الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٥

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٥

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-198-X
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٥٥

١
٢

٣
٤

الباب الرابع

حرب أوطاس .. وحصار الطائف

الفصل الأول : أوطاس في الحديث والتاريط

الفصل الثاني : حصار الطائف

الفصل الثالث : المنجنيق في الطائف

الفصل الرابع : من أحداث أيام الحصار

الفصل الخامس : نهايات حرب الطائف

الفصل السادس : حقائق تجاهلوها

٥
٦

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين ، واللعنة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين ..

وبعد ..

نتابع فيه حديثنا عن هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ الإسلام ، والتي انتهت بسقوط عنفوان الشرك ، في المنطقة بأسرها .. لتكون الهيمنة المطلقة للإسلام وللمسلمين ، باعتراف صريح من رموز الشرك ، وعتاته ، وفراعنته ، وجباريه.

وتتمثل نهايات هذه المرحلة بحسم الأمر بالنسبة لقبيلة هوازن في حنين وأوطاس .. وسقوط ثقيف وخثعم في الطائف ..

ثم تبع هذه المرحلة تداعيات طبيعية ، تمثلت بانثيال وفود قبائل العرب على المدينة ، ليعلنوا ولاءهم ، وتأييدهم ، وقبولهم بالإسلام دينا ، واعترافهم بمحمد نبيا ..

والذي يعنينا الحديث عنه في هذا الباب وفصوله هو عرض ما جرى في حنين ، وأوطاس ، والطائف ..

وأما الحديث عن الوفود ، وعن سائر الأحداث الهامة ، فنأمل أن نوفق للتعرض له فيما سوى ذلك من أبواب إن شاء الله تعالى ..

فنقول .. ونتوكل على خير مأمول ومسؤول :

٧
٨

الفصل الأول :

أوطاس في الحديث والتاريخ

٩
١٠

رواياتهم عن أوطاس :

تتدرج رواياتهم في تضخيم الأمور ، فتراها على النحو التالي :

١ ـ قالوا : إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بعث أبا عامر وجماعة معه في أثر فرّار هوازن يوم حنين ، فأدرك بعض المنهزمين فناوشوه القتال ، فرمي أبو عامر بسهم فقتل ، فأخذ الراية أبو موسى ، ففتح الله عليه ، وهزمهم الله (١).

٢ ـ وقالوا : إن هوازن لما انهزمت يوم حنين ذهبت فرقة منهما فيهما رئيسهم مالك بن عوف النصري ، فلجأت إلى الطائف ، فتحصنت.

وفرقة أخرى عسكرت بمكان يقال له : أوطاس ، فبعث رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى هذه سرية ، وأمّر عليهم أبا عامر الأشعري.

ثم سار رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بنفسه الكريمة إلى الطائف فحاصرها.

قال أبو موسى الأشعري : بعث رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أبا عامر الأشعري على جيش إلى أوطاس ، فلقي دريد بن الصمة ، فقتل دريد ،

__________________

(١) تاريخ الخميس ج ٢ ص ١٠٧ وراجع : المناقب لابن شهرآشوب ج ١ ص ١٨١ وأسد الغابة ج ٥ ص ٢٣٨ وتاريخ الإسلام لذهبي ج ٢ ص ٥٨٩ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٨٧ والسيرة النبوية لابن هاشم ج ٤ ص ٩٠٢ وعيون الأثر ج ٢ ص ٢١٩ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٦٤١.

١١

وهزم الله تعالى أصحابه (١).

٣ ـ وزعموا أيضا : أن أبا عامر بارز تسعة فرسان يقال : إنهم إخوة ، فقتلهم واحدا بعد واحد ، بعد أن كان يدعوهم إلى الإسلام. ثم برز أخوهم العاشر فقتل أبا عامر (٢).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٠٦ عن الجماعة ، وابن إسحاق ، وابن هشام ، والواقدي وابن سعد ، وراجع : المجموع للنووي ج ١٩ ص ٢٩٨ ونيل الأوطار ج ٨ ص ٧٣ وصحيح البخاري ج ٥ ص ١٠١ وصحيح مسلم ج ٧ ص ١٧٠ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٦ ص ٣٣٥ وفتح الباري ج ٨ ص ٣٤ وج ٩ ص ٥١ و ٩١ وعمدة القاري ج ١٧ ص ٣٠١ وشرح معاني الآثار ج ٣ ص ٢٢٤ وتاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ ص ٥٨٨ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٨٨ والسيرة النبوية ج ٣ ص ٦٤٢ ومسند أبي يعلى ج ١٣ ص ٢٩٩ وصحيح ابن حبان ج ١٦ ص ١٧١ و ١٧٢ والإستيعاب ج ٤ ص ١٧٠٤ و ١٧٠٥ وكنز العمال ج ١٠ ص ٥٦٦ وتاريخ مدينة دمشق ج ٣٢ ص ٣٧ و ٣٨ وج ٣٨ ص ٢٢١ وأسد الغابة ج ٥ ص ٢٣٨ وسير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٣٨٤ و ٣٨٥ والإصابة ج ٧ ص ٢١٠ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣٥١ وذكر أخبار إصبهان ج ١ ص ٥٨.

(٢) تاريخ الخميس ج ٢ ص ١٠٧ والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ١١٢ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ١٩٩ و (ط دار المعرفة) ص ٢١٤ وراجع : فتح الباري ج ٨ ص ٣٥ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ١٥٢ وج ٤ ص ٣٥٧ وتاريخ مدينة دمشق ج ٣٢ ص ٢٦ وج ٣٨ ص ٢٢٢ وتاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ ص ٥٨٧ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٨٧ وإمتاع الأسماع ج ٩ ص ٢٣٥ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٩٠٤ وعيون الأثر ج ٢ ص ٢١٩ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٦٤١ وسبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٠٦ و ٢٠٨.

١٢

٤ ـ وعن أبي موسى أيضا أنه قال : بعثني رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» مع أبي عامر ، قال سلمة بن الأكوع ، وابن هشام : لما نزلت هوازن عسكروا بأوطاس عسكرا عظيما ، وقد تفرق منهم من تفرق ، وقتل من قتل ، وأسر من أسر ، فانتهينا إلى عسكرهم ، فإذا هم ممتنعون ، فبرز رجل معلم يبحث للقتال ، فبرز له أبو عامر فدعاه إلى الإسلام ، ويقول : اللهم اشهد عليه.

فقال الرجل : اللهم لا تشهد علي.

فكف عنه أبو عامر ، فأفلت ، ثم أسلم بعد فحسن إسلامه.

فكان رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إذا رآه يقول : «هذا شريد أبي عامر» (١).

قتل أبي عامر :

وقال ابن هشام : ورمى أبا عامر أخوان : العلاء ، وأوفى ، ابنا الحارث ، من بني جشم بن معاوية ، فأصاب أحدهما قلبه ، والآخر ركبته فقتلاه (٢).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٠٦ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ١٠٧ عن الإكتفاء ، والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ١١٢ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٩٠٤ وقاموس الرجال ج ١١ ص ٣٨٩ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٨٧ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٦٤٢ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٣ ص ٢١٤.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٠٦ و ٢٠٨ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ١٠٨ والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ١١٢ والسيرة النبوية لابن ـ

١٣

قال أبو موسى : رمي أبو عامر في ركبته ، رماه جشمي (١).

وفي حديث سلمة : أن العاشر ضرب أبا عامر فأثبته. قال سلمة : فاحتملناه وبه رمق.

وقال أبو موسى : فانتهيت إلى أبي عامر ، فقلت له : يا أبا عامر ، من رماك؟

فأشار إلى أبي موسى ، وقال : ذاكه قاتلي الذي رماني. (أي هو صاحب العصابة الصفراء).

قال أبو موسى : فقصدت له فلحقته ، فلما رآني ولىّ ، فاتبعته ، وجعلت أقول له : ألا تستحي ، ألا تثبت؟

__________________

هشام ج ٤ ص ٩٠٤ وفتح الباري (المقدمة) ص ٣٠٥ والدرر لابن عبد البر ص ٢٢٧ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٠٠ و (ط دار المعرفة) ص ٢١٥ وقاموس الرجال ج ١١ ص ٣٨٩ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٨٧ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٦٤٢.

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٠٦ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ١٠٧ وعمدة القاري ج ١٧ ص ٣٠١ والبداية والنهاية لابن كثير ج ٤ ص ٣٨٨ والسير النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٦٤٢ وراجع : صحيح البخاري ج ٥ ص ١٠١ وصحيح مسلم ج ٧ ص ١٧٠ وفتح الباري (المقدمة) ص ٣٠٥ وج ٨ ص ٣٤ والسنن الكبرى للنسائي ج ٥ ص ٢٤٠ ومسند أبي يعلى ج ١٣ ص ٢٩٩ وصحيح ابن حبان ج ١٦ ص ١٧١ والإستيعاب ج ٤ ص ١٧٠ وكنز العمال ج ١٠ ص ٥٦٦ وتاريخ مدينة دمشق ج ٣٢ ص ٣٧ و ٣٨ وج ٣٨ ص ٢٢١ وأسد الغابة ج ٥ ص ٢٣٨ والإصابة ج ٧ ص ٢١٠ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣٥١ وتاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ ص ٥٨٨.

١٤

فكفّ ، فاختلفنا ضربتين بالسيف فقتلته.

ثم قلت لأبي عامر : قتل الله صاحبك.

قال : فانزع هذا السهم فنزعته ، فنزا منه الماء.

فقال : يا ابن أخي أقرئ النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» السلام ، وقل له :

استغفر لي.

أبو موسى يخلف أبا عامر :

قال أبو موسى : واستخلفني أبو عامر على الناس ، فمكث يسيرا ثم مات (١).

وفي حديث سلمة : وأوصى أبو عامر إلى أبي موسى ، ودفع إليه الراية وقال : ادفع فرسي وسلاحي إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» (٢).

فقاتلهم أبو موسى حتى فتح الله تعالى عليه ، وانهزم المشركون

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٠٦ و ٢٠٧ وراجع : تاريخ الخميس ج ٢ ص ١٠٧ والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ١١٢ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٠٠ وصحيح البخاري ج ٥ ص ١٠٢ وعمدة القاري ج ١٧ ص ٣٠١ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٥ ص ٢٤٠ وكنز العمال ج ١٠ ص ٥٦٧ وتاريخ مدينة دمشق ج ٣٢ ص ٣٨ وج ٣٨ ص ٢٢١ وسير أعلام النبلاء للذهبي ج ٢ ص ٣٨٥ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣٥١ وتاريخ الإسلام ج ٢ ص ٥٨٨ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٨٨ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٦٤٣.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٠٧ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٠٠ و (ط دار المعرفة) ص ٢١٥ وتاريخ مدينة دمشق ج ٣٨ ص ٢٢٢ وإمتاع الأسماع ج ٩ ص ٢٣٥.

١٥

بأوطاس ، وظفر المسلمون بالغنائم والسبايا ، وقتل قاتل أبي عامر ، وجاء بسلاحه وتركته وفرسه الى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وقال : إن أبا عامر أمرني بذلك.

دعاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لأبي عامر ، وأبي موسى :

وفي حديث أبي موسى : «فرجعت ، فدخلت على النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في بيته ، وهو على سرير مرمل ، وعليه فراش قد أثر رمال السرير بظهره وجنبيه ، فأخبرته بخبرنا وخبر أبي عامر ، وقال : قل له : استغفر لي.

فدعا رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بماء فتوضأ ، ثم رفع يديه فقال : «اللهم اغفر لعبيد أبي عامر».

ورأيت بياض إبطيه ، ثم قال : «اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك من الناس».

فقلت : ولي ، فاستغفر.

فقال : «اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه ، وأدخله يوم القيامة مدخلا كريما (١).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٠٧ وفي هامشه عن : البخاري ج ٤ ص ٤١ ومسلم ج ٤ ص ١٩٤٤ (١٦٥ ـ ٢٤٩٨) وراجع : المجموع ج ٣ ص ٥٠٩ وصحيح البخاري ج ٥ ص ١٠٢ وصحيح مسلم ج ٧ ص ١٧٠ و ١٧١ وفتح الباري ج ١١ ص ١١٦ وعمدة القاري ج ١٧ ص ٣٠١ والسنن الكبرى للنسائي ج ٥ ص ٢٤١ ومسند أبي يعلى ج ١٣ ص ٣٠٠ وصحيح ابن حبان ج ١٦ ص ١٧٢ وكنز العمال ج ١٠ ص ٥٦٧ وج ١١ ص ٧٣٦ وتاريخ مدينة دمشق ج ٣٢ ـ

١٦

ونقول :

إيضاحات :

أوطاس : واد في ديار هوازن ، وهو موضع قرب حنين إلى جهة الطائف. وكانت هوازن وثقيف في بادئ الأمر قد عسكروا هناك ، ثم التقوا هم والمسلمون بحنين ـ اسم جبل ـ فانهزمت هوازن ومن معها ، فصارت طائفة من المشركين إلى الطائف ، وأخرى إلى نخيلة ، وثالثة إلى أوطاس (١).

وسرير مرمل : أي منسوج بحبل ونحوه ، وهي حبال الحصر التي يضفر بها الأسرة.

أبو موسى بطل شجاع!! :

قال أبو موسى الأشعري : لما هزم الله المشركين يوم حنين ، بعث رسول

__________________

ص ٣٧ و ٣٩ وج ٣٨ ص ٢٢١ وتذكرة الحفاظ ج ١ ص ٢٣ وسير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٣٨٥ وذكر أخبار إصبهان ج ١ ص ٥٨ وتاريخ الإسلام للذهبي ج ٤ ص ١٤٢ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٨٨ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٦٤٣ والفصول المهمة لابن الصباغ ج ١ ص ٥١٠ وراجع : تاريخ الخميس ج ٢ ص ١٠٧ و ١٠٨ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ١١٢ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٠٠.

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٠٦ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ١٠٧ ومعجم البلدان ج ١ ص ٢٨١ وراجع : سبل السلام ج ٣ ص ٢٠٩ ونيل الأوطار للشوكاني ج ٧ ص ١٠٩ وفتح الباري ج ٨ ص ٣٤ وعمدة القاري ج ١٧ ص ٣٠١ ومعجم ما استعجم ج ١ ص ٢١٢ واحصون المنيعة ص ٥٩.

١٧

الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على خيل الطلب أبا عامر الأشعري ، وأنا معه.

فقتل ابن دريد أبا عامر ، فعدلت إليه فقتلته ، وأخذت اللواء (١).

ونحن نشك في صحة أقوال أبي موسى.

فأولا : قد اختلفوا في قاتل أبي عامر. هل هو سلمة بن دريد؟ أو اشترك فيه رجلان أخوان ، هما : العلاء ، وأوفى ، ابنا الحارث ، من بني جشم؟! رماه أحدهما في قلبه ، والآخر في ركبته ، فقتلاه (٢).

ثانيا : هل قتل أبو موسى قاتل أبي عامر قبل أن يموت أبو عامر ، كما تقدم في حديث سلمة؟ أو قتله بعد موت أبي عامر ، كما دلت عليه الرواية المتقدمة وسواها؟

وهل قتل رجلا واحدا أم رجلين؟!

إن الروايات قد اختلفت في ذلك ، فلا شك في أن بعضها مكذوب ، ويبقى البعض الآخر الذي لا بد من التأكد من صدقه أيضا ..

ثالثا : هل أخذ أبو موسى اللواء بمبادرة منه ، بمجرد قتل ابن دريد ،

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٠٧ عن ابن عائذ ، والطبراني في الأوسط ، وتاريخ الخميس ج ٢ ص ١٠٧ ، وراجع : فتح الباري ج ٨ ص ٣٥ وعمدة القاري ج ١٧ ص ٣٠٢ وراجع : مسند أحمد ج ٤ ص ٣٩٩ ومسند أبي يعلى ج ١٣ ص ١٨٨ وصحيح ابن حبان ج ١٦ ص ١٦٤ والمعجم الأوسط ج ٧ ص ٢٢ والإستيعاب ج ٤ ص ١٧٠٥ وقاموس الرجال للتستري ج ١١ ص ٣٨٨ وتاريخ مدينة دمشق ج ٦٤ ص ٣١٨.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٠٨ و ٢٠٦ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ١٠٨ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٠٠ وراجع المصادر المتقدمة.

١٨

وذلك بعد موت أبي عامر ، كما صرحت به الرواية الآنفة الذكر ، التي هي محل البحث؟ أو أن أبا عامر أوصى بدفع الراية إلى أبي موسى قبل موته ، وقال له : ادفع فرسي وسلاحي إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله»؟! الخ ..

رابعا : تقدم أنهم زعموا : أن أبا عامر قد لقي عشر إخوة ، فقتلهم واحدا بعد واحد ، حتى كان العاشر ، فحمل عليه أبو عامر ، وهو يدعوه إلى الإسلام ، ويقول : اللهم اشهد عليه.

فقال الرجل : اللهم لا تشهد علي.

فكف عنه أبو عامر ، ظنا منه أنه قد أسلم ، فقتله العاشر ثم أسلم بعد.

ثم ذكروا أيضا : أن نفس هذا العاشر قد عاد إلى أبي عامر فقتله. ثم بقي هذا القاتل حيا ، وقد أسلم بعد ، فحسن إسلامه ، فكان النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يسميه : «شهيد أبي عامر» (١) ، أو «شريد أبي عامر» (٢).

فما معنى قولهم : إن أخوين قتلاه؟! وإن أبا موسى قد قتل قاتله؟!

وإن كان الصالحي الشامي قد شكك بهذه الرواية التي تقول : إن الأخ العاشر قد قتل أبا عامر ، زاعما : أنها من قول ابن هشام لا من قول ابن إسحاق. وأن ما نقله عن ابن إسحاق ليس في رواية البكائي و.. و..

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٠٧ و ٢٠٨ عن ابن هشام ، وعن القطب ، وتاريخ الخميس ج ٢ ص ١٠٧ والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ١١٢ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ١٩٩ وفتح الباري ج ٨ ص ٣٥.

(٢) والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٨٧ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٩٠٤ والسيرة النبوية لاين كثير ج ٣ ص ٦٤٢ سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٠٦ وقاموس الرجال ج ١١ ص ٣٨٩ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٣ ص ٢١٤.

١٩

الخ .. (١).

غير أننا نقول :

إن عدم وجودها في رواية البكائي لا يعني أنها لا توجد في رواية غيره.

وجزم ابن سعد ، والواقدي : بأن العاشر لم يسلم ، لا يدفع الشك الذي أو جدته الرواية التي تقول : إنه قد أسلم ، وإنه لم يقتل (٢).

من الذي ولى أبا موسى :

قد تقدم : أن أبا موسى قال : «واستخلفني أبو عامر على الناس ، فمكث يسيرا ثم مات» (٣).

وفي حديث سلمة ابن الأكوع : «ودفع إليه الراية» (٤).

غير أن ذلك أيضا موضع شك ، فإن ابن هشام قال : «وولى الناس أبا موسى» (٥).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٠٨.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٠٨ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٤ ص ٣٥٨ وتاريخ مدينة دمشق ج ٣٢ ص ٢٦ و ٢٧ وج ٣٨ ص ٢٢٣ وإمتاع الأسماع ج ٩ ص ٢٣٥ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٣ ص ٢١٥.

(٣) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٠٧ وراجع المصادر المتقدمة.

(٤) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٠٧ و ٢٠٨ عن ابن سعد وراجع المصادر المتقدمة.

(٥) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٠٨ عن ابن هشام ، والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٠٠ و (ط دار المعرفة) ص ٢١٥ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ١٠٨ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٨٧ وقاموس الرجال ج ١١ ص ٣٨٩ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٩٠٤ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٦٤٢.

٢٠