تفسير ابن عرفة - ج ٣

أبي عبدالله محمّد بن محمّد بن عرفة الورغمي

تفسير ابن عرفة - ج ٣

المؤلف:

أبي عبدالله محمّد بن محمّد بن عرفة الورغمي


المحقق: جلال الأسيوطي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
2-7451-5181-9

الصفحات: ٤١٦

١
٢

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الحجر مكية

قوله تعالى : (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا).

ابن عرفة : انظر هل يؤخذ منها أن الزائد على الشبع حرام لأن الآية خرجت مخرج الذم لهم والذم على تحصيل القوت ليس يحسن قال : ويجاب بأن الذم على المجموع وهو أكل القوت والتمتع واللهو.

قوله تعالى : (بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ).

لا يستقل الكلام فالجواب : أنه أفاد الإخبار بكمال عبادتهم وأنهم جماعة كثيرون وتعدد الأشخاص مظنة التفطن والتفهم ومع هذا فكلهم يتعامون وتعمهم الضلالة ولا يصدق إلى الإيمان به بوجه.

قوله تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ).

قال بعضهم : هذا دليل على إبطال القول بحوادث لا أول لها وهل هذا كقولك هذا شراب من عسل من خل ، أو كقولك هذا من سكر من قصب ، أو كقولك هذا عسل من تمر بمعنى أن العسل يستخرج من التمر قال هو من الثاني.

قوله تعالى : (إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ).

قوله تعالى : (كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ).

الكاف في موضع رفع على أنها خبر مبتدأ أو في موضع نصب صلة لمصدر محذوف فعلى الأول.

قال الزمخشري : مثل ذلك (نَسْلُكُهُ) أبو حيان : الأمر كذلك ورد الخولاني بأنه لا رابط بينه وبين (نَسْلُكُهُ) والمقام مقام الوصل فما قاله أن الزمخشري أصح.

قوله تعالى : (لا يُؤْمِنُونَ بِهِ).

قالوا حال ، قال الخولاني : مما قيل له من المجرمين ، فقال : لا تأتي الحال من المضاف إليه حسبما قال ابن مالك : والحال لا تأتي من المضاف إليه إلا إذا اقتضى المضاف إليه علمه أو كان بعض ما أضيف إليه كبعض من غيره من قدموا وكذلك تأنيث الفعل إذا كان فاعله المذكور مضافا لمؤنث هو جزء منه أو كالجزاء كقوله تعالى : (يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ) [سورة يوسف : ١٠] ومثال إتيان الحال من

٣

المضاف إليه قوله تعالى : (مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً ، إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً) [سورة المائدة : ٤٨] ورده أبو حيان : بأن ذلك كله منصوب على معنى أمدح قال وليس لإتيان الحال من المضاف إليه نظير ، قيل للخولاني : كما صح تأنيث الفعل تنزيلا للمضاف منزلة المضاف إليه كذلك يصح إتيان الحال من المضاف إليه فقال لا نظير له قبل قد أنشد عليه ابن عصفور في شرح الإيضاح :

أرى أربابهم متقلّديها

إذا صد الكماة من الحديد

ولا يصح تأويل هذا على المدح ، قال الخولاني : ويمتنع كون لا يؤمنون حالا لأنه منفي بلا ولو كان حالا لكان بالواو ونقل ذلك عن ابن عرفة قال : بابا في السماء لأن من الابتداء الغاية يستدعي على المنهي والباب مبتدأه ومنتهاه في السماء ، فقال الظرفية : [٤٦ / ٢٢١] تصدق بأدنى شيء وبأدقّ الأحوال فتجعل من التبعيض.

قوله تعالى : (بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ).

ابن عرفة : هذا إضراب انتقال لأنهم إنما أضربوا عن مفهوم قوله : (سُكِّرَتْ أَبْصارُنا) لأن مفهومه أن باقي حسدهم لا ينكر وما ذاك صحيحا فأضربوا عن هذا المفهوم وقالوا : يك جميع ذواتنا مسحورة ولو كان إضراب إبطال للزم عليه أن تكون أبصارهم غير مسحورة وليس ذلك مرادهم وقوله تعالى : (إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا) ظاهرة وكالمناقض بقوله : (بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ).

قوله تعالى : (وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ).

قال ابن عرفة : الوصف بالأخص هو القرآن والذكر وصف أعم فلم عبروا بالأعم دون الأخص ، قال : والجواب أن في التفسير بالأخص تنبيه لذلك المعجزات الذي ورد بها القرآن وهم متعبدهم ذلك وأخذاه وانظر إلى المثل السائر ذكر بني الظعن وكنت غافلا قوله : (إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ) قال ابن زين : أرادوا أن اتصافه بما جاء به من الوحي مستفاد من الجن الذي يسترقون السمع ، فرده ابن عرفة وقال : إنهما أرادوا به جنون.

قوله تعالى : (ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ).

يحتمل وجهين أحدهما : لأن حكمة الله تعالى جارية في أن نزل الملائكة لغير النبي إنما هو للانتقام منه أو لبعض روحه ، الثاني : أن حكمة الله تعالى جرت في إيمان خلقه إنما يكون نظر ما بالدليل والبرهان ولو نزلت الملائكة لاضطر خلقه إلى الإيمان لأنهم رأوا الحق عيانا والمعجزات التي أمر بها أصحابه ولم يروها ورأيناها نحن عيانا

٤

لأن في القرن الثامن وقد شاهدنا القرآن محفوظا عن المخالفة باقيا على حاله لم يتبدل فيه شيء بوجه ولما عرف القاضي عياض في المدارك وإسماعيل القاضي قال : حدثنا عمرو المغربي عن أبي المساني القاضي قال : كنت عند إسماعيل يوما فسئل في إجازة التبديل على أهل التوراة ولم يجز على أهل القرآن ، فقال قال تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) فلم نجزيه التبديل عليه فذكر ذلك للمحاملي ، فقال : ما سمعت كلاما أحسن من هذا ، وقال عياض : وبمثله أجاب محمد بن وضاح لنصراني سأله عن هذا بينه.

قوله تعالى : (إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ).

نقل ابن عطية هنا خلافا في إبليس هل هو من الملائكة قال : والظاهر من هذه ومن كثير من الأحاديث أنه من الملائكة واستبعده ابن عرفة : لأن الملائكة معصومون قاله الأصوليون ، وحكى الطبراني عن ابن عباس : إن الله تعالى خلق ملائكة وأمرهم بالسجود لآدم فأبوا فأرسل عليهم نارا ، ورده ابن عرفة بثبوت العصمة للملائكة.

قوله تعالى : (رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي).

الزمخشري : قسم هنا بالإغواء وفي ص (قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) [سورة ص : ٨٢] أقسم هنا بالفعل وهناك بالصفة قال فعادتهم يقولون هذا مناقض لأصل الزمخشري ولأنه ينفي الصفات جملة يقولون إن الله سميع لا يسمع ولا يبصر عالم لا يعلم مريد لا بأرادة قادر لا بقدرة بل سميع بذاته بصير بذاته.

قوله تعالى : (الْمُخْلَصِينَ).

قلت لابن عرفة : (الْمُخْلَصِينَ) يغويهم ولا يسمعون منه ، فقال : بل لا يقدر على إغوائهم بوجه لكن زين لهم فقط لأن التزيين هو تحسين القبائح والإغواء هو الحمل على الوقوع فيها فالإغواء يستلزم الفعل والتزيين لا يستلزم فقوله : (إِلَّا عِبادَكَ) مستثنى من الإغواء لا من التزيين فالمخلصون يزين لهم ولا يغويهم.

قوله تعالى : (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ).

ابن عطية : الطبقة الأولى جهنم ، الثانية : الحطمة وهي طبقة اليهود ، والثالثة : السعير وهي طبقة النصارى ، وقال القونوي عكس هذا إن النصارى في الثانية ، واليهود في الثالثة ، وضعفه ابن عرفة قال : لأنهم مهما كثرت الرسل كانت عقوبة مكذبها ، وقوم موسى كفروا بموسى فقط والنصارى كفروا بعيسى وهو بعد موسى فعذابهم أشد لأنه سبقه من الأنبياء كثير دعوا إلى مثل ما دعا هو قومه.

٥

قوله تعالى : (لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ).

الضمير عائد على الغاوين.

قوله تعالى : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ).

ابن عرفة : قالوا إما كونهم مظروفين في الجنة فظاهر وإما حلولهم في العيون فلا يتصور فلابد من حذف مضاف أي في نعيم جنات وعيون ، قال : وهذا إما مجاز تسمية الشيء بما يؤول إليه أو من مجاز التقليب لأن المتقين ليس لهم حين نزول الآية في الجنان إذ هم أحياء لم يمت منهم إلا القليل أو غلب من مات على ممن لم يمت ، كما قال : وإن الشهداء عند ربهم يرزقون.

قوله تعالى : (ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ).

قال بعضهم : (بِسَلامٍ) متعلق بمحذوف (آمِنِينَ) منصوب بادخلوا فالسلام صفة للقائلين والأمر صفة للداخلين معناه يقال لهم بسلام ادخلوها أمنين أي يقال لهم : سلام عليكم.

قوله تعالى : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ).

قال بعضهم : هذا دال على أن الغل لنا في التقوى ، قيل لابن عرفة : لعل الغل في قلوبهم وهم يجاهدونه ، فقال هذه صفة ممدوحة وهذا إن كان النزع في الآخرة وإن كان في الدنيا فلا كلام ، وقال ابن عرفة مرة أخرى : هذه الآية تدل على أن التقوى مساوية للإيمان وليست أخص قسمة بخلاف غيرها من الآيات إذ لو كانت أخص منه لما كان في قلوبهم غل.

قال الزمخشري : وعن الحارث الأعور كنت جالسا عند علي بن أبي طالب إذ جاءه ابن طلحة ، فقال له علي : مرحبا بكم يا ابن أخي أما أنا والله لأرجو أن أكون أنا وأبوك ممن قال الله تعالى في حقه : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ) فقال له قائل :

كلام الله أعدل من أن يجمعك وطلحة في مكان واحد ، فقال : لمن هذه الآية لا أم لك.

قال ابن عرفة : لأن طلحة كان يقاتل عليا مع معاوية.

قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ).

قال القاضي عياض في المدارك : لما عرف بعيسى ابن سعادة من مشاهير العرب قال ، قال أبو الحسن القابسي : لما أتينا مرة ابن محمد الحافظ أنا وعيسى بن سعادة

٦

والأصيل واقعناه نازلا من درج مسجد ، وقال من هؤلاء قول معاوية فوقف فسلمنا عليه ثم رجع فقعد ونظر في وجوهنا فقال ما أدري إلا خيرا حدثونا عن محمد بن كثير عن سفيان الثوري عن معمر بن قيس الملاي عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : " احذروا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله تعالى (١) " وتلا (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ).

قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ).

قال ابن عرفة : كان بعض البغداديين يقول إنما خصص لفظ السبع هنا لأن العدد الكامل الزائد على العدد التام إلا جزءا لأن الستة عدم تام الأجزاء قال : وعادتهم يجيبون إيتاء النعم والسكوت وتناسبها وهو أكمل من إتيانها والمد بها حسبما نبه عليه الزمخشري في سورة البقرة ، وأنشد عليه :

وإن امرى أسدى إلى بنعمة

وذكر فيها مرة لبخيل

ولا شك أن المقام شريف فلما ذكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بهذه النعمة ، قال : واجب بوجهين أحدهما : أن التذكير بالنعمة الماضية إن كان إشعارا بورود نعمة أخرى في المستقبل فلا شيء فيه ، وإنما يكون امتنانا إذا لم يشعر بوروده نعمة أخرى في المستقبل وعليه قوله تعالى : (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى) [سورة الضحى ٥ ، ٦] الثاني : إنه ذكرها ليرتب عليها أمرا تكليفيا فيكون داخل في مقام الامتثال.

ابن عرفة فإن قلت : الجملة الثانية كانت مسببة من الأولى فهلا عطفت بالفاء فكان يقال : فلا تمدن عينيك ، فالجواب : إنه لما كانت السببية ظاهرة أغنت عن الإتيان بالفاء والله المستعان والتوفيق.

__________________

(١) أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء حديث رقم : ١٥٦٧٦.

٧

سورة النحل

مكية إلا ثلاثة آيات في آخرها.

قوله تعالى : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ).

ابن عطية : إخبار عن إتيان بما سيأتي على جهة التأكيد وإن كان الخبر حقا لأنه لوضوحه كأنه قد وقع وإنما يجوز ذلك عندي لمن يعلم قرينة التأكيد ويفهم المجاز وإن كان المخاطب لا يفهم المجاز فلا يجوز وضع الماضي بوضع المستقبل [٤٦ / ٢٢٢] لأن ذلك يوجب الكذب.

قال ابن عرفة : عادة الطلبة يوردون عليه بقول أبي بكر لمن سأله النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم هذا هاد يهدي إلى الطريق ، وقوله نحن ما وتقدم الجواب بأن كلام أبي بكر من استعمال الأعم في بعض إخصائه والقرينة ، وقول ابن عطية : من نقل اللفظ حقيقة إلى مجازه فلابد فيه من الملازمة الذهنية.

قوله تعالى : (فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ).

يتناول الطائع والعاصي ، فالطائع مخاصم لإظهار الحق ، والعاصي مخاصم بالباطل فهو من الكلام المتناول للشيء ونقيضه كقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم" إذا لم تستح فأصنع ما شئت".

قوله تعالى : (لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ).

هذا ترق لأن الدفء ميسر قريب إذ ليس فيها إلا إزالة صوفها ووبرها والانتفاع بها فليس عليها فيه مضرة ثم الامتناع بالمنافع أقوى لأن تسخيرها والحمل عليها وهذا مما لا يقدر الإنسان على فعلها ولا ما أتيح له فيها تكلف ومشقة عليها ثم الإنسان ما لا يأكل منها أقوى من ذلك وأشد لأن فيه بها وهذا لا يقدر الإنسان عليه لأنها محرمة فكيف تذبح وما أباح الله لنا ذلك.

قوله تعالى : (وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ).

وقدم الرواح وإن كان متأخرا في الوجود عن السراح لأن الجمال فيها حض الرواح أكثر لكونها ترجع مستعانة البطون ورد بأن ، قيل : هلا قصد الترقي فهو أحسن من التدلي ، وأجيب : بأنه إنما قدم المؤخر لأن الجمال حين الرواح كثير والجمال حين السراح إنما يكون عن جمالها في الرواح فإن [.....] بأنه سرحت من الغد جميلة وإن راحت ما فيه لم يكن بينها حين السراح جماله بوجه.

٨

قوله تعالى : (وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ).

قال ابن عرفة : لما ذكر الدلائل الفعلية قال من الناس من هداه الله بها فاهتدى ومنهم من ضل فجار وما لها اهتدى.

قوله تعالى : (لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ).

صح صيغ الابتداء بالنكرة لأن فيها حتى التفصيل.

قوله تعالى : (وَمِنْهُ شَجَرٌ).

ابن عطية : عن عكرمة اجتنبوا ثمر الشجر فإنه سمت.

ابن عرفة : يريد به كلأ الأرض لحديث النهي عن [.....] الكلأ حسبما ذكره في كتاب [.....] وكلام عكرمة نص في إطلاق الشجر على ما ليس له ساق فعلى هذا يكون لفظ الشجر مشتركا بين الكل والجزء وقدم المجرور لشرف السماء وعظم خلقها.

قوله تعالى : (يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ).

قدمه لعموم الحاجة إليه من الحيوان العاقل وغيره ويقدر أن الأمر على ثلاثة أقسام ضرورية وحاجيه وتكميلية وترتيبه فقدم الزرع لدعوى الضرورة العامة إليه وقدم الزيتون على التمر ما يوقد به فهو تكميل للقوت والتمر ما يتفكه به فهو ترتيبي فكان أدون لأنه زائد على القوت عصر وقدم التمر على العنب لأن الخطاب لأهل الحجاز ليس بأرضهم إلا التمر فهو عندهم أشرف من العنب لأن محبته الإنسان طالما يعاهد وأدى عليه أقوى من مجيئه لغيره فالترتيب وهذا على صحة النقل ، جمع العنب لظهور الاختلاف في أنواعه لأن منه الأبيض والأكحل والأحمر فاختلافه في أنواعه بالطعم واللون والجرم والتمر إنها الاختلاف في أنواعها بالطعم والجرم فقط وانظر على هذا التقسيم المستوفى ، كقوله :

فراحوا في الآبار ومثله قليل

وبعض لا وبالبحر هارب

وكقول الآخر :

فقال فريق القوم لا وفريقهم

نعم وفريق ايمن الله لا ندري

وكقوله الآخر :

فهنا كسبي لم يكن أو كفارح

به الدار أو محنية المقام

٩

كقوله تعالى : (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً) [سورة الشورى : ٤٩] وليس ثم غير هذا.

قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ) لآيات (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).

أفرد الأول والآخر وجمع الوسطى لأن الأول تقدمتها آية أرضية والوسطى تقدمتها آية سماوية وهي أكثر من الآيات الأرضية (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ) [سورة غافر : ٥٧] أو يقال : إنما جمع الثانية إشارة إلى أنها نهي الأولى [...] ويحتمل أنه تعالى لو كانت الثانية نعمة سماوية وهي أشرف وأجل وأطهر من النعمة الأرضية جعل كل واحد منها على انفراد وآية لشهرته وظهوره أو لأن المذكورات أولا راجعة إما مجرد القوت أو الوصف الثالث وكلاهما شيء واحد بخلاف الثانية ، وقال في الأولى تفكرون لأنها أمور عادية إذ حصول الشراب [.....] أمر عادي وقد لا يكون عنه شيء وتسخير الليل والنهار والقمر أمر عقلي وليس بمادي ، والثالث : يقال لمن لقن الحجة والدليل بعد أن كان نفسه فهو أمر تذكيري فلذلك قال : (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).

قوله تعالى : (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ).

قدم الليل إما لأنه عدم والعدم سابق على الوجود أو لأن [.....] لنا يؤرخون الليالي وأول الشهر ليلة وقدم الشمس وإن كانت مؤنثه لأن ضوء القمر مستمد منها. ابن عرفة : أفرد الآية أولا إذ هي امتنان بنعمة أرضية ثم جميعها لأن الثانية امتنان بنعم سماوية أجلّ وأشهر من الأرضية فكل واحد منها آية وكذلك قال في الثانية (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) لأنها تعلم بمجرد العقل من غير تفكر ولا تأمل وفي الآيات الأرضية لا تعلم إلا بقدر زائد على العقل والتفكر ، وقال ابن الخطيب : الفكر في إعمال الفكر بطلب الفائدة والمذكورات راجعة لباب القوت وكل الناس محتاج إليه فعند ذلك يتفكرون النعم فيشكرونه ، وأما الثانية فيراها أعلى رتبة إذ منافعها أخص واغمض فيستحق صاحبها الوصف بما هو أعلا وأغمض وهو العقل.

ابن عرفة : وقوله يذكرون إنما جاء به أخيرا لآن التفكير ناشئ عن التفكر ولهذا اختلفوا فذهب بعض الحكماء إلى أن العلوم كلها تذكر به وأن النفوس كانت عالمة بكل علم فلما خالطت الأبدان ذهب عنها ذلك بكل ما تعلمه إنما هو تذكر كل ما كان وذهب ، ومذهب الجمهور أن أكثرها تفكر وبعضها تذكر فالتفكر لما لم يعلمه والتذكر لما علمه وتثنيته فلذلك جعله ثالثا.

قوله تعالى : (مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ).

١٠

قال الزمخشري : مختلف الهيئات والمناظر ، وقال ابن عطية : أي أضافه كقوله ألوان من التمر لأن المذكورات أصناف عدت في النعمة والانتفاع بها على وجوه ولا يظهر الأمر حيث تلونها حمرة وصفرة وغير ذلك ويحتمل أن تكون تنبيها على اختلاف ألوانها حمرة وصفرة ، قال : والأول ابن عرفة لأنه اختلف بالأمور الذاتيات وهو أجل من الاختلاف بالأمور العرضية.

ابن عرفة : وفي الآية ردّ على الطبائعية لأنه لو كان أفعال الطبيعة لاختلف فبطل كون الأرض تفعيل بطبعها.

قوله تعالى : (لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا).

وصفه بالطري لوجهين الأول ، قال ابن عطية : لسرعة النتوئة للحوت فالأسنان إنما هو بالطري منه ، الثاني لابن عرفة : قالوا إن الخطاب لن يصل إليهم لبعد البحر عنهم فكأنه ، قيل : لهم في البحر المنعم عليكم مع نعمة لن تشاهدوها فتعرفوها وهي التلذذ بأكل السمك طريا لأنه أطيب من المملح.

قال الزمخشري : إذا حلف أن لا يأكل لحما حنث بأكل السمك وهو حنفي المذهب وعندنا فيه قولان ، فقال ابن القاسم : يحنث ، وقال أشهب : لا يحنث ، وقال ابن الخطيب : إن أبا حنيفة سئل عن من حلف أن لا يجلس على بساط فجلس على الأرض ، فقال : لا يحنث فأخبر بذلك أبو سفيان فقال : الأرض بساطا قال الله (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً) فكيف لم يحنث وقد حنث أن لا يأكل لحما فأكل الحوت فأخبر بذلك أبو حنيفة فقال : تسمية الأرض مجازا بخلاف تسمية الحوت لحما.

قوله تعالى : (وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها).

ابن عطية : هي اللؤلؤ أو المرجان قال والمراد البحرين بالحلو والمالح ، وقال في سورة الرحمن في قوله تعالى : (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) [سورة الرحمن : ٢٢] إنه إنما يخرج من المالح.

ابن عرفة : وفدا جزء في الأمير أبو حسن المزيد أنهم استخرجوا من وادي رقاق شبه الجوهر واستشهد ببعض الحاضرين وكذلك سمعت أنهم خرجوا من موضع هناك المرجان لكنها صغيرة ومرجان صغير مكتوف اللون يسحقونه ويعملونه في الأدوية وإنما يستخرج الكبير البراق المنير المشرق من ماء البحر المالح.

قوله تعالى : (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ).

١١

أورد الزمخشري سؤالين ، أحدهما : إن الأصنام لا تعقل فهلا قيل : كما لا يخلق؟ وأجاب ابن عرفة : بأنه لو عبر بها لكان الإنكار عليهم بأمرين من حيث كونها لا يخلق فقط ، وأجاب الزمخشري بأمرين : إما لأنهم سموها لنكتة وعيدوها فهو على نحو ما كانوا يعتقدون ، ورده ابن عرفة : بأنه إقرار لهم على معتقدهم وإما بأنهم عاملوها معاملة ما لا يعقل فروعي فيه [٤٦ / ٢٢٣] المشكلة بينه وبين من يخلق ، ورده ابن عرفة بأن المشاكلة إنما تكون حيث التساوي كقوله تعالى : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ) [سورة آل عمران : ٥٤] ، وقوله :

وقالوا اقترح لونا يجاد طبيخه

قلت اطبخوا لي جبة وقميصا

فالأول : شئت ، والثاني : كذلك وإما هذا فالأول مثبت والثاني منفي ، السؤال الثاني إنه إنما أنكر عليهم بتشبيههم من يخلق بمن لا يخلق ، فكان الأصل أن يقال :

(أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ) لأن همزة الاستفهام إنما تدخل على المنكر والمسئول عنه ، وأجاب الزمخشري : بجواب لا يفهم.

قال ابن عرفة : إنما عادتهم أن يجيبون بأن الإنكار إنما يكون إلزام الخصم نقيض دعواه أما إذا كان الإنكار بإلزامه حين الدعوى فلا يصح هنا لو قيل لهم : (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ) لم يكن الإنكار راجعا لنفي المساواة فلم يبق إلا أن يقال إن الله تعالى متصف بنقيض ما اتصف به معبودهم ، وهو الخلق فيكون المراد الإشعار بتنقيص معبودهم والتنقيص موجب لعدم الألوهية فليس المراد نفي مساواة الناقص للكامل إنما المراد الأشعار بتنقيص الناقص لأنه إذا قيل : (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ) يقولون :

نعم نحن شبهنا من لا يخلق بمن يخلق وقصارا أن يوجب تنقيص المشبه وكذلك هو منتقص فلما قيل : (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ) كان الإنكار راجعا لتشبيه الخالق بمن لم يخلق لأن تشبيهه به يوجب تنقيص البارئ والتنقيص موجب لعدم الألوهية ، وقد قال : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ) [سورة الزخرف : ٨٧] فيستلزم نقيض دعواهم.

قوله تعالى : (لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً).

مصدر مضاف مؤكد لنفسه فهو نفي أعم لا نفي أخص.

قوله تعالى : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها).

ابن عرفة : قالوا إذا كان الشرط عين الجزاء كانت القضية باطلة مثل أن قام زيد والعد هو الإحصاء فكأنه قيل : إن تعدوا نعمة الله لا تعدوها فلابد فيه من حذف ،

١٢

ويجيب بثلاثة أوجه : أي وإن تحاولوا عد نعمة الله لا تحصوها ، ومنهم من كان يحليها على ظاهرها من غير حذف ، ويجيب بثلاثة أوجه الأول : أن العد راجع للآحاد والإحصاء للمجموع فإذا عدوا آحادها وتوسطوا فيها ينسون ما بدأوا به فلا تحصوا الجملة بوجه ، الثاني : إن العدد لإحصاء حاد النعم والإحصاء لأنواعها ، الثالث : إن العدد للأنواع والإحصاء للأجناس.

قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ).

أي لو لا مغفرته لكم ورحمته بكم لما أنعم عليكم لمخالفتكم أوامره ونواهيه.

قال ابن عرفة : ويقوم منه أن الله تعالى لم يؤاخذ بعدم القيام بشكر النعم بذكره المغفرة والرحمة عقب ذلك.

قوله تعالى : (وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ).

أي وما تحدثون به أنفسكم وليس المراد في اصطلاح الفقهاء وتضمنت الآية الإشعار باتصاف الله تعالى بالقدرة والعلم فالقدرة بقوله تعالى : (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ ،) وهذا المعلم وعطف (وَما تُعْلِنُونَ) على (ما تُسِرُّونَ) للتسوية فهو أمر أستأثر الله به كما قال (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) [سورة لقمان : ٣٤].

قوله تعالى : (لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً).

قال ابن عرفة : (شَيْئاً) إما المفعول أو مصدر دخل بعد النفي على الفعل المنفي فأكده لأن النفي دخل على الفعل المؤكد به فنفاه فيكون نفيا أخص لا نفي أخص ، قيل لابن عرفة : هلا قالوا : ليسوا قائلين لأن لا يخلقوا شيئا فهو أخص من الخلق منهم لاستلزامه له من باب أحرى ، فأجاب : بأن هذا يفيد إثبات الخلق لله تعالى بالفعل فهو أخص من إثبات قبوله للخلق.

قوله تعالى : (أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ).

قال ابن عرفة : هذه معدولة وليست سالبة لأن المعدولة تقتضي ثبوت الموضوع بخلاف السالبة.

قوله تعالى : (وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ).

الضمير إما للأصنام أو للكفار.

ابن عطية : فعلى أنه للكفار يكون وعيدا أي وما يشعر الكفار أيان يبعثون للعذاب ولو اختص هذا المعنى لم يكن في وصفهم بعدم الشعور فائدة لأن الأنبياء والملائكة

١٣

والصالحين كذلك هم في الجهل بوقت البعث ، ورده ابن عرفة : بأنه إنما يصح هذا لو نفى عنهم العلم بوقت البعث فهو أمر أستأثر به الله تعالى ، كما قال تعالى : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) [سورة لقمان : ٣٤] إنما نفى عنهم الشعور به والأنبياء قد حصل لهم الشعور به وعلموا بأشراط الساعة وأماراتها.

قوله تعالى : (إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ).

اعلم أنه تارة يراد بها نفي الكمية المتصلة كقولك الجوهر واحد بمعنى أنه لا ينقسم وهي في قولك : (إِلهٌ واحِدٌ) لنفي الأمرين معا والوصف بواحد دال على أن لفظ الإله كلي.

ابن عرفة : فإن قلت : ما حد الإله؟ قلنا : هو المعبود المنقاد إليه وإن شئت هو المستغني بذاته عن العبادة وإن شئت هو المستحق للعبادة وهذا هو الصحيح ويبطل الأول بأن الله سمي إلها في الأزل لكنه مستحق للعبادة والأصنام الآلهة لاستحقاقها عندهم العبادة.

قوله تعالى : (فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ).

الفاء للسبب وليس هو من باب ذكر اللازم عقيب الملزوم إنما هو من باب ذكر الشيء عقب نقيضه لأن لازم كونها إلها واحدا التصديق لا الإنكار والكفر وظاهر كلام الزمخشري : أن الوحدانية ثابتة بالفعل لأنه قال قد ثبت بما تقدم إبطال أن تكون الآلهة لغيره فكان من نتيجة الوحدانية ووضوح دليلها استمرارهم على شركهم فظاهر كلام ابن عطية : أنها ثابتة بالسمع لأنه قال لما تقدم وصف الأصنام جاء الخبر الحق بالوحدانية وهذه مخاطبة لجميع الناس فعلمه أن الله متحد وحدة تامة لا يحتاج لمكانها إلى ما أنضاف إليها.

ابن عرفة : والصحيح غيره إنها مستفادة منهما معا ، قال : وذلك أن القضية على ثلاثة أقسام عقلية كقولك الواحد نصف الاثنين والجوهر متحيز أو مفتقر إلى العرض وشرعته كقولك الميت يبعثه الله ، ومركبة منها كقولك الله سميع بصير ، واختلفوا في قوله : (اللهُ إِلهٌ واحِدٌ) [سورة النساء : ١٧١] فذهب الفخر [...] إلى صحة إثباته بالسمع ، ونقل ابن التلمساني في شرح المعالم اللدنية عن بعضهم أنه لا يصح إثباته بالسمع ، وقال في شرح المعالم الفقهية أن ما يتوقف دلالة المعجزة عليه لا يصح إثباته بالسمع.

١٤

ابن عرفة : لوجود الإله لئلا يلزم عليه الدور وما لا يتوقف عليه يصح إثباته بالسمع كقوله (واحِدٌ) ذكره في الباب السابع في الإجماع.

ابن عرفة : وعندي أن الآية تدل على إثبات الوحدانية بالسمع والعقل كقولك (فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) فكأنه يقول والمكذبون بالآخرة (قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ) ، ولو كانت لا تتوقف على السمع لقال فالصم العمي أو فالمتصامون قلوبهم منكرة فذكره عقب الإيمان يشعر بعليته له فهو داخل على أنهم سمعوا فلم يؤمنوا بالآخرة ولو لم يتنكر فعلها على الإيمان لما ذكره بعده.

قوله تعالى : (لا جَرَمَ).

قيل : في كلها بمعنى حقا ، وقيل : لا نافية ، وقيل : نافية وجزم وحده بمعنى حق فعلى هذا يكون فعلا ماضيا وينسى عليه فتح إن من قوله تعالى : (أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ) ، وكسرها لأن المفتوحة تكون فاعلة به.

قوله تعالى : (يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ).

قال ابن عرفة : هو عندي كاللف والنشر ، فيسرون راجع لقوله : (قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ) ويعلنون لقوله (مُسْتَكْبِرُونَ) لأن الاستكثار في الأقوال والأفعال وهو هيئة ظاهرة.

قوله تعالى : (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ).

ابن عطية : هو عام في الكافرين والمؤمنين واستدل بأحاديث الزمخشري بجواز أن يراد بالمستكبرين عن التوحيد يعني المشركين ويجوز أن يعلم تغير كل مستكبر.

ابن عرفة : الصواب أنه خاص بالكفار لأن النحويين قالوا : إذا تقدم الاسم منكرا ثم أعيد معرفا بالألف واللام فهي للعهد. [٤٦ / ٢٢٤] كقوله تعالى : (عَلَيْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ) [سورة المزمل : ١٦ ، ١٥] ، وقال هنا : (وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) ثم قال : إنه لا يميت المستكبرين فهم أولئك بلا شك.

ابن عرفة : وفي الآية سؤال وهو أن الصحيح أن المحبة والكراهة ليستا على طرفي النقيض وإن تقسم قسما ثالثا وهو أنه لا يحب الإنسان شيئا ولا يكرهه وإذا كان كذلك لا يستلزم إثبات الكراهة ، وكراهة الله تعالى لهؤلاء ثابتة موجودة فهلا قيل : إن الله يكره المستكبرين قال : وعادتهم يجيبون عن هذا بوجهين ، الأول : أن المحبة والكراهة في حق الله تعالى على طرفي النقيض ولا يصح ارتفاعها ووجود القسم الثالث إلا في حق

١٥

المخلوق والجاهل بحقائق الأمور لأنك إذا كنت تعلم حقيقة ما اتصف به فلابد من أن تحبه أو تكرهه وإنما ينتفي عنك الأمران إذا لم تعلم وخفي عليك أمره فحينئذ لا تحبه ولا تكرهه فإنك لا تدري ما هو عليه من قبيح أو حسن والله تعالى عالم بحقائق الأمور فنفي المحبة في حقه يستلزم ثبوت الكراهة ، الوجه الثاني : أن العرب إذا أرادوا المدح قالوا : حبذا زيد وفي الذم لا حبذا زيد فلو لا من قولك لا حبذا زيد ملزوم لثبوت الذم ما قالوا ولو كان كما قلت : لما كان قولهم لا حبذا صريحا في الذم بل كان يكون تارة ذما صرفا وتارة لا مدح ولا ذم فدل على أن نفي المحبة عندهم ملزوم لثبوت الكراهة والذم ، قال ابن عرفة : والمحبة والإرادة في حق الله تعالى مترادفان لأن المحبة في حقه مردودة إلى صفة الفعل أو إلى الإرادة أي يفعل بهم الحسن أو يريد بهم فعل ذلك.

قوله تعالى : (وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ).

قيل : إن (مِنْ) للتبعيض ورده أبو حيان بالحديث الصحيح الذي خرجه مسلم في آخر كتاب الفضائل" من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ، ولا ينقص من أوزارهم شيئا" ، وأجيب : بأن المضلين ترتب عن كفرهم وزران أحداهما متعلق بهم ، والأخر متعلق بمن أضلهم ، ورده ابن عرفة : بأنه إنما يتم هذا لو كانت التلاوة ومن أوزار إضلال من اتبعهم فتضاف الأوزار للضلال لا لهم.

ابن عرفة قال والظاهر أن من للسببية ومن ثم معطوف مقدر هو مفعول أي ليحملوا أوزارهم وزرا آخر ليست أوزار الذين

يضلونهم ، ونقل عن أبي حيان أنه قال في سورة البقرة إن (مِنْ) تكون بمعنى مثل ولكنه شاذ.

قوله تعالى : (بِغَيْرِ عِلْمٍ).

قال أبو حيان : إنه حال من مفعول يضلونهم.

ابن عرفة : الصواب إنه حال من الفاعل لأن العلم إنما يطلب ممن ينصب نفسه منصب المفيد لا ممن نصبها منصب المستفيد قيل له : فعل هذا الأصوب أن يكون متعلقا بيضلونهم ، فقال : وإليه حينئذ للمصاحبة فلابد من الحال.

قوله تعالى : (مِنَ الْقَواعِدِ).

ما كان تحت الأرض فهو أساس وما فوقها سواء عندهم ومجموعها هي القواعد.

قوله تعالى : (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ).

١٦

أن قلت : لم قال (مِنْ فَوْقِهِمْ) وهل هو إلا فوقهم؟ فالجواب بوجهين الأول :

قال ابن عطية : يحتمل أن يكون خرورة يمينا وشمالا فقال (مِنْ فَوْقِهِمْ) ليزيل ذلك الاحتمال ، الثاني : قال بعضهم لو لم يقل (مِنْ فَوْقِهِمْ) لاحتمل أن يكونوا لما رأوا علامات السقوط خرجوا فحينئذ خر السقف ، فقال (مِنْ فَوْقِهِمْ) ليفيد أنهم تربصوا حتى هلكوا.

قوله تعالى : (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُخْزِيهِمْ).

قال ابن عطية : هذا يدل على دخولهم النار وهو نظير قوله تعالى : (رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ) [سورة آل عمران : ١٩٢] ورده ابن عرفة : لأن الإيمان إنما دلت على أن دخول النار ملزوم للخزي لأن الخزي ملزوم لدخول النار وما تم له هذا إلا لو كانت هذه القضية تنعكس كنفسها كلية وهم في اصطلاح المنطقيين إنما تنعكس جزئية فيقال : كل كافر فاجر أيدخل النار فينتج كل كافر مدخل وإنما عكسها عندهم بعض المخزى كافر.

قوله تعالى : (إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ).

راجع للأمر الباطن النازل بهم والسوء راجع للأمر الظاهر الحال بهم في أبدانهم ، فإن قلت : كيف أكده بأن وخطابهم إنما هو لله تعالى بأن ذلك حق ، وأجيب : بأن هذه المقالة صدرت منهم قبل حلول العذاب بأولئك فهم في مظنة الإنكار لها.

قوله تعالى : (فَأَلْقَوُا السَّلَمَ).

يريد أنهم استسلموا لقضاء الله والمغلوب إذا استسلم تارة يعترف وهو كقوله تعالى : (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً) [سورة النساء : ٩٤] وتارة ينكر موجبات العقوبة كهذه الآية طمعا في أن يقبل ذلك منه [.....].

قوله تعالى : (فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ).

فيها حال مقدرة.

قوله تعالى : (وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ).

قال الزمخشري : للذين أحسنوا يدل من خير مكانة لقول الذين أتقوا.

ابن عرفة : أراد أن خيرا من كلام الحاكمين فهو والذين أحسنوا معمولان لقالوا ، الزمخشري : ويجوز أن يكون كلاما مبتدأ عند القائلين.

١٧

ابن عرفة : يريد أنه يحتمل أن يكون من كلام المحكي عنه ونظير ذلك أن يقول زيدا قول خيرا الحمد لله ، فيقول : أنت حاكيا لكلام قال زيد خيرا الحمد لله فهذه من كلام المحكي عنه ، فإن قال : أقول الحمد لله ، فقلت أنت : قال زيد خير الحمد لله فهذه من كلام الحاكي عنه والقول محكي به الجمل والمفرد المؤدى معناها.

قوله تعالى : (وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ).

وقال في الفريق الآخر (فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) ولم يقل دار المتكبرين ، فأجاب ابن عرفة : بأن مثوى هي الإقامة والإقامة مطلقة بصدق بأقل الأزمنة كقوله : ولقد كان في قول ..... (١) ، ولذلك قال تعالى : (النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلَّا ما شاءَ اللهُ) [سورة الأنعام : ١٢٨] ورد القليل يستلزم ذم الكثير من باب أحرى وأما النار فهي محل للسكنى ، والسكنى مظنة الطول فناسب الإتيان بها في محل المدح لأن الإنسان قد يسكن الموضع الزمن القليل ويمل من سكناه ولا يحب البقاء به فأتى به دار الآخرة ليفيد أنها محبوبة مرادة بسكنى الزمن [...] بل إذ ليس فيها مال.

قوله تعالى : (كَذلِكَ يَجْزِي اللهُ الْمُتَّقِينَ).

وهم المتقون المذكورون في قوله تعالى : (وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ) جزاؤهم قد ذكر فكيف يشبه النبي نفسه ، فأجاب ابن عرفة بوجهين : الأول أن المتقين في قوله تعالى : (لِلَّذِينَ اتَّقَوْا) أنهم الصحابة لأنهم هم الذين حصلت لهم التقوى وحسن نزول الآية والمتقون في قول الله تعالى يجزي الله المتقين يراد بهم عموم المتقين في كل زمن والألف واللام فيه للجنس فشبه جزاء ضيف بجزاء ضيف آخر فالمغايرة على هذا في المخزي ، الثاني : إن المغايرة في الجزاء ومعناه مثل ذلك الجزاء بجزي الله المتقين جزاء آخر وذلك رضاه عنهم خير لا بجزاء عليهم أبدا ونظرهم إلى وجهه الكريم ، قيل له : يلزمك أن يكون يشبه الأعلى بالأدنى وقد قالوا إن الشبه لا يقوى قوة المشبه به ، فقال : قد ذكروا عكس التشبيه وجعلوا منه (إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا) ، والبيع متفق عليه والربا مختلف فيه ، قلت وأورد ابن عرفة : السؤال مرة أخرى ، فقال : قد نص على جزاء المتقين في قوله تعالى : (وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ) فكيف يقول لذلك يجزي الله المتقين فيلزم عليه الشيء بنفسه ، ثم أجاب : بأن الجزاء الأول حاصل لأن الجنة مخلوقة على الصحيح فلهم الآن فيها ما يشاءون

__________________

(١) بياض في المخطوطة.

١٨

ويجزيهم الله في المستقبل جزاء آخر إشارة إلى دوام النعمة وعدم انقطاعه وإلى ما ورد أن في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وإلى حصول النعيم لهم بالفعل.

قوله تعالى : (وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً).

حكى الفقهاء في كتاب الجهاد والخلاف هل خلا العقل من جمع أو لا وحكاه [٤٧ / ٢٢٥] المازري في المعلم ، قلت لابن عرفة : قد قالوا لأن رسالة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم هو ونوح كانا عامين العرب والعجم فدل على أن غيرهما لم يرسل للعجم فيرى العقل حلا من السمع ، فقال : إنما ذلك في التفاصيل والأحكام وأما الإخفاء بوجود الدون وحدانيته فكل شيء أرسل بذلك على العموم ، فإن قلت : قس بن ساعدة وغيره من فصحاء العرب وعبدة الأصنام كانوا لا يعرفون الإله بوجه ، قلنا : إنما ذلك في عوامهم وأما رؤساؤهم فيعرفون وجود الإله وإن كانوا متعاهدين على ذلك.

قوله تعالى : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ).

ابن عطية : إنما هو للمبالغة لا للحصر لأنه قد ينزل له عن ذلك ، وأجيب : بأن المعنى إنما قولنا لشيء إذا أردناه إيجاده وإحداثه ، قال الثعلبي ، وابن الخطيب : الآية تدل على أن القرآن غير مخلوق وإنما كان يلزم عليه التسلسل ، ورده ابن عرفة : بأن أهل الأصول قالوا للصفات قسمان متعلقة كالعلم والإرادة والقدرة والكلام ، وغير متعلقة كالحياة ، والمتعلقة قسمان مؤثرة كالقدرة والعلم ، وقالوا : إن الصفات الغير مؤثرة تتعلق بنفسها فالكلام وإذا كان كذلك فما يلزم عليه التسلسل.

قوله تعالى : (إِذا أَرَدْناهُ).

ابن عطية : أي إنما قولنا لشيء مراد لنا.

ابن عرفة : إن قلت كيف هذا" وإذا" ظرف لما يستقبل ، قلنا ذكر ابن مالك : إذا يكون ظرفا لما مضى ومثله بقوله تعالى : (وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ) [سورة التوبة : ٩٣] فلذلك هي هنا.

قوله تعالى : (فَيَكُونُ).

ابن عطية : قرئ بالنصب على جواب الأمر قال : وفيه تأمل ، وقال الزمخشري : النعت عطف على القول.

١٩

ابن عرفة : والتأمل الذي فيه والله أعلم هو أنه وجد القول في الزمن الأول ، ولم يوجد المقول له إلا في الزمن الثاني ألا ترى أن قولك قام زيد فعمرو يقتضي الوجود لقيام زيد في الزمن الأول وبعده قيام عمرو في الثاني وأمر الله تعالى يقتضي الوجود المتأخر فلا يصح وجوده في زمن لم يوجد فيه المقول له وهو الزمن الأول وهذا مغاير ما فسرنا به [...] النقرشي في تقييده على ابن عصفور لما ذكر احتجاج من زعم أن الفاء كالواو وبقوله تعالى : (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا) [سورة الأعراف : ٤] وأجاب عنه بأن المعنى أردنا إهلاكها ، كما قال النقرشي : فيه نظر ، قلنا : الذي فيه هو أن الفاء تقتضي الترتيب فيقتضي وجود الإرادة في الزمن الأول ولا مراد لأنه لم يوجد إلا في الزمن الثاني والإرادة من الصفات المتعلقة فلا يصح انفكاكها.

قال ابن عرفة : والجواب عن هذا أن الزمان في حق الله محال وإنما هو باعتبار المتعلق فصح على هذا العطف على كن.

قوله تعالى : (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا).

ابن عرفة : يحتمل أن تكون المفاعلة هنا حقيقية لأن من هجرك من أهلك فقد هجرته ، ويحتمل أن يكون بمعنى مثل [.....] الفعل ، وهو الصحيح هنا لأن المشركين لم يهجروا المسلمين في الله قال وهذا لف ونشر فقوله تعالى : (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) راجع لقوله تعالى : (مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا) ، وقوله تعالى : (وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ) لقوله تعالى : (هاجَرُوا فِي اللهِ).

قوله تعالى : (الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ).

عبر عن الصبر بالماضي لأن متعلقه ماض وعبر عن التوكل بالمستقبل لأن متعلقه مستقبل والتوكل يترك الأسباب التكميلية عدد جائز واختلف فيه بترك الأسباب التي لا قوام للإنسان إلا بها فمذهب الفقهاء تحريمه ومذهب الأصوليين جوازه.

قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ).

يدل على تخصيص الرسالة بالرجال فيحتج به من قال إن مريم عليهاالسّلام ليست نبية ، ويجاب : إما بأن الآية إما اقتضت تخصيص الرجال بالرسالة لا بالنبوة ، وإما بأن قوله : (بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ) متعلق ب (أَرْسَلْنا).

قوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).

دليل على أن خبر التواتر يفيد العلم وعلى أن خبر الواحد يفيد العلم لأن المعنى فاسألوا أهل الذكر لتعلمون إن كنتم لا تعلمون فهو سؤال عما لم يعلم وإن كان

٢٠