واستعدّ الإمام لغزو الشام :
وكأنّما كان حشر الناس في سواد العراق إلى الكوفة لغزو الشام في شهر رمضان لعام (٤٠ ه) وفي يوم جمعة قبل الجمعة التي ضربه فيها ابن ملجم خرج الإمام عليهالسلام وعليه مدرعة من صوف ، وحمائل سيفه من ليف ، وفي رجليه نعلان من ليف ، وفي جبينه ثفنة من أثر السجود ، ولم يرقع المنبر على ما روي عن حاجبه نوف بن فضالة أو عبد الله البكالي الحميري وإنّما خطبهم وهو قائم على حجارة نصبها له ابن اخته جعدة بن هبيرة المخزومي ، فقال :
الحمد لله الذي إليه مصائر الخلق وعواقب الأمر ، نحمده على عظيم إحسانه ونيّر برهانه ، ونوامي فضله وامتنانه ، حمدا يكون لحقّه قضاء ولشكره أداء ، وإلى ثوابه مقرّبا ولحسن مزيده موجبا ، ونستعين به استعانة راج لفضله ، مؤمّل لنفعه واثق بدفعه ، معترف له بالطّول مذعن له بالعمل والقول. ونؤمن به إيمان من رجاه موقنا وأناب إليه مؤمنا وخنع له مذعنا ، وأخلص له موحّدا وعظّمه ممجّدا ولاذ به راغبا مجتهدا. لم يولد فيكون في العزّ مشاركا ، ولم يلد فيكون موروثا هالكا ، ولم يتقدّمه وقت ولا زمان ، ولم يتعاوره زيادة ولا نقصان ، بل ظهر للعقول بما أرانا من علامات التدبير المتقن والقضاء المبرم.
__________________
ـ وعلى الوجه الآخر : تصوير لبيت نار وفي طرفيه رجلان محافظان ، وفي داخل الدائرة يمينا بالخطّ البهلوي : دان ، كناية عن دارابجرد ، وعلى الأيسر بالفارسية القديمة : يه چهل ، أي إحدى وأربعين للهجرة سنة الضرب. وهكذا في تاريخ التمدن الإسلامي ١ : ١٣٥. فمعاوية عاود إلى الدرهم البهلوي الفارسي المجوسي واكتفى ببسم الله ، واسمه وتاريخ الضرب بالهجري. وانظر مقال أخينا السيد المرتضى في كتابه : دراسات وبحوث : ١٢٧ ـ ١٣٧.