السيد جعفر مرتضى العاملي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-198-X
ISBN الدورة:
الصفحات: ٣٥٥
فقلت : ما لك عن فلان؟! والله إني لأراه مؤمنا؟!
فقال رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : «أو مسلما».
ذكر ذلك ثلاثا ، وأجابه بمثل ذلك ، ثم قال رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : «إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه ، خشية أن يكبه الله تعالى في النار على وجهه» (١).
وروى البخاري عن عمرو بن تغلب قال : أعطى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» قوما ومنع آخرين ، فكأنهم عتبوا عليه ، فقال : «إني أعطي أقواما أخاف هلعهم وجزعهم ، وأكل أقواما إلى ما جعل الله تعالى في قلوبهم من الخير والغنى ، منهم عمرو بن تغلب».
قال عمرو : فما أحببت أن لي بكلمة رسول الله «صلىاللهعليهوآله» حمر النعم (٢).
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٤٠١ عن البخاري ، وأشار في هامشه إلى : البخاري ج ٣ ص ٣٩٩ (١٤٧٨).
وراجع : سنن سعد بن أبي وقاص ص ٤٠ وصحيح مسلم ج ٣ ص ١٠٤ وصحيح البخاري (ط دار الفكر) ج ٢ ص ١٣١ وعمدة القاري ج ٩ ص ٦٢ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٧ ص ٢٢١ وسنن أبي يعلى ج ٢ ص ٨٣ وتغليق التعليق ج ٢ ص ٣٢.
(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٤٠٢ عن : البخاري ج ٦ ص ٣٨٨ (٣١٤٥).
وراجع : الإستيعاب (ط دار الجيل) ج ٣ ص ١١٦٧ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٤١٥ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٦٨٤ ونيل الأوطار ج ٨ ص ١٢٦ وصحيح البخاري (ط دار الفكر) ج ٤ ص ٥٩ وعمدة القاري ج ١٥ ص ٧١ وكنز العمال ج ١١ ص ٧٣٠.
ونقول :
إننا لا نستطيع أن نؤيد صحة هذه الروايات ، بل لعلنا نكاد نطمئن إلى عكس ذلك ، فلاحظ ما يلي :
ألف : بالنسبة لجعيل بن سراقة نقول :
١ ـ إن جعيل بن سراقة ، هو الذي قالوا : إن إبليس تصور في صورته يوم أحد (١).
وابن إسحاق يقول : جعيل. وغير ابن إسحاق يقول : جعال (٢).
فمن يكون كذلك كيف يكون بهذه المثابة التي يريدونها له؟!
مع ملاحظة : أن العبارة المنسوبة إلى النبي «صلىاللهعليهوآله» هي : أوكله إلى إسلامه. ولم يقل : إلى إيمانه. وبينهما فرق واضح.
٢ ـ على أننا نجد هذا الرجل غير معروف بالدرجة الكافية التي تجعلنا نصدق بصحة مقارنته أو مقارنة دوره بأبي سفيان ، وعيينة بن حصن ،
__________________
(١) الإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج ١ ص ٢٦٠ و (ط دار الجيل) ص ٢٧٤ وراجع : السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ٥٧٥ و ٦٣٢ وج ٣ ص ٨٥ ومستدرك سفينة البحار ج ١ ص ٤١١.
(٢) الإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج ١ ص ٢٣٨ و (ط دار الجيل) ص ٢٤٦ وعمدة القاري ج ٢٠ ص ٨٧ وراجع : فتح الباري ج ١١ ص ٢٣٧ وفيض القدير ج ٦ ص ٤٧٤ والإكليل للكرباسي ص ٥٣٩ والطبقات الكبرى ج ٤ ص ٢٤٦ وإكمال الكمال ج ٢ ص ١٠٦ وأسد الغابة ج ١ ص ٢٨٣ و ٢٨٤ و ٢٩٠ وراجع :
الإصابة ج ١ ص ٥٩٦ وموسوعة التاريخ الإسلامي ج ٢ ص ٧٠٢ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ٥٠٣ و ٦٣٢ وتاج العروس ج ١٤ ص ١٠٩.
والأقرع بن حابس ، وسهيل بن عمرو ، وغيرهم من ذوي النفوذ الذين كان «صلىاللهعليهوآله» يتألفهم على الإسلام ، دفعا لشرهم ، أو لأجل ما لهم من تأثير في الناس.
فما معنى أن يطالب النبي «صلىاللهعليهوآله» بإعطاء جعيل ، أو جعال مثل ما أعطى هؤلاء النفر؟!
٣ ـ بل إن جعيل بن سراقة كان مسكينا فقيرا ، كشكله من الناس ، كما في بعض الروايات (١). ولا يقرن أمثاله بالرؤساء في المطالبة بإعطائه مثلهم.
٤ ـ على أن جعال بن سراقة ، وهو من فقراء المهاجرين قد لطم وجه سنان بن وبرة ، حين ازدحموا على الماء ، وكادت تكون فتنة ، لو لا أن النبي «صلىاللهعليهوآله» تداركها بحكمته ، حيث يروى : أن ابن أبي قال في هذه المناسبة : (لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ) (٢)» (٣).
ولعل المراد ـ لو كان للقضية أصل ـ : أنه حتى جميل بن سراقة ، الذي تشبه به إبليس اللعين ، كان أفضل من هؤلاء الناس ، لأنه يظهر الإسلام ، ولا يحاربه ، ولا يضرّ به بالمقدار الذي يضرّ به أبو سفيان ، وعيينة ، والأقرع.
ب : بالنسبة لحديث عمرو بن تغلب نقول :
__________________
(١) الإصابة ج ١ ص ٢٣٩ وعمدة القاري ج ٢٠ ص ٨٧ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٣ ص ٨٥ وفي الإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج ١ ص ٢٦٠ و (ط دار الجيل) ص ٢٧٤ : أنه كان من فقراء المسلمين. وراجع : المجازات النبوية ص ٧٦ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢٤ ص ١٧٠ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٢١٧ وج ٦ ص ٣٤٣.
(٢) الآية ٨ من سورة المنافقون.
(٣) راجع : فصل «ليخرجن الأعز منها الأذل» من هذا الكتاب.
١ ـ إنه هو الذي يروي هذا الأمر عن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» وهو يتضمن مدحا له ، فهو يجر النار إلى قرصه.
٢ ـ يضاف إلى ذلك : أن هذه الرواية ونظائرها قد اشتملت على قرائن تدل على أنه يتحدث عن قصة أخرى غير قصة حنين .. حيث ذكر فيها : أن مالا قد جاء إلى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، فقسمه «صلىاللهعليهوآله» على ذلك النحو المشار إليه (١).
ولم نجد في النصوص المتوفرة لدينا ما يدل على حصول أمر كهذا في غير غزوة حنين .. فليلاحظ ذلك ..
نتائج قسم غنائم حنين :
في رواية زرارة عن أبي جعفر «عليهالسلام» ، قال : قال أبو جعفر «عليهالسلام» : فلما كان في قابل جاؤوا بضعف الذي أخذوا ، وأسلم ناس كثير ، قال : فقام رسول الله «صلىاللهعليهوآله» خطيبا ، فقال : هذا خير أم الذي قلتم؟! قد جاؤوا من الإبل كذا وكذا ضعف ما أعطيتهم. وقد أسلم لله عالم وناس كثير.
والذي نفس محمد بيده ، لوددت أن عندي ما أعطي كل إنسان ديته على أن يسلم لله رب العالمين (٢).
__________________
(١) الإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج ٢ ص ٥١٨ و ٥١٩ و (ط دار الجيل) ج ١ ص ٢٤٥ والإصابة (ط دار الكتب العلمية) ج ١ ص ٥٩٦.
(٢) تفسير العياشي ج ١ ص ٩١ و ٩٢ والبحار ج ٢١ ص ١٧٨ وج ٩٣ ص ٥٩ ومستدرك سفينة البحار ج ٥ ص ١١٤ ومستدرك الوسائل ج ٧ ص ١٠٣ وجامع أحاديث الشيعة ج ٨ ص ١٧٦.
وهذا معناه : أن نتائج كبيرة وهامة جدا ترتبت على إعطاء النبي «صلىاللهعليهوآله» الغنائم للمؤلفة قلوبهم في حنين ، وقد تضمن هذا النص الإشارة إلى بعض تلك الفوائد ، وهي التالية :
١ ـ إن هؤلاء الذين حصلوا على هذه الأموال ، قد شمروا عن ساعد الجد ، وعملوا على كسر شوكة أهل الشرك في المحيط الذي يعيشون فيه ، وبذلك يكون الأمن والإسلام قد شملا المنطقة بأسرها ..
٢ ـ إن هؤلاء الناس الذين أعطاهم سوف يشعرون : أن عودتهم إلى الشرك أصبحت في غير صالحهم ، كما أن اللامبالات واعتزال الساحة ، سوف يفوّت عليهم فرصا كبيرة ، طالما حلموا بها ..
٣ ـ إن ما حصل عليه المسلمون من غنائم بعد حنين كان أضعاف ما قسمه النبي «صلىاللهعليهوآله» في المؤلفة قلوبهم.
٤ ـ إن الفرصة قد تهيأت لدخول عالم وناس كثير في الإسلام ، حيث أمن الناس غائلة نفس هؤلاء الذين كانوا يخشون من سطوتهم ، وبطشهم بعد رجوع النبي «صلىاللهعليهوآله» إلى المدينة ..
إذ إن ما صنعه رسول الله «صلىاللهعليهوآله» في غنائم حنين ، قد حفز نفس هؤلاء الزعماء الذين يخشاهم الناس إلى السير في البلاد ودعوة العباد إلى الدخول في دين محمد «صلىاللهعليهوآله» بعد أن كانوا يصدون عنه وعن دينه .. ثم كانوا يسعون في إخضاع كل المناوئين الذين يسيرون في الإتجاه الآخر ..
وهذا كله من بركات رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، ومن نتائج حسن تقديره للأمور ، ومن روائع وسياسته الحكيمة.
من هم المؤلفة قلوبهم؟! :
وروي بسند صحيح ، عن أبي جعفر الباقر «عليهالسلام» في المؤلفة قلوبهم قال : هم قوم وحدوا الله عزوجل ، وخلعوا عبادة من يعبد من دون الله ، وشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وهم في ذلك شكاك في بعض ما جاء به محمد «صلىاللهعليهوآله» ، فأمر الله عزوجل نبيه «صلىاللهعليهوآله» أن يتألفهم بالمال والعطاء ، لكي يحسن إسلامهم ، ويثبتوا على دينهم الذي دخلوا فيه ، وأقروا به (١).
وفي حديث آخر عن أبي جعفر «عليهالسلام» قال : المؤلفة قلوبهم قوم وحدوا الله ، وخلعوا عبادة [من يعبد] من دون الله ، ولم تدخل المعرفة قلوبهم : أن محمدا رسول الله.
وكان رسول الله «عليهالسلام» يتألفهم ، ويعرفهم لكيما يعرفوا ، ويعلمهم (٢).
__________________
(١) الكافي ج ٢ ص ٤١١ وتفسير العياشي ج ١ ص ٩١ و ٩٢ وتفسير نور الثقلين ج ٢ ص ٢٣١ والبحار ج ٢١ ص ١٧٧ وج ٩٣ ص ٥٨ وراجع : غنائم الأيام ج ٤ ص ١٣٧ وجواهر الكلام ج ١٥ ص ٣٣٩ وشرح أصول الكافي ج ١٠ ص ١٢٣ والحدائق الناضرة ج ١٢ ص ١٧٥ وج ٢٥ ص ١٦٥ ومستند الشيعة ج ٩ ص ٢٧٥ وجامع المدارك ج ٢ ص ٦٥ ومستدرك الوسائل ج ٧ ص ١٠٢ وجامع أحاديث الشيعة ج ٨ ص ١٧٥ ومستدرك سفينة البحار ج ١ ص ١٦٧ وموسوعة أحاديث أهل البيت «عليهمالسلام» ج ٧ ص ١٩١.
(٢) الكافي ج ٢ ص ٤١١ وراجع : الحدائق الناضرة ج ١٢ ص ١٧٦ وشرح أصول الكافي ج ١٠ ص ١٢٢ وجامع أحاديث الشيعة ج ٨ ص ١٧٦.
وفي نص ثالث : وهم قوم وحدوا الله ، وخرجوا من الشرك ، ولم تدخل معرفة محمد رسول الله «صلىاللهعليهوآله» قلوبهم ، وما جاء به ، فتألفهم رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وتألفهم المؤمنون بعد رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، لكيما يعرفوا (١).
ونقول :
١ ـ إن الحكام بعد رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ألغوا سهم المؤلفة قلوبهم ، ولكن المؤمنين من الناس هم الذين كانوا يتألفونهم كما ظهر من الرواية المتقدمة.
٢ ـ إن الإمام «عليهالسلام» لا يريد أن يتحدث عن ذلك القسم من الناس الذين اتخذوا طريق النفاق ، وكانت ثمة حاجة لدفع شرهم ، أو الحدّ من نشاطهم التخريبي ، فيلجمهم هذا الموقف المواتي منهم على المبادرة على شيء من ذلك خوفا من فوات بعض المنافع ، التي كانوا يأملون بالحصول عليها في المستقبل ، بعد أن ظهر لهم في حنين أن سلوكهم الرضي ، والملائم ، قد يحقق لهم مكاسب ثمينة جدا ..
٣ ـ كما أنه «صلىاللهعليهوآله» لا يتحدث عن أولئك الناس الذين يراد أن يعيشوا حياة السكون والطمأنينة ، وتوقع المكاسب في داخل
__________________
(١) الكافي ج ٢ ص ٤١٢ وتفسير نور الثقلين ج ٢ ص ٢٣٢ التفسير الصافي ج ٢ ص ٣٥٢ وراجع : الحدائق الناضرة ج ١٢ ص ١٧٦ ومصباح الفقيه ج ٣ ص ٩٥ وشرح أصول الكافي ج ١٠ ص ١٢٥ وجامع أحاديث الشيعة ج ٨ ص ١٧٦ وغنائم الأيام ج ٤ ص ١٣٧ وشرح أصول الكافي ج ١٠ ص ١٢٢ و ١٢٥ والخصال هامش ص ٣٣٤.
المجتمع الإسلامي ، ويتألفهم ليدفع شرهم عن الكثيرين من المسلمين الذين هم من أقاربهم ، أو ممن يمكن أن يمارسوا عليهم نفوذا أو ضغوطا قوية تمنعهم من التفاعل مع هذا الدين ..
الفصل الرابع :
المستفيدون .. والمعترضون
إعتراض الخارجي :
عن ابن مسعود ، قال : لما قسم رسول الله «صلىاللهعليهوآله» لنا هوازن يوم حنين وآثر أناسا من أشراف العرب ، قال رجل من الأنصار : هذه قسمة ما عدل فيها ، وما أريد فيها وجه الله.
فقلت : والله لأخبرن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، فأخبرته ، فتغير وجهه حتى صار كالصرف ، وقال : «فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله ، رحمة الله على موسى ، قد أوذي بأكثر من هذا فصبر» (١).
والرجل المبهم : قال محمد بن عمر : هو معتب بن قشير.
قصة أخرى :
روى ابن إسحاق ، عن ابن عمرو ، والإمام والشيخان عن جابر ،
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٤٠٤ عن البخاري ، ومسلم ، والبيهقي ، وفي هامشه عن : البخاري (١١٣٨) ومسلم ج ٢ ص ٧٣٩ (١٤٠). وراجع : الروض الأنف ج ٤ ص ١٦٨ و ١٦٩ والأذكار النووية ص ٣١٥ ورياض الصالحين ص ٨٢ ونيل الأوطار ج ٨ ص ١٢٥ وصحيح مسلم (ط دار الفكر) ج ٣ ص ١٠٩ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٤١٦ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٦٨٦.
والشيخان والبيهقي عن أبي سعيد : أن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» بينا هو يقسم غنائم هوازن إذ قام إليه رجل ـ قال ابن عمر وأبو سعيد : من تميم يقال له : ذو الخويصرة (وفي بعض النصوص : طوال آدم : أجنأ (١) بين عينيه أثر السجود ، فسلم ، ولم يخص النبي «صلىاللهعليهوآله») ، فوقف عليه ، وهو يعطي الناس ، فقال : يا محمد ، قد رأيت ما صنعت في هذا اليوم.
فقال رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : «أجل ، فكيف رأيت»؟
قال : لم أرك عدلت. إعدل.
فغضب رسول الله «صلىاللهعليهوآله» وقال : «شقيت إن لم أعدل. ويحك ، إذا لم يكن العدل عندي فعند من يكون»؟
فقال عمر بن الخطاب : يا رسول الله ، دعني أقتل هذا المنافق.
فقال رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : «معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي ، دعوه فإنه سيكون له شيعة يتعمقون في الدين حتى يخرجوا منه كما يخرج السهم من الرمية ، ينظر في النصل فلا يوجد فيه شيء ، ثم في القدح فلا يوجد فيه شيء ، ثم في الفوق فلا يوجد فيه شيء.
وفي لفظ : ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شيء ، ثم ينظر إلى نصيبه ـ وهو قدحه ـ فلا يوجد فيه شيء ، ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء ، قد سبق الفرث والدم ، يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم».
ولفظ رواية جابر : «إن هذا وأصحابه يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية ، آيتهم أن فيهم رجلا أسود ، إحدى
__________________
(١) الأجنا : الأحدب.
عضديه مثل ثدي المرأة ، أو مثل البضعة تدردر ، يخرجون على حين فرقة من الناس».
وفي رواية : «على حين فرقة» (١).
قال أبو سعيد : فأشهد أني سمعت هذا من رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه ، وأمر بذلك الرجل فالتمس حتى أتي به ، حتى نظرت إليه على نعت رسول الله «صلىاللهعليهوآله» الذي نعت (٢).
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٤٠٤ و ٤٠٥ والإرشاد للمفيد ج ١ ص ١٤٨ و ١٤٩ وإعلام الورى ص ١٢٧ و ١٢٨ والبحار ج ٢١ ص ١٦١ و ١٧٣ و ١٧٤ وج ٣٣ ص ٣٣٥ والنص والإجتهاد ص ١٠٣ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ١١٥ وراجع : نيل الأوطار ج ٧ ص ٣٤٥ وصحيح البخاري ج ٤ ص ١٧٩ وصحيح مسلم ج ٣ ص ١١٢ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٨ ص ١٧١ وعمدة القاري ج ١٦ ص ١٤٢ و ١٤٣ والسنن الكبرى للنسائي ج ٥ ص ١٥٩ وخصائص أمير المؤمنين للنسائي ص ١٣٧ وصحيح ابن حبان ج ١٥ ص ١٤٠ والتمهيد لابن عبد البر ج ٢٣ ص ٣٣٠ وتهذيب الكمال ج ١٣ ص ٢٦٤.
(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٤٠٥ وإعلام الورى ص ١٢٧ و ١٢٨ والبحار ج ٢١ ص ١٧٣ و ١٧٤ عن صحيح البخاري. وراجع : المصنف للصنعاني ج ١٠ ص ١٤٧ و ١٤٩ والجوهرة في نسب علي بن أبي طالب وآله ص ١١٠ وكنز العمال ج ١١ ص ٢٩٦ و ٢٩٧ عن عبد الرزاق ، وابن أبي شيبة. والخصائص للنسائي ص ١٣٨ و ١٣٩ وفي هامشه عن المصادر التالية : أسد الغابة ج ٢ ص ١٤٠ والبداية والنهاية ج ٧ ص ٣٠١ وميزان الإعتدال ج ٢ ص ٢٦٣ ومسند أحمد ج ٣ ص ٥٦ وج ١ ص ٩١ والعقود الفضية ص ٦٧ والمناقب للخوارزمي ـ
وفي نص آخر : فقال المسلمون : ألا نقتله يا رسول الله؟!
فقال : دعوه ، سيكون له أتباع يمرقون من الدين ، كما يمرق السهم من الرمية ، يقتلهم الله على يد أحب الخلق إليه بعدي.
فقتله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليهالسلام» في من قتل يوم النهروان من الخوارج (١).
وروى سماعة عن أبي عبد الله وأبي الحسن «عليهماالسلام» : أن ذلك الرجل قال للنبي «صلىاللهعليهوآله» : ما عدلت حين قسمت.
فقال له «صلىاللهعليهوآله» : ويلك ، ما تقول؟! ألا ترى قسمت الشاة حتى لم يبق لي شاة؟!
أولم أقسم البقر حتى لم يبق معي بقرة واحدة؟!
__________________
ـ ص ١٨٣ ونزل الأبرار ص ٥٨ وفي هامشه عن بعض من تقدم وعن : حلية الأولياء ج ٤ ص ١٨٦ وعن مجمع الزوائد ج ٦ ص ٢٣٩ وعن سنن البيهقي ج ٨ ص ١٧٠ وعن صحيح مسلم ج ٢ ص ٧٤٨ وعن المناقب لابن شهر آشوب ج ٣ ص ٩١ وعن تاريخ بغداد ج ١٣ ص ١٨٦ وعن المستدرك للحاكم ج ٢ ص ١٤٥ وعن سنن أبي داود ج ٢ ص ٢٨٢.
(١) الإرشاد للمفيد ج ١ ص ١٤٨ و ١٤٩ والبحار ج ٢١ ص ١٦١ و ١٧٣ و ١٧٤ وإعلام الورى ص ١٢٧ و ١٢٨ و (ط ؤسسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث) ج ١ ص ٣٨٨ والمستجاد من الإرشاد (المجموعة) ص ٨٨ ومستدرك سفينة البحار ج ٣ ص ٤٧ ودرر الأخبار ص ١٧٦ والدر النظيم ص ١٨٤ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب «عليهالسلام» في القرآن والسنة ج ٦ ص ٣١٠.
أولم أقسم الإبل حتى لم يبق معي بعير واحد؟! الخ .. (١).
ونقول :
إن لنا مع ما تقدم العديد من الملاحظات ، والتوضيحات ، نذكر منها ما يلي :
البقر من الغنائم :
وهذا النص الأخير يشير إلى وجود بقر في جملة الغنائم .. فلا واقع لقول بعضهم : لعل عدم ذكر عدد البقر كان لأجل عدم اغتنام شيء منه ، لأن تلك القبائل لم تكن تقتني البقر عادة.
وربما يكون سبب عدم ذكر أعداد البقر الذي وقع في الغنائم هو عدم معرفة الرواة بعددها ، أو أن قلة عددها أوجب صرفهم النظر عن ذكرها ..
الخوارج في حديث رسول الله صلىاللهعليهوآله :
هذا .. وقد زخرت كتب الحديث والتاريخ بما روي عن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» في حق الخوارج ، سواء في ذلك ما قاله يوم حنين ، أو ما قاله في غيرها ..
وقد وصفهم «صلىاللهعليهوآله» : بأنهم يقرؤون القرآن ، لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، هم شر الخلق والخليقة (٢).
__________________
(١) البحار ج ٢١ ص ١٦٤ وتفسير العياشي ج ٢ ص ٩٢ و ٩٣.
(٢) راجع على سبيل المثال في أمثال هذه العبارات ما يلي : مسند أحمد ج ١ ص ٨٨ و ٩٢ و ١٠٨ و ١١٣ و ١٣١ و ١٤٧ و ١٥١ و ١٥٦ و ١٦٠ و ٢٥٦ و ٤٠٤ ـ
__________________
ـ و ٤١١ و ٤٤١ و ٤٣٥ و ٣٨٠ و ٣٩٥ وج ٢ ص ٢٠٩ و ٢١٩ وج ٣ ص ٥ و ١٥ و ٣٢ و ٣٣ و ٣٤ و ٣٨ و ٣٩ و ٥٢ و ٥٦ و ٦٠ و ٦٤ و ٦٥ و ٦٨ و ٧٣ و ١٥٩ و ١٨٣ و ١٩٧ و ٢٢٤ و ٣٥٣ و ٤٨٦ وج ٤ ص ٤٢٢ و ٤٢٥ وج ٥ ص ٣١ و ٤٢ و ١٤٦ وراجع : ص ٢٥٣ ومجمع الزوائد ج ٦ ص ٢٢٨ و ٢٢٩ و ٢٣١ و ٢٣٠ و ٢٣٢ و ٢٣٥ و ٢٣٩ وج ٩ ص ١٢٩ والمستدرك للحاكم ج ٢ ص ١٤٥ و ١٤٦ و ١٤٧ و ١٤٨ و ١٤٦ و ١٥٤ وكشف الأستار عن مسند البزار ج ٢ ص ٣٦٠ و ٣٦١ و ٣٦٣ و ٣٦٤ والجوهرة في نسب علي وآله ص ١٠٩ والمعجم الصغير ج ٢ ص ١٠٠ والمصنف للصنعاني ج ١ ص ١٤٦ و ١٤٨ و ١٥١ و ١٥٤ و ١٥٧ وكنز العمال ج ١١ ص ١٢٦ و ١٢٧ و ١٢٨ و ١٢٩ و ١٣٠ و ١٣١ و ١٧٥ و ١٨٠ و ١٨٢ و ٢٧١ و ٣١٢ عن مصادر كثيرة.
وكفاية الطالب ص ١٧٥ و ١٧٦ وتاريخ بغداد ج ١٢ ص ٤٨٠ وج ١٠ ص ٣٠٥ والعقود الفضية ص ٦٦ و ٧٠ والمغازي للواقدي ج ٣ ص ٩٤٨ والإصابة ج ٢ ص ٣٠٢ والغدير ج ١٠ ص ٥٤ و ٥٥ عن الترمذي ج ٩ ص ٣٧ وسنن البيهقي ج ٨ ص ١٧٠ و ١٧١ وتيسير الوصول إلى علم الأصول ج ٤ ص ٣١ و ٣٢ و ٣٣ عن الصحاح الستة كلها ، وعن أبي داود ج ٢ ص ٢٨٤ وفرائد السمطين ج ١ ص ٢٧٦ ونظم درر السمطين ص ١١٦ والإلمام ج ١ ص ٣٥ والخصائص للنسائي ص ١٣٦ و ١٣٧ ـ ١٤٩ وميزان الإعتدال ج ٢ ص ٢٦٣ ترجمة عمر بن أبي عائشة ، وأسد الغابة ج ٢ ص ١٤٠ وتاريخ واسط ص ١٩٩ والتنبيه والرد ص ١٨٢ وصحيح البخاري ج ٢ ص ١٧٣ وج ٤ ص ٤٨ و ١٢٢ ومناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي ص ٥٣ و ٥٧ والجامع الصحيح للترمذي برقم (٣٨٩٦) وصحيح مسلم ج ١ ص ١٠٦٣ و ١٠٦٤ وفي هامش مناقب المغازلي عن الإصابة ج ٢ ص ٥٣٤ وعن تاريخ الخلفاء ص ١٧٢ وراجع : إثبات الوصية ص ١٤٧ وذخائر العقبى ص ١١٠ والمناقب للخوارزمي ص ١٨٢ وأحكام ـ
وفي بعض الروايات : طوبى لمن قتلهم وقتلوه (١).
__________________
ـ القرآن للجصاص ج ٣ ص ٤٠٠ ونور الأبصار ص ١٠٢.
وراجع : نزل الأبرار ص ٥٧ ـ ٦١ والرياض النضرة ج ٣ ص ٢٢٥ وراجع ص ٢٢٦ و ٢٢٤ والفصول المهمة لابن الصباغ ص ٩٤ والبداية والنهاية ج ٧ ص ٣٧٩ ـ ٣٥٠ عن مصادر كثيرة ومن طرق كثيرة جدا. وتذكرة الخواص ص ١٠٤ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٣ ص ١٨٣ وج ١ ص ٢٠١ وج ٢ ص ٢٦١ و ٢٦٦ و ٢٦٨ و ٢٦٩ والكامل في التاريخ ج ٣ ص ٣٤٧. وتتبع مصادر هذا الحديث متعذر ، فنكتفي هنا بهذا القدر.
(١) راجع : مسند أحمد ج ٤ ص ٣٥٧ و ٣٨٢ والعمدة لابن البطريق ص ٤٤٤ والصراط المستقيم ج ١ ص ٣١٨ والبحار ج ١٨ ص ١٢٤ وج ٣٢ ص ٢٥٥ وج ٣٣ ص ٣٢٩ والغدير ج ١٠ ص ٥٤ وسنن أبي داود ج ٢ ص ٤٢٨ والمستدرك للحاكم ج ٢ ص ١٤٧ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٨ ص ١٨٨ ومجمع الزوائد ج ٦ ص ٢٣٠ و ٢٣٢ وعون المعبود ج ١٣ ص ٧٩ وكتاب السنة لعمرو بن أبي عاصم ص ٤٢٥ ومسند أبي يعلى ج ١ ص ٢٩٦ وج ٥ ص ٤٢٦ وج ٧ ص ١٥ والمعجم الكبير ج ٨ ص ١٢١ و ٢٦٧ و ٢٦٩ و ٣٣٨ وكنز العمال ج ١١ ص ١٤٠ و ٢٠١ و ٢٠٢ و ٢٠٣ و ٢٠٤ و ٢٠٥ و ٢٠٧ و ٢٩٧ و ٢٩٧ و ٣١٣ وأحكام القرآن للجصاص ج ٢ ص ٥٠٣ وج ٣ ص ٥٣٢ والجامع لأحكام القرآن ج ٤ ص ٩ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٤ ص ٣٠٢ وطبقات المحدثين بأصبهان ج ٢ ص ١٥٢ وتاريخ مدينة دمشق ج ١٢ ص ٣٦٦ وج ٢٣ ص ٤٠٩ وج ٢٤ ص ٥٢ وج ٣١ ص ٤٧ وأنساب الأشراف للبلاذري ص ٣٧٥ والجوهرة في نسب الإمام علي وآله للبري ص ١١١ والبداية والنهاية ج ٧ ص ٣٢٥ و ٣٢٨ والشفا بتعريف حقوق المصطفى ج ٢ ص ٢٧٨ وإعلام الورى ج ١ ص ٩٢ وكشف الغمة ج ١ ص ١٢٦ ودفع الشبه عن الرسول «صلىاللهعليهوآله» ص ٨٢ وسبل الهدى والرشاد ج ١٠ ص ١٣٢.
ووصفهم في بعضها الآخر : بأنهم كلاب النار (١).
وصرح بعضها : بظهور المخدج ، وهو ذو الثدية فيهم (٢).
__________________
(١) المغني لابن قدامة ج ١٠ ص ٥١ والشرح الكبير ج ١٠ ص ٥١ ومسند أحمد ج ٤ ص ٣٨٢ و ٣٥٥ وسنن ابن ماجة ج ١ ص ٦٢ والجامع الصغير ج ١ ص ٦٣٨ ومجمع الزوائد ج ٦ ص ٢٣٠ وتحفة الأحوذي ج ٨ ص ٢٨٠ والمصنف للصنعاني ج ١٠ ص ١٥٢ والمعجم الصغير ج ١ ص ٢٠ وج ٨ ص ٢٦٧ و ٢٧٤ وكنز العمال ج ١١ ص ٢٠٧ وتاريخ مدينة دمشق ج ١٢ ص ٣٦٦.
(٢) مصادر ذلك لا تكاد تحصر ، فراجع على سبيل المثال : مسند أحمد ج ١ ص ٩٥ و ٩٢ و ٨٨ و ١١٣ و ١٠٨ و ١٢١ و ١٤٠ و ١٤١ و ١٤٧ و ١٥١ و ١٥٥ و ١٦٠ وج ٣ ص ٣٣ و ٥٦ و ٦٥ والمصنف للصنعاني ج ١٠ ص ١٤٧ و ١٤٨ و ١٤٩ و ١٥١ والخصائص للنسائي ص ١٣٨ و ١٣٩ و ١٤١ و ١٤٢ و ١٤٣ و ١٤٤ و ١٤٥ و ١٤٦ والسنن الكبرى ج ٦ ص ١٧٠ والجوهرة في نسب علي وآله ص ١٠٩ و ١١٠ وكشف الأستار عن مسند البزار ج ٢ ص ٣٦١ و ٣٦٢ وكنز العمال ج ١١ ص ١٣٠ و ١٧٨ و ٢٧٢ و ٢٧٧ و ٢٨٠ و ٢٨١ و ٢٨٢ و ٢٨٥ و ٢٨٦ و ٢٧٨ و ٢٨٩ و ٢٩٦ و ٢٩٨ و ٣٠١ و ٣٠٢ و ٣٠٧ و ٣٠٨ و ٣١٠ و ٣١١ عن مصادر كثيرة جدا. ومجمع الزوائد ج ٦ ص ٢٢٧ و ٢٣٤ و ٢٣٥ و ٢٣٨ و ٢٣٩ والمحاسن والمساوئ ج ٢ ص ٩٨ ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٥ ص ٤٣٤ والكامل في التاريخ ج ٣ ص ٣٤٧ و ٣٤٨ ومناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي ص ٤١٤ و ٤١٦ والفتوح لابن أعثم ج ٤ ص ١٣٠ والمستدرك للحاكم ج ٢ ص ١٥٣ و ١٥٤ وتلخيص الذهبي بهامشه ، وكفاية الطالب ص ١٧٩ و ١٧٧ وفرائد السمطين ج ١ ص ٢٧٦ و ٢٧٧ ومروج الذهب ج ٢ ص ٤٠٦ ونظم درر السمطين ص ١١٦ وتاريخ بغداد ج ١٢ ص ٤٨٠ وج ١ ص ١٦٠ و ٢٠٦ و ١٩٩ و ١٧٤ وج ١٣ ص ١٥٨ و ٢٢٢ ـ
وتقدم أيضا التصريح : بأن عليا «عليهالسلام» هو الذي يقتلهم ، وقد قتلهم بالفعل ..
عمر بن الخطاب هو المبادر دائما :
والمثير هنا : أننا نجد عمر بن الخطاب يبادر دائما إلى الإستئذان بقتل هذا ، أو ذاك .. وبقلع أسنان ذلك .. ثم يواجه رفض النبي «صلىاللهعليهوآله» لطلبه باستمرار ، ويسمعه «صلىاللهعليهوآله» نفس التعليل الذي تقدم ذكره.
وقد أشرنا إلى ذلك في أواخر غزوة أحد ، فراجعها في هذا الكتاب.
فهل كان عمر بن الخطاب ينسى ما يقوله له النبي الأعظم «صلىاللهعليهوآله» فيعاود الطلب ، وحتى يتكرر منه ذلك في مناسبات كثيرة ، فيذكّره النبي «صلىاللهعليهوآله» بالقاعدة التي ينطلق منها؟! أم أن في
__________________
ـ وج ١١ ص ١١٨ وج ١١ ص ٣٠٥ وج ١٤ ص ٣٦٥ وج ٧ ص ٢٣٧ وصحيح مسلم (طبعة دار الفكر ـ بيروت ـ لبنان) ج ٣ ص ١١٥ والعقود الفضية ص ٦٦ و ٦٧ والمعجم الصغير ج ٢ ص ٨٥ وراجع ص ٧٥ وعن المناقب لابن شهر آشوب ج ٣ ص ١٩١ والثقات ج ٢ ص ٢٩٦ وشرح النهج للمعتزلي ج ٦ ص ١٣٠ وج ١٣ ص ١٨٣ وج ٢ ص ٢٦٦ و ٢٦٨ و ٢٧٥ و ٢٧٦ وخصائص أمير المؤمنين للرضي ص ٣٠ وذخائر العقبى ص ١١٠ ونزل الأبرار ص ٥٧ و ٦١ والرياض النضرة ج ٣ ص ٢٢٤ و ٢٢٥ والبداية والنهاية ج ٧ ص ٢٨٠ ـ ٣٠٧ بطرق كثيرة جدا ، وتذكرة الخواص ص ١٠٤ والمغازي للواقدي ج ٣ ص ٩٤٨ و ٩٤٩ والمناقب للخوارزمي ص ١٨٢ و ١٨٣ و ١٨٥.
الأمر سرا آخر ، لا يزال خافيا علينا؟!
إننا نرجح هذا الإحتمال الأخير ، إذ لم نعهد من عمر أنه كان شديد النسيان إلى هذا الحد ، وقد حكم الناس حوالى عقد من الزمن ، ولم يظهر عليه شيء من ذلك طيلة كل السنين!!
الخوارج يتعمقون في الدين :
وقد تقدم في بعض الروايات : أن الخوارج يتعمقون في الدين حتى يخرجوا منه كما خرج السهم من الرمية.
ونقول :
إن كان المراد بالتعمق في الدين التشديد فيه حتى يتجاوز الحد (١) ، كما قيل ، وكما يظهر من الرواية عن الرسول الأكرم «صلىاللهعليهوآله» : إياكم والتعمق في الدين ، فإن الله تعالى قد جعله سهلا ، فخذوا منه ما تطيقون (٢). فعو وإن كان المراد به التدقيق فيه ، وإعمال أفكارهم وعقولهم ، واستنباط ما لا يصح نسبته إليه ، فقد روي عن أمير المؤمنين «عليهالسلام» : الكفر على أربع دعائم : على التعمق والتنازع والزيغ والشقاق ، فمن تعمق لم ينب إلى الحق .. (٣).
__________________
(١) راجع : فتح الباري ج ١٣ ص ٢٣٣ وراجع : الثمر الداني للآبي ص ١٦٤.
(٢) الجامع الصغير للسيوطي ج ١ ص ٤٥٢ وكنز العمال ج ٣ ص ٣٥ وفيض القدير ج ٣ ص ١٧٣.
(٣) نهج البلاغة (بشرح عبده) ج ٤ ص ٩ وراجع : الوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج ١٥ ص ٣٤٢ و (ط دار الإسلامية) ج ١١ ص ٢٧١ وتفسير نور الثقلين ج ٥ ص ١٠٥ والإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة للحر العاملي ص ٤٦.