موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٣

عباس العزاوي المحامي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٣

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٣٩

حوادث سنة ٨٩٨ ه‍ ـ ١٤٩٢ م

بديع الزمان :

وفي أوائل أيام رستم بيك عزم بديع الزمان ابن السلطان حسين بايقرا من أبناء السلاطين في خراسان أن يستولي على العراق (عراق العجم) فجهز جيوشه وفي يوم الأربعاء من المحرم لسنة ٨٩٨ ه‍ سار حتى وصل (ورامين) فنزلها. وقد مضت بضعة أيام من توجه أمراء آق قوينلو نحوه فأصابه الرعب فعاد إلى أنحاء خراسان قبل الملاقاة فلم يقع ما يكدر الوضع (١) ...

كوسه حاجي البايندري ـ عصيانه :

قد مضت مدة سنة على سلطنة رستم بيك وكان ملكا جوادا كريما وفي هذه الأيام إثر وقعة بديع الزمان عصى كوسه حاجي البايندري حاكم أصفهان وكان من أمراء السلطان رستم بيك وحينئذ سار السلطان إلى العراق وجهز بعض الأمراء لدفعه وإخماد غائلته وذلك أنه سير عليه قراپري الطواشي (التواجي) وفي المعركة بحدود قم قتل وأرسل رأسه إلى رستم بيك فقضى على عصيانه وأخمدت ثورته (٢) ...

كيلان ـ الحروب معها :

إن بادشاه كيلان كاركيا ميرزا علي قد ظهرت منه بعض المخالفات. وإن أحد أمرائه مير عبد الملك حسين سيفي كان قد قتل بعض البايندرية في الري وقزوين وكان هذا من سادات قزوين ومقدمي أمراء كيلان. ولم يكتف بهذا وإنما سار إلى السلطانية فأغار عليها

__________________

(١) جامع الدول.

(٢) منتخب التواريخ ص ١٩٠ وحبيب السير ص ٣٢٣.

٣٠١

٣٠٢

وعاث في الأمن هناك ... وحينئذ أرسل السلطان رستم أبيه سلطان (الله قلي سلطان) مع جيش من القاجار إلى أنحاء كيلان فنزل أبيه سلطان في موقع من أنحاء قزوين في كورة لاره يشم في منزل يقال له (دريادك) فلما سمع عبد الملك بذلك فر من وجهه وأن جيش القاجار قد استولى على تمام قطر (رودبار) وكان هذا تابعا إلى مملكة كيلان وقتلوا تقتيلا كبيرا في جيش كيلان وذلك في رمضان سنة ٨٩٨ ه‍ فعمل من رؤوس القتلى منارات فتم تنكيله بهم (١).

عودة بايسنقر ـ قتلته :

وفي هذه الأثناء عاد الأمير بايسنقر من شيروان وسار على آذربيجان بقصد الاستلاء عليها فلم يأمن السلطان رستم غائلته فأراد أشغال شاه شيروان لئلا يمد بايسنقر فأطلق أولاد الشيخ حيدر من السجن في اصطخر وهم سلطان علي پادشاه ابن الشيخ حيدر الصفوي وإخوته ليكونوا في صحبة أبيه سلطان ويقاتلوا بايسنقر فجرت بينهم الحروب مرتين. وفي المرة الأخيرة كانت الحرب في موقع يقال له كنجه وبردع فألقي القبض على بايسنقر فقتل بعد أن كان قد ملك سنة وثمانية أشهر وكذلك قتل أخوه حسن بيك بن يعقوب بيك وبهذا نال رستم بيك مأموله فانتصر على عدوه (٢) ...

السلطان علي الصفوي ـ رستم بيك :

وإثر تلك الواقعة صار السلطان رستم بيك يحذر من السلطان علي ابن الشيخ حيدر الصفوي فأراد الغدر به ، ذلك ما دعا أن يذهب السلطان علي إلى أردبيل لما علمه من تغير نوايا السلطان رستم بيك عليه

__________________

(١) منتخب التواريخ ص ١٩٠ وجامع الدول.

(٢) كلشن خلفا والقرماني وحبيب السير ص ٣٣٣ وجامع الدول.

٣٠٣

وبالتعبير الأصح رأى منه نزوعا إلى الملك ، دخل المدينة بأبهة وسطوة لكون أكثر أهلها بل كلهم من أصحاب أبيه وجده فزاد خوف السلطان رستم من أوضاعه وصار يحسب له الحساب ومن ثم جهز جيشا عظيما بقيادة أبيه سلطان وأرسل معه ابن خاله حسين بيك عالي خاني (علي خاني) فمضوا بقوتهم إلى أردبيل فتقاتلوا مع السلطان علي الصفوي في أنحاء البلد فقتل السلطان علي مع إخوته .. أما شاه إسماعيل فإنه في هذا الحين مال إلى كيلان كان جماعة من أصحاب السلطان علي حملوه إلى هناك فاستقبله كاركيا ميرزا علي بتعظيم زائد وأخلص له الود والإعزاز ... وحينئذ أرسل رستم بيك قصادا متوالين وبصورة مكررة إلى كاكيا ميرزا علي في طلب شاه إسماعيل أما هو فقد شاور مير عبد الملك حسين سيفي من مقدمي أمراء كيلان وممن يطيع الشاه أمره فقرروا لزوم الاحتفاظ به فقطع العلاقة ... وسير القصاد إلى رستم بيك مبديا أنه لا يستطيع إنفاذ مطلوبه (١).

وفيات

١ ـ ابن زقزق البصري :

هو إبراهيم بن إبراهيم بن محمد بن أحمد البصري ، نزيل مكة قطنها ورآه السخاوي فيها سنة ٨٩٣ ه‍ ، وكذا جاور المدينة سنين. وإخوته محمد وإسماعيل كانوا في مكة أيضا. وكان أبوه وأخوه محمد من علماء البصرة ، وهو من الصلحاء توفي في رمضان هذه السنة (سنة ٨٩٨ ه‍).

وأما أخوه محمد فكان ممن اشتغل ببلده وبالشام وتميز في الفقه والعربية وغيرهما وشرح الجواهر مختصر الملحة شرحا جيدا مختصرا.

__________________

(١) منتخب التواريخ ص ١٩١.

٣٠٤

وممن أخذ عنه وعن أبيه عبد لله البصري صاحب البرهاني بن ظهيرة.

وهكذا ذكر صاحب الضوء اللامع أباه أيضا (١).

حوادث سنة ٩٠٠ ه‍ ـ ١٤٩٤ م

وفاة علاء الدين البغدادي :

في هذه السنة توفي علاء الدين أبو الحسن علي بن محمد بن البهاء البغدادي الحنبلي الإمام العلامة الفقيه المحدث ولد سنة ٨٢٢ ه‍ تقريبا في العراق وقدم إلى دمشق سنة ٣٧ وأخذ الحديث والعلم عن جماعة وصار من أعيان الحنابلة أفتى ودرس وصنف (كتاب فتح الملك العزيز بشرح الوجيز) في خمسة مجلدات وتوجه إلى القاهرة فاجتمع إليه حنابلتها وقرأوا عليه وأجاز بعضهم بالإفتاء والتدريس وزار بيت المقدس وباشر نيابة القضاء بدمشق وكان معتقدا عند أهلها وأكابرها ورعا متواضعا على طريقة السلف توفي بها يوم السبت ٢٣ جمادى الآخرة (٢).

حوادث سنة ٩٠٢ ه‍ ـ ١٤٩٥ م

بقية أحوال رستم بيك ـ وفاته :

اعتقد رستم بيك أن قد صفا له الجو وخلا من منازع .. وكان رستم هذا مغرما بحب النساء مغلوبا ، لينا فاستولت كل واحدة منهن على أمور المملكة وأركانها فاختل نظام الملك ... ومن ثم أرسل الأمراء وراء السلطان أحمد بن أوغورلو محمد ابن السلطان حسن الطويل في بلاد الروم (مملكة العثمانيين) يدعونه للقيام ويتعهدون بمناصرته ... وكان قد هرب من عمه يعقوب بعد قتل أبيه فالتجأ إلى السلطان بايزيد

__________________

(١) الضوء اللامع ج ١ ص ٧ وص ١٢٩ وج ٦ ص ٢٧٤.

(٢) الشذرات.

٣٠٥

خان العثماني فصاهره السلطان وزوجه ابنته فوصل إلى بلاد العجم بعد أن كان قد بقي لمدة بضع سنوات عاش فيها براحة وهناء ففي السنة السادسة من حكومة رستم ميرزا استأذن من السلطان وفي رواية نخبة التواريخ بلا إذن وساق جيوشه الكثيرة من تركمان وغيرهم إلى آذربيجان. وفي شاطىء نهر أرس (أراس) قارع رستم ميرزا. ولما كان أمراء العراق وأذربيجان راعوا شروط الحزم والحيطة لم يروا بدا من التسليم ، ورفع كلفة القتال فقبضوا على رستم ميرزا وسلموه إلى أحمد پادشاه فقتل في الروم في شهر ذي القعدة سنة ٩٠٢ ه‍ وجلس أحمد پادشاه على سرير الحكم (١).

وجاء في جامع الدول : «خرج .. كوده أحمد سنة ٩٠٢ ه‍ ، وقدم أذربيجان من جهة الروم في جمع عظيم. ولما وصل الخبر إلى حسين بيك علي خاني بالعراق وثب على عبد الكريم لله (بفتح اللامين) وقتله في حدود السلطانية ، وخطب لأحمد بيك في بلاد العراق في غرة رمضان هذه السنة. لأن حسين بيك كان متزوجا بأخت أحمد بيك ، وانحرف منه مدبر أمره الله قلي سلطان (أبيه سلطان) إلى جانب أحمد بيك ، فجرت بين رستم وأحمد الحرب لمرتين فانكسر رستم في الثانية فهرب وعبر نهر أرس إلى جانب بلاد الكرج ثم قبض عليه بعد أيام فقتل ... وتولى أحمد ..» ا ه.

حوادث سنة ٩٠٣ ه‍ ـ ١٤٩٧ م

سلطنة أحمد بادشاه ـ قتلته :

إن هذا السلطان لم يطل أمد حكمه أكثر من ستة أشهر فقام عليه

__________________

(١) كلشن خلفا والقرماني وحبيب السير وفي كلشن أن هذه الوقعة كانت عام ٩٠٣ ه‍ وليس ذلك بصواب.

٣٠٦

الأمراء وبينهم أبيه سلطان فأورده حتفه .. وذلك أنه على ما جاء في القرماني :

«رام أن يجري في تلك البلاد نواب الشرع وساسة الملك على ما شاهده في الروم (الحكومة العثمانية) فلم يعجب ذلك أمراء تلك البلاد المطبوعين على الظلم وإراقة الدم فثقل عليهم ذلك واتفقوا على خلعه فأرسلوا إلى مراد بن يعقوب شاه فجاء وقاتل أحمد ميرزا وهزمه ثم ظفر به فقتله وكانت مدة ملك أحمد نحو سنة» ا ه (١) ويعرف بكوده أحمد بيك لقصر فيه وتعني بحتر وفي سنة ٩٠٣ توفي أحمد بيك ابن اغورلو ابن حسن الطويل ، وكان محبا للرعية ومنع شرب الخمر ، وسعى في تنظيم العلماء (٢).

وقال في منتخب التواريخ :

«إنه تمكن في السلطنة بعد قتلة رستم بيك وكان رؤوفا برعاياه. وفي أيامه قد سدت أبواب الإخراجات (الضرائب) لحد أنه لا يسوغ لأي أحد أن يستوفي شيئا من الأهلين ما قل وكثر بلا وجه حق ، وكان يتجنب النواهي والملاهي والخمور وجل آماله أن يسعى لتقوية الأحكام الشرعية والمطالب الدينية ، وكان يعظم العلماء والفضلاء ويلتزم جانب سيد شيخي المعروف ب (نقطه چي أوغلي) وأن أحمد بيك قد وافق رغبته فلا يتجاوز مشورته وتدبيره إلا أنهما كان من طبعهما البخل والإمساك سواء الشيخ والسلطان وقصروا في أمر الإنعامات على ما هو المعتاد ذلك ما دعا أن يطلبوا بإلحاح ويحرجوهما في الطلب ... وهذا ما انتج الضرر عليهما بسبب أن الحكومة لم تتمكن من الاستقرار بعد فكانت العاجلة في القضاء على هذه الحكومة وأدت إلى انقراضها ...

__________________

(١) ص ٣٣٨.

(٢) دول إسلامية وغيرها.

٣٠٧

إن أحمد بيك لم يأمن من غدر هؤلاء الأمراء وكان من أكابر أمرائه والمقدمين لديه كثيرا حسين عالي خاني الذي هو صهره ولما ارتاب منه قتله وذلك في شهر ذي الحجة لسنة ٩٠٢ ه‍ مما أسخط عليه القوم ...

وفي هذه الأثناء فوض إلى أبيه سلطان إيالة كرمان. وهذا اتخذ ذلك فرصة سانحة فاستأذن في الذهاب وسار إليها من تبريز وذهب إلى فارس. وهناك اتفق مع حاكم تلك الديار قاسم بيك پرناك فعصوا. فاطلع السلطان على جلية الأمر ومن ثم جهز جيشا في الشتاء وسار إلى العراق وقاموا هم أيضا من شيراز في عدة قليلة وساروا إليه. وفي حدود خواجة حسن يوم الأربعاء ١٨ ربيع الثاني سنة ٩٠٣ ه‍ التقت الكتائب فكانت الحرب قد أسفرت عن قتل السلطان أحمد بيك والشيخ المشهور بنقطه چي أوغلي مع خواص أحمد بيك ...

وفي جامع الدول :

«كان ـ السلطان أحمد بيك بعد قتلة رستم بيك ـ متوهما من الأمراء ، لا سيما مدبر أمره وصهره على أخته حسن بيك علي خاني ، فقبض عليه وقتله في ذي الحجة سنة ٩٠٢ ه‍ ، ثم قتل مظفر بيك ابن منصور بيك أيضا من أعاظم الأمراء ، فتوهم منه سائر الأمراء ، واستأذنه الله قلي سلطان في المسير إلى أقطاعه كرمان فأذن له في ذلك ، فخرج الله قلي سلطان من تبريز وسار إلى فارس وحرك واليها قاسم بيك پرناك على العصيان فاتفقا على الخلاف. ولما وصل الخبر إلى أحمد بيك خرج إلى صوب العراق لدفع غائلتهم ، وسار الله قلي وقاسم بيك أيضا من شيراز إلى جانب العراق فالتقى الجمعان في حدود خواجه حسن من نواحي أصبهان يوم الأربعاء ١٨ ربيع الآخر سنة ٩٠٣ ه‍ فقام القتال فغدر الأمراء بأحمد بيك ... فقتل مع شيخه ومستشار دولته الشيخ

٣٠٨

الشهير بنقطه چي أوغلي في جمع من خواصه ، وكان هذا من ابنة السلطان محمد خان سلطان الروم وكان مشهورا بكوده لكونه قصير القامة واليدين والرجلين ... وكان رحمه الله ملكا عادلا حسن السيرة ، رفع المظالم من جميع بلاده ، وكان متشرعا متورعا ... وكان معظم همه مصروفا في العدل ... وكان يكرم العلماء والفضلاء ، ومجلسه معمورا بالمباحث العلمية وكان معتقدا في شيخه نقطه چي أوغلي (ابن نقطة چي) اعتقادا بالغا ... لا يصدر إلّا عن رأيه ... ومع ذلك كان هو وشيخه ممسكين بخيلين ، وقطعا الإدارات التي كانت من زمن حسن بيك وضيقا على الأمراء في اقطاعاتهم ، فآل أمرهما إلى ما ذكر. وكانت مدة ملكه نحو ستة أشهر» ا ه.

وهذا ما جاء في حبيب السير وفيه توضيح قال :

«إن أحمد حينما جلس على سرير الحكم قرر قواعد العدل وأقام لواء الشريعة الغراء وأمر بلزوم متابعتها ورفع التكاليف الديوانية وغيرها مما كان يؤخذ سابقا فعفا عن كافة الطوائف من أداء الضرائب المذكورة كما أنه ألغى رسوم الإخراجات ومنع من المصادرات (شلتاقات) فأبطل كل ذلك وكذا الإنعامات والأعطيات السلطانية الأخرى ومنع من شرب الخمور والملاهي ... إلا أنه لم يرق ذلك لأرباب المطامع ففوجئوا في أوائل السلطنة بإبطال هذه وأن لا يخالف أمر قاضي الشرع فلم تكن في أوانها وتفصيل الخبر أنه في أوائل سلطنته قام في وجهه أبيه سلطان وقاسم پرناك فرفعوا راية الخلاف وتحاربوا معه فقضوا عليه وذلك أن أحمد كان في مقدمة رجاله حسن علي خاني وله قوة زائدة وشوكة عند السلطان أكثر من سائر الأمراء وأركان الدولة وله ميزة عليهم مما دعا أن يظهر ما أضمره من العداء لمظفر پرناك فناصبه العداء لحد أنه قضى على حياته فوصل خبر ذلك إلى قاسم پرناك (أخيه) وكان حاكما في شيراز فاتخذ هذه الوقعة وسيلة للقيام بشق عصى الطاعة وفي هذه الأثناء قد

٣٠٩

فوض أحمد إيالة كرمان إلى أبيه سلطان وهذا سار من أذربيجان إلى أنحاء كرمان وبعد أن قطع عدة مراحل جاءته الرسائل من قاسم پرناك كان أرسلها إليه وفيها حرضه على طلب دم أخيه واتفقا على ذلك وتأكدت العهود بينهما وفي الحال اتصل قاسم پرناك وجيشه بأبيه سلطان فسمع أحمد بالخبر عن هذه الحادثة فجمع جيشه وسار لدفع غائلة أولئك فالتقى الفريقان في أنحاء أصفهان فاستعرت نيران المعركة فكانت الوقعة دامية جدا وقد كتب النصر فيها لأبيه سلطان وقاسم پرناك وقتل أحمد بعد أن قضى نحو ستة أشهر في سلطنته ... ا ه (١).

هذا وصفوة القول أنه بعد قتلة أحمد بيك صارت دولة آق قوينلو سائرة إلى الدمار فاتفق القوم على الباطل وزاد النفاق بينهم ... ولم يبق من نسل حسن بيك سوى ثلاثة أطفال وكل واحد منهم في ناحية. فمن هؤلاء سلطان مراد بن يعقوب كان في شيروان ، وألوند بيك ابن يوسف بيك في أذربيجان ، وأخوه محمدي في يزد. ومن ثم صارت البايندرية إلى ثلاثة أحزاب كل حزب منهم مع واحد فأعلن السلطنة فتقاتل الأمراء فيما بينهم ، وسعى كل منهم في القضاء على الآخر وعادت الممالك خرابا ... إلى أن ذهبت السلطنة منهم فانقرضت على ما سيجيء شرح ذلك ... (٢).

ألوند بيك :

لما قتل أحمد بيك لم يكن لدى أبيه سلطان ، من الأسرة المالكة من هو أهل للقيام بأمور المملكة فكانت الخطبة تقرأ في العراق باسم السلطان مراد. وتضرب السكة باسمه ، وتصدر الأوامر والمراسيم

__________________

(١) حبيب السير.

(٢) منتخب التواريخ ص ١٩٢ وجامع الدول.

٣١٠

موشحة باسمه ... فذهب أبيه سلطان إلى أذربيجان ...

وقبل وصوله إلى تبريز رأى أن دايه (دايي) قاسم الذي كان حاكما في ديار بكر قد اتفق مع سيدي غازي بيك ابن يوسف البايندري حفيد شبلي بيك ابن حاجي بيك ابن طور علي بيك على نصب ألوند بيك ملكا كما أن جماعة أخرى كانوا قد أخرجوا السلطان مراد من شيروان وكان عند جده فرخ يسار وخالفوا أبيه سلطان وهذا لم يتوان في الأمر وإنما تحارب معهم وتغلب عليهم وقبض على السلطان مراد وسجنه في قلعة روئين (رويين) وتزوج بأمه كما أنه ائتلف مع ألوند بيك وأعوانه وأتى به إلى تبريز. وفي أواخر شهور سنة ٩٠٣ ه‍ أجلسه على سرير السلطنة وسيأتي ما آل إليه أمره في خلال بيان أحوال السلطان مراد.

حوادث سنة ٩٠٤ ه‍ ـ ١٤٩٨ م

محمدي بن يوسف بيك :

اتفق جمع من الأمراء وجعلوه سلطانا على العراق وبعد الاستيلاء على أصفهان تحاربوا في فارس مع قاسم بيك فانهزم منهم قاسم بيك وتحصن في قلعة اصطخر وبعد أن تم الاستيلاء على شيراز رجعوا.

أما أبيه سلطان فإنه مع ألوند بيك قصدا مقارعة هؤلاء فتحركوا من آذربيجان إلى العراق. وعند وصولهما إلى حدود الري اختار محمدي الفرار وذهب إلى قلعة أسنا عند حسن كيا الچلاوي فشتى أبيه سلطان مع ألوند بيك في قم وعينوا بعض الأمراء في ورامين لدفع محمدي وهذا في أواخر الشتاء وبالاتفاق مع حسن كيا الچلاوي باغت الأمراء الذين كانوا مرابطين في ورامين وفرقهم ثم ذهب أبيه سلطان مع ألوند بيك إلى أذربيجان فأخذ محمدي يتقوى شأنه في العراق والتف حوله جيش عظيم من الترك وغيرهم ووقعت المحاربة بينه وبين أبيه سلطان وألوند بيك في

٣١١

موضع يقال له عزير كندي في شهر شوال سنة ٩٠٤ فكان الفوز في جانب محمدي وأن أبيه سلطان قد قتل في هذه الحرب.

وكان أبيه سلطان من أمراء البايندرية واسمه إبراهيم بن دانا خليل بن كور محمد بيك بن قرا عثمان البايندري. ثم اشتهر بالله قلي سلطان وكان ملكا شجاعا وذا صولة إلا أن طالع آق قوينلو أخذ بالتحسن وطمع الخصوم في الملك. وسارت الدولة إلى الانقراض وبدت فيها علائم الموت .. من جراء قتلة هذا الأمير (١) ..

حوادث سنة ٩٠٥ ه‍ ـ ١٤٩٩ م

تفصيل ما جرت إليه الحوادث :

بعد قتل أبيه سلطان ذهب ألوند بيك إلى حدود ديار بكر ونزل محمدي في تبريز وكان في هذه الأثناء أخرج أخو أبيه السلطان مرادا من قلعة (روئين) وأسرعوا في استصحابه إلى فارس وذهبوا به إلى قاسم بيك پرناك وهناك نصبوه سلطانا.

أما محمدي فإنه تحرك من آذربيجان إلى العراق قاصدا دفع هؤلاء وكذلك تحرك السلطان مراد من فارس متوجها نحو العراق فتلاقى الفريقان في حدود أصفهان ووقعت بينهما معارك دامية في أواسط سنة ٩٠٥ ه‍ فأسفرت النتيجة عن قتل محمدي وكانت مدة سلطنته سنة واحدة (٢).

السلطان مراد بن يعقوب بيك :

فلما قتل محمدي ظهر السلطان مراد غالبا منتصرا وتمكن من

__________________

(١) جامع الدول ولب التواريخ.

(٢) منتخب التواريخ ص ١٩٣ وجامع الدول.

٣١٢

الاستيلاء على فارس والعراق .. أما ألوند بيك فإنه لا يزال في آذربيجان معلنا سلطنته. وفي الأثناء خرج عليه امرؤ دعا نفسه السلطان حسين وزعم أنه ابن جهان شاه ابن قرا يوسف وصار يطلب السلطنة في آذربيجان فجمع جيشا كبيرا. وحينئذ لم ير ألوند بيك بدا من مكافحته ففي شهور سنة ٩٠٥ ه‍ جرت معركة بينهما فتغلب ألوند وألقى القبض على السلطان حسين فقتله ... وإثر هذه تأهب السلطان مراد لمقارعة ألوند بيك.

حوادث سنة ٩٠٦ ه‍ ـ ١٥٠٠ م

الحرب بين السلطان مراد وألوند بيك :

في أوائل هذه السنة وبعد وقعة ألوند بيك مع السلطان حسين تأهب السلطان مراد لحرب ألوند بيك فتصافت الجيوش في حدود أبهر وقزوين فتدخل بعض المصلحين في أمر الصلح على أن يكون العراق وفارس للسلطان مراد ، وأن تترك آذربيجان وديار بكر لألوند بيك فرضي الطرفان وذهب كل من المتنازعين لمملكته ...

أما السلطان مراد فإنه في جمادى الثانية من السنة المذكورة جاء إلى قزوين فأقام هناك لمدة أسبوع وسار ألوند بيك إلى تبريز.

حوادث سنة ٩٠٧ ه‍ ـ ١٥٠١ م

الحالة في هذه الأيام :

جاء في منتخب التواريخ أن الحالة بعد هذه الحرب قد اضطربت ، وانحلت الأمور فصار النهب والغارة ، والظلم والتعديات في أطراف المملكة ديدنا ومعتادا فانسدت الطرق وقلت الحركة. وقد بدت علائم الخلاف والاختلاف وذلك أن قاسم بيك پرناك كان قد حكم سنين عديدة

٣١٣

في شيراز كما أن والده كان أيضا حاكمها. وفي صفر سنة ٩٠٧ ألقي القبض عليهما وأرسلوا إلى الصطخر ، وبعدها نقلوا إلى أصفهان وهناك قتلوا في يوم السبت ١٠ صفر المذكور وقتل أيضا يار علي بيك البايندري وجاء أبو الفتح بيك البايندري إلى شيراز وكان حاكما في كرمان وكان يعقوب جان بيك قد اقطع فارسا في رمضان هذه السنة فوثب عليه صاحب كرمان أبو الفتح بيك ابن أخي حاجي بيك البايندري فهرب يعقوب جان (أخو أبيه سلطان) من شيراز فاستولى أبو الفتح على فارس ودخل شيراز وبقي حاكما مستقلا نحو ستة أشهر حتى سقط من قمة جبل من جبال فيروز آباد في الصيد فمات يوم الأحد ٨ شعبان هذه السنة.

والحاصل أن المملكة في أيام هذه الحكومة قد نالها الخراب والدمار وكثرت المجاعات فمات الكثير من الأهلين جوعا وبسبب الطواعين والأوبئة تفرق الباقون شذر مذر وتركوا أوطانهم ، ولا تزال الأوضاع في ارتباك ، والشاه إسماعيل الصفوي لم ينم عن هذه الأحوال وإنما كان يتطلع إليها ويترقب الفرصة استفادة من الوضع وانحلاله (١) ..

ومما قيل آنئذ في تصوير حالة الشرق :

إذا شئت أن تلقى دليلا إلى الهدى

لتقفو آثار الهداية من كاف

فخلّ بلاد الشرق عنك فإنها

بلاد بلا دال وشرق بلا قاف (٢)

شاه إسماعيل ـ ألوند بيك :

اغتنم الشاه إسماعيل فرصة الخلاف والضعف وتذبذب الحالة

__________________

(١) لب التواريخ وجامع الدول.

(٢) بدائع الزهور ج ٣ ص ١٦٩.

٣١٤

فجمع كتائب كثيرة في أوائل شهور هذه السنة (سنة ٨٠٧ ه‍) فتقارع مع ألوند بيك في حدود نخجوان فنكل بألوند ومن معه من أمراء البايندرية تنكيلا مرا وفرق جموعهم شذر مذر فاستولى الجيش الصفوي على مملكة أذربيجان ... وأساسا أن الأهلين ضجروا من ظلم آق قوينلو وسائر من معهم من التركمان فعدوا ذلك خلاصا لهم مما نالوه ... فابتهجوا بهذا النصر وكانوا في أمل أن يستريحوا من العناء ...

وبقي ألوند مدة متحيرا يتجول هنا وهناك إلى أن طوحت به الحالة إلى ديار بكر وكان قد مر ببغداد فلم ير له بها مستقرا والحاكم في هذه الأنحاء دايي قاسم بيك بن جهانكير بيك (ابن أخي حسن بيك) وليها مدة وكانت السلطنة باسمه ، وهذا تحارب مع ألوند في حدود ماردين فتغلب ألوند عليه وتسلطن هناك ...

قضى هناك مدة وتوفي في شهور سنة ٩١٠ ه‍ (١).

حوادث سنة ٩٠٨ ه‍ ـ ١٥٠٢ م

السلطان مراد ـ الشاه إسماعيل :

بعد أن أخرج الشاه إسماعيل ألوند بيك من أنحاء آذربيجان نظم إدارته وقرر ملكه فمضت سنة على حكمه وحينئذ عزم على حرب السلطان مراد فسار إلى أطراف العراق وفي يوم السبت ٢٤ ربيع الأول سنة ٩٠٨ ه‍ (٢) تحارب في حدود همذان مع السلطان مراد فانتصر عليه وعلى هذا مضى السلطان هاربا إلى أنحاء شيراز ومن هناك سار إلى بغداد إلى باريك بيك پرناك حاكم تلك الديار فاستقر في الحكم هناك (٣) ...

__________________

(١) منتخب التواريخ وجامع الدول.

(٢) في جامع الدول قاتله يوم الاثنين ٢٥ ذي الحجة.

(٣) لب التواريخ.

٣١٥

وفيات

جلال الدين الدواني :

في هذه الأيام زاد انهماك الناس بالسياسة فصدتهم عن الالتفات إلى العلوم والتبرز فيها ، وتركوا النظر ، أو اهملوا التدريس وصار لا يلتفت إلى العلوم ... فكانت السياسة من جهة والحروب العنيفة من جهة أخرى ، مما شغل الأهلين ، وألهى غالبهم عن الانصراف للعلوم ، والتطلع للفلسفة ، أو الحرص الزائد في طلبها ... وفي الوقت نفسه مال الأمراء بكليتهم للحروب والسياسة فلم ينظروا للعلوم ولا لرجال العلم.

ومترجمنا يعد من فلاسفة عصره ، ومن مشاهير المتكلمين ، استهوته (الأفلاطونية الحديثة) ، والغالب عليه أنه مال إليها من جراء توغله في الكلام ، ومناظراته .. فرأى مباحثها أوفر تفسيرا لما عنده ، وكان التصوف والشعر الفارسي مما جره إلى ناحيتها.

وكانت الآراء السياسية ، والآمال الحربية ، والثورات الكبيرة ، والطغيان والاضطراب مما أثر تأثيره على الآراء العلمية والثورة عليها ، وكانت حالة العصر في تحول عظيم وانتقال فلا يبعد أن يستهوي التصوف هذا الرجل ، فيعتنق فكرة مثل ما جاء في رسالته الزوراء.

والرجل يعد من أقطاب الفلسفة القديمة كان في عصره ذائع الصيت.

ومن مشاهير العلماء في أيام الدولة البايندرية ، انتشر خبره في الأقطار وهو حي ، وعرف بالعلم الجم والفضل الكبير ... كان شافعي المذهب ، وأصله من قرية دوان التابعة لكازرون ، وكان قاضيا بإقليم فارس ، أخذ عن المحيوي اللاري وحسن بن البقال ، وتقدم في العلوم سيما العقليات وأخذ عنه أهل تلك النواحي ، وشد إليه الرحال كثيرون

٣١٦

من مدن قاصية من الروم وخراسان وما وراء النهر واستقر به السلطان يعقوب في القضاء ... وغالب أيامه قضاها بشيراز.

وله تصانيف كثيرة : (منها)

١ ـ أخلاق جلالي ، ويسمى (لوامع الإشراق في الحكمة العملية والمنزلية والمدنية في مكارم الأخلاق) ، فارسي مختصر أوله : افتتاح كلام بنام واجب الإعظام الخ ... وهذا كتبه للسلطان حسن الطويل ، وقدمه إليه.

٢ ـ شرح على شرح التجريد للطوسي. عم الانتفاع به.

٣ ـ شرح هياكل النور.

٤ ـ إثبات الواجب القديمة ، أولها سبحانك ما أعظم شأنك الخ وعليها شروح وتعليقات وعندي نسخ مخطوطة منها ، قدمها للسلطان يعقوب بهادر خان وجاء في بعض المخطوطات أنه قدمها للسلطان بايزيد العثماني وليس بصواب. وكان تأليفها في ١٤ رجب سنة ٨٨٩ ه‍. كذا محرر في نفس الرسالة.

ونعت السلطان بمزيد العلم والدين ، وفي حمى بيضة الإسلام من إفساد الكفرة الطغام ، وحرس حوزة الإيمان عن مفاسد أهل الشرك والطغيان ... ذكر الناس بعدالة أيام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، أنسى الناس خلافة بني العباس بشامل الجود وكامل السطوة وعظيم الباس ... فهو الذي أنار مصابيح العلوم بعد انطفائها ونضر رياض الحكم عقب ذبولها وذهاب روائها ، وأصلح أركان الفضائل والمعالي بعد فسادها ، وروج أسواق الأفاضل والأعالي إثر كسادها حتى جلبوا بضائع العلوم إلى حضرته من كل فج عميق ، وجنوا ثمرات باسقات عرائس الفهوم إلى سدته من كل بلد سحيق فوسمتها باسمه العالي المكتوب على جباه السماوات العوالي رسما لخدمته وأتحفت نسخة منها إلى عامر خزانته الخ.

٣١٧

٥ ـ إثبات الواجب الجديدة ، وعليها شروح وتعليقات أيضا.

٦ ـ الزوراء. يذكر أنه ألهم بها في حضرة الإمام علي عليه السلام. وكثيرون يقطعون في أنها لم تكن له وهي مختلقة ، لما فيها من عقائد وآراء فلسفية مثل الأعيان الثابتة غير مجعولة. وهي مطبوعة مع ذيلها. كتبها ـ على ما يقال ـ ببغداد فكانت سبب تسميتها ، فقد ألفها أو ألهمت إليه.

٧ ـ ذيلها (هتك الأستار). له. طبعت.

٨ ـ الأنوار الشافية.

٩ ـ شرح العقائد العضدية. فرغ من تأليفه في ربيع الأول سنة ٩٠٥ ه‍ ببلدة جيرون وهو آخر مؤلفات الجلال كما قيل. ذكر ذلك في كشف الظنون. وبهذا عرف أنه لا يزال على عقيدته الأولى وأن الزوراء مدسوسة عليه ومن كتبه (أخلاق جلالي) ويعد من الآثار المعتبرة ، نال شهرة كبيرة ، وترجم للانجليزية وله مهارة في الشعر أيضا. ومما قاله فدعا للتقولات :

درد خمار دارم ودود مان من ميست

مي ده كه مي ز بهر مداوا حرام نيست

وأجابه بعض الشعراء :

بهارست دركشي مي ارغواني

بفتواي ملا جلال دواني

ويطول بنا الآن الكلام على مؤلفاته ، وقيمتها الفلسفية ، ومكانة عقيدته منها ... خصوصا رسالة الزوراء وهتك الأستار ، فإن لها موطنا غير هذا ، وهو التاريخ العلمي والأدبي ... والملحوظ أن أهل الأبطان حاولوا الاستفادة من شهرته فنسبوا إليه الزوراء وهتك الأستار ...

٣١٨

ولد سنة ٨٣٠ ه‍ ، وتوفي سنة ٩٠٨ ه‍ (١).

حوادث سنة ٩١٣ ه‍ ـ ١٥٠٧ م

حكومة مراد في بغداد :

قضى السلطان مراد في العراق نحو خمس سنوات ونصف وهو في حالة اضطراب وتشوش لا يدرى مصيره تجاه عدو قاهر استولى على أكثر بلاد إيران وصار لا ينازع في سلطته وقهره .. مضت هذه المدة ولم تظهر حوادث تستحق التدوين في حين أننا نرى الشاه إسماعيل ينسق إدارته ويقرر حكمه وينظم شؤونه ويتأهب للقضاء على البقية الباقية من حكومة آق قوينلو .. وهو في هذه الحالة يعلو سعده وتنقاد له الأقوام طوعا أو كرها وقد مل الناس الحروب وصاروا في رغبة شديدة إلى الراحة ، وإلى حاكم قاهر يقضي على أرباب الفساد والشغب (٢).

حوادث سنة ٩١٤ ه‍ ـ ١٥٠٨ م

شاه إسماعيل وفتح بغداد :

وفي سنة ٩١٤ ه‍ توجه الشاه إسماعيل نحو العراق للوقيعة بالسلطان مراد وتفصيل الخبر أن الشاه إسماعيل كان قد احتفل بمناسبة استيلائه على كيلان وفي هذه الأثناء سمع أن السلطان مراد قد سار إلى علاء الدولة من دلغادر (ذي القدر) والتحق به تاركا بغداد ، وأن علاء الدولة قد زوج ابنته إلى السلطان مراد فاتفقوا وتكاتفوا على القيام في وجه الشاه إسماعيل وتوجهوا بجيش جرار ومضوا به إلى ديار بكر بقصد

__________________

(١) ترجمته في الضوء اللامع ج ٧ ص ١٣٣ وقاموس الأعلام ج ٣ ص ١٨٢٤ وتاريخ إيران لعبد الله الرازي الهمذاني ص ٥١١ وكشف الظنون ونفس مؤلفاته ...

(٢) جامع الدول ومنتخب التواريخ.

٣١٩

الاستيلاء عليها واشتعلت نيران الفتنة هناك فعلم الشاه بكل ذلك وحينئذ عزم على دفع هؤلاء وجهز جيشا لجبا لهذه الغاية والقضاء على هؤلاء وجعل وجهته آذربيجان.

فلما اطلع علاء الدولة على جلية الأمر ونوايا الشاه انسحب من ديار بكر التي كان قد استولى عليها فتركها وأبقى فيها بعض أعوانه ومعتمديه ومضى إلى البستان أما الشاه إسماعيل فإنه سار إلى ديار بكر واستولى عليها ومزق جيش علاء الدولة فعين محمد بك استاجلو حاكما في تلك الأنحاء ورجع الشاه إلى مدينة خوي فأقام بها.

ثم إن علاء الدولة رفع لواء الحرب مرة أخرى وبعد مدة وجيزة جاءت البشرى للشاه بانتصار محمد بيك استاجلو عليه وتمزيق شمل جيشه وهربه إلى ديار الروم (الأناضول) فقتل هناك.

وفي جامع الدول : «هرب السلطان مراد إلى بلاد قرمان ، ثم رجع والتجأ إلى الأمير علاء الدولة من ذي القدرية (دلغادر) فأكرمه علاء الدولة وزوجه بابنته فولدت له ولدين يعقوب بيك وحسن بيك وبقي السلطان عند الأمير علاء الدولة إلى أن توجه سلطان الروم (العثمانيين) السلطان سليم ياوز إلى قتال شاه إسماعيل في سنة ٩٢٠ ه‍ فسار السلطان مراد في جمع إلى تسخير ديار بكر ملك آبائه وأجداده فقاتل القزلباشية المستولية على تلك الديار وكان مقدمهم دورمش بيك قورجي باشي شاملو فانكسر السلطان وقتل قبل عيد الفطر بيوم من السنة المذكورة وحمل رأسه إلى الشاه إسماعيل. وكان مولده ليلة السبت ٣ رمضان سنة ٨٩٥ ه‍ وعمره (٢٥) سنة ومدة حكمه ٩ سنين وهو آخر ملوك البايندرية» ا ه.

أما بغداد فإنها كانت من حين ذهب السلطان مراد عنها بيد الحاكم بها وهو (باريك بيك) استولى عليها وكان ينزع إلى السلطنة والاستقلال

٣٢٠