شرح طيّبة النّشر في القراءات العشر

شهاب الدين أبي بكر بن أحمد بن محمّد بن محمّد ابن الجزري الدمشقي

شرح طيّبة النّشر في القراءات العشر

المؤلف:

شهاب الدين أبي بكر بن أحمد بن محمّد بن محمّد ابن الجزري الدمشقي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٤

أي وتدغم الباء في الميم من كلمة يعذب لا غير ، يعني قوله تعالى : (يعذب من يشاء) حيث وقع هو خمسة مواضع : (١) في آل عمران موضع ، وفي المائدة موضعان (٢). وفي العنكبوت (٣) وفي الفتح (٤) لمجاورتها ما وقع من الإدغام قبلها أو بعدها ؛ واحترز بقوله فقط عن نحو « يضرب مثلا ، وسنكتب ما » فإنه لا خلاف في إظهاره قوله : (فقط) أي فحسب ، يعني لا سواها قوله : (إن يدغم سقط) إشارة إلى فائدة مهمة وتنبيه جليل ، وذلك أن الحرف إذا أدغم في هذا الباب فإنه يدغم إدغاما كاملا خالصا من إبقاء صفة من صفاته كالقاف مثلا فإنه يدغم في الكاف من غير خلاف وإن كانوا قد اختلفوا في كمال إدغام « ألم نخلقكم » في سورة المرسلات كما تقدم ، وكذلك النون في الراء واللام إدغاما كاملا عند من روى الغنة عن أبي عمرو في النون الساكنة والتنوين عند اللام والراء كما سيأتي في بابه ، ومن لم يروها ، ومعنى قوله سقط : أي ذهب وزال.

والميم عند الباء عن محرّك

تخفى وأشممن ورم أو اترك

يعني أن الميم تخفى عند الباء إذا تحرك ما قبلها ، نحو « أعلم بالشاكرين » فإن سكن فإنه لا خلاف في إظهارها نحو « إبراهيم بنيه. والإخفاء حالة بين الإظهار والإدغام ولا بد من الغنة فيلفظ به كما يلفظ بقوله « من بعد » و « أنبئهم » حالة القلب ؛ وبعضهم عبر عن ذلك بالإدغام وهو تجوز ، ولم يحتج إلى التنبيه على إسكان الميم لأنه من لوازم الإخفاء كما لا يحتاج إلى التنبيه على الإسكان مع الإدغام ، وهذا آخر الكلام على ما يتعلق بالمتقاربين.

ولما فرغ من بيان ما يدغم من المثلين والمتقاربين شرع في بيان قاعدة تتعلق بالإدغام فقال : وأشممن ورم ، يعني بالإشمام والروم ما يأتي بيانه في الوقف على أواخر الكلم يعني إذا أدغمت الحرف الأول في الثاني من المثلين أو المتقاربين يجوز لك فيه الإشمام والروم وتركهما : أي الإدغام المحض سوى أربع صور لا خلاف فيها وصورة اختلف فيها كما سيأتي في البيت الآتي. وذلك أن

__________________

(١) سورة آل عمران في الآية «١٣٠».

(٢) سورة المائدة في الآية «١٩» وفي الآية «٤١».

(٣) سورة العنكبوت في الآية «٣٣».

(٤) سورة الفتح في الآية «١٥». وهكذا تتم المواضع الخمسة.

٦١

الحرف لما أسكن للإدغام أشبه سكون الوقف فجرت عليه أحكامه ، وقوله تخفى ، الأحسن أن يكون بضم التاء على ما لم يسم فاعله : أي إن القارئ يخفيها قوله : (أو أترك) أي أترك الإشمام والروم يريد الإدغام الخالص.

في غير با والميم معهما وعن

بعض بغير الفا ومعتلّ سكن

يعني في غير أربع صور وهي أن تتلقى الباء مع مثلها نحو « نصيب برحمتنا » أو مع الميم نحو « يعذب من » أو تتلقى الميم مع مثلها ، نحو « يعلم ما » أو مع الباء نحو « أعلم بالشاكرين » ؛ والصورة المختلف فيها أن تلتقي الفاء مع مثلها نحو « تعرف في » وألحقها غير واحد من الأئمة بهما ، والعلة أن الإشارة تتعين بالشفة مع هذه الأحرف الشفهية ويتعذر فعلها مع الإدغام لأنه وصل بخلاف الوقف فإنه يمكن قوله : (في غير با) أي مع الباء أو مع الميم ، وقوله والميم معهما : أي مع الميم أو مع باء ، وقوله معهما : أي مع كل منهما ، وقوله عن بعض ؛ أي بعض أئمة القراء كابن سوار وأبي العز وابن الفحام قوله : (ومعتل سكن) إشارة إلى قاعدة أخرى تتعلق بالإدغام ويتعين التنبيه عليها وذلك أنه لا يخلو ما قبل الحرف المدغم. من أن يكون متحركا أو ساكنا إما يكون معتلا أو صحيحا ؛ فإن كان معتلا فإنه يجوز فيه المد بنوعيه والقصر كما سيأتي في البيت الآتي ، وإن كان صحيحا فقد اختلفت عبارة أصحابنا في النطق به والتعبير عنه كما سيذكره في البيت الآتي :

قبل امددن واقصره والصّحيح قل

إدغامه للعسر والإخفا أجل

أي قبل الحرف المدغم نحو قوله : « الرحيم ملك ، والكتاب بالحق ، ويقول ربنا » وأطلق المد ليدخل نوعاه وهو الطول والتوسط قوله : (الصحيح) أي والساكن الصحيح الواقع قبل الحرف المدغم. اختلف في التعبير عن النطق بذلك الحرف المدغم من أجل أن الإدغام الصحيح يعسر معه لكونه جمعا بين ساكنين أولهما ليس بحرف علة ، فالآخذون بالإدغام الخالصون قليلون ، والأكثرون من المتأخرين المحققين على الإخفاء يعنون به الروم المتقدم ، ومنهم من عبر عنه بالاختلاس وحمل عبارة من قال إنه إدغام على التجوز وذلك « شهر رمضان ، والمهد صبيا ، » وكلاهما صحيح قرأنا به إلا أن الإدغام الخالص هو المشهور

٦٢

والثابت عند القدماء من أهل الأداء وبقيت قاعدة أخرى تتعلق بالإدغام وهي ما إذا وقع الإدغام بعد الإمالة وسيأتي في آخر باب الإمالة إن شاء الله تعالى ، وقوله : أي قلّ الآخذون فيه بالإدغام ، ، وقوله للعسر الواقع باجتماع الساكنين على غير حدهما قوله : (أجلّ) أي وأقوى حجة.

وافق في إدغام صفّا زجرا

ذكرا وذروا (فـ) د وذكرا الاخرى

هذا فصل ألحقه في باب الإدغام الكبير ذكر فيه من وافق أبا عمرو على إدغام بعض ما تقدم ، ثم استطرد فيه أحرفا أخرى ملحقة بالإدغام الكبير فوافق حمزة أبا عمرو وعلى إدغام أربعة وهي « والصافات صفا فالزاجرات زجرا فالتاليات ذكرا ، والذاريات ذروا » ووافقه أيضا خلاد على إدغام حرفين بخلاف عنه وهما « فالملقيات ذكرا ، فالمغيرات صبحا » كما سيأتي ، وإنما نص على الإدغام ليدل على أنه لم يوافقه على الروم فإن الروم لا يكون معه إدغام ، وإذا أطلق الإدغام فالمراد الإدغام المحض قوله : (فد) من الفيد : وهو الميل والتحيز من السرور ، لأنه يشير إلى لطف خصوص هذه الأربعة الأحرف فإنه وردت عن ابن مسعود رضي‌الله‌عنه كذلك (١) قوله : (وذكرا الأخرى) يعني الذي وقع آخر يريد « فالملقيات ذكرا » في المرسلات ، واحترز بذلك عن حرف الصافات ، وعلم من ذلك أن ذكر المتقدم هو الذي في الصافات.

صبحا (قـ)ـرا خلف وبا والصّاحب

بك تمّارى (ظـ)ـنّ أنساب (غـ)ـبي

قوله : (وبا والصاحب) أي وافق أبا عمرو أيضا على إدغام باء « والصاحب « في » بالجنب » يعقوب ، وكذلك أدغم يعقوب أيضا التاء في التاء في « ربك تتمارى » في النجم منفردا بذلك عن أبي عمرو ، وإنما ذكره هنا لأنه من الإدغام الكبير وإن لم يدغمه أبو عمرو ، لأنه تقدم أن أبا عمرو لا يدغم من كلمة إلا « مناسككم وما سلككم » وإدغام يعقوب « تتمارى » حالة الوصل بالكاف ، وكذلك أتى به الناظم ، فلو ابتدأ بها لفظا فبتاءين اتباعا للرسم ، وقوله أنساب غبي « فلا

__________________

(١) إن قراءة ابن مسعود من القراءات الشواذ وإنما ذكرها المؤلف هاهنا رحمه الله تعالى للمقارنة والإيضاح ليس أكثر.

٦٣

أنساب بينهم » في المؤمنين أدغمه رويس مع ما يأتي بعده مما وافق فيه أبا عمرو ، وقوله غبي من الغباوة : أي اختفى وجه تخصيصه بالإدغام دون باقي الباب.

ثمّ تفكّروا نسبّحك كلا

بعد ورجّح لذهب وقبلا

يعني أن رويسا أدغم التاء في التاء من قوله تعالى « ثم تتفكروا » وهو في سبأ وإدغامه هذا الحرف كإدغام يعقوب تتمارى قوله : (نسبحك) أي أدغم رويس موافقة لأبي عمرو الكاف من نسبحك كثيرا والحرفين بعده وهما « نذكرك كثيرا إنك كنت » وهذه الخمسة الأحرف مما لا خلاف عن رويس في إدغامها ، واختلف عنه فيما يأتي بعد ذلك من الحروف ، فمنها ما يترجح إدغامه عنه ، ومنها ما يترجح إظهاره ، ومنها ما ورد عنه الإدغام والإظهار فيه من غير ترجح ، وسيأتي ذلك مبينا فيما بعد ، وبدأ بما يترجح إدغامه عنه ، فقال ورجح وذلك أربع كلمات في اثنى عشر حرفا وهي « لذهب بسمعهم » في البقرة ، لا قبل لهم في النمل ، وجعل لكم « الواقع في النحل وهو ثمانية مواضع « وأنه هو أغنى ، وأنه هو رب الشعرى » الآخران من النجم ، فالجمهور على إدغامها عنه.

جعل نحل أنّه النّجم معا

وخلف الأوّلين مع لتصنعا

أي جعل الواقع في النحل وهو ثمانية مواضع وهي « والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا ، وجعل لكم من أزواجكم ، وجعل لكم السمع ، وجعل لكم من بيوتكم ، وجعل لكم من جلود الأنعام ، وجعل لكم مما خلق ظلالا ، وجعل لكم من الجبال أكنانا ، وجعل لكم سرابيل » ، وقوله معا : أي « وأنه هو أغنى وأقنى ، وأنه هو رب الشعرى » وهما الموضعان الأخيران من النجم ، ولما فرغ مما يترجح إدغامه عن رويس شرع في ذكر ما ورد فيه الخلاف عنه من غير ترجيح وهو أربعة عشر حرفا وهي « وأنه هو أضحك وأبكى وأنه هو أمات وأحيا » وهما الأولان من النجم « ولتصنع على عيني » في طه ، « ولا مبدل لكلماته » في الكهف « والكتاب بأيديهم ، والكتاب بالحق ، والعذاب بالمغفرة » والثلاثة في البقرة « وكذلك كانوا » في الروم و « ركبك كلا » في الانفطار و « أنزل لكم » في النمل والرمز « تمثل لها » في مريم و « من جهنم مهاد » ، في الأعراف « جعل لكم من أنفسكم » في الشورى كما

٦٤

سيأتي تفصيله ، فروى عنه إدغام كل منها جماعة من أهل الأداء وروى إظهارها آخرون وكلاهما صحيح عن رويس (١).

مبدّل الكهف وبا الكتابا

بأيد بالحقّ وإن عذابا

والكاف في كانوا وكلاّ أنزلا

لكم تمثّل وجهنّم جعلا

شورى وعنه البعض فيها أسجلا

وقيل عن يعقوب ما لابن العلا

تقدم شرح البيتين الأولين ، وقوله شورى قيد لـ « جعل لكم من أنفسكم » فيها احترازا من « جعل لكم » في النحل كما تقدم ، فإن الأكثرين عنه على أدغمه ، و « من جعل لكم » في باقي القرآن ، فإن الجمهور على إظهاره كما سيأتي ولما فرغ من ذكر ما فيه خلاف عنه : أي عن رويس على السواء أخذ في ذكر ما الأكثرون على إظهاره وهي « جعل لكم » في غير الشورى وغير النحل وهو في سبعة عشر موضعا في البقرة والأنعام ويونس وطه والفرقان والقصص والسجد ويس ، ثلاثة غافر والزخرف وحرفا الملك وموضع في نوح ، فروى إدغامها مع من روى إدغام مواضع النحل وموضع الشورى صاحب الروضة وابن الفحام والأهوازي قوله : (وقيل عن يعقوب الخ) يشير إلى ما ذكره أبو الكرم في المصباح ، وأبو العلا الحافظ في مفردة يعقوب وغيرهما من إدغام يعقوب كل ما أدغمه أبو عمرو من المثلين والمتقاربين.

بيّت (حـ)ـز (فـ)ـز تعدانني (لـ)ـطف

وفي تمدّونن (فـ)ـضله (ظـ)ـرف

لما فرغ من مذهب يعقوب ورويس فيما أدغماه من الإدغام الكبير شرع في ذكر أحرف بقيت من الإدغام الكبير والخلاف فيها على غير ما تقدم وهو « بيت طائفة منهم » في النساء ، أدغم التاء منه في الطاء أبو عمرو وحمزة ، وإدغام أبي عمرو وله على غير الوجه الذي لأبي عمرو أول الباب ، فإن إدغام هذا الحرف عنه بلا خلاف سواء قرئ له بالإدغام الكبير أم بالإظهار أم بالهمز أم تركه بالمد أم بالقصر ، فلذلك ذكره مع حمزة والباقون بالإظهار قوله : (حز) من الحوز وهو الحفظ والصون ، وقوله فز ، من الفوز وهو السعادة والفلاح. قوله : (تعدانني) أي وأدغم النون في النون من قوله « أتعدانني أن أخرج » في الأحقاف هشام ، والباقون

__________________

(١) صحيح قراءة ولغة وإسنادا.

٦٥

بالإظهار قوله : (لطف) من اللطف وهو الرفق والحسن ، ويكون بمعنى اختفى وهو مناسب للإدغام قوله : (وفي تمدونن) يعني وأدغم النون في النون من قوله تعالى : « أتمدونن بمال » في النمل حمزة ويعقوب والباقون بالإظهار قوله : (ظرف) : من الظرف وهو نوع من الكيس والجمال يمدح به الرجل وغيره.

مكّنّ غير المكّ تأمنّا أشم

ورم لكلّهم وبالمحض (ثـ)ـرم

يعني قوله تعالى « قال ما مكنى فيه ربي خير » وهو في الكهف أدغم النون في النون منه غير ابن كثير فإنه يظهره قوله : (تأمنا الخ) يعنى قوله تعالى : « مالك لا تأمنا على يوسف » وقد أجمع القراء على إدغامه واختلفوا في اللفظ به ، فقرأ كلهم غير أبي جعفر بالإشارة. واختلفوا في الإشارة ، فجعلها بعضهم إشماما وهو إشارة إلى ضم النون بعد الإدغام فيكون الإدغام فيه صحيحا كما تقدم في مذهب أبي عمرو ، وجعلها بعضهم روما فيكون والحالة هذه إخفاء فلا يتم معها الإدغام كما ذكرنا في مذهب أبي عمرو أيضا حالة الإدغام وقرأه أبو جعفر بالإدغام من غير إشارة بروم ولا إشمام والله الموفق ، وسيأتي بيان الإشمام والروم في باب الوقف على أواخر الكلم ، وقوله لكلهم : أي لكل القراء غير أبي جعفر فإنه بالإدغام المحض كما نص عليه بعد ، وقوله وبالمحض : أي وبالإدغام المحض ، وقوله ثرم ، من الثرم : وهو في الأصل سقوط الثنية ، ولما كان مع الإدغام المحض تسقط الإشارة ناسب ذكر الثرم.

باب هاء الكناية

أي باب اختلاف أو أحكام هاء الكناية ، وهاء الكناية عند القراء عبارة عن هاء الضمير التي يكنى بها عن الواحد المذكر الغائب وأصلها الضم إلا أن تقع بعد كسرة أو ياء ساكنة فتكسر لذلك ، وقد تضم كما قرئ « لأهله امكثوا ، و « به انظر » وقدم هذا الباب على غيره لتقدم « فيه هدى » على غيرها ، والخلاف بين القراء في هاء الكناية بين ضمها وكسرها ويعبر عن ذلك بالقصر وإشباع حركتها وهو المعبر عنه بالصلة وإسكانها في مواطنها سيأتي بيانها في هذا الباب.

صل ها الضّمير عن سكون قبل ما

حرّك (د)ن فيه مهانا (عـ)ـن (د) ما

أي أشبع حركة هاء الضمير الواقعة بعد ساكن وقبل محرك لابن كثير

٦٦

تحركت نحو « فيه هدى » و « عليه آيات » و « منه آيات ، فاجتباه ربه » و « هداه إلى » و « خذوه فاعتلوه » والباقون بالقصر : أي بكسر منه وضم ما ضم من غير إشباع. ووجهه التخفيف ، ووجه قراءة ابن كثير الأصل ، وقوله عن سكون : أي بعد ساكن ، واحترز بذلك عما قبله متحرك نحو إنه ، و « قال له صاحبه ، وهو » و « به » فإنه لا خلاف في إشباع حركة الهاء منه وهو الأصل فيه ، وقوله قبل ما حرك : أي قبل محرك ، واحترز بذلك عما قبل ساكن نحو « على عبده الكتاب ، وإليه المصير ، ونصره الله ، وتذروه الرياح » فإنه لا خلاف في قصره قوله : (دن) أي جاز ، ويحتمل أن يكون من الإذلال من قولهم دانه : أي أذله ، لأن في إشباع حركة الهاء إذلالها قوله : (فيه مهانا) يعني قوله تعالى : « ويخلد فيه مهانا » في الفرقان ، اتفق حفص وابن كثير على الصلة فيه ، ووجه تخصيص حفص هذا الحرف بالصلة مع اتباع الأثر مد اللفظ بالصلة شناعة على من خالف أمر الله من العصاة وتحذيرا لغيرهم قوله : (دما) جمع دمية : وهي الصورة الحسنة.

سكّن يؤدّه نصله نؤته نول

(صـ)ف (لـ)ى (ثـ)نا خلفهما (فـ)ناه (حـ)ـل

يعني قرأ بإسكان الهاء من هذه الأربع الكلمات شعبة وأبو عمرو وحمزة وأبو جعفر في أحد وجهيه وهشام في أحد أوجهه ، وقرأ بقصر الهاء فيها يعقوب وقالون وكذلك أبو جعفر فى الوجه الآخر وابن ذكوان في أحد وجهيه وهشام في الوجه الثاني والباقون بالإشباع وهو ورش وابن كثير وحفص والكسائي وخلف وكذا هشام في الوجه الثالث ، وقوله خلفهما : أي خلف أبي جعفر وهشام ، والوجه الثاني لأبي جعفر القصر ، وكذلك لهشام كما سيأتي في البيت الآتي ، لكن لهشام وجه ثالث وهو الصلة التي هي الإشباع المفهوم من ضد القصر الذي فهم من خلاف ابن عامر كما سيأتي.

وهم وحفص ألقه اقصرهنّ (كـ)ـم

خلف (ظـ)ـبى (بـ)ـن (ثـ)ـق ويتّقه (ظـ)ـلم

أي والمذكورون في البيت المتقدم الذين هم شعبه وهشام في أحد أوجهه وأبو جعفر في أحد وجهيه وحمزة وأبو عمرو ومعهم حفص باسكان الهاء من ألقه وهو في النمل والباقون على ما ذكر في الأربع الكلمات المتقدمة قوله : (أقصرهن) أي أقصر الكلمات الخمس المذكورة وهي « ألقه » ، ونوله ، ونصله ،

٦٧

ونؤته ، ويؤده » قوله : (خلف) أي خلاف ابن عامر وهذه طريقة الناظم تبعا للشاطبي رحمة الله عليه أنه إذا ذكر خلفا وأطلقه فإنه يعود على من تقدم خاصة فحينئذ يفهم من هذا الخلف لابن عامر القصر وضده الإشباع ، وقد تقدم هشام في إسكان الهاء فيهن ويبقى ضده مسكوتا عنه ، فلما ذكر لابن عامر القصر بخلاف علم من ذلك أن لابن ذكوان وجهين وهما القصر والإشباع وكذلك هما لهشام إلا أنه قد تقدم أن له الإسكان فيصير له ثلاثة أوجه ، وأما يعقوب وقالون فلهما القصر ، وأما أبو جعفر فلما تقدم له الإسكان بخلاف وذكره هنا فيمن قصر علم أن له وجهين وهما الإسكان مما تقدم والقصر هنا ، فتأمل ذلك فإنه موضع يعلم قدره ذوو الأذهان اللطيفة قوله : (ظبا) جمع ظبة : وهي حد السيف والأسنة. وقوله ظلم جمع ظلمة : وهو خلاف النور كأنه يشير إلى غموض ذلك على من لا يعرفه وسيأتي تتمته أول البيت.

(بـ)ـل (عـ)ـد وخلفا (كـ)ـم (ذ)كا وسكّنا

(خـ)ـف (لـ)ـوم قوم خلفهم (صـ)ـعب (حـ)ـنا

قوله : (ويتقه الخ) عطف على القصر : أي قرأ بقصر الهاء من قوله تعالى « يخش الله ويتقه فإولئك هم » وهو في النور يعقوب كما علم من آخر البيت السابق وقالون وحفص ، واختلف عن ابن عامر وابن جماز ، فروى لهما القصر جماعة من أهل الأداء ، وروى الآخرون عنهم الصلة كغيرهم على ما نذكره وأسكن الهاء منه عيسى ابن وردان وهشام خلاد بخلاف عنهم وشعبة وأبو عمرو بلا خلاف عنهما. والوجه الثاني عن عيسى وهشام وخلاد وهو الصلة الذي هو الإشباع لأنه تقدم ذكر قصر الهاء فتعين الثالث الذي هو الصلة ، ولكن لما تقدم الخلاف عن ابن عامر في القصر ودخل هشام عنه في ذلك ذكر لهشام الخلاف في الإسكان مع من سكن فيكون له ثلاثة أوجه : القصر والإشباع الذي هو الصلة والإسكان والباقون بالإشباع وهم ورش وابن كثير وخلف عن حمزة والكسائي وخلف في اختياره ، وكذلك ابن ذكوان في الوجه الثاني وابن جماز وعيسى وخلاد في وجههم الثاني وهشام في وجهه الثالث ، وأسكن القاف منه حفص كما سيأتي ، تقدم له قصر الهاء فيكون أربعة أوجه ، وقوله بل حرف إضراب وعد من العود : أي عد من ظلمة غموضه إلى ضياء وضوحه قوله : (حنا) أي عوج ، يقال حنا ظهره والعود إذا قوسه ؛ والمعنى أنه حذر من لوم جماعة بهذه الصفة.

٦٨

والقاف (عـ)ـد يرضه (يـ)ـفي والخلف (لـ)ـا

(صـ)ـن (ذ)ا (ط)ـوى اقصر (فـ)ـى (ظ)ـبى (لـ)ـذ (نـ)ـل (أ)لا

معطوف على الإسكان : أي وسكن القاف حفص كما تقدم ، وقد ذكر له القصر في الهاء ووجهه في ذلك الجمع بين اللغتين قوله : (يرضه) يريد قوله تعالى « يرضه لكم » بالزمر سكن الهاء منه السوسى. وكذا هشام وشعبه كما سيأتي وابن جماز والدورى بخلاف عنهم ؛ والوجه الثاني لهشام وشعبة القصر كما سيأتي ولابن جماز والدورى الصلة كما سيأتي وقصرها حمزة ويعقوب وحفص ونافع وكذا هشام وشعبه في وجههما الثاني ، وكذا عيسى وابن ذكوان في أحد وجهيهما والباقون بالصلة وهم ابن كثير والكسائي وخلف كذلك ابن جماز والدورى وعيسى وابن ذكوان في وجههم الثاني ، وقوله يفي من الوفاء ، وقوله لا اسم فاعل من لأي إذا أبطأ فنوى الوقف وخفف على القاعدة ، وأشار بذلك إلى قلة الإسكان عن هشام وغرابته عنه كما نبه على ذلك في النشر ، وصن من الصيانة وهو الحفظ ، وطوى : اسم موضع بالأرض المقدسة بضم الطاء ويجوز كسرها وفيه الصرف وعدمه ، وظبا جمع ظبة وهي الحد ، ويوصف به حسن اللحاظ ، وقوله لذ : أي الجأ إليه واعتصم به ، وقوله نل : أي أصب خيرا وألا حرف تنبيه ويحتمل أن يكون بكسر الهمزة فيكون بمعنى النعمة.

والخلف (خـ)ـل (مـ)ـز يأته الخلف (بـ)ـره

(خـ)ـذ (غـ)ـث سكون الخلف (يـ)ـاولم يره

أي والخلف في قصر من يرضه لكم ، وقوله يأته : يعني قوله تعالى « يأته مؤمنا » في طه قصرها قالون وعيسى ورويس بخلاف عنهم ووجههم الآخر هو الصلة. وسكنها السوسى بخلاف عنه ؛ والوجه الثاني الإشباع وبه قرأ الباقون قوله : (بره) ، البرة من صفر أو فضة أو من شعر تجعل في أنف البعير تذلّله الانقياد قوله : (يا) حرف نداء حذف مناداه تخفيفا اكتفاء بحرف النداء وذلك شائع : أي يا هذا قوله : (ولم يره) يعنى قوله تعالى « أن لم يره أحد » في البلد أسكن الهاء منه هشام بخلاف عنه ، والوجه الآخر له الصلة وأسكن الهاء من حرفي « إذا زلزلت » وهما « خيرا يره وشرّا يره » عيسى بخلاف عنه هشام بلا خلاف وقصر الهاء من حرف سورة البلد ، وحرفي إذا زلزلت عيسى ويعقوب بخلاف عنهما فيكون لعيسى في البلد وجهان وهما الإشباع والقصر ، وفي حرفي إذا

٦٩

زلزلت ثلاثة أوجه الإسكان والقصر والصلة ويكون ليعقوب في السورتين وجهان وهما القصر والصلة والباقون بالإشباع.

(لـ)ـى الخلف زلزلت (خـ)ـلا الخلف (لـ)ـما

واقصر بخلف السّورتين (خـ)ـف (ظـ)ـما

تقدم شرح في البيت قبله.

بيده (غـ)ـث ترزقانه اختلف

(بـ)ـن (خـ)ـذ عليه الله أنسانيه (عـ)ـف

يعني قوله تعالى « بيده » في موضعى البقرة وهما « بيده عقدة النكاح » و « بيده فشربوا منه » ، وفي المؤمنون « بيده ملكوت » وكذلك في يس قصر الهاء منها رويس والباقون بالإشباع قوله : (ترزقانه) يريد قوله تعالى « طعام ترزقانه » في يوسف قصرها قالون وعيسى بخلاف عنهما والباقون بالصلة قوله : (بن) أي أوضح وأظهر قوله : (خذ) أي خذ له على من يقرأ عليك قوله : (عليه الله) يريد قوله تعالى « بما عاهد عليه الله » في الفتح « وما أنسانيه إلا الشيطان » في الكهف ضم حفص الهاء منهما كما سيأتي في البيت الآتي والباقون بكسرها وقيد عليه باسم الله تعالى ليخرج ما عداه نحو « عليه الضلالة » وغيره قوله : (عف) أمر من عاف الطائر : إذا حام عليه الماء : أي حم على وجه هذه القراءة : ويجوز أن يكون أمرا من العفاف : وهو الكف عما لا يجوز تناوله فتكون فاؤه مشددة خففت للوقف.

بضم كسر أهله امكثوا (فـ)ـدا

والأصبهانيّ به انظر جوّدا

أي بضم كسر الهاء من « عليه وأنسانيه » في الموضعين المذكورين في البيت السابق ، وقيد الضم بالكسر لأجل قراءة الباقين ولم يطلقه لئلا يفهم من ضده الفتح قوله : (أهله امكثوا) يريد قوله في طه والقصص ضم الهاء فيه حالة الوصل حمزة والباقون بكسرها قوله : (فدا) الفداء : ما يفتدى به وإذا كسرت فاؤه يجوز قصره ومده ، وإذا فتحت كان مقصورا وجرت عادة العرب بالدعاية فتقول فدا لك : أي نفديك بأنفسنا يا من يعز علينا قوله : (الأصبهاني) أي قرأ الأصبهاني عن ورش به انظر كيف في الأنعام بضم الهاء والباقون بكسرها قوله : (جودا) أي جود قراءته فقرأ على أحسن وجه.

وهمز أرجئه (كـ)ـسا (حقّـ)ـا وها

فاقصر (حما) (بـ)ـن (مـ)ـل وخلف (خـ)ـذ (لـ)ـها

٧٠

يعني قوله تعالى « أرجئه وأخاه » في الأعراف والشعراء فقرأه بهمزة ساكنة ابن عامر وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وقصرها أبو عمرو ويعقوب وقالون وابن ذكوان ، واختلف عن عيسى وهشام ، وأسكنها حمزة وعاصم ، وضمها هشام وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب ، وكسرها الباقون وهم ورش وابن ذكوان والكسائي وخلف وابن جماز وعيسى في أحد وجهيه ، وأشبع حركتها مع الضم ابن كثير وهشام في وجهه والثاني ، وأشبعها مع الكسر ورش والكسائي وخلف وابن جماز وكذا عيسى بخلاف عنه فيكون لهم فيها ست قراءات : الأولى بالهمز وضم الهاء من غير إشباع لأبي عمرو ويعقوب وهشام في أحد وجهيه ، الثانية كذلك مع الصلة بواو لابن كثير ولهشام في الوجه الثاني ، الثالثة كذلك : أي بالهمز مع كسر الهاء من غير صلة لابن ذكوان ، الرابعة بغير همز مع إسكان الهاء لحمزة وعاصم ، الخامسة كذلك مع كسر الهاء مقصورة لقالون وعيسى في أحد وجهيه ، السادسة كذلك مع الصلة للباقين وهم ورش والكسائي وخلف وابن جماز ولعيسى في وجهه الآخر ، ويبقى لشعبه وجه آخر مع ما تقدم له عن عاصم وهو الهمز وضم الهاء من غير صلة كالبصريين ؛ فاعلم ذلك وتفطن له فإنه موضع يحتاج إلى الإمعان وقد أحسن فيه الناظم غاية الإحسان شكر الله سعيه وأثابه بفضله الجنان.

وأسكنن (فـ)ـز (نـ)ـل وضمّ الكسر (لـ)ـى

(حقّ) وعن شعبة كالبصر انقل

تقدم شرحه في البيت قبل.

باب المد والقصر

هو زيادة مطّ في حروف المد ولا يكون إلا لسبب ، والسبب إما لفظى وهو همز أو سكون ، وإما معنوي وهو قصد المبالغة في النفي كما سيأتي مفصلا. ولما انقضى الكلام على هاء الكناية أتبعه بالكلام على المد والقصر للترتيب الخلافي ولم يعتبر إمالة هدى لأنها تعرض وقفا فأخرها لما يصح في الحالتين ولا اعتبر « هم يؤمنون » إذ كان تأخيره لما هو أشبه أولى من ذكر أنواع الهمز على حدة.

إن حرف مدّ قبل همز طوّلا

(جـ)ـد (فـ)ـدو (مـ)ـز خلفا وعن باقي الملا

حرف المد هو الألف والواو الساكنة المضموم ما قبلها والياء الساكنة

٧١

المكسور ما قبلها كما تقدم في أول مخارج الحروف ، فإذا وقع حرف من هذه الأحرف الثلاثة قبل الهمز زيد على مد الحرف طولا وتوسطا على ما سيأتي في مذاهبهم في ذلك قوله : (طولا) أمر بتطويل المد لمن ذكره بعد وهو ورش من طريق الأزرق وحمزة وابن ذكوان من طريق أهل العراق عن الأخفش عنه وذلك أعم من أن يكون متصلا وهو ما كان حرف المد والهمز في كلمة أو منفصلا وهو ما كان حرف المد في آخر كلمة والهمز أول كلمة أخرى كما سيأتي مثالهما ؛ والطول عبارة عن إشباع المد من إفراط وهو أعلى المراتب وهو مما تحكمه المشافهة ؛ وقدره بعضهم بخمس ألفات (١) قوله : (وعن باقي الملا) الملأ : الجماعة الأشراف ، قال الراغب : هم الجماعة يجتمعون على الرأي فيملئون العيون رواء والنفوس جلالة ؛ والمراد بهم هاهنا باقي القراء العشرة.

وسّط وقيل دونهم (نـ)ـل ثمّ (كـ)ـل

(روى) فباقيهم أو اشبع ما اتّصل

التوسط هو مرتبة دون مرتبة الإشباع المتقدم وفوق القصر كما يعرف بالمشافهة وقدر بثلاث ألفات (٢) ، وبها كان يأخذ الشاطبي لغير حمزة وورش أداء ولم يصرح به في كلامه وعليه نص صاحب العنوان وشيخه وآخرون ، وهذا أحد الأقوال الثلاثة في مراتب المد وبه نأخذ غالبا وعليه نعول ولذا قدمناه قوله : (وقيل) هذا هو القول الثاني في مراتب المد ، وهو أن أطولهم مدا من ذكر في البيت السابق ؛ يعني ورشا من طريق الأزرق وحمزة وكذا ابن ذكوان من طريق العراقيين ، ودونهم عاصم ودونه ابن عامر والكسائي وخلف ودونهم الباقون ، ويبقى المرتبة الخامسة وهي القصر في المنفصل كما سيأتي ، وهذا القول هو الذي في التيسير للسبعة وفي تذكرة ابن غلبون للثمانية ، وفي تلخيص ابن بليمة ، وفي الإقناع لابن الباذش وهو الذي قرأنا به عامة شيوخنا بمصر والشام قوله : (أو أشبع) هذا القول الثالث في مراتب المد وهو الإشباع لكل القراء في المتصل خاصة ، والتفاوت في المنفصل على ما تقدم إما بالمرتبتين وإما بالأربع ، وهذا

__________________

(١) أي عشر حركات.

(٢) أي ست حركات ومقدار الحركة إما بقدر قبض الأصابع أو بسطها فيتلخص لدينا أن الألف حركتان.

٧٢

مذهب جمهور العراقيين وأكثر الأئمة من غيرهم قوله : (ما اتصل) يعني المد المتصل ؛ وهو ما اجتمع حرف المد والهمز بعده في كلمة واحدة نحو : « الملائكة ، ومن سوء ، وجيء »

للكلّ عن بعض وقصر المنفصل

(لـ)ـى (بـ)ـن (حمـ)ـا (عـ)ـن خلفهم (د)اع (ثـ)ـمل

عن بعض : أي عن بعض أئمة القراء وهم جمهور أهل العراق وكثير من المغاربة ؛ نص عليه ابن شيطا وابن سوار والقلانسي وسبط الخياط وأبو علي البغدادي وأبو معشر الطبري ومكي والمهدوي وغيرهم ، والمنفصل ما كان حرف المد آخر كلمة والهمز أول الكلمة الأخرى نحو « بما أنزل الله ، قالوا آمنا في أنفسكم » قرأه بالقصر ابن كثير وأبو جعفر ؛ واختلف عن قالون وأبي عمرو ويعقوب وهشام وحفص وكذا الأصبهاني من حيث إن رمز ورش المتقدم اختص بالأزرق عنه فبقي هو كقالون قوله : (خلفهم) أي بخلاف قالون والأصبهاني وهشام وأبي عمرو ويعقوب وحفص ؛ فالقصر عن هشام وحفص من الزيادات ، والمد للسوسي أيضا من الزيادات قوله : (ثمل) الثمل النشوان ، يشير إلى توهين حال من خالف القصر عنهم : أي أوضح لي حما عن خلاف من طالب لذلك لا يدري ما يقول :

والبعض للتّعظيم عن ذي القصر مد

وأزرق إن بعد همز حرف مد

أي بعض أئمة القراء أخذ بالمد للتعظيم عن أصحاب قصر المنفصل المتقدم ذكرهم ، نص على ذلك أبو معشر الطبري والهذلي وابن مهران وغيرهم ، وهو مما نختار ونأخذ به وذلك نحو (لا إله إلا الله) وقد ورد في ذلك حديثان مرفوعان ذكرهما في النشر ، ولكن استحسنه العلماء ونص عليه الفقهاء ، وقوله : عن ذي القصر مد : هو آخر الكلام على ما وقع حرف المد فيه مقدما على الهمز ، ثم قال وأزرق ، فأخذ في الكلام فيما وقع فيه الهمز مقدما على حرف المد وللأزرق عن ورش فيه ثلاثة أوجه المد الطويل والقصر والتوسط بينهما.

مدّ له واقصر ووسّط كنأى

فالآن أوتوا إيء آمنتم رأى

تقدم شرحه في البيت قبله.

٧٣

لا عن منوّن ولا السّاكن صح

بكلمة أو همز وصل في الأصح

هو مستثنى مما وقع فيه حرف المد بعد الهمز وهو ما لم يكن حرف المد مبدلا فيه عن تنوين نحو « ماء ، ولؤلؤا ، ودعاء » وهذا مما أهمله الشاطبي رحمه‌الله ولا بد من استثنائه ، وكذلك استثناء ما وقع الهمز فيه بعد ساكن صحيح في كلمة واحدة نحو « قرآن ، ومسئولا » واحترز بقوله : بكلمة عما إذا كانا من كلمتين نحو « من آمن ، قل أوحى » وكذلك « الآخرة ، والإيمان » وإن كان في صورة كلمة ويحقق ذلك تمثيله في البيت المتقدم بالآن واستثناؤه الآن فاعلم ذلك ، وكذلك استثنى له أكثر الأئمة ما وقع بعد همز الوصل من ذلك في حالة الابتداء نحو « اؤتمن ، ائت بقرآن » ولذلك قال في الأصح ، وأتى بأو ليفصل ما أجمع عليه مما اختلف فيه ؛ على أن الشاطبي رحمه‌الله لم يحك فيه خلافا ، والخلاف فيه ثابت نص عليه في الهادي والتبصرة والكافي ، وقوله : في الأصح : أي الذي نص الجمهور عليه كالداني والطبري والشاطبي ، وظاهر كلام الأكثرين.

وامنع يؤاخذ وبعادا الأولى

خلف وآلآن وإسرائيلا

أي وكذلك استثنوا من حروف المد الحرف الواقع بعد الهمز المغير في كلمة يؤاخذ حيث وقعت وهو مما لا خلاف فيه ، وذكر الشاطبي الخلاف فيه مما يستدرك عليه فقد نص على الاتفاق عليه الداني وغيره ولذا أتى بلفظ امنع لنفي الخلاف فيه قوله : (وبعادا الأولى خلف) أي أن رواة المد المتوسط والطول ، اختلفوا في عادا الأولى والآن ، وهو مما وقع الهمز فيه بعد حرف المد مغيرا وفي إسرائيل وهو مما الهمز فيه محقق ؛ على أن الشاطبي استثنى يا إسرائيل بلا خلاف ، والصواب إثبات الخلاف فيه فقد نص على مده صاحب الهادي وصاحب الهداية وصاحب العنوان وصاحب الكافي وغيرهم قوله : (وآلآن) يعني آلآن في حرفي يونس وهما « آلآن وقد كنتم ، آلآن وقد عصيت قبل » قوله : (وإسرائيل) يعني كلمة إسرائيل في جميع القرآن.

وحرفي اللّين قبيل همزة

عنه امددن ووسّطن بكلمة

حرفا اللين هما الياء الساكنة المفتوح ما قبلها الواو الساكنة المفتوح ما قبلها أيضا كما تقدم في صفات الحروف. والحاصل من معنى البيت أن حرفي اللين إذا

٧٤

وقعا قبل همزة في كلمة واحدة نحو شيئا وسوأة فعن الأزرق عن ورش المد الطويل والتوسط ، واحترز بقوله : بكلمة عما إذا كان من كلمتين نحو « خلوا إلى ، وابني آدم » فإنه لا خلاف في قصره ؛ على أن ورشا ينقل حركة الهمز إليه على قاعدة مذهبة كما سيأتي في بابه.

لا موئلا موودة والبعض مد

قصّر سوءات وبعض خصّ مد

واستثنى له موئلا في الكهف والموءودة في التكوير فلا خلاف في قصر الواو منهما قوله : (والبعض) أي واستثنى بعض الأئمة الذاهبين إلى المد سوءات : أي حالة الجمع كما لفظ به ، فقصرها نص عليه في الهادي والهدية والكافي والتبصرة وغير ذلك ولم يستثنها في التيسير فلذلك ذكر الشاطبي فيها الخلاف ، والبعض المذكور هم الذين لهم المد الطويل واستثنوها فقصروها ، وهذا من حيث الرواية وإن كان يبعد فهمه من اللفظ ، فلو عبر بقوله : ومن يمد لفهم قوله : وبعض خص مد : أي بعض الأئمة كأبي الحسن بن غلبون وأبي طاهر بن خلف وابن بليمة خص لفظ شيء من هذا الباب فلم يمد سواه للأزرق ولحمزة أيضا من روايته كأنهم جعلوا مده لحمزة قائما مقام السكت.

شيء له مع حمزة والبعض مد

لحمزة في نفي لا كلا مرد

أي للأزرق عن ورش ؛ يعني أن بعضهم خص من حرفي اللين كلمة شيء كيف أتت فمدها للأزرق وحمزة كما تقدم وهذا تمام السبب الهمزي قوله : (والبعض مد) أي وذهب بعض الأئمة إلى زيادة المد لمعنى النفي في لا التي للتبرئة ، نحو « لا ريب فيه ، لا جرم ، لا مرد » ونص عليه لحمزة في المستنير والمبهج والجامع لابن فارس.

وأشبع المدّ لساكن لزم

ونحو عين فالثّلاثة لهم

هذا بيان المد لسبب الساكن ، فإن كان الساكن لازما وهو ما كان ثابتا وصلا ووقفا نحو « الضالين ، وأ تحاجوني » فالقراء كلهم على مده مشبعا على مرتبة واحدة قوله : (ونحو عين) أي فإن وقع قبل الساكن اللازم حرف لين نحو عين من (كهيعص ، وحم عسق) فيجوز للقراء العشرة الثلاثة الأوجه المتقدمة : يعني المد والتوسط والقصر ، ولم يذكر الشاطبي القصر واختار الطول ، واختيارنا التوسط

٧٥

للفرق ، والقصر مذهب ابن سوار وسبط الخياط والحافظ أبي العلا وعامة العراقيين.

كساكن الوقف وفي اللّين يقل

طول وأقوى السّببين يستقل

أي هذه الثلاثة تجوز لجميع القراء في عين ونحوها كجوازها في الساكن العارض وهو الذي يوجد وقفا نحو « الكتاب ، والحساب ، والرحيم ، والدين ، ويؤمنون ، والمفلحون » مما هو حرف مد ونحو « الخوف ، والليل » مما هو حرف لين إلا أن الآخذين بالطول في هذا النوع وهو اللين قليلون بل الأكثرون على الأخذ فيه بالتوسط والقصر ، وعلم من هذا أن الآخذين بالطول في هذا النوع المدي على خلاف ذلك من الكثرة قوله : (وأقوى السببين) هذا أصل جليل في هذا الباب لم يتعرض له الشاطبي رحمه الله تعالى وتجب معرفته ؛ وهو أنه إذا اجتمع سببان للمد عمل بأقواهما وألغى أضعفهما إجماعا نحو « آمين البيت ، ورأى أيديهم ، وجاءوا أباهم » فلا يجوز في ذلك للأزرق التوسط ولا القصر من أجل وقوع حرف المد بعد الهمز ، بل المد وجها واحدا من أجل وقوع الهمز بعد حرف المد ؛ وكذلك لا يجري لهم الثلاثة في نحو « السماء ، والسوء ، وتفيء » حالة الوقف بالسكون ولا الثلاثة للأزرق في الوقف على نحو « يستهزءون » إلا على مذهب من قصره وصلا ، بل يجوز الطول وقفا لمن مذهبه دون ذلك وصلا والله أعلم قوله : (يستقل) أي يستقل بالعمل ويذهب حكم الضعيف.

والمدّ أولى إن تغيّر السّبب

وبقي الأثر أو فاقصر أحب

وهذا أصل ذكره الشاطبي في الهمزتين من كلمتين ولم يبين تفصيله وهو هنا أولى ولا بد من تفصيله ، وذلك أن سبب المد إذا تغير بين بين أو غيره لا يخلو من أن يبقى أثر السبب أولا ، فإن بقي أثره فالمد أولى ، وإن لم يبق فالقصر أولى وذلك نحو : (هؤلاء إن كنتم) عند قالون والبزي حيث يجعلان الأولى بين بين ونحوها عند أبي عمرو حيث يحذفها فالقصر له أولى والمد لهما أولى ، وكذلك إذا وقف لحمزة على نحو (يشاء ، وإلى السماء) فإن المد له في وجه التسهيل بالروم أولى ، والقصر أولى في وجه البدل لما ذكرنا والله أعلم ، وقوله : إن تغير السبب : أي سبب المد سواء كان همزا كما مثلنا به أم ساكنا نحو (الم الله) حالة

٧٦

الوصل (والم أحسب الناس) حالة النقل قوله : (وبقي الأثر) أي أثر السبب كأن تسهل الهمز بين بين قوله : (أحب) أي أولى وأقيس.

باب الهمزتين من كلمة

ثانيهما سهّل (غـ)ـنى (حرم) (حـ)ـلا

وخلف ذي الفتح (لـ)ـوى أبدل (جـ)ـلا

لما انقضى الكلام في المد والقصر أتبع الكلام في الهمزتين من كلمة لأنهما وقعتا في « ء أنذرتهم » بعد المد والقصر في « بما أنزل ، وبالآخرة » ومد « أولئك » ، وقوله من كلمة : أي كلمة واحدة والأولى منهما مفتوحة بكل حال وتكون الثانية مفتوحة نحو « ء أنذرتهم » ومكسورة نحو « أئنا » ومضمومة نحو « أءنزل » ، وقوله ثانيهما : أي ثاني الهمزتين من كلمة سواء كانت مفتوحة أم مكسورة أو مضمومة ، والمراد بتسهيل الهمزة إذا أطلقت أن تكون بين الهمزة وما منه حركتها ، فإن كانت مفتوحة فبين الهمزة والألف ، أو مضمومة فبين الهمزة والواو ، أو مكسورة فبين الهمزة والياء ، والمشافهة تحكم ذلك كله قوله : (سهل) أي سهل الثانية من الهمزتين من كلمة كيف أتت أبو عمرو ونافع وابن كثير وأبو جعفر ورويس ، وحلا من الحلاوة : أي أن غنا كل من الحرمين لوجود بيت الله في أحدهما ، والنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الآخر عن سائر بقاع الأرض له في النفوس حلاوة ، وفي المنهج طلاوة ، وقوله : وخلف : أي واختلف عن هشام في تسهيل الهمزة الثانية حالة الفتح ، فسهلها عنه من طريق الحلواني ابن عبدان وغيره قوله : (لوى) أي مال ، يشير إلى كونه اختص بالفتح دون غيره قوله : (أبدل) أي وأبدل المفتوحة ألفا الأزرق عن ورش على اختلاف بين الرواة ، منهم من أبدلها ومنهم من جعلها بين بين كما تقدم في التسهيل ، ومن أبدلها مدا في نحو « ء أنذرتهم ، وء أشفقتهم » مدا مشبعا لالتقاء الساكنين ، وأتى في نحو « ألد » بألف واحدة من غير زيادة قوله : (جلا) أي كشف ؛ يعني أن الإبدال وإن خرج عن القياس ظاهر لصحة الرواية.

خلفا وغير المكّ أن يؤتى أحد

يخبر أن كان (روى ا)علم (حبر عـ)ـد

أي غير المكي وهو ابن كثير يخبر : أي يقرأ (أن يؤتى أحد) (١) يعني في

__________________

(١) « أأن يؤتى ».

٧٧

آل عمران بالإخبار ، ويبقى ابن كثير على ضد الإخبار وهو الاستفهام بهمزتين مفتوحتين ، وهو في ذلك على أصله في تسهيل الثانية بين بين قوله : (أن كان) أي واختلفوا أيضا في الاستفهام والخبر في قوله تعالى : (أن كان ذا مال) (١) في ن ، فقرأ بالأخبار المفهوم من عطفه على ما تقدم الكسائي وخلف ونافع وأبو عمرو وابن كثير وحفص ، والباقون بالاستفهام وهم حمزة وأبو جعفر وابن عامر وشعبة ويعقوب ، وقوله : حبر : أي أيا حبر فحذف حرف النداء ، وقوله : عد : أي تجاوز ولا تقض بعلمك دونه بل كن في زيادة في العلم واعلم أن فوق كل ذي علم عليم.

وحقّقت (شـ)ـم (فـ)ـي (صـ)ـبا وأعجمي

حم (شـ)ـد (صحبة) أخبر (ز)د (لـ)ـم

أي وحقق الهمز من الباقين الذين قرءوا بالاستفهام روح وحمزة وشعبة والباقون منهم بالتسهيل وهم رويس وأبو جعفر وابن عامر من روايتيه قوله : (وأعجمي) أي وأعجمي الذي في سورة فصلت يريد قوله تعالى : (لقالوا لو لا فصلت آياته أعجمي وعربي) (٢) حقق الهمز الثانية روح وحمزة والكسائي وخلف ، وشعبة وقرأه بالأخبار قنبل وهشام ورويس باختلاف عنهم ، والباقون بالاستفهام المفهوم من ضد الإخبار ، وبالتسهيل المفهوم من ضد التحقيق وهم نافع وأبو جعفر والبزي وأبو عمرو وابن ذكوان وحفص وكذا قنبل وهشام ورويس في الوجه الثاني والأزرق على أصله في إبدال الثانية ألفا بخلاف عنه قوله : (شم) أي أنظر من شام البرق : إذا نظر إلى سحابته أن يمطر ، وشمت السيف : سللته وأغمدته من الأضداد ، وشممت مخايل الشيء إذا تطلعت نحوها ببصرك ناظرا له قوله : (صبا) هو ريح مهبها المستوى من مطلع الشمس إذا استوى الليل والنهار قوله : (شد) أي أحكم من شاده : إذا بناه بالشيد ليحكمه ، وقوله زد : أي زد في جمع العلم وطلبه ، وقوله لم : أي لم من لا يجمعه ولا يطلبه.

(غـ)ـص خلفهم أذهبتم (ا)تل (حـ)ـز(كفا)

و (د)ن (ثـ)ـنا إنّك لأنت يوسفا

يريد قوله : « أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا » قرأه بالإخبار نافع وأبو عمرو

__________________

(١) أأن كان ذا مال ».

(٢) سورة فصلت الآية «٤٤».

٧٨

والكوفيون ، والباقون بالاستفهام وهم على أصولهم في التسهيل ؛ فابن كثير وأبو جعفر ورويس يسهلون بين بين ، وروح وابن ذكوان بالتحقيق ، وهشام بالوجهين قوله : (ودن) يعني أن ابن كثير وأبا جعفر قرآ « أئنك لأنت يوسف » بالإخبار والباقون بالاستفهام وهم أيضا على أصولهم في التسهيل المتقدم والتحقيق ، فسهل الثانية بين بين نافع وأبو عمرو ورويس ، وحققها روح وابن عامر والكوفيون ، ويوسف مجرور بإضافة جملة لأنت إليه.

وآئذا ما متّ بالخلف (مـ)ـتى

إنّا لمغرمون غير شعبتا

أي قرأ ابن ذكوان المرموز له بميم متى « أئذا ما مت » في مريم بالإخبار بخلاف عنه ، والباقون بالاستفهام وهم على أصولهم في التسهيل والتحقيق قوله : (متى) أي مد ، من قوله : متيت أو من متوت الشيء : مددته كأنه مد باعه فيه ، ويحتمل أن يراد متى الظرفية : أي متى قرأته قوله : (إنا لمغرمون) أي اتفق القراء إلا على الإخبار في قوله تعالى في سورة الواقعة (إنا لمغرمون) وشعبة وحده بالاستفهام بهمزتين.

أئنّكم الأعراف عن (مدا) أئن

لنا بها (حرم عـ)ـلا والخلف (ز)ن

أي قرأ المدنيان وحفص (إنكم لتأتون الرجال) في سورة الأعراف بالإخبار والباقون بالاستفهام وهم على أصولهم المتقدمة ، وكذا قرأ المدنيان وابن كثير وحفص (أئن لنا لأجرا) في الأعراف بالإخبار ، والباقون بالاستفهام وهم على أصولهم قوله : (والخلف) أي واختلف عن قنبل في قوله تعالى : (آمنتم له) في سورة طه كما سيأتي ، فرواه عنه بالإخبار ابن مجاهد كما الشاطبية ، ورواه ابن شنبوذ بالاستفهام ، وكل ما تقدم معطوف على الإخبار من قوله : أخبر زد ثم قوله زن من الزينة ، أي مزين قراءته أو من الوزن : أي أتمها كما ينبغي بإعطائها حقها.

آمنتموا طه وفي الثّلاث عن

حفص رويس الاصبهاني أخبرن

أي ففي كلم آمنتم الثلاث يعني الواقعة في الأعراف وطه والشعراء قرأها حفص ورويس والأصبهاني عن ورش بالإخبار والباقون بالاستفهام إلا أن قنبلا في طه على أصله قوله : (أخبرن) أعاد النص على الإخبار لطول الفصل.

وحقّق الثّلاث (لـ)ـي الخلف (شفا)

(صـ)ـف (شـ)ـم ءالهتنا (شـ)ـهد (كفا)

٧٩

أي قرأ بتحقيق الهمزة في كلمات آمنتم الثلاث هشام بخلاف عنه وحمزة والكسائي وخلف وأبو بكر وروح ، والباقون بتسهيلها بين بين وهم أبو عمر وابن ذكوان وهشام في أحد وجهيه وقالون وأبو جعفر والبزي وورش من طريق الأزرق ، ولقنبل في الأعراف مذهب سيأتي كما تقدم مذهبه في طه وهو مع المسهلين في الشعراء (١) قوله : (آلهتنا) أي وكذلك قرأ بتحقيق الهمزة الثانية من قوله تعالى : (وقالوا أآلهتنا خير) (٢) في سورة الزخرف روح والكوفيون والباقون بالتسهيل وهم المدنيان وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر ورويس قوله : (صف) من الوصف ، وشم من شام السيف : إذا سله أو غمده ، وشام البرق : إذا نظر إلى سحابته أن يمطر ، وشام مخايل الشيء : إذا تطلع نحوها ببصره.

والملك والأعراف الأولى أبدلا

في الوصل واوا (ز)ر وثان سهّلا

أي يبدل قنبل الهمزة الأولى من الهمزتين من كلمة (آمنتم) في تبارك (٣) الملك وفي الأعراف (٤) واوا خالصة حالة الوصل بما قبلها يريد قوله تعالى : (وإليه النشورءآمنتم ، وقال فرعونءآمنتم به) فإذا أبدلها فله في الثانية منها خلاف كما سيأتي قوله : (زر) أمر من الزيارة.

بخلفه أئنّ الانعام اختلف

(غـ)ـوث أئنّ فصّلت خلف (لـ)ـطف

أي اختلف الرواة عن قنبل في تسهيل الهمزة الثانية من حرفي الملك والأعراف بعد إبدال الأولى منهما واوا فسهلها ابن مجاهد عنه ، وحققها ابن شنبوذ قوله : (أئن الأنعام) مجرور ويكون أئن مضافا إليه : أي حرف الأنعام : أي اختلفوا عن رويس في تسهيل الثانية من قوله تعالى : (أئنكم لتشهدون) (٥) في الأنعام ، فحققها أبو الطيب وسهلها الباقون عنه ، وسائر القراء فيها على أصولهم ، وكذلك اختلفوا عن هشام في تسهيل الهمزة الثانية من قوله تعالى : (قل أئنكم لتكفرون) (٦) في فصلت ، فسهلها عنه جمهور المغاربة كالداني وابن شريح

__________________

(١) سيأتي بيانه في موضعه في : سورة الشعراء وفي غيرها.

(٢) سورة الزخرف الآية «٥٨».

(٣) سورة تبارك الآية «١٦».

(٤) سورة الأعراف الآية «١٢٣».

(٥) سورة الأنعام الآية «١٩».

(٦) سورة فصلت الآية «٩».

٨٠