رسول الله وهي مما أساطه ثم صار قائما (١).

ثم تلا هذه الآية (يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ)(٢).

وأما الثاني والثالث والرابع فعلي وفاطمة وسبطيهما وهي سيدة نساء العالمين في التوراة «ايليا وشبرا وشبيرا وهليون» يعني فاطمة والحسن والحسين (٣).

قوله تعالى :

(وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ.)

الأعراف : ١٧٢.

__________________

(١) في أمالي الشيخ المفيد (فهي بالعبرانية «طاب») عن المحقق.

(٢) الصف الآية : ٦.

(٣) الاختصاص للشيخ المفيد : ٣٧.

١٥٣

روى الشيخ الطوسي رحمه‌الله بإسناده عن جابر عن أبي جعفر عن أبيه عن جده صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعلي عليه‌السلام : أنت الذي احتج الله بك في ابتدائه الخلق حيث أقامهم أشباحا ، فقال لهم : ألست بربكم؟ قالوا : بلى قال : محمّد رسول الله؟ قالوا : بلى قال : وعلي أمير المؤمنين؟ فأبى الخلق كلهم جميعا إلا استكبارا وعتوا عن ولايتك إلا نفر قليل وهم أقل القليل ، وهم أصحاب اليمين (١).

قوله تعالى :

(إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ.)

الأعراف الآية : ١٩٦.

قال أبو مخنف : فحدثني عبد الله بن عاصم ، قال : حدثني الضحاك المشرقي ، قال : لما أقبلوا نحونا فنظروا إلى النار تضطرم في الحطب والقصب الذي كنا ألهبنا فيه النار من ورائنا لئلا يأتونا من خلفنا. إذ أقبل إلينا منهم رجل يركض على فرس كامل الأداة فلم يكلمنا حتى مر على أبياتنا ، فنظر إلى أبياتنا فإذا هو لا يرى

__________________

(١) أصول الكافي ، ج ١ ، ص ٤٦٨ ؛ أمالي الطوسي ، ص ١٤٦ عنه تفسير نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٥٣٤ ، ح ٣٥٦ ؛ بحار الأنوار ، ج ٢٤ ، ص ٢ ، ح ٤ ؛ الجواهر السنية ، ص ٢٧٢ ، تفسير جابر بن يزيد الجعفي : ٢٦٣.

١٥٤

إلا حطبا تلتهب النار فيه فرجع راجعا ، فنادى بأعلى صوته : يا حسين ، استعجلت النار في الدنيا قبل يوم القيامة فقال الحسين : من هذا؟ كأنه شمر بن ذي الجوشن فقالوا نعم أصلحك الله! هو هو ، فقال يا ابن راعية المعزى ، أنت أولى بها صليا فقال له مسلم بن عوسجة يا ابن رسول الله ، جعلت فداك! ألا أرميه بسهم فإنه قد أمكنني ، وليس يسقط [مني] سهم ، فالفاسق من أعظم الجبارين ، فقال له الحسين : لا ترمه ، فإني أكره أن أبدأهم ، وكان مع الحسين فرس له يدعى لاحقا حمل عليه ابنه عليّ بن الحسين : قال : فلما دنا منه القوم عاد براحلته فركبها. ثم نادى بأعلى صوته دعاء يسمع جل الناس.

أيها الناس ، اسمعوا قولي ، ولا تعجلوني حتى أعظكم بما لحق لكم عليّ ، وحتى أعتذر إليكم من مقدمي عليكم ، فإن قبلتم عذري ، وصدّقتم قولي ، وأعطيتموني النصف ، كنتم بذلك أسعد ، ولم يكن لكم علي سبيل ، وإن لم تقبلوا مني العذر ، ولم تعطوا النصف من أنفسكم : (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ)(١) ، (٢).

(إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ)(٣) إلى آخر خطبته (٤).

__________________

(١) يونس الآية : ٧١.

(٢) موسوعة كلمات الإمام الحسين عليه‌السلام : ٤١٥.

(٣) الأعراف الآية : ١٩٦.

(٤) موسوعة مقتل الإمام الحسين عليه‌السلام صفحة ٩٦.

١٥٥

تفسير سورة الأنفال

قوله تعالى :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ.)

الأنفال : ٢٧.

عن زيد بن علي عن أبيه عن جده [الحسين بن علي] عن علي عليهم‌السلام :

في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ.)

قال : من الخيانة الكذب في البيع والشراء (١).

قوله تعالى :

(وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ.)

الأنفال الآية : ٤١.

__________________

(١) مسند زيد بن علي : ٢٦٤.

١٥٦

عن الحسين بن علي عن علي بن أبي طالب عليهما‌السلام في قوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ) الآية ، قال :

لنا خاصة ، ولم يجعل لنا في الصدقة نصيبا ، كرامة أكرم الله تعالى نبيه وآله بها ، وأكرمنا عن أوساخ أيدي المسلمين (١).

قوله تعالى :

(لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً.)

الأنفال الآية : ٤٤.

روى أبو مخنف أن الحسين عليه‌السلام بعد أن بلغه قتل مسلم وهاني ونزوله بالعقبة قال له بعض من حضر : ناشدتك الله إلا ما رجعت ، فو الله ما تقدم إلا على أطراف الأسنة وحرارات السيوف. وأن هؤلاء القوم الذين بعثوا إليك لو كان فيهم صالح لكفوك مؤنة الحرب والقتال ، وطيبوا لك الطريق ، ولكان الوصول إليهم رأيا سديدا ، فالرأي عندنا أن ترجع عنهم ولا تقدم عليهم فقال له الحسين عليه‌السلام : صدقت يا عبد الله فيما تقول (لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً)(٢).

__________________

(١) شواهد التنزيل ١ : ٢٨٥.

(٢) تفسير كنز الدقائق ٥ : ٣٥١.

١٥٧

قوله تعالى :

(لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ.)

الأنفال الآية : ٤٨.

قال الإمام الحسين عليه‌السلام في خطبة له طويلة :

وأحذركم الإصغاء إلى هتوف الشيطان بكم فانه لكم عدو مبين فتكونوا كأوليائه الذين قال لهم (لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ) فتلقون للسيوف ضربا ، وللرماح وردا ، وللعمد حطما ، وللسهام غرضا.

ثم لا يقبل من نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا (١).

قوله تعالى :

(وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ.)

الأنفال الآية : ٧٥.

__________________

(١) الاحتجاج ٢ : ٢٣ ، كلمة الإمام الحسين عليه‌السلام : ١٥١.

١٥٨

كفاية الأثر : أخبرنا محمّد بن عبد الله المطلب الشيباني رضي الله عنه ، قال : حدثنا محمّد أبو بكر بن هارون الدينوري قال : حدثنا عبد الله بن إبراهيم الغفاري قال : حدثنا حريز بن عبد الله الحذاء عن إسماعيل بن عبد الله قال :

قال لي الحسين بن علي عليهما‌السلام : لما أنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن تأويلها؟

فقال : والله ما عني بها غيركم وأنتم أولو الأرحام ، فإذا مت فأبوك علي أولى بي وبمكاني ، فإذا مضى أبوك فأخوك الحسن أولى به فإذا مضى الحسن فأنت أولى به.

قلت : يا رسول الله فمن بعدي أولى بي؟

فقال : ابنك علي أولى بك من بعدك ، فإذا مضى فابنه محمّد أولى به من بعده ، فإذا مضى محمّد فابنه جعفر أولى به من بعده بمكانه ، فإذا مضى جعفر فابنه موسى أولى به من بعده ، فإذا مضى موسى ، فابنه علي أولى به من بعده ، فإذا مضى علي فابنه محمّد أولى به من بعده فإذا مضى محمد فابنه علي أولى به من بعده ، فإذا مضى علي فابنه الحسن أولى من بعده ، فإذا مضى الحسن وقعت الغيبة في التاسع من ولدك ، فهذه الأئمّة التسعة من صلبك (١).

__________________

(١) موسوعة كلمات الإمام الحسين عليه‌السلام : ٥٥٩.

١٥٩

قوله تعالى :

(وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.)

الأنفال : ٧٥.

عن أحمد بن محمّد بن الصقر ، عن محمّد بن العباس ، عن محمّد بن خالد بن إبراهيم ، عن إسماعيل بن موسى ، عن عبد الله بن محمّد ، عن أبيه ، عن عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد ، عن محمّد بن علي الباقر ، عن أبيه ، عن جده [الحسين بن علي] عليهم‌السلام قال : قال علي عليه‌السلام :

كانت لي من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عشر خصال ما يسرني بإحداهن ما طلعت عليه الشمس وما غربت.

فقال بعض أصحابه : بيّنها لنا يا علي.

قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : يا علي أنت الوصي وأنت الوزير وأنت الخليفة في الأهل والمال ، وليك وليي وعدوك عدوي ، وأنت سيد المسلمين من بعدي ، وأنت أخي وأنت أقرب الخلائق مني في الموقف ، وأنت صاحب لوائي في الدنيا والآخرة (١).

__________________

(١) الخصال : ٤٢٩ ، كتاب سليم بن قيس الهلالي : ٣٥٧ ، بحار الأنوار ٣٩ : ٣٣٨ ، تفسير جابر بن يزيد الجعفي : ٢٨٨.

١٦٠