تفسير الإمام الحسين عليه السلام

تفسير الإمام الحسين عليه السلام

المؤلف:


المحقق: السيد محمد علي الحلو
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: قسم الشؤون الفكريّة والثقافيّة في العتبة الحسينيّة المقدّسة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣١٩

قوله تعالى :

(وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ.)

هود : ١١٣.

عن الحسين بن علي عليهما‌السلام قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أوصى إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام وكان فيما أوصى به ... إلى أن قال : لا تركن إلى ظالم وإن كان حميما قريبا (١).

قوله تعالى :

(إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ.)

هود : ١١٤.

عن زيد بن علي عن أبيه عن جده [الحسين بن علي] عن علي عليهم‌السلام :

قال الصلوات الخمس كفارات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر وهو قول الله عزوجل : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ) قال : فسألناه ما الكبائر ، فقال قتل النفس المؤمنة وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة وشهادة الزور وعقوق الوالدين والفرار من الزحف واليمين الغموس (٢).

__________________

(١) تفسير كنز الدقائق ٦ : ٢٥١.

(٢) مسند زيد بن علي : ١١١.

١٨١

تفسير سورة يوسف

قوله تعالى :

(وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (٨٤) قالُوا تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ (٨٥) قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ.)

يوسف : ٨٤ ـ ٨٦.

عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم‌السلام قال : ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه‌السلام : فأما يعقوب قد صبر على فراق ولده حتى كاد يحرض من الحزن.

قال له علي عليه‌السلام : لقد كان ذلك وقد كان حزن يعقوب حزنا بعده تلاق ، ومحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبض ولده إبراهيم قرة عينه في حياته منه وخصه بالاختيار ليعظم له الادخار فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «تحزن النفس ويخرج القلب وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون ولا نقول ما يسخط الرب» في كل ذلك يؤثر الرضا عن الله عزوجل والاستسلام له في جميع الفعال (١).

__________________

(١) تفسير كنز الدقائق ٦ : ٣٦٠.

١٨٢

قوله تعالى :

(وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (١٠٠) رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ.)

يوسف الآية : ١٠٠ ـ ١٠١.

عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم‌السلام قال : إن يهوديا من يهود الشام وأحبارهم [جاء إلى مجلس فيه أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفيهم عليّ] قال لأمير المؤمنين عليه‌السلام فإن هذا يوسف قاسى مرارة الفرقة ، وحبس في السجن ترقبا للمعصية وألقي في الجب وحيدا. فقال له علي عليه‌السلام لقد كان كذلك ، ومحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قاسى مرارة الغربة وفراق الأهل والأولاد والمال ، مهاجرا من حرم الله ـ تعالى ـ وأمنه فلما رأى الله ـ عزوجل ـ كآبته واستشعاره الحزن أراه ـ تبارك وتعالى ـ رؤيا توازي رؤيا يوسف في تأويلها ، وأبان للعالمين صدق تحقيقها ، فقال (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ

١٨٣

وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ)(١) ولئن كان يوسف حبس في السجن ، فلقد حبس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نفسه في الشعب ثلاث سنين وقطع منه أقاربه وذووا الرّحم وألجأوه إلى أضيق المضيق ، ولقد كادهم الله عزوجل ـ كيدا مستبينا إذ بعث أضعف خلقه فأكل عهدهم الذي كتبوه بينهم في قطيعة رحم. ولئن كان يوسف ألقي في الجب فلقد حبس محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نفسه مخافة عدّوه في الغار حتى قال لصاحبه : (لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا) ومدحه الله بذلك في كتابه (٢).

تفسير سورة الرّعد

قوله تعالى :

(إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ.)

الرعد : ١١.

عن زيد بن علي عن أبيه عن جده [الحسين بن علي] عن علي عليهم‌السلام قال : خطب علي عليه‌السلام الناس فقال في خطبته : الحق طريق الجنة والباطل طريق النار ، وعلى كل طريق داع يدعو إلى طريقته فمن أجاب داعي الحق أداه إلى الجنة ومن أجاب داعي الباطل ساقه إلى النار.

__________________

(١) الفتح : ٢٧.

(٢) تفسير كنز الدقائق ٦ : ٣٦٥.

١٨٤

ألا وإن داعي الحق كتاب الله عزوجل فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم ، ومن عمل به أجر ، ومن خالفه دحر ، ألا وإن الداعي إلى الباطل عدوكم الذي أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونه ، ألا فاعصوا عدوكم وأطيعوا ربكم ، ومن أحق بكم من الله الذي خلقكم ثم رزقكم ، ثم يميتكم ثم يحييكم ، ألا وإنه عزوجل قال : (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) عباد الله فلا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون ، ألا وان لم تفعلوا فقد سلكتم سبيل من قد هلك (١).

قوله تعالى :

(الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ.)

الرعد الآية : ٢٩.

عن الرضا عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا علي أنت المظلوم بعدي وأنت صاحب شجرة طوبى في الجنة أصلها في دارك وأغصانها في دور شيعتك ومحبيك .. إلى آخر الحديث (٢).

__________________

(١) مسند زيد بن علي : ٣٨٩.

(٢) عيون الأخبار الرضا ١ : ٢٣٦ ح ١٢٥. تفسير كنز الدقائق ٦ : ٤٥٠.

١٨٥

تفسير سورة إبراهيم

قوله تعالى :

(يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ.)

إبراهيم الآية : ٤٨.

روى العياشي : عن ثوير بن أبي فاختة عن الحسين بن علي عليهما‌السلام قال : تبدل الأرض غير الأرض ، يعني بأرض لم تكتسب عليها الذنوب ، بارزة ليست عليها جبال ولا نبات كما دحاها أول مرة (١).

قوله تعالى :

(رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ.)

إبراهيم الآية : ٤١.

قال الحسين بن علي عليهما‌السلام في تفسيرقوله تعالى : (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ.)

قال : إنما نزلت : ولولدي إسماعيل وإسحاق (٢).

__________________

(١) البرهان ١٢ : ٣٢٣.

(٢) بحار الأنوار ١٢ : ٩٣ ، كنز الدقائق ٥ : ٢٠٨.

١٨٦

تفسير سورة الحجر

قوله تعالى :

(ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ.)

الحجر الآية : ٣.

عن الحسين بن علي عليهما‌السلام قال (١) : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن صلاح أول هذه الآية بالزهد واليقين ، وهلاك آخرها بالشح (٢) والأمل (٣).

قوله تعالى :

(وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ.)

الحجر الآية : ٨٧.

عن الحسين بن علي عليهما‌السلام قال : قال علي لبعض أحبار اليهود في أثناء كلام يعدد فيه مناقب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وزاد الله عز ذكره محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم السبع الطوال ، وفاتحة الكتاب وهي السبع المثاني والقرآن العظيم.

__________________

(١) تفسير نور الثقلين ٤ : ٧.

(٢) الشح بمعنى البخل.

(٣) تفسير نور الثقلين ٤ : ٧ ، تفسير نور الثقلين ٤ : ٣٤.

١٨٧

قوله تعالى :

(فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (٩٤) إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ.)

الحجر : ٩٤ ، ٩٥.

ابن بابويه قال حدثنا أحمد بن الحسن القطان ، قال حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمّد الحسيني قال : حدثنا أبو العباس محمّد بن علي الخراساني قال حدثنا أبو سعيد سهل بن صالح العباسي عن أبيه وإبراهيم بن عبد الرحمن الابلي ، قال حدثنا موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال حدثني جعفر بن محمّد قال حدثني أبي محمّد بن علي قال حدثني أبي علي بن الحسين قال حدثني أبي الحسين بن علي عليهم‌السلام ، ان أمير المؤمنين عليه‌السلام قال ليهودي من يهود الشام وأحبارهم وقد أخبره فيما أجابه عنه من جواب سائله : فأما المستهزئون فقال الله عزوجل و (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) فقتل الله خمستهم قد قتل كل واحد منهم بغير قتلة صاحبه في يوم واحد ، أما الوليد بن المغيرة فانه مر بنبل لرجل من بني خزاعة قد راشه ووضعه في الطريق فأصابته شظية منه فانقطع أكحله حتى أدماه فمات وهو يقول قتلني رب محمّد ، وأما العاص بن وايل السهمي فإنه خرج في حاجة له إلى موضع فتدهده تحته حجر فسقط فتقطع قطعة قطعة فمات وهو يقول قتلني رب محمّد ، وأما الأسود بن عبد يغوث فانه خرج يستقبل ابنه زمعة ومعه غلام له فاستظل بشجرة تحت كدي فأتاه جبرائيل فأخذ رأسه فنطح به الشجرة فقال لغلامه امنع عني هذا ، فقال : ما أرى أحدا يصنع بك شيئا إلا نفسك فقتله وهو يقول قتلني رب محمّد.

١٨٨

ثم قال ابن بابويه قال مصنف هذا الكتاب ويقال في خبر آخر في الأسود قول آخر ، إن النبي قد كان دعا عليه أن يعمي الله بصره وأن يثكله ولده ، فلما كان في ذلك اليوم جاء حتى صار إلى كدي فأتاه جبرائيل بورقة خضراء فضرب بها وجهه فعمي وبقي حتى أثكله الله عزوجل بولده يوم بدر ثم مات.

وأما الحارث بن الطلاطلة فانه خرج من بيته في السموم فتحول حبشيا ، فرجع إلى أهله فقال أنا الحارث فغضبوا عليه وقتلوه وهو يقول قتلني رب محمّد ، وأما الأسود بن الحارث فانه أكل حوتا مالحا فأصابته غلبة العطش فلم يزل يشرب الماء حتى انشق بطنه فمات وهو يقول قتلني رب محمّد ، وكل ذلك في ساعة واحدة ، وذلك أنهم كانوا بين يدي رسول الله ، فقالوا يا محمّد ننتظر بك إلى الظهر فان رجعت عن قولك ، وإلا قتلناك ، فدخل النبي منزله فأغلق عليه بابه مغتما بقولهم ، فأتاه جبرائيل ساعته ، فقال له يا محمّد السلام يقرأ عليك السلام وهو يقول : إصدع بما تؤمر» يعني أظهر أمرك لأهل مكة وأدع وأعرض عن المشركين. قال يا جبرائيل كيف أصنع بالمستهزئين وما أوعدوني؟ قال إنا كفيناك المستهزئين؟ قال يا جبرائيل كانوا عندي الساعة بين يدي ، فقال قد كفيتهم ، فأظهر أمره عند ذلك (١).

وفي الاحتجاج عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين عليه‌السلام قال إن يهوديا من يهود الشام وأحبارهم ... إلى آخر الحديث السابق.

__________________

(١) البرهان ١٤ : ٣٥٥.

١٨٩

تفسير سورة النّحل

قوله تعالى :

(إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ.)

النحل : ٢٣.

مر الحسين بن علي عليهما‌السلام بمساكين قد بسطوا كساء لهم فألقوا عليه كسرا فقالوا : هلم يا ابن رسول الله ... فأكل معهم ، ثم تلى : (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) ثم قال : قد أجبتكم فأجيبوني. قالوا : نعم يا ابن رسول الله ... فقاموا معه حتى أتوا منزله. فقال للرباب : أخرجي ما كنت تدخرين (١).

قوله تعالى :

(إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ.)

النحل الآية : ١٢٨.

روى ان محمّد بن بشر الهمداني وسفيان بن ليلى الهمداني أتيا الحسين بعد صلح الحسن عليهما‌السلام فقال : ليكن كل امرئ منكم حلسا من احلاس بيته ما دام هذا الرجل [أي معاوية] حيا فان يهلك وأنتم أحياء رجونا ان يخير الله لنا ويؤتينا رشدنا ولا يكلنا إلى أنفسنا و (إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ)(٢).

__________________

(١) تفسير العياشي ٢ : ٢٥٧ ح ١٥ ، كملة الإمام الحسين عليه‌السلام : ١١٩.

(٢) أنساب الأشراف ٣ : ١٥٠ ، أدب الحسين وحماسته : ٨٤.

١٩٠

تفسير سورة الإسراء

قوله تعالى :

(سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ.)

الإسراء الآية : ١.

روى أبو عبد الله الصادق عليه‌السلام بسنده عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لما أسري بي إلى السماء حملني جبرائيل على كتفه الأيمن ، فنظرت إلى بقعة بأرض الجبل حمراء أحسن لونا من الزعفران وأطيب ريحا من المسك ، وإذا فيها شيخ على رأسه برنس ، فقلت لجبرائيل ، ما هذه البقعة الحمراء التي هي أحسن لونا من الزعفران وأطيب ريحا من المسك؟. قال : بقعة شيعتك وشيعة وصيك علي عليه‌السلام.

فقلت : من الشيخ صاحب البرنس؟ قال : إبليس. قلت : فما يريد منهم؟

قال : يريد أن يصدهم عن ولاية أمير المؤمنين ويدعوهم إلى الفسق والفجور.

قلت : يا جبرائيل اهو بنا إليهم فأهوى بنا إليهم أسرع من البرق الخاطف والبصر اللامح.

١٩١

فقلت : قم يا ملعون فشارك أعداءهم في أموالهم وأولادهم ونسائهم ، فان شيعتي وشيعة علي ليس لك عليهم سلطان (١).

وعن محمّد بن علي الجواد عن آبائه الطاهرين عليهم‌السلام عن جده الحسين بن علي عليهما‌السلام : قال : دخلت أنا وفاطمة.

قوله تعالى :

(وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً.)

الإسراء الآية : ٢٦.

عن الحسين بن علي عن علي عليهما‌السلام قال : لما نزلت (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) دعا رسول الله فاطمة عليها‌السلام فأعطاها فدكا (٢).

قوله تعالى :

(إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ.)

الإسراء الآية : ٣٦.

__________________

(١) تفسير نور الثقلين ٤ : ١٢١.

(٢) شواهد التنزيل ١ : ٤٤٢.

١٩٢

عن أبي القاسم علي بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقاق قال : حدثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي قال (١) : حدثنا سهل بن زياد الآدمي عن عبد العظيم بن عبد الله الحسين قال : حدثني سيدي علي بن محمّد بن علي الرضا عن أبيه محمّد بن علي عن أبيه الرضا عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

إن أبا بكر مني بمنزلة السمع ، وإن عمر مني بمنزلة البصر ، وإن عثمان مني بمنزلة الفؤاد.

قال : فلما كان من الغد دخلت إليه وعنده أمير المؤمنين عليه‌السلام وأبو بكر وعمر وعثمان فقلت له :

يا أبة سمعتك تقول في أصحابك هؤلاء قولا فما هو؟

فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نعم.

ثم أشار إليهم فقال : هم السمع والبصر والفؤاد ، ويسألون عن وصيي هذا ، وأشار إلى علي عليهم‌السلام : ثم قال :

إن الله عزوجل يقول : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) ثم قال : وعزة ربي إن جميع أمتي لموقوفون يوم القيامة ومسؤولون عن ولايته وذلك قول الله عزوجل (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ.)

__________________

(١) عيون أخبار الرضا ١ : ٢٨٠.

١٩٣

بيان : لعل مراده في تأويل يظن الآية أنهم لشدة خلطتهم ظاهرا واطلاعهم على ما أيداه في أمير المؤمنين عليه‌السلام بمنزلة السمع والبصر والفؤاد فتكون الحجة عليهم أتم ، ولذا خصوا بالذكر في تلك الآية مع عموم السؤال لجميع المكلفين (١).

قوله تعالى :

(وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً.)

الإسراء الآية : ٤٥.

عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم‌السلام عن الحسين بن علي عليهما‌السلام قال : أن يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه‌السلام : إن إبراهيم عليه‌السلام حجب عن نمرود بحجب ثلاثة.

فقال علي عليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حجب عمن أراد قتله بحجب خمسة ... إلى قوله : ثم قال : (وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً) فهذا الحجاب الرابع ... إلى آخر قوله عليه‌السلام (٢).

__________________

(١) كنز الدقائق ٥ : ٥٢٠.

(٢) تفسير نور الثقلين ٤ : ٤٥.

١٩٤

قوله تعالى :

(يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ.)

الإسراء الآية : ٧١.

قال الإمام الحسين عليه‌السلام في تفسير هذه الآية :

إمام دعا إلى هدى فأجابوه إليه ، وإمام دعا إلى ضلالة فأجابوه إليها هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار وهو قوله عزوجل :

(فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ)(١).

قوله تعالى :

(يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ.)

الإسراء الآية : ٧١.

روى الخوارزمي في مقتل الإمام الحسين عليه‌السلام : سار حتى إذا صار «بذات عرق» لقيه رجل من ـ بني أسد ـ يقال له بشر بن غالب فقال له الحسين «ممن الرجل»؟ قال من بني أسد ، قال «فمن أين أقبلت» قال : من العراق قال : «كيف خلفت أهل العراق» فقال : يا ابن رسول الله! خلفت القلوب معك

__________________

(١) الشورى : ٧.

١٩٥

والسيوف مع بني أمية ، فقال له الحسين «صدقت يا أخا بني أسد إن الله تبارك وتعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد فقال له الأسدي : يا ابن رسول الله! أخبرني عن قول الله تعالى : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ)(١).

فقال له الحسين عليه‌السلام «نعم ، يا أخا بني أسد! هما إمامان : إمام هدى دعا إلى هدى وإمام ضلالة دعا إلى ضلالة ، فهذا ومن أجابه إلى الهدى في الجنة ، وهذا ومن أجابه إلى الضلالة في النار» (٢).

قوله تعالى :

(وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً.)

الإسراء الآية : ٧٩.

عن موسى بن جعفر عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم‌السلام قال : قال علي عليه‌السلام وقد ذكر مناقب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ووعده المقام المحمود ، فإذا كان يوم القيامة أقعده الله تعالى على العرش : إلى آخر الحديث (٣).

__________________

(١) الإسراء الآية : ٧١.

(٢) مقتل الخوارزمي ١ : ٢٢١ عنه موسوعة كلمات الإمام الحسين عليه‌السلام : ٣٣٧.

(٣) تفسير نور الثقلين ٤ : ٢٢٩.

١٩٦

تفسير سورة الكهف

قوله تعالى :

(وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً.)

الكهف الآية : ٥١.

جاء في مقتل الحسين عليه‌السلام لأبي مخنف ان الحسين عليه‌السلام قام يتمشى إلى عبد الله بن الحر الجعفي وهو في فسطاطه حتى دخل عليه وسلم عليه فقام إليه ابن الحر وأخلى له المجلس ، فجلس ودعاه إلى نصرته فقال ابن الحر : والله ما خرجت من الكوفة إلّا مخافة أن تدخلها ، ولا أقاتل معك ، ولو قاتلت لكنت أول مقتول ، ولكن هذا سيفي وفرسي فخذهما ، فأعرض عنه بوجهه ، فقال : إذا بخلت علينا بنفسك فلا حاجة لنا في مالك (وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً)(١).

قوله تعالى :

(وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً.)

الكهف الآية : ٨٢.

__________________

(١) تفسير نور الثقلين ٤ : ٢٩٦.

١٩٧

قال الحسين عليه‌السلام لنافع بن الأزرق : يا بن الأزرق إني أخبرت أنك تكفّر أبي وأخي وتكفرني؟

قال له نافع : لئن قلت ذلك لقد كنتم الحكام ومعالم الإسلام ، فلما بدلتم استبدلنا بكم.

فقال له الحسين :

يا ابن الأزرق أسألك مسألة فأجبني عن قول الله لا إله إلا هو (وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما) إلى قوله (كَنْزٌ لَهُما) من حفظ فيهما؟

قال : أبوهما.

قال : فأيهما أفضل ، أبواهما أم رسول الله وفاطمة؟

قال :

لا ، بل رسول الله وفاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

قال : فما حفظهما حتى خلى بيننا وبين الكفر؟

فنهض ثم نفض ثوبه ثم قال :

نبأنا الله عنكم معشر قريش أنتم قوم خصمون ... إلى آخر الحديث (١).

__________________

(١) تفسير نور الثقلين ٤ : ٣١٨.

١٩٨

تفسير سورة مريم

قوله تعالى :

(كهيعص.)

مريم الآية : ١.

عن الإمام الحسين بن علي عليهم‌السلام أنه سأله رجل عن معنى (كهيعص) فقال له : «لو فسرتها لك لمشيت على الماء» (١).

أقول : والظاهر من قوله عليه‌السلام ذلك ، أن فيها الاسم الأعظم ، أو ما يكون أقرب إلى الاسم الأعظم ، بحيث لو وقف على أسرارها لكانت له بمنزلة الاسم الأعظم في أثرها وتأثيرها التكويني حتى يكاد عارفها أن يمشي على الماء وما إلى ذلك من الآثار العظيمة ، والله أعلم.

قوله تعالى :

(يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا.)

مريم الآية : ٧.

كان الحسين بن علي عليهما‌السلام يذكر يحيى بن زكريا في كل موطن من

__________________

(١) موسوعة كلمات الإمام الحسين عليه‌السلام : ٥٦١.

١٩٩

مواطن نزوله ورحيله ، وكان عليه‌السلام يشبّه شهادته بمقتل يحيى مقارنا حاله بحال يحيى وما يؤول إليه أمره.

روى علي بن الحسين عليهما‌السلام قال : خرجنا مع الحسين بن علي عليهما‌السلام فما نزل منزلا ، ولا رحل منه إلا ذكر يحيى بن زكريا ومقتله ، وقال : ومن هوان الدنيا على الله أن رأس يحيى بن زكريا أهدي إلى بغي من بغايا بني إسرائيل (١).

قوله تعالى :

(يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا.)

مريم الآية : ١٢.

عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم‌السلام قال : إن يهوديا من يهود الشام وأحبارهم ، قال لأمير المؤمنين عليه‌السلام فهذا يحيى بن زكريا ، قال : إنه أوتي الحكمة صبيا والحلم والفهم وإنه كان يبكي من غير ذنب. وكان يواصل الصوم قال له علي عليه‌السلام لقد كان كذلك. ومحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعطي ما هو أفضل من هذا إن يحيى بن زكريا كان في عصر لا أوثان فيه ، ولا جاهلية ومحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أوتي الحكم والفهم صبيا بين عبدة الأوثان وحزب الشيطان. فلم يرغب لهم في صنم قط ولم ينشط لا عبادهم

__________________

(١) تفسير نور الثقلين ٤ : ٣٥٥.

٢٠٠