شرح طيّبة النّشر في القراءات العشر

شهاب الدين أبي بكر بن أحمد بن محمّد بن محمّد ابن الجزري الدمشقي

شرح طيّبة النّشر في القراءات العشر

المؤلف:

شهاب الدين أبي بكر بن أحمد بن محمّد بن محمّد ابن الجزري الدمشقي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٤

الله تعالى فكل القراء على تفخيمه إذا وقع بعد فتح نحو « قال الله ، وشهد الله » وكذا إذا ابتدئ به ، وكذا إذا وقع بعد ضم نحو « رسول الله ، وقالوا اللهم » وما حكاه الأهوازى عن السوسى وروح من الترقيق فيه فهو شاذ لا نأخذ به ولا يصح تلاوته ، وهذا معنى قوله واسم الله إلى آخره.

من بعد فتحة وضم واختلف

بعد ممال لا مرقّق وصفا

أي واختلف القراء في تفخيمه وترقيقه إذا وقع بعد حرف ممال وذلك في الموضعين « نرى الله ، وسيرى الله » في رواية السوسى والوجهان صحيحان قوله : (لا مرقق) أي لا بعد حرف مرقق ، يعني نحو قوله تعالى « أفغير الله ، ولذكر الله » في مذهب ورش حيث رقق الراء فإنه لا يجوز فيه إلا التفخيم ، وإنما نص على ذلك ، لأن بعض القراء من أهل عصرنا أجرى الراء المرققة في ذلك مجرى الممالة فأخذ في ذلك بالترقيق وهو خطأ كما نبه عليه في النشر.

باب الوقف على أواخر الكلم

تقدم في أواخر مقدمة الكتاب حد الوقف وأنه به حالتان : إحداهما ما يوقف عليه ، والثانية ما يوقف به وذكر الأولى هناك ونذكر الثانية ؛ ومناسبة لما تقدم أنه لما ذكر في الباب قبله الوقف على المغلظ وفي الباب قبله الوقف على الراء والروم فيها والسكون تعين معرفة ذلك عقيبة ؛ وللعرب في الوقف وجوه : كالنقل والتضعيف والسكون والروم والإشمام ، والمستعمل في القراءة أفصحها وهو السكون الذي هو الأصل والروم والإشمام.

والأصل في الوقف السّكون ولهم

في الرّفع والضّمّ اشممنّه ورم

سمى الوقف وقفا لأنه ترك الحركة ، فهو مأخوذ من قولهم وقفت عن كذا إذا لم تأت به ، وإنما كان الأصل فيه السكون لأن الوقف يقتضي السكون والابتداء يقتضي الحركة ، فجعل لكل منهما ما يناسبه ؛ فخص الابتداء بالحركة لتعذر الابتداء بالسكون ، ولما كان الوقف محل الاستراحة ناسبه لخفته قوله : (ولهم) أي ولأئمة القراء يجوز في الوقف على المرفوع الذي هو من حركات الإعراب والمضموم الذي هو من حركة البناء الروم والإشمام ، ولا يجوز ذلك في النصب ولا في الفتح ولكن يجوز الروم في الجر والكسر كما سيأتي ، وفائدتهما

١٤١

بيان حركة الوصل ولذلك امتنعا في الحركة العارضة وميم الجمع وهاء التأنيث كما سيأتي.

وامنعهما في النّصب والفتح بلى

في الجرّ والكسر يرام مسجلا

أي وامنع الروم والإشمام للقراء في النصب والفتح وأجازه النحاة ؛ لأن المنصوب إن كان منونا وقف عليه بالألف ، وإن لم يكن فلخفة حركته لا يتبعض ، فإن الفتحة إذا خرج بعضهما خرج كلها ؛ وإنما أتى ببلى التي هي حرف إيجاب هنا ، لأنه جواب سؤال مقدر كأنه لما ذكر جوازهما في الرفع والضم ومنعهما في النصب والفتح قيل فهل يرام أو يشم في الجر والكسر ؛

والرّوم الاتيان ببعض الحركة

إشمامهم إشارة لا حركه

الروم عند القراء : عبارة عن النطق ببعض الحركة. وقال بعضهم تضعيف الصوت بالحركة حتى يذهب معظمها ، والمعنى واحد ؛ وعند النحاة النطق بالحركة بصوت خفي ، وهو الذي ذكره الشاطبي رحمه الله تعالى. والإشمام عبارة عن الإشارة إلى الحركة من غير صوت ، وقال بعضهم أن تجعل شفتيك على صورة الضمة إذا لفظت بها وكلاهما واحد.

وعن أبي عمرو وكوف وردا

نصّا وللكلّ اختيارا اسندا

يعني أنه ورد النص بالوقف بالروم والإشمام عن أبي عمرو والكوفيين ، ولكن المختار عند أئمة القراءة الأخذ بهما لجميع القراء حتى صار الأخذ بهما شائعا لكلهم مجمعا عليه لجميعهم مسندا إذا وإن لم يرد نصا.

وخلف ها الضّمير وامنع في الأتم

من بعد يا أو واو أو كسر وضم

أي اختلف القراء في الإتيان في هاء الضمير بالروم والإشمام ؛ فذهب كثير منهم إلى الإشارة مطلقا كما في التيسر وغيره ، وهو اختيار ابن مجاهد ، وذهب آخرون إلى المنع مطلقا كما هو ظاهر كلام الشاطبي والوجهان حكاهما الداني في غير التيسير ، وذهب كثير من المحققين إلى التفصيل فمنع الإشارة بهما إذا كان قبلهما ياء أو واو أو كسر أو ضم نحو « خذوه ، وليرضوه ، وأمره ، وفيه ، وإليه ، وبه » طلبا للخفة ، وأجازوهما إذا لم يكن ذلك نحو « منه ، واجتباه ، ولن تخلفه » حيث لم يكن ثقل ، وهذا أعدل المذاهب وأتمها كما قطع به مكي وابن شريح

١٤٢

والحافظ أبو العلا وأشار إليه الشاطبي والداني في الجامع ، وتظهر المذاهب الثلاثة من كلام الناظم شكر الله سعيه ونفع بعلومه.

وهاء تأنيث وميم الجمع مع

عارض تحريك كلاهما امتنع

هاء منصوب بنزع الخافض ، والمراد بهاء التأنيث الهاء التي تلحق الأسماء وقفا بدلا من التاء نحو « الجنة ، ورحمة ، والملائكة » قوله : (وميم الجمع) يعني في قراءة من ضمها ووصلها بواو ، وقوله عارض تحريك ، يعني الحركة العارضة إما بالتقاء الساكنين نحو « قم الليل ، ولقد استهزئ » أو بالنقل نحو « من إستبرق ، وقل أوحى » قوله : (كلاهما امتنع) أي الروم والإشمام ممتنعان في الوقف بهاء التأنيث وميم الجمع والحركة العارضة.

باب الوقف على مرسوم الحظ

أصل الرسم الأثر ، ومعنى مرسوم الخط : ما أثره الخط : أي خط المصاحف العثمانية التي كتبت زمن عثمان رضي‌الله‌عنه بإجماع الصحابة ؛ وهو على قسمين : قياسي ، واصطلاحي ؛ فالأول ما طابق فيه الخط اللفظ ، والثاني ما خالفه بزيادة أو حذف أو بدل أو فصل أو وصل بقوانين وأصول كما هو مذكور في كتب العربية ، وأغلب خط المصحف موافق تلك القوانين إلا أنه جاءت أشياء خارجة عن ذلك يلزم اتباعها : منها ما عرفت علته ، ومنها ما خفيت ، وللعلماء في ذلك كتب كثيرة مشهورة ، وأجمع علماؤنا على لزوم اتباع مرسوم المصاحف فيما تدعو الحاجة إليه ، فيوقف على الكلمة كما رسمت خطا باعتبار الأواخر من الإبدال والحذف والإثبات وغير ذلك من قطع ووصل ، فما كتبت من كلمتين موصولتين لم يوقف إلا على الثانية منهما ، وما كتبت مفصولة جاز على كل منهما وإلى ذلك أشار بقوله : وقف لكل إلى آخره.

وقف لكلّ باتّباع ما رسم

حذفا ثبوتا اتّصالا في الكلم

أمر بالوقف لجميع القراء على وقف ما رسم في خط المصحف من الحذف والإثبات والاتصال والانفصال وغير ذلك قوله : (حذفا) نحو « حاش لله ، إنه وبه » قوله : (ثبوتا) نحو « كتابيه ، وحسابيه » قوله : (اتصالا) نحو « إنما ، فيما ، وكيلا » والكلم : جمع كلمة.

١٤٣

لكن حروف عنهمو فيها اختلف

كهاء أثنى كتبت تاء فقف

أي اختلف القراء في الوقف على حروف بأعيانها خالف بعضهم الرسم فيها واتبع الأصل بحسب الرواية ، كما اختلف في هاء المؤنث التي كتبت بالتاء نحو « رحمت » كتبت في سبعة مواضع تاء « ونعمت » في أحد عشر موضعا « وامرأت » في سبعة « وسنت » في خمسة « ولعنت » في موضعين « ومعصيت » في موضعين و « كلمت » في الأعراف « وبقيت » في هود و « قرت » في القصص و « فطرت » في الروم و « شجرت » في الدخان « وجنت » في الواقعة « وابنت » في التحريم ؛ فوقف على هذه المواضع بالهاء بدلا عن التاء المرسومة تاء الكسائي وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وهم المشار إليهم بقوله في البيت الآتي : رجا حق ، ووقف الباقون بالتاء على وفق الرسم ، وهم نافع وأبو جعفر وابن عامر وعاصم وحمزة وخلف.

بالها (ر)جا (حقّ)وذات بهجه

واللاّت مرضات ولا ت (ر)جّه

رجا يجوز أن يكون ممدودا فقصر ضرورة ، ومعناه التّوقع والأمل ؛ فالمعنى قف على ذلك بالهاء توقعا للحق في صحة روايته ، ويجوز أن يكون مقصورا ، ومعناه الموضع والناحية : أي الوقف موضع حق وصواب وإن خالف الرسم ، فعلى الأول يكون رجا نصبا على أنه مفعول له وعلى الثاني على الظرفية قوله : (ذات بهجة) (١) احترازا عن « ذات بينكم » ونحوها والمراد « ذات بهجة » لأن بهجة لا خلاف في رسمها بالهاء والكلام فيما رسم بالتاء قوله : (قوله واللات) يعني « أفرأيتم اللات والعزى » في النجم ، وقوله مرضات : أي مرضات حيث وقع قوله : (ولات حين) في ص فوقف الكسائي على هذه الأربعة بالهاء والباقون بالتاء اتباعا للرسم قوله : (رجه) يقال رجه يرجه رجا : إذا حركه وزلزله وزعزعه ، وهي الحركة القوية ، يشير إلى قوة ذلك قال تعالى « إذا رجت الأرض رجا ».

هيهات (هـ)ـد (ز)ن خلف (ر)اض يا أبه

(د)م (كـ)ـم (ثوى)فيمه لمه عمّه بمه

يعني أن البزى وقنبلا بخلاف عنه والكسائي يقفون على « هيهات » الحرفين في المؤمنون بالهاء والباقون بالتاء اتباعا للخط قوله : (يا أبه) أي ويقف على

__________________

(١) سورة النمل الآية «٦٠».

١٤٤

« أبت » حيث وقع بالهاء أيضا ابن كثير وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب ، والباقون بالتاء ويذكر الخلاف في فتح « يا أبت » في يوسف إن شاء الله تعالى قوله : (فيمه الخ) يعني ويقف على « فيم ، ولم ، وعم ، وبم ، ومم » بالهاء البزى ويعقوب بخلاف عنهما ، والهاء فيهن هاء السكت والباقون بالحذف قوله : (هد) أمر من هاد يهود : إذا تاب ورجع إلى الحق ، وحسن ذلك بعد « هيهات » قوله : (زن) يجوز أن يكون من الزينة أو من الوزن قوله : (دم) دعاء بالدوام ، وهو مناسب بعد « يا أبت » قوله : (كم ثوى) سؤال وإخبار عن إقامته ، وفيه التفات.

ممّه خلاف (ه)ب (ظ)بى وهي وهو

(ظ)لّ وفي مشدّد اسم خلفه

قوله : (وهي) أي ووقف على هي وهو حيث وقع بهاء السكت يعقوب قوله : (ظل) الظل : الفيء الحاصل من الحاجز بينك وبين الشمس ، ويقال إنه مخصوص بما كان منه إلى الزوال ، ويناسب هنا لأنه استراحة قوله : (وفي مشدد راسم) أي في المشدد من الأسماء المبنية كما مثل به قوله : (خلفه) أي خلف يعقوب.

نحو إليّ هنّ والبعض نقل

بنحو عالمين موفون وقل

أي يقف يعقوب بخلاف عنه بالهاء على نحو « إليّ ، وهن » ويدخل في ذلك « عليّ ، ولديّ ، وبيديّ ، وبمصرخيّ » وكذلك « حملهنّ ، ومثلهنّ ، وأيديهنّ ، وأرجلهنّ » وما كان مثله قوله : (والبعض) أي وبعض القراء نقل عن يعقوب أيضا الوقف بهاء السكوت على النون من « العالمين ، والموفون » وما كان مثله نحو « الذين ، والمفلحون ، وبمؤمنين » ذكر ذلك ابن سوار وغيره ولكن أطلقه في المستنير في الأسماء والأفعال ، وقيده ابن مهران بما لم يلتبس بها الكناية نحو « وأنتم تعلمون » وهذا هو الصواب قوله : (وقلّ) إشارة إلى قلته : أي وقلّ الأخذ بذلك.

وويلتي وحسرتى وأسفى

و (ثـ)ـمّ (غـ)ـر خلفا ووصلا حذفا

يعني « يا ويلتي » في المائدة وهود « ويا حسرتي على ما فرطت في جنب الله » في الزمر « ويا أسفي على يوسف » في يوسف قوله : (وثم) يعني « ثمّ الآخرين » في الشعراء « ورأيت ثمّ » في الإنسان « فثمّ وجه الله » في البقرة « وأزلفنا ثم ، ومطاع ثم »

١٤٥

في التكوير قوله : (غر) من الغيرة ، يقال غار الرجل على أهله يغار ؛ والمعنى أن رويسا بخلاف عنه يقف على هذه الكلمات الأربع بهاء السكت قوله : (حذفا) أي حذف حمزة ويعقوب حالة الوصل الهاء من الكلمات الآتية في البيت :

سلطانيه وماليه وماهيه

(ف)ي (ظ)اهر كتابيه حسابيه

أي « سلطانية خذوه » في الحاقة ، « وماليه هلك » فيها أيضا « وما أدراك ماهيه » في القارعة قوله : (في ظاهر) أي في وجه ظاهر من حيث إنها هاء السكت فحقها الحذف وصلا والثبوت وقفا.

(ظ)نّ اقتده شفا (ظ)با ويتسن

عنهم وكسرها اقتده (ك)س أشبعن

أي علم ؛ والظن يكون بمعنى العلم كقوله تعالى : « الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم » والمعنى أنّ يعقوب يحذف الهاء أيضا وصلا من الكلمتين المذكورتين (١) قبل وهما « كتابيه ، وحسابيه » قوله : (اقتده) يعني « فبهداهم أقتده » في الأنعام حذف الهاء وصلا حمزة والكسائي وخلف ويعقوب وسيأتي الخلاف في كسرها في تمام البيت قوله : (ويتسن) يعني « لم يتسنه وانظر » في البقرة قوله : (عنهم) أي عن حمزة والكسائي وخلف ويعقوب حذفوا الهاء وصلا قوله : (وكسر الخ) يعني كسرها « ءاقتده » المذكورة ابن عامر قوله : (شفا ظبا) مضاف ومضاف إليه ، وشفا كل شيء : حرفه ، وظبا : أطراف السيوف وحدها قوله : (كس) من الكيس : وهو العقل والمعرفة : أي كن كيسا في معرفة وجه هذه القراءة بالكيس ، ولا تقل كما قال من لا كيس عنده إنها غلط على ظن أنها هاء السكت فحقها السكون فإنها لم تكن فى قراءة الكسر بل هي هاء كناية عن المصدر وحسن إضماره بدلالة الفعل فالهاء ضمير الاقتداء الذي دل عليه اقتد قوله : (أشبعن) أي أشبع الكسرة من « اقتد » لابن ذكوان بخلاف عنه.

من خلفه أيّا بأيّا ما (غ)فل

(رضى)وعن كلّ كما الرّسم أجل

يعني قوله تعالى « أياما تدعوا » في سبحان ذكر بعض أهل الأداء أن رويسا وحمزة والكسائي يقفون على أيا مفصولا ، وأن الباقين على ما موصولا وذلك

__________________

(١) « كتابي ، حسابي ».

١٤٦

مشكل ولعله ذهول ممن ذكره فإنه كتب في جميع المصاحف مفصولا كما كتب « مثلا ما » وما كتب مفصولا يجوز الوقف على الأول والثاني كما هو مقرر ، فالأول جواز الوقف على كل منهما لجميع القراء كما هو مرسوم ، وهذا معنى قوله : وعن كل كما الرسم أجل ، وفي قوله عقل : إيماء إلى ضعف تخصيص هؤلاء بالوقف على أيا ، وما في قوله : كما الرسم أجل زائدة : أي كالرسم.

كذاك ويكأنّه وويكأن

وقيل بالكاف (ح)وى والياء (ر)ن

أي كذا الأولى في « ويكأنه ، ويكأن » وهما في القصص الوقف على وفق الرسم ، يعني أنه رسم كلمة واحدة ، وروى الوقف على الكاف عن أبي عمرو وعلى الياء عن الكسائي. وقد استوفى الكلام في ذلك في كتابه النشر فليراجع منه قوله : (حوى) أي جمع قوله : (رن) من الرنة وهو الصوت.

ومال سال الكهف فرقان النّسا

قيل على ما حسب (ح)فظه (ر)سا

يعني « فمال الذين كفروا » في سأل « وما هذا الكتاب » في الكهف « ومال هذا الرسول » في الفرقان و « فمال هؤلاء القوم » في النساء فكتبت اللام في هذه الأربعة مفصولة عما بعدها ، ومقتضى ما أصل جواز الوقف لكل على ما وعلى اللام لانفصال كل منهما ، ولكن روى بعض أهل الأداء الوقف على ما ، يعنون فقط دون الوقف على اللام عن أبي عمرو والكسائي ، وللباقين على اللام دون ما ، وفي ذلك إشكال كما بين وحقق في كتاب النشر ، وإلى ذلك أشار بقوله قيل على ما حسب.

ها أيّه الرّحمن نور الزّخرف

(ك)م ضمّ قف (ر)جا (حما)بالألف

أي الهاء من « أيه الثقلان » و « أيه المؤمنون » في النور « وأيه الساحر » في الزخرف ضمها ابن عامر اتباعا لضم الياء ، ووقف على الثلاثة بالألف على الأصل الكسائي وأبو عمرو ويعقوب ، والباقون يقفون على الهاء كما رسمت ، وإلى ذلك أشار بقوله : كم ضم الخ : أي ضم هاء هذه الثلاثة.

كأيّن النّون وبالياء (حما)

والياء إن تحذف لساكن (ظم)ا

أي يوقف على « كأين » حيث وقع بالنون كما رسم ، ويقف أبو عمرو ويعقوب بالياء نظرا إلى الأصل لأنه تنوين قوله : (والياء إن تحذف) يعني الياء التي

١٤٧

حذفت في الرسم من أجل الساكن بعدها يقف عليها يعقوب بالياء على الأصل كما ساقها مستوفاة ، وبدأ بما انفرد به يعقوب ثم ذكر ما وافقه فيه غيره.

يردن يؤت يقض تغن الواد

صال الجوار اخشون ننج هاد

يعني « يردن الرحمن » في يس و « يؤت الحكمة » في البقرة و « يؤت الله المؤمنين » في النساء و « يقض الحق » في الأنعام و « تغن النذر » في القمر و « الواد المقدس طوى » في طه والنازعات و « على واد النمل » في النمل و « الواد الأيمن » في القصص و « صال الجحيم » في الصافات و « الجوار المنشآت » في الرحمن و « الجوار الكنّس » في التكوير و « اخشون اليوم » في المائدة و « ننج المؤمنين » في يونس قوله : (هاد) يعني « لهاد الذين » في سورة الحج و « بهاد العمى » في الروم.

وافق واد النّمل هاد الرّوم (ر)م

تهد بها (ف)وز يناد قاف (د)م

يعني وافق الكسائي يعقوب في حرفين « واد النمل ، وبهاد العمى » في الروم قوله : (تهد بها) يعني « تهدي العمى » في الروم يوافق حمزة يعقوب فيه ولكنه يقرأ تهد فلهذا لفظ به كذلك. والفوز : هو الظفر والنجاة ، وكذلك يوافق يعقوب على الوقف في « يناد المناد » في ق ابن كثير قوله : (دم) دعاء للقارئ بالبقاء.

بخلفهم وقف بهاد باق

باليا لمكّ مع وال واق

أي بخلف الموافقين الثلاثة وهم الكسائي في « واد النمل » و « هاد » الروم وحمزة في « تهد » بالروم أيضا ، وابن كثير في « يناد » بق قوله : (وقف بهاد باق الخ) يعني أن ابن كثير يقف بالياء في هذه الكلمات الأربع في المواضع العشرة ، وإنما أعاد الترجمة في الوقف بالياء لئلا يتوهم أن ذلك مما وافق فيه ابن كثير يعقوب فلذلك استأنف وهي ما حذفت فيه الياء للتنوين وهي « هاد » في الخمس المواضع : موضعان في الرعد وكذا في الزمر ، وموضع في غافر ، و « واق » في ثلاثة مواضع : اثنان في الرعد وواحد في غافر ، و « وال » في الرعد « وباق » في النحل.

باب مذاهبهم في ياءات الإضافة

ياء الإضافة : عبارة عن ياء المتكلم ، وهي ضمير يتصل بالاسم والفعل

١٤٨

والحرف ؛ فهي مع الاسم مجرورة المحل نحو « نفسى » ومع الفعل منصوبة نحو « فطرني » ومع الحرف مجرورة ومنصوبة نحو « إني ، ولى » وقد أطلق علماؤنا هذه التسمية عليها تجوزا مع مجيئها منصوبة المحل غير مضاف إليها.

ليست بلام الفعل يا المضاف

بل هي في الموضع كها وكاف

هذا بيان حقيقة ياءات الإضافة : أي تكون آخر الكلمة لكن ليست من حروف تلك الكلمة بل زائدة عليها ، فلا تجيء لا ما من الفعل أبدا بل كهاء الضمير وكافه ، فتقول في نفسي نفسه ونفسك ، وفي فطرني فطره وفطرك ، وفي إني إنه وإنك ، وفي لي له ولك قوله : (يا المضاف) أي ياء كلمة المضاف قوله : (كها وكاف) أي كهاء الضمير وكافه. وأعلم أن جملة ما في القرآن من ياءات الإضافة سبعمائة وستة وتسعون ، وهي في ذلك على ثلاثة أضرب : الأول ما أجمع على إسكانه وهو الأكثر لمجيئه على الأصل نحو « إني جاعل ، ولي عملي » وذلك خمسمائة وستة وستون ياء. الثاني ما أجمع على فتحه وذلك لموجب ، إما أن يكون بعده ساكن أو قبله نحو « حسبي الله ، وإياي » وهو ثمانية عشر موضعا. الثالث ما اختلف في إسكانه وفتحه وهو مائتا واثنتا عشرة ياء. والكلام فيها في ستة فصول : الأول في التي بعدها همزة مفتوحة. الثاني في التي بعدها همزة مكسورة. الثالث في التي بعدها همزة مضمومة. الرابع في التي بعدها همزة وصل مع لام التعريف. الخامس في التي بعدها همزة وصل مجردة عن اللام. السادس في التي لم يقع بعدها همزة قطع ولا وصل ، وسنذكر كل فصل مع عدده فيما وقع منه ومذهب القراء فيه.

تسع وتسعون بهمز انفتح

ذرون الاصبهاني مع مكّي فتح

يعني الذي وقع بعده همزة مفتوحة من ياءات الإضافة المختلف في فتحه وإسكانه تسع وتسعون ياء قدم منها أربعا وعشرين ياء اختلف فيها بعض القراء على وجه نذكره قوله : (ذروني) أي فتح الأصبهاني وابن كثير « ذروني أقتل » في غافر قوله : (فتح) أي فتح ياء ها.

واجعل لي ضيفي دوني يسّر لي ولي

يوسف إنّي أوّلاها (ح)لّل

أي وفتح أبو عمرو ونافع وأبو جعفر ثمان ياءات ، وهي « اجعل لي آية » في

١٤٩

آل عمران ومريم. و « ضيفي أليس » في هود ، و « من دوني أولياء » في الكهف « ويسر لي أمري » في طه ، و « يأذن لي أبي » في يوسف ، و « إني أراني » في موضعي يوسف وهما الأولان منها ، واحترز بقوله أولاها عن ثلاث ياءات أخرى في يوسف بلفظ إني ، وهي « إني أرى سبع ، إني أنا أخوك ، إني أعلم » قوله : (حلل) أي أبحه ، يعني أجز قراءتهما بالفتح وذلك أنها لما كانت مخصوصة دون الباقي ناسب ذلك.

(مدا)وهم والبزّ لكنّي أرى

تحتي مع إنّي أراكم و(د)رى

يعني وفتح هؤلاء المذكورون الذين هم : أبو عمرو ونافع وأبو جعفر ومعهم البزي أربع ياءات وهي « ولكني أراكم » في هود والأحقاف « من تحتي أفلا تبصرون » في الزخرف و « إني أراكم » في هود قوله : (درى) أي علم فقرأ ، يعني وفتح ابن كثير وحده ياءين وهما المذكوران أول البيت الآتي :

ادعوني واذكروني ثمّ المدني

والمكّ قل حشرتني يحزنني

أي « ادعوني أستجب لكم » في غافر و « اذكروني أذكركم » في البقرة قوله : (ثم المدني) أي فتح أبو جعفر ونافع وابن كثير أربع ياءات وهي « حشرتني أعمى » في طه و « ليحزنني أن تذهبوا » في يوسف والمذكوران أول البيت الآتي وهما « تأمروني أعبد » في الزمر و « أتعدانني أن » في الأحقاف.

مع تأمروني تعدانن و(مدا)

يبلوني سبيلي و(ا)تل (ثـ)ـق (هـ)ـدى

قوله : (مدا) أي وفتح نافع وأبو جعفر ياءين وهما « يبلونيء أشكر » في النمل « وسبيلي أدعوا » في يوسف قوله : (واتل الخ) يعني وفتح نافع وأبو جعفر والبزى ياء واحدة وهي « فطرني أفلا » في هود قوله : (ثق) أاعتمد قوله : (هدي) أي الرشد والفلاح.

فطرني وفتح أوزعني (جـ)ـلا

(هـ)ـوى وباقي الباب (حرم)(حـ)ـمّلا

يعنى وفتح الأزرق عن ورش والبزى ياء واحدة وهي « أوزعني » في النمل والأحقاف قوله : (جلا) أي كشف قوله : (هوى) وهو مقصور أي هوى النفس قوله : (وباقي الباب) أي ما بقي من باب الياء التي بعدها همزة مفتوحة وهو

١٥٠

خمس وسبعون ياء يفتحها نافع وابن كثير وأبو جعفر وأبو عمرو ، وقوله حملا : أي رواه : أي أقرأه الناس.

وافق في معي (عـ)ـلى (كـ)ـفؤ وما

لي (لـ)ـذ (مـ)ـن الخلف لعلّي (كـ)ـرّما

لما كان من هذه الياءات الباقية من الباب ياءات موافق فيها بعض القراء لنافع وابن كثير وأبي عمرو وأبي جعفر وهي عشرة مواضع ذكرها على حدة ليعلم الموافق فيها فقال : وافق في معي ، يعني وافقهم حفص وابن عامر المذكوران على فتح الياء في « معي » وهو التوبة والملك قوله : (وما لى) أي ووافقهم هشام وابن ذكوان بخلاف عنه (١) في قوله تعالى حكاية « مالي أدعوكم » في غافر قوله : (لعلى) أي ووافقهم ابن عامر على فتح « لعلي » حيث وقع وهو في ستة مواضع : في يوسف وطه والمؤمنون وغافر وموضعي القصص.

رهطي (مـ)ـن (لـ)ـى الخلف عندي (د)وّنا

خلف وعن كلّهم تسكّنا

أي ووافقهم ابن ذكوان وهشام بخلاف عنه على فتح « أرهطى أعز » في هود ، وقوله عندي : يعني واختلف عن ابن كثير في « عندي أو لم » في القصص وذكره لأجل خلافه فيه ولو لا ذلك لكان داخلا في باقي الباب قوله : (خلف) أي خلف ابن كثير وليست هذه الياء مما وافقهم فيها غيرهم ، وإنما ذكرها لأجل خلاف ابن كثير قوله : (وعن كلهم) أي واتفقوا على إسكان أربع ياءات من هذا الباب وهي المذكورة أول البيت الآتي قوله : (تسكنا) أي وتسكن وسكن بمعنى ، ويمكن أن يقال عدل عن سكن لأجل أن هذه الياءات في نفسها ساكنة لم يسكنها أحد.

ترحمني تفتنّي اتّبعني أرني

واثنان مع خمسين مع كسر عني

ولما تم الكلام في الفصل الأول انتقل إلى الفصل الثاني فقال : واثنان مع خمسين ، يعني والذي وقع بعده همزة مكسورة اثنان وخمسون ياء ؛ وقال واثنان ، لأن الحروف يجوز تذكيرها وتأنيثها وكلاهما سائغ قوله : (عنى) أي اهتم بأمرها ، يقال عني بالحاجة يعني بها عناية فهو بها معنىّ : أي اهتم بها واشتغل.

__________________

(١) أي تارة يثبت الياء وفي رواية ثانية يحذفها وكل صحيح.

١٥١

وافتح عبادى لعنتي تجدني

بنات أنصاري معا للمدني

يعنى « بعبادي إنكم » في الشعراء « ولعنتي » في ص و « ستجدني » في الكهف والقصص والصافات « وبناتي إن » في الحجر و « أنصاري إلى الله » في آل عمران والصف قوله : (معا) يعني في الموضعين قوله : (للمدني) أي لأبي جعفر ونافع ، يعني أنهما فتحا هذه الياءات الثماني.

وإخوتي (ثـ)ـق (جـ)ـد و(عمّ)رسلي

وباقي الباب (إ)لى (ثـ)ـنا (حـ)ـلي

يعني افتح « إخوتي إن » في يوسف لأبي جعفر والأزرق عن ورش قوله : (وعم) أي وافتح لنافع وأبي جعفر وابن عامر « ورسلي » في المجادلة قوله : (وباقي الباب) أي وفتح ، يعني وفتح ما بقى من باب الياءات قبل همزة مكسورة وهو اثنان وأربعون ياء نافع وأبو جعفر وأبو عمرو قوله : (ثنا) يجوز أن يكون بالضم والكسر وهو الوسط من الشيء فهو مقصور ، ويجوز أن يكون بالفتح فيكون ممدودا قصر ضرورة وهو المدح.

وافق في حزني وتوفيقي (كـ)ـلا

يدي (عـ)ـلا أمّي وأجري (كـ)ـم (عـ)ـلا

لما فرغ من ذكر الياءات أخذ يذكر من وافق الثلاثة وهم نافع وأبو جعفر وأبو عمرو قوله : (وافق) يعني أن ابن عامر يوافق المدنيين وأبا عمرو على فتحها ، يعني قوله تعالى في يوسف « حزني إلى الله ، وما توفيقي إلا بالله » في هود ، ووافقهم حفص في « يدي إليك » في المائدة ، ففتحها معهم ووافقهم ابن عامر وحفص على فتح الياء في « أمي إلهين » في المائدة « وأجرى إلا » في تسعة مواضع : موضع يونس وموضعى هود وخمسة الشعراء وموضع سبأ.

دعائي آبائي (د)ما (كـ)ـس و(بـ)ـنا

خلف إلى ربّي وكلّ أسكنا

أي « دعائي إلا » في نوح « آبائي إبراهيم » في يوسف قوله : (قوله دماكس) أي ووافقهم ابن كثير وابن عامر على فتح الياءين المذكورتين قوله : (خلف) يعني ولقالون خلف في قوله : (ربي إن لي) في فصلت ذكره لأجل خلافه وإلا فكان داخلا فيمن فتح باقي الباب قوله : (وكل أسكنا) أي وكل القراء أسكن تسع ياءات من هذا الفصل وهي المذكورات في البيت الآتي.

ذرّيّتي يدعونني تدعونني

أنظرن مع بعد ردا أخّرتني

١٥٢

« ذريتي إني » في الأحقاف و « يدعونني إليه » في يوسف « وتدعونني إلى ، ويدعونني إليه » كلاهما في غافر « وأنظرني إلى » في الأعراف و « فأنظرني إلى » في الحجر وص قوله : (مع بعد ردا) يعني « يصدقني إني » في القصص وذكر ردا على قراءة أبي جعفر للنظم « وأخرتني إلى » في المنافقون.

وعند ضمّ الهمز عشر فافتحن

(مدا)وأنّي أوف بالخلف (ثـ)ـمن

ثم شرع في الفصل الثالث فقال : وعند ضم الهمز الخ ، يعني ووقع من المختلف فيه من الياءات عند الهمزة المضمومة عشر ياءات فتحها نافع وأبو جعفر قوله : (وأني أوف) أي « أني أوف الكيل » في يوسف اختلف فيها عن أبي جعفر.

للكلّ آتوني بعهدي سكنت

وعند لام العرف أربع عشرت

أي كل القراء أسكن « آتوني أفرغ » في الكهف « وبعهدي أوف » بالبقرة ؛ ثم أخذ في الفصل الرابع فقال : وعند لام العرف ، يعني وقع من الياءات المختلف فيها أربع عشرة ياء عند لام التعريف ، ثم ذكرها وعشرت بكسر الشين لغة أهل نجد ، وبالإسكان لغة أهل الحجاز والوقف بالتاء فيه لغة مشهورة.

ربّي الّذي حرّم ربّي مسّني

الآخران آتاني مع أهلكني

« ربي الذي يحي » في البقرة و « حرم ربي الفواحش » في الأعراف و « مسني الضر » في الأنبياء. و (مسني الشيطان » في ص ، واحترز بذلك عن « مسني السوء » في الأعراف و « مسني الكبر » في الحجر فإنه لا خلاف في فتحها « آتاني الكتاب » في مريم « وأهلكني الله » في الملك.

أرادني عباد الانبيا سبا

(فـ)ـز لعبادي (شـ)ـكره (رضى)كـ)ـبا

أي « أرادني الله » في الزمر ، و « عبادي الصالحون » في الأنبياء و « عبادي الشكور » في سبأ : أي عبادي الواقع في الأنبياء وفي سبأ ، فسكن الياء في هذه الكلمات الست من المواضع التسع حمزة وعلم ذلك من عطفه على الإسكان قوله : (لعبادي) أي « قل لعبادي الذين آمنوا » في إبراهيم سكن الياء فيها روح وحمزة والكسائي وابن عامر قوله : (فز) من الفوز : وهو النجاة قوله : (قوله كبا) الكبا : نوع من العود يبخر به.

١٥٣

وفي النّدا حما (شفا)عهدي (عـ)ـسى

(فـ)ـوز وآياتي اسكننّ (فـ)ـى (كـ)ـسا

يعني « عبادي » المنادى ، وهو في العنكبوت « يا عبادي الذين آمنوا » وفي الزمر « يا عبادي الذين أسرفوا » أسكنهما أبو عمرو ويعقوب وحمزة والكسائي وخلف قوله : (قوله عهدي) يعني « عهدي الظالمين » في البقرة أسكنها حفص وحمزة قوله : (فوز) أي نجاة ، ترجى النجاة من الله تعالى ، رزقنا الله ذلك بمنه وكرمه ، وقوله : وآياتي « أي آياتي الذين » في الأعراف أسكنها حمزة وابن عامر وأعاد الإسكان لطول الفصل زيادة في البيان.

وعند همز الوصل سبع ليتني

فافتح (حـ)ـلا قومي (مدا) (حـ)ـز (شـ)ـم (هـ)ـني

ثم شرع في الفصل الخامس وهو ما وقعت الياء فيه عند همزة الوصل مجردة عن اللام وهي سبع ياءات : إحداها « ليتني اتخذت في الفرقان » فتحها أبو عمرو وحده ، والثانية « قومي اتخذوا » في الفرقان أيضا فتحها نافع وأبو جعفر وأبو عمرو وروح والبزى ، والخمس البواقي تأتي في البيت الآتي قوله : (حز) من الحوز : وهو الملك ، وشم من الشيم. قال الجوهري : شمت السيف أغمدته ، وشمته سللته ، وهو من الأضداد ، وشمت مخايل الشيء : إذا تطلعت نحوها ببصرك ، وشمت البرق : أي نظرت إلى سحابته أين تمطر قوله : (هنى) مهموز ، وكل أمر أتاك من غير تعب فهو هنى.

إنّي أخي (حبر)وبعدي (صـ)ـف (سما)

ذكري لنفسي (حـ)ـافظ (مدا)(د)ما

الثالثة « إني اصطفيتك » في الأعراف والرابعة « أخي أشدد » في طه فتحهما ابن كثير وأبو عمرو ، والخامسة « بعدي اسمه » في الصف فتحها أبو بكر ونافع وابن كثير وأبو جعفر وأبو عمرو يعقوب ، والسادسة « ذكرى اذهبا » والسابعة « لنفسي اذهب » كلاهما في طه فتحهما أبو عمرو ونافع وأبو جعفر وابن كثير قوله : (دما) جمع دمية : وهي الصورة الحسنة.

وفي ثلاثين بلا همز فتح

بيتي سوى نوح (مدا) (لـ)ـذ (عـ)ـدو (لـ)ـح

وهذا الفصل السادس وهو الذي لم تقع الياء فيه عند همزة قطع ولا وصل ، وقد جاءت الياءات المختلف فيها منها في ثلاثين موضعا قوله : (بلا همز) أي بغير

١٥٤

همز قطع ولا وصل ثم ذكرها قوله : (بيتي) يعني « بيتي للطائفين » في البقرة والحج ، فتح الياء نافع وأبو جعفر وهشام وحفص.

(عـ)ـون بها لي دين (هـ)ـب خلفا (عـ)ـلا

(إ)ذ (لـ)ـاذ (لـ)ـى في النّمل (ر)د (نـ)ـوى (د) لا

أي وفتح « بيتي » الذي بسورة نوح وهو « لمن دخل بيتي » هشام وحفص فقط قوله : (لي دين) يعني « ولي دين » في الكافرون ، فتحها البزي بخلاف عنه وحفص ونافع وهشام قوله : (في النمل) يعني « ما لي لا أرى الهدهد » فتحها الكسائي وعاصم وابن كثير ، واختلف فيه عن عيسى وهشام.

والخلف (خـ)ـذ (لـ)ـنا معي ما كان لي

(عـ)ـد من معي له وورش فانقل

يعني « معي » في الأعراف والتوبة وثلاثة في الكهف وفي الأنبياء والأول من الشعراء وفي القصص « وما كان لي » في إبراهيم وص يفتح الياء في التسعة حفص وحده قوله : (من معي) يعني و « من معي » وهو الثاني من الشعراء فتحها ورش وحفص وإنما قيده بمن ليخرج الأول وهو « إن معي » فإنه لحفص وحده كما تقدم قوله : (وورش) بالخفض عطفا على ضمير له على المذهب الأصح في جوازه من غير إعادة حرف الجر ، وقرأ حمزة « به والأرحام ».

وجهي (عـ)ـلا (عمّـ)ـولي فيها (جـ)ـنا

(عـ)ـد شركائي من ورائيّ (د)وّنا

« وجهي لله ، وإني وجهت وجهي للذي » فتحهما حفص ونافع وأبو جعفر وابن عامر قوله : (ولي فيها) يعني « ولى فيها مآرب » في طه فتحهما حفص والأزرق عن ورش قوله : (شركائي إلى آخر البيت) أي « أين شركائي » في فصلت « ومن ورائي وكانت » في مريم فتح الياء فيهما ابن كثير قوله : (جنا) أي ما يجني من الشجر من الثمر قوله : (عد) من الوعد يكون في الخير قوله : (دونا) أي قرره ، يعني قرأ به وحرره.

أرضي صراطى (كـ)ـم مماتي (إ)ذ (ثـ)ـنا

لي نعجة (لـ)ـاذ بخلف (عـ)ـيّنا

يعني « أرض واسعة » في العنكبوت « وإن هذا صراطى » في الأنعام فتح الياء منهما ابن عامر « ومماتي لله » في الأنعام فتحها نافع وأبو جعفر قوله : (ثنا) ثنا

١٥٥

الشيء : عطفه وكفه قوله : (لي نعجة) يعني « ولي نعجة واحدة » في ص ، فتحها حفص وهشام بخلاف عنه قوله : (لاذ) أي لجأ وعاد واعتصم قوله : (عينا) أي خصص.

وليؤمنوا بي تؤمنوا لي ورش يا

عباد لا (غـ)ـوث بخلف (صـ)ـليا

أي « وليؤمنوا بي » في البقرة « وإن لم تؤمنوا لي » في الدخان ، فتحهما ورش من طريقيه قوله : (يا عبادي) يعني « يا عبادي لا خوف عليكم اليوم » في الزخرف ، فتح الياء منها رويس بخلاف عنه وشعبه ؛ وقد اختلف القراء في إثباتها وحذفها في الحالين كما سيذكره قوله : (صليا) يقال صلي بالأمر : إذا قاسى شدته وحره كأنه اجتهد فيه.

والحذف (عـ)ـن (شـ)ـكر (د)عا (شفا)ولي

يس سكّن (لـ)ـاح حلف (ظـ)ـلل

أي وحذف الياء من « يا عبادي لا » المذكورة حفص وروح وابن كثير وحمزة والكسائي وخلف ، لأنها محذوفة في المصاحف الكوفية والمكية ثابتة في غيرها قوله : (ولي الخ) يعني سكن الياء من قوله تعالى « وما لي لا أعبد الذي » في يس هشام بخلاف عنه ويعقوب وحمزة وخلف ، وإنما قيد بالإسكان لئلا يتوهم عطفه على الحذف قوله : (لاح) أي ظهر ولمح قوله : (ظلل) جمع ظلة : وهو كل ما أظلك.

(فتى)ومحياي (بـ)ـه (ثـ)ـبت (جـ)ـنح

خلف وبعد ساكن كلّ فتح

« ومحياي » في الأنعام سكن الياء فيها قالون والأصبهاني وأبو جعفر ، واختلف عن ورش من طريق الأزرق قوله : (ثبت) أي ثابت القلب والحجة قوله : (جنح) أي مال وأذعن ، وبهذه الياء ختم الثلاثون وتمت الياءات والمختلف فيها قوله : (وبعد ساكن) هذه فائدة جليلة تتعين معرفتها وقلّ من نبه عليها ، وهي معرفة الياءات المجمع على فتحها من هذا الباب ، وذلك كل ما قبلها ساكن سواء كان ألفا أو ياء نحو (إياي ، ورؤياي » ونحو (إليّ. وعلىّ ، ولديّ » وسيأتي الخلاف في « بمصرخيّ » في سورتها قوله : (كل) أي كل القراء فتح ذلك.

١٥٦

باب مذاهبهم في الزوائد

وإنما جعل هذا والذي قبله آخر أبواب الأصول ، لأن الاختلاف فيها في أواخر الكلمة فناسب أن يكون بعد الوقف.

وهي الّتي زادوا على ما رسما

تنبت في الحالين (لـ)ـى (ظـ)ـلّ (د)ما

يعني وياءات هي التي زادها القراء بحسب الرواية على ما رسم في المصاحف ، فهي زائدة عند من أثبتها منهم ، وتكون في أواخر الكلم من الأسماء والأفعال نحو (الداع ، والواد ، ويأت ، ويتق » وتكون في موضع الجر والنصب نحو (دعاء ، ودعان » وتنقسم إلى ما هو رأس آية وإلى غير ذلك نحو « المتعال ، واخشون ولا » وضابط ذلك أن تكون الياء محذوفة رسما مختلفا في إثباتها وحذفها وصلا أو وصلا ووقفا ، فلا يكون بعدها أبدا ساكن إلا أن يفتح ؛ ثم أخذ في بيان حكمها فقال : تثبت في الحالين الخ ، يعني أن القراء يختلفون في هذه الياءات ، فمنهم من أثبتها في حال الوصل والوقف وهم هشام وابن كثير ويعقوب ، ومنهم من أثبتها في الوصل دون الوقف وهم المذكورون في البيت الآتي :

واعلم أن الأمر في ذلك عام لمخالفة بعض المذكورين قاعدته في بعض المواضع كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

وأوّل النّمل (فـ)ـدا وتثبت

وصلا (رضى)(حـ)ـفظ (مدا)ومائة

أي وأثبت حمزة في الحالين موضعا واحدا وهو الأول من النمل وهو « أتمدونن بمال » وقيده بالأول ، لأن فيها ياءين من الزوائد هذا أولهما ، والثاني « فما أتان الله » قوله : (وتثبت) أي ويثبت الياء من الزوائد حالة الوصل فقط حمزة والكسائي وأبو عمرو ونافع وأبو جعفر ؛ ثم ذكر عدد الياءات المختلف فيها حذفا وإثباتا مما حذف رسما فقال ومائة. (١)

إحدى وعشرون أتت تعلّمن

يسر إلى الدّاع الجوار يهدين

قوله : (أتت) أي جاءت عدتها كذلك ؛ ثم شرع في تفصيلها فقال : تعلمن ،

__________________

(١) أي حسب رسم المصحف الشريف.

١٥٧

يعني « تعلمني مما علمت » في الكهف ، ويسر ؛ : أي « والليل إذا يسر » في الفجر ، وإلى الداع ، يعني « مهطعين إلى الداع » في القمر ، والجوار أي « الجوار في البحر » في الشورى ، ولا يرد « الجوار الكنس ، والجوار المنشئات » لأنهما لا يمكن إثبات يائهما في الوصل ، ويهدين ، يعني « أن يهدين » في الكهف.

كهف المناد يؤتين تتّبعن

أخّرتن الإسرا (سما)وفي ترن

أي الذي في الكهف احترز به عن « يهديني » في القصص ، فإنه لا خلاف في إثباتها في الحالين قوله : (المناد) يعني « يناد المناد » وهو مكان واحد في ق قوله : (يؤتين خيرا من جنتك) في الكهف « وألا تتبعن » في طه قوله : (أخرتن) أي « لئن أخرتنى إلى يوم القيامة » في الإسراء وقيدها بالإسراء احترازا من « لو لا أخرتنى » في المنافقون ، فإنه لا خلاف في إثباتها في الحالين قوله : (سما) يعني أن مدلول سما وهم نافع وأبو جعفر وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب : أثبتوا هذه التسع الياءات المتقدمة على أصولهم المذكورة ؛ فابن كثير ويعقوب يثبتانها في الحالين ، والباقون منهم في الوصل قوله : (وفي ترن) يعني « إن ترن أنا » في الكهف.

واتّبعون أهد (بـ)ـي (حقّ)(ثـ)ـما

ويأت هود نبغ كهف (ر)م (سما)

يريد « اتبعون أهدكم » في غافر ، وقيدها بأهد ، يعني « أهدكم سبيل الرشاد » ليخرج « واتبعون هذا صراط » في الزخرف ، لأنها لأبي عمرو وأبي جعفر ويعقوب ؛ والمعنى أن قالون وابن كثير وأبا عمرو ويعقوب وأبا جعفر أثبتوا الياء في حرفي « ترن ، واتبعون أهدكم » على أصلهم قوله : (ويأت الخ) أي وأثبت الياء في قوله : (يوم يأت) في هود و « ما كنا نبغ » في الكهف الكسائي ونافع وابن كثير وأبو جعفر وأبو عمرو ويعقوب ، واحترز بهود من نحو « يأتي بالشمس ، يأتي بعض آيات ربك » مما لا خلاف في إثباته ، وبالكهف من التي في يوسف « يا أبانا ما نبغي » إذ لا خلاف في إثباتها.

تؤتون (ثـ)ـب (حقّا)ويرتع يتّقي

يوسف (ز)ن خلفا وتسألن (ثـ)ـق

يعني « حتى تؤتون موثقا » في يوسف أثبت الياء فيه أبو جعفر وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب قوله : (ويرتع) أي « نرتع ونلعب ، ويتق ويصبر » وهما في يوسف أثبت الياء فيهما قنبل بخلاف عنه قوله : (وتسألن) يعني قوله تعالى « فلا تسألني ما

١٥٨

ليس لك به علم » في هود أثبت الياء فيها أبو جعفر وأبو عمرو ويعقوب وورش ، ولم يحتج إلى تقييدها بهود لأن التي في الكهف يأتي الكلام فيها قوله : (ثق) أي ائتمن وحسن ظنك.

(حما)(جـ)ـنا الدّاعي إذا دعان هم

مع خلف قالون ويدع الدّاع (حـ)ـم

جنى ، من الجنى : وهو قطع الهمزة : أي « الداع إذا دعان » وكلاهما في البقرة ، أثبت الياء فيهما المذكورون قبل وهم أبو جعفر وأبو عمرو ويعقوب وورش وقالون بخلاف عنه فيهما ، فقوله هم : أي المذكورون قبل مع خلاف عن قالون قوله : (ويدع الداع) أي في القمر « يوم يدع الداع » أثبت الياء فيها أبو عمرو والبزي وورش وأبو جعفر ويعقوب.

(هـ)ـد (جـ)ـد (ثوى) والباد (ثـ)ـق (حقّ)(جـ)ـنن

والمهتدي لا أوّلا واتّبعن

قوله : (والباد) أي « العاكف فيه والباد » في الحج ، أثبت الياء فيه أبو جعفر وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وورش قوله : (جنن) جمع جنة : وهي ما استترت به من سلاح وغيره قوله : (والمهتدي) يعني « فهو المهتد » في الإسراء والكهف ، واحترز بقوله : لا أو لا عن « فهو المهتدي » في الأعراف ، فإنه أول ما وقع ، ولا خلاف في إثباتها قوله : (واتبعن) أي « ومن اتبعن » في آل عمران ، أثبت الياء فيها أبو عمرو ويعقوب ونافع وأبو جعفر كما في البيت الآتي :

وقل (حما)(مدا)وكالجواب (جـ)ـا

(حقّ)تمدّونن (فـ)ـي (سما)وجا

وقل قيد لاتبعن ، احترز به من قوله تعالى : (أنا ومن اتبعني) في يوسف فإنه لا حلاف في إثباته قوله : (وكالجواب) يعني « وجفان كالجواب » في سبأ أثبت الياء فيه ورش وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب قوله : (تمدونن) أي « تمدونني بمال » أثبت الياء فيه حمزة ونافع وابن كثير وأبو جعفر وأبو عمرو ويعقوب ، وهذا الذي تقدم أن حمزة أثبت ياءه في الحالين وتقدم أيضا في باب الإدغام الكبير أن حمزة ويعقوب يدغمان النون في النون.

تخزون في اتّقون يا اخشون ولا

واتّبعون زخرف (ثوى)(حـ)ـلا

١٥٩

يعني « ولا تخزون في ضيفي » في هود ، واحترز بقوله : في ، ليخرج « ولا تخزون » الذي في الحجر ليعقوب كما سيأتي « واتقون يا أولى الألباب » في البقرة ، وقيدها بيا احترازا من غيرها نحو « وإياي فاتقون » مما انفرد به يعقوب « واخشون ، ولا تشتروا » في المائدة ، وقيدها بو لا احترازا من « واخشوني ، ولأتم » في البقرة ، فإنه لا خلاف في إثباتها ، واتبعون : أي « واتبعون هذا صراط » في الزخرف ، وإنما قيدها بالسورة ليخرج « فاتبعوني يحببكم الله » في آل عمران و « فاتبعوني وأطيعوا أمري » في طه ، فإنه لا خلاف في إثباتهما وليخرج « اتبعون أهدكم » في غافر ، فإنه تقدم الخلاف فيه ؛ فأثبت الياء في هذه المواضع أبو جعفر ويعقوب وأبو عمرو على أصلهم قوله : (حلا) جمع حلية : وهي من التحلي الذي هو لبس الحلى.

خافون إن أشركتمون قد هدا

ن عنهم كيدون الاعراف (لـ)ـدى

أي « وخافون إن كنتم » في آل عمران ، وبما أشركتمون من قبل » في إبراهيم « وقد هدان » في الأنعام ، وقيده بقد احترازا من نحو « لو أن الله هداني » فإنه ثابت الياء للجميع قوله : (عنهم) أي إثبات هذه الثلاثة عنهم : أي أبي جعفر ويعقوب وأبي عمرو المذكورين في البيت قبل قوله : (كيدون) يعني قوله تعالى « ثم كيدون فلا » أثبت الياء فيها هشام بخلاف عنه وأبو عمرو ويعقوب وأبو جعفر ، والخلاف الذي عن هشام صح عندنا عنه وقفا ووصلا ، ولكن الذي نأخذ به من طرق كتابنا هو الخلاف في الوقف والله تعالى أعلم ، وقيده بالسورة احترازا من قوله تعالى : (فكيدوني جميعا) في هود فإنها ثابتة للجميع ومن قوله « كيد فكيدون » في المرسلات فإنها ليعقوب كما سيأتي :

خلف (حما)(ثـ)ـبت عباد فاتّقو

خلف (غـ)ـنى بشّر عباد افتح (يـ)ـقوا

يعني « عباد فاتقون » في الزمر أثبت الياء فيها غنى : أي رويس بخلاف عنه قوله : (بشر عباد) يريد « فبشر عباد الذين يستمعون القول » في الزمر أيضا أثبتها مفتوحة وصلا السوسي بخلاف عنه وله الوجهان وقفا ، وأثبتها يعقوب أيضا في الوقف قوله : (يقوا) من الوقاية : وهو الحفظ وأصله يقون : أي العباد ، فجزم على أنه جواب الأمر في بشر أو افتح.

بالخلف والوقف (يـ)ـلي خلف (ظـ)ـبى

آتان نمل وافتحوا (مدا)(غـ)ـبى

١٦٠