شرح طيّبة النّشر في القراءات العشر

شهاب الدين أبي بكر بن أحمد بن محمّد بن محمّد ابن الجزري الدمشقي

شرح طيّبة النّشر في القراءات العشر

المؤلف:

شهاب الدين أبي بكر بن أحمد بن محمّد بن محمّد ابن الجزري الدمشقي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٤

قوله : (أتان نمل) يعني « فما آتاني الله » في النمل ، أثبتها مفتوحة وصلا نافع وأبو جعفر ورويس وأبو عمرو وحفص ووقف عليها يعقوب بالياء بلا خلاف ، وحفص وأبو عمرو وقالون وقنبل بخلاف عنهم كما سيأتي في البيت الآتي قوله : (غبا) الغباء : بالمد والقصر مصدر غبى من الشيء : إذا خفى عليه ولم يتفطن له.

(حـ)ز (عـ)ـد وقف (ظـ)ـعنا وخلف (عـ)ـن (حـ)ـسن

(بـ)ـن (ز)ر يردن افتح كذا تتّبعن

عد ، من العيادة أو العود إن كان بالمهلة ، أو من العياذ إن كان بالمعجمة ، والظعن : السير قوله : (وخلف عن حسن) أي عن قارئ حسن ولا يشتبه بالعلم ، لأنه ليس من القراء العشرة ورواتهم من اسمه حسن قوله : (يردن) أي « يردن الرحمن » في يس و « تتبعن » أي « تتبعني أفعصيت أمري » في طه ، فتحهما في الوصل أبو جعفر وأثبتهما في الوقف.

وقف (ثـ)ـنا وكلّ روس الآي (ظـ)ـل

وافق بالواد (د)نا (جـ)ـد و(ز)حل

يعني أن ما بقي من الباب وهو ما وقع رأس آية ، وجملة ذلك فيما فيه أصلى وإضافي ست وثمانون ياء ذكر منها فيما تقدم ياء واحدة وهي « يسر » في الفجر ، وبقي خمس وثمانون أثبت الياء في جميعها يعقوب في الحالين على أصله ووافقه غيره في تسع عشرة كلمة ذكرها فيما يأتي قوله : (ظل) أي يستظل ببركتها قوله : (وافق بالواد) أي « بالواد » في الفجر ، فوافقه على إثباتها وصلا ورش ، وفي الحالين ابن كثير إلا أنه اختلف عن قنبل في الوقف ، فروى الأكثرون عنه حذفها فيه وروى الآخرون إثباتها على أصله وكلاهما صحيح قوله : (وزحل) من زحل من مكانه : إذا تنحى فهو زاحل ، وناسب ذلك لما روى عنه في ذلك من مخالفة أصله.

بخلف وقف ودعاء (فـ)ـي (جـ)ـمع

(ثـ)ـق (حـ)ـط (ز) الخلف هـ(د)ى التّلاق مع

يعني « ربنا وتقبل دعائي » في إبراهيم على إثباتها وصلا أبو عمرو وحمزة وأبو جعفر وورش ، وفي الحالين البزي ؛ واختلف عن قنبل ، فروى بعضهم عنه حذفها في الحالين ، والبعض إثباتها فيهما ، وبعض حذفها وصلا ، والكل صحيح عنه ، ولم يحتج إلى الاحتراز عما وقع في نوح وهو « دعائي إلا فرارا » لأنه ليس

١٦١

برأس آية ، ولأنه تقدم في باب الإضافة قوله : (في جمع) جمع جمعة قوله : (التلاق) أي « يوم التلاق » في غافر.

تناد (خـ)ـذ (د)م (جـ)ـل وقيل الخلف (بـ)ـر

والمتعال (د)ن وعيد ونذر

يعني « يوم التناد » في غافر أيضا ، وافق يعقوب على الإثبات فيها وفي التلاق وصلا ورش وعيسى بن وردان ، وفي الحالين ابن كثير ، وقد روى إثباتها وصلا لقالون على أصله ، وحكى الخلاف صاحب التيسير ومن تبعه ، والأصح الحذف ، جل ، من الجول : وهو السعي والانتقال قوله : (بر) من باره يبوره : إذا اختبره ، ويحتمل أن يكون مخففا وهو البر المعروف قوله : (والمتعال) أي « الكبير المتعال » في الرعد ، وافقه أيضا على إثباتها في الحالين ابن كثير قوله : (دن) أي جاز وكاف واخضع وذل في الطاعة ، وفي الحديث « الكيس من دان نفسه » قوله : (وعيد) يعني وعيد في المواضع الثلاثة : في إبراهيم موضع « وخاف وعيد » وفي ق موضعان « فحق وعيد ، من يخاف وعيد » قوله : (ونذر) أي « عذابي ونذر » في المواضع الستة في القمر.

يكذّبون قال مع نذيري

فاعتزلون ترجمو نكيري

يعني قوله تعالى : (إني أخاف أن يكذبون قال سنشد) وقيدها بقال احترازا عن نحو قوله : « أن يكذبون ويضيق » قوله : (مع نذير) أي « كيف نذير ولقد كذب » وقوله : « فاعتزلون » يعني « فاعتزلون فدعا ربه » في الدخان قوله : (ترجمو) أي « ترجمون » في الدخان أيضا قوله : (نكير) يعني نكير في المواضع الأربعة : الحج وسبأ وفاطر والملك.

تردين ينقذون (جـ)ـود أكرمن

أهانن (هـ)ـدا (مـ)ـدا والخلف (حـ)ـن

أي « لتردين » في الصافات « ولا ينقذون » في يس قوله : (جود) أي وافق ورش يعقوب على إثبات الياء في هذه الثماني عشرة ياء وصلا ، والجود. المطر الكثير الواسع الغزير النافع قوله : (أكرمن أهانن) يعني « فيقول ربي أكرمن ، فيقول ربي أهانن » كلاهما في الفجر ، وافق يعقوب على إثبات الياء فيهما في الحالين البزي وفي الوصل نافع وأبو جعفر ؛ واختلف عن أبي عمرو ، فقطع الأكثرون بالتخيير فيهما ، وقطع بعضهم بالإثبات ، وقطع بعضهم بالحذف قوله : (حن) من الحنين : وهو الشوق ، ويقال حن عليه : رحمه.

١٦٢

وشذّ عن قنبل غير ما ذكر

والأصبهانيّ كالأزرق استقر

يعني أن الذي ذكره عن قنبل فيما تقدم هو الذي صح عنه ، وقد روى عنه غير ما ذكر ، من طريق ابن شنبوذ وغيره ، وهو مما شذ عنه ولم تصح روايته ، وتصحيح ما تقدم قوله : (والأصبهاني الخ) تنبيه على شيء لا بد منه ، وذلك أنه ذكر أولا في المقدمة على ما اصلحه أنه إذا جاء رمز ورش وهو الجيم في الأصول فإنه يكون من طريق الأزرق فيكون الأصبهاني عن ورش مثل قالون ، وقد ذكر في هذا الباب مواضع وذكر رمز ورش فيها ، فمقتضى ذلك أن يكون الأزرق وحده عن ورش ، والفرض أن الأصبهاني فيها مثل الأزرق ، فلو لم ينبه على ذلك لاقتضى أن يكون من طريق الأزرق وحده وليس كذلك.

مع ترن اتّبعون و(ثـ)ـبت

تسألن في الكهف وخلف الحذف (مـ)ـت

أي مع إثبات الأصبهاني الياء في قوله : « إن ترن » في الكهف ، و « يا قوم اتبعون » في غافر ، ويقرأ « اتبعون » بقطع همزة الوصل كما هو ثابت في النسخ القديمة فإنه يخرج ما في الزخرف أيضا ، لأن حرف غافر كذلك بغير واو ويبتدئ بهمزة مكسورة قوله : (وثبت) يعني وثبت الياء في قوله تعالى : (فلا تسئلني) في الكهف لجميع القراء كما هو مرسوم في المصاحف بالإثبات إلا أنه ورد الخلاف فيها عن ابن ذكوان وقفا ووصلا فليست هذه الياء في جملة الزوائد ، بل ذكرها هنا استطرادا والله أعلم قوله : (مت) المت : التوسل بقراءة ونحوها ، والمت أيضا المد.

باب إفراد القراءات وجمعها

لم يتعرض أحد من أئمة هذا العلم في مؤلفاتهم لهذا الباب وفي الإعلان للصفراوي شيء من ذلك لا حاصل تحته ولا شك أنه باب كثير الفائدة يتعين معرفته والاهتمام به لعموم الحاجة إليه ولا بد لطالب هذا العلم من معرفته.

وقد جرى من عادة الأئمّة

إفراد كلّ قارئ بختمه

أي جرت عادة أئمة القراءة أن يأخذوا على طالب هذا العلم أولا بعد شروعه في حفظ كتاب من كتب القراءة المختصرة بإفراد كل قراءة في ختمة بل

١٦٣

كثير منهم يأخذ بإفراد كل رواية بل بكل طريق ، ومن وقف على تراجم المتقدمين رأى إجازاتهم على حقيقة ذلك.

حتّى يؤهّلوا لجمع الجمع

بالعشر أو أكثر أو بالسّبع

يعني أنهم لا يزالون يفردون حتى تصير لهم أهلية لجمع القراءات جملة واحدة في ختمة ويسمون ذلك جمع الجموع كأنهم يعنون جمع كل جمع قراءة وذلك أن القارئ من الأئمة السبعة أو العشرة له روايات فإذا أفردت في ختمة ختمة جمعت في ختمة فإذا أتوا عليها وأتموا جمع كل جمع جمعوا جميعهم في ختمة على حدة قوله : (بالعشر) أي بالقراءات العشر المذكورة في هذا الكتاب قوله : (أو أكثر) أي من القراءات العشر كقراءة ابن محيصن والأعمش والحسن البصري وغيرهم مما زائد على العشر قوله : (أو بالسبع) يعني أو بالسبع القراءات المذكورة عند العوام.

وجمعنا نختاره بالوقف

وغيرنا يأخذه بالحرف

يعني أن للجمع طريقتين : إحداهما بوقف : أي إن القارئ إذا قرأ بوجه لا يقف وقفا جائزا ثم يقرأ بعده الوجه الآخر ثم هكذا حتى يستوعب وجوده الخلاف كلها ثم ينتقل إلى ما بعده ، وهذا هو المختار عندنا ، لما فيه من رونق القراءة وزينة التلاوة ، وأقوى في الاستحضار ، ولا يقدر عليه إلا الحاذق الماهر ، وهو طريق الشاميين وسواهم من المحققين ، ولكن فيه تطويل. والطريق الثانية الجمع بالحرف ، وهو أن يقرأ القارئ كلمة أو نحو ذلك ثم يستوعب الخلاف الذي في ذلك الحرف وجها بعد وجه حتى يتم ، وهذه طريق الجمهور المصريين ومذهب أهل الغرب ، وفيها اختصار وسهولة أخذ واستيعاب لما يحتمل من الأوجه ولكنها تخرج القراءة عن رونقها وزينتها ، ولكن يشترط في هذه الطريقة رعاية الوقف والابتداء وعدم التركيب ونحوه كما سيأتي في البيت بعده ؛ على أني أركب من كلا الطريقين طريقة حسنة لطيفة نبهت عليها في البيت الثالث وما بعده.

بشرطه فليرع وقفا وابتدأ

ولا يركّب وليجد حسن الأدا

الأخذ بالجمع بالحرف له شروط : منها رعاية الوقف نحو « وما من إله إلا الله » لا يجوز أن يقف على إله ليستوعب النقل والسكت مثلا ، وكذا في نحو

١٦٤

قوله : (لا إله إلا الله) لا يجوز أن يقف على إله ليستوعب أوجه المد والقصر ، وكذا الوقف على نحو « وما أرسلناك إلا مبشرا » لا يقف قبل الاستثناء ، وكذا الوقف على نحو « وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه » ومنها رعاية الابتداء نحو أن يبتدئ بأنّ في قوله : « قالوا إن الله هو المسيح ، قالوا إن الله ثالث ثلاثة ، وقالوا إن الله فقير » وكذا قوله : « يخرجون الرسول وإياكم » بأن يبتدئ بقوله : وإياكم ، ومنها أن لا يركب قراءة نحو أن يقف على « ء أنذرتهم أم » فيقرأ على عادتهم في التزام الترتيب لقالون مثلا بالصلة والإسكان ، ثم لورش بالإبدال والتسهيل مع الصلة والمد للأزرق ، ثم بالتسهيل مع المد والقصر للأصبهاني ، ثم لابن كثير ، ثم ابن عامر حتى يختم بسكت حمزة ثم يصل ذلك بأن يقول « أم لم تنذرهم لا » بالصلة لقالون أو لغيره بعد أن يكون آخر قراءته تحقيق الهمزتين فإنه يقع فيه التركيب وهو خطأ في الرواية ، ومنها رعاية حسن الأداء من التجويد والتحقيق ونحو ذلك.

فالماهر الّذي إذا ما وقفا

يبدا بوجه من عليه وقفا

يعني أن الأستاذ المستحضر الحاذق هو الذي وقف على وجه لأحد القراء يبتدئ بعده لصاحب ذلك الوجه ، مثاله ما مثلنا به قبل ، وهو أن يكون قد انتهى لحمزة على قوله : « عليهمء أنذرتهم أم » فسكت ، له أن يبتدئ إذا وصل فيقول « أم لم تنذرهم لا يؤمنون » بالإسكان ، وإبدال الهمزة حتى يمتنع التركيب في هذه الحالة ، وينبغي أن يراعى ذلك سواء جمع بالوقف أم بالحرف ولكنها في الحرف أوجب ؛ ومثال ذلك لو جمع بالوقف أنه إذا وقف لحمزة على قوله : « بما كانوا يكذبون » بعد قراءته « عذاب أليم » بالسكت فإنه يبتدئ « وإذا قيل لا تفسدوا في الأرض » بالسكت أيضا حتى يقف على « مصلحون ».

بعطف أقربا به فأقربا

مختصرا مستوعبا مرتّبا

وهذه الطريقة التي سلكها الناظم رحمه‌الله وركبها من الطريقين فهي في غاية الحسن واللطف ، وهي أن يراعى في جمعه الوقف فيقرأ أوّلا الوجه إلى محل الوقف الجائز ويعطف في قراءته الوجه الأقرب فالأقرب ؛ مثاله أن يبدأ

١٦٥

لقالون فيقول « الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون » (١) ثم يعطف عليه الأقرب فيقول « ومما رزقناهم ينفقون » بالصلة فيخرج معه ابن كثير ثم يرجع فيقول « يؤمنون بالغيب » بالإبدال « ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون » بالصلة لأبي جعفر ، ثم يعطف عليه فيقول « ومما رزقناهم ينفقون » بالإسكان ، فيخرج وجه أبي عمرو وغيره ، ثم يرجع فيقول « ويقيمون الصلاة » بتفخيم اللام للازرق عن ورش ، ثم يبتدئ بعد الأزرق عن ورش فيقول « والذين يؤمنون » بالإبدال « بما أنزل » بالمد الطويل « وما أنزل من قبلك » كذلك « وبالآخرة » بالنقل والترقيق مع الأوجه الثلاثة من التوسط والمد والقصر « هم يوقنون » ثم لو لا إبدال « يؤمنون » أولا لعطفت عليه حمزة وابن ذكوان من طريق العراقيين فقلت « وبالآخرة هم » بالسكت وعدمه ، ولكن الأخصر أن يعود فيقول « بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك » بالمد الدون وبالقصر و « بالآخرة هم » بالنقل ليخرج الأصبهاني ثم يقول و « بالآخرة » بغير نقل فيخرج أبو عمرو في وجه البدل ثم يقول « هم يوقنون » بالإسكان فيتم الأصبهاني ووجه إبدال أبي عمرو ثم يقول « هم يوقنون » بالضم والصلة ، فيخرج أبو جعفر ثم يرجع فيقول « يؤمنون » بالهمز « بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك » بالمد والقصر أيضا « الآخرة هم يوقنون » بالإسكان ، فيخرج وجه قالون ووجه التحقيق لأبي عمرو والقصر لحفص وغيره ثم يعطف عليه فيقول « هم يوقنون » بالصلة وهو الوجه الثاني لقالون ويخرج معه ابن كثير ؛ وإن كنت تقرأ بمراتب المد الخمس فتقول عاطفا « بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك » بالمد الوسط و « بالآخرة هم » ثم تعطف وتسكت على « الآخرة » لإدريس ثم تقول « هم يوقنون » فيخرج ابن عامر والكسائي وخلف في اختياره ثم تعطف فتقول « بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك » بمد عاصم ثم تقول « وبالآخرة هم » ثم تسكت للأشناني ثم تقول و « بالآخرة هم يوقنون » ثم تعود فتقول « والذين يؤمنون بما أنزل إليك » بالمد الطويل « وما أنزل من قبلك » كذلك « وبالآخرة هم » بالسكت وعدمه فيخرج حمزة والأخفش عن ابن ذكوان من طريق العراقيين ، ثم تعطف فتقول « بما أنزل

__________________

(١) سورة البقرة الآية «٣».

١٦٦

إليك » وتسكت بعد المد وكذا « وما أنزل من قبلك وبالآخرة » بالسكت أيضا فيخرج أوجه حمزة والله أعلم ، وتم أوجه الخلاف من كتابنا هذا ، وقس على ذلك ، وليكن لك من نفسك نظر وحسن تدبير ومعرفة قوله : (مختصرا) أي بما تعطفه كما مثلنا به وبيناه قوله : (مستوعبا) أي الأوجه كلها من غير إخلال قوله : (مرتبا) أي لا بد من مراعاة الترتيب إما بالأسماء كما رتبه صاحب كتابه الذي يحفظه أو يقرأ به أو يقدم أصحاب المد الطويل ثم الذي يلونهم كذلك حتى القصر ، أو يقدم القصر أولا ثم ما وافقه كذلك حتى المد الطويل ، وإن كان التزم أن يبدأ بوجه من وقف عليه فيتبعه بما يناسبه عطفا كما مثلنا به. قال في النشر : والذي أخذته عن شيوخي بمصر والشام وغيرهما الابتداء لورش من طريق الأزرق ثم الأصبهاني ثم قالون ثم أبي جعفر ثم كثير ثم أبي عمرو ثم يعقوب ثم ابن عامر ثم عاصم ثم حمزة ثم الكسائي ثم خلف ، وهذا أخذته غالبا ؛ وفائدة الترتيب أن يكون علما بما قرئ وما لم يقرأ فلا يفوته شيء.

وليلزم الوقار والتّأدّبا

عند الشّيوخ إن يرد أن ينجبا

هذا مما آكد الواجبات ، وهو السكون والوقار في مجلس القرآن وبين يدي الشيوخ ، وسلوك الأدب معهم ، وحفظ حرمتهم في الغيبة والحضور ، ولينظرهم بعين الكمال ، وإن رأى من أحدهم ما ينكره فليخرج له تأويلا حسنا ، فلا يعجز عن ذلك إلا محروم قليل التوفيق وعديمه ؛ ولقد كان بعض السلف إذا ذهب إلى شيخه يقول اللهم أخف عيب معلمي عني فلا تذهب بركة علمه مني ، وهذه طريقة من يريد الفلاح والانتفاع.

وبعد إتمام الأصول نشرع

في الفرش والله إليه نضرع

أي بعد إتمام أصول القراءات أو أصول القراء ، وإنما أطلق أئمة القراء على الأبواب أصولا لأنها يكثر دورها ويطرد ويدخل في حكم الواحد منها الجميع ، وإذا ذكر فيها حرف ولم يقيد يدخل تحته كل ما كان مثله ؛ بخلاف الفرش فإنه إذا ذكر فيه حرف فإنه لا يتعدى أول حرف من تلك السورة إلا بدليل أو إشارة أو نحو ذلك مثل أن يذكر مع ذلك الحرف حروفا أخرى يشملها ترجمة أو نحو ذلك مما يشابه الأصول ، فيلتحق به قوله : (نشرع) : أي نأخذ وندخل ؛ يقال شرعت

١٦٧

في الأمر : أي خضت فيه وشرعت الإبل وغيرها في الماء : أي دخلت فيه قوله : (نضرع) أي نذل ونخضع ونبتهل ، والتضرع : التذلل والمبالغة في السؤال والرغبة ، يقال ضرع بالكسر يضرع بالفتح.

باب فرش الحروف

سورة البقرة

أي ما قل دوره ولم يطرد ، وإنما أطلق القراء عليه فرشا لانتشاره كأنه انفرش وتفرق في السور وانتشر.

وما يخادعون يخدعونا

(كنز ثوى) اضمم شدّ يكذبونا

يعني قوله تعالى : (وما يخدعون إلا أنفسهم) من المخادعة ، يقرؤه يخدعون من الخدع الكوفيون وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب ، واحترز بقوله : « وما يخادعون » عن (يخادعون الله » فإنه لا خلاف فيه ، (١) ولفظ بالقراءتين ولم يحتج إلى تقييد للوضوح كقول الشاطبي سكارى معا سكرى ، ووجه قراءة يخادعون إجراء الثاني على لفظ الأول المجمع عليه ، ووجه يخدعون التنبيه على أن المفاعلة فيه من باب ما يقع من الواحد نحو عاقبت اللص قوله : (شد يكذبونا) أي وقرأ يكذبون يعني « بما كانوا يكذبون » بالضم : أي في الياء والتشديد : أي في الذال ابن عامر والحرميون والبصريان ، والباقون وهم الكوفيون بالفتح الذي هو ضد الضم والتخفيف الذي هو ضد التشديد والقراءتان ظاهرتان ، فإن المنافقين وصفوا في مواضع من القرآن بأنهم كاذبون نحو « بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون » ومع كونهم كاذبين هم يكذبون أيضا لقوله تعالى : « وما هم بمؤمنين » لأن من لم يكن مصدقا مكذب.

(كـ)ـما (سما)وقيل غيض جي أشم

في كسرها الضّمّ (ر)جا (غـ)ـنى (لـ)ـزم

يعني قوله تعالى : (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض ، وإذا قيل لهم آمنوا) وما وقع منه في القرآن وذكر غيره معه يدل على الإطلاق كما نبهنا عليه

__________________

(١) لثبوته بهذه الرواية.

١٦٨

فيما تقدم قريبا ، (١) وغيض يعني « وغيض الماء » في هود « وجيء » في الزمر والفجر ، قرأ بإشمام كسرها الضم الكسائي ورويس وهشام ، والمراد بالإشمام هنا خلط الحركة بالحركة والحرف بالحرف فينحى بالكسر نحو الضمة والياء بعدها نحو الواو ، لأن أوائل هذه الكلمات وإن كانت مكسورة فأصلها الضم لأنها لما لم يسم فاعله فجعل الإشمام دليلا على الأصل ، وهي لغة للعرب فاشية ، ومن أخلص الكسر وهم الباقون فلأجل الياء الساكنة بعد نحو ميزان وهي اللغة الفاشية قوله : (أشم) أي أشم الضم ، ولما اجتمع الهمزتان مفتوحتين أسقط إحداهما على ما تقدم في قراءة أبي عمرو وغيره قوله : (في كسرها) أي هذه الأفعال الثلاثة المذكورة قوله : (الضم) مفعول أشم قوله : (لزم) من اللزوم : أي توقع غنا لا تفارقه.

وحيل سيق (كـ)ـم (ر)سا (غـ)ـيث وسي

ءسيئت (مدا)(ر)حب (غـ)ـلالة (كـ)ـسى

أي وأشم الضم في « حيل » وهو سبأ « وسيق » الموضعين من الزمر ابن عامر والكسائي ورويس ، فوافق فيها ابن ذكوان من قرأ و « قيل ، وغيض ، وجيء » جمعا بين اللغتين ولخفّة الحاء والسين قوله : (وسيء بهم) وهو في هود والعنكبوت ، و « سيئت وجوه الذين » وهو في الملك بالإشمام المدنيان والكسائي ورويس وابن عامر ، فوافق المدنيان من تقدم في « حيل ، وسيق » للتمكن في النطق من أجل المد وجمعا بين اللغتين قوله : (رسا) أي ثبت ووقف ، والرحب : الواسع ، والغلالة : الثوب يلبس كالقميص.

وترجعوا الضّمّ افتحا واكسر (ظـ)ـما

إن كان للأخرى وذو يوما (حما)

يعني قوله : « ثم إليه ترجعون » وما جاء منه غيبا أو خطابا إذا كان من رجوع الآخرة نحو « ويوم يرجعون إليه ، وترجع الأمور » قرأه بفتح حرف المضارعة وكسر الجيم على تسمية الفاعل يعقوب حيث وقع ، ووافقه غيره في مواضع يذكرها هنا ، ويشهد له قوله تعالى : (كل إلينا راجعون) وقرأ الباقون بضم حرف المضارعة وفتح الجيم مبنيا للمفعول لأن الله تعالى : أرجعهم ، وقيد فتح الضم لأنه لو أطلق لكان ضده الكسر ، ولم يقيد الكسر لأن ضده الفتح قوله : (إن كان للأخرى) أي

__________________

(١) الإطلاق أي في كل الحالات المتقدمة وما ذكره في هاتين الآيتين الكريمتين أيضا.

١٦٩

إذا كان من رجوع الآخرة ، احترز بذلك عن نحو قوله تعالى : (صم بكم عمى فهم لا يرجعون) قوله : (وذو يوما) أي المصاحب ليوما ، يريد قوله تعالى (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله) في أواخر البقرة ، اتفق أبو عمرو ويعقوب على قراءته بالترجمة المتقدمة.

والقصص الأولى (أ)تى (ظـ)ـلما (شفا)

والمؤمنون (ظـ)ـلّهم (شفا)وفا

يريد قوله تعالى : (وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون) قرأه بتسمية الفاعل نافع ويعقوب وحمزة والكسائي وخلف والباقون على البناء للمفعول ، واحترز بقوله : الأولى عن قوله : « وإليه ترجعون » آخر القصص ، فإن يعقوب وحده فيها على أصله بالترجمة قوله : (والمؤمنون) الخ البيت ، يعني قوله تعالى : في المؤمنين (وأنكم إلنا لا ترجعون) فيعقوب وحمزة والكسائي وخلف بالترجمة على تسمية الفاعل ، والباقون مبنيا للمفعول قوله : (وفا) الوفاء : ضد الغدر ، ويحتمل أن يكون فعلا بمعنى لم ينقص ، ويحتمل أن يكون من الفيء : وهو الرجوع فيناسب ذكر الظل وتكون الواو زائدة ، وإنما أتى به لأجل الفصل بواوه.

الأمور هم والشّام واعكس (إ)ذ (عـ)ـفا

الامر وسكّن هاء هو هي بعد فا

أي « ترجع الأمور » حيث وقع بتسمية الفاعل يعقوب وحمزة والكسائي وخلف وابن عامر والباقون على البناء للمفعول قوله : (الأمور) الأصل الأمور فنقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها واعتد بالعارض فحذف همزة الوصل كما تقدم في بابه لورش قوله : (واعكس) أي واعكس الترجمة المذكورة فضم الياء وافتح الجيم ، يعني أن نافعا وحفصا قرآ قوله تعالى : « وإليه يرجع الأمر كله » في آخر هود بعكس الترجمة : أي بضم الياء وفتح الجيم عكس الترجمة المذكورة المتقدمة ، والباقون بفتح الياء وكسر الجيم وهم ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وابن عامر وشعبة وحمزة والكسائي وخلف وأبو جعفر ، وفعل بالأمر في النقل كما فعل بالأمور قوله : (وسكن الخ) أي سكن الهاء من هو وهي الواقعة بعد الفاء والواو واللام كما سيأتي في البيت الآتي الكسائي وأبو جعفر وقالون وأبو عمرو نحو « وهو بكل شيء عليم ، فهو خير لكم ، وهي تجري بهم ، فهي خاوية ، لهى الحيوان » وذلك لأن اتصال هذه الحروف بها صيرت الكلمة مشبهة لفظ عضد وكتف فسكنت تخفيفا والباقون بضم الهاء من هو وكسرها من هي على الأصل ،

١٧٠

ولم يحتج إلى تقييد قراءة الباقين ضم هذه فلما لفظ بذلك لم يحتج إلى تقييد قراءة الباقين بضم هو وكسر هي ، لأنه تلفظ بالهاء من مضمومة ومن هي مكسورة فعلم ذلك من لفظه كأنه قال سكن ضم هذه وكسر هذه فلما لفظ به لم يحتج إلى بيان قراءة الباقين.

واو ولام (ر)د (ثـ)ـنا (بـ)ـل (حـ)ـزو (ر)م

ثمّ هو والخلف يملّ هو وثم

أي وواو ولام فحذف واو العطف للعلم بها وذلك شائع جائز قوله : (رد) أي اقصد ، والمعنى اطلب الثناء الحسن ، ثم أضرب عن ذلك فقال بل املكه لتذكر به ، وفي المثل : الثنا خير من الغنا قوله : (ورم الخ) أي وسكن الكسائي الهاء من قوله تعالى : (ثم هو يوم القيامة) في القصص حملا لثم على هذه الأحرف لمشاركتها لهل في الحرفية وللواو والفاء في العطفية قوله : (والخلف) أي واختلف في إسكان الهاء من قوله تعالى : (أن يمل هو) في آخر البقرة وثم هو أيضا عن أبي جعفر وقالون كما ذكر في البيت الآتي ، ووجه إسكان يمل هو إلحاقه بنظائره وتشبيه لامه بلام لهو تخفيفا قوله : (وثم) أي وثم هو ، فاكتفى بما تقدم.

(ثـ)ـبت (بـ)ـدا وكسرتا الملائكة

قبل اسجدوا اضمم (ثـ)ـق والاشمام (خـ)ـفت

يشير إلى ثبوت ذلك وظهوره قوله : (وكسرتا الملائكة) نصب على أنه مفعول اضمم ؛ والمعنى أن أبا جعفر قرأ « للملائكة اسجدوا » بضم التاء المكسورة للباقين على الإتباع استثقالا للانتقال من الكسرة إلى الضمة وإجراء للكسرة اللازمة مجرى العارضة. واختلف عن عيسى فيه ؛ فروى جماعة عنه الضم ، وروى هبة الله وغيره عنه إشمام كسرتها الضم تنبيها على أن الهمزة المحذوفة التي هي همزة الوصل مضمومة حال الابتداء وذلك حيث أتى في كل القرآن ، وقصرتا الملائكة ضرورة أو على نية الوقف قوله : (ثق) بهذه القراءة ولا يعتبر قول من ضعفها ، كيف وهي قراءة نقلت إلينا عن الصحابة؟.

خلفا بكلّ وأزال في أزل

(فـ)ـوز وآدم انتصاب الرّفع (د)ل

خلفا تمييز ، أي من خلف وقع في قراءة الضم أو مفعول له لأجل ذلك ،

١٧١

يشير إلى أن إشمام الضم غير متفق على قبوله قوله : (بكل) أي القرآن ، يعني حيث قوله : (وأزال) يعني وقرأ حمزة (فأزالهما الشيطان) من الإزالة : وهي التنحية ، والباقون فأزلّ من الإزلال وهي بمعناه : أي أوقعهما في الزلة وهي الخطيئة ؛ والمعنى أنه قرأ أزال في لفظ أزل فاستغنى باللفظ عن القيد لوضوحه قوله : (آدم من ربه) أي وقرأ ابن كثير آدم بنصب الرفع ، يعني من قوله تعالى (فتلقى آدم من ربه كلمات) ولم يحتج تقييده للترتيب ، والباقون بالرفع على أنه فاعل ، وكلمات مفعول كما سيأتي في البيت بعده قوله : (دل) الدل : الوقار وحسن السمت والشمائل ، ويجوز أن يكون فعلا من الدلالة على الطريق وغيره.

وكلمات رفع كسر (د)رهم

لا خوف نوّن رافعا لا الحضرمي

أي وقرأ كلمات ، يعني قوله تعالى (من ربه كلمات) برفع ، كسر التاء ابن كثير على أنه فاعل ، والباقون بعكس ذلك ، آدم بالرفع على الفاعلية ، وكلمات بالنصب على أنه مفعول وعلامة نصبه كسر آخره والمعنى واحد لأن من تلقيته فقد تلقاك قوله : (درهم) هو بكسر الدال وفتح الهاء وكسرها لغة وهو معروف فارسي معرب قوله : (لا خوف) يعني وقرأ (لا خوف عليهم) وما جاء منه نحو (لا خوف عليكم) حيث وقع بالرفع مع التنوين غير الحضرمي وهو يعقوب فإنه يقرأ بالنصب وهو الفتح من غير تنوين ، ووجه قراءة الجماعة إعمال لا عمل ليس ، ووجه يعقوب التبرئة ، وهو أشد نفيا من ليس ، لأنك إذا قلت لا رجل في الدار ، فالمعنى لا فيها رجل بحال لا واحد ولا أكثر منه أيضا ، فقوله (لا صريخ لهم ولا هم ينقذون) لا خلاف في نصبه وإن كان بعده معطوفا عليه موضعه رفع.

رفث لا فسوق (ثـ)ـق (حقّا ولا

جدال (ثـ)ـبت بيع خلّة ... ولا

أي وقرأ (فلا رفث ولا فسوق) بالرفع والتنوين فيهما أبو جعفر وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب قوله : (ولا جدال) أي كذلك أبو جعفر والباقون بفتح الثلاثة ، فلا تبرئة ، والمبنى معها في موضع مبتدأ والخبر خبر عنه في موضع رفع ، ولا عاملة في المبنى فهو في موضع نصب ، ومذهب الأخفش أن لا عاملة عمل إن فالمبنى اسمها والخبر خبرها في موضع رفع ، وقراءة رفع الثالث على الابتداء والخبر في الحج ، وأن لا عملت عمل ليس ومن رفع الأولين وفتح الثالث فعلى

١٧٢

مذهب سيبويه يكون في الحج خبرا عن الثلاثة عطف مبتدأ على مبتدأ ، وعلى مذهب الأخفش في الحج خبر عن الأولين ويكون (ولا جدال) إخبارا محضا : أي قد ارتفع المراء في زمن الحج وفي مواقفه بعد أن كان الخلاف بين العرب ووقوف بعضهم بعرفة وبمزدلفة ، وشهد لذلك حديث (من حج فلم يرفث ولم يفسق) (١) وما ذكر الجدال قوله : (ثبت) إشارة إلى قوة قراءته قوله : (بيع) أي وقرأ (لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة) في البقرة (ولا بيع ولا خلال) في إبراهيم و (لا لغو فيها ولا تأثيم) في الطور كما سيأتي في البيت الآتي نافع وأبو جعفر وابن عامر والكوفيون قوله : (في آخر البيت ولا) هو حكاية ما وقع في القرآن.

شفاعة لا بيع لا خلال لا

تأثيم لا لغو (مدا كنز)ولا

قوله : (ولا) يعني قوله تعالى (ولا تقبل) الآية في البيت الآتي ، وأتى به لفصل الواو وللربط زيادة في البيان.

يقبل أنث (حقّ)واعدنا اقصرا

مع طه الاعراف (حـ)ـلا (ظـ)ـلم (ثـ)ـرا

يعني (ولا تقبل منها شفاعة) وهو هذا الموضع دون الذي أثناء السورة فإنه لا خلاف فيه ، ولم يحتج إلى تقييده بالأولى ؛ لأن قاعدة الفرش إذا أطلق ذكر حرف وفي السورة مثله فالمراد الأول ولا يدخل الثاني إلا بدليل ، فقرأ أبو عمرو وابن كثير ويعقوب (تقبل منها شفاعة) بالتأنيث ، والباقون بالتذكير على التأنيث غير حقيقي ولأن وقع بينهما فاصل ؛ ووجه التأنيث ظاهر ، لأن الشفاعة مؤنثة ، وسيأتي كثير من ذلك اختلف فيه قوله : (واعدنا) أي وقرأ وعدنا بالقصر وهو حذف الألف بعد الواو هنا ، يعني قوله تعالى (وإذ وعدنا موسى أربعين ليلة) وفي طه (ووعدناكم جانب الطور الأيمن) وفي الأعراف (ووعدنا موس ثلاثين ليلة) أبو عمرو ويعقوب وأبو جعفر لأن الله تعالى هو المنفرد بالوعد لموسى على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام ، وقرأ الباقون وأعدنا في الثلاثة بالألف مدا لأن المفاعلة قد تكون من الواحد نحو عاقبت اللص فالقراءتان بمعنى ، أو أن قبول الوعد من موسى عليه‌السلام والتحري لإنجازه والوفاء به قام مقام الوعد وتلفظ

__________________

(١) رواه البخاري عن أبي هريرة رضي‌الله‌عنه ورقمه / ٧٣٢ /.

١٧٣

الناظم بقراءة الباقين ، وقيد قراءة المرموز لهم بالقصر ليزول ما استشكل على غيره من إبهام أن تكون الألف أوّلا أو آخرا ، ونص على الثلاثة في موضعهما ليخرج (أفمن وعدناه) في القصص (أو نرينك الذي وعدناهم) في الزخرف قوله : (حلا) من الحلاوة ، والظلم : الماء الجاري من الثغر ، وقيل رقة الأسنان وبياضها قوله : (ثرى) أي كثر ، يقال ثرى القوم يثرون إذا كثروا أو كثرت أموالهم.

بارئكم يأمركم ينصركم

يأمرهم تأمرهم يشعركم

أي وقرأ (بارئكم) في الموضعين هنا (ويأمركم) حيث أتى ، وكذا « ينصركم ، ويأمرهم ، وتأمرهم ، ويشعركم » بالإسكان والاختلاس أبو عمرو ، والاختلاس : هو إخفاء الحركة : قال بعض أئمتنا بحيث أن يكون ما يترك من الحركة أقل مما يأتي به حتى حدّه بعضهم ، فقال : هو أن تأتي بثلثي الحركة. واختلف عن الدورى عنه ، فروى عنه جماعة الإتمام كما سيأتي ، وبه قرأ الباقون ، ووجه الإسكان التخفيف ، وأجرى المنفصل مجرى المتصل نحو : إبل وعضد وعنق ، ووجه الاختلاس التخفيف مع مراعاة الأمرين ، وظهرت قراءة الباقين من تلفظه بها ولم يرد ما ورد على غيره.

سكّن أو اختلس (حـ)ـلا والخلف (طـ)ـب

يغفر (مدا)أنّث هنا (كـ)ـم و(ظـ)ـرب

قوله : (يغفر) يعني قوله تعالى (يغفر لكم خطاياكم) هنا ، قرأه على التذكير كما لفظ به نافع وأبو جعفر واستغنى فيه باللفظ عن القيد كما قرره في الخطبة حيث قال : وأطلق رفعا وتذكيرا وغيبا حققا ، وهذا أول موضع وقع له من ذلك ، وقرأه بالتأنيث ابن عامر كما قيده ، وكذا قرأ حرف الأعراف أي بالتأنيث يعقوب ونافع وأبو جعفر وابن عامر ، وهذا معنى قوله : وظرب عم بالأعراف ، والباقون بالنون كما سيأتي في البيت بعده.

(عمّ)بالأعراف ونون الغير لا

تضمّ واكسر فاءهم وأبدلا

قوله : (ونون الغير) أي غير من ذكره في البيت السابق وهذا البيت ، وهم نافع وأبو جعفر وابن عامر في البقرة ويعقوب ، ونافع وأبو جعفر وابن عامر في حرف الأعراف ، وقوله لا تضم : أي بفتح النون مع كسر الفاء ويصير الباقون بضم ياء التذكير وتاء التأنيث في البقرة وبضم تاء التأنيث في الأعراف مع فتح الفاء

١٧٤

فيهما الذي هو ضد الكسر ، والنون هنا ليس لها مفهوم ، إذ قد قدم التذكير والتأنيث لمن ذكر ، وأضاف النون للغير والفاء للقراء للملابسة قوله : (وأبدلا) أي الواو في قوله وأبدلا فاصلة : أي وقرأ حفص « هزوا » حيث وقع ، و « كفوا » في الإخلاص بإبدال الهمزة واوا لوقوعها مفتوحة بعد ضم كما علم في باب حمزة فلذلك لم يحتج إلى بيانه هنا ، ووجه ذلك التخفيف.

(عـ)ـد هزؤا مع كفؤا هزؤا سكن

ضمّ (فتى)كفؤا (فتى)(ظـ)ـنّ الأذن

قوله : (سكن) أي قرأ حمزة وخلف بإسكان ضم الزاي ، وقرأ حمزة وخلف ويعقوب « كفؤا » بإسكان الفاء ، ووجه ذلك التخفيف كما سيأتي في سائر باب فعل مما سيأتي ما وقع منه ، والباقون بالضم على أصله قوله : (الأذن) عطف على سكون الضم ، يعني قوله تعالى (والأذن بالأذن) في المائدة ، قرأه بالإسكان نافع كما سيأتي في البيت بعده.

أذن (ا)تل والسّحت (ا)تل (نـ)ـل (فتى) (كـ)ـسا

والقدس نكر (د)م وثلثى (لـ)ـبسا

أي كيف جاء يريد نحو قوله تعالى (أذن قل أذن خير ، كأنّ في أذنيه وقرأ) بإسكان الذال فيه نافع قوله : (والسحت) أي وكذاك سكن الحاء من السحت وللسحت نافع وعاصم وحمزة وخلف وابن عامر قوله : (والقدس) : أي سكن الدال من القدس حيث وقع والكاف من نكر ، يعني قوله تعالى في القمر (إلى شيء نكر) ابن كثير ، وسكن اللام من « ثلثي » في المزمل هشام قوله : (دم) من الدوام على وجه الدعاء بالبقاء قوله : (لبسا) من اللبس : وهو اختلاط الظلام ، ويقال لبست عليه الأمر : إذا خلطته.

عقبا (نـ)ـهى (فتى)وعربا (فـ)ـي (صفا)

خطوات(إ)ذ (هـ)ـد خلف (صـ)ـف (فتى)(حـ)ـفا

وسكن القاف من عقبا وهو في الكهف عاصم وحمزة وخلف ، وسكن الراء من « عربا » في الواقعة حمزة وشعبة وخلف ، وسكن الطاء من « خطوات » حيث وقع نافع والبزى بخلاف عنه ، وشعبه وحمزة وخلف وأبو عمرو قوله : (نهى)

١٧٥

جمع نهية : وهو العقل قوله : (صفا) أي في عيش صاف. إشارة إلى قوله تعالى (عربا أترابا).

قوله : (حفا) أي بالغ واستقصى ، والحفّى : الذي يعلم الشيء باستقصاء وتحقيق ، ومنه المحافة : إذا غلب.

ورسلنا مع هم وكم وسبلنا

(حـ)ـز جرف (لـ)ـى الخلف (صـ)ـف (فـ)ـتى (مـ)ـنا

يعني وسكن السين من « رسلنا ، ورسلهم ، ورسلكم » حيث أتى ، والباء من (سبلنا) أبو عمرو ، وسكن الراء من (جرف هار) في التوبة هشام بخلاف عنه ، وشعبة وحمزة وخلف وابن ذكوان قوله : (منا) أي قصد.

والأكل أكل (إ)ذ (د)نا وأكلها

شغل(أ)تى (حبر)وخشب (حـ)ـط (ر)ها

أي وسكن الكاف من « الأكل ، وأكل » حيث جاء نافع وابن كثير وسكن الكاف أيضا من (أكلها) والغين من (شغل) نافع وابن كثير وأبو عمرو ، وسكن الشين من (خشب) وهو في المنافقون أبو عمرو والكسائي وقنبل بخلاف عنه كما ذكره أول البيت الآتى قوله : (رها) هو بالضم والفتح ، فبالضم : حي من العرب ، يقال له مذحج ، وبالفتح : الأرض الواسعة ، وهو مدود قصر للوقف.

(ز)د خلف نذرا (حـ)ـفظ (صحب)واعكسا

رعب الرّعب (ر)م (كـ)ـم (ثوى) رحما (كسا)

أي وسكن الذال من « نذرا » وهو في المرسلات أبو عمرو وحمزة والكسائي وخلف وحفص ، وإلى هنا الكل معطوف على إسكان الضم والباقون في هذه الأحرف كلها بضم العين من ذلك ، وهما لغتان فصيحتان قوله : (واعكسا) أي واجعل ضد هذه الترجمة ، والعكس يستعمل بمعنى الضد ، ومنه قولهم : هذا يعاكس فلانا : أي يضاده كما سيأتي كثيرا حيث يحتاج إليه كما فعل الشاطبي رحمه الله تعالى ؛ والمعنى اعكس هذه الترجمة فضم الساكن من عين الفعل من المواضع الآتية وهي « رعب ، والرعب » حيث جاء ضم العين منه الكسائي وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب قوله : (رحما) أي وضم الحاء من « رحما » في الكهف ابن عامر وأبو جعفر ويعقوب كما سيأتي في البيت بعده.

١٧٦

(ثوى)وجزءا (صـ)ـف وعذرا أو (شـ)ـرط

وكيف عسر اليسر (ثـ)ـق وخلف (خـ)ـط

أي وضم الزاي من « جزءا ، وجزء » شعبة وضم الذال من (عذرا) وهو في المرسلات روح ، وقيدها بأو احترازا من (قد بلغت من لدني عذرا) في الكهف فإنه لا خلاف في إسكانه وضم السين من العسر واليسر كيف جاء نحو « ذو عسرة ، والعسر ، واليسر » أبو جعفر ولكن اختلف عن عيسى عنه في حرف الذاريات ، يعني قوله تعالى (فالجاريات يسرا) وإلى ذلك أشار بقوله : وخلف خط بالذرو كما في أول البيت الآتي قوله : (أو شرط) يقال شرط عليه كذا وانشرط واشترط ، والشرط أيضا بالتحريك : العلامة ، فعلى هذا يجوز أن يكون فعلا كما تقدم من الشرط وهو الالتزام ، وأن يكون اسما بمعنى العلامة قوله : (ثق) من الوثوق قوله : (خط) الخط واحد الخطوط ، والخط خط الزاجر ، وهو أن يخط بإصبعه في الرمل.

بالذر وسحقا (ذ)ق وخلفا (ر)م (خـ)ـلا

قربة (جـ)ـد نكرا (ثوى) (صـ)ـن (إ)ذ (مـ)ـلا

أي ضم الحاء من سحقا في الملك ابن جماز ، واختلف عن الكسائي وعيسى ، وضم الراء من « قربة » في التوبة ورش من طريقيه ، لأنه وقع في الفرش ، وهو أول ما وقع له فيه ، وضم الكاف من « نكرا » وهو في الكهف والطلاق أبو جعفر ويعقوب وشعبة ونافع وابن ذكوان ، والباقون في ذلك كله بالإسكان ، وهو آخر ما وقع من باب فعل والملحق به ، وإنما ساقه الناظم في موضع واحد رعاية للاختصار وعونا على الاستحضار ، والضم والإسكان في ذلك كله لغتان كما قدمنا. قال ابن مقسم : التثقيل لغة أهل الحجاز والتخفيف لغة أهل نجد. وقال غيره من الأئمة : كل ما كان على وزن فعل وكان جمعا فالضم فيه أكثر والتخفيف فيه جائز ، وما كان اسما فالتخفيف أكثر والضم فيه جائز ، وربما حسن الضم في بعضه لعلة ، وحسن التخفيف في بعضه لعلة قوله : (ملا) من الملى ، يقال ملأ الإناء وغيره ، ورجل ملآن من العلم ومملوء : أي امتلأ منه.

ما يعملون (د)م وثان (إ)ذ (صفا)

(ظـ)ـلّ (د)نا باب الأماني خفّقا

يريد قوله تعالى (وما الله بغافل عما تعملون ، أفتطمعون) وهو الأول قرأه

١٧٧

على الغيب كما لفظ به ابن كثير (١) ، وهذا أول موضع من الغيب الذي إطلاقه قيد كما تقدم في الخطبة ، ووجه الغيب حمله على ما قبله نحو (فذبحوها وما كادوا يفعلون) وعلى ما بعده نحو (أن يؤمنوا لكم) ووجه الخطاب حمله على (وإذ قتلتم نفسا فادّارأتم فيها) ونحو ذلك إلى قوله (ثم قست قلوبكم) ، (وثان) أي وقرأ الموضع الثاني من يعملون ، يعني قوله تعالى (عما يعملون أولئك الذين) وهو الثاني من هذه السورة بالغيب نافع وشعبة وخلف ويعقوب وابن كثير حملا على ما قبله نحو (ويوم القيامة يردون) وعلى ما بعده نحو (أولئك الذين اشتروا) والباقون بالخطاب حملا على ما بعده وما قبله كما تقدم في الأول ، وفي الثاني على قوله (وإذا أخذنا ميثاقكم) وغيره قوله : (باب الأماني) أي كل ما جاء منه ، يعني (إلا أمانيّ ، وأمانيهم ، وليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب ، وفي أمنيته) قرأ بتخفيف الياء أبو جعفر حيث وقع ، والباقون بالتشديد وهما لغتان.

أمنيّته والرّفع والجرّ اسكنا

(ثـ)ـبت خطيئاته جمع (إ)ذ (ثـ)ـنا

يعني إذا وقعت من ذلك مرفوعة أو مجرورة فإنها تسكن لا أنه يصير منقوصا فلا يظهر فيه علامة رفع ولا جر ووصل همزة أسكنا للضرورة « خطيآته » بالجمع ، يعني قوله تعالى (وأحاطت به خطيئته) نافع وأبو جعفر ، ووجهه أن الذنوب كثيرة متعددة ، والباقون بالإفراد ، ووجهه أن التوحيد يفيد معنى الجمع كقوله (وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها) ، قوله : (ثنا) أي طوى وعطف وجمع وهو الأنسب هنا ، لأن القراءة بالجمع.

لا يعبدون (د)م (رضى)وخفّفا

تظّاهرون مع تحريم (كفا)

يعني قوله تعالى (لا يعبدون إلا الله) قرأه بالغيب كما لفظ به ابن كثير وحمزة والكسائي ، لأنه محمول على ما قبله وهو (ميثاق بني إسرائيل) والباقون بالخطاب ، لأن بعده (وقولوا للناس حسنا) وهو حكاية الخطاب نحو قولك قلت لزيد لا تضرب عمرا ، ويجوز فيه الخطاب والغيب ، وقرأ (تظاهرون عليهم) بتخفيف الظاء وكذا في التحريم (وإن تظّاهرا عليه) الكوفيون ، والباقون بالتشديد ،

__________________

(١) أي « يعملون ، أفيطمعون ».

١٧٨

ووجههما ظاهر ، فمن شدد فأصله عندهم تتظاهرون فأدغم الثانية في الظاء ، ومن خفف حذف إحداهما ولذلك نظائر كثيرة تأتي ، واختلف في أيهما المحذوفة ، فذهب سيبويه وغيره إلى أنها الثانية ، فإن الثقل حصل بها ؛ ولأن الأولى تدل على المضارعة ، وذهب الكوفيون إلى أنها الأولى ؛ لأنها زائدة.

حسنا فضمّ أسكن (نـ)ـهى (حـ)ـز عمّ (د)ل

أسرى (فـ)ـشا تفدو تفادو (ر)د (ظـ)ـلل

يعني قوله تعالى (وقولوا للناس حسنا) قرأه بضم الحاء وإسكان السين عاصم وأبو عمرو ونافع وأبو جعفر وابن عامر وابن كثير ، والباقون وهم حمزة والكسائي وخلف ويعقوب بفتح الحاء ضد الضم وفتح السين لأن المفهوم من ضد الإسكان التحريك ، والتحريك المطلق : هو الفتح ، وهما بمعنى « كالرشد ، والرشد ، والبخل والبخل » ، قوله : (أسرى فشا) أي قرأ حمزة (وإن يأتوكم أسرى) بفتح الهمزة وإسكان السين كما لفظ به ، وهو على أصله في الإمالة ، والباقون أسارى ، وهم على أصلهم في الفتح والإمالة وبين اللفظين ، ولم يحتج إلى تقييد قراءة الباقين لوضوحها ، وأسرى جمع أسير كقتلى وقتيل وأسارى كذلك ، وقيل جمع أسرى قوله : (تفدوا) أي قرأ « تفدوهم » تفادوهم من باب المفاعلة الكسائي ويعقوب وعاصم والمدنيان كما سيأتي أول البيت الآتي ، وفداه وفاداه واحد ، وفشا : أي ظهر وانتشر قوله : (ظلل) جمع ظلة ، وقال الله تعالى (في ظلل على الأرائك).

(نـ)ـال (مدا)ينزل كلاّ خفّ (حق)

لا الحجر والإنعام أن ينزل (د)ق

أي كل ما ورد من لفظ ينزل الذي هو على هذه الصورة ، وهو أن يكون أوله ياء أو تاء أو نونا مضمومة نحو (أن ينزّل الله ، وأن تنزّل عليهم ، وننزّل من القرآن) قرأه بالتخفيف ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب إلا مواضع يذكرها ، والتخفيف والتشديد في ذلك كله لغتان ، وقيل في التشديد دلالة على التكثير والتكرير ، فإن بناء فعل يكون غالبا كذلك قوله : (لا الحجر) أي غير الحرف الذي في الحجر يريد قوله تعالى (وما ننزله إلا بقدر معلوم) فإنه لا خلاف في تشديده ، لأن الآية تدل على تنزيل شيء بعد شيء من قوله (وإن مّن شيء) وهو حرف تبعيض ، وقوله (إلا عندنا خزائنه) دليل على التكثير ، وقوله تعالى (إلا بقدر

١٧٩

معلوم) وهو أيضا يدل على نزول الشيء بعد الشيء قوله : (والأنعام) أي والحرف الذي في الأنعام وهو قوله تعالى (أن ينزل آية) خففه ابن كثير وحده ، وإنما خالف أبو عمرو ويعقوب أصلهما فيه لأنه جواب قوله (لو لا نزّل عليه آية من ربه) ، قوله : (في آخر البيت دق) أي لطف ، لأنه جاء مناسبا لما قبله.

الاسرى (حما) والنّحل الاخرى (حـ)ـز (د)فا

والغيث مع منزلها (حقّ)(شفا)

يعني والحرفين اللذين في الإسراء وهما (وننزل من القرآن ، وحتى تنزل علينا كتابا) خففهما أبو عمرو ويعقوب ، وخالف ابن كثير أصله فيهما لقوله (ونزّلناه تنزيلا) ، قوله : (والنحل الأخرى) يعني الذي وقع آخرا في النحل وهو (والله أعلم بما ينزل) خففه ابن كثير وأبو عمرو ، وإنما خالف يعقوب أصله لمجاورة قوله تعالى (قل نزّله روح القدس) قوله : (والغيث مع منزلها) أي وخفف ينزل الذي بعده الغيث ، يريد قوله تعالى (وينزل الغيث) في لقمان والشورى ، و « منزلها » في آخر المائدة ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وحمزة والكسائي وخلف ، وإنما خالف حمزة والكسائي وخلف فيه أصلهم لقوله تعالى في غير موضع (أنزل من السماء ، وأنزلنا من السماء) ولقوله في منزلها (ربنا أنزلنا علينا مائدة) قوله : (دفا) هو من السخونة : أي تلفف ، كنى به عن الفطنة : وهي الذكاء والفهم.

ويعملون قل خطاب (ظـ)ـهرا

جبريل فتح الجيم (د)م وهي ورا

يعني وقرأ (يعملون) الذي بعده (قل من كان عدوا) بالتاء على الخطاب يعقوب ، وتقييده بقل احترازا من قوله بعده (إن الله بما تعملون بصير ، وقالوا لن يدخل الجنة) فإنه لا خلاف في أنه بالخطاب وتنبيها على وجه الخطاب وزيادة بيان ، وإلا فالترتيب كاف ومانع أن يدخل غيره على القاعدة ، ووجه الخطاب مناسبة قوله تعالى (قل إن كانت لكم الدار الآخرة ، قل من كان عدوا لجبريل) فكأنه قال قل لهم يا محمد ، ووجه الغيب حمله على قوله تعالى (ولتجدنهم أحرص الناس على حياة) قوله : (ظهرا) أي وجهه وإن كان مما انفرد به يعقوب ، لأنه محمول على قل كما بيناه والله أعلم قوله : (جبريل الخ) أي قرأ ابن كثير جبريل بفتح الجيم هذه في الموضعين وفي التحريم ، وبفتح الجيم والراء مع زيادة

١٨٠