موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٧

عباس العزاوي المحامي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٧

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٧٦

ومن أعماله أنه شرع ببناء (الدميرخانه) أي (دار الحدادة) ، وجلب من أوروبا عمالا لعمل الأسلحة.

بلدة العمارة

ومن أعمال هذا الوالي أنه أنشأ معسكرا على نهر دجلة. عرف بـ (الأوردي) أي الفيلق. ثم توسع بعد ذلك فأصبح بلدا كبيرا يقال له (العمارة). والملحوظ أن الأراضي التي تكوّن فيها الأوردي قديما كانت معروفة بـ (العمارة) ، ذكرها مؤرخون عديدون في أزمنة مختلفة وقد غلط من ذكر أنها نالت اسم (عمارة) بعد ذلك التاريخ لما نالت من عمارات (١). وفي سيدي علي في كتاب (مرآة الممالك) وفي يوسف المولوي في كتاب (قويم الفرج بعد الشدة) جاء ذكرها في القرن العاشر فما بعده (٢).

وكانت أقامت الحكومة الأوردي أيام مصطفى نوري باشا واستمر. وفي أيام الوزير نامق باشا أعاد المعسكر إلى محله. ومن ثم تكوّنت فيه بلدة سميت بـ (العمارة) واعتبرت قائممقامية (متصرفية) فعرفت باسم الأراضي التي بهذا الاسم. ثم صار (لواء العمارة) معروفا بين ألوية العراق المهمة.

الخدمة الإجبارية في الجيش :

كانت تأتي الوزير الأوامر من الدولة بإزعاج في التجنيد ، فكان يتماهل. عرف ما قام من ضجة سابقا ، فلا يرغب في إثارتها إلا أنه جعلها عقوبة فكل من يسرق أو يشرب الخمر ، أو كان لا شغل له ،

__________________

(١) موجز تاريخ عشائر العمارة ص ٢١.

(٢) تاريخ العراق بين احتلالين ج ٤.

١٦١

يأخذه للجندية ويرسله إلى البصرة ومن هناك كانوا يذهبون إلى اليمن. وقلّما كان يعود منهم أحد. وكان هذا الوالي من ثاني يوم ولايته بدأ يعاقب من يوقع جريمة بأخذه للجندية ويرسله إلى القلعة ويجعله في عداد العساكر النظامية (١).

المنتفق :

تلقى الوالي مراسيم الطاعة من الشيخ صالح شيخ مشايخ المنتفق بقبول والكلام له ما يتبعه ، وقد مرت حوادث المنتفق ، ولم يروا هدوءا في كل أيامهم ، والمشادة غير منقطعة من الاثنين إذا قويت المنتفق ثارت ، وإذا شعرت الدولة بقدرة نهضت لاكتساح المنتفق ، والحرب بينهما سجال. والأمل مصروف إلى لزوم القضاء على هذه الإمارة. والتشويش مطلوب لتسهيل هذه المهمة ...

سفر الوالي إلى البصرة :

«في يوم السبت ١٦ شعبان سنة ١٢٧٨ ه‍ طلع نامق باشا من بغداد في مركب الدخان إلى البصرة ومعه منيب باشا والي البصرة الذي كان واليا على البصرة أيام السلطان عبد المجيد ، وعلى تعمير أنهر العراق أجمع في أمور الزراعة. وفي يوم الثلاثاء من هذا الأسبوع أنزلوا في مركب الدخان الصغير مائة وعشرة أنفس من الرجال أهل الجنايات ، حرامية وقاتلين أنفسا نفيا إلى البصرة مع المحافظة وفي أيديهم الكلبچات (٢) بناء يشغلونهم في الأعمال الشاقة في البصرة ، وذلك بأمر

__________________

(١) التاريخ المجهول.

(٢) الكلبجة. لفظة تركية مستعملة عندنا إلى آخر العهد التركي وهي قيود من خشب تضرب بمسامير فتغل بها الأيدي. وقد شاهدناها تكرارا ومرارا في أيدي الجند الهاربين.

١٦٢

هذا الباشا ، ومن بعد وصولهم إلى البصرة انهزموا ، ويقال إنهم خمسة وخمسون رجلا ، وما بقي منهم محبوس سوى سبعة أو ثمانية. ثم جاؤوا إلى بغداد ، واشتغلوا بالسرقة. يختفون في النهار ، ويسرقون في الليل من البيوت.

ثم إن الوزير نامق باشا ابتدأ بزيادة الحرس حتى يمسكوا هؤلاء المفسدين ، وظف بعض العساكر ، وجماعة من أهل البلد يدورون في الليل فمسكوا البعض منهم ، وحبسهم في القلعة مقيدين مكبّلين في الحديد .. اه (١).

نعلم أن محمد منيب باشا عيّن متصرفا على البصرة (قائممقاما) سنة ١٢٧٧ ه‍ ، وسافر إلى بغداد في غرة صفر سنة ١٢٧٨ ه‍ ثم عاد إلى البصرة في التاريخ المذكور ، أو في ١٢ شعبان سنة ١٢٧٨ ه‍ ومعه نامق باشا والي بغداد والسيد علي نقيب أشراف بغداد ومكثا في البصرة بضعة أيام ثم رجعا. وأما منيب باشا فقد أخذ ينفذ الأوامر المعطاة له من نامق باشا ، فأدّب العصاة .. وأعلن أن محافظة الأملاك والمحاصيل وجباية الميري من وظائف الحكومة ، فلا يحق لأحد التدخل في أمرها ، وطرد عشائر المنتفق من التدخل ، واستحصل بقية جباية الميري ، وثبّت لأهل البصرة أملاكهم .. وأمنهم في أوطانهم ، وقمع الفتن ...

وكان الأخرس قد مدح الوالي بقصيدة طلب فيها أن يصلح البصرة لما أصابها من خراب. وكذا مدح منيب باشا والي البصرة (٢).

وفي أواخر سنة ١٢٧٨ ه‍ تعين منيب باشا رئيسا لمجلس الإعمار في بغداد وعهد إليه بمهمة السداد في الجزائر وإصلاح مستنقعاتها ،

__________________

(١) التاريخ المجهول عينا.

(٢) ديوان السيد عبد الغفار الأخرس ص ١٧١ و ١٧٤.

١٦٣

وتخليص البصرة من وخامة الهواء (١).

القاضي ومنيب باشا

تاريخ البصرة :

إن متصرف البصرة محمد منيب باشا كان قد كتب له المرحوم الشيخ أحمد نوري الأنصاري القاضي (تاريخ البصرة) مختصرا في ١١ شوال سنة ١٢٧٧ ه‍ مبينا حالتها الماضية ، وما تحتاج إليه من إصلاح ، والكتاب على اختصاره مفيد نافع. فاهتم المتصرف في أمر إصلاحها .. وترجمة هذا المؤرخ في كتاب (أعيان البصرة). هذا التاريخ منه نسخة في خزانة آل باش أعيان.

الشاعر عبد الباقي العمري :

هو الشاعر المعروف وكهية بغداد. سقط في الساعة السادسة من ليلة الأحد من طارمة الحرم من بيته سنة ١٢٧٨ ه‍ ، وتوفي ليلة الاثنين سلخ جمادى الأولى أو غرة جمادى الثانية في تشرين الثاني ، وكان خروجه للاستنجاء للتوضؤ لصلاة العشاء ، ودفن في باب الأزج قرب قبة الشيخ عبد القادر الكيلاني. وكانت ولادته سنة ١٢٠٣ ه‍. وديوانه مطبوع. وله آثار أخرى منها نزهة الدنيا في محامد الوزير يحيى الجليلي من أمراء الموصل (٢).

وديوانه كشف صفحة من تاريخ العراق للعلاقة بوقائعه وتثبيتها ، أبدى أشعاره في مناسبات. كما كشفت صفحة عن العلاقات الأدبية فيه وفي النزهة. ذكرت ذلك مفصلا في التاريخ الأدبي.

__________________

(١) الزوراء عدد ٥٦٨ وسنة ١٢٩٢ ه‍.

(٢) مجموعة عبد الله أفندي الآلوسي.

١٦٤

حوادث سنة ١٢٧٩ ه‍ ـ ١٨٦٢ م

شمر والوزير :

«في أوائل حكومة هذا الوزير أرسل بالعساكر النظامية ، والخيالة (الفرسان) ومعهم مقدار من عشائر زبيد ، والشيخ سعدون شيخ العبيد (١) ، وشيخ ناصر أخو منصور شيخ المنتفق ، ومعه فرسان المنتفق ، وشبلي باشا ، وإبراهيم باشا الفريق ، وسيرهم لمحاربة شمر ونهبهم ، وإباحة أموالهم ، فلما علموا بذلك ، وكان شيخهم فرحان (الصفوق) انهزموا إلى أطراف سنجار ، ومنهم من فرّ إلى أطراف الخابور ، فلم تظفر العساكر بهم ، وكان التراخي من شبلي باشا وإبراهيم باشا. ولو أن الأمر راجع إلى سعدون شيخ العبيد والأعراب لظفروا بهم ولكن شبلي باشا حاذر على العساكر ، وظفر بشرذمة قليلة من شمر فنهبوها ، وأخذوا منهم سبعمائة بعير ، وأدركهم الحر فرجعوا إلى بغداد. فلما علم نامق باشا غضب على إبراهيم باشا وعلى شبلي باشا للفتور الذي حصل منهما.

وفي ربيع الثاني ورد بغداد سميط أحد شيوخ شمر وتواجه مع حضرة الوزير ، وصارت مقاولة فيما بينهم أن يؤدوا مقدارا من الخيل ومن الأباعر ومن الغنم عوض ما نهبوا في أيام توفيق باشا من الكراوين (القوافل) ، ومن المسافرين والمترددين ، فقبل سميط أن يؤدوا ما أراده الوزير نامق باشا ، وطلع من بغداد وأرسل معه حضرة الوزير كاتب العربية محمد أمين أفندي ، ومعه سنجق مشيخة فرحان علي شمر ، وأن يتسلم من العرب الأباعر والخيل والغنم ، فبقي عندهم أياما ، ثم جاء إلى

__________________

(١) هو سعدون بن مصطفى بن حمد بن ظاهر بن نصيف بن شاهر راس الفخذ المعروف بـ (البو شاهر). ومصطفى اليوم رأس فخذ (المصطفى) من فروع البو شاهر وهو فرع الحمد الظاهر. ورئيسهم اليوم محمد صالح بن علي بن سعدون المصطفى ..

١٦٥

بغداد ، وورد معه فرحان لمواجهة نامق باشا لأجل تسوية هذه المادة مع جناب الوزير ، وطلب من الوالي أن ينزل من المبلغ الذي اشترط عليهم ، لأنه كان قد أراد منهم ثلاثمائة حصان ، وخمسة آلاف بعير ، وخمسين ألف رأس من الغنم عوض ما نهبوا وسلبوا من الكراوين والمترددين والكلاك وغير ذلك ، فهدر لهم قسما من الذي اشترطه عليهم وطلع فرحان من بغداد في أول شهر رجب سنة ١٢٧٩ ه‍ لأجل أن يجمع الأشياء المذكورة» اه (١).

التاريخ المجهول المؤلف :

تقف حوادثه عند هذا ، ومنه يظهر أنه لم يتمّه ، ولا استمر نظرا لوجود بياض ، فلم يكن النقص ضائعا .. بل وقف قلم الكاتب. وفي هذا التاريخ ما كشف عن وقائع العراق وعن أوضاع لم نجدها في غيره. الرجل يسمع فيدوّن بلغته العامية ، والحوادث مشوبة بشعور الأهلين. جاء مؤيدا ومتمما لتاريخ الأستاذ سليمان فائق وبهما انجلت مبهمات كثيرة.

مفتي الشافعية صبغة الله الحيدري :

في ليلة الجمعة ١٦ ربيع الأول سنة ١٢٧٩ ه‍ مات بعلّة البطن ودفن تجاه الحضرة القادرية داخل المسجد في قبة الحيدرية ، عن عمر ٨٥ سنة. وهو صاحب كتاب (المسائل الإيقانية في الرد على الأسئلة الإيرانية). لا يزال مخطوطا ، عندي نسخة منه.

قال الأستاذ السيد نعمان الآلوسي : دفن قرب والده المبرور أسعد مفتي الحنفية مقابل مرقد حضرة الشيخ عبد القادر الكيلاني قرب المنارة ، وجده صبغة الله كان قد دفن هناك (٢).

__________________

(١) التاريخ المجهول بنصه وفصه. وهو عامي.

(٢) مجموعة الآلوسي رقم ٢٥٩١.

١٦٦

هذا. وقد تكلمت في (آل الحيدري) في المجلد الثالث من هذا التاريخ. وكانت لهم المكانة العلمية. وغالب علماء بغداد أخذ عن صبغة الله الكبير جد المترجم الأعلى وعن أولاده وأحفاده ...

مفتي بغداد الأسبق

عبد الغني آل جميل

عالم مفت ، وأديب كامل ، وشاعر في الفصيح والعامي. ترجمته في مجموعة الأخرس. وفي التاريخ الأدبي أوردت شعره ، وذكرت ما قيل فيه ... وملخص ما أقوله هنا أنه كان كامل الثقافة ، قوي الروح ثائرا على الجور ، وهو وطني خالص ، وعربي مخلص. عثرت على شعره في مجموعة الأخرس فنشرتها. وكان ثائرا على الظلم ، مجاهرا في خلاف أهله. توفي في ٩ ذي الحجة سنة ١٢٧٩ ه‍ ، رثاه الأخرس وآخرون (١). دفن بمقبرة الوردية في الشيخ عمر السهروردي. قال الآلوسي مات ليلة ٨ ذي الحجة عن ٨٤ سنة (٢).

آل جميل :

وآل جميل جدهم محمد جميل. ومن أولاده عبد الغني وإخوته وعبد الجليل والد محمد جميل المذكور. ومن أولاده علماء أفاضل مثل محمد عمر. وجاء ذكرهم في كتاب الروض الخميل في مدائح آل جميل عندي نسخة مخطوطة منه ولا يزال لم يطبع. وهو من تأليف الأستاذ السيد عبد الله بن أبي الثناء الآلوسي والد الأستاذ محمود شكري.

__________________

(١) المسك الأذفر ص ١٢٦ ، ومجموعة السيد عبد الغفار الأخرس ، وديوانه وديوان عبد الباقي العمري.

(٢) مجموعة الآلوسي.

١٦٧

ولآل جميل مسجد في محلة قنبر علي من تأسيس محمد جميل رأس هذه الأسرة ذكرته في كتاب المعاهد الخيرية.

حوادث سنة ١٢٨٠ ه‍ ـ ١٨٦٣ م

المنتفق :

كان يظن الوزير أن قد حان الوقت لإلغاء مشيخة المنتفق ، فراعى تدابير رشيد باشا الگوزلگلي. حاول أن يقتطع أولا بعض الأماكن ليقلل السلطة ويحصر دائرة النفوذ في نطاق ضيق.

أما منصور بك فإنه جاراه في أصل الفكرة ، وحسّن له أن يلغي المشيخة رأسا بلا تمهيد ، وكان الشيخ منصور من أعضاء المجلس الكبير ببغداد وهو منقاد لرأي عينته الحكومة ، فأبدى أن لا حاجة إلى فصل بعض المواطن ، وبيّن أنه إذا عينته الحكومة قائممقاما (متصرفا) جعل المنتفق كلها تابعة للدولة كسائر البلاد العثمانية.

وعلى هذا ارتضى الوالي قوله ، وألغى المشيخة ، وأسند إليه القائممقامية يوم الخميس سلخ جمادى الأولى سنة ١٢٨٠ ه‍ ـ ١٨٦٣ م ، وكان هذا الأمير صاحب دراية خارقة وتدبير موفق ، ونظر نافذ ، إلا أنه لم يتقن اللغة التركية ، بل يصعب عليه التفاهم بها ..

ولم تعهد إليه قائممقامية (متصرفية) قبل هذا ، فاختارت الحكومة أن يكون معه الأستاذ سليمان فائق ، وهو عارف بشؤون القبائل وله علم بالعربية ، وتمكن من التركية ويعد من كتّابها المجيدين .. كان قائممقام لواء خانقين ، فجعله الوالي برفقته لتسهيل المهمة ، وإطلاع الحكومة على ما يجري في الخفاء ، فعهدت إليه محاسبة اللواء.

كان الشيخ ناصر آنئذ في بغداد. وكذا الشيخ بندر إلا أن هذا الأخير توفي في اليوم التالي من تعيين الشيخ منصور .. فلما سمع الشيخ

١٦٨

ناصر أخو القائممقام ثار في وجهه ، وأشاع إشاعات من شأنها إحداث القلاقل وتحريض الأهلين على الحكومة ، فتولد الخلاف بين الأخوين ، فكانت معارضة الشيخ ناصر شديدة. قالوا إن هذه الأمور كانت تجري في الخفاء بسبب المحاسب سليمان فائق ، وأنه أصل الفتن ، فالتزم قتله ولكن الوجوه والأعيان لم يوافقوه على ما عزم عليه ، وقالوا إن هذا من المماليك ولم يكن من الأروام (الترك العثمانيين) ، وأقاربه في بغداد كثيرون ، وهم من أهل النفوذ ، وإن قتله لا يشبه قتل أمثاله من الأروم .. وأن أولاده وأقاربه يسولون حينئذ للولاة إثارة الزعازع والفتن للانتقام له .. فتقع حوادث لا نستطيع التخلص منها ، وتتوالى الاضطرابات ، فلا نتمكن أن نبرئ ساحتنا من قتله ، فليس من العقل التسرع بقتله ومن معه من الأروام.

ومن ثم طلبوا أن يؤجل الأمر إلى مذاكرة عامة ، واقترحوا التأجيل إلى أن يستقر الرأي .. ولما عرضت القضية على منصور بك بيّن أنه صديقه القديم وضيفه ، فلا يقبل أن يقتل ، وأنه إذا لحقه شيء لا يتأخر لحظة عن أن يقتل نفسه (ينتحر) .. ولما رأوا من منصور بك ذلك عدلوا عن قتل سليمان بك ، ولكنهم لم يرضوا بوجه أن تحول المشيخة إلى قائممقامية وأعلنوا عصيانهم ، ونهبوا الميرة والحبوب المرسلة من لواء الحلة إلى البصرة نهرا ، وكذا قطعوا الخطوط البرقية بين بغداد والحلة ، وكان تمديدها من أمد قريب .. وبذلك قصدوا أن يكبروا الحادث في عين الحكومة ، وأبقوا المحاسب مدة ثلاثة أشهر غير مسموح له بالخروج إلا أنه كان معززا في الظاهر .. ثم أذنوا له بالعودة (١) ..

__________________

(١) وفي قرة العين أن سليمان بك وصل إلى سوق الشيوخ بمهمة خاصة (هي محاسبة اللواء) فاتفق الأهالي على قتله وضيقوا عليه فأنقذه والدي ـ داود السعدي ـ وأرسله إلى القرنة مع بعض المشائخ فوصل إليها سالما» اه. قال ذلك رشيد السعدي ويصح أن تكون له يد.

١٦٩

١٧٠

لم تطل إدارة القائممقام والمحاسب أكثر من شهرين ، فثارت الزعازع ، واضطرب الأمن .. ثم لما علم الوالي نامق باشا بالأمر عقد مجلسا من الملكيين والعسكريين ، فقرروا لزوم إصلاحهم بالقوة ورؤوس الحراب ، وقبل أن ينفضّ المجلس وأثناء المذاكرة فيما يجب اتباعه في حربهم وردت برقية من مقام السر عسكر توصي بلزوم إكمال كافة النواقص قبل الإقدام على الحرب ، وأن ينتظر الإشعار الآخر ، وأوصوا بالتأهب للأمر ..

ذلك ما حدا بالوالي أن يفسخ القرار ، ويعيد المشيخة كما كانت. نقل ذلك سليمان بك عن أمين أفندي كاتب العربية فيما لم يكن له علم به. ومحمد أمين هذا كان قد عهدت إليه أيضا مهمة (باب المشايخ) ، أو (باب العرب). ولذا سمي بالكهية أي قيل محمد أمين الكهية.

ومن ثم أعيدت المشيخة ، وأسندت إلى الشيخ فهد العلي الثامر السعدون في سنة ١٢٨٠ ه‍ ـ ١٨٦٣ م بموجب شرطنامة كتبت باللغة العربية (١) .. وفهد هذا هو والد فخامة عبد المحسن السعدون. وسياسة الحكومة كانت مصروفة إلى تمكين النزاع بين أمراء المنتفق ، ولم تشأ أن تترك واحدا منهم بلا ضد أو رقيب ، وسليمان بك كان عضوا مهما في التدابير إلا أن سياسة الحكومة الخفية وتدابيرها الاحتياطية ومراعاتها الأوضاع التي هي أعرف بها .. أقوى بكثير مما يتصور.

وتفصيل الخبر أنه بعد عودة الأستاذ سليمان فائق محاسب المنتفق بين أنه يستطيع جلب ناصر باشا إلى بغداد ، فجاء به فعلا ، وقررت الحكومة اختزال محلين ، وإضافة ألف كيس لأجل أن تحيل المشيخة إليه .. ولكن الحكومة لم ترق لها أعماله ولا أمنت منه ، فلم تشأ أن تطلعه على ما ستقوم به ، وراعت الحزم والحيطة .. ولأجل إتمام مهمتها

__________________

(١) لغة العرب ج ٥ ص ٣٠ ورسالة المنتفق لسليمان فائق عندي مخطوطتها.

١٧١

أبعدت سليمان فائق عن بغداد نقلته محاسبا إلى البصرة ، وخابرت فهد بك خفية ، فعزمت أن تحيل الالتزام إليه بترك بعض المحلات وبزيادة في البدل ، فإذا أمكن ذلك رجحته على غيره ، وأعطته المشيخة ..

كان توجيه المشيخة بهذه الصورة لم يخل من شغب ، وحدوث غوائل مقصودة ، وأن أعوان ناصر باشا ومنصور باشا لم يتركوا الأمر. وإنما أثاروا زعزعة ، وهاجموا المحل ، ولكن الشيخ فهد استمد الحكومة بعد أن قبل الالتزام فذهب لإمداده طابور مشاة من العمارة مع مدافع صغيرة ، أرسلت لمساعدته من طريق النهر بواسطة الباخرة ، فوصلت على عجل ، وبرزت القوة للمقابلة فوجهت الحكومة المدافع عليها وأطلقت بضع طلقات فرقت بها شملهم دون أن تحتاج إلى الرمي بالبنادق ..

اهتمت الحكومة للأمر ، وأرادت أن يستقر فهد بك في المشيخة والالتزام ، فأرسل قائممقام لواء الحلة شبلي بك كتيبة من الخيالة ، ومقدارا من المشاة ، فذهب الخيالة برا ، والمشاة ركبوا السفن الصغيرة ، ومضوا نهرا ، فقام العشائر في وجههم فلم يطيقوا صبرا على حربهم وأن المقدم قام بحركة مغايرة لفن الحرب فاختل جيشه ، وتبعثر ، فلم ينج إلا القليل وقتل المقدم وضباطه .. ولما سمع شبلي بك بالخبر لم يقدر على الذهاب بمن معه من الخيالة إلى الأمام فاضطر إلى العودة ..

هذا وقد عزمت الحكومة على تأديب هؤلاء وتثبيت فهد بك فعينت حافظ باشا رئيس أركان الحرب للفيلق السادس ، وأرسلت معه فرقة ، فكانت ضربته قوية وقاسية ، فلم يأمن منصور بك من البقاء هناك ، فأعيد مع حافظ باشا والجيوش العثمانية وخصص راتب إلى ناصر بك ، وأمر بالإقامة في بغداد وكان دخول حافظ باشا بقوة السلاح. شتت العشائر بسهولة ، ولم يظهر من يقف في وجه الحكومة فصارت لها هيبة وخشية في النفوس.

١٧٢

قال الأستاذ سليمان فائق : وكان الأولى بالحكومة آنئذ أن تتخذ مركزا مناسبا ومن السهل حينئذ أن تقلب المشيخة إلى قائممقامية ، بل عادت العساكر ، فأضاعت هذه الفرصة السانحة ..!! وتأسف كثيرا إذ لم يستطع الجيش أن يرابط مدة ، ولا اتخذ محلا عسكريا ، أو بلدا قريبا يقيم فيه .. في حين أن الجيش سار لمهمة ، وليس من صالحه أن يلغي المشيخة أو يحولها إلى قائممقامية ، وكانت الحكومة جربت هذا التدبير كما أنها ليس لها من القدرة ما يكفي للبقاء هناك ، وهي قليلة ، فإذا كان العربان فروا من وجهها لأمد قصير فلا تستطيع الدوام.

ونلاحظ هنا أن كل هذه التدابير سواء نجحت أو خذلت كانت غايتها إزعاج عشائر آمنة وأن تتقاضى الحكومة بواسطة رؤسائها معينا سنويا لاحق لها به إذ لم تقم بخدمة تستحقها ، ولا أفادت بشيء ..

والذي فرط عقد الجماعة فصل ناصر باشا من اتفاق المتفقين ، فأدى إلى أن يتفرق القوم ، ولم يكن ذلك لخدمة الحكومة ، وإنما أراد أن يتقدم عند الوالي وينال مكانة .. وأما منصور بك فإنه لم يبق له ملجأ ، رأى أن قد زاد نفوذ الحكومة ، وقويت سلطتها. ضبطت أملاكه تجاه ديون الحكومة فأصابها ضنك شديد ، وضيق كبير .. ولكن الحكومة أرادت أن لا يستقل فهد بك في الأمر ، ثم يتمنع عليها من الطريق الذي سلكه أولئك ، قربت منصور بك إليها تعديلا للكلفة ، واحتفاظا باطراد الموازنة .. فلم يخف ذلك على فهد بك.

رأت الحكومة أن التسامح مع شيخ المنتفق فهد بك لم يقف عند حد ، فركنت إلى تقريب منصور بك ، وبهذا راعت الموازنة في مثل هذه الأحوال. فأوعزت إلى الأستاذ سليمان فائق بخصوص تقريبه ، فأظهر أنه مراعاة للحقوق القديمة ، وتوسط الوجوه والأعيان في البصرة .. وجد الضرورة ماسة لإنقاذه من هذا المأزق الحرج .. لما كان أنقذه الموما

١٧٣

إليه من القتل وخاطر بنفسه دونه .. فسعى أن تراعي الحكومة منصور بك تجاه أعمال فهد بك الذي كان ينسب خذلان أوامرها إلى منصور بك ، وتجعل ذلك وسيلة للمعذرة .. وكان الوالي آنئذ نامق باشا الذي لا يجازف في الصفح. فتمكن من استمالته ، وبين له الحالة ، وأن تقريبه مما يدعو إلى محسنات ...!!

وعلى هذا أعطاه الوالي الأمان ، وقبل دخالته ، وكان على وشك أن يتم الأمر إذ استرق فهد بك الأخبار البرقية ، فعرقل أمر القبض عليه ، وإتمام الحيلة في حقه ، فانتصب له ، وسلب راحته .. وقال : إني عازم على القبض على منصور بك ، وقد ضيقت عليه كثيرا ، فإذا مال إلى البصرة فينبغي التضييق عليه من هناك أيضا ، فكتب إلى نامق باشا من جهة ، ونصح منصور بك من جهة أخرى وأخبره بأنه حريص عليه ، ومراع مصلحته وأن هؤلاء الروم أهل مكر وخديعة وأصحاب دسائس وغدر ، وأنتم أعرف من غيركم بهم .. وهم كما يقولون يصيدون الأرنب بالعربة (يريد أنهم يطاولون حتى يظفروا) ، فلو قبضوا عليك أعطوك الأمان بشخصك. لا يتجاوزونه ، وإذا عفوا عن العقوبة فلا يشمل ذلك أملاكك ورتبك .. فلا تدع الحيطة ، وكن في يقظة من التثبت ثم سلّم نفسك ...!!

أوصل إليه هذا الكلام ، وشوش عليه أمره .. وكان منصور بك يعد من دهاة العرب ، وأكابر رجالهم إلا أنه كان في أمر محافظة حقوق قبيلته قد عدل عن الطريق السوي ، واتبع الهواجس النفسية ، والوساوس فكانت نتيجة ذلك أن تركه أقاربه وإخوته وصدوا عنه ، فصار وحيدا يلتمس نجاته ، وشاهد أمورا لم تكن في الحسبان ، ولا يؤمل وقوعها ، ولم يبق له اعتماد ووثوق من الناس ..

كان من دهاة العرب ولكنه التزم جانب الحكومة ، وظن أنها قادرة

١٧٤

على كل شيء ، واعتقد أنه في إخلاصه لها سوف لا تبدل به غيره ، ولا ترضى أن تقدم عليه غيره .. فكان من نتائج ذلك أن تشوش عليه أمره من جهة عشائره .. ومن جهة أخرى أن الحكومة نفضت يدها منه ، ولم تراع خدماته لها ..

جاء منصور بك إلى ما يبعد عن البصرة نحو ساعتين أو ثلاث ، فأخبر القائممقام أنه يقبل الدخالة على الحكومة ، ويشترط أن تبقى له رتبه ، وأن تعاد إليه أمواله .. فأبدى له القائممقام أنه ليس من المناسب ذكر هذه الأمور أو البحث فيها. لأن ذلك تذكير لهم بها .. فلم تحصل ثمرة وأصر على مطلوبه فاضطر القائممقام أن يكتب برقيا بذلك ، فورد الجواب بأن الدخالة تنافي الشرط ، وإنما هو مأذون بقبول الدخالة بلا قيد ولا شرط ، فلم يوافق ، وعاد من طريقه ..

ثم تعهد فهد بك أنه يلقي القبض عليه ، وطلب أن يشاركه القائممقام ، ويتحرك طبق إشعاراته وإشاراته ... ومن ثم تخابر سليمان فائق مع فهد بك وتأمينا للقيام بالعمل أرسلت فرقة تبلغ نحو الألفين إلى مواطن معينة ، فلم يظهر له أثر ...!!

إن منصور بك تمكن أن يعيش عيشة البداوة لمدة سنة ، ولكنه لم يطق صبرا أكثر. ولم يتحمل شظف العيش ، والحياة البدوية ، ناله عناء فقبل الدخالة بلا قيد ولا شرط. أبدى عزمه على التسليم ، وأرسل خبرا إلى سليمان فائق يستشفعه ، فعرض هذا بدوره القضية مرة أخرى وأخبر ببرقية أن منصور بك قبلت دخالته ، فورد إليه الأمر بلزوم استصحابه والمجيء به إلى بغداد ، فسار القائممقام توّا إلى بغداد ومعه منصور بك معززا مكرما وبوقار لا مزيد عليه ..

والحاصل أن مشيخة المنتفق بقيت بيد فهد بك ثلاث سنوات ، فانتهت مدة الالتزام فدعي إلى بغداد للمزايدة .. وفي انتهائها أراد

١٧٥

الأستاذ سليمان فائق أن يحضر إلى بغداد ، ويتدخل في البين ليتمكن من إفراز بعض المواطن عن دائرة الالتزام فيخدم الحكومة. ولكنه لم يؤذن له ، والظاهر أن السبب في ذلك أن بعض هؤلاء لا يرغبون في مجيئه ، لأنهم يريدون بقاء المشيخة للاستفادة منها.

وضعت المشيخة بالمزايدة ، وزاد البدل عن ذي قبل ، وفصلت بعض الأماكن فتقررت المشيخة لعهدة ناصر باشا ، وسحب فهد بك عن العمل .. ومن ثم جعلتها مناوبة ، ومن طبعها أن تولد مزاحمة والملحوظ أن المواطن المفرزة في هذه المرة وإن كانت كثيرة العدد لكنها في الحقيقة أقل سعة .. مما دعا إلى تحامل سليمان فائق ، فبيّن أن ذلك جرى استفادة من غيابه ، وبجهود من المنحازين لناحية الشيخة .. والصحيح أن الحكومة رأت لزوم ترك الأراضي في نطاق المشيخة ، ووجهت رتبة مير ميران لكل من ناصر باشا وفهد بك. وكانت أعرف بالمصلحة.

ولا شك أن الفشل في القضاء على إمارة المنتفق كان كبيرا ، فاضطرت الدولة إلى إبقاء الحالة على ما كانت عليه.

أوضاع سياسية :

كانت ولاية هذا الوزير تمتد حتى نجد والحجاز واليمن .. وفي خلالها قام ببعض الأعمال المهمة ، إلا أن الغربيين كانوا يشنعون عليه. يدعون أنه حرض على ذبح النصارى في جدة ، وأنه عامل القناصل بقسوة مما يعد أكبر دليل على شدة تعصبه على المسيحيين والأجانب ، ويقول الفرنسيون إنه يعطف على القنصل الإنكليزي أكثر من الفرنسي ويذكرون أنه حدثت للمسيو پليسه القنصل الفرنسي عدة حوادث كانت بينه وبين الوالي. منها أنه قدم إلى بغداد الكونت پرتوي راغبا في إنشاء خط مواصلات بين بغداد والشام ، ورافقه في سفره أحد مشايخ عقيل

١٧٦

يدعى عثمان النجدي ، وقد مرّ في طريقه بكبيسة وهيت ، فوصل إلى بغداد سنة ١٨٦٨ م بعد أن أمضى عدة وثائق مع مشائخ العربان يتعهدون بموجبها أن يحافظوا على القوافل مقابل مبالغ معينة يتقاضاها المشائخ كل ثلاثة أشهر يستوفونها من الكونت أو من ممثليه ببغداد ، وأدى لهم مبالغ جسيمة كمقدمة ..

سمع بذلك نامق باشا ، وعلم بما جرى من اتفاقات دون علم منه فاستدعى وكلاء الكونت في بغداد ، وأمرهم أن يقطعوا العلاقة به ، ففعلوا ، ولما واجه الوالي ، وتفاوض معه ، أفهمه أنه لا يستطيع الموافقة على ما يريد من جهة أنه لا يحمل فرمانا يخوله حق القيام بهذا المشروع ، كما أنه لا يحمل كتاب توصية من الوزارة ذات الاختصاص .. وقال له الوالي إن الحكومة لها من القوة ما تستطيع به حماية القوافل من غير حاجة إلى دفع مثل هذه الاتاوة إلى المشائخ ..!

ثم سافر الكونت إلى استانبول بعد أن أوصى وكلاءه في بغداد أن يستمروا في دفع الأقساط المستحقة للمشائخ في أوقاتها المعينة ريثما يستحصل فرمانا بذلك ، وفي الأثناء حدث أن فتحت قناة السويس ، فلم تعد حاجة لمثل هذا المشروع ، وقالوا : عرف مؤخرا أن معارضة الوالي كانت بتحريض من القنصل البريطاني ..

هذا. ونرى الأستاذ سليمان فائق يطري كثيرا أعمال هذا الوالي ، ويتألم لانفصاله ، ويقول إن الأهلين لم يرغبوا في عزله وانفصاله عن بغداد ..

حوادث سنة ١٢٨١ ه‍ ـ ١٨٦٤ م

ثارت عشائر :

١ ـ الظوالم : من عشائر السماوة وهم في أراضي الرميثة.

ويعدون من بني حچيم (بني حكيم). ومنهم من يعتبرهم

١٧٧

(حمدانيين). وآخرون يقولون من (شمر) (١).

٢ ـ البو حسان : من عشائر السماوة أيضا. وهم من الأقرع من شمر (٢).

وهؤلاء قتلوا العسكر وكلا من ملا مردان الكركوكي ملتزم مقاطعات السماوة والسيد علاوي رئيس الشبانة. وكان قد أرسل قوة معهما بالسفن إلا أن العشائر تغلبت عليهم ، وكانت السماوة قائممقامية فألغيت وألحقت بالديوانية وكان قائممقامها شبلي باشا فلم يعلم بما جرى على العسكر وبعد أن علم أنهى ذلك إلى نامق باشا فأرسل قوة كافية ، ونكل بهم شبلي باشا وأخذ قائممقام السماوة السابق عثمان بك لعلمه بأنه هو المحرّك للعشائر فأرسله إلى بغداد فسجن فيها وأبعد بعض رؤساء القبائل لمدة خمس سنوات. وبين هذه العشائر بنو زريج والحچام (٣).

٣ ـ نظام المطابع والمطبوعات :

صدر في ٥ شعبان سنة ١٢٨١ ه‍. وذلك أن الصحف تكاثرت في استنبول وفي البلاد الأخرى فروعيت نظامات الأمم ، فوضع هذا النظام على غرارها مع ملاحظة الوضع آنئذ.

٤ ـ نظام إدارة الولايات :

صدر هذا النظام في ذي القعدة سنة ١٢٨١ ه‍ (٤).

__________________

(١) عشائر العراق ج ٤.

(٢) عشائر العراق ج ٣ ص ٢٠٨.

(٣) مجموعة كربلائية وتاريخ الشاوي ص ٣٧.

(٤) كنز الرغائب ج ٥ ص ٥٦.

١٧٨

٥ ـ زلزال :

في ٨ رجب سنة ١٢٨١ ه‍ صارت رجفة اهتزت بغداد منها وذلك قبل الظهر من يوم الأربعاء وفي تلك الليلة في الساعة الثالثة والنصف صارت هزة أخرى ، وقبيل الفجر كذلك مع شدة هواء ومطر عظيم (١). ورأينا مثل هذه تكررت إلا أنها لم تكن مقرونة بأضرار. وإنما نراها خفيفة.

حوادث سنة ١٢٨٢ ه‍ ـ ١٨٦٥ م

الهيضة :

حدثت الهيضة في بغداد لمدة قليلة فزالت في أواخر جمادى الآخرة (٢). ويقال لها الهواء الأصفر والكوليرا وأبو زوعة.

دائرة البرق :

تأسست في هذه السنة دائرة البرق. وقد مرّ ذكرها في حوادث سنة ١٢٧٧ ه‍.

حوادث سنة ١٢٨٣ ه‍ ـ ١٨٦٦ م

مؤرخ عراقي :

السيد عيسى صفاء الدين البندنيجي. وهو عالم ومؤرخ. وله :

١ ـ تاريخ أولياء بغداد. نقله من التركية إلى العربية. وأصله لمرتضى آل نظمي البغدادي المسمى بـ (جامع الأنوار). ولم يطبع التركي بل لا يزال مخطوطا. عندي نسخة منه. وفي خزانة الأوقاف نسخة

__________________

(١) مجموعة الآلوسي.

(٢) الجوائب عن فتح الله عبود من بغداد.

١٧٩

أخرى. نقله الأستاذ البندنيجي بتصرف. راجع النصوص العربية وتوسع فيها. ونقله السيد حامد الفخري إلى العربية ولم يتصرف به. وربما اختصره. عندي نسخة مخطوطة منه ولم يطبع أيضا.

٢ ـ رسالة قدمها إلى علي رضا باشا اللاز (١). وللمترجم مؤلفات أخرى. وكان يتقن اللغة التركية. وترجمته في التاريخ العلمي وفي المسك الأذفر. توفي في ١٧ رجب سنة ١٢٨٣ ه‍. وهو شيخ تكية البندنيجي القادرية وكان عالما (٢).

حوادث سنة ١٢٨٤ ه‍ ـ ١٨٦٧ م

١ ـ صنع مراكب :

كان من آخر أعمال هذا الوزير أنه أوصى المصانع البلجيكية بصنع خمسة مراكب بخارية لتشغيلها في نهر دجلة. وعندنا يطلق (مركب) على السفينة البخارية لشيوعه.

٢ ـ منصب وزير الحربية :

استدعي الوزير نامق باشا إلى استنبول ببرقية وردت يوم الاثنين ٨ ربيع الأول وخرج من بغداد يوم السبت ١٣ من هذا الشهر ليتقلد منصب وزير الحربية. وصار قائممقام بغداد تقي الدين باشا متصرف شهرزور ، قدم بغداد يوم الأربعاء ١٧ ربيع الأول سنة ١٢٧٤ ه‍.

ترجمة محمد نامق باشا :

من أهل قونية ، ورد استنبول من صغر سنّه وتقلب في مناصب الجيش من سنة ١٢٤١ ه‍ وفي رجب سنة ١٢٦٥ ه‍ نال منصب المشيرية

__________________

(١) مجموعة رقم ٢٧٤٢.

(٢) المسك الأذفر ص ١٣٠.

١٨٠