قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

شرح كتاب الفقه الأكبر للإمام الأعظم أبي حنيفة

شرح كتاب الفقه الأكبر للإمام الأعظم أبي حنيفة

شرح كتاب الفقه الأكبر للإمام الأعظم أبي حنيفة

تحمیل

شرح كتاب الفقه الأكبر للإمام الأعظم أبي حنيفة

57/336
*

وصفاته كلها بخلاف صفات المخلوقين يعلم لا كعلمنا ويقدر لا كقدرتنا ويرى لا كرؤيتنا ويسمع لا كسمعنا ...

____________________________________

وكلام الطحاوي يردّ قول من قال إنه معنى واحد لا يتصوّر سماعه منه ، وأن المسموع المنزل المقروء المكتوب ليس بكلام الله ، وإنما هو عبارة عنه ، فإن الطحاوي يقول : كلام الله منه بدأ بلا كيفية أي لا نعرف كيفية تكلّمه به ، وكذا قال غيره من السلف منه بدأ وإليه يعود ، وإنما قالوا منه بدأ لأن الجهمية من المعتزلة وغيرهم كانوا يقولون : إنه خلق الكلام في محل ، فقدّر الكلام في ذلك المحل فقال السلف منه بدأ أي هو المتكلم به فمنه بدأ أي لا من بعض المخلوقات كما قال الله تعالى (١) : (تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) (٢) ، ومعنى قولهم : وإليه يعود أنه يرفع من الصدور والمصاحف كما ورد في الأحاديث. انتهى ...

والأظهر عندي أن معنى وإليه يعود يرجع إليه علم تفصيل كيفية كلامه وكنه حقيقة مرامه فإن سمع موسى كلامه لا يتصوّر أن يقال سمعه كله أو بعضه (وصفاته) ، وفي نسخة لم يزل صفاته (كلها) أي ونعوت الباري جميعها واقعة في الأزل (بخلاف صفات المخلوقين) أي لا تشابه نعوتهم وإن وقع الاشتراك الاسمي في صفات الحق ونعت الخلق من العلم والقدرة والرؤية والكلام والسمع ونحوه كما بيّنه بقوله : (يعلم) أي الله تعالى كما في نسخة (لا كعلمنا) أي معشر الخلق فإنّا نعلم الأشياء بآلات وتصوّر صور حاصلات في أذهاننا بقدر أفهامنا وإعلامنا والله تعالى يعلم حقائق الأشياء كلها وجزئيها ظاهرها ومخفيها بعلم ذاتي صمدي أزلي أبدي ، (ويقدّر) أي الله سبحانه. (لا كقدرتنا) لأن قدرته تعالى قديمة لا بآلة ولا بمشاركة وهو على كل شيء قدير ، ونحن لا نقدر إلا على بعض الأشياء بالأقدار ، وذلك المقدار أيضا بالآلات والأعوان والأنصار ، وأما هو سبحانه وتعالى ففاعل مختار وقادر حكيم مدبّر بقدرة واختيار (ويرى) أي هو سبحانه لقوله تعالى : (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى) (لا كرؤيتنا ويسمع لا كسمعنا) فإنّا نرى الأشكال والألوان المختلفة ونسمع الأصوات والكلمات المؤتلفة بالآلات المخلوقة في الأعضاء المركبة على وفق إبصاره لا بأبصارنا وإسماعه لا أسماعنا كما ورد في الدعاء : اللهمّ متّعنا بأسماعنا وأبصارنا ما أحييتنا والله سبحانه يرى الأشكال والألوان والهيئات المختلفة

__________________

(١) ومن قوله : وكلام الطحاوي إلى هنا نقله الشارح أيضا من شرح الطحاوية ١ / ١٩٤ ـ ١٩٥ مع بعض التصرّف.

(٢) فصّلت : ٢.