فقه القرآن - ج ٢

قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي [ قطب الدين الراوندي ]

فقه القرآن - ج ٢

المؤلف:

قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي [ قطب الدين الراوندي ]


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
المطبعة: الولاية
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٥٠
الجزء ١ الجزء ٢

المفصل من الكف والساعد ، وقالت الخوارج يقطع من الكف.

وأما الرجل فعندنا تقطع الأصابع الأربع من مشط؟ مسقط القدم ويترك الابهام والعقب ، دليلنا انما قلناه مجمع على وجوب قطعه وما قالوه ليس عليه دليل.

واليد يقع على جميع اليد إلى الكتف ، ولا يجب قطعه إليه بلا خلاف الا ما حكيناه عمن لا يعتد به. وقد استدل عليه قوم من أصحابنا بقوله « فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم » (١) قالوا انما يكتبونه بالأصابع ، والمعتمد ما قلناه.

على أنه يمكن أن يستدل على ذلك بقوله « وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء » (٢) ، ومعلوم باجماع المفسرين على أن النور ما كان في أكثر من أربع أصابع موسى عليه‌السلام.

ويستدل على وجه آخر على أنه يجب قطع يد السارق من أصول الأصابع ويبقى له الراحة والابهام ، وفي السرقة الثانية يجب قطع رجله من صدر القدم ويبقى له العقب.

وهو انا نقول : ان الله أمر بقطع يد السارق بظاهر الكتاب ، واسم اليد يقع على هذا العضو من أوله إلى آخره ويتناول كل بعض منه ، ألا ترى انهم يسمون من عالج شيئا بأصابعه انه قد فعل شيئا بيده ، قال تعالى « فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم » ، وآية الطهارة تتضمن التسمية باليد إلى المرفق ، فإذا وقع اسم اليد على هذه المواضع كلها وأمر الله بقطع يد السارق ولم ينضم إلى ذلك بيان مقطوع عليه في موضع القطع وجب الاقتصار على أقل ما يتناوله الاسم ، لان القطع والاتلاف محظور عقلا ، فإذا أمر الله تعالى به ولا بيان وجب الاقتصار

__________________

١) سورة البقرة : ٧٩.

٢) سورة النمل : ١٢.

٣٨١

على أقل ما يتناوله الاسم ، وأقل ما يتناوله الاسم مما وقع الخلاف فيه هو ما ذهب إليه الإمامية.

فان قيل : هذا يقتضي أن يقتصر على قطع أطراف الأصابع ولا يوجب أن يقطع من أصولها.

قلنا : الظاهر يقتضى ذلك ، والاجماع منع منه ، وقد روى الناس كلهم أن عليا عليه‌السلام قطع من الموضع الذي ذكرناه ، ولم يعرف له مخالف في الحال ولا منازع ، وكان عليه‌السلام يقول : اني لاكره أن تدركه التوبة فيحتج علي عند الله أني لم أدع له من كرائم بدنه ما يركع به ويسجد (١).

وإذا اشترك نفسان أو جماعة في سرقة ما يبلغ النصاب من حرز قطع جميعهم ، لان قوله « والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما » ظاهره يقتضى أن القطع انما وجب بالسرقة المخصوصة ، وكل واحد من الجماعة يستحق هذا الاسم فيجب أن يستحق القطع.

(فصل)

والنصاب الذي يتعلق القطع به قيل فيه ستة أقوال :

أولها : مذهبنا ، وهو ربع دينار ، وبه قال الشافعي والأوزاعي ، لما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : القطع في ربع دينار (٢).

الثاني : ثلاثة دراهم وهو قيمة المجن ، وذهب إليه مالك بن أنس.

الثالث : خمسة دراهم ، رووا ذلك عن علي عليه‌السلام وعن عمر أنهما قالا : لا يقطع الا في خمسة دراهم. وهو اختيار أبى علي ، قال : لأنه بمنزلة

__________________

١) تفسير البرهان ١ / ٤٧١.

٢) سنن النسائي ٨ / ٧٢.

٣٨٢

من منع خمسة دراهم من الزكاة فإنه فاسق.

الرابع : قال الحسن يقطع في درهم ، لأنه ما دونه تافه.

الخامس : قال أبو حنيفة خمسة دراهم ، وقد روى أصحابه لأنه كان قيمة المجن.

السادس : قال أصحاب الظاهر يقطع في القليل والكثير.

ولا يقطع الا من سرق من حرز ، والحرز مختلف فلكل شئ حرز يعتبر فيه حرز مثله في العادة. وحده أصحابنا : بأنه كل موضع لم يكن لغيره الدخول إليه والتصرف فيه الا باذنه فهو حرز. قال الجبائي : الحرز أن يكون في بيت أو دار يغلق عليه وله من يراعيه ويحفظه.

ومن سرق من غير حرز لا يجب عليه القطع ، قال الرماني لأنه لا يسمى سارقا حقيقة وانما يقال ذلك مجازا ، كما يقال سارق كلمة أو معنى في شعر ، لأنه لا يطلق على هذا الاسم سارق على كل حال. وقال داود : يقطع إذا سرق من غير حرز.

فعلى هذا السارق الذي يجب عليه القطع هو الذي يسرق من حرز ربع دينار فصاعدا أو ما قيمته كذلك ويكون كامل العقل والشبهة عنه مرتفعة حرا كان أو عبدا مسلما كان أو كافرا.

وإذا سرق نفسان فصاعدا ما قيمته ربع دينار من حرز وجب عليهما القطع ، فان انفرد كل واحد منهما ببعضه لم يجب عليهما القطع لأنه قد نقص عن المقدار الذي يجب فيه القطع وكان عليهما التعزير. ويمكن أن يستدل عليه من الآية.

ومن ترك القياس العقلي الذي هو جائز وهو الأصول واشتغل بالقياس الشرعي الذي هو محظور وهو الفروع إذ لا دليل على ثبوته في الشرع ، وان

٣٨٣

جاز خبط خبط عشواء ، فلينظروا إلى الملحد الملهد (١) أعمى البصر والبصيرة ضل عن حكمة الله بجهله فرآها مناقضة ثم نظم خبث عقيدته لصفاقة وجهه وقلة مبالاته بالدين ، فقال (٢) :

يد بخمس مائين من عسجد فديت

ما بالها قطعت في ربع دينار

تناقض مالنا الا السكوت له

نعوذ بالله مولانا من النار (٣)

وقد كان الأئمة المعصومون عليهم‌السلام كشفوا وجه الحكمة في ذلك ورووا عن جدهم النبي الأمي صلى‌الله‌عليه‌وآله ما هو دواء العليل وشفاء الغليل ، ونظم السيد الإمام الكبير أبو الرضا الراوندي قدس الله سره مجيبا لذلك المعري :

الله قومها تقويم خمس مئى

زجرا لقاطعها دفعا لا ضرار

وقد رأى قطعها في الربع مصلحة

في حفظ مال الورى يا أيها الزاري (٤)

وقد هذى المعرى أيضا فقال :

هذا النبي الذي جبريل جادله

بالوحي والله أولى خلقه المنحا

ولى سيوف الأعادي هاج شيعته

وكان يكره في أسنانها فلحا

فأجبته وقلت :

يا من تحمل خسرانا وما ربحا

هذا النبي لقد أسدى وقد نصحا

لنصرة الدين سام العز وأمته

وللطهارة فيهم أنكر الفلحا

 (فصل)

أما قوله تعالى « فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فان الله يتوب عليه » (٥) فإنه

__________________

١) أي المزري بالشريعة ، قال أبو زيد : ألهدت به أزريت به « ج ».

٢) يريد به ابا العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعرى المتوفى سنة ٤٤٩.

٣) انباه الرواة ١ / ٧٥ وروايته « بخمس مئ » و « وان نعوذ بمولانا ».

٤) لم يذكر في ديوان الراوندي.

٥) سورة المائدة : ٣٩.

٣٨٤

سبحانه أخبر أن من تاب وندم على ما كان منه من فعل الظلم بالسرقة وغيرها فان الله يقبل توبته باسقاط العقاب بها عن المعصية التي تاب عنها.

فعلى هذا لو تاب السارق قبل أن يرفع إلى الامام وظهر ذلك منه ثم قامت عليه البينة فإنه لا يقطع غير أنه يطالب بالسرقة ، وان تاب بعد قيام البينة عليه وجب قطعه على كل حال.

وروي أن رجلا جاء إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فأقر بالسرقة ، فقال له علي عليه‌السلام : أتقرأ شيئا من كتاب الله؟ قال : نعم سورة البقرة. فقال : قد وهبت يدك لسورة البقرة. فقال الأشعث : أتبطل حدا من حدود الله؟ فقال : وما يدريك ما هذا ، وإذا قامت البينة قليس للامام أن يعفو ، قال الله تعالى « والحافظون لحدود الله » (١) ، فإذا أقر الرجل على نفسه بسرقة فذلك إلى الامام ان شاء عفا وان شاء عاقب (٢).

ولا يقطع حتى يقر بالسرقة مرتين وأنه سرق من حرز وكان نصابا ، فان رجع ضمن السرقة ولم يقطع. وقال الفقهاء : إذا قامت البينة على السارق يجب قطعه على كل حال ، فإن كان تاب كان قطعه امتحانا وان لم يكن تاب كان عقوبة وجزاءا.

ومتى قطع فإنه لا يسقط عنه رد السرقة ، سواء كانت باقية أو هالكة ، فان كانت باقية ردها بلا خلاف وان كانت هالكة رد عندنا قيمتها. قال أبو حنيفة وأصحابه : لا يجب عليه القطع والغرامة معا ، فان قطع سقطت عنه الغرامة وان غرم سقط القطع.

ومن سرق بعد قطع اليد دفعة ثانية على ما ذكرناه قطعت رجله اليسرى

__________________

١) سورة التوبة : ١١٢.

٢) الاستبصار ٤ / ٢٥٢.

٣٨٥

حتى يكون من خلاف ، فان سرن ثالثة حبس عندنا أبدا ، فان سرق في الحبس قتل. ولا يعتبر ذلك أحد من الفقهاء.

فظاهر الآية يقتضي وجوب قطع العبد والأمة لتناول اسم السارق والسارقة لهما إذا سرقا ، وصح ذلك عليهما بالبينة دون الاقرار.

وقوله تعالى « جزاءا بما كسبا » معناه استحقاقا على فعلهما « نكالا من الله » أي عقوبة منه على ما فعلاه. وقال مجاهد الحد كفارة ، وهذا غير صحيح ، لان الله دل على معنى الامر بالتوبة (١) ، وانما يتوب المذنب عن ذنبه والحد من فعل غيره. وأيضا فمتى كان مصرا كان إقامة الحد عليه عقوبة والعقوبة لا تكفر الخطيئة كما لا يستحق بها الثواب. والتوبة التي يسقط الله العقاب عندها هي الندم على ما مضى من القبيح أو الاخلال بالواجب والعزم على ترك الرجوع إلى مثله في القبح.

فان قيل : قوله « فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح » (٢) هل فعل الصلاح شرط في قبول التوبة أم لا ، فإن لم يكن شرطا فلم علق الغفران بمجموعهما؟ قيل له : لا خلاف في أن التوبة متى حصلت على شرائطها فان الله يقبلها ويسقط العقاب وان لم يعمل بعدها عملا صالحا ، غير أنه إذا تاب وبقي بعد التوبة فإن لم يعمل العمل الصالح عاد إلى الاصرار ، لأنه لا يخلو في كل حال من واجب عليه. وأما ان مات عقيب التوبة من غير فعل صلاح فان الرحمة باسقاط العقاب تلحقه بلا خلاف.

على أن قوله تعالى « وأصلح » يمكن أن يكون إشارة إلى العزم على ترك

__________________

١) أي دل بقوله تعالى « فمن تاب » على معنى الامر بالتوبة ، لأنه خبر بمعنى الامر ، أي توبوا فأصلحوا ، فلو كان الحد كفارة لم يبق ذنب حتى يتوب منه « ج ».

٢) سورة المائدة : ٣٩.

٣٨٦

المعاودة مع الندم. وقال بعض المفسرين : معناه وأصلح أمره بالتفصي عن التبعات ورد السرقة. وهذا من شرائط صحة التوبة فيه.

وأما رفع قوله « والسارق والسارقة » فإنه عند سيبويه رفع على تفسير فرض فيهما يتلى عليكم حكم السارق والسارقة. وقيل : معناه الجزاء ، وتقديره من سرق فاقطعوه ، وله صدر الكلام.

قال الفراء : ولو أراد سارقا بعينه لكان النصب الوجه ، ويفارق ذلك قولهم  « زيدا فاضربه » لأنه ليس فيه معنى الجزاء والمقصود واحد بعينه ، وليس القصد بالسارق واحدا بعينه ، وانما هو كقولك « من سرق فاقطعوا يده » فهو في حكم الجزاء ، والجزاء له صدر الكلام. وقال الزجاج : هو القول المختار.

وأجمع العلماء على أن القطع لا يجب على السارق الا بعد أن يأخذ المال الذي لغيره من دون اذنه من حرز وهو لا يستحقه.

(باب)

(حد المحارب)

قال الله تعالى « انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله » (١) الآية.

من جرد السلاح في مصر أو غيره وهو من أهل الريبة على كل حال كان محاربا وله خمسة أحوال : فان قتل ولم يأخذ المال وجب على الامام أن يقتله وليس لأولياء المقتول العفو عنه ولا للامام ، وان قتل وأخذ المال فإنه يقطع بالسرقة ويرد المال ثم يقتل بعد ذلك ويصلب ، وان اخذ المال ولم يقتل ولم يجرح قطع ثم نفي عن البلد ، فان جرح ولم يأخذ المال ولم يقتل وجب أن يقتص منه ثم ينفى بعد ذلك ، وان لم يجرح ولم يأخذ المال وجب أن ينفى من البلد الذي

__________________

١) سورة المائدة : ٣٣.

٣٨٧

فعل فيه ذلك إلى غيره على ما قدمناه.

وهذا التفصيل يدل عليه قوله تعالى « ان يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض » ، واللص أيضا محارب.

وقد أخبر الله في هذه الآية بحكم من يجهر بذلك مغالبا بالسلاح ، ثم اتبعه بحكم من يأتيه في خفاء في قوله « والسارق والسارقة » الآية.

ومن سرق حرا فباعه وجب عليه القطع لأنه من المفسدين في الأرض.

ودم اللص الذي يدخل على الانسان فيدفعه عن نفسه فيؤدي إلى قتل اللص هدر ولم يكن له قود ولادية.

(باب)

(الحد في الفرية)

قال الله تعالى « والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة » (١). قال سعيد بن جبير هذه الآية نزلت في عائشة ، وقال الضحاك في جميع نساء المؤمنين. وهذا أولى لأنه أعم فائدة ، لان الأولى أيضا يدخل تحته وإن كان يجوز أن يكون سبب نزولها في عائشة لكن لا تقصر الآية على سببها.

قال الحسن يجلد هذا القاذف وعليه ثيابه ، وهو قول أبى جعفر عليه‌السلام (٢).

ويجلد الرجل قائما والمرأة قاعدة ، وقال إبراهيم يرمى عنه ثيابه ، وعندنا انما يرمى عنه ثيابه إذا كان الحد في الزنا وكان وجد عريانا ، فان وجد وعليه ثيابه في الزنا يجلد وعليه ثيابه قائما على كل حال.

فان مات من يجلد من الضرب لم يكن عليه قود ولا دية.

__________________

١) سورة النور : ٤.

٢) انظر الكافي ٧ / ٢٠٥.

٣٨٨

فإذا قال الرجل أو المرأة كافرين كانا أو مسلمين حرين أو عبدين بعد أن يكونا بالغين لغيره من المسلمين البالغين الأحرار « يا زاني » أو « يا لائط » أو معناه معنى هذا الكلام بأي لغة كانت بعد أن يكون عارفا لموضوعها وبفائدة اللفظ وجب عليه الحد ثمانون ، وهو حد القاذف.

فان قال « قد لطت بفلان » كان عليه حدان حد للمواجهة وحد لمن نسبه إليه. والآية تدل على جميع ذلك.

وقوله « ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا » ذكرنا في كتاب الشهادات بيانه.

والحد حق المقذوف ، لأنه لا يزول بالتوبة.

وقال بعض المفسرين والفقهاء : إذا كان القاذف عبدا أو أمة كان الحد أربعين جلدة. وروى أصحابنا ان هذا الحد ثمانون في الحر والعبد والمسلم والكافر وظاهر العموم يقتضى ذلك ، وبه قال عمر بن عبد العزيز والقاسم بن عبد الرحمن.

ويثبت الحد في القذف بشهادة شاهدين مسلمين عدلين ، أو باقرار القاذف على نفسه مرتين بأنه قذف. ولا يكون الحد فيه كما هو في شرب الخمر وفى الزنا في الشدة ، بل يكون دون ذلك.

وقد ذكرنا أن القاذف لا يجرد على حال. والعفو عن القاذف في جميع الأحوال إلى المقذوف ، ألا ترى أنه لو قال لغيره « يا بن الزانية » كانت المطالبة إلى الام ان كانت حية ، وان كانت ميتة ولها وليان أو أكثر وعفا بعضهم أو أكثرهم كان لمن بقي منهم المطالبة بإقامة الحد عليه على الكمال.

(فصل)

والقذف على الاطلاق يكون الزنا وما في معناه ويكون بغير ذلك ، والمراد

٣٨٩

في الآية قذفهن بالزنا بسببين : أحدهما ذكر المحصنات عقيب آية الزواني ، والثاني اشتراط أربعة شهداء.

والقذف بالزنا أن يقول العاقل البالغ لمحصنة أو لمحصن « يا ولد الزنا » أو ما قدمناه ففيه الحد ، والقذف لغير الزنا أن يقول : يا آكل الربا ، يا شارب الخمر يا فاسق ، يا عاض بظر أمه ، يا يهودي ، يا نصراني.

فعليه إذا كان المقذوف على ظاهر العدالة التعزير ، وهو ما دون الحد. وقال الفقهاء لا يبلغ به أدنى حد العبيد ، وقال أبو يوسف يبلغ به تسعة وتسعون ، وللامام أن يعزر إلى تسعة وتسعين.

وشروط احصان القذف الحرية والبلوغ والاسلام ، وزاد بعضهم العقل والعفة. فمتى قال انسان لمسلم « أمك زانية » وكانت أمه كافرة أو أمة كان عليه الحد تاما لحرمة ولدها المسلم الحر ، وان قال لغيره من المماليك أو الكفار  « يا بن الزاني » أو « يا بن الزانية » وكان أبو المقذوف مسلمين أو حرين كان عليه الحد أيضا كاملا ، لان الحد لمن لو واجهه بالقذف لكان له الحد تاما.

ثم قال تعالى « ان الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة » (١) أي أبعد وامن رحمة الله في الدنيا بإقامة الحدود عليهم ورد الشهادة وفى الآخرة بأليم العقاب.

وهذا وعيد عام لجميع المكلفين في قول ابن عباس. ومن قال الوعيد خاص فيمن قذف عائشة فقوله لا يصح ، لان الآية إذا نزلت في سبب لم يجب قصرها عليه ، كآية اللعان وآية الظهار. ومتى حملت على العموم دخل من قذفها في جملتهم.

وإذا لم يكن المقذوف محصنا يعزر القاذف ولا يحد.

__________________

١) سورة النور : ٢٣.

٣٩٠

وقال الفقهاء : أشد الضرب ضرب التعزير ، ثم ضرب الزنا ، ثم ضرب من شرب الخمر ، ثم ضرب القاذف.

(باب الزيادات)

ان قيل : كيف قال « يتوفاهن الموت » (١) والمتوفى والموت واحد؟.

قلنا : يجوز أن يراد حتى يتوفاهن ملائكة الموت ، كقوله « الذين تتوفاهم الملائكة » (٢) أو « حتى يأخذهن الموت ».

و « اللاتي يأتين الفاحشة » أي يرهقنها ، يقال أتى الفاحشة وجاءها وغشيها ورهقها. والفاحشة الزنا ، لزيادتها في القبح على كثير من القبائح.

وقيل : نزلت هذه الآية في الساحقات وما بعدها في اللواطين.

مسألة :

وقوله « الزانية والزاني فاجلدوا » (٣) الجلد ضرب الجلد ، كما يقال جلد ظهره ورأسه.

وهذا حكم من ليس بمحصن من الزناة والزواني ، فان المحصن حكمه الرجم.

وشرائط الاحصان عند أبي حنيفة ست : الاسلام ، والحرية ، والعقل ، والبلوغ ، والتزوج بنكاح صحيح ، والدخول. وعند الشافعي الاسلام ليس بشرط.

فان قيل : اللفظ يقتضي تعليق الحكم بجميع الزناة والزواني ، لان قوله

__________________

١) سورة النساء : ١٥.

٢) سورة النحل : ٢٨.

٣) سورة النور : ٢.

٣٩١

« الزانية والزاني » عام في المحصن وغير المحصن.

قلنا : هما يدلان على جنسين دلالة مطلقة ، والجنسية قائمة في الكل والبعض جميعا ، فأيهما قصد المتكلم فلا يطلق الا عليه ، كما يفعل بالاسم المشترك. وانما ابتدئ هنا بذكر النساء وفي آية السرقة بالرجال للتغليب ، ولان الحد بالجلد انما يجب على الرجل الشاب غير المحصن إذا زنا وطاوعته المرأة ، فان أكرهها وغصب فرجها فإنه يجب ضرب عنقه البتة.

مسألة :

وقوله تعالى « والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء » (٢) الآية الذي يقتضيه ظاهرها أن يكون الجمل الثلاث بمجموعهن جزاء الشرط ، كأنه قيل ومن قتل المحصنات فاجلدوهم وردوا شهادتهم وفسقوهم ، أي فاجمعوا لهم الجلد والرد والتفسيق ، الا الذين تابوا.

مسألة :

عن سليمان بن خالد قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : في القرآن رجم؟ قال : نعم. قلت : كيف؟ قال : الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموها البتة فإنهما قضيا الشهوة (٢).

وقد ذكرنا في كتاب الصوم كيفية ذلك في باب النسخ.

مسألة :

وعن حنان بن سدير قال : ان عباد المكي سأل الصادق عليه‌السلام عن

__________________

١) سورة النور : ٤.

٢) من لا يحضره الفقيه ٤ / ٢٦.

٣٩٢

رجل زنا وهو مريض فان أقيم عليه الحد خافوا عليه أن يموت ، ما تقول في هذه المسألة؟ فقال : هذه المسألة من تلقاء نفسك أو أمرك انسان ان تسأل عنها. فقال : ان سفيان الثوري أمرني أن أسألك عنها. فقال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أتى برجل أحبن (١) قد استسقى بطنه وبدت عروق فخذيه وقد زنا بامرأة مريضة ، فأمر رسول الله فأتي بعرجون فيه مائة شمراخ فضربه به ضربة واحدة وضربها به ضربة واحدة وخلى سبيلهما ، وذلك قوله تعالى (٢) « وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث » (٣).

__________________

١) الحبن ـ بفتح الحاء والباء ـ عظم البطن من الاستسقاء ، ورجل أحبن المبتلى بهذا المرض ـ النهاية لابن الأثير ١ / ٣٣٥.

٢) سورة ص : ٤٤.

٣) من لا يحضره الفقيه ٤ / ٢٨.

٣٩٣

كتاب الديات

اعلم أن القتل على ثلاثة أضرب : عمد محض ويجب فيه القود أو الدية على ما بينته ، وخطأ محض ، وخطأ شبيه العمد. وفيهما الدية لا غير ، وفي كل واحد منهما يجب على القاتل الكفارة بعد أخذ الدية أو العفو على ما ذكرناه في باب الكفارة.

(باب)

(القتل العمد وأحكامه)

قال الله تعالى « ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها » (١) الآية.

فالعمد المحض هو كل من قتل غيره وكان بصيرا بالغا كامل العقل بحديد أو بغيره ، إذا كان قاصدا بذلك القتل أو يكون فعله مما قد جرت العادة بحصول الموت عنده ، يجب عليه القود ، ولا يستقاد منه الا بحديد. وإن كان قتل هو

__________________

١) سورة النساء : ٩٣.

٣٩٤

صاحبه بغير الحديد ولا يمكن من تقطيع أعضائه وإن كان هو فعل ذلك بصاحبه بل يؤمر بضرب رقبته.

ويستوي في القاتل جميع ذلك ، ذكرا كان أو أنثى حرا كان أو مملوكا مسلما كان أو كافرا.

وليس لأولياء المقتول الا نفسه ، وليس لهم مطالبته بالدية. فان فادى القاتل نفسه بمال جزيل ورضوا به جاز.

أخبر الله تعالى في هذه الآية أن من يقتل مؤمنا متعمدا ـ يعني قاصدا إلى قتله ـ أن جزاءه جهنم خالداً مؤبدا فيها وغضب الله عليه. وقد بينا أن غضب الله هو إرادة عقابه والاستخفاف به ، ولعنه معناه أبعده من رحمته.

وسأل سماعة أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله « ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم ». قال : من قتل مؤمنا على دينه ولايمانه فذاك المتعمد الذي قال الله تعالى في كتابه « وأعد له عذابا عظيما ». قلت : فالرجل يقع بينه وبين الرجل [ شئ ] فيضربه بسيفه فيقتله. قال : ليس ذلك المتعمد الذي قال الله عزوجل (١).

وإن كان قتله متعمدا لغضب أو لسبب شئ من الدنيا فان توبته أن يقاد منه ، وهذا حد من الله والتوبة منه مع الاستسلام.

وان لم يكن علم به أحد وانطلق إلى أولياء المقتول فأقر عندهم بقتل صاحبهم فان عفوا عنه ولم يقتلوه وأعطاهم الدية أو عفوه عن الدية أيضا أعتق نسمة وصام شهرين متتابعين وأطعم ستين مسكينا كفارة وتوبة إلى الله تعالى.

(فصل)

واختلفوا في صفة قتل العمر ، قال قوم لا يكون قتل العمد الا ما كان بحديد ،

__________________

١) تهذيب الأحكام ١٠ / ١٦٤.

٣٩٥

واليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه والشافعي في رواية.

وقال آخرون : ان من قصد قتل غيره بما يقتل مثله في غالب العادة ـ سواء كان بحديدة حادة كالسلاح أو مثقلة من حديد أو خنق أو سم أو احراق أو تغريق أو ضرب بالعصا أو الحصى حتى يموت ـ فان جميع ذلك عمد يوجب القود.

وبه قال الشافعي وأصحابه واختاره الطبري ، وهو مذهبنا على ما ذكرناه ، وقد أمر الله تعالى بذلك في قوله « يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالاثني » (١).

فان قيل : كيف قال « كتب عليكم » بمعنى فرض والأولياء مخيرون بين القصاص والعفو؟.

قلنا عنه جوابان : أحدهما انه فرض عليكم ذلك أن اختار أولياء المقتول القصاص ، والفرض قد يكون مضيقا وقد يكون مخيرا فيه. والثاني فرض عليكم ترك مجاوزة ما حد لكم إلى التعدي فيما لم يجعل لكم. والقصاص الاخذ من الجاني مثل ما جنى ، وذلك لأنه مال لجنايته.

(فصل)

وقال بعض المفسرين : ان هذه الآية منسوخة بقوله « وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس » (٢). قال جعفر بن مبشر : ليس هذا عندي كذلك ، لأنه تعالى انما أخبرنا أنه كتبها على اليهود. قلنا : وليس في ذلك ما يوجب أنه فرض علينا ، لان شريعتهم منسوخة بشريعتنا.

والذي نقوله نحن : ان هذه الآية ليست منسوخة ، لان ما تضمنته معمول

__________________

١) سورة البقرة : ١٧٨.

٢) سورة المائدة : ٤٥.

٣٩٦

عليه ولا ينافي قوله « النفس بالنفس » ، لان تلك عامة وهذه خاصة ويمكن بناء تلك على هذه ولا تناقض ولا يحتاج إلى أن ينسخ إحداهما بالأخرى.

وقال قتادة : نزلت هذه الآية لان قوما من أهل الجاهلية كانت لهم جولة على غيرهم ، فكانوا يتعدون في ذلك فلا يرضون بالعبد الا الحر ولا بالمرأة الا الرجل ، فنهاهم الله بهذه الآية عن مثل ذلك.

ويجوز قتل العبد بالحر والأنثى بالذكر اجماعا ، ولقوله « ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا » ولقوله « النفس بالنفس ». وقوله في هذه الآية « الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى » لا يمنع من ذلك ، لأنه تعالى لم يقل ولا يقتل الأنثى بالذكر ولا العبد بالحر ، وإذا لم يكن ذلك في الظاهر فما تضمنته الآية معمول به. وما قلناه مثبت بما تقدم من الأدلة.

واما قتل الحر بالعبد فعندنا لا يجوز ، وبه قال الشافعي وأهل المدينة ، وقال أهل العراق يجوز.

ولا يقتل الوالد بالولد عندنا وعند أكثر الفقهاء ، وقال مالك يقتل به على بعض الوجوه.

وأما قتل الوالدة بالولد فعندنا تقتل به وعند جميع الفقهاء انها جارية مجرى الأب وأما قتل الولد بالوالد فيجوز اجماعا. لا يقتل مولى بعبده.

ويجوز قتل الجماعة بواحد اجماعا ، ولقوله « ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا » ، الا ان عندنا يرد أولياء المقتول فاضل الدية وعندهم لا يرد شئ على حال.

وإذا اشترك بالغ مع طفل أو مجنون في قتل فعندنا لا يسقط القود عن البالغ وبه قال الشافعي ، وقال أهل العراق يسقط.

(فصل)

ثم قال سبحانه « فمن عفي له من أخيه شئ » معنى عفي ههنا ترك ، من

٣٩٧

عفت المنازل لو تركت حتى درست. والعفو عن المعصية ترك العقاب عليها.

والعفو عن القتل يكون على وجهين : أحدهما : ان يعفو أولياء المقتول عن القاتل ويصفحوا عنه ولا يطلبون منه شيئا اما للتقرب إلى الله تعالى واما لغرض من الأغراض.

والثاني : ان يكون العفو ترك القود بقبول الدية إذا بذل القاتل ورضي به أولياء المقتول.

وأولياء المقتول كل من يرث الدية الا الزوج والزوجة ليس لهما غير سهمهما من الدية ان قبلها الأولياء أو العفو عنه بمقدار ما يصيبهما من الميراث ، وليس لهما المطالبة بالقود ، وأما من سواهما من الأولياء فلهم المطالبة بالقود ولهم الرضا بالدية.

ولهم العفو على الاجتماع والانفراد ذكرا كان أو أنثى ، فان اختلفوا فبعض عفا عن القاتل وبعض طلب القود وبعض رضي بالدية كان للذي يطلب القود أن يقتل القاتل إذا رد على الذي طلب الدية ماله منها ورد على أولياء القاتل سهم من عفا عنه.

وقال أبو حنيفة : إذا كان للمقتول ولد صغار وكبار فللكبار أن يقتلوا ، واحتج بقاتل علي عليه‌السلام. وقال غيره لا يجوز حتى يبلغ الصغار. وعندنا ان لهم ذلك إذا ضمنوا حصة الصغار من الدية إذا بلغوا ولم يرضوا بالقصاص.

وقال الزجاج : معنى قوله « فمن عفى له من أخيه شئ » اي من ترك قتله ورضي منه بالدية وهو قاتل متعمد للقتل ، فقد عفي له بأن ديته؟ ورضي منه بالدية ، وهو من العفو الذي هو الصفح وترك المؤاخذة بالذنب ، فمعنى عفي له صفح عنه ، بأن لا يؤاخذ بما يستحقه عليه من القصاص والقتل.

وقيل العفو الترك كما قدمناه ، واستدل بقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله

٣٩٨

« عفوت عنكم عن صدقة الخيل » أي تركتها. واصل العفو محو الأثر.

وهذا العفو كما ذكرناه على ضربين : أحدهما عفو عن دم القاتل وعن الدية جميعا ، والاخر عفو عن الدم والرضا بالدية. وهو المراد بالآية.

والمراد بقوله « من أخيه » أي من القاتل عفا ولي المقتول عن دمه الذي له من جهة أخيه المقتول. والمراد بقوله « شئ » الدم. فالهاء في قوله « من أخيه » يعود إلى أخي المقتول في قول الحسن ، وقال الآخرون تعود إلى أخ القاتل.

فان قيل : كيف يجوز أن يعود على أخي القاتل وهو في تلك الحال فاسق.

قيل عن ذلك ثلاثة أجوبة : أحدها انه أراد اخوة النسب لا في الدين كما قال « والى عاد أخاهم هودا » (١). الثاني أن القاتل قد يتوب ويدخل في الجملة غير التائب على وجه التغليب. الثالث تعريفه بذلك على أنه كان أخاه قبل أن قتله كما قال « إذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن » (٢) يعني الذين كانوا أزواجهن.

(فصل)

قوله تعالى « فاتباع بالمعروف » يعني العافي ، وعلى المعفو عنه « أداء إليه باحسان » ، وبه قال ابن عباس والحسن ، وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام (٣). وقال قوم هما عن المعفو عنه.

ودية القصاص في قود النفس ألف دينار ، أو عشرة آلاف درهم ، أو مائة من مسان الإبل ، أو مائتان من البقر ، أو ألف شاة ، أو ماشا كله. فهذه الستة أصل

__________________

١) سورة الأعراف : ٦٥.

٢) سورة البقرة : ٢٣٢.

٣) تهذيب الأحكام ١٠ / ١٧٨.

٣٩٩

في نفس الدية وليس بعضها بدلا من بعض ، وهذا كما نقول في زكاة الفطرة انها تجب صاع من أحد الأجناس الستة الحنطة والشعير والتمر والزبيب والأرز والأقط ، فان كل واحد منها أصل فيها وليس بعضها بدلا من بعض.

ولا يجبر القاتل عمدا على الدية ، فان رضي فهي عليه في ماله ، فإن لم يقبل أولياء المقتول الدية فأدى القاتل نفسه بأضعاف الدية فلا بأس بقبوله.

« فاتباع بالمعروف » أي فعليه اتباع الأخ العافي بمعروف.

« وأداء إليه باحسان » أي يتبعه بالحمد والشكر والثناء ويؤدي إليه الدية باحسان ، اي على وجه جميل.

وقال الزجاج : قيل على الولي العافي اتباع القاتل بالمطالبة للدية وعلى القاتل أداء الدية باحسان. وقال : وجائز أن يكون الاتباع بالمعروف والأداء بالاحسان جميعا على القاتل.

وجاء في التفسير : ان الأداء باحسان ان يكون منجما ولا يذهب شئ من الدية ، والاتباع بالمعروف أن يقبضها برفق. وقال أبو مسلم : أي على قاتل العمد الذي يرضى منه ولي المقتول بالدية ويعفو له عن القود أن يتبع ما أمره الله في اعطاء الولي ما يصالحه عليه ويرضى به منه. ويحتمل بالمعروف أن يكون صفة لأمر الله أن يكون ما يتعارفه العرب بينها من دية القتلى بينهم إذا أرادوا الاصلاح وحقن الدماء.

ويؤخذ دية العمد نسيئة ، وقد حث الله كل واحد منهما على الاحسان ، فليؤد المطلوب إلى الطالب ان استطاع بتعجيل وليرفق الطالب في طلب الدية.

وأنكر بعض أهل اللغة أن يكون العفو في الآية بمعنى الاعطاء كما قاله البصري ان الضمير في « أخيه » يرجع إلى أخي المقتول الذي يرث دمه ، والأخ المراد به في النسب بذل له من دم أخيه شئ يعطي عفوا ، أي الدية في سهولة. وذلك لأنه لو كان من الاعطاء لقيل فمن أعطي له ، وليس في الكلام

٤٠٠