مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام - ج ١

الشيخ عزيز الله العطاردي

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام - ج ١

المؤلف:

الشيخ عزيز الله العطاردي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: انتشارات عطارد
المطبعة: افست
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٣١

شمّها وصار عنده لها أثر ولعن قتلته وأشياعهم واتباعهم (١).

٤٢ ـ عنه حدّثنى أبى رحمه‌الله ومحمّد بن الحسن بن الوليد ، عن سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن صفوان بن يحيى ، وجعفر بن عيسى بن عبيد الله قال : حدّثنا أبو عبد الله الحسين بن أبى غندر عمّن حدّثه ، عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال كان الحسين بن على عليهما‌السلام ذات يوم فى حجر النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يلاعبه ويضاحكه فقالت عائشة يا رسول الله ما أشدّ إعجابك بهذا الصبى.

فقال لها ويلك وكيف لا أحبّه ولا أعجب به وهو ثمرة فؤادى وقرّة عينى أما أنّ أمّتى ستقتله ، فمن زاده بعد وفاته كتب الله له حجّة من حججى ، قالت يا رسول الله حجّة من حججك؟ قال : نعم حجّتين من حججى قالت يا رسول الله حجّتين من حججك؟ قال نعم وأربعة قال فلم تزل تزاده ويزيد ويضعف حتّى بلغ تسعين حجة من حجج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بأعمارها (٢).

٤٣ ـ عنه حدّثنى محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميرى ، عن أبيه ، عن علىّ بن محمّد بن سالم ، عن محمّد بن خالد ، عن عبد الله بن حمّاد البصرى ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم ، عن مسمع بن عبد الملك ، عن أبى عبد الله عليه‌السلام ، قال : كان الحسين عليه‌السلام مع امّه تحمله فأخذه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال لعن الله قاتليك ولعن الله سالبيك وأهلك الله المتوازرين عليك وحكم الله بينى وبين من أعان عليك.

فقالت فاطمة : يا أبة أىّ شيء تقول ، قال يا بنتاه ، ذكرت ما يصيبه بعدى وبعدك من الأذى والظلم والغدر والبغى وهو يومئذ فى عصبة كأنّهم نجوم السماء ، يتهادون الى القتل وكأنّى انظر الى معسكر هم والى موضع رحالهم ، وتربتهم فقالت يا أبة واين هذا الموضع الّذي تصف قال : موضع يقال له كربلا وهى ذات

__________________

(١) كامل الزيارات : ٦٧.

(٢) كامل الزيارات : ٦٨.

٢٠١

كرب وبلاء علينا وعلى الامّة.

يخرج عليهم شرار امّتى ، ولو أنّ أحدهم يشفع له من فى السماوات والارضين ما شفعوا فيهم ، وهم المخلّدون فى النار ، قالت : يا أبة فيقتل؟ قال : نعم يا بنتاه (١) قتل قبله أحد كان تبكيه السموات والارضون والملائكة والوحش والحيتان فى البحار والجبال لو يؤذن لها ما بقى على الارض متنفّس.

وتأتيه قوم من محبّينا ليس فى الأرض أعلم بالله ولا أقوم بحقّنا منهم ، وليس على ظهر الارض أحد يلتفت إليه غيرهم ، اولئك مصابيح فى ظلمات الجور وهم الشفعاء وهم واردون حوضى غدا أعرفهم إذ وردوا علىّ بسيماهم وأهل كلّ دين يطلبون أئمّتهم ، وهم يطلبوننا ولا يطلبون غيرنا وهم قوام الارض بهم ينزل الغيث وذكر الحديث بطوله (٢).

٤٤ ـ حدّثنى محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن أبى عبد الله زكريّا المؤمن ، عن أيّوب بن عبد الرحمن ، وزيد بن الحسن أبى الحسن ، وعباد جميعا عن سعد الاسكاف قال قال أبو جعفر عليه‌السلام قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

من سرّه أن يحيى محياى ويموت مماتى ويدخل جنّة عدن فيلزم قضيبا غرسه ربّى بيده فليتولّ عليّا والاوصياء من بعده وليسلم لفضلهم فانهم الهداة المرضيّون ، أعطاهم الله فهمى وعلمى وهم عترتى من لحمى ودمى الى الله أشكو عدوّهم من امّتى المنكرين لفضلهم القاطعين فيهم صلتى والله ليقتلنّ ابنى لا أنالهم الله شفاعتى (٣)

__________________

(١) كذا فى الاصل.

(٢) كامل الزيارات : ٦٨.

(٣) كامل الزيارات : ٦٩.

٢٠٢

٤٥ ـ عنه حدّثنى الحسن بن عبد الله بن محمّد بن عيسى ، عن أبيه ، عن الحسن ابن محبوب ، عن علىّ بن شجرة ، عن سلّام الجعفى ، عن عبد الله بن محمّد الصنعانى ، عن أبى جعفر عليه‌السلام ، قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اذا دخل الحسين عليه‌السلام جذبه إليه ثمّ يقول لأمير المؤمنين عليه‌السلام امسكه ثمّ يقع عليه فيقبّله ويبكى.

يقول : يا ابة لم تبكى فيقول يا بنىّ اقبّل موضع السيوف منك قال : يا أبة واقتل قال : اى والله ، وأبوك وأخوك وأنت قال : يا أبة فمصارعنا شتى قال : نعم ، يا بنىّ قال : فمن يزورنا من أمّتك قال لا يزورنى ويزور اباك وأخاك وأنت الّا الصديقون من أمّتى (١).

٤٦ ـ عنه حدّثنى محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميرى ، عن أبى سعيد الحسين ابن علىّ بن زكريّا العدوى ، البصرى ، قال : حدّثنا عمرو بن المختار ، قال : حدّثنا اسحاق بن بشر ، عن القوام مولى قريش ، قال : سمعت مولاى عمر بن هبيرة قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والحسن والحسين فى حجره يقبّل هذا مرّة وهذا مرّة ، ويقول للحسين : انّ الويل لمن يقتلك (٢).

٤٧ ـ عنه حدّثنى أبى رحمه‌الله ، عن سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سنان ، عن أبى سعيد القمّاط ، عن ابن أبى يعفور ، عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : بينما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فى منزل فاطمة والحسين فى حجره اذ بكى وخرّ ساجدا ، ثمّ قال يا فاطمة بنت محمّد إنّ العلىّ الأعلى تراءى الىّ فى بيتك هذا فى ساعتى هذه فى أحسن صورة وأهيإ هيئة.

فقال لى يا محمّد أتحبّ الحسين؟ قلت : يا ربّ قرّة عينى وريحانتى وثمرة فؤادى وجلدة ما بين عينى ، فقال لى يا محمّد ووضع يده على رأس الحسين عليه‌السلام

__________________

(١) كامل الزيارات : ٧٠.

(٢) كامل الزيارات : ٧٠.

٢٠٣

بورك من مولود عليه بركاتى وصلواتى ورحمتى ورضوانى ونعمتى ولعنتى وسخطى وعذابى وخزيي ونكالى على من قتله وناصبه وناواه ونازعه.

أما أنّه سيّد الشهداء من الاوّلين والآخرين فى الدّنيا والآخرة وسيّد شباب أهل الجنّة من الخلق أجمعين وأبوه أفضل منه وخير فأقرأه السّلام وبشّره بانّه راية الهدى ومنار أوليائى وحفيظى وشهيدى على خلقى وخازن علمى وحجّتى على أهل السموات وأهل الارضين والثقلين الجنّ والانس (١).

٤٨ ـ عنه حدّثنى محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميرى ، عن أبيه ، عن محمّد بن الحسين بن أبى الخطاب ، عن محمّد بن حماد الكوفى ، عن ابراهيم بن موسى الأنصاري قال: حدّثنى مصعب ، عن جابر ، عن محمّد بن علىّ عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

من سرّه أن يحيى حياتي ويموت مماتى ويدخل جنّتى جنّة عدن غرسها ربّى بيده ، فليتولّ عليّا ويعرف فضله والأوصياء من بعده ، ويتبرّأ من عدوّى ، أعطاهم الله فهى وعلمى هم عترتى من لحمى ودمى أشكو الى ربّى عدوّهم من امّتى المنكرين لفضلهم القاطعين فيهم صلتى والله ليقتلنّ ابنى ثمّ لا تنالهم شفاعتى (٢).

٤٩ ـ عنه حدّثنى محمّد بن جعفر الرزّاز القرشى ، قال : حدّثنى خالى محمّد بن الحسين بن أبى الخطاب ، عن علىّ بن النعمان ، عن عبد الرحمن بن سيابة ، عن أبى داود السبعىّ عن أبى عبد الله الجدلى ، قال دخلت على أمير المؤمنين والحسين عليهما‌السلام إلى جنبه فضرب بيده على كتف الحسين عليه‌السلام ثمّ قال : ان هذا يقتل ولا ينصره أحد قال قلت : يا أمير المؤمنين والله انّ تلك لحياة سوء قال : إنّ ذلك

__________________

(١) كامل الزيارات : ٧٠.

(٢) كامل الزيارات : ٧١.

٢٠٤

لكائن (١).

٥٠ ـ حدّثنى محمّد بن جعفر الرزّاز ، عن خاله محمّد بن الحسين بن أبى الخطاب ، عن نصر بن مزاحم ، عن عمر بن سعد ، عن علىّ بن حمّاد ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قال على عليه‌السلام للحسين عليه‌السلام : يا أبا عبد الله أسوة أنت قدما فقال جعلت فداك ما حالى.

قال : علمت ما جهلوا وسينتفع عالم بما علم ، يا بنىّ اسمع وابصر من قبل أن يأتيك فو الذي نفسى بيده ليسفكنّ بنو اميّة دمك ثمّ لا يزيلونك عن دينك ، ولا ينسونك ذكر ربّك ، فقال الحسين : والذي نفسى بيده حسبى أقررت بما انزل الله وأصدق قول نبىّ الله ولا اكذب قول أبى (٢)

٥١ ـ عنه وحدّثنى محمّد بن جعفر الرزّاز ، عن خاله محمّد بن الحسين ، عن نصر بن مزاحم ، عن عمر بن سعد ، عن يزيد بن إسحاق عن هانى بن هانى ، عن على عليه‌السلام قال ليقتل الحسين قتلا ، وانّى لأعرف تربة الأرض الّتي يقتل عليها قريبا من النهرين (٣).

٥٢ ـ روى الشيخ المفيد باسناده ، عن إسماعيل بن صبيح ، عن يحيى بن المساور العابدى ، عن اسماعيل بن زياد ، قال : انّ عليّا عليه‌السلام قال للبرآء بن عاذب ذات يوم: يا براء يقتل ابنى الحسين عليه‌السلام ، وأنت حىّ لا تنصره ، فلمّا قتل الحسين عليه‌السلام ، كان البرآء بن عاذب يقول : صدق والله علىّ بن أبى طالب عليه‌السلام ، قتل الحسين عليه‌السلام ولم أنصره ، ثمّ أظهر الحسرة على ذلك والنّدم (٤).

٥٣ ـ عنه باسناده ، عن عثمان بن عيسى العامرى ، عن جابر بن الحرّ ، عن

__________________

(١) كامل الزيارات : ٧١.

(٢) كامل الزيارات : ٧١.

(٣) كامل الزيارات : ٧١.

(٤) الارشاد : ١٥٦.

٢٠٥

جويرة بن مسهر العبدى ، قال لمّا توجّهنا مع أمير المؤمنين الى صفين فبلغنا طفوف كربلا وقف ناحية من العسكر ثمّ نظر يمينا وشمالا واستعبر ثمّ قال هذا والله مناخ ركابهم وموضع منيّتهم فقيل له يا أمير المؤمنين ما هذا الموضع.

فقال هذا كربلا يقتل فيه قوم يدخلون الجنّة بغير حساب ، ثمّ سار وكان الناس لا يعرفون تأويل ما قال حتّى كان من أمر الحسين بن على عليهما‌السلام وأصحابه بالطفّ ما كان ، فعرف حينئذ من سمع كلامه مصداق الخبر فيما انبأهم به (١).

٥٤ ـ عنه روى سماّك ، عن ابن المخارق عن أمّ سلمة رضى الله عنها ، قالت : بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم جالس والحسين عليه‌السلام جالس فى حجره ، إذ هملت عيناه بالدّموع فقلت يا رسول الله ما لي اراك تبكى ، جعلت فداك ، فقال جاءني جبرئيل عليه‌السلام فعزّانى بابني الحسين ، وأخبرنى أنّ طائفة من أمّتى تقتله لا أنا لهم الله شفاعتى (٢).

٥٥ ـ الطوسى باسناده قال : قال عمر بن أبى المقدام : فحدّثنى سدير ، عن أبى جعفر عليه‌السلام أنّ جبرئيل جاء الى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بالتربة التي يقتل عليها الحسين عليه‌السلام ، قال أبو جعفر : فهى عندنا (٣).

٥٦ ـ روى المفيد باسناده ، عن عن أمّ سلمة أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خرج من عندنا ذات ليلة ، فغاب عنّا طويلا ثمّ جاءنا ، وهو أشعث أغبر ويده مضمومة ، فقلت له : يا رسول الله ما لي أراك اشعث مغبرا؟ فقال : اسرى بى فى هذه الليلة الى موضع من العراق يقال له : كربلاء فرأيت فيه مصرع الحسين وجماعة من ولدى وأهل بيتى فلم أزل ألتقط دماءهم فيها هى فى يدى وبسطها.

__________________

(١) الارشاد : ١٥٦.

(٢) الارشاد : ٢٣٤.

(٣) أمالي الطوسى : ١ / ٣٢٣.

٢٠٦

فقال : خذيه واحتفظى بها فأخذتها فاذا هى شبه تراب أحمر ، فوضعته فى قارورة وشددت رأسها واحتفظت بها ، فلمّا خرج الحسين عليه‌السلام من مكّة متوجّها نحو العراق كنت أخرج تلك القارورة فى كلّ يوم وليلة فأشمّها وأنظر إليها ثمّ أبكى لمصابها.

فلمّا كان يوم العاشر من المحرّم وهو اليوم الّذي قتل فيه أخرجتها فى أوّل النهار ، وهى بحالها ثمّ عدت إليها آخر النهار فاذا هى دم عبيط ، فضججت فى بيتى وكظمت غيظى فكتمت مخافة أن يسمع أعداءهم بالمدينة فيسرعوا بالشماتة ، فلم أزل حافظة للوقت واليوم حتّى جاء الناعى ينعاه فحقّق ما رأيت (١).

٥٧ ـ أبو منصور الطبرسى فى رواية طويلة عن سعد بن عبد الله عن الحسن ابن على عليهما‌السلام فقلت : أخبرنى عن تأويل كهيعص.

قال هذه الحروف من أنباء الغيب ، اطلع الله عليها عبده زكريا ثمّ قصها على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذلك : ان زكريّا عليه‌السلام سأل ربه : أن يعلّمه الأسماء الخمسة ، فأهبط عليه جبرئيل ، فعلمه إيّاها فكان زكريّا اذا ذكر محمّدا وعليّا وفاطمة والحسن ، سرى عنه همه ، وانجلى كربه واذا ذكر اسم الحسين عليه‌السلام خنقته العبرة ، ووقعت عليه البهرة.

فقال ـ ذات يوم ـ إلهى ما بالى إذا ذكرت أربعا منهم تسلّيت بأسمائهم من همومى ، وإذا ذكرت الحسين تدمع عينى وتنور زفرتى ، فأنبأ الله تبارك وتعالى عن قصته فقال : «كهيعص» فالكاف اسم «كربلاء» والهاء «هلاك العترة» والياء (يزيد) وهو ظالم للحسين ، والعين «عطشه» والصاد «صبره» فلمّا سمع بذلك زكريا عليه‌السلام لم يفارق مسجده ثلاثة أيّام ومنع فيهنّ الناس من الدخول عليه وأقبل على البكاء والنحيب ، وكان يرثيه :

__________________

(١) الارشاد : ٢٣٥.

٢٠٧

إلهى أتفجع خير جميع خلقك بولده؟ إلهى أتنزل بلوى هذه الرؤية بفنائه؟

إلهى أتلبس عليا وفاطم ثوب هذه المصيبة؟ إلهى تحلّ كربة هذه المصيبة بساحتهما؟

ثمّ كان يقول : الهى ارزقنى ولدا تقرّبه عينى على الكبر ، فاذا رزقتنيه فأفتنى بحبه ، ثمّ افجعنى به كما تفجع محمّدا حبيبك بولده فرزقه الله يحيى وفجعه به وكان حمل يحيى ستة أشهر وحمل الحسين كذلك (١).

٥٨ ـ روى المجلسى عن الخرائج من تاريخ محمّد النجّار ، شيخ المحدّثين بالمدرسة المستنصرية باسناد مرفوع إلى أنس بن مالك ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : لمّا أراد الله أن يهلك قوم نوح أوحى إليه : أن شقّ ألواح الساج ، فلمّا شقّها لم يدر ما يصنع بها.

فهبط جبرئيل فأراه هيئة السفينة ومعه تابوت بها مائه ألف مسمار وتسعة وعشرون ألف مسمار ، فسمّر بالمسامير ، كلّها السفينة الى أن بقيت خمسة مسامير ، فضرب بيده الى مسمار ، فأشرق بيده ، وأضاء كما يضيء الكوكب الدرّي فى افق السماء فتحيّر نوح ، فأنطلق الله المسمار بلسان طلق ذلق : أنا على اسم خير الأنبياء محمّد بن عبد الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

فهبط جبرئيل فقال له : يا جبرئيل ما هذا المسمار الذي ما رأيت مثله ، فقال ، هذا باسم سيد الأنبياء محمد بن عبد الله اسمره على أولها على جانب السفينة الأيمن ، ثم ضرب بيده الى مسمار ثان فأشرق وأنار فقال نوح : وما هذا المسمار؟ فقال : هذا مسمار أخيه وابن عمه سيد الاوصياء على بن أبى طالب فأسمره على جانب السفينة الأيسر فى أولها ثم بيده الى مسمار ثالث فزهر وأشرق وأنار.

__________________

(١) الاحتجاج : ٢ / ٢٧٢.

٢٠٨

فقال جبرئيل : هذا مسمار فاطمة فأسمره الى جانب مسمار أبيها ، ثم ضرب بيده الى مسمار رابع فزهر وأنار ، فقال جبرئيل : هذا مسمار الحسن فأسمره الى جانب مسمار أبيه ، ثم ضرب بيده الى مسمار خامس فزهر وأنار وأظهر النداوة ، فقال جبرئيل : هذا مسمار الحسين فأسمره الى جانب مسمار أبيه ، فقال نوح : يا جبرئيل ما هذا النداوة؟ فقال: هذا الدم فذكر قصة الحسين عليه‌السلام وما تعمل الامة به : فلعن الله قاتله وظالمه وخاذله(١).

٥٩ ـ عنه قال : وروى فى مؤلفات بعض الأصحاب ، عن أمّ سلمة قالت : دخل رسول الله ذات يوم ودخل فى أثره الحسن والحسين عليها‌السلام ، وجلسا الى جانبيه فأخذ الحسن على ركبته اليمنى ، والحسين على ركبته اليسرى ، وجعل يقبل هذا تارة وهذا اخرى ، واذا بجبرئيل قد نزل وقال : يا رسول الله انك لتحب الحسن والحسين؟ فقال : وكيف لا احبهما وهما ريحانتىّ من الدنيا وقرّتا عينى.

فقال جبرئيل : يا نبىّ الله ان الله قد حكم عليهما بأمر ، فاصبر له ، فقال : وما هو يا أخى؟ فقال : قد حكم على هذه الحسن أن يموت مسوما وعلى هذا الحسين أن يموت مذبوحا ، وان لكل نبىّ دعوة مستجابة ، فان شئت كانت دعوتك لولديك الحسن والحسين فادع الله أن يسلمهما من السمّ والقتل ، وان شئت كانت مصيبتهما ذخيرة فى شفا عتك للعصاة من أمتك يوم القيمة.

فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا جبرئيل أنا راض بحكم ربّى لا أريد إلّا ما يريده ، وقد أحببت أن تكون دعوتى ذخيرة لشفاعتى فى العصاة من امّتى ويقضى الله فى ولدى ما يشاء(٢).

٦٠ ـ عنه قال : روى فى بعض كتب المناقب المعتبرة ، عن الحسن بن أحمد

__________________

(١) بحار الانوار : ٤٤ / ٢٣٠.

(٢) بحار الانوار : ٤٤ / ٢٤١.

٢٠٩

الهمدانيّ ، عن أبى على الحداد ، عن محمّد بن أحمد الكاتب ، عن عبد الله بن محمّد ، عن أحمد بن عمرو ، عن إبراهيم بن سعيد ، عن محمّد بن جعفر بن محمّد ، عن عبد الرحمن بن محمّد بن عمر بن أبى سلمة ، عن أبيه ، عن جدّه عن أمّ سلمة قالت :

جاء جبرئيل الى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : انّ أمّتك تقتله يعنى الحسين عليه‌السلام بعدك ، ثمّ قال : ألا أريك من تربته ، قالت : فجاء بحصيات فجعلهنّ رسول الله فى قارورة ، فلمّا كان ليلة قتل الحسين قالت أمّ سلمة سمعت قائلا فيقول :

أيّها القاتلون جهلا حسينا

أبشروا بالعذاب والتنكيل

قد لعنتم على لسان داود

وموسى وصاحب الانجيل

قالت : فبكيت ففتحت القارورة ، فاذا قد حدث فيها دم (١)

٦١ ـ عنه قال : روى أنّ رسول الله كان يوما مع جماعة من أصحابه مارّا فى بعض الطريق. وإذا هم بصبيان يلعبون فى ذلك الطريق ، فجلس النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عند صبىّ منهم وجعل يقبّل ما بين عينيه ويلاطفه ثمّ أقعده على حجره وكان يكثر تقبيله ، فسئل عن علّة ذلك ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّى رأيت هذا الصبىّ يوما يلعب مع الحسين ورأيته ليرفع التراب من تحت قدميه ، ويمسح به وجهه وعينيه ، فأنا أحبّه لحبّه لولدى الحسين ، ولقد أخبرنى جبرئيل أنّه يكون من أنصاره فى وقعة كربلا (٢)

٦٢ ـ عنه قال : وروى مرسلا أنّ آدم لمّا هبط إلى الأرض لم ير حوّاء ، فصار يطوف الأرض فى طلبها فمرّ بكربلاء ، فاغتمّ وضاق صدره من غير سبب ، وعثر فى المواضع الذي قتل فيه الحسين ، حتّى سال الدم من رجله ، فرفع رأسه الى السماء قال : الهى هل حدث منّى ذنب آخر فعاقبتنى به؟ فانّى طفت جميع الأرض ، وما أصابنى سوء مثل ما أصابنى فى هذه الأرض.

__________________

(١) بحار الانوار : ٤٤ / ٢٤١.

(٢) بحار الانوار : ٤٤ / ٢٤٢.

٢١٠

فأوحى الله إليه يا آدم ما حدث منك ذنب ، ولكن يقتل فى هذه الأرض ولدك الحسين ظلما فسال دمك موافقة لدمه ، فقال آدم : يا ربّ أيكون الحسين نبيّا قال : لا ، ولكنّه سبط النبيّ محمّد ، فقال : ومن القاتل له؟ قال : قاتله يزيد لعين أهل السماوات والأرض ، فقال آدم : فأىّ شيء أصنع يا جبرئيل؟ فقال : العنه يا آدم فلعنه أربع مرّات ومشى خطوات إلى جبل عرفات فوجد حوّاء هناك (١)

٦٣ ـ عنه قال وروى أنّ نوحا لمّا ركب فى السفينة طافت به جميع الدّنيا فلمّا مرّت بكربلاء أخذته الأرض ، وخاف نوح الغرق فدعا ربّه وقال : إلهى طفت جميع الدنيا وما أصابنى فزع ، مثل ما أصابنى فى هذه الأرض ، فنزل جبرئيل وقال : يا نوح فى هذا الموضع يقتل الحسين سبط محمّد خاتم الأنبياء ، وابن خاتم الأوصياء فقال : ومن القاتل له يا جبرئيل؟ قال : قاتله لعين أهل سبع سماوات وسبع أرضين ، فلعنه نوح أربع مرّات فسارت السفينة حتّى بلغت الجودىّ واستقرّت عليه (٢)

٦٤ ـ عنه قال : روى أنّ إبراهيم عليه‌السلام مرّ فى أرض كربلا ، وهو راكب فرسا فعثرت به وسقط إبراهيم وشجّ رأسه ، وسال دمه ، فأخذ فى الاستغفار وقال : الهى أىّ شيء حدث منّى؟ فنزل إليه جبرئيل ، وقال : يا إبراهيم ما حدث منك ذنب ، ولكن هنا يقتل سبط خاتم الأنبياء وابن خاتم الأوصياء فسال دمك موافقة لدمه.

قال : يا جبرئيل ومن يكون قاتله؟ قال : لعين أهل السماوات والأرضين والقلم جرى على اللّوح بلعنه بغير إذن ربّه ، فأوحى الله تعالى إلى القلم إنّك استحققت الثناء بهذا اللّعن.

فرفع إبراهيم عليه‌السلام يديه ولعن يزيد لعنا كثيرا وأمّن فرسه بلسان فصيح ، فقال إبراهيم لفرسه : أىّ شيء عرفت حتّى تؤمّن على دعائى؟ فقال يا إبراهيم أنا

__________________

(١) بحار الانوار : ٤٤ / ٢٤٢.

(٢) بحار الانوار : ٤٤ / ٢٤٣.

٢١١

أفتخر بركوبك علىّ فلمّا عثرت وسقطت عن ظهرى عظمت خجلتى وكان سبب ذلك من يزيد لعنه الله تعالى (١).

٦٥ ـ عنه قال روى أنّ إسماعيل كانت أغنامه ترعى بشط الفرات ، فأخبره الراعى أنّها لا تشرب الماء من هذه المشرعة منذ كذا يوما فسأل ربّه عن سبب ذلك فنزل جبرئيل وقال : يا اسماعيل سل غنمك فانّها تجيبك عن سبب ذلك؟ فقال لها : لم لا تشربين من هذا الماء؟ فقالت بلسان فصيح :

قد بلغنا أنّ ولدك الحسين عليه‌السلام سبط محمّد يقتل هنا عطشانا ، فنحن لا نشرب من هذه المشرعة حزنا عليه ، فسألها عن قاتله ، فقالت يقتله لعين أهل السماوات والأرضين والخلائق أجمعين ، فقال إسماعيل : اللهمّ العن قاتل الحسين عليه‌السلام (٢).

٦٦ ـ عنه قال : وروى أنّ موسى كان ذات يوم سائرا ومعه يوشع بن نون ، فلمّا جاء إلى أرض كربلا انخرق نعله وانقطع شراكه ، ودخل الخسك فى رجليه ، وسال دمه فقال: الهى أىّ شيء حدث منّى؟ فأوحى إليه أنّ هنا يقتل الحسين عليه‌السلام وهنا يسفك دمه ، فسال دمك موافقة لدمه.

فقال : ربّ ومن يكون الحسين؟ فقيل له : هو سبط محمّد المصطفى ، وابن علىّ المرتضى ، فقال : ومن يكون قاتله؟ فقيل : هو لعين السّمك فى البحار ، والوحوش فى القفار ، والطير فى الهواء ، فرفع موسى يديه ولعن يزيد ودعا عليه وأمّن يوشع بن نون على دعائه ومضى لشأنه (٣).

٦٧ ـ وروى أنّ سليمان كان على بساط ويسير فى الهواء ، فمرّ ذات يوم وهو سائر فى أرض كربلا ، فأدارت الرّيح بساطه ثلاث دورات حتّى خاف السّقوط ،

__________________

(١) بحار الانوار : ٤٤ / ٢٤٣.

(٢) بحار الانوار : ٤٤ / ٢٤٣.

(٣) بحار الانوار : ٤٤ / ٢٤٤.

٢١٢

فسكنت الرّيح ، ونزل البساط فى أرض كربلا.

فقال سليمان للريح : لم سكنتى؟ فقالت : انّ هنا يقتل الحسين عليه‌السلام ، فقال ومن يكون الحسين؟ فقالت : هو سبط محمّد المختار ، وابن علىّ الكرّار ، فقال : ومن قاتله؟ قالت؟ لعين أهل السماوات والأرض يزيد ، فرفع سليمان يديه ولعنه ودعا عليه وأمّن على دعائه الانس والجنّ ، فهبّت الرّيح وسار البساط (١).

٦٨ ـ عنه قال روى أنّ عيسى كان سائحا فى البرارى ، ومعه الحواريّون ، فمرّوا بكربلاء فرأوا أسدا كاسرا ، قد أخذ الطريق فتقدم عيسى الى الاسد ، فقال له : لم جلست فى هذا الطريق؟ ولا تدعنا نمرّ فيه؟ فقال الأسد بلسان فصيح : إنّى لم أدع لكم الطريق حتّى تلعنوا يزيد قاتل الحسين عليه‌السلام.

فقال عيسى عليه‌السلام : ومن يكون الحسين؟ قال : هو سبط محمّد النبيّ الامّىّ وابن على الولىّ ، قال : ومن قاتله؟ قال : قاتله لعين الوحوش والذباب والسباع أجمع خصوصا أيّام عاشورا فرفع عيسى يديه ولعن يزيد ودعا عليه وأمّن الحواريّون على دعائه فتنحى الأسد عن طريقهم ومضوا لشأنهم (٢).

٦٩ ـ عنه قال : روى صاحب الدرّ الثمين فى تفسير قوله تعالى : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ) أنّه رأى ساق العرش وأسماء النبيّ والأئمّة عليهم‌السلام فلقنه جبرئيل قل : يا حميد بحقّ محمّد ، يا عالى بحقّ علىّ ، يا فاطر بحقّ فاطمة ، يا محسن بحقّ الحسن والحسين ومنك الإحسان.

فلمّا ذكر الحسين سالت دموعه وانخشع قلبه ، وقال : يا أخى جبرئيل فى ذكر الخامس ينكسر قلبى ، وتسيل عبرتى؟ قال جبرئيل : ولدك هذا يصاب بمصيبة تصغر عندها المصائب ، فقال : يا أخى وما هى؟ قال : يقتل عطشانا غريبا وحيدا

__________________

(١) بحار الانوار : ٤٤ / ٢٤٤.

(٢) بحار الانوار : ٤٤ / ٢٤٤.

٢١٣

فريدا ليس له ناصر ولا معين ، ولو تراه يا آدم وهو يقول : وا عطشا وا قلّة ناصراه.

حتّى يحول العطش بينه وبين السماء كالدخان ، فلم يجبه أحد إلّا بالسيوف ، وشرب الحتوف ، فيذبح ذبح الشاة من قفاه ، وينهب رحله أعداؤه وتشهر رءوسهم هو وأنصاره فى البلدان ، ومعهم النسوان ، كذلك سبق فى علم الواحد المنّان : فبكى آدم وجبرئيل بكاء الثكلى (١)

٧٠ ـ عنه قال : روى عن بعض الثقات الأخيار ، أنّ الحسن والحسين عليهما‌السلام دخلا يوم عيد إلى حجرة جدّهما ، رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالا : يا جدّا ، اليوم يوم العيد ، وقد تزيّن أولاد العرب بألوان اللّباس ولبسوا جديد الثياب ، وليس لنا ثوب جديد وقد توجّهنا لذلك إليك ، فتأمّل النبيّ حالهما وبكى ، ولم يكن عنده فى البيت ثياب يليق بهما ، ولا رأى أن يمنعهما فيكسر خاطرهما ، فدعا ربّه وقال : إلهى أجبر قلبهما وقلب امّهما.

فنزل جبرئيل ومعه حلّتان بيضاوان من حلل الجنّة ، فسرّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال لهما : يا سيّدى شباب أهل الجنّة ، خذوا أثوابا خاطها خيّاط القدرة على قدر طولكما ، فلمّا رأيا الخلع بيضا قالا : يا جدّاه كيف هذا وجميع صبيان العرب لابسون ألوان الثياب ، فأطرق النبيّ ساعة متفكّرا فى أمرهما.

فقال جبرئيل : يا محمّد طب نفسا وقرّ عينا إنّ صابغ صبغة الله عزوجل يقضى لهما هذا الأمر ويفرّح قلوبهما بأىّ لون شاءا ، فأمر يا محمّد باحضار الطست والابريق فأحضرا فقال جبرئيل : يا رسول الله أنا أصبّ الماء على هذه الخلع وأنت تفركهما بيدك فتصبغ لهما بأىّ لون شاءا.

فوضع النبيّ حلّة الحسن فى الطست فأخذ جبرئيل يصبّ الماء ثمّ أقبل النبيّ

__________________

(١) بحار الانوار : ٤٤ / ٢٤٥.

٢١٤

على الحسن وقال له : يا قرّة عينى بأىّ لون تريد حلّتك؟ فقال : اريدها خضراء ففركها النبيّ بيده فى ذلك الماء ، فأخذت بقدرة الله لونا أخضر ، فائقا كالزبرجد الأخضر ، فأخرجها النبيّ وأعطاها الحسن ، فلبسها.

ثمّ وضع حلّة الحسين فى الطست وأخذ جبرئيل يصبّ الماء فالتفت النبيّ إلى نحو الحسين ، وكان له من العمر خمس سنين وقال له : يا قرّة عينى أىّ لون تريد حلّتك؟ فقال الحسين : يا جدّ! اريدها حمراء ففركها النبيّ بيده فى ذلك الماء فصارت حمراء كالياقوت الأحمر ، فلبسها الحسين فسرّ النبيّ بذلك وتوجّه الحسن والحسين إلى امّهما فرحين مسرورين.

فبكى جبرئيل عليه‌السلام لمّا شاهد تلك الحال فقال النبيّ : يا أخى جبرئيل فى مثل هذا اليوم الذي فرح فيه ، ولد اى تبكى وتحزن؟ فبالله عليك إلّا ما أخبرتنى ، فقال جبرئيل: اعلم يا رسول الله أنّ اختيار ابنيك على اختلاف اللّون : فلا بدّ للحسن أن يسقوه السمّ ويخضرّ لون جسده من عظم السمّ ولا بدّ للحسين أن يقتلوه ويذبحوه ويخضب بدنه من دمه ، فبكى النبيّ وزاد حزنه لذلك (١).

٧١ ـ عنه قال : روى الشيخ جعفر بن نما فى مثير الأحزان باسناده ، عن زوجة العبّاس بن عبد المطلب ، وهى أمّ الفضل لبابة بنت الحارث قالت : رأيت فى النوم قبل مولد الحسين عليه‌السلام كأن قطعة من لحم رسول الله قطعت ووضعت فى حجرى ، فقصصت الرؤيا على رسول الله ، فقال : إن صدقت رؤياك فانّ فاطمة ستلد غلاما وأدفعته إليك لترضعيه ، فجرى الأمر على ذلك ، فجئت به يوما فوضعته فى حجره فبال ، فقطرت منه قطرة على ثوبه صلى‌الله‌عليه‌وآله فقرصته فبكى.

فقال : كالمغضب : مهلا يا أمّ الفضل فهذا ثوبى يغسل وقد أوجعت ابنى ، قالت :

__________________

(١) بحار الانوار : ٤٤ / ٢٤٥.

٢١٥

فتركته ومضيت لآتيه بماء ، فجئت فوجدته صلى‌الله‌عليه‌وآله يبكى فقلت : ممّ بكاءك يا رسول الله فقال : إنّ جبرئيل أتانى وأخبرنى أن امّتى تقتل ولدى هذا.

قال : وقال أصحاب الحديث فلمّا أتت على الحسين سنة كاملة ، هبط على النبيّ اثنا عشر ملكا ، على صور مختلفة أحدهم على صورة بنى آدم يعزّونه ويقولون إنّه سينزل بولدك الحسين ابن فاطمة ما نزل بهابيل من قابيل ، وسيعطى مثل أجر هابيل ، ويحمل على قاتله مثل وزر قابيل ، ولم يبق ملك إلّا نزل إلى النبيّ يعزّونه ، والنبيّ يقول : اللهمّ أخذل خاذله ، واقتل قاتله ، ولا تمتّعه بما طلبه (١)

٧٢ ـ عنه عن أشعث بن عثمان عن أبيه ، عن أنس بن أبى سحيم قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إنّ ابني هذا يقتل بأرض العراق ، فمن أدركه منكم فلينصره فحضر أنس مع الحسين كربلا وقتل معه (٢).

٧٣ ـ عنه قال : ورويت عن عبد الصمد بن أحمد بن أبى الجيش ، عن شيخه أبى الفرج عبد الرحمن بن الجوزى ، عن رجاله ، عن عائشة قالت : دخل الحسين على النبيّ وهو غلام يدرج فقال : أى عائشة ألا أعجبك لقد دخل علىّ آنفا ملك ما دخل علىّ قطّ ، فقال : إنّ ابنك هذا مقتول ، وان شئت أريتك عن تربته الّتي يقتل بها فتناول ترابا أحمر فأخذته أمّ سلمة فخزنته فى قارورة فأخرجته يوم قتل وهو دم (٣).

٧٤ ـ عنه عن عبد الله بن يحيى قال : دخلنا مع علىّ إلى صفّين فلمّا حاذى نينوى ، نادى صبرا يا عبد الله ، فقال : دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعيناه تفيضان فقلت : بأبى أنت وأمّى يا رسول الله ما لعينيك تفيضان؟ أغضبك أحد؟ قال : لا ، بل

__________________

(١) بحار الانوار : ٤٤ / ٢٤٦.

(٢) بحار الانوار : ٤٤ / ٢٤٦.

(٣) بحار الانوار : ٤٤ / ٢٤٧.

٢١٦

كان عندى جبرئيل فأخبرنى أنّ الحسين يقتل بشاطئ الفرات ، وقال : هل لك أن أشمّك من تربته؟ قلت : نعم فمدّ يده فأخذ قبضة من تراب فأعطانيها ، فلم أملك عينى أن فاضتا واسم الأرض كربلا.

فلمّا أتت عليه سنتان خرج النبيّ إلى سفر فوقف فى بعض الطريق واسترجع ودمعت عيناه ، فسئل عن ذلك فقال : هذا جبرئيل يخبرنى عن أرض بشطّ الفرات ، يقال لها كربلا يقتل فيها ولدى الحسين وكأنّى انظر إليه وإلى مصرعه ومدفنه بها ، وكأنّى أنظر على السّبايا على أقتاب المطايا وقد أهدى رأس ولدى الحسين الى يزيد لعنه الله ، فو الله ما ينظر أحد الى رأس الحسين ويفرح الّا خاف الله بين قلبه ولسانه ، وعذّبه والله عذابا أليما.

ثمّ رجع النبيّ من سفره مغموما مهموما ، كئيبا حزينا فصعد ، المنبر وأصعد معه الحسن والحسين وخطب ووعظ الناس فلمّا فرغ من خطبته وضع يده اليمنى على رأس الحسن ويده اليسرى على رأس الحسين ، وقال :

اللهمّ إنّ محمّدا عبدك ورسولك وهذان أطائب عترتى ، وخيار أرومتى ، وأفضل ذرّيتى ، ومن أخلّفهما فى أمّتى وقد أخبرنى جبرئيل أنّ ولدى هذا مقتول بالسمّ والآخر شهيد مضرّج بالدم اللهمّ فبارك له فى قتله ، واجعله من سادات الشهداء اللهمّ ولا تبارك فى قاتله وأصله حرّ نارك ، واحشره فى أسفل درك الجحيم.

قال : فضجّ الناس بالبكاء والعويل ، فقال لهم النبيّ : أيّها الناس أتبكونه ولا تنصرونه ، اللهم فكن أنت له وليا وناصرا ، ثمّ قال : يا قوم انّى مخلف فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتى وارومتى ومزاج مائى وثمرة فؤادى ، ومهجتى ، لن يفترقا حتّى يردا علىّ الحوض ألا وإنّى لا أسألكم فى ذلك إلّا ما أمرنى ربّى أن أسألكم عنه ، أسألكم عن المودّة فى القربى ، واحذروا أن تلقونى غدا على الحوض وقد آذيتم

٢١٧

عترتى ، وقتلتم أهل بيتى وظلمتموهم.

ألا إنّه سيرد علىّ يوم القيامة ثلاث رايات من هذه الامّة : الاولى راية سوداء مظلمة قد فزعت منها الملائكة ، فتقف علىّ فأقول لهم : من أنتم؟ فينسون ذكرى ، ويقولون : نحن أهل التوحيد من العرب ، فأقول لهم : أنا أحمد نبىّ العرب والعجم.

فيقولون : نحن من أمّتك ، فأقول : كيف خلفتمونى من بعدى فى أهل بيتى وعترتى وكتاب ربّى؟ فيقولون : أمّا الكتاب فضيّعناه ، وأمّا العترة فحرصنا أن نبيدهم عن جديد الأرض ، فلمّا أسمع ذلك منهم أعرض عنهم وجهى ، فيصدرون عطاشا مسوّدة وجوههم.

ثمّ ترد علىّ راية اخرى أشدّ سوادا من الاولى ، فأقول لهم : كيف خلفتمونى من بعدى فى الثقلين كتاب الله وعترتى؟ فيقولون. أمّا الاكبر فخالفناه ، وأمّا الأصغر فمزّقناهم كلّ ممزّق ، فأقول : إليكم عنّى فيصدرون عطاشا مسودّة وجوههم.

ثمّ ترد علىّ راية تلمع وجوههم نورا فأقول لهم : من أنتم؟ فيقولون : نحن اهل كلمة التوحيد والتقوى من أمّة محمّد المصطفى ، ونحن بقية أهل الحقّ حملنا كتاب ربّنا وحلّلنا حلاله وحرّمنا حرامه وأحببنا ذرّية نبيّنا محمّد ونصرناهم من كلّ ما نصرنا به أنفسنا ، وقاتلنا معهم من ناواهم.

فأقول لهم ابشروا فأنا نبيّكم محمّد ولقد كنتم فى الدنيا كما قلتم ، ثمّ أسقيهم من حوضى فيصدرون مرويّين مستبشرين ثمّ يدخلون الجنّة خالدين فيها أبد الآبدين (١).

٧٥ ـ نصر بن مزاحم : حدّثنى مصعب بن سلام ، قال أبو حيّان التميمى ، عن أبى عبيدة ، عن هرثمة بن سليم قال : غزونا مع علىّ بن أبى طالب غزوة صفّين ، فلمّا

__________________

(١) بحار الانوار : ٤٤ / ٢٤٨.

٢١٨

نزلنا بكربلاء صلى بنا صلاة ، فلمّا سلّم رفع إليه من تربتها فشمّها ثمّ قال : واها لك أيّتها التربة ليحشرنّ منك قوم يدخلون الجنّة بغير حساب ، فلمّا رجع هرثمة من غزوته إلى امرأته ـ وهى جرداء بنت سمير ، وكانت شيعة لعلى ـ

فقال : لها زوجها هرثمة : ألا أعجبك من صديقك أبى الحسن؟ لمّا نزلنا كربلا رفع إليه من تربتها فشمّها وقال : واها لك يا تربة ، ليحشرنّ منك قوم يدخلون الجنّة بغير حساب وما علمه بالغيب؟ فقالت : دعنا منك أيّها الرجل ؛ فانّ أمير المؤمنين لم يقل إلّا حقّا.

فلمّا بعث عبيد الله بن زياد البعث الذي بعثه إلى الحسين بن علىّ وأصحابه ، قال : كنت فيهم فى الخيل التي بعث إليهم ، فلمّا انتهيت الى القوم والحسين وأصحابه عرفت المنزل الذي نزل بنا علىّ فيه والبقعة التي رفع إليه من ترابها ، والقول الذي قاله ، فكرهت مسيرى ، فأقبلت على فرسى حتّى وقفت على الحسين ، فسلّمت عليه ، وحدثته بالذى سمعت من أبيه فى هذا المنزل ، فقال الحسين : معنا أنت أو علينا؟

فقلت : يا ابن رسول الله لا معك ولا عليك ، تركت أهلى وولدى أخاف عليهم من ابن زياد ، فقال الحسين : فولّ هربا حتّى لا ترى لنا مقتلا : فو الذي نفس محمّد بيده لا يرى مقتلنا اليوم رجل ولا يغيثنا إلّا أدخله الله النار ، قال : فأقبلت فى الارض هاربا حتّى خفى علىّ مقتله (١)

٧٦ ـ نصر : عن مصعب بن سلام قال : حدّثنا الاجلح بن عبد الله الكندى ، عن أبى جحيفة قال جاء عروة البارقىّ الى سعيد بن وهب ، فسأله وأنا أسمع فقال : حديث حدّثتنيه عن علىّ بن أبى طالب. قال : نعم ، بعثنى مخنف بن سليم الى علىّ. فأتيته بكربلاء : فوجدته يشير بيده ويقول : هاهنا هاهنا. فقال له رجل : وما ذلك

__________________

(١) وقعة صفين : ١٤٠.

٢١٩

يا أمير المؤمنين؟

قال : ثقل لآل محمّد ينزل هاهنا فويل لهم منكم ، وويل لكم منهم ، فقال له الرجل : ما معنى هذا الكلام يا أمير المؤمنين؟ قال : ويل لهم منكم تقتلونهم وويل لكم منهم : يدخلكم الله بقتلهم الى النار.

وقد روى هذا الكلام على وجه آخر : أنّه عليه‌السلام قال : فويل لكم منهم ، وويل لكم عليهم ، قال الرجل : أمّا ويل لنا منهم فقد عرفت : وويل لنا عليهم ما هو؟ قال : ترونهم يقتلون ولا تستطيعون نصرهم (١).

٧٧ ـ نصر : عن سعيد بن حكيم العبسى : عن الحسن بن كثير ، عن أبيه : أن عليّا أتى كربلاء فوقف بها ، فقيل يا أمير المؤمنين ، هذه كربلاء. قال : ذات كرب وبلاء ، ثمّ أومأ بيده الى مكان فقال : هاهنا موضع رحالهم ، ومناخ ركابهم وأومأ بيده إلى موضع آخر فقال : هاهنا مهراق دمائهم (٢).

٧٨ ـ ابن طاوس قال رواة الحديث : فلمّا أتت على الحسين عليه‌السلام من مولده سنة كاملة هبط على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اثنى عشر ملكا أحدهم على صورة الاسد والثانى على صورة الثور ، والثالث على صورة التنين والرابع على صورة ولد آدم والثمانية الباقون على صور شتى محمرة وجوههم باكية عيونهم.

قد نشروا أجنحتهم وهم يقولون يا محمّد سينزل بولدك الحسين عليه‌السلام ابن فاطمة ما نزل بهابيل من قابيل ، وسيعطى مثل أجر هابيل ويحمل على قاتله وزر قابيل ، ولم يبق فى السموات ملك مقرّب الّا ونزل الى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله كلّ يقرئه السلام ويعزيه فى الحسين عليه‌السلام ، ويخبره بثواب ما يعطى ويعرض عليه تربته والنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : اللهمّ اخذل من خذله واقتل من قتله ولا تمتّعه بما طلبه.

__________________

(١) وقعة صفين : ١٤١.

(٢) وقعة صفين : ١٤٢.

٢٢٠