شرح طيّبة النّشر في القراءات العشر

شهاب الدين أبي بكر بن أحمد بن محمّد بن محمّد ابن الجزري الدمشقي

شرح طيّبة النّشر في القراءات العشر

المؤلف:

شهاب الدين أبي بكر بن أحمد بن محمّد بن محمّد ابن الجزري الدمشقي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٤

تعلنون) ثم أراد أن نافعا كسر النون من قوله تعالى (تشاقون فيهم) وفتحها الباقون.

ويتوفّاهم معا (فتى)وضم

وفتح يهدي (كـ)ـم (سما)تروا (فـ)ـعم

يريد قوله تعالى (تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ، وتتوفاهم الملائكة طيبين) قرأه بالتذكير حمزة وخلف ، والباقون بالتأنيث ، ثم أراد أن ابن عامر والمدنيين والبصريين وابن كثير ضموا الياء وفتحوا الدال من قوله تعالى (فإن الله لا يهدى من يضل) على ما لم يسم فاعله ، والباقون بفتح الياء وكسر الدال على ما سمي فاعله قوله : (تروا) يريد قوله تعالى (أو لم تروا إلى ما خلق الله من شيء) قرأه بالخطاب حمزة والكسائي وخلف كما في البيت الآتي ، والباقون بالغيب.

(روى)الخطاب والأخير (كـ)ـم (ظـ)ـرف

(فتى)تروا كيف (شفا)والخلف (صـ)ـف

يريد قوله تعالى (ألم تروا إلى الطير) قرأه بالخطاب ابن عامر ويعقوب وحمزة وخلف حملا على قوله (وإن ربكم لرؤوف رحيم ، والله أخرجكم) الآية ، والباقون بالغيب فيهما حملا على (أو يأخذهم على تخوّف) وسابقه (ويعبدون من دون الله) قوله : (تروا) أي قرأ حمزة والكسائي وخلف وأبو بكر بخلاف عنه (أو لم تروا كيف يبدىء الله الخلق) في العنكبوت بالخطاب المراعاة خطاب إبراهيم لهم في قوله (أعبدوا الله واتقوه) والباقون بالغيب لمراعاة (فقد كذب أمم).

ويتفيّؤا سوى البصري ورا

مفرّطون اكسر (مدا)واشدد (ثـ)ـرا

أي قرأ القراء العشرة (يتفيؤا ظلاله) بالتذكير ما عدا البصريين ، فقرأ بالتأنيث ورا : أي كسر الراء من قوله تعالى (وأنهم مفرطون) المدنيان على أنه اسم فاعل ، من أفرط في المعصية : إذا بالغ فيها ، والباقون بفتحها اسم مفعول ، من أفرطت الرجل : إذا قدمته لطلب الماء قوله : (واشدد) أي شدد الراء أبو جعفر وكسرها اسم فاعل من فرط بالتشديد.

ونون نسقيكم معا أنّث (ثـ)ـنا

وضمّ (صحب حبر)يجحدوا (غـ)ـنا

يريد قوله تعالى (نسقيكم) هنا وفي المؤمنين ، قرأه بتأنيث النون أبو جعفر على إسناد الفعل إلى الأنعام ، والباقون بالنون على إسناده للمعظم ، وضم النون

٢٦١

منه حمزة والكسائي وخلف وحفص وابن كثير وأبو عمرو ، وفتحها الباقون على جعله مضارع أسقى أو سقى ، قوله : (ويجحدوا) أي قرأ رويس وأبو بكر (أفبنعمة الله يحجدون) بالخطاب كما في أول البيت الآتي حملا على (والله فضل بعضكم) والباقون بالغيب حملا على (والذين فضلوا).

(صـ)ـبا الخطاب ظعنكم حرّك (سما)

ليجزينّ النّون (كـ)ـم خلف (نـ)ـما

أي قرأ المدنيان والبصريان وابن كثير (يوم ظعنكم) بتحريك العين الذي هو الفتح ، والباقون بإسكانها وهما لغتان قوله : (ليجزين الذين صبروا) قرأه بالنون ابن عامر بخلاف عنه وعاصم وابن كثير وأبو جعفر المرموز لهما في أول البيت الآتي بعد ، والباقون بالياء ، فوجه النون الالتفات إلى نون العظمة ، ووجه الياء حمله على قوله تعالى (وما عند الله باق).

(د)م (ثـ)ـق وضمّ فتنوا واكسر سوى

شام وضيق كسرها معا (د)وى

أراد أن القراء العشرة ضموا الفاء وكسروا التاء من قوله تعالى : (من بعد ما فتنوا) سوى ابن عامر فإنه بفتح الفاء والتاء ، فوجه الضم والكسر بناؤه للمفعول ، والمراد من فتنهم المشركون ، ووجه بنائه للفاعل أن تكون الآية نزلت فيمن فتن الناس ثم أسلم قوله : (ضيق) أي كسر الضاد من ضيق هنا وفي النمل ابن كثير ، وفتحها الباقون وهما لغتان في مصدر ضاق (١).

سورة الإسراء

يتّخذوا حلا يسوء فاضمما

همزا وأشبع (عـ)ـن (سما)النّون (ر)مى

يريد قوله تعالى (أن لا يتخذوا) بالغيب كلفظه ، قرأه أبو عمرو حملا على بني إسرائيل ، والباقون بالخطاب حكاية لما في الكتاب قوله : (يسوء فاضمما) أي قرأ حفص والمدنيان والبصريان وابن كثير (ليسئو وجوهكم) بضم الهمزة وإثبات واو بعدها ، والباقون بفتحها مع حذف الواو ، وقرأ الكسائي بالنون ، والباقون بالياء ، فالنون مع فتح الهمزة للكسائي والياء وهمزة مضمومة بعدها واو الجمع

__________________

(١) أي مصدر الفعل ضاق هو ضيق بفتح الضاد « ضيق » وكسرها « ضيق » وكل منهما صحيح والله أعلم.

٢٦٢

للمدنيين وابن كثير وأبي عمرو وحفص ، والياء وفتح الهمزة لابن عامر وأبي بكر وحمزة وخلف ؛ فوجه الياء والواو بعد الهمزة إسناده إلى ضمير العباد في قوله تعالى (عبادا لنا) ووجه النون إسناد إلى نون العظمة ، ووجه قراءة الباقين ضمير الفاعل البادي.

ونخرج الياء (ثوى)وفتح ضم

وضمّ راء (ظـ)ـنّ فتحها (ثـ)ـكم

أي قرأ أبو جعفر ويعقوب (ويخرج له) بالياء ، ثم اختلفا ؛ ففتح يعقوب الياء وضم الراء ، وعكس أبو جعفر فضم الياء وفتح الراء على البناء للمفعول ، والأولى أن يكون كتابا حالا : أي ويخرج الطائر كتابا بالنون مضمومة وكسر الراء ، ولا خلاف في نصب كتابا.

يلقا اضمم اشدد (كـ)ـم (ثـ)ـنا مدّ (أمـ)ـر

(ظـ)ـهر ويبلغانّ مدّ وكسر

يعني قرأ قوله تعالى (يلقّاه منشورا) بضم الياء وتشديد القاف ابن عامر وأبو جعفر من الثلاثي المضعف المبني للمفعول ، والباقون بفتح الياء وسكون اللام وتخفيف القاف من الثلاثي المبني للفاعل قوله : (مد أمر) أي قرأ يعقوب (أمرنا مترفيها) بمد الهمزة من باب فاعل الرباعي ، والباقون بالقصر من فعل الثلاثي قوله : (ويبلغن) أي قرأ قوله تعالى (إما يبلغن) بألف ممدودة بعد الغين وكسر النون على التثنية (١) حمزة والكسائي وخلف كما في أول البيت الآتي بعد ، والباقون بغير ألف ، وفتح النون توحيدا.

(شفا)وحيث أفّ (عـ)ـن (مدا)

وفتح فائه (د)نا (ظـ)ـلّ (كـ)ـدا

أراد بقوله : وحيث أف أن حفصا والمدنيين نونوا الفاء من « أفّ » حيث أتت وذلك هنا والأنبياء والأحقاف ، وفتحها ابن كثير ويعقوب وابن عامر ؛ فالمدنيان وحفص بالكسر والتنوين ، وابن كثير ويعقوب وابن عامر بالفتح وترك التنوين ، والباقون بالكسر من غير تنوين وكلها لغات.

وفتح خطئا (مـ)ـن (لـ)ـه الخلف (ثـ)ـرا

حرّك لهم والمكّ والمدّ (د)رى

أي فتح الخاء من « خطأ » ابن ذكوان وهشام بخلاف عنه ، وأبو جعفر

__________________

(١) أي « يبلغان ».

٢٦٣

والباقون بكسرها ، وحرك الطاء الثلاثة وابن كثير المكي ، وأثبت بعدها ألفا ممدودة ؛ فابن كثير بكسر الخاء وفتح الطاء وألف بعدها ، وابن ذكوان وهشام من أحد وجهيه وأبو جعفر بفتحهما من غير ألف ، والباقون بكسر الخاء وإسكان الطاء بلا ألف.

يسرف (شفا)خاطب وقسطاس اكسر

ضمّا معا (صحب)وضمّ ذكر

يعني قرأ قوله تعالى (فلا تسرف) بالخطاب حمزة والكسائي وخلف حملا على خطاب الإنسان ، والباقون بالغيب حملا على لفظ الإنسان قوله : (وقسطاس) أي قرأ حمزة والكسائي وخلف وحفص بكسر القاف من قوله تعالى (وزنوا بالقسطاس) هنا والشعراء ، والباقون بضمها وهما لغتان قوله : (وضم ذكر) أي ضم وذكر (سيئة) كما سيأتي في أول البيت الآتي بعده.

سيّة ولا تنوّن (كـ)ـم (كفى)

ليذكروا اضمم خفّفن معا (شفا)

أراد أن ابن عامر والكوفيين قرءوا قوله تعالى (سيئة) بضم الهمزة والهاء والتذكير وترك التنوين ، والباقون بفتح الهمزة وتاء تأنيث ؛ فوجه قراءة الكوفيين وابن عامر جعل ذلك إشارة إلى جميع ما تقدم ، ووجه الأخرى الإشارة بذلك إلى المنهى عنه فقط قوله : (ليذكروا) يريد أنه قرأ قوله تعالى (ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا) وفي الفرقان بإسكان الذال وضم الكاف حمزة والكسائي وخلف ، من ذكر يذكر : بمعنى الذكر ، والباقون بفتح الذال والكاف مع تشديدهما ، من التذكير : بمعنى الاعتبار.

وبعد أن (فتى)ومريم (نـ)ـما

(إ)ذ (كـ)ـم يقول (عـ)ـن (د)عا الثّاني (سما)

أراد أن حمزة وخلفا قرآ بإسكان الذال وضم الكاف من قوله تعالى (أن يذكر) الذي بعد (ليذكروا) في الفرقان ، وهذا معنى قوله : وبعد ، وكذلك قرأ عاصم ونافع وابن عامر (أولا يذّكر الإنسان) بمريم ، والباقون بتشديد الذال والكاف وفتحهما قوله : (يقول) أي قرأ حفص وابن كثير كما يقولون بالغيب ، والباقون بالخطاب ؛ وقرأ المدنيان والبصريان ، وابن كثير وعاصم وابن عامر المرموز لهما في أول البيت الآتي (عما يقولون) بالغيب وهو الثاني اتباعا للأول ،

٢٦٤

والباقون بالخطاب ؛ فحفص وابن كثير بالغيب فيهما وحمزة والكسائي وخلف بالخطاب فيهما والمدنيان والبصريان وابن عامر وأبو بكر بالخطاب في الأول وبالغيب في الثاني ، فوجه الغيب فيهما حملا للأول على قوله تعالى (وما يزيدهم إلا نفورا) ثم حمل الثاني على الأول ، ووجه الخطاب فيهما حملا للأول على قوله تعالى (لو كان معه) أي قل لهم يا محمد لو كان معه آلهة ثم حمل الثاني عليه ، ووجه الخطاب في الأول والغيب في الثاني الالتفات.

(نـ)ـل (كـ)ـم يسبّح (صـ)ـدا (عمّ)(د)عا

وفيهما خلف رويس وقعا

أي قرأ أبو بكر والمدنيان وابن عامر وابن كثير (يسبح له) بالتذكير لأنه تأنيث مجازا ، والباقون بالتأنيث لإسناده إلى السموات قوله : (وفيهما خلف رويس) أي اختلف عن رويس في قوله تعالى (عما يقولون) الثاني وفي (يسبح) فروى عنه أبو الطيب بالخطاب في (يقولون) وبالتذكير في (يسبح) روى عنه الغيب في « يقولون » والتأنيث.

ورجلك اكسر ساكنا (عـ)ـد نخسفا

وبعده الأربع نون (حـ)ـز (د)فا

أراد أن حفصا كسر جيم (ورجلك) وأسكنها الباقون وهو لغة في رجل بمعنى راجل كحذر وحاذر ، والباقون بالإسكان تخفيفا ، ثم أراد أن أبا عمرو وابن كثير قرأ (يخسف) والأربعة بعده (أو يرسل ، أن يعيدكم ، فنرسل ، فنغرقكم) بالنون في جميع ذلك للعظمة على الالتفات ، والباقون بالياء على أنه أسند لضمير ربكم.

يغرقكم فيها فأنّث (ثـ)ـق (غـ)ـنا

خلفك في خلافك (ا)ثل (صـ)ـف (ثـ)ـنا

أي قرأ أبو جعفر ورويس (نغرقكم) بالتأنيث لأن الريح مؤنثة قوله : (فيها) أي : الخمسة المتقدمة وقوله : (خلفك) أي قرأ نافع وأبو بكر وأبو جعفر وابن كثير وأبو عمرو والمرموز لهما أول البيت الآتي خلفك موضع خلافك ، والباقون خلافك بكسر الخاء وفتح اللام وألف بعدها ، وخلفك « وخلافك » بمعنى بعدك.

(حبر)نأى ناء معا (مـ)ـنه (ثـ)ـبا

تفجر في الأولى كتقتل (ظـ)ـبا

يعني أن ابن ذكوان وأبا جعفر قرآ وناء بجانبه هنا وفي فصلت بتقديم الألف على الهمزة كلفظة. والباقون بتقديم الهمزة على الألف ، ثم أراد أن

٢٦٥

يعقوب والكوفيين المرموز لهم أول البيت الآتي قرءوا (تفجر) بوزن تقتل ، واحترز بالأولى عن الثانية وهي (فتفجّر الأنهار) والباقون بضم التاء وفتح الفاء وكسر الجيم من التفجير ، وهما لغتان ؛ فتخفيف الأولى لأنه واقع على الينبوع بخلاف الثاني لوقوعه على الأنهار ، وتثقيل الأول وإن كان واحدا لفظا فالمراد به الجنس.

(كفى)وكسفا حرّكن (عمّ)(نفس)

والشّعرا سبا (عـ)ـلا الرّوم عكس

أي قرأ المدنيان وابن عامر وعاصم كسفا بتحريك السين الذي هو الفتح لكونه جمع كسفة ، والباقون بإسكانها بجعله اسم جمع ، وقرأ حفص (فأسقط علينا كسفا) في الشعراء (وعليهم كسفا) في سبأ بتحريك السين ، ثم أراد أن ابن ذكوان وهشاما بخلاف عنه وأبا جعفر كما سيأتي في البيت الآتي بعد قرءوا (ويجله كسفا) في الروم بعكس ما تقدم فسكنوا السين فالإسكان لهشام قطع به ابن مجاهد والفتح عنه قطع به الأكثر.

(مـ)ـن (لـ)ـي بخلف (ثـ)ـق وقل قال (د)نا

(كـ)ـم وعلمت ما بضمّ التّا (ر)نا

أراد أن ابن كثير وابن عامر قرآ قال (سبحان ربي) موضع قراءة غيرهما قل على ما لفظ به من القراءتين ، فإن الكسائي ضم التاء من (علمتّ) وفتحها الباقون ؛ فوجه قراءة قال الإخبار عن الرسول عليه الصلاة والسلام ، ووجه الأخيرين أمره بذلك ؛ وفي مصحف مكة والشام بألف ، وفي غيرهما بغير ألف ، وضم التاء من علمت للإخبار عن موسى عليه الصلاة والسلام بأنه قال ذلك ، وفتحها لإسناده إلى فرعون.

سورة الكهف

من لدنه للضّمّ سكّن وأشم

واكسر سكون النّون والضّمّ (صـ)ـرم

يريد أنه قرأ قوله تعالى (من لدنه) بإسكان ضم الدال وإشمامها الضم ، وبكسر سكون النون وضم الهاء وصلتها أبو بكر ، والباقون بضم الدال وإسكان النون وضم الهاء وابن كثير يصلها بواو على أصله.

مرفقا افتح اكسرن (عمّ)وخف

تزّاور الكوفي وتزور (ظـ)ـرف

أي قرأ المدنيان وابن عامر (من أمركم مرفقا) بفتح الميم وكسر الفاء ،

٢٦٦

والباقون بكسر الميم وفتح الفاء وهم لغتان بالشيء المرتفق به قوله : (وخف) أي قرأ الكوفيون بتخفيف الزاي من « تزّاور » وقرأ يعقوب وابن عامر المرموز لهما أول البيت الآتي تزور بإسكان الزاي وتشديد الراء من غير ألف كما لفظ به ، وقرأ الباقون بتشديد الزاي ثم ألف بعدها وتخفيف الراء.

(كـ)ـم وملئت الثّقل (حرم)ورقكم

ساكن كسر (صـ)ـف (فتى)شـ)ـاف (حـ)ـكم

يعني قرأ قوله تعالى : (ولملّئت منهم رعبا) بتشديد اللام المدنيان وابن كثير. والباقون بتخفيفها قوله : (ورقكم) يريد أنه قرأ قوله تعالى : (بورقكم هذه) بإسكان كسر الراء أبو بكر وحمزة وخلف وروح وأبو عمرو ، والباقون بكسرها ؛ فالإسكان لغة تميم ، والكسر لغة الحجاز.

ولا تنوّن مائة (شفا)ولا

يشرك خطاب مع جزم (كـ)ـمّلا

أي قرأ حمزة والكسائي وخلف مائة سنين بغير تنوين على الإضافة ، والباقون بالتنوين ، وقرأ ابن عامر (ولا تشرك) بالخطاب والجزم ، والباقون بالغيب والرفع ؛ فوجه الخطاب والجزم جعل لا ناهية والخطاب للإنسان ، ووجه الغيب والرفع جعل لا نافية وأن الفعل أسند لضمير الله تعالى حملا على قوله (قل الله أعلم بما لبثوا) إلى قوله (من دونه).

وثمر ضمّاه بالفتح (ثوى)

(نـ)ـصر بثمره (ثـ)ـنا (شـ)ـاد (نـ)ـوى

يريد أنه قرأ قوله تعالى : (وكان له ثمر) بفتح ، ضم الثاء والميم أبو جعفر ويعقوب وعاصم قوله : (بثمره) أي وفتح الثاء والميم من قوله (وأحيط بثمره) أبو جعفر وعاصم وروح ، وضم الثاء وسكن الميم أبو عمرو كما سيأتي في أول البيت الآتي ، والباقون بضم الثاء والميم.

سكنهما (حـ)ـلا ومنها منهما

(د)ن (عمّ)لكنّا فصل ثب (غـ)ـص (كـ)ـما

أراد أن ابن كثير والمدنيين وابن عامر قرءوا منهما موضع منها كما لفظ بكل من القراءتين فوجه إثبات الميم جعل الضمير عائدا على الجنتين وهو كذلك في مصاحف مكة والمدينة والشام ، ووجه إسقاطها جعل الضمير يعود إلى الجنة في

٢٦٧

قوله (ودخل جنته) وكذلك رسمت في مصاحف العراق قوله : (لكنا) يريد أنه قرأ قوله تعالى (لكنا هو) بإثبات الألف في الوصل أبو جعفر ورويس وابن عامر ؛ والباقون بحذفها ، ولا خلاف في إثباتها في الوقف الكل (١) ، ولم يذكره الناظم رحمه الله تعالى لشهرته.

يكن (شفا)ورفع حفض الحقّ (ر)م

(حـ)ـط يا نسيّر افتحو (حبر)(كـ)ـرم

يريد أنه قرأ قوله تعالى (ولم يكن له فئة) بالتذكير حمزة والكسائي وخلف ، وفهم من الإطلاق ، والباقون بالتأنيث ؛ ثم أراد أن الكسائي وأبا عمرو قرآ برفع خفض الحق على كونه صفة للولاية ، والباقون بالخف نعتا للجلالة قوله : (يا نسير) أي قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر (ويوم تسير الجبال) بفتح الياء وجعل التاء مكان النون والجبال بالرفع على أنه مفعول قام مقام الفاعل ، والباقون بالنون مضمومة وكسر الياء ونصب الجبال مفعولا ، وإنما نص المصنف رحمه الله تعالى على النون لتعلم قراءة الباقين

والنّون أنّث والجبال ارفع وثم

أشهدت أشهدنا وكنت التّاء ضم

أراد أن أبا جعفر قرأ (أشهدناهم) موضع قراءة غيره (أشهدتّهم) كما لفظ به للقراءتين ، ثم أراد أن كل القراء ضموا التاء من « كنت » سوى أبي جعفر فإنه قرأ فيه بالفتح كما نبه عليه أول البيت الآتي :

سواه والنّون يقول (فر)دا

مهلك مع نمل افتح الضّمّ (نـ)ـدا

يعني قرأ قوله تعالى (ويوم يقول) بالنون حمزة حملا على قوله تعالى (وما كنت متخذ المضلين عضدا) والباقون بالياء قطعا لما تقدم قوله : (مهلك) يريد أنه قرأ قوله تعالى (لمهلكهم) هنا ، و (مهلك أهله) في النمل بفتح الميم عاصم ، والباقون بضمها وكسر اللام فيهما حفص كما سيأتي في أول البيت الآتي بعد ، والباقون بفتحهما ؛ فحفص بفتح الميم وكسر اللام ، وأبو بكر بفتح الميم ، واللام ، والباقون بضم الميم وفتح اللام.

واللاّم فاكسر (عـ)ـد وغيب يغرقا

والضّمّ والكسر افتحا (فتى)(ر)قا

__________________

(١) تبعا للرسم في المصحف الشريف.

٢٦٨

أي قرأ حمزة والكسائي وخلف « ليغرق » بياء الغيب وفتحها وفتح كسر الراء مضارع غرق ، والباقون بتاء الخطاب وضمها وكسر الراء مضارع أغرق ؛ فوجه الأول إسناد الفعل إلى الأهل ، ووجه الثانية إسناد الفعل إلى الخضر.

وعنهم ارفع أهلها وامدد وخف

زاكية (حبر)(مدا)(غـ)ـث و(صـ)ـرف

أي ارفع أهلها عن الجماعة المتقدم ذكرهم في البيت السابق وهم حمزة والكسائي وخلف قوله : (وامدد) أراد مد الزاي وتخفيف الياء من « زاكية » لابن كثير وأبي عمرو والمدنيين ورويس على أنه اسم فاعل من زكا وعليه رسم المدني والمكي ، والباقون بحذف الألف وتشديد الياء على البناء للمبالغة وعليه رسم العراقي والشامي.

لدني أشمّ أو رم الضّمّ وخف

نون (مدا)(صـ)ـن تخذ الخا اكسر وخف

يعني قوله تعالى (قد بلغت من لدني) قرأه أبو بكر بإشمام الدال واختلاس الضم المعبر عنه بالروم ؛ فالجمهور عنه على إشمامها الضم بعد إسكانها ، والآخرون على اختلاس الضم قوله : (وخف) أي خفف النون منها المدنيان وأبو بكر ؛ فالمدنيان يشبعان ضمة الدال ويخففان النون ، وأبو بكر يخفف النون ويسكن ضمة الدال ويشمها ويختلس الضمة ، والباقون بإشباع ضمة الدال وتشديد النون قوله : (تخذ) يريد أنه قرأ قوله تعالى : (لتخذت عليه أجرا) بكسر الخاء وتخفيف التاء من غير ألف ابن كثير والبصريان كما سيأتي في أول البيت الآتي بعد وهي لغة هذيل ، والباقون بتشديد التاء وفتح الخاء وألف وصل افتعل من اتخذ أدغمت التاء التي هي فاء الافتعال.

(حقّا)ومع تحريم نون يبدلا

خفّف (ظـ)ـبا (كنز)(د)نا النّور (د)لا

أي قرأ يعقوب ابن عامر والكوفيون وابن كثير بتخفيف لفظ يبدل هنا وفي التحريم وفي ن على أنه مضارع أبدل وكذلك قرأ ابن كثير وأبو بكر ويعقوب المرموز لهم في أول البيت الآتي (ليبدّلنهم) في النور ، والباقون بالتشديد في الجميع مضارع بدل.

(صـ)ـف (ظـ)ـنّ اتبع الثّلاث (كـ)ـم (كفى)

حامية حمئة واهمز (أ)فا

أراد أن ابن عامر والكوفيين قرءوا « اتّبع » في الثلاثة التي في هذه السورة بقطع

٢٦٩

الهمزة وإسكان التاء كلفظه (١) ، والباقون بوصل الهمزة وتشديد التاء في الثلاثة وهما لغتان ؛ ثم أراد أن نافعا وحفصا وابن كثير وأبا عمرو ويعقوب قرءوا « حمئة » وهمزوا الياء ، والباقون قرءوا (حامية) كما لفظ بالقراءتين معا.

(عـ)ـذ (حقّ)والرّفع انصبن نوّن جزا

(صحب ظـ)ـبى افتح ضمّ سدّين (عـ)ـزا

يريد أنه قرأ قوله تعالى (جزاء الحسنى) بنصب الرفع والتنوين حمزة والكسائي وخلف وحفص ويعقوب ، والباقون بالرفع من غير تنوين فنصب جزاء على الحالية من المستثنى في قوله تعالى : (فله) فإن فله خبر مقدم والمبتدأ مؤخر ، ووجه الرفع وعدم التنوين أنه مبتدأ خبره مقدم وحذف التنوين لإضافته إلى الحسنى : أي فله جزاء الكلمة الحسنى قوله : (افتح ضم سدين) أي قرأ حفص وابن كثير وأبو عمرو كما رمز لهم في أول البيت الآتي (حتى إذا بلغ بين السّدين) بفتح ضم السين ، والباقون بضمها.

(حبر)وسدّا (حـ)ـكم (صحب)(د)برا

ياسين (صحب)يفقهوا ضمّ اكسرا

أي وفتح السين من سدا كذلك أبو عمرو وحمزة والكسائي وخلف وحفص وابن كثير ، وكذلك قرأ حمزة والكسائي وخلف وحفص (وجعلنا من بين أيديهم سدّا ومن خلفهم سدا) في يس ، والباقون بالضم ؛ فالمدنيان وابن عامر وأبو بكر ويعقوب ضموا الأربعة ، وابن كثير وأبو عمرو فتحا لفظى الكهف وضما لفظى ، يس وحفص بفتح الأربعة ، وحمزة والكسائي وخلف فتحوا موضعي يس وسدا في الكهف ، والضم والفتح لغتان قوله : (يفقهوا) يريد قوله تعالى (لا يكادون يفقهون) قرأه بضم الياء وكسر القاف حمزة والكسائي وخلف كما في أول البيت الآتي ، من أفقهه كذا : جعله فاقها فأفهمه ، منقول من أفقه المتعدي لواحد فالمفعول الأول محذوف : أي لا يفقهون غيرهم قولا ، والباقون بفتح الياء والقاف أي لا يفقهون لسان غيرهم.

(شفا)وخرجا قل خراجا فيهما

لهم فخرج (كـ)ـم وصدفين اضمما

أي قرأ حمزة والكسائي وخلف المشار إليهم بقوله : شفا خرجا موضع

__________________

(١) أي « اتبع ».

٢٧٠

خرجا هنا ، وفي المؤمنون بإسكان الراء كلفظه كما صرح بالقراءتين معا قوله : (فخرج كم) أي قرأ ابن عامر (فخرج ربك) في المؤمنون بإسكان الراء كلفظه ، والباقون بالألف قوله : (وصدفين) يريد أن أبا بكر قرأ قوله تعالى (بين الصّدفين) بضم الصاد وإسكان الدال مثل ما في أول البيت الآتي :

وسكّنن (صـ)ـف وبضمّى (كلّ حق)

آتون همز الوصل فيهما (صد)ق

أراد أن أبا بكر ضم الصاد وسكن الدال من (الصّدفين) ، وأن ابن عامر وابن كثير والبصريين قرءوا بضم الصاد والدال ، والباقون بفتحهما فصار هاهنا ثلاث قراءات وهي ظاهرة والقراءة في هذه لغات قوله : (آتوني) يريد قوله تعالى (رد ما آتوني) وقال (آتوني أفرغ عليه) قرأه أبو بكر بهمزة الوصل فيهما مع كسر التنوين في سابق الأول بخلاف عنه كما أول البيت الآتي :

خلف وثان (فـ)ـر فما اسطاعوا اشددا

طاء (فـ)ـشا و(ر)د (فتى)أن ينفدا

أي وافق حمزة أبا بكر على (آتوني) الثاني بهمزة وصل بعد اللام والباقون بقطع الهمزة ومدها فيهما من الإيتاء ، ثم أراد أن حمزة شدد طاء (فما اسطّاعوا أن يظهروه) وخففها الباقون ، وقول الناظم رحمه‌الله (فما اسطاعوا) ليخرج الثاني فإنه مجمع الإظهار فيه قوله : (ورد فتي) أي قرأ حمزة والكسائي وخلف (قبل أن ينفد) بالتذكير ، والباقون بالتأنيث ، ووجه التذكير والتأنيث الإسناد إلى مؤنث مجازي.

سورة مريم عليها‌السلام

واجزم يرث (حـ)ـز (ر)د معا بكيّا

بكسر ضمّه (رضى)عتيّا

يريد أنه قرأ قوله تعالى (يرثني ويرث من آل يعقوب) بالجزم فيهما أبو عمرو والكسائي لأنهما جواب (فهب) والباقون بالرفع على جعل الجملة صفة لوليا : أي هب لي وليا وارثا مني ومن آل يعقوب قوله : (بكيا) أي قرأ حمزة والكسائي بكسر الباء من (بكيا) وكذلك قرأ حفص وحمزة والكسائي المرموز لهم في البيت الآتي بعد (عتيا ، وصليا ، وجثيا) بكسر أوائلهن ، والباقون بالضم.

معه صليّا وجثيّا (عـ)ـن (رضى)

وقل خلقنا في خلقت (ر)ح (فـ)ـضا

٢٧١

أي مع (عتيا ، صليا ، وجثيا) قوله : (وقل خلقنا) أي قرأ حمزة والكسائي (وقد خلقناك) موضع قراءة غيرهما (خلقتك) كما لفظ بالقراءتين.

همز أهب باليا (بـ)ـه خلف (جـ)ـلا

(حما)ونسيا فافتحن (فـ)ـوز (عـ)ـلا

أراد أن قالون بخلاف عنه وورشا والبصريين قرءوا (ليهب لك) بالياء مكان الهمز الذي لفظ به ، وهو قراءة الباقين قوله : (بالياء) يجوز أن يقال الياء أصل بنفسها والفعل مسند لضمير غائب إما إلى الرب أو الرسول ، ووجه الهمز إسناده إلى الرسول قوله : (ونسيا) أي فتح النون من (نسيا) حمزة وحفص ، وكسرها الباقون ، وهما لغتان.

من تحتها اكسر جرّ (صحب شـ)ـذ (مدا)

خفّ تساقط (فـ)ـي (عـ)ـلا ذكر (صـ)ـدا

قرأ حمزة والكسائي وخلف وحفص وروح والمدنيان (فناداها من تحتها) بكسر وجر التاء ، والباقون بفتح الميم ونصب التاء قوله : (وخف تساقط) أي خفف السين من قوله تعالى (تسّاقط عليك رطبا جنيا) حمزة وحفص ، وقرأ أبو بكر بخلاف عنه كما في أول البيت الآتي ويعقوب بالتذكير والتشديد ، والباقون بالتأنيث والتشديد.

خلف (ظـ)ـبى وضمّ واكسر (عـ)ـد وفي

قول انصب الرّفع (نـ)ـهى (ظـ)ـلّ (كـ)ـفي

أي ضم التاء وكسر القاف من « تساقط » لحفص ، وقد تقدم له التخفيف ؛ ففيها أربع قراءات وهي ظاهرة قوله : (وفي قول) يريد أنه قرأ قوله تعالى (قول الحق) بنصب رفع اللام ويعقوب وابن عامر ، والباقون بالرفع.

واكسر وأنّ الله (شـ)ـم (كنزا)وشد

نورث (غـ)ـث مقاما اضمم (د)ام ود

أراد أن روحا والكوفيين وابن عامر كسروا همزة و (إن الله) للاستئناف ، والباقون بفتحها عطفا على الصلاة ، ثم أراد أن رويسا قرأ نورّث بفتح الواو وتشديد الراء مضارع ورث ، والباقون بإسكان الواو وتخفيف الراء من أورث ، ثم أمر بضم الميم لابن كثير من قوله تعالى : (خير مقاما) على أنه اسم مصدر لأقام بالمكان : إذا لبث فيه ، والباقون بالفتح على أنه مصدر لقام بالمكان.

ولدامع الزّخرف فاضمم أسكنا

(ر)ضا يكاد فيهما (أ)ب (ر)نا

٢٧٢

يريد أنه قرأ قوله تعالى (مالا وولدا ، وقالوا اتخذ الرحمن ولدا وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا) ، هنا ، و (إن كان الرحمن ولد) بالزخرف بضم الواو وإسكان اللام حمزة والكسائي ، والباقون بفتحهما قوله : (يكاد) يريد قوله تعالى (تكاد السموات) هنا وفي الشورى ، قرأه بالتذكير نافع والكسائي باعتبار الجمع وأنه مؤنث مجازي ، والباقون بالتأنيث باعتبار الجماعة.

وينفطرن يتفطّرن (عـ)ـلم

(حرم)(ر)قا الشّورى (شفا)(عـ)ـن (د)ون (غـ)ـم

أراد أن حفصا والمدنيين وابن كثير والكسائي قرءوا (يتفطّرن) موضع ينفطرن هنا ، وأن حمزة والكسائي وخلفا وحفصا وابن كثير والمدنيين وابن عامر قرءوا كذلك في الشورى ، والباقون ينفطرن كما صرح بالقراءتين معا.

سورة طه

أنّي أنا افتح (حبر)(ثـ)ـبت وأنا

شدّد وفي اخترت قل اخترنا (فـ)ـنا

يعني قرأ قوله تعالى (إني أنا ربك) بفتح الهمزة ابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر على حذف الجار : أي بأني ، والباقون بكسرها على إضمار القول قوله : (وأنا) أراد أن حمزة شدد لفظ وأنا وقرأ (اخترناك) مكان (اخترتك) كما لفظ بالقراءتين.

طوى معا نوّنه (كنزا)فتح ضم

اشدد مع القطع وأشركه يضم

أي قرأ ابن عامر والكوفيون « طوى » هنا وفي النازعات بالتنوين على صرفه باعتبار المكان وإعرابه بدل الوادي ، والباقون بغير تنوين على عدم صرفه للعملية والتأنيث قوله : (فتح ضم اشدد) يريد قوله تعالى (أخي اشدد) بضم الهمزة مقطوعة (وأشركه) بفتح الهمزة قراءة ابن عامر وابن وردان بخلاف عنه كما سيأتي في البيت الآتي ، والباقون بوصل همزة اشدد وابتدائها بالضم وفتح أشركه على أنهما أمران بمعنى الدعاء.

كـ)ـم (خـ)ـلف خلفا ولتصنع سكّنا

كسرا ونصبا (ثـ)ـق مهادا (كـ)ـوّنا

يريد أنه قرأ قوله تعالى (ولتصنع على عيني) باسكان اللام والعين أبو

٢٧٣

جعفر ، والباقون بكسر اللام وفتح العين ، ثم أراد أن ابن عامر ومدلول سما المرموز لهم أول البيت الآتي قرءوا (مهادا) هنا وفي الزخرف موضع قراءة غيرهم مهدا كما لفظ به من القراءتين.

(سما)كزخرف بمهدا واجزم

تخلفه (ثـ)ـب سوى بكسره اضمم

أراد أن أبا جعفر جزم الفاء من قوله تعالى (لا نخلفه) على أن لا ناهية ، والباقون برفعها على أنها نافية ، ثم أراد أن عاصما وابن عامر وحمزة وخلفا ويعقوب المرموز لهم أول البيت الآتي ضموا سين سوى ، والباقون بكسرها ، وهما لغتان بمعنى واحد ، والسوى : العدل.

نـ)ـل (كـ)ـم (فتى)(ظـ)ـنّ وضمّ واكسرا

يسحت (صحب)(غـ)ـاب إن خفّف (د)را

يريد أنه ضم الياء وكسر الحاء من قوله (فيسحتكم بعذاب) حمزة والكسائي وخلف وحفص ورويس ، والباقون بفتحهما وهما لغتان قوله : (إن خفف) أي قرأ ابن كثير وحفص المرموز له أول البيت الآتي بعد (قالوا إن) بتخفيف النون للفرار من التثقيل ، والباقون بالتشديد للإتيان به على الأصل.

(عـ)ـلما وهذين بهذان (حـ)ـلا

وفاجمعوا صل وافتح الميم (حـ)ـلا

أراد أن أبا عمرو قرأ هذين بالياء موضع قراءة غيره هذان بالألف على ما لفظ به القراءتين ، فابن كثير خفف « إن هذان » بالألف وتقدم له تشديد النون وحفص مثله إلا أنه خفف النون من هذان ، وأبو عمرو يثقل إنّ ويقرأ هذين بالياء مع تخفيف نونه ، والباقون بتثقيل إن وهذان بالألف مع تخفيف النون ، فوجه قراءة ابن كثير وحفص أن إن مخففة من الثقيلة وهذان مبتدأ ولساحران خبر واللام فارقة وهذه موافقة للرسم ، وأما قراءة أبي عمرو فهذين اسمها واللام مؤكدة داخلة في الخبر لكن فيها مخالفة للرسم ، وأما قراءة الباقين فقيل جاءت على لغة بني الحارث وكنانة ، وغيرهما من العرب يعربون المثنى بالألف في الأحوال كلها ؛ ثم أراد أن أبا عمرو قرأ فاجمعوا بوصل الهمزة وفتح الميم ، والباقون بالقطع وكسر الميم.

يخيّل التّأنيث (مـ)ـن (شـ)ـم وارفع

جزم تلقّف لابن ذكوان (و) عي

يعني قوله تعالى (تخيل) بالتأنيث ابن ذكوان وروح لإسناده لضمير الحبال

٢٧٤

والعصى ، و (أنها تسعى) بدل من الضمير بدل اشتمال ، والباقون بالتذكير لإسناد الفعل إلى أنها تسعى : أي يخيل إليه سعيها قوله : (وارفع) أمر برفع جزم الفاء من قوله تعالى (تلقف ما صنعوا) لابن ذكوان على الاستئناف ، والباقون بجزم الفاء جوابا لألق ، وحفص على أصله في تخفيف القاف والبزى في تشديد التاء.

وساحر سحر (شفا)أنجيتكم

واعدتكم لهم كذا رزقتكم

يعني أن حمزة والكسائي وخلفا قرءوا (كيد سحر) موضع قراءة الجماعة « وكيد ساحر » على ما لفظ به من القراءتين قوله : (أنجيتكم) يعني قوله تعالى (أنجيتكم من عدوكم ووعدتكم جانب الطور الأيمن ، وكلوا من طيبات ما رزقتكم) بلفظ الواحد كما لفظ به حمزة والكسائي وخلف ، وقرأ الباقون أنجيناكم بالألف ووعدناكم ورزقناكم من واعد على الأشهر ، فحمزة والكسائي وخلف قرءوا وواعدتكم بالألف بين الواو والعين وإسناد الفعل إلى ضمير المفرد والبصريان وأبو جعفر ووعدناكم بحذف الألف التي قبل العين وإسناد الفعل إلى ضمير المتكلم المعظم نفسه ، والباقون وواعدناكم بواوين بعدهما الألف وإسناد الفعل إلى ضمير المتكلم المعظم نفسه.

ولا تخف جزما (فـ)ـشا وإثري

فاكسر وسكّن (غـ)ـث وضمّ كسر

أي قرأ حمزة « لا تخف دركا » بالجزم وحذف الألف لكونه جوابا لقوله « فاضرب » والباقون بالألف والرفع على الاستئناف قوله : (وإثري) يريد أنه قرأ قوله تعالى (أولاء على إثري) بكسر الهمزة وإسكان الثاء رويس ، والباقون بفتحهما قوله : (وضم كسر) أي ضم كسر يحل كما سيأتي في البيت الآتي :

يحلّ مع يحلل (ر)نا بملكنا

ضمّ (شفا)وافتح (إ)لى (نـ)ـصّ (ثـ)ـنا

يريد أنه قرأ قوله تعالى « فيحل عليكم » بضم الحاء ، و « من يحلل » بضم اللام الكسائي ، من حل بالمكان يحل : إذا نزل به ، والباقون بكسر الحرفين ، من حل عليه الدين يحل : أي وجب ، ولا خلاف في كسر الحاء من الحرف الثالث وهو قوله « أن يحل عليكم » ، قوله : (بملكنا) أراد أن حمزة والكسائي وخلفا قرءوا قوله تعالى « موعدك بملكنا » بضم الميم ، وأن نافعا وعاصما وأبا جعفر قرءوا بفتحها ، والباقون بكسرها فصار فيه ثلاث قراءات وهي ظاهرة ، فوجه الضم أنه بمعنى

٢٧٥

السلطان : أي ما أخلفناه بقوتنا ، ووجه الفتح أنه مصدر ملك يملك ملكا ، ووجه الكسر أنه ما حازته يدك.

وضمّ واكسر ثقل حمّلنا (عـ)ـفا

(كـ)ـم (غـ)ـنّ (حرم)تبصر واخاطب (شفا)

أراد أن حفصا وابن عامر ورويسا والمدنيين وابن كثير ضموا الحاء وكسروا الميم مثقلة من قوله تعالى « ولكنا حمّلنا » والباقون بفتح الحاء والميم مخففة ، ثم أراد أن حمزة والكسائي وخلفا خاطبوا لم يبصروا لمراعاة « فما خطبك » والباقون بالغيب للرد على بني إسرائيل.

تخلفه اكسر لام (حقّ)نحرقن

خفف (ثـ)ـنا وافتح لضم واضممن

أي قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب بكسر لام تخلفه : أي لن تقدر على إخلافه ، فالمفعول الثاني على هذا محذوف : أي لن تخلفه أحدا ، والباقون بفتح اللام على بنائه للمفعول قوله : (نحرقن) يعني أن أبا جعفر خفف الراء من قوله تعالى « لنحرّقنه » ثم اختلف راوياه ؛ فابن وردان المرموز له في البيت الآتي بفتح النون وضم الراء ، وابن جماز بضم النون وكسر الراء ، والباقون كذلك إلا أنهم فتحوا الحاء وشددوا الراء.

كسرا (خلا)(نـ)ـنفخ باليا واضمم

وفتح ضمّ لا أبو عمرهم

يعني أن كل القراء قرءوا « يوم ينفخ في الصور » بالياء وضمها وفتح الفاء على بنائه للمفعول إلا أن أبا عمرو قرأ بالنون وفتحها وضم الفاء (١) على بنائه للفاعل.

يخاف فاجزم (د)م ويقضى يقضيا

مع نونه انصب رفع وحي (ظـ)ـميا

أي قرأ ابن كثير فلا تخف ظلما بجزم الفاء وحذف الألف ، فلا ناهية ، والباقون بالرفع والألف ، فلا نافية قوله : (ونقضي) أي قرأ يعقوب « من قبل أن يقضي » بالنون مفتوحة وكسر الضاد وفتح الياء أيضا ووحيه بالنصب على البناء

__________________

(١) « ننفخ ».

٢٧٦

للفاعل ، والباقون « يقضى » بضم الياء وفتح الضاد ووحيه بالرفع على البناء للمفعول ، واستغنى باللفظ عن القيد فيهما.

إنّك لا بالكسر (آ)هل (صـ)ـبا

ترضى بضمّ التّاء (صـ)ـدر (ر)حبا

أراد أن نافعا وأبا بكر يكسران الهمزة من قوله تعالى « وأنك لا تظمأ فيها » عطفا على أن الأولى ، والباقون بفتحها عطفا على « أن لا تجوع » وهو اسم إن ولك الخبر ، التقدير لأن لك عدم الجوع وعدم الظمأ والضحو ، وقيد الحرف بلا احترازا من غيره ، ثم أراد أن أبا بكر والكسائي ضما التاء من قوله تعالى « لعلك ترضى » على البناء للمفعول ، والباقون بفتحها على البناء للفاعل : أي « لعلك ترضى » بما تعطي.

زهرة حرّك (ظـ)ـاهرا يأتهم

(صحبة)(كـ)ـهف (خـ)ـوف خلف (د)هموا

أي قرأ يعقوب « زهرة الحياة الدنيا » بتحريك الهاء الذي هو الفتح والباقون بإسكانها ومعناهما واحد : الزينة والبهجة قوله : (يأتهم) يعني قرأ قوله تعالى « أو لم يأتهم بينة » بالتذكير حمزة والكسائي وخلف وأبو بكر وابن عامر وابن وردان بخلاف عنه وابن كثير اعتبارا بمعنى البيان والقرآن ولعدم حقيقة التأنيث ، والباقون بالتأنيث اعتبارا بلفظ بينة.

سورة الأنبياء عليهم‌السلام

قل قال (ء)ن (شفا)وآخرها (عـ)ـظم

وأو لم ألم (د)نا يسمع ضم

أراد أن حفصا وحمزة والكسائي وخلفا قرءوا « قال رب » موضع قراءة الجماعة « قل رّب » وأن حفصا قرأ في آخر السورة « قال رب أحكم » موضع قراءة الجماعة « قل » على ما لفظ به في الموضعين ؛ فوجه قال إسناد الفعل لضمير الرسول ، ووجه قل أنه أمره بقوله ذلك ، ثم أراد أن ابن كثير قرأ « ألم يروا » بغير واو موضع قراءة غيره « أو لم » على الاستئناف ، ووافق كل مصحفه بالواو عطفا لألم على ما قبله كما لفظ به في القراءتين قوله : (يسمع) يريد قوله تعالى « ولا يسمع الصم » بالضم كما سيأتي في أول البيت الآتي :

٢٧٧

خطابه واكسر وللصّمّ انصبا

رفعا (كـ)ـسا والعكس في النمل (د)با

أي قرأ ابن عامر « ولا تسمع الصمّ » بالخطاب مضموما وكسر الميم ونصب الصم على إسناده لضمير الرسول وأخذه من أسمع المتعدي بالهمزة فنصب مفعولين وهما الصم والدعاء. والباقون بياء مفتوحة وفتح الميم ورفع الصم على إسناد الفعل إليه وأخذه من سمع الثلاثي فلذلك رفع الصم فاعلا ونصب الدعاء مفعولا به قوله : (والعكس) أي قرأ ابن كثير في النمل والروم عكس قراءة ابن عامر كما في أول البيت الآتي ؛ فابن عامر بالخطاب في الجميع ونصب « الصمّ » ، وابن كثير بالغيب في الجميع ورفع الصّمّ ، والباقون هنا بالغيب ورفع الصمّ ، وفي النمل والروم بالخطاب ونصب الصمّ ونصب « الدعاء ».

كالرّوم مثقال كلقمان ارفع

(مدا)جذاذا كسر ضمّه (ر)عي

أراد أن المدنيين قرءوا « إن كان مثقال » هنا وفي لقمان بالرفع على أن كان تامة فرفع مثقال بالفاعلية ، والباقون بالنصب فيهما على أن كان ناقصة وأضمر فيها اسمها ، ثم أراد أن الكسائي كسر ضم جيم « جذاذا » والباقون بالضم ؛ فالمكسور جمع جذيذ ، والمضموم جمع جذوذ : كزجاج جمع زجاجة.

يحصن نوّن (صـ)ـف (غـ)ـنا أنّث (عـ)ـلن

(كـ)ـفؤ (ثـ)ـنا يقدر ياء واضممن

أراد أن أبا بكر ورويسا قرآ « لنحصنكم » بالنون على العظمة ، وأن حفصا وابن عامر وأبا جعفر قرءوا « لتحصنكم » بالتاء على إسناد الفعل لضمير الصفة والباقون بالتذكير على إسناده لضمير « اللّبوس » ، ثم أراد أن يعقوب المرموز له أول البيت الآتي قرأ قوله « فظن أن لن نقدر عليه » بالياء مضمومة وفتح الدال (١) ، وقرأ الباقون بالنون مفتحة وكسر الدال.

وافتح (ظـ)ـبى ننجى احذف اشدد (لـ)ـى (مـ)ـضى

(صـ)ـن حرّم اكسر سكّن اقصر (صـ)ـف (رضى)

يعني قرأ قوله تعالى « ننجي المؤمنين » بنون واحدة وتشديد الجيم ابن عامر وأبو بكر على أن أصلها ننجي بنونين مشددة الجيم ، فاستثقل توالي مثلين

__________________

(١) « يقدر ».

٢٧٨

بعدهما مثلان فأدغم أحدهما في الآخر فحذف ثاني المثلين الأولين نحو « يتذكرون » ولا التفات إلى من ردها ، والباقون بنونين الثانية ساكنة مع تخفيف الجيم من غير حذف أسند الفعل إلى ضمير الباري على التعظيم ، فهو مضارع مرفوع مسند لضمير المتكلم المعظم نفسه فسكنت ياؤه ونصب المؤمنين مفعولا به قوله : (« حرم » اكسر) يريد أنه قرأ « وحرام على قرية » بكسر الحاء وإسكان الراء من غير ألف أبو بكر وحمزة والكسائي ، والباقون بفتح الحاء والراء وألف بعدها وهما لغتان.

تطوى فجهّل أنّث النّون السّما

فارفع (ثـ)ـنا وربّ للكسر اضمما

أي قرأ أبو جعفر « تطوى » بالتاء مضمومة مكان النون على التأنيث وفتح الواو ورفع السماء. والباقون بالنون مفتوحة وكسر الواو ونصب السماء قوله : (ورب للكسر اضمما) يريد قوله تعالى « رب احكم » قرأه بضم الباء أبو جعفر المشار إليه بقوله عنه في البيت الآتي ، ووجه أنه لغة معروفة جائزة في نحو يا غلامي تنبيها على الضم وأنت تنوي الإضافة ، وليس ضمه على أنه منادى مفرد كما ذكره أبو الفضل الرازي لأن هذا ليس من نداء النكرة المقبل عليها ، وقرأ الباقون بكسرها ، وقدم الناظم رحمه الله تعالى « ربّ احكم » للضرورة.

عنه وللكتاب (صحب)جمعا

وخلف غيب يصفون (مـ)ـن وعا

أراد أن حمزة والكسائي وخلفا وحفصا قرءوا للكتب بالجمع ، والباقون بالإفراد وأريد به الجنس فهو كالجمع في المعنى ، ثم أراد أنه اختلف عن ابن ذكوان في قوله تعالى « على ما يصفون » فروى الصورى عنه بالغيب ، وهي رواية الثعلبي عنه ورواية المفضل عن عاصم ، وقراءة علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه ، وروى الأخفش عنه بالخطاب وبذلك قرأ الباقون.

سورة الحج والمؤمنون

سكرى معا (شفا)ربت قل ربأت

(ثـ)ـرى معا لام ليقطع حرّكت

يريد أنه قرأ قوله تعالى « وترى الناس سكارى وما هم بسكارى » بفتح السين

٢٧٩

وإسكان الكاف من غير ألف حمزة والكسائي وخلف (١). وقرأهما الباقون بضم السين وفتح الكاف وألف بعدها ، وهم في الإمالة على أصولهم ؛ ثم أراد أن أبا جعفر قرأ « ربأت » هنا وفي فصلت بهمزة مفتوحة موضع قراءة غيره بغير همزة فيهما كما لفظ بالقراءتين ؛ ثم أراد أن ورشا وأبا عمرو وابن عامر ورويسا المرموز لهم أول البيت الآتي قرءوا « ثم ليقطع » بكسر اللام ، والباقون بإسكانها.

بالكسر (جـ)ـد (حـ)ـز (كـ)ـم (غـ)ـنا ليقضوا

لهم وقنبل ليوفوا (مـ)ـحض

أراد أن المذكورين في الرمز المتقدم وقنبلا فعلوا ذلك في قوله تعالى : (ثم ليقضوا) والباقون بالإسكان قوله : (ليوفوا الخ) أراد أن ابن ذكوان قرأ قوله « وليوفوا » بالكسر.

وعنه وليطّوّفوا انصب لؤلؤا

(نـ)ـل (إ)ذ (ثوى)وفاطرا (مدا)(نـ)ـأى

أي عن ابن ذكوان « وليطوفوا » كذلك بالكسر ، والباقون بالإسكان ؛ فابن ذكوان كسر اللام في الأربعة ، والكوفيون والبزي وقالون وروح وأبو جعفر سكنوها ، وأبو عمرو وورش وهشام ورويس كسروا « ليقطع ، وليقضوا » وسكنوا « ليوفوا ، وليطوّفوا » ولم يختلفوا في قوله تعالى : (فلينظر) أنه بالإسكان ؛ فمن سكن قصد التخفيف ، ومن كسر أتى بالأصل ، ومن فصل جمع بين اللغتين قوله : (انصب لؤلؤا) يريد أنه قرأ قوله تعالى : (ولؤلؤا ولباسهم) هنا وفي فاطر بالنصب فيهما المدنيان وعاصم ، ووافقهم يعقوب هنا ، والباقون بالخفض فيهما ؛ فوجه نصبه عطفه على محل « من أساور » أو بفعل مقدر : أي ويؤتون لؤلؤا ، ووجه خفضه عطفه على أساور ورسم هنا بالألف ، واختلف فيه في فاطر.

سواء انصب رفع علم الجاثية

(صحب)ليوفوا حرّك اشدد (صـ)ـافيه

أراد أن حفصا قرأ « سواء العاكف » بالنصب على أنه مفعول ثان لجعلناه والعاكف فاعل به ، والباقون بالرفع على أنه خبر مقدم والعاكف مبتدأ والباد عطف عليه والجملة في موضع المفعول الثاني متعلقا بالجعل ، ثم أراد أن حمزة والكسائي وخلفا وحفصا نصبوا سواء في سورة الشريعة على الحال من الهاء

__________________

(١) « سكرى » و « بسكرى ».

٢٨٠